• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

Announcement

Collapse

قوانين المنتدى " التعديل الاخير 17/03/2018 "

فيكم تضلو على تواصل معنا عن طريق اللينك: www.ch-g.org

قواعد المنتدى:
التسجيل في هذا المنتدى مجاني , نحن نصر على إلتزامك بالقواعد والسياسات المفصلة أدناه.
إن مشرفي وإداريي منتدى الشباب المسيحي - سوريا بالرغم من محاولتهم منع جميع المشاركات المخالفة ، فإنه ليس بوسعهم استعراض جميع المشاركات.
وجميع المواضيع تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا يتحمل أي من إدارة منتدى الشباب المسيحي - سوريا أي مسؤولية عن مضامين المشاركات.
عند التسجيل بالمنتدى فإنك بحكم الموافق على عدم نشر أي مشاركة تخالف قوانين المنتدى فإن هذه القوانين وضعت لراحتكم ولصالح المنتدى، فمالكي منتدى الشباب المسيحي - سوريا لديهم حق حذف ، أو مسح ، أو تعديل ، أو إغلاق أي موضوع لأي سبب يرونه، وليسوا ملزمين بإعلانه على العام فلا يحق لك الملاحقة القانونية أو المسائلة القضائية.


المواضيع:
- تجنب استخدام حجم خط كبير (أكبر من 4) او صغير (أصغر من 2) او اختيار نوع خط رديء (سيء للقراءة).
- يمنع وضع عدد كبير من المواضيع بنفس القسم بفترة زمنية قصيرة.
- التأكد من ان الموضوع غير موجود مسبقا قبل اعتماده بالقسم و هالشي عن طريق محرك بحث المنتدى او عن طريق محرك بحث Google الخاص بالمنتدى والموجود بأسفل كل صفحة و التأكد من القسم المناسب للموضوع.
- إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع و ذكر المصدر بنهاية الموضوع.
- مو المهم وضع 100 موضوع باليوم و انما المهم اعتماد مواضيع ذات قيمة و تجذب بقية الاعضاء و الابتعاد عن مواضيع العاب العد متل "اللي بيوصل للرقم 10 بياخد بوسة" لأنو مخالفة و رح تنحزف.
- ممنوع وضع الاعلانات التجارية من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- ممنوع وضع روابط دعائية لمواقع تانية كمان من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- لما بتشوفو موضوع بغير قسمو او فيو شي مو منيح او شي مو طبيعي , لا تردو عالموضوع او تحاورو صاحب الموضوع او تقتبسو شي من الموضوع لأنو رح يتعدل او ينحزف و انما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.
- لما بتشوفو موضوع بقسم الشكاوي و الاقتراحات لا تردو على الموضوع الا اذا كنتو واثقين من انكم بتعرفو الحل "اذا كان الموضوع عبارة عن استفسار" , اما اذا كان الموضوع "شكوى" مافي داعي تردو لأنو ممكن تعبرو عن وجهة نظركم اللي ممكن تكون مختلفة عن توجه المنتدى مشان هيك نحن منرد.
- ممنوع وضع برامج الاختراق او المساعدة بعمليات السرقة وبشكل عام الـ "Hacking Programs".
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات مخالفة للكتاب المقدس " الانجيل " وبمعنى تاني مخالفة للايمان المسيحي.
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات تمس الطوائف المسيحية بأي شكل من الاشكال "مدح او ذم" والابتعاد بشكل كامل عن فتح اي نقاش يحمل صبغة طائفية.
- ضمن منتدى " تعرفون الحق و الحق يحرركم " بالامكان طرح الاسئلة بصيغة السؤال والجواب فقط ويمنع فتح باب النقاش والحوار بما يؤدي لمهاترات وافتراض اجوبة مسبقة.


عناوين المواضيع:
- عنوان الموضوع لازم يعبر عن محتوى الموضوع و يفي بالمحتوى و ما لازم يكون متل هيك "الكل يفوت , تعوا بسرعة , جديد جديد , صور حلوة , الخ ....".
- لازم العنوان يكون مكتوب بطريقة واضحة بدون اي اضافات او حركات متل "(((((((((العنوان)))))))))))) , $$$$$$$$$ العنوان $$$$$$$$$".
- عنوان الموضوع ما لازم يحتوي على اي مدات متل "الــعــنـــوان" و انما لازم يكون هيك "العنوان".


المشاركات:
- ممنوع تغيير مسار الموضوع لما بكون موضوع جدي من نقاش او حوار.
- ممنوع فتح احاديث جانبية ضمن المواضيع وانما هالشي بتم عالبرايفت او بالدردشة.
- ممنوع استخدام الفاظ سوقية من سب او شتم او تجريح او اي الفاظ خارجة عن الزوق العام.
- ممنوع المساس بالرموز و الشخصيات الدينية او السياسية او العقائدية.
- استخدام زر "thanks" باسفل الموضوع اذا كنتو بدكم تكتبو بالمشاركة كلمة شكر فقط.
- لما بتشوفو مشاركة سيئة او مكررة او مو بمحلها او فيا شي مو منيح , لا تردو عليها او تحاورو صاحب المشاركة او تقتبسو من المشاركة لأنو رح تنحزف او تتعدل , وانما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.


العضوية:
- ممنوع استخدام اكتر من عضوية "ممنوع التسجيل بأكتر من اسم".
- ممنوع اضافة حركات او رموز لاسم العضوية متل " # , $ , () " و انما يجب استخدام حروف اللغة الانكليزية فقط.
- ممنوع اضافة المدات لاسم العضوية "الـعـضـويـة" و انما لازم تكون بهل شكل "العضوية".
- ممنوع استخدام اسماء عضويات تحتوي على الفاظ سوقية او الفاظ بزيئة.
- ممنوع وضع صورة رمزية او صورة ملف شخصي او صور الالبوم خادشة للحياء او الزوق العام.
- التواقيع لازم تكون باللغة العربية او الانكليزية حصرا و يمنع وضع اي عبارة بلغة اخرى.
- ما لازم يحتوي التوقيع على خطوط كتيرة او فواصل او المبالغة بحجم خط التوقيع و السمايليات او المبالغة بمقدار الانتقال الشاقولي في التوقيع "يعني عدم ترك سطور فاضية بالتوقيع و عدم تجاوز 5 سطور بحجم خط 3".
- ما لازم يحتوي التوقيع على لينكات "روابط " دعائية , او لمواقع تانية او لينك لصورة او موضوع بمنتدى اخر او ايميل او اي نوع من اللينكات , ما عدا لينكات مواضيع المنتدى.
- تعبئة كامل حقول الملف الشخصي و هالشي بساعد بقية الاعضاء على معرفة بعض اكتر و التقرب من بعض اكتر "ما لم يكن هناك سبب وجيه لمنع ذلك".
- فيكم تطلبو تغيير اسم العضوية لمرة واحدة فقط وبعد ستة اشهر على تسجيلكم بالمنتدى , او يكون صار عندكم 1000 مشاركة , ومن شروط تغيير الاسم انو ما يكون مخالف لشروط التسجيل "قوانين المنتدى" و انو الاسم الجديد ما يكون مأخود من قبل عضو تاني , و انو تحطو بتوقيعكم لمدة اسبوع على الاقل "فلان سابقا".
- يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.


الرسائل الخاصة:
الرسائل الخاصة مراقبة مع احترام خصوصيتا وذلك بعدم نشرها على العام في حال وصلكم رسالة خاصة سيئة فيكم تكبسو على زر "تقرير برسالة خاصة" ولا يتم طرح الشكوى عالعام "متل انو توصلكم رسالة خاصة تحتوي على روابط دعائية لمنتجات او مواقع او منتديات او بتحتوي على الفاظ نابية من سب او شتم او تجريح".
لما بتوصلكم رسائل خاصة مزعجة و انما ما فيها لا سب ولا شتم ولا تجريح ولا روابط دعائية و انما عم يدايقكم شي عضو من كترة رسائلو الخاصة فيكم تحطو العضو على قائمة التجاهل و هيك ما بتوصل اي رسالة خاصة من هالعضو.
و تزكرو انو الهدف من الرسائل الخاصة هو تسهيل عملية التواصل بين الاعضاء.


السياسة:
عدم التطرق إلى سياسة الدولة الخارجية أو الداخلية أو حتى المساس بسياسات الدول الصديقة فالموقع لا يمت للسياسة بصلة ويرجى التفرقة بين سياسات الدول وسياسات الأفراد والمجتمعات وعدم التجريح أو المساس بها فالمنتدى ليس حكر على فئة معينة بل يستقبل فئات عدة.
عدم اعتماد مواضيع أو مشاركات تهدف لزعزعة سياسة الجمهورية العربية السورية أو تحاول أن تضعف الشعور القومي أو تنتقص من هيبة الدولة ومكانتها أو أن يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بزعزعة الأمن والاستقرار في الجمهورية العربية السورية فيحق للادارة حذف الموضوع مع ايقاف عضوية صاحب الموضوع.


المخالفات:
بسبب تنوع المخالفات و عدم امكانية حصر هالمخالفات بجدول محدد , منتبع اسلوب مخالفات بما يراه المشرف مناسب من عدد نقط و مدة المخالفة بيتراوح عدد النقط بين 1-100 نقطة , لما توصلو لل 100 بتم الحظر الاوتوماتيكي للعضو ممكن تاخدو تنبيه بـ 5 نقط مثلا على شي مخالفة , و ممكن تاخد 25 نقطة على نفس المخالفة و ممكن يوصلو لل 50 نقطة كمان و هالشي بيرجع لعدد تكرارك للمخالفة او غير مخالفة خلال فترة زمنية قصيرة.
عند تلقيك مخالفة بيظهر تحت عدد المشاركات خانة جديدة " المخالفات :" و بيوصلك رسالة خاصة عن سبب المخالفة و عدد النقط و المدة طبعا هالشي بيظهر عندكم فقط.


الهدف:
- أسرة شبابية سورية وعربية مسيحية ملؤها المحبة.
- توعية وتثقيف الشباب المسيحي.
- مناقشة مشاكل وهموم وأفكار شبابنا السوري العربي المسيحي.
- نشر التعاليم المسيحية الصحيحة وعدم الإنحياز بشكل مذهبي نحو طائفة معينة بغية النقد السيء فقط.
في بعض الأحيان كان من الممكن أن ينحني عن مسار أهدافه ليكون مشابه لغيره من المنتديات فكان العمل على عدم جعله منتدى ديني متخصص كحوار بين الطوائف , فنتيجة التجربة وعلى عدة مواقع تبين وبالشكل الأكبر عدم المنفعة المرجوة بهذا الفكر والمنحى , نعم قد نشير ونوضح لكن بغية ورغبة الفائدة لنا جميعا وبتعاون الجميع وليس بغية بدء محاورات كانت تنتهي دوما بالتجريح ومن الطرفين فضبط النفس صعب بهذه المواقف.



رح نكتب شوية ملاحظات عامة يا ريت الكل يتقيد فيها:
• ابحث عن المنتدى المناسب لك و تصفح أقسامه ومواضيعه جيداً واستوعب مضمونه وهدفه قبل ان تبادر بالمشاركة به , فهناك الكثير من المنتديات غير اللائقة على الإنترنت .وهناك منتديات متخصصة بمجالات معينة قد لا تناسبك وهناك منتديات خاصة بأناس محددين.
• إقرأ شروط التسجيل والمشاركة في المنتدى قبل التسجيل به واستوعبها جيدأ واحترمها و اتبعها حتى لا تخل بها فتقع في مشاكل مع الأعضاء ومشرفي المنتديات.
• اختر اسم مستعار يليق بك وبصفاتك الشخصية ويحمل معاني إيجابية ، وابتعد عن الأسماء السيئة والمفردات البذيئة ، فأنت في المنتدى تمثل نفسك وأخلاقك وثقافتك وبلدك ، كما أن الاسم المستعار يعطي صفاته ودلالته لصاحبه مع الوقت حيث يتأثر الإنسان به بشكل غير مباشر ودون ان يدرك ذلك.
• استخدم رمز لشخصيتك " وهو الصورة المستخدمة تحت الاسم المستعار في المنتدى " يليق بك و يعبر عن شخصيتك واحرص على ان يكون أبعاده مناسبة.
• عند اختيارك لتوقيعك احرص على اختصاره ، وأن يكون مضمونه مناسباً لشخصيتك وثقافتك.
• استخدم اللغة العربية الفصحى وابتعد عن اللهجات المحكية " اللهجة السورية مستثناة لكثرة المسلسلات السورية " لانها قد تكون مفهومة لبعض الجنسيات وغير مفهومة لجنسيات أخرى كما قد تكون لكلمة في لهجتك المحكية معنى عادي ولها معنى منافي للأخلاق أو مسيء لجنسية أخرى . كذلك فإن استخدامك للغة العربية الفصحى يسمح لزوار المنتدى وأعضائه بالعثور على المعلومات باستخدام ميزة البحث.
• استخدم المصحح اللغوي وراعي قواعد اللغة عند كتابتك في المنتديات حتى تظهر بالمظهر اللائق التي تتمناه.
• أعطي انطباع جيد عن نفسك .. فكن مهذباً لبقاً واختر كلماتك بحكمة.
• لا تكتب في المنتديات أي معلومات شخصية عنك أو عن أسرتك ، فالمنتديات مفتوحة وقد يطلع عليها الغرباء.
• أظهر مشاعرك وعواطفك باستخدام ايقونات التعبير عن المشاعر Emotion Icon's عند كتابة مواضيعك وردودك يجب ان توضح مشاعرك أثناء كتابتها ، هل سيرسلها مرحة بقصد الضحك ؟ او جادة أو حزينه ؟ فعليك توضيح مشاعرك باستخدام Emotion Icon's ،لأنك عندما تتكلم في الواقع مع احد وجها لوجه فانه يرى تعابير وجهك وحركة جسمك ويسمع نبرة صوتك فيعرف ما تقصد ان كنت تتحدث معه على سبيل المزاح أم الجد. لكن لا تفرط في استخدام أيقونات المشاعر و الخطوط الملونة و المتغيرة الحجم ، فما زاد عن حده نقص.
• إن ما تكتبه في المنتديات يبقى ما بقي الموقع على الإنترنت ، فاحرص على كل كلمة تكتبها ، فمن الممكن ان يراها معارفك وأصدقائك وأساتذتك حتى وبعد مرور فترات زمنية طويلة.
• حاول اختصار رسالتك قدر الإمكان :بحيث تكون قصيرة و مختصرة ومباشرة وواضحة وفي صلب مضمون قسم المنتدى.
• كن عالمياً : واعلم أن هناك مستخدمين للإنترنت يستخدمون برامج تصفح مختلفة وكذلك برامج بريد الكتروني متعددة ، لذا عليك ألا تستخدم خطوط غريبة بل استخدم الخطوط المعتاد استخدامها ، لأنه قد لا يتمكن القراء من قراءتها فتظهر لهم برموز وحروف غريبة.
• قم بتقديم ردود الشكر والتقدير لكل من أضاف رداً على موضوعك وأجب على أسئلتهم وتجاوب معهم بسعة صدر وترحيب.
• استخدم ميزة البحث في المنتديات لمحاولة الحصول على الإجابة قبل السؤال عن أمر معين أو طلب المساعدة من بقية الأعضاء حتى لا تكرر الأسئلة والاستفسارات والاقتراحات التى تم الإجابة عنها قبل ذلك.
• تأكد من أنك تطرح الموضوع في المنتدى المخصص له: حيث تقسم المنتديات عادة إلى عدة منتديات تشمل جميع الموضوعات التي يمكن طرحها ومناقشتها هنا، وهذا من شأنه أن يرفع من كفاءة المنتديات ويسهل عملية تصنيف وتبويب الموضوعات، ويفضل قراءة الوصف العام لكل منتدى تحت اسمه في فهرس المنتديات للتأكد من أن مشاركتك تأخذ مكانها الصحيح.
• استخدم عنوان مناسب ومميِّز لمشاركتك في حقل الموضوع. يفضل عدم استخدام عبارات عامة مثل "يرجى المساعدة" أو "طلب عاجل" أو "أنا في ورطة" الخ، ويكون ذلك بكتابة عناوين مميِّزة للموضوعات مثل "كيف استخدم أمر كذا في برنامج كذا" أو "تصدير ملفات كذا إلى كذا".
• إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع والشركات، وعليك أن تذكر في نهاية مشاركتك عبارة "منقول عن..." إذا قمت بنقل خبر أو مشاركة معينة من أحد المواقع أو المجلات أو المنتديات المنتشرة على الإنترنت.
• إن أغلب المنتديات تكون موجهه لجمهور عام ولمناقشة قضايا تثقيفية وتعليمية . لذلك يجب ان تكون مشاركتك بطريقة تحترم مشاعر الآخرين وعدم الهجوم في النقاشات والحوارات. وأي نشر لصور أو نصوص أو وصلات مسيئة، خادشة للحياء أو خارج سياق النهج العام للموقع.
• المنتدى لم يوجد من أجل نشر الإعلانات لذا يجب عدم نشر الإعلانات أو الوصلات التي تشير إلى مواقع إعلانية لأي منتج دون إذن او إشارة إلى موقعك أو مدونتك إذا كنت تمتلك ذلك.
• عدم نشر أي مواد أو وصلات لبرامج تعرض أمن الموقع أو أمن أجهزة الأعضاء الآخرين لخطر الفيروسات أو الدودات أو أحصنة طروادة.
•ليس المهم أن تشارك بألف موضوع فى المنتدى لكن المهم أن تشارك بموضوع يقرأه الألوف،فالعبرة بالنوع وليس بالكم.
• عدم الإساءة إلى الأديان أو للشخصيات الدينية.
•عند رغبتك بإضافة صور لموضوعك في المنتدى ، احرص على ألا يكون حجمها كبير حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً لتحميلها وأن تكون في سياق الموضوع لا خارجه عنه.
•الالتزام بالموضوع في الردود بحيث يكون النقاش في حدود الموضوع المطروح لا الشخص، وعدم التفرع لغيره أو الخروج عنه أو الدخول في موضوعات أخرى حتى لا يخرج النقاش عن طوره.
• البعد عن الجدال العقيم والحوار الغير مجدي والإساءة إلى أي من المشاركين ، والردود التي تخل بأصول اللياقة والاحترام.
• احترم الرأي الآخر وقدر الخلاف في الرأي بين البشر واتبع آداب الخلاف وتقبله، وأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
• التروي وعدم الاستعجال في الردود ، وعدم إلقاء الأقوال على عواهلها ودون تثبت، وأن تكون التعليقات بعد تفكير وتأمل في مضمون المداخله، فضلاً عن التراجع عن الخطأ؛ فالرجوع إلى الحق فضيلة. علاوة على حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، وتفهمها تفهما صحيحا.
• إياك و تجريح الجماعات أو الأفراد أو الهيئات أو الطعن فيهم شخصياً أو مهنياً أو أخلاقياً، أو استخدام أي وسيلة من وسائل التخويف أو التهديد او الردع ضد أي شخص بأي شكل من الأشكال.
• يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.
• إذا لاحظت وجود خلل في صفحة أو رابط ما أو إساءة من أحد الأعضاء فيجب إخطار مدير الموقع أو المشرف المختص على الفور لأخذ التدابير اللازمة وذلك بإرسال رسالة خاصة له.
• فريق الإشراف يعمل على مراقبة المواضيع وتطوير الموقع بشكل يومي، لذا يجب على المشاركين عدم التصرف "كمشرفين" في حال ملاحظتهم لخلل أو إساءة في الموقع وتنبيه أحد أعضاء فريق الإشراف فوراً.
See more
See less

جبل آثوس

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • #21
    رد: جبل آثوس

    3- طرق ((الصلاة)) :
    أشكركم شكراً جزيلاً، أيها الشيخ، على هذه الشروح المسهبة. فقد استطعتُ حتى الآن أن أتتبّعكم إلى حدّ ما، وتمكنتُ من إدراك مقامات((الصلاة))، أعني كيفية تطور هذا العمل الشريف. ولكن أريد أن أسأل: هل يتمّ العمل من غير جهد؟ أفلا يحتاج إلى جهاد وقهر؟ وإذا كان ملكوت الله يغتصب والغاصبون يختطفونه( متى 11: 12) أفلا ينبغي أن يكون في((الصلاة)) اغتصاب أيضاً، طالما أنّ المرء يذوق بها ملكوت الله؟ لأنّ مشاهدةالنور غير المخلوق هي ملكوت السماوات، وقد قرأتُ ذلك في مؤلف للقديس غريغوريوس بالاماس. فأين يكون الجهادإذاً؟
    - قال الشيخ الحكيم(ساكن الجبل المقدّس): لا ريب أنّ الحاجة توجب الجهاد، ولا بد للمجاهد من بذل دم غزير. وهنا يصدق، بنوع خاص، القول الآبائي(( أعطِ دماً وخذ روحاً )) فإن آدم نفسه بدون الجهاد قد خسر الفردوس، مع أنه كان في مجال مشاهدة الله. فكم بالأحرى يكون جهادنا ضرورياً، لكي نحوز النعمة الإلهية. يخطئ الذين يقولون بعدم ضرورة الجهاد. قال القديس ماكسيموس المعترف((إنّ المعرفة بدون العمل هي ثيولوجيا شياطين)). كانت الصلاة قبل السقوط تجري بلا كدّ، شأنها شأن تمجيد الملائكة الذي لا يهدأ. لكنها بعد السقوط تتطلَّب كداً وجهاداً. أما الصديقون في ملكوت الله فسيعودون إلى الحال التي كانت قبل السقوط.
    - أتمنى لو تشرحون لي هذا الجهاد.
    - إنّ الجهاد الأول والأكبر هو قيام المرء بتجميع عقله وفصله عما يربطه بما حوله من أشياء وأحوال وحوادث وأفكار شريرة، لأنّ العقل إذا نأى عن الله مات. فهو كالسمكة إذا خرجت من البحر ومن الماء. قال القديس اسحق السرياني ((ما يحدث للسمكة إذا خرجت من البحر، يحدث للعقل إذا ذكر الله وانغمس في ذكر العالم)). والعقل بعد السقوط أشبه بكلب سريع الحركة في الهرب ويريد الركض على الدوام. فهو كالإبن الشاطر الذي ذكر المثل أنه أراد مغادرة منزل أبيه فأخذ معه ثروته(= الشهوة- الإرادة ) ثم بدَّدها وأنفقها عائشاً في الضلال. وهذا ما قاله الآباء الذين عاشوا الحياة الروحية العميقة وبخاصة القديس غريغوريوس بالاماس.
    قلت: إنها فكرة حسنة! ولكن كيف يتجمّع العقل؟
    - كما حدث للإبن الشاطر تماماً. يقول المثل: ((فرجع إلى نفسه وقال: كم من أجير لأبي يفضُل عنه الخبز، أما أنا فأهلك جوعاً. أقوم وأذهب إلى أبي...وقام وجاء إلى أبيه..وقال الأب لعبيده...قدّموا العجل المسمَّن واذبحوه فنأكل ونفرح. لأنّ إبني هذا كان ميتاً فعاش، وضالاً فوُجد. فابتدأوا يفرحون)) (لوقا 15: 17-24).
    والعقل الضال أيضاً يحتاج إلى العودة إلى ذاته من تشتّت. فإذا عاوده الشعور بحلاوة بيت أبيه وبالسعادة التي تغمره ورغب في العودة إليه يكون الإحتفال بقدومه عظيماً، فيفرح فرحاً عميقاً، ويُسمَع حينذاك صوت يقول ((إنّ إبني كان ميتاً فعاش، وكان ضالاً فوُجد)) ويُعطى العقل المائت حياة. ومتى جاء العقل إلى القلب فحينئذٍ فقط يصير الفرح، كما يحدث عند عودة المغترب إلى بيته. وفي هذا يقول نيكيفورس المتوحّد ((كما أنّ الرجل المغترب إذا عاد إلى بيته، فرح لم يكن له، لأنه استحق الإجتماع بأولاده وامرأته، هكذا يحدث للعقل أيضاً، فإنه حين يتّحد بالنفس يفعم بلذة وبهجة يتعذر وصفها))
    وتجميع العقل يتمُّ بتأجيج القلب قبلاً. إنّ شيخي الدائم الذكر، كان يجلس قليلاً عند غروب الشمس فيستعرض صوراً من حاله الداخلية ومن الطبيعية، ثم يشرع في تلاوة ((الصلاة))- بعد أن يكون قلبه قد تأجج- ويستمر في ترداده حتى ساعات السحر، موعد خدمة القداس الإلهي. حينذاك...
    - أيها الشيخ أعذروني لقطع حديثكم. إني لم أستطع متابعة كلامكم جيداً. ماذا تعنون بتأجيج القلب. كيف يتم تأجيجه وما حاجة ((الصلاة)) إليه؟

    - سيساعدك مثل الإبن الشاطر: فقط ((عاد إلى نفسه وقال: كم أجير لأبي يفضل عند الخبز، وأنا أموت جوعاً. أقوم وأذهب إلى أبي...)) أعني أنه فكّر في سعادة بيت أبيه، وفي شقائه هوأيضاً. فتحرّك فوراً للعودة إلى أبيه. لقد قام بمحاولة مضنية ليرغم إرادته ورغبته على اتخاذ قرار بالعودة...وهذا ما نفعله في ((الصلاة))، فنحاول التأكد من أننا نعيش في حال الخطيئة، حال شقائنا. إننا نرى انحرافاتنا اليومية فنفحص مختلف الحوادث والخطايا، لكّن هذا يتمّ من الناحية الخارجية فقط، ونشعر كأننا في محكمة حيث تجري محاكمتنا، وـنّ الله جالس على كرسي القضاء ونحن على مقعد المتَّهم. ومتى شعرنا بهذا يبدأ صراخنا((إرحمني)). وفي هذه الحال يجب أن نبكي لأنّ الصلاة الخالصة القويمة تصدر عن البكاء.
    يقول الآباء: إن أراد أحد أن يكتسب صلاة عميقة وحياة رهبانية صادقة يجب أن يعرف كيف يبكي وكيف يعيش شعور من يتّهم ذاته وبكل قوة، وأن يعتبر نفسه أسوأ من الآخرين، وأنه حيوان قذر يحيا في دياميس الضلال ودياجير الجهل، وأن يتحلى بنعمة المتّهم نفسه أوَّلاً. كما يقول باسيليوس((...أن يتّهم ذاته بالآثام غير منتظر إتّهام الآخرين له لكي يصير تبدّل المتّهم الأول لنفسه))..وباتهامه لذاته أولاً كما في أمثال سليمان، يستعدّ للصلاة. قال القديس اسحق السرياني إننا قبل الصلاة نجثو على ركبنا ونرجع أيدينا إلى الوراء ونعتبر ذاتنا مذنبة فيسيطر علينا حينذاك هاجس توبيخ الذات، ويكون في كل مرة جديداً. علينا أن نتوقّف أمامه لكي نتأمله بدون تخيّل. عندها ينزل العقل إلى القلب تائباً، ونشرع في البكاء ونصلي صلاة ثابتة واعية وبلا انحراف. سأستعمل هنا مثلاً من الحياة العالمية. ما يكاد أحد الدنيويين يتذكّر فكرة إهانته أحد الأشخاص حتى يفكّر فيها ويشعر بانقباض في قلبه ويشرع فوراً بالبكاء. ويحدث هذا أيضاً لمن يمارس الصلاة مع الفارق بأنّ مثل هذه الأفكار العالَّمية ذات الدوافع الأنانية لا تأسره وإنما يفكر في نفسه قائلاً لقد أحزنتُ المسيح ونأيتُ عن النعمة الإلهية الخ..وقد ينجرح قلبه في أعماقه بسبب هذا الإحساس. وإذا ما جرح القلب شعورٌ بالتوبة- وليس بضغط خارجي- فإنه ينجرح ويتألم أكثر من أيّ ألم آخر ينجم عن جرح في بدنه. وهذا الجرح في القلب يضبط العقل ويربطه بالله بصورة دائمة، و((المجروح)) لا يطيق النوم حتى في الليل لأنه يشعر وكأنه قائم فوق جمر متّقد. وقديقوم على أثر هذا بالصلاة بقوة لمدة ربع ساعة. أما قلبه المجروح فيظل ليل نهار يذكر يسوع وهذا ما ندعوه بالصلاة المتواصلة بلا انقطاع.
    أكّرر القول إنه يستطيع تحقيق هذا لبضع دقائق بصلاة قوية مقرونة بدموع، فيشعر بفعل((الصلاة)) في داخله طوال أيام.
    ويجب أن أنبّه إلى أنّ شعورنا بعدم استحقاقنا شرط لازم لنوال فعل((الصلاة)). ويتوقّف التقدّم الأكبر على ازدياد وعينا لحالتنا الخاطئة. فلا صلاة حقة بدون هذا الوعي. ويجب والحال هذه أن تُقرَن الصلاة بالحزن. والآباء في الواقع يعلمون أنّ الصعود إلى السماء مرتبط بالهبوط إلى ذواتنا. فكلما زدنا تركيز انتباهنا على أعماق ذواتنا زاد اكتشافنا لخفاياها. وبالتوبة ينزل ملكوت الله إلى القلب فيتحوّل إلى فردوس، وإلى سماء قلبيَّة. ودعوة الرب((توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات)) ما تزال حيّة ونافذة في كل حين. وبالتوبة وحدها نهتدي إلى الملكوت.
    - أفلا توجد حالة ما، يكاد المرء يشعر فيها بأنه متردّ في الخطيئة حتى يتولاّه إحساس بالخيبة فيترك الجهاد؟
    - توجد بلا ريب حالة كهذه. فلو حدثتْ لدلَّتْ على أنّ الشيطان هو الذي دسَّ للإنسان فكرة كونه في حال خطيئة، لكي يقوده إلى شهور باليأس وخيبة الرجاء. أما إذا عدنا إلى الله والتمسنا بالصلاة نعمته الإلهية على أثر شعورنا بحال الخطيئة، فإنّ اتجاهنا هذا يكون عطية الله، وفعل نعمة المسيح.
    واستأنف الشيخ كلامه فقال: وهناك إلى جانب الشعور بالخطيئة طرق أخرى يُؤجَّج بها القلب. فمنها ذكر الموت إذ يفكر المرء قائلاً: ((إني أعيش ساعاتي الأخيرة، وبعد قليل يأتي الأبالسة ليأخذوا نفسي...فإذا جالت هذه الفكرة في الذهن بدون تخيّل، أثارت الورع ودفعتْ إلى الصلاة.
    وردتْ في كتاب الشيوخ نصيحة للأنبا ثيوفيلوس تدلّنا كيف يمكننا أن نفكر وقد جاء فيها: ((أيّ خوف ذعر وقهر يتملّكنا حين تنفصل النفس عن الجسد؟ فإنّ القوات المعادبة تأتي إلينا حينذاك بكامل جحافلها،...رؤساء الظلام، أسياد عالم الشر، السلاطين والسيادات وأرواح الخطيئة، يقبضون على النفس وكأنهم يعاقبونها مظهرين لها كل ما ارتكبت من خطايا، بمعرفة أو بجهل، منذ صباها حتى عمرها الحاضر. وستُتَّم بكل معاصيها. فيا له من هول يستولي على النفس في تلك الساعة إلى أن يصدر الحكم وتتحرَّر. هذه هي ساعة قهرها، إلى أن ترى ما ستؤول إليه.
    إلاّ أنّ القوات الإلهية ستقف هي أيضاً في مواجهة القوات المعادية وستظهر الأعمال الصالحة، وتدرك النفس وهي واقفة في الوسط ما يشوبها من ذعر وخوف، إلى أن يصدر القاضي العادل حكمه. فإن كانت مستحقة عوقب الأبالسة واختُطفتْ منهم. وتصبح من ذلك الحين بلا همّ وبالأحرى تسكن وفقاً لما ورد في الكتاب. ((إنّ السكنى فيك هي لجميع المبتهجين)). وسيتم المكتوب ((يزول الوجع والحزن والتنهُّد)) (إشعياء35: 1.) فتتحرّر النفس وتسير نحو ذلك الفرح والمجد اللذين يتعذر وصفهما، وهناك تستقر.
    أما إذا كانت قد عاشت في التواني فإنها تسمع الأقوال الرهيبة((ليُرفع الشرير، لكي لا يرى مجد الرب))، فيستولي عليها فجأة يوم غضب، يوم ضيق وقهر، يوم ظلمة وضباب وتُسلَّم إلى الظلمة البرَّانية، ويُحكم عليها بالنار الأبدية فتتعذب إلى دهور لا حصر لها. وحينذاك: أين فخر الحرب؟ أين المجد الفارغ؟ أين الأرتياح واللذة؟ أين الحياة المبهرجة؟ أين الراحة، وأين الكبرياء؟ أين المال؟ وأين التمايز الإجتماعي؟ أين الأب؟ أين الأم؟ أين الأخ؟ من يستطيع أن يخرجها فيما النار تحرقها وهي ترزح في العذاب الشديد؟)).
    إلا أنّ هناك أيضاً أفكاراً أخرى مناسبة، هي شعور النفس بحلاوة الفردوس ومجد القديسين ومحبة الله، لا سيما إذا كان الإنسان قد حضر القداس الإلهي في ذلك اليوم واشترك في جسد الربّ ودمه الطاهرين.
    - أيها الشيخ إن سمع العالم مثل هذه الأفكار يشك فيها ولا يصدّقها. وهناك العديد من اللاهوتيين، والروحانيين أيضاً، يعارضون هذه النقاط فيزعمون أنها ليست مناسبة للناس في العالم ويدعمون زعمَهم بنوع أخصّ بالآباء القديسين. وهم يقسمونهم إلى آباء صحويين وآباء إجتماعيين، ويبرزون للعالم الآباء الإجتماعيين لأنّ تعليمهم- كما يزعمون- أكثر التصاقاً بالأرض، أما تعليم الآباء الصحويين، فإنه يصلح للأديرة. وليست أدري ما نصيب هذه الآراء من الصحَّة.

    - إنكم تطرقون موضوعاً كبيراً، متعدّد الجوانب واسعاً ويتطلب زمناً طويلاً. إلاَّ أني لا أمتنع عن تقديم بعض الأجوبة العامة. وأول ما أنبه إليه هو أنه لا يمكن تقسيم الآباء إلى آباء صحو أو صوفيين،وإلى آباء إجتماعيين. كما أنه لا يمكن تقسيم علم اللاهوت إلى صوفي وغير صوفي أو تقسيم الحياة الروحية إلى علمانية ورهبانية أي القول بأنّ بعض التعاليم مخصّصة للعالم، وأخرى مخصصة للراهب. إنّ ثيولوجيا الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية ذات طابع سرّيّ، والحياة الروحية كلها تقشّفية وللآباء القديسين جميعاً معتقد مشترك وحياة مشتركة، وتعليم مشترك، وقد حصلوا جميعاً على الحال المغبوطة. حال التأله،إذ صاروا أحياء في المسيح والمسيح يحيا فيهم، وفي داخلهم يعمل الروح القدس. ولهذا فإنّ الآباء الصحويين هم دائماً وفي الوقت عينه آباء إجتماعيون أيضاً كما أنَّ الآباء الإجتماعيين هم دائماً وفي الوقت عينه آباء صحويون. أعني أنّ إجتماعية الآباء ما هي إلا فيض من صحو الآباء. من اهتم منهم بالموضوعات الإجتماعية ليس عالماً إجتماعياً أو عالماً نفسياً أو عالماً أخلاق أو مربيّاً وحسب بل إنه عالم لاهوتي أيضاً بكل ما في هذه الكلمة من معنى. وهؤلاء الآباء يعيشون، هم أوَّلاً، الله إختيارياً ثم يحاولون أن يساعدوا الإنسان لكي يعيش الله أيضاً. فإجتماعية الآباء بناء على ما سبق ليست سوى بعد من أبعاد االثيولوجيا، أي أبعاد الحياة في المسيح((التي هي في الوقت عينه حياة في الروح القدس وحياة في الكنيسة أيضاً. فالكنيسة، في الواقع، هي حيّز الثيولوجيا الأرثوذكسية، والثيولوجيا هي صوت الكنيسة. ولجميع الآباء نقاط مشتركة، أعني أنّ الثيولوجيا التي انتهجوها كانت أوثوذكسية،وكذلك المعتقد الكنسي، والحياة الكهنوتية والرهبانية معاشة عندهم، فمن الخطأ تقسيمهم إلى آباء صحويين وإلى آباء إجتماعيين لأنّ فصلهم على هذا النحو ذو نتائج وبيلة في الحياة الروحية وينتهي إلى التجديف على الروح القدس.
    - ألا تظنون أنّ بعض الآباء، كالقديس باسيليوس الكبير أو القديس يوحنا الذهبي الفم، اللذين تكلّما كثيراً على مسائل إجتماعية كانوا أقرب إلى الشعب؟
    - بكل تأكيد. لكني أرى – كما قلت سابقاً- ضرورة بعض التوضيحات. فأولاً، إنّ هذا لا يعني أنّ هؤلاء الآباء لم يعيشوا بالدموع والصحو والصلاة، أعني أنه يجب أن لا نفصل تعليمهم الإجتماعي عن حياتهم الداخلية. يجب ألاَّ يُفكَّك الأب القديس وإلاَّ فإنه قد يُعتبر عالماً إجتماعياً أو عالم أخلاق وحسب. والفرق شاسع بين العالم الإجتماعي والبيولوجي لأنّ كلاً منهما ينطلق من دوافع وأسس مختلفة، والأنثروبولوجيا(علم الإنسان) تختلف كثيراً عند كل منهما.
    ثانياً- إذا كان بعض الآباء القديسين قد تكلّم على المسائل الإجتماعية أكثر من سواه فما ذلك إلاَّ لأنهم تلقوا من الله إعلاناً بأنهم يجب أن يتكلّموا مع إنسان معيَّن. ويجب ألاَّ ننسى أنّ كلام النبي أو كلام الرسول أو كلام القديس يقال للشعب الموجَّة إليه حسب درجة نضجه وروحانيته. فإن بدا في كلام أحد الآباء نقص، فهذا لا يعود إلى نقص في مجابهة الأب للموضوع وعجز في عقليته، بل إلى عجزالعالم عن فهم شيء ذي مستوى أعلى فالأب القديس لا يجهل الكلام على مستوى عالم لكنه يتقيّد بقدرة الرعيّة على الإستيعاب. كما أنّ الروح الهدوئية تتجلى في كثير من المؤلفات الإجتماعية التي كتبها الآباء القديسون. وللمزيد من الإيضاح نأخذ حال القديس يوحنا الذهبي الفم الذي ذكرته. فإنّ هذا الأب القديس كاتب إجتماعي، وكتبه صالحة لأن يقرأها الناس في العالم. ويذكر كثيرون تعليمه في مختلف الموضوعات الإجتماعية والأخلاقية، لكنهم ينسون أنه هو نفسه قد عاش الهدوئية والتنسك بالصحو والدموع والحزن والصلاة المتواصلة وذكر الموت الخ... وإذا قرأ أحد الرهبان الهدوئيين كتبه أدرك فوراً أنه أب هدوئي.
    سأذكر لكم فقرة من تعليمه ثم أحاول إبداء بعض الملاحظات. فهو يتحدّث عن ((صلاة يسوع)) (وعن الصلاة بوجه أعم) وعن قيمتها فيقول: ((يجب أن تمارس ((الصلاة)) بعقل مركّز، غير مشتّت، وبقلب مجروح بشعور التوبة، لكي يكون مثمراً. ((إنّ ((الصلاة)) سلاح عظيم وكنزلاينقص، وثروة لا تُستنفد أبداً وميناء غير متموّج، وشرط صفاء وأصل خيرات لا تحصى. وهي أقوى من المُلك نفسه ...وإذ أقول((الصلاة)) فلا أقصد صلاة هزيلة مفعمة بالتواني، بل أعني صلاة ممتدّة بنفس متوجعة، وعقل متوتّر. فهذه هي ((الصلاة)) الصاعدة نحو السماء. فلنزكيَنَّ إذاً حرارة الوجدان ولنحزنَنَّ النفس بذكر الخطايا. لنحزنَنَّها، لا لكي نضايقها بل لكي نعدَّها لكي يستجاب لها، ونجعلها تصحو وتستيقظ وبالصحو واليقظة نجعلها تلمس السماوات...فما من شيء يطرد التواني وعدم الإكتراث كالألم والحزن، لأنهما يجمعان العقل من كل مكان، ويعيدانه إلى ذاته. فإنّ المتضايق المصلّي على هذا النحو يستطيع بعد((الصلاة)) أن يجلب إلى نفسه المزيد من اللذة فتستقر فيها)). وهو يضيف قائلاً((إن أقنع المرء نفسه أنه أسوأ الناس أجمعين يحصل فوراً على دالَّة في الصلاة))
    واستأنف الشيخ قائلاً، بهذه الطريقة عينها: يا أبتِ، كان يمكن أن يتكلّم كبير الهدوئيين. ونستطيع هنا أن نلاحظ بعض النقاط:
    أولاً- إنّ القديس يوحنا الذهبي الفم يربط الصلاة بالنفس المتألمة والعقل المتوتر(اليقظ)ولا بد أن يعود العقل من تشتّته إلى ذاته لكي تتم الصلاة المتكاملة.
    ثانياً- من الضرورة بمكان لكي يكون للصلاة فعالية ذات نتائج ناجعة أن يؤجَّج القلب قبل الصلاة وهو ما تحدثنا عنه آنفاً. فإنّ القلب يتأجج والعقل يعود، وبذلك تكون الصلاة منتجة.
    ثالثاً- يؤجَّج القلب بتذكّر الخطايا، وبتوبيخ الذات، والشعور بأننا أسوأالناس، ((أحط من كل خليقة)).
    فإن عشنا هذه الصلاة وفقاً لهذا النهج فقط، نستطيع الحصول على اللذة الروحية، نعمة المسيح. أرأيتم الأب الهدوئي؟.
    - لقد أدهشتني قراءة هذه الفقرة من أقوال القديس يوحنا الذهبي الفم وتحليلكم لها وقد ترك رأي الأب القديس في نفسي أثراً طيباً.
    - أتسمح لي بتصحيح؟
    - بالتأكيد.
    - ليس هذا رأياً شخصياً للقديس يوحنا الذهبي الفم، وإنما هو تعليم الكنيسة. فنحن لا نستطيع أن نتحدّث عن آراء للآباء القديسين،وكأننا نعتبرهم فلاسفة وعلماء إجتماعيين وعلماء أخلاق،بل نتحدّث عن تعليم الآباء من حيث أنهم أعضاء جسد المسيح المجيد، يتقبّلون إشراقات نور الروح القدس. ونحن إذا عشنا في داخل الكنيسة نبطل الفرد أشخاصاً وموضع أفعال الثالوث، فيستنير العقل ويصير منبراً للروح القدس. وكل عمل عظيم في الكنيسة ينطلق من الطاعة. وقد أطاع الآباء القديسين الله بملء الحرية فتغيَّروا وصاروا آنية لله، وعاشوا ثم تكلّموا لكي يساعدوا الآخرين أيضاً.
    - أشكركم على التصحيح، وأسألكم أن تتعطفوا فتشرحوا لي شيئاً آخر، فقد ذكرنا قبلاً أنّ الراهب الهدوئي إذا قرأ القديس يوحنا آراء الذهبي الفم أدرك انه أب صحويّ. فلمَ لا نستطيع نحن تمييز ذلك، ونعتبر الآباء الذين كتبوا في موضوعات إجتماعية مجرّد علماء إجتماع وغرباء عن هذه الحياة الداخلية؟
    - يحدث هذا لأنّ الروح القدس لا يعمل في داخلنا عملاً كافياً. والكتاب المقدّس ومؤلفات الآباء االقديسين قد كُتبت بإنارة الروح القدس، وهي بالتالي تُشرح وتصير مفهومة بإنارته فقط. فمن له معتقد الآباء، وعنده الروح القدس، يقرأ كتاب أي أب فيعرف فيه الأب الهدوئي، الصحويّ الذي عَرَفَ الرب الروح القدس.فإن القديسين فقط، لأنّ حياتهم متطابقة واختباراتهم مشتركة وطرق تعبيرهم واجدة. فهم يدركون النعمة التي تعمل داخل نفوس الآباء القديسين وفكرهم، من الكلمات التي يستعملونها، وأحياناً من طريقة تعبيرهم. فإن قرأأحد معايني الله أفاشين القديس باسيليوس الكبير في خدمة القداس الإلهي يدرك فوراً أنّ باسيليوس قد رأى النور غير المخلوق مع أنه لا يذكر ذلك حرفياً.
    أما إذا درس علماء إجتماع أو علماء أخلاق مؤلفات الآباء المختلفة بدون أن يكونوا حاصلين على الروح القدس، فإنهم يعزّزونها ويفكّكونها. ويبدو لي أنّ استعمالنا مقتطفات منفردة من مؤلفات الآباء على المنوال أب خارج الروح النسكية لكي نؤيد بها أفكارنا الدنسة المركزة على الإنسان، لهو هرطقة (بدعة) كبرى. فعندما ننظر إلى أحد الآباء القديسين خارج إطار روح التقشف والتوبة الخ..فإننا نفكّكه. وكل تفكيك هو تغير. وهذا مافعله الهرطقة جميعاً. فقد استعملوا عبارات من كتب الآباء بدون أن يفهموها، وبدون أن يكونوا حائزين مسبقاً على شروط تفسيرها تفسيراً صحيحاً.
    ولذا فإنّ شعار العودة إلى الآباء، الذي يُعلن اليوم، يقتضي منا أن نحقّقه لا بالإكتفاء بدرس النصوص الآبائية وحسب بل ببذل الجهد بغية اكتساب حياة الآباء القديسين أيضاً، فنحيا في كنيستنا المقدّسة وبالأسرار المقدّسة والفضائل المقدّسة، بالإضافة إلى أنه يجب علينا أن لا نبقى مجرد أفراد بل أن نحيا كأشخاص، كأعضاء للمسيح مكرّمين.


    ***
    في تلك اللحظة دخل علينا المريد المهذّب، ليسأل عما يقدّمه لي. أما الشيخ فكان منهمكاً كلّياً في المحادثة، وقد نسي مراعاة عادة الرهبان في المجاملة المهذّبة المتّعبة عندهم، وهي أن يقدّموا للضيف شيئاً على سبيل البركة.فقد كانت المحادثة الروحية من القوة بحيث أنها أنسته كل شيء سواها.
    - أجل. أحضرْ شيئاً للأب...
    - ماذا أحضر أيها الشيخ؟ أأقدم له قطعة من الملبن، أو قليلاً من المربى، أو شيئاً آخر؟
    بعد أن أمر الشيخ تلميذه بما يلزم، أخذ يشيد به فقال: إني في الحق لم أكن جديراً بأن يكون لي مثل هؤلاء المريدين. لكنّ الله قد رأف بحالي فأرسل لي ملائكة صغاراً. فليس لي في الواقع مريدون، إنما هؤلاء ملائكة يخدمونني. فكيف لي أن أرفع شكري العميق إلى الله الكلي القداسة؟ وهذا المريد بالذات قد قدم إليَّ أخيراً، وأفكاره أفكار طفل صغير. وهذا أمر ضروري لعمل الصلاة العقلية موضوع حديثنا. إنّ آباء الكنيسة يعلّمون قائلين: إن أراد أحد الخلاص وجب عليه أن يصير جاهلاً أي أبله حسب المسيح(نحن جهال من أجل المسيح)، أوطفلاً( ((إن لم تعودوا وتصيروا مثل الأطفال، فلن تدخلوا ملكوت السماوات)) ). وكلنا نستطيع بنعمة الروح القدس إكتساب المراهقة الروحية والذهبية الطفولية إزاء الشر، ولو سبق لنا ارتكاب أعظم الخطايا.
    إنّ ناموس الحياة الروحية مناقض لناموس الحياة الجسديَّة. ففي الحياة الجسديَّة يتحوّل الفتى شيئاً فشيئاً إلى شيخ. أما في الحياة الروحية فالأمر يختلف، لأنّ الإنسان الذي صار شيخاً بسبب الخطيئة، يتحوّل إلى طفل.أحضرَ المريد بركة الكوخ على صينيَّة، وهي قطعة من الملبن، مع قليل من الماء. أمسكتُ كأس الماء بيدي والتمستُ من الشيخ بركته، قائلاً: أدعوا لي لكي أصير طفلاً أو أبْلَه...
    هناك لحظات لا تستطيع فيها أن تصلّي لأنّ الكلام يتوقّف وتحس في قرارة نفسك بأنك في مسيس الحاجة إلى طلب الأدعية والبركات وإنك لتعيش هذا في الجبل المقدّس((آثوس)).ولهذا لا تدعو، ولكنك تلتمس الدعاء.
    - باركو...
    - الرب...
    هذه هي التحية هنا. فلا يقال صباح الخير، ولا مساء الخير، ولا ليلة سعيدة. إلاّ انه يجري أحياناً بعض التعديل في التعبير كقولهم: ((أتمنى لكم صبراً جميلاً، أو سهراً حسناً، أو ..فردوساً رائعاً، أو...نهاية صالحة)).
    بينما كنتُ أقول((باركوا)) وأتناول قطعة الملبن الشديدة الحلاوة قلتُ في نفسي: أتمنى أن تعيش أيها الشيخ إلى سنين عديدة، أجل أن تعيش عمراً مديداً لكي نعيش نحن الخطأة أيضاً...
    وساد صمت عميق. ولاحظتُ أنّ الشيخ كان يردّد((الصلاة))ودلَّ وضعه على أنه كان في حال اختطاف إلهيّ. فتهيبتُ ووجدتُ صعوبة كبرى في الكلام. ولكن كان من الواجب أن أتكلّم...فقلتُ:
    - أريد أيها الشيخ أن أستوقفكم لكي أستأنف. إني أعرف أنّ حضوري إلى هنا في هذا المحيط غريب إلى حد ما. فما أنا سوى متطفّل يُصعَّب عليكم حياتكم...
    - لا..لاتقلْ هذا. فإننا نستقبلك كأخ لنا تعيش في العالم، وتجاهد الجهاد الحسن، ولك نعمة من الله.
    - لا يملن المقارنة بين النعمة التي لنا بما لكم.
    - ومع ذلك فإنّ النعمة الإلهية تغدق عليكم أكثر((لأنه حيث كثرتْ الخطيئة ازدادتْ النعمة جدداً)) (رومية 5: 2.) والله ينعم عليكم مزيداً من الرحمة، لكي يحفظكم في محبته. إنّ الله ليحبّكم أكثر...
    - أقبل هذا كمجرّد تعبير عن اتضاعكم ..- قلت هذا وقد هزمَني حبُّه وتواضعه- ولكني أريد أن أتابع لأننا جئنا إلى هنا، لكي نستفيد كل الوقت، ولآخر دقيقة. لقد تكلّمتم سابقاً عن تلأجيج القلب وقلتم إنه يتحقّق بالتأمل في العقاب الأبدي، والفردوس،وفي حال الخطيئة التي نتردَّى فيها الخ..، أفما يُحدِث هذا بعض المشاكل؟ لقد قلتم إنه يجب أن نقوم بصلاة غير ظاهرة، لكي يكون العقل خلالها مجرَّداً من كل شكل. فهل هذه الأشكال تُعيق الصلاة النقية.
    - بادىء ذي بدء أن أنّبه إلى أنّ هذه الأفكار ليست أفكاراً محضة وليست تخيّلاً وإنما هي عمل عقلي.فنحن لا نفكر وحسب، إنما نعيش.
    أذكر على سبيل المثال أني كنتُ يوماً أنأمل الجحيم بضع لحظات قائلاً في نفسي إني جدير بهذا االمكان بسبب كثرة خطاياي فما كاد يجول في نفسي هذا الفكر حتى وجدتُ ذاتي في تلك الظلمةالموحشة وذقتُ آلامها التي لا تطاق وأوجاعها التي تفوق الوصف. ولما أفقتُ من هذه الحال كانت قلايتي تفوح منها روائح كريهة..لا يمكنكم أن تدركوا مدى قذارة الجحيم وما يعانيه المعاقَبون فيها من ألم...
    لقد زاد شعوري الآن أني أمام شيخ قديس يركّز ذهنه على الجحيم. فتركته يكمل حديثه بدون أي تعليق...
    - ثم إنّ تأجيج القلب مسبَّقاً يتمُّ بهذه الأفكار، قبل الصلاة. فإذا بدأنا الصلاة ذلك وجب أن نمتنع عن إشغال فكرنا في هذه الموضوعات، وعلينا أن نصب اهتمام عقلنا وقلبنا على كلمات((الصلاة)) لنتوصل إلى أمر لم نكن نتصوّره، وهو ما نّبه إليه الآباء كثيراً، أعني أنّ العقل يصير إلى حال التجرُّد من الشكل والتخيّل.
    الصلاة جهاد ومن شأنها أن تعزّز المؤمن في جهاده ضد الشيطان، وهي في الوقت عينه جهاد دامٍ مؤلم. فيجب أن نعمل على تركيز ذهننا على كلمات((الصلاة))، ونجعل عقلنا أصمّ وأخرس إزاء كل فكر سواء كان خيّراً أو شريراً، يأتي به الشيطان. أعني أن نمتنع عن سماع الأفكار الواردة من الخارج وعن الردّ عليها، وأن نحتقرها ونرفض المناقشة فيها. يجب علينا أن نتوخى بكل وسيلة إسكات العقل إسكاتاً كاملاً، لأننا بهذا وحده نستطيع أن نحفظ ذاتنا في سكينة بحيث يكون((للصلاة)) فعلها الناجع.
    ومن المعلوم أنّ الأفكار تتجه من العقل إلى القلب فتشيع فيه الإضطراب. والعقل المضطرب ينقل العدوى إلى النفس فلو هَّبت رياح الأفكار لأثارت في النفس أمواجاً كما تثير الرياح أمواج البحر.
    والإنتباه أمر ضروري للصلاة. لهذا يتحدّث الآباء عن الترابط بين الصحو والصلاة. فإنّ الصحو يحفظ العقل في يقظة واستعداد مستمرين، أما الصلاة فتحمل إلينا النعمة الإلهية، ونحن نتوصّل إلى هذه الغاية بطرق عديدة. لنضعْ في اعتبارنا قبل الشروع في عمل((الصلاة))الشريفة، أنّه يتطلّب منا أن تكون لنا خلاله رغبة ملتهبة وترقُّب مفعم بالأمل ومرارة شديدة وصبر جميل طويل مقرون بالرجاء في محبة الله.
    نبدأ ب(تبارك الله إلهنا كل حين...) ثم (أيها الملك السماوي...)وبعدها (قدوس الله...) ونتلو بعدها المزمور الخمسين، مزمور التوبة، بورع وخشوع،ثم دستور الإيمان. وننتقل إلى عملية تركيز عقلنا بالهدوء والصمت، ونؤجج عقلنا بالأفكار كما قلنا سابقاً ومتى التهب- وقد يتم ذلك مقروناً بذرف دموع- نشرع في((الصلاة))فنتلو كلماتها ببطء، ونتدارك في الوقت عينه شرود العقل لكي يتابع مسيرة الكلمات. أما الكلمات فينبغي أن تكون متواصلة بدون أن يفسح المجال لتسرّب أفكار أو حوادث أخرىوبعد كلمة((إرحمني)) نتلو الصلاة من جديد((يا ربي، يسوع المسيح...)) وهكذا بحيث تصير دورة كاملة ونتحاشى تدخّل إبليس.
    يجب أن تعلموا أنّ الشيطان سيحاول بكل وسيلة أن يفصم وحدة الكلمات وأن يقتحم العقل والقلب لعلّه يفتح ثغرة صغيرة يضع فيها قنبلة(لغماً) هي عبارة عن فكرة ينسف بها محاولتنا الشريفة ويدمّرها كلها. فعلينا ألاَّ نسمح له بذلك. وفي هذه الحال يجب أن نتلو الصلاة بصوت عال بالفم لتسمعه الأذنان، فيساعد هذا العقل على المزيد من التركّز.
    وهناك طريقة أخرى هي نتلو الصلاة بالعقل أو بالقلب ببطء شديد. وبعد كلمة((إرحمني)) نتوقّف قليلاً إلى أن يضعف انتباهنا.، ثم نعود إلى تلاوته من جديد. وينصح الآباء القديسون أن نضيف عبارة((إرحمني أنا الخاطئ))إلى الصلاة في الأحوال التي نقصد فيها تأجيج القلب مسبقاً بأفكار تدور حول موضوع حياة الخطيئة التي نتردّى فيها.
    وإذا تعب العقل من تكرار الصلاة بكاملها يمكن اختصارها هكذا((يا ربي يسوع المسيح إرحمني ))أو((يارب ارحمني)) أ, يا ربي يسوع)). وكما مضى المسيحي في تلاوة الصلاة جازَ له اختصاركلماتها. وبإمكانه أحياناً أن يكتفي بإسم((يسوع)) فيكرّره هكذا: يسوع، يسوع، يسوع، يسوع، يسوع...يسوعي.فتهبّ موجة من الصفاء والفرح لتشيع في كيانه. ومن المستحسن أن يبقى في هذه الحال الحلوة التي انتقل إليها وألاَّ يكفَّ عن الصلاة ولو كان فرضه المحدَّد قد انتهى. وعليه أن يُبقي على حرارة قلبه ثابتة كأنه يختطفها اختطافاً، ويستغل هذه العطية الإلهية، فما هي إلاّهبة كبرى نفحه الله بها من الأعالي. وهذه الحرارة تساعد العقل مساعدة ناجعة فبتعلّق بكلمات الصلاة وينصبّ عليها انصباباً ويهبط إلى القلب ليبقى فيه.
    ومن أراد تكريس يومه كلّه للصلاة فليعملْ بنصح الآباء فيصلّي ساعة ثم يقرأ ساعة، يستأنف بعدها الصلاة ساعة أخرى. وعليه ألاَّ يتوانى عن ترديد((الصلاة))إبَّان مزاولة عمله اليدوي.
    وينصح الآباء أيضاً بوضع مناسب للجسم ليساعد المجاهد في الصلاة، وذلك بأن يجلس المصلّي، ساعات طويلة، على مقعد، مقفلاً عينيه أو مركّزاً إياهما على نقطة ثابتة. ومن الأفضل أن يثّبتهما على الصدر من جهة القلب. ويرى القديس غريغوريوس بالاماس أنّ النبي إيليا نموذج في هذا. فإنّه- كما يقول الكتاب المقدّس- قد صعد إلى رأس جبل الكرمل وخرّ إلى الأرض وجعل وجهه بين ركبتيه، وأخذ يصلي، فزال الجفاف.(الملوك الأول 18 : 42- 45 في الترجمة البروتستانتية العربية).
    أجل، يا أبتِ، إنّ النبي قد فتح السماوات بصلاته، فيما كان متَّخذاً هذا الوضع الجسماني. ونحن أيضاً نفتح السماوات بالطريقة عينها، فتهبط إلى قلبنا الجاف غيوث النعمة الإلهية.
    لقد قرأتُ بعد زمن هذه الفقرة من أقوال القديس غريغوريوس بالاماس التي ذكرها لي الشيخ الجليل في الجبل المقدَّس. وقد كتبها رداً على االفيلسوف برلعام،الذي كان يسخر من الرهبان الهدوئيين وعملهم، ويطلق عليهم بهزء لقب((حاصري النفس في صُرَّة البطن)). قال هذا الأب المتوشح بالله((إنّ إيليا نفسه الذي كان الأكمل في رؤية الله، قد أزال الجفاف، الذي ظل قائماً سنين كثيرة، وذلك حين أخفض رأسه إلى ركبتيه، وجمع عقله في ذاته ووجَّهه إلى الله باجتهاد. وينصح هذا الأب المتوشح بالله أيضاً باتخاذ طريقة صالحة تساعد المصلّي، ألا وهي تثبيت العينين فيقول((ويجب ألا تتجوّل العين هنا وهناك وإنما ينبغي أن يتركّز نظرها على الصدر أو على صُرَّة البطن، وأن تُرَدَّ إلى القلب قوةُ العقل الشاردة في الأمور الخارجية، بوضع الجسم على هذا النحو.
    وتابع الشيخ كلامه قائلاً: أما المكان فيلعب هو أيضاً دوراً هاماً في هذا. فيجب أن يتوفَّر فيه الهدوء والصفاء الخارجي. وكذلك الزمن ينبغي أن يكون مناسباً، فإن العقل تشغله عادة أمور كثيرة بعد العمل طوال النهار. لهذا ينصح الآباء أن تتمّ رياضة الصلاة العقلية في الفجر قبل طلوع الشمس بساعتين. ففي هذا الوقت يكون الجسم كلّه مستريحاً والعقل غير شارد، فتأتي الصلاة فيه بثمر كثير.
    - ما الطريقة التي يمكن أن نستعملها، ايها الشيخ، لضبط العقل في حال شروده، طالما أنه أمر كثيرة الحدوث؟
    - ثمة أيام وساعات مجدبة لأسباب عديدة، تعسر فيها الصلاة.وعمل الصلاة في هذه الأوقات مضنٍ وصعب. غير أننا إذا أصررنا على إدائه ساعدتنا النعمة الإلهية على مواصلة الصلاة والتقدّم في طريق تألهنا حسب النعمة. سأذكر لكم بعض الطرق التي تعيننا في تخطّي هذه الساعات والأيام الجدباء.
    ينبغي أولاً ألاَّ نفقد شجاعتنا، مهما كانت الأسباب. وعلينا في هذه الساعات بالذات أن نردّد صلاتنا بالشفتين. وقد يكون من إمتيازات الأقوياء المنعم عليهم، أنهم يستطيعون أن يثبتوا عقولهم بسهولة على الكلمات، وأن يصلوا بدون تلكؤ.أما نحن فضعفاء وخطأة واكتظت نفوسنا بالأهواء فغدونا في مسيس الحاجة إلى بذل كل جهد لا بل إلى إراقة دمنا فعلاً في سبيل الوصول إلى ذلك. وإذا رأينا عقلنا يشرد باستمرار ويفقد انتباهه، فليس لنا إلاَّ أن نلتمس المعونة من عند الله، كما فعل الرسول بطرس حين رأى الريح شديدة، وقد أوشك على الغرق، فصرخ إلى ربه مستغيثاً: ((يا ربّ نجني)) (متى 14: 3.).
    وإذا هبّتْ فينا ريح الهواجس والضجر، فما لنا سوى الصراخ مثل بطرس مستنجدين، فيكون لنا ماحدث له ((وفي الحال مدَّ يسوع يده وأمسك به)). أعني أنه بعد صلاة متعبة، تتبدَّد حينئذٍ، بمعونة الله، كل هذه التخيّلات التي تأتي لتشغل العقل، لأن إسم المسيح يخرقها بطريقة غير منظورة.
    أعود إلى القول إنه يجب ألاَّ يستولي علينا الذعر في هذه الأحوال، وما علينا سوى مواصلة المقاومة. ويجب أن تكون مقاومتنا من القوة بحيث تضارع شدة الإعتداء الذي يشنّه الشيطان علينا وفي ساعة الصلاة يجب ألاَّ نستقبل أيَّ فكر ولو كان صالحاً، لأنّ الأفكار الشريرة أيضاً. أعني أنّ الأفكار الصالحة إبان الصلاة تفتح الطريق للشيطان لكي يدخل ويقطع عمل الصلاة المقدّس وبذلك نسقط في خطيئة الزّنى الروحي. فإنّ الآباء يقولون: إن ابتعد العقل عن ذكر الله خلال الصلاة وشرد هنا وهناك إرتكب زنىَّ روحياً. فهو يخون الله ويرفضه. وهل هناك أعظم من خطيئة خيانة يسوع الحلو وجحده لمصلحة إبليس عدو الخير الحسود؟
    فإنّ عجزنا عن ضبط العقل وردّه عن تشتّته، بات من الضروري القيام بمزيد من الجهاد المضني. فإنّ السفينة يا أبتِ تشق غمار أليمّ بالشراع في حال هبوب الرياح، وإذا كان البحر هادئاً سهلتْ قيادتها بالمجذاف. ويحدث مثل هذا في ((الصلاة))فإنّ ملأتْ حرارة نعمة المسيح كياننا سارت ((الصلاة)) إلى غايتها بسهولة. أما إذا غابت النعمة فلا بدلنا من تجشّم مشاق التحرّك بواسطة المجاذيف أي المزيد من الجهاد. وفي هذه الحال لا بد لنا من درس كتب الآباء التي تجمع العقل وترد الفكرة من شروده. ومتى شعرنا خلال الدرس بالخشوع لنتوقّفْ عن المطالعة ونستأنف ترديد ((الصلاة)).
    هكذا يجب أن نفهم ما قيل عن وجوب قراءة كتب الآباء بقلب متأله لا بالمنطق الجاف. علينا أن نقرأ المؤلفات التي كتبت بالقلب، والقلب يقرأ هذه الكتب بارتياح. ومعنى هذا أنه يجب الجمع بين القراءة والصلاة.
    علينا أن نتلو بعض مزامير داود أو أن نلجأ إلى الترنيم أيضاً. ومن المستحسن أن نكون قد أعددنا من قبل بعض الطروباريات الخشوعية التي تذكر محبة الله وتشير إلى حياتنا في الخطيئة، وإلى الحضور الثاني للمسيح، وتنطوي أيضاً على التماس العون الإلهي الخ...ويجب أن نتلوها قراءة لا ترنيماً..أو أن نردد صلوات أخرى نظمها الآباء القديسون كالقديس إسحق السرياني. هذه كلها ينبغي في هذه الأحوال أن نتلوها بالفم كما قلت آنفاً. اما ((الصلاة)) فيجب أن تُتلى مصحوبة (بالحبل المعقود).
    ولا شك أننا نجني بعض الثمار بهذه الطريقة والقليل منها على كل حال خير من حرمان التنعّم به مهما كان ضئيلاً.
    أعود فأكرّر القول إنّ المرء في هذه الأحوال يحتاج إلى المزيد من الصبر والثبات. وقد تغدو الأفكار التي تخطر على ذهننا مفيدة في استعمالها من أجل تطهيرنا.
    - أتساعد في التطهير؟ كيف يكون ذلك؟
    - لا يكاد الشيطان يرانا ونحن نصلي ونسعى إلى تركيز الذهن على ((الصلاة)) حتى يعمل ما في وسعه لكي يحول دون ذلك. وهو يستغلّ كلّ شيء، وبخاصة الأفكار التي تشغلنا أكثر من سواها، ويضرب على وتر ضعفنا الذي يؤلمنا كثيراً فيوجّه قوسه إلى محبّ الملذات فيقذفه بأفكار شهوانية، ويصوّب سهمه إلى محبّ المال محمَّلاً بأفكار تذكي فيه الطمع. أما محبّ المجد فيصبّ عليه رشقات من سهام أفكار الهوس بالعظمة والرفعة.
    ومن الأفكار التي تجول في ذهننا خلال الصلاة ندرك ما فينا من نقاط الضعف، وما يمكن داخلنا من نجاسات، ونحسّ بمواطن الداء فنستطيع بعد ذلك أن نعيرها انتباهنا ونجاهد للخلاص منها.
    - إسمحوا لي أيها الشيخ بالتدخّل...أعترف بأني قليل الخبرة في موضوع ((صلاة يسوع)) غير أني، حين أجاهد لكي أمارسها يحدث لي ألم في الدماغ وكثيراً ما يمتد إلى القلب أيضاً من شدة التعب. فما هذا؟ وما يجب عمله في مثل هذه الحالات؟
    - إنّ وجع الدماغ والقلب يصيبان المؤمن في بدء هذا الجهاد الروحي، فيظن أحياناً أنّ دماغه سينفلق وأنّ قلبه سيتمزّق. ويزداد الوجع في الدماغ إلى حدّ يظن فيه أنه موشك على الموت. وهذا الألم طبيعي إلى حدّ ما، ومردُّه إلى عدم تعوّد العقل على ممارسة مثل هذا العمل وإلى وضع الجسم أيضاً. إلاَّ أنّ هذا كثيراً ما يكون موضع استغلال الشيطان لكي يوفق الصلاة. وفي حال وجع القلب فيجب أن يتأكد من سببه فقد يعود إلى أنه مضى في هذا العمل قدماً قبل الأوان واستعمل طرقاً لا تناسبه. عدا هذا فإنّ وجع القلب قد ساعده لأنه يمكن أن يصير سباً مباشرة لتركيز العقل على موضع الألم وقيامه بصلاة متواصلة.
    - إنّ فكرتكم هذه مقتضبة جداً وإني لأرغب في المزيد من شرحكم لها. وأريد أن أعلم على وجه التحديد لماذا ينبغي الإصرار على الصلاة فيما يكون العقل متألماً؟
    - لأنّ تطهيره يبدأ بعد ذلك مباشرة. وسيتجلّى هذا الطتهير في الدموع إذ تبدأ بالهبوط بغزارة، كالنهر المتدفق، ويتنقّى العقل وينزل إلى القلب وحينذاك يتوقّف الألم ويكفّ الإنزعاج. وهي دموع يمكنه ضبطها، ولا تفسيرها، ولم يبذل أي جهد من ذوفها.
    توقّف الشيخ عن الكلام. ولمحتُ دمعة كثيفة تتدحرج من عينيه فأضاءتْ وجهه. ودمعتْ عيناي أيضاً عفوياً، وقد حطم صوته وأفكاره النيّرة قلبي المتحجّر، تذكرتُ القديس أرسانيوس الذي كتب عنه كتاب((الشيوخ)) (الغيرونديكون) ما يلي: ((لقد قالوا إنه قضى حياته منكبّاً على عمله اليدوي وعلى كتفه قطعة من القماش يسمح بها دموعه الهاطلة من مقلتيه. ويوم سمع الأنبا بيمين برقاده اغرورقت عيناه وقال:
    ((مغبوط أنت أيها الأب أرسانيوس لأنك بكيتَ على نفسك هنا في العالم. ومن لا يبك على نفسه هنا سيبكي عليها هناك في العالم الآخر أبدياً. ولا مفرَّ من بكاء المرء سواء هنا بإرادته أو هناك بسبب العذاب)).
    وقطع الشيخ عليَّ تفكيري فقال- وهو أشبه بالخارج من بحر دموع لا تنفد- لا حاجة إلى التوقّف فوراً إذا حلّ بنا ألم. فإنّ هذه الأفكار يدسُّها الشيطان الخبيث المجرم لكي يقضي علينا. غير أنّ المجاهد في الصلاة يعلم حيل الشرير وأفكاره...والشيطان يهمس له قائلاً: ((كُفَّ عن الصلاة، وإلاّ فإنك ستتعرّض للجنون أو لداء القلب)).
    سأقرأ لك نموذجاً من كتاب((الشيوخ)). ((كان أحد الرهبان، إذا ما حان وقت صلاته، تعتريه قشعريرة وحّمى ووجع في الدماغ. فكان يقول في نفسه:ها إني مريض موشك على الموت، فلأنهض للصلاة قبل أن يدهمني الموت. وكان يرغم ذاته بهذه الفكرة ويُقبل على الصلاة. وما يكاد ينتهي منها حتى تزول الحّمى. بهذه الفكرة صمد الأخ في وجه إبليس الشرير وقاومه بالصلاة فانتصر عليه وهزمه)). لهذا يجب ممارس رياضة الصلاة)) أن يَغُضَّ النظر عن أي ألمٍ يعترضه وأن يتخطَّاه.
    - أرغب أيها الشيخ أن تفيضوا في شرح ألم القلب. فإني أعلم أنّ الآباء قد خصُّوا هذا الألم بالمزيد من الأهمية لاعتبارهم إياه طريقاً ملائماً تجتازه((الصلاة)). وإني لأطمع في أن تذكروا لي بعض أفكارهم في هذاالموضوع
    إنما قلته أنت سابقاً حقيقة لا ريب فيها، فإنّ الآباء حين انهمكوا في درس((صلاة يسوع))أ, بالأحرى عاشوا، مرّوا بهذا المقام. ولذلك أعطوه هذه الأهمية الكبرى. فلا بد أن يصيب هذا الألم على وجه التأكيد المنهمكين باستمرار بصلاة يسوع. إنهم يعلّقون عليه أهمية كبرى لأنّ حلول هذا الألم يعني أنّ العقل يهبط إلى القلب ويتم اتحاده به بفعل الروح القدس، فيشيع صفاء في النفس والجسد ويتنقى الجانب المفكّر في النفس ويمسي التمييز بين الأفكار واضحاً. وفي هذه الحال يمكننا تمييز الأفكار جيداً وندرك تطوّرها ونهايتها. وبهذا يستطيع الناسك الهدوئي أن يعرف حالة أحد الخطأة بدون أن يرتكب هو نفسه إحدى الخطايا. وهذا يحدث لأنه يعرف بعلمه الرياضي(النسكي) ذهنية الهاجس ومسيرته ونهايته.
    وثمة حقيقية واقعية في هذا الإطار وهي أنّ فعل الصلاة في قلب الناسك يجعله شديد الحساسيَّة فيسطيع أثناء صلاته من أجل شخص ما يدرك بصورة تكاد أن تكون مباشرة حالته، وهكذا يصبح بصيراً.
    ولكي أضع الأمور في نصابها أقول إنّ من أهداف((الصلاة))، كما قلتُ آنفاً، أن يُوحَّد الإنسان كله، أعني توحيد قوى نفسه الثلاث، بتركيز الإنتباه على القلب، ليشعر(القلب) في البدء بفعل الصلاة ثم يتّحد العقل والقلب معاً. فالقلب حسب رأي الآباء يشعر أولاً بحضور الله أي نعمته الإلهية ثم يحرّك العقل أيضاً. وقد عاش الآباء اختبارياً(الحياة الروحية) أولاً ثم فكَّروا إلهياً(ثيولوجياً) لكي يصونوا الحياة. وعلى هذا فإنّ القلب يشعر أولاً بحرارة حضور الروح القدس وحلاوته. ويحدث نقيض ذلك إذا غابت النعمة الإلهية عن حياة الإنسان ويتضح ذلك من جمود قلبه وبرودته. وأكرّر القول إنّ الإنسان يحبّ الله بقلبه أولاً ثم بعقله. ووصية الله جليّه((أحبب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك(لو1.: 27).
    لعلكم تعرفون أنّ المنطق غير مرفوض في الكنيسة. غير أنه من بعد السقوط أمسى عاجزاً إلى حد كبير عن إدراك الله. ولكن إذا نما الإحساس الباطني الروحي تحرَّك العقل إلى إدراكه تعالى. فالقلب إذاً يتبينَّ حقيقية حالنا إذا كنا مخطئين أو محافظين على وصايا الله. لكنّ اتحاد العقل والقلب لا يتمّ إلاّ بفعل الروح الكلي قدسه.
    ونحصل على النعمة الإلهية بالتوبة وبحفظ وصايا المسيح. أما العقل فهو يَجِدُ القلب ويتَّحد به بفعل النعمة. ولا ريب أنّ هذه خطوة هامة في سبيل((صلاة يسوع)) والتأله. ولهذا يجب على القلب البشري أن ينسحق،((فالقلب المنسحق المتواضع لا يرذله الله))
    لا ريب أنّ كثيرين يستعملون طرقاً عديدة متنوعة من أجل هبوط العقل إلى القلب، إلا أنّ التوبة آمنها وأنجعها. من المفيد جداً أن نشعر بألم في القلب بينما نبكي على خطايانا وأن نحسّ أحياناً بالحرارة تدبُّ إليه، وأن ندرك إجمالاً تحرّكه وتحسّه. غير أنّ هذا ينبغي أن يتمّ شيئاً فشيئاً، لأنّ حدوث هذا الفعل فجأة عند ذوي القلوب الضعيفة غير المعتادة على مثل ذلك قد يؤدي إلى نشوءحال من الإنحراف البسيط بدون أي تطوّرات خطيرة، لكن من شأنه أن يوقف الصلاة. تحسن ممارسة الصلاة بالشفتين في حال حدوث مثل هذا الألم. وهذا الأمر يتبيّنه على وجه التدقيق مرشدنا الروحي المتّشح بالروح. وما هذا الألم إلاّ آية كمال الصحة وهو ألم طبيعي تماماً وخلاصي.
    يظن كثير من المتنسكين أنهم قد أُصيبوا بداء القلب فيترددون على الأطباء، وهؤلاء لا يجدون عندهم أثراً للمرض، لأنّ هذا الألم هو ألم تسبغه النعمة الإلهية على الإنسان وهو دليل على أنّ الصلاة قد غارت إلى أعماق القلب حيث استقرت لتؤدي فعلها، وهي خطوة هامة إلى الأمام.
    - لقد سبق أن سمعتُ أنّ العديد من القديسين أحسُّوا((بالصلاة)) تُتِمُّ فعلها في القلب، في لحظة معطاة، وهم يشعرون بنوع أخصّ بأنّ اللحظة عطية من الله بشفاعات السيدة والدة الإله. فهل هذا صحيح؟
    - أجل. إنّ كثيرين من النساك الهدوئيين القديسين يعملون حقَّ العلم باللحظة التي تبدأ((الصلاة)) فيها بإتمام فعلها داخل القلب فيقبلون على ترديدها بصورة متواصلة حتى خلال قيامهم بأيّ عمل. وهم يشعرون أيضاً بأنّ ما حدث لهم إنما هو عطية من السيدة الكلية القداسة. وكان القديس غريغوريوس بالاماس يصلي أمام أيقونة السيدة والدة الإله قائلاً((أنيري ظلمتي)) فنال موهبة التكلّم بالإلهيات.
    ويجب أن يقال إنّ حبّنا للسيدة والدة الإله وثيق الإرتباط بحبّنا للسيد المسيح. فنحن نحب والدة الإله لأننا نحب المسيح أو أننا نحبها لكي نصل إلى حب المسيح أيضاً.
    والآباء القديسون قد عبّروا عن هذا بأجلى بيان. يقول القديس جرمانوس بطريرك القسطنطينية((لولم تكوني أنت السابقة يا والدة الإله لما تمَّ أي أمرروحي...ولا أحد مُخلَّص إلا بك يا والدة الإله)). أما القديس غريغوريوس بالاماس فقال: ((أفليست هي وحدها على الحدود بين الطبيعة المخلوقة وغير المخلوقة، ولا أحد يمكنه أن يأتي إلى الله إلاَّ بها وبواسطة المولود منها، ولا يُعطي الملائكة والبشر أيّ هبة من هبات الله إلاَّ بها؟)) فنحن ننال الكثير من العطايا بواسطة السيدة والدة الإله. وهي التي أعطتنا المسيح، أعظم هدية، أفلا تعطينا العطايا الأخرى أيضاً؟. فإذا وجّهنا إليها الصلاة فلنقل((يا والدة الإله الفائقة القداسة خلّصينا))غير مكتفين بالقول((تشفَّعي من أجلنا)).
    -لأعودنَّ إلى أمر نشأ في ذهني عند تحدّثكم عن اتحاد القلب والعقل. هل يبقى العقل في القلب بعد أن يهبط إليه؟ وفي حالة كهذه كيف يعمل الإنسان؟ وهل يمكنه أن يؤدي وظيفته...الخ؟
    - لنسجّل أولاً أنّ العقل لا يذوب ولا يزول وإنما يتكامل ويعود إلى حاله الطبيعية، وهو يكون غير طبيعي حين يكون خارج جوهره (أي قلبه). كما يطرد((بالصلاة)) كل العناصر الغربية التي تسرّبتْ إليه. ثم إنّ العقل إذا هبط إلى القلب يبقى قسمٌ صغيرٌ منه زائداً- إسمحوا لي بهذا التعبير- وبهذه الفضلة الزائدة يمكنه الإنهماك في أعمال أخرى من غير أن يؤدي هذا إلى عزل العقل عن القلب.
    نذكر على سبيل المثال أنّ الكاهن الهدوئي يمكنه خلال قيامه بخدمة القداس الإلهي أن يظلّ منتبهاً لما يقوم به في إداء الخدمة الإلهية حسب ترتيبها، أو أن يتحدّث إلى كاهن و إلى شماس عن شيء متعلّق بسر الشكر دون أن ينفصل عقله عن قلبه. ولكن إن انهمكت هذه الفضلة الزائدة من العقل بأمور غير لائقة، فقد ينتج عن ذلك فصل العقل عن جوهره فصلاً تاماً.لهذا كان أحد النساك، إذا أقبل على تلاوة((الصلاة))،يحصي عُقَدَ حبله، بحيث يشغل هذه الفضلة من عقله لئلا تُحدث له شرّاً. ولعلكم قد أدركتم أنّ الشيطان يحاول استخدام هذه الفضلة من العقل، ليشنَّ علينا حرباً هوجاء...
    miss you all

    Comment


    • #22
      رد: جبل آثوس

      4- حرب الشيطان ومجابهته


      وأما مقاومة النعاس الشديد، فتتطلّب جهاداً خاصاً. في هذا الجبل المقدّس صنع كثير من الآباء مقعداً برجل واحدة، فإذا دبَّ إليهم النعاس انقلب بهم المقعد وسقطوا معه إلى الأرض وحينذاك يستيقظون. وما هذا في حقيقة الأمر إلاَّ مظهر من مظاهر صراعهم مع الشيطان. عرفتُ راهباً وضع في قلايته إناء مملوءاً بالماء. فكان إذا نعس حمل الإناء ونقله إلى موضع آخر في قلايته. وعلى هذا المنوال كان يقاوم روح النعاس الشيطاني...
      وعلى المجاهد أن يعتبرشيخه المرشد((صورة المسيح)) وأنه لمثل موسى. وبقدرته وأدعيته سيخرج من عبودية مصر ويتحرّر من طغيان فرعون((الأهواء)) وعليه أن يُقبل على المجاهدة، متغاضياً عن نقاط الضعف عند شيخه، وهي التي يضخُمها له الشيطان. وعليه أن يرى ما يبدي من حب لله وما يتحلّى به من نبيل المناقب. وإذا حدث أن تبينّ صدفةً أنّ لشيخه خطايا كثيرة وأهواء متعدّدة فعلية أن يتجنَّب انتقاده وليعتبرْ خطايا شيخه المرشد، خطاياه الشخصيّة. وليذرف الدمع الكثير بسببها.
      وقد شرح القديس سمعان اللاهوتي الجديد هذا السلوك بأجلى بيان بقوله: ((إذا كنتَ مقيماً في دير جماعي للإخوة، فلا ترغبنَّ في اتخاذ موقف الأب الذي قص شعر رأسك(شرطنك راهباً) حتى لو رأيته يزني أو يسكر، ولا ضد أمور الدير التي يبدو لك أنها تجري بطريقة سيئة. وليس هذا فقط بل عليك ألاّ تقف موفقاً مضاداً حتى لو وبَّخك وأهانك وتعرّضتَ للكثير من المضايقات. ولا تجلسنَّ مع الذين يشتمونه ولا تسلكنَّ مع المتآمرين عليه. واصبر عليه حتى النهاية ولا تشغلنَّ فكرك في سيئاته. وَضَعْ في قلبك ما يفعل من أعمال خيّرة، وألزمْ نفشك بتذكُّرها وحدها فقط. وأما ما تراه من أمور غير لائقة، أو شرور تصدر عنه سواء كانت بالفعل أو بالقول، فهذه سجّلْها على نفسك واعتبرها خطايا ارتكبتها أنت وتُبْ ذارفاً الدَّمع. واحسبْه قديساً والتمسْ دعاءَه)).
      يُطلب منه هذا ليمتنع عن انتقاد شيخه. لأنّ هذا الإنتقاد من شأنه أن تزول معه الطاعة والإتضاع. والإتضاع أساس الطاعة وغايتها النهائية. فإذا زال تعذّر الخلاص.
      سألته: هجمات شخصيَّة؟ ما هذه الهجمات وماذا تعنون بها؟
      - هنا أسألك أن تدعني أكمل حديثي. فإنكم لا تستطيعون أن تفهموني. وقد يبدو لك ما أقوله مدعاة للإستغراب لأننا لا ندرك الحياة النسكية.
      - أيها الشيخ، إني لفي لهفة إلى المعرفة. فأسألك بإسم يسوع المسيح أن تعلّمني. فقد وجدتُ الآن مبتغاي وأودّ ألاّ أظل في الحرمان. قلْ لي...
      قلتُ هذا وقد شعرتُ بما يعترضه من صعوبة. فماذا كان يمكن أن يقول لنا نحن الذين لنا ملابس جلدية للمنطق؟
      - لن أقول لكم أموراً كثيرة. وسأكتفي ببعضها...تُسمع أصوات وضحك، ومشادات كلامية عنيفة خارج القلاية..كأنّ المكان مزدحم بالناس. وما ذلك إلاَّ ليصرف الشيطان انتباه المجاهد عن ((الصلاة)). وكثيراً ما يقترب منه فيشعر برعب رهيب ويستحوذ على نفسه وجسده ألم شديد لا يقاس بما يصيب المرء من خوف في حضور المجرمين. لأنّ الجحيم بكامله يقترب منه. ويتخذ الشيطان أشكال حيوانات متنوعة لكي يخيفه. وفي سيرة القديس سابا نجد الشيطان يتشكّل في صورة أفعى أو عقرب أو أسد الخ...((وبينما كان جالساً على الأرض في منتصف الليل كان الشيطان يتشكّل أمامه في صور الأفاعي والعقارب محاولاً إرهابه. ويظهر له الشيطان أحياناً أخرى بشكل أسد مرعب يهدّده بالإفتراس. ويظهر الأبالسة في ظروف أخرى وهم يحملون بأيديهم ناراً ويهدّدون المجاهد بالحرق)). وقد ذكر القديس سمعان حادثاً مماثلاً فقال: ((كانوا واقفين بعيداً عني ويحاولون أن يخيفوني، ويحملون ناراً بأيديهم ويهددوني بالحرق. وكانوا يصرخون بأصوات عالية وهم يحدثون قرقعات...)).
      ويحدث أيضاً أنّ الناسك يشعر بيدين تستعدان لخنقه فيما يكون جالساً على مقعد وهو يردد((صلاة)) يسوع، فتقبضان على عنقه بشدة لتمنعاه من متابعة((الصلاة)). فإذا به يشرع فيها قائلاً: يا رب..ويصعب عليه الإنتقال إلى ذكر إسم((يسوع)) الخلاصي. فيتمتم ببطء-: ي...س..و....ع...وما يكاد أن يكمل حروف هذا الإسم الكريم بعد جهد حتى يختفي الشيطان.
      ويأتي إليّ رهبان أديرة مختلفة ويذكرون لي أنّ الشيطان يشنّ عليهم هجمات جماعية ليخيفهم ويرعبهم، وعلى وجه التحديد فيما يستعدون لصلاة السهرانية(الأغربينا).
      - ماذا تقصد بالهجمات الجماعية؟
      - إنه يهاجم في الوقت عينه راهبين أو خمسة أو عشرة ويحاول خنقهم أو إحداث أي ضرر لهم. وقد حصل أنَّ راهباً حلَّ به رعب شديد، فهرب من القلاية ووقف مذعوراً أمام قلاية الشيخ المرشد ينتظر نهوضه من النوم. لهذا لا يستطيع الناس العالميون أن يفهموا ما لصلاة الأغربينا من قيمة. فإنها تحرق الشيطان الخبيث وتسحقه. أما هو فيعمل كلّ ما وسعه لكي لا يتمّ ذلك لأنه يعلم أنّ ممارسة الصلوات طول الليل تضربه ضربة قاصمة.
      والشيطان يوحي بأفكار إلى صحفيين وسواهم لكي يحولوا دون تحقيق هذه الصلوات. لهذا أرجوا منكم أن لا تهملوا إقامة سهرانيات كثيرة في الأبرشبة التي تؤدّون فيها خدمتكم الكهنوتية، فإنهم وسيلة ناجعة لمقاومة الشيطان.
      - نحن، أيها الشيخ، خطأة إلى حد أننا لم نعد نشعر بهذه الهجمات التي يشنّها الشيطان علينا. وطالما أنه يعتبرنا له وقد أمعنّا كثيراً في الخطيئة، فلمَ يهاجمنا..؟
      - أتسمح لي بأن أسدي إليك نصيحة؟
      - بالتأكيد، ولستُ لأسمح لكم بذلك وحسب بل إني أتوسّل إليكم أيضاً...
      - لا تقولوا هذه الفكرة: إنكم خطأة وإنّ الشيطان لا يهاجم شخصياً، لأنها فكرة مُضِلَّة قد يستغلّها الشيطان ضدكم.
      - كيف؟
      - إن قلتَ إنك غير مستحق بسبب الخطيئة قد يستغل الشيطان ذلك فيها جمك شخصياً لأنه يسمع ما تقول. فإذا قمتَ بعمل صالح أو بممارسة إحدى الفضائل قد ينتهز هذه الناسبة للظهور لكي يثير لك معناه أنك ذو شأن، ويوسوس لك بالكبرياء وحب المجد الفارغ...
      إنحنيتُ بسرعة بدون أن يحس بي جيداً، وقبضتُ على يده وقبلتُها بمحبة واحترام، تقديراً مني لما يتحلّى به من حكمة روحية إكتسبها بعد المجاهدة طوال سنين...
      واستأنف الشيخ حديثه قائلاً: إنّ الشيطان كثيراً ما يظهر للمجاهد ويكلّمه ويتحدّاه لكي يجرّه إلى محادثته، فيتّهمه تارة، ويمدحه طوراً ويهزأ به حيناً، ويفسّر له بعض الحوادث تفسيراً خاطئاً حيناً آخر. الخ..أما عديمو الخبرة في هذا الجهاد الروحي فإنهم يشرعون في محادثة الشيطان، ويردّون على أسئلته وإهاناته. لكنّ هذا ضلال، وبخاصة عند المبتدئين( من المريدين) لأنّ عديمي الخبرة في مثل هذه الأحوال يصابون بالهزيمة، حتى ولو بدا لهم أنّ الشيطان قد ولّى أمام معارضتهم. وتخلّف هذه المحادثة في نفوسهم إضطراباً وخوفاً. وإذا تذكّروا بعد زمن ها المشهد وما جرى فيه من حديث مع الشيطان إعترتهم قلقلة واضصراب. وينصح الآباء القديسون أولئك الذين تنقصهم القدرات اللازمة ولا تتوفّر فيهم شروط الأهلية الواجبة ..بأن لا يردّوا على الشيطان. وأن يواجهوه بعدم الإكتراث ويحتقروه. ويجب أن يقفوا منه هذا الموقف في حرب الهواجس أيضاً. فالمطلوب إذا هو احتقار الشيطان وفي الوقت عينه الإصرار على مواصلة((صلاة يسوع)).
      وبعد برهة صمت إستأنف قائلاً:
      - يلزم في كلّ هذه التجارب أن نصرّ على مواصلة((الصلاة))،وأن نكون إجمالاً في هذه حال صلاة.وعندما نقول حال صلاة فإنما نقصد بها صوماً هادفاً وسهراً للصلاة (أغربينا) ومشقّة جسدية، وصمتاً. وكل هذه يجب أن تتمّ في مناخ الطاعة. وأن نحققها مقرونة ببركات مرشدنا الروحي.
      قلتُ: لَمِ ترتبط الرياضة الجسدية(أي الصوم والسهر والصمت والمطانيات) بالصلاة ارتباط وثيقاً إلى هذا الحد، وتُعتبر حال صلاة؟
      - إنّ الجسد يشارك في عمل الصلاة. وبما أنه هو أيضاً ينال النعمة الإلهية لذلك يجب أن يجاهد. وعدا هذا، فإننا بالرياضات والآلام ننشى الشروط االلازمة لنوال النعمة الإلهية.
      والقديس غريغوريوس بالاماس يذكر حالة سر الكهنوت لكي يؤيّد هذه الحقيقة. فيقول إنّ النعمة الإلهية تنتقل إلى الشماس(المرشح) أو إلى الكاهن أوإلى الأسقف، في سر الكهنوت((ليس بطريق الصلاة التي تتلى بالذهن وحسب بل أيضاً عن طريق الجسد الذي يشترك بواسطة اللمس)). ويقصد بذلك أنّ رئيس الكهنة لا يكتفي بالصلاة من أجل أن تحلّ النعمة الإلهية المحيية وإنما يضع يده أيضاً على رأس المتقدّم للشرطونية(الرسامة). وهذا عينه يحدث في ((صلاة يسوع)). فلا يكفي أن نردّد الصلاة بالذهن لكي ننال النعمة وإنما يجب أن يشترك الجسد أيضاً لأنّ الإنسان مؤلف من نفس وجسد والجسد يجب أن يخلص أيضاً،ولذا فإننا باستنادنا إلى الآباء نستطيع أن نؤكد أنّ من يرفض مبدأ الصلاة: الورع والدموع، الوجع والتنهد والصمت، ينكر كيان الصلاة نفسه.وأكرّر القول إنّ كل هذه يجب أن تتمّ ببركات مرشدنا الروحي لكي لا يستغلَّها الشيطان.
      حدّثت نفسي..((إنّ هذه المجاهدة عسيرة ..)) ووجّهتُ الكلام إلى الشيخ قائلاً: إنّ عمل الصلاة كما شرحتموه لي صعب. وطالما أننا معرّضون لهجمات ضارية إلى هذا الحد من جانب العدو، وتصدمنا أمواج الشرير العاتية حاملة إلينا شرور مملكته الشيطانية، فكيف يقوى المرء على مقاومتها؟
      miss you all

      Comment


      • #23
        رد: جبل آثوس

        عفكرة انا كتير سمعانة باسم هالجبل بس هي أول مرة بقرأ هالمعلومات عنو ..
        شكرا كتير ام الرور عهالمعلومات القيمة ...
        إنها قاعدة من قواعد حياة الإنسان، أكيدة كقاعدة الجاذبّية: لكي نعيش الحياة بملئها علينا أن نتعلم كيف نستعمل الأشياء و نحب الإنسان...لا أن نحب الأشياء و نستعمل الإنسان..

        Comment


        • #24
          رد: جبل آثوس

          يسلمو إيديكي أم الرور
          فعلاً الكتاب حلو كتير
          و أنت منقّية مواضيع كتير مهمة منو
          الله يبارك تعبك رولا
          الله يبارك تعبك
          عبر الدهور و الأجيال تاريخ مملوء
          بقديسين و شهداء بحبه يماتون
          نحن لهم مدينون فقد علمونا
          لا أحد يقلب التاريخ مثل يسوع

          Comment


          • #25
            رد: جبل آثوس

            ميرسي كتير ألين وريم على مروركن ...بركة الرب تكون معكن و يا ريت تضلوا متابعين إسا في كتير الرب معكن
            miss you all

            Comment


            • #26
              رد: جبل آثوس

              تسلم إيدكي رولا
              Delight yourself also in the Lord, and He will give you the desires and secret petitions of your heart

              !! Brothers and will stay until death !!

              Comment


              • #27
                رد: جبل آثوس

                و إيديك أبو الغاب شكراً لمرورك ...الرب معك
                miss you all

                Comment


                • #28
                  رد: جبل آثوس

                  5- مَجِيء النِّعمة وَتَوَارِيها

                  أرى من الواجب أن أزيد في توضيح هذه النقطة. إنّ النساك يعرفون خبث الشيطان، ويعرفون أيضاً هزيمته وضعفه. يعملون بالخبرة حقد الشيطان، لكننهم يعرفون أيضاً معرفة جيدة إحسان وحبّه للإنسان حباً كليّ الحلاوة. وفي هذه الحرب يتفوّق إحسان المسيح وحبّه للإنسان. فإنّ الرب يأتي إلى النفس رويداً رويداً، وكلما زاد اقترابه منها زادها نعمة وفرحاً. فبعد كل معركة تجيء إلى النفس نعمة إلهية: فرح وسكينة وصفاء، وهي نعمة غير مدركة، يعجز البيان عن وصفها.
                  قال القديس غريغوريوس السينائي إنّ المبدأ الحقيقي للصلاة حرارة قلب تحرق الأهواء، وتنشىء في النفس بِشْراً فضلاً عن الفرح)). إننا لنشعر بهذا جيداً، لأننا نعيش حالة لم تكن لنامن قبل، تهدأ فيها كل الأمور داخلنا ويسودها السكون. أما((صلاة يسوع)) ((يا ربي يسوع المسيح إرحمني)) فتصير تمجيداً(ذوكصولوجية) ((المجد لك يا الله)). حينذاك نواظب بنوع أخص على ترديد إسم يسوع، لأنّ ((يسوع يكون ههنا)) (يو 11: 28).
                  وذكراسم يسوع بالعقل المتركز في القلب يتم برغبة شديدة وبدون جهد. وهو في كل مرة يُذكر فيها يحلّي القلب، ونشعر برغبة ملحَّة في أن نخسر هذه الساعة الإلهية، ونحنُّ إليها غاية الحنين.
                  إنّ شيخي الدائم الذكر كان يقضي ست ساعات مردّداً((صلاة يسوع)) ولكنه كان يقول إنه لم يقضِ في هذه الصلاة سوى ربع الساعة...وفيها يأتي الفرح متدفّقاً كالأمواج، وحينذاك يدق القلب دقاً. وقد تكلّم كثيراً من الآباء عن وثبة القلب هذه.
                  - إني أذكر أيها الشيخ أنّ البار نيقوذيموس أيضاً يشرح على هذا المنوال صلاة السيدة العذراء الكلية القداسة: ((تعظّم نفسي الربّ، وتبتهج روحي بالله مخلّصي)).
                  فقد تذكّرتُ فعلاً في تلك اللحظة تعليم القديس نيقوذيموس حيث يقول: ((ذاك يبتهج، من يثب قلبه ويقفز ويرقص من الفرح الممتد، البالغ أقصى غايته، فهو يتحمّس بطريقة ما ولهذا يسمي الآباء الصحويون هذه البهجة رقصة القلب أو وثبته، من فعل النعمة الإلهية ويضيف القديس نيقوذيموس قائلاً((إنّ قلبك يرقص إذا أرادت النعمة أن تفتقدك وكلما شاء الروح القدس أن يُجري فعله سرّياً داخل نفسك، خلال الصلاة الشريفة المسمّاة بالصلاة القلبية)).
                  وتحدّث العديد من آباء كنيستنا عن وثبة القلب ورقصه. نذكر على سبيل المثال القديس غريغوريوس بالاماس، الذي قال((...إنّ رقص القلب أشبه بمن يثبون بحماسة المحبة للخير، ويعتبر باسيليوس الكبير وأثناسيوس العظيم أنّ هذا هو آية النعمة)).
                  - أجل- قال الناسك القديس ذو الخبرة الواسعة – إنّ الأمر لكذلك. فإنّ نعمة المسيح تأتي إلى قلبنا بعد جهاد بطوليّ مرير مفعم بالألم فتضفي عليه السكينة والصفاء. لكنها لا تأتي إلى كل شخص بالطريقة عينها. الأمر يتوقّف على تقدّم المرء روحياً، وعلى فعل الروح القدس، الذي يفعل كما يشاء ما هو موافق...((إنّ بدء النعمة يتجلّى في الصلاة للبعض بصورة متفارقة وتوزيع الروح يتمّ بطرقٍ كثيرة...ويّشاهَد ويُعرف حسبما يشاء هو)) مثال ذلك إيليا النبي. فقد أحسّ بروح عظيم قدير يبدّد الجبال، عقبه زلزال، وحفيف نسيم لطيف((وهناك كان الربّ)).

                  ويشرح البار غريغوريوس السينائي هذا فيقول((إنه يأتي كروح خوف إلى البعض، وبخاصة إلى المبتدئين، يبدّد جبال الأهواء، ويسحق القلوب المتحجّرة القاسية(يعني توبة ودموعاً يذرفها المرء بسبب حياة الخطيئة التي سبق له أن عاشها في ما انقضى من عمره) أما المتقدّمون فيأتي إليهم كزلزال يعني ابتهاجاً(وهذا هو الرقص الذي ذكرناه آنفاً)وإلهاباً محرقاً للقلب. وهو يأتي أيضاً إلى الأكثر تقدماً كنسيم لطيف((يشيع سلام نور)).
                  فالمبتدئون يتقبّلون بعض أفعال النعمة. أما المتقدّمون فيحظون بملء النعمة. سأقرأ لك هذه الفقرة من أقوال البار غريغوريوس:
                  ((..على النمط الذي ظهر فيه لإيليا التسبيتي يظهر فينا أيضاً. فيأتي إلى البعض روح خوف، مُبدّداً جبال أهواء، ساحقاً صخوراً هي القلوب القاسية بحيث يجعل المرء يستمر متجمّداً من الهلع، ويمسي الجسد مائتاً. ويأتي أيضاً إلى آخرين كزلزال عنيف، يعني ابتهاجاً(وهو ما دعاه الآباء رقصاً) يُستقبل في أعماق الذات قبل كل شيء وهو غير مادي وجوهري. لأنّ ما ليس جوهر ولا كيان هو أيضاً موجود. وأخيراً يفعل الله سرياً حين يظهر بالروح في آخرين وبخاصة المتقدّمين في الصلاة كنسيم لطيف((يشيع سلام نور))، ولهذا قال الله إيليا في جبل حوريب إنّ الربّ ليس هنا أو هناك في بعض الأفعال (الإلهية) التي تُعطى للمبتدئين وحسب بل في نسيم نور، لطيف أيضاً، مبيّناً بهذا الجانبَ الكاملَ في الصلاة)). ومعنى هذا أنّ جهاد شخصي، وما نُظهر من اتضاع.
                  - فهل تأتي النعمة إذاً ثم تذهب من جديد؟
                  - أجل. إنّ النعمة تأتي وتذهب لكي تأتي من جديد، ثم تتوارى. الله يَرسل نعمته ثم يستردُّها. وفي بدء هذا الجهاد العقلي تكون المسافات التي تفصل بين استرداد النعمة وعودتها أكبر. إلاّ أنّ المسافة تقصر بعد الرياضة لفترة طويلة. والمجاهد يعرف هذا الإفتقاد المتعدّد من جانب النعمة واختفاءاتها.
                  - لكن...لماذا يحدث هذا؟ وما الغاية من مجيئها ثم ذهابها؟
                  - تأتي النعمة لتعزية المجاهد وإسعاده. ثم تذهب لتتوفّر له إمكانية التمثل والطلب والتذلّل. أعني لكي يدرك المجاهد أنّ ما حدث هو عطية إلهية، وأننا بالتالي غير مستحقين تماماً لقبولها. وكثير من الرهبان يعرفون جيداً((لعبة النعمة)) هذه من اختباراتهم، وقد تدوم سنوات طويلة بين مجيء وذهاب. ففي الحالة الأولى تعزّز النعمة الإلهية الراهب بمجيئها، وتفعم نفسه بتعزية إلهية، وكأنها تقول له((ها إني هنا)! وفي الحالة الثانية تذهب النعمة لكي يتمثّلها. وهذا هو العمل الأصعب. ويحتاج إلى جهد كثير وصلاة حارة لكي يتمثّل المرء النعمة التي نالها. لأنّ ثمة حالات تلقّى فيها بعض الرهبان النعمة الإلهية ولكنهم سرعان ما رفضوها. أفلم يحدث هذا الأمر عينه للرسول بطرس؟. فلقد تلقَّى على جبل ثابور نعمة غزيرة إلا أنه لم يكن حتى ذلك الحين جديراً بتمثُّلها. فانتهى به الحال على إنكار المسيح.
                  إنّ مرحلة التمثُّل هذه مرتبط بطلب مؤلم. فالمجاهد يدرك الآن أنّ النعمة موجودة(بظهورها) وهذا ما يدفعه إلى طلبها من جديد، باكياً. إنه ينتحب كطفل يفتّش عن أمه المتوارية.
                  ((أين أنتَ، يا نوري؟
                  أين أنتَ يا فرحي؟
                  لَم تركتَني وقلبي يتألم؟
                  لَم تواريتَ عني ونفسي تنتحب؟
                  عندما جئتَ إلى نفسي أحرقتَ خطاياي.
                  تعالَ الآن أيضاً إلى نفسي
                  وأحرق خطاياي منم جديد،
                  خطاياي التي أخفتك عني
                  كما تخفي الغيومُ الشمسَ.
                  تعالَ إليَّ، وأبهجني بحضورك.
                  لَم تبطىء يا رب؟
                  أنت ترى أنّ نفسي تشقى مكدورة
                  وأني أعود إلى طلبك بعبرات
                  فأين تختفي؟
                  وكيف لا تراك نفسي
                  وأنت الحاضر في كل مكان.
                  إني لأطلبك بقلب قد أناخ عليه الألم بكلاكله.
                  هكذا كانت العذراء الكلية الطهارة مع يوسف
                  يفتشان عنك يوم كنت غلاماً فتياً. وقد أضناهما الحزن.
                  ترى بماذا فكّرت إبَّان حزنها
                  حين لم تعثر على ابنها الحبيب؟..))


                  غضب القديس سيرافيم ساروف على أحد الإخوة وحزن، ففارقته نعمة الله. فاستفدح الحرمان منها واعتبره أعظم كارثة حلَّت به وحينذاك فقط عرف عذاب آدم ونحيبه لفقده الإتصال بالله وخروجه من الفردوس. وأقام القديس سيرافيم على صخرة لزمها ألف يوم وألف ليلة، يتضرّع طالباً النعمة الإلهية. ولم ينزل عنها إلاَّ بعد أن استعاد النعمة .
                  وتابع الشيخ الروحاني كلامه قائلاً:
                  - يتبينّ من هذا أنّ النعمة تنكفىء لكي تتيح للقلب أن يحب حباً أكثر، ويتعطّش تعطشاً أشد بعد خبر حلاوة النعمة وعرف ما يخلّفه غيابها من فراغ. وبعد أن تذوّق أيضاً مرارة الخطيئة يعود إلى طلب النعمة من جديد، فلا يحدث ذلك عنده شعوراً بالخيبة أو نقصاً في الإيمان ويجب أن أضيف إلى هذا أنّ النعمة الغزيرة بعد أن تكتنف العقل، وتقوده إلى الجذب، سرعان ما تفارقه(وبخاصة في البدء((لكي لا يموت)) ويكون أشبه برضيع قد أسرَف في الطعام وتقيّأه. هذا ما يقوله القديس سمعان: ((حينئذٍ بعد أن تكتنف(النعمة) العقل فجأة لوقت قصير تخطفه إياه إلى حال جذب، ثم تتركُه بسرعة- لكي لايموت- بحيث لا يفهم شيئاً مما حدث بسبب السرعة القصوى ولا يتذكّر جمالاً أبصره، ولا يحتويه لئلا يأكل وهو رضيع غذاء الرجال الكاملين فيصاب فوراً بانهيار أو يتضرّر ويتقيَّأ فإنها(النعمة)من ذلك الحين ترشد وتقوّي وتعلّم آتية ومغادرة، فنحتاج إليها. لكنها لا تأتي لعوننا متى أردنا نحن- فإن هذا للكاملين – بل عندما نعجز وننهارتماماً فتشرق من بعيد وتجعلني أحسُّ بها في قلبي)).
                  إنّ لمجيء النعمة وذهابها ميزة خلاصية أيضاً. فهي تأتي قليلاً فتطهّر الإنسان من أحد الأهواءثم تذهب. ولكنها تعود من جديد لتطهّره من هوى آخر. وتظل تعمل على هذا المنوال إلى أن يتمكّن المرء بمساعدة النعمة الإلهية المحيية من تطهير الجانب الإنفعالي في النفس وبعد جهد كثير وتضحيات عديدة تحين اللحظة التي فيها تثبت النعمة تقريباً في القلب فيغمره صفاء مستديم. وسكينة غير منقطعة، وشعور بالحلاوة أبدي. فإنّ جبل ثابور يكون في النفس..السماءعلى الأرض... ملكوت يملأ القلب...الثالوث القدوس داخلنا...الإنسان حسب صورة الله ومثاله!...
                  تأملتُ في ما بلغه حب الله لنا، ذلك الحب العظيم!. لقد قرأتُ أخيراً في كتاب روحي ما يتفق وكلام الشيخ، وقد جاء فيه ما يلي: ((ما لم تختبر بنفسك أفعال الشيطان وحبائله وهجماته فإنك لن تدرك لا بل إنك لن تقْدُر إحسانات الروح المعزي التي يمنحك إياها. وما لم تعرف الروح الذي يقتل فلن تعرف الذي يُحيي. ولن تعرف المسيح معطي الحياة معرفة حقه)).
                  ما أعظم حب المسيح لنا! فإنه يعرف مؤامرات الشرير ويعلم كيف يستعملها للخير. فهو يستخرج من المرّ حلاوة ويحوّل حقد الشيطان إلى حبّ لله. وبهذا ندرك أنّ الشيطان، مهما فعل، فسينتهي أخيراً إلى هدم ذاته. ولا ريب أنه يحارب الناس. أما الله فيدعه حراً لأنه شخص وهو بالتالي ذو حرية يحترمها الله، إلا أنّ الله بحبه وإحسانه للبشر يحدّ من عمل الشيطان الهدَّام.
                  سمعتُ ذات يوم ناسكاً يقول إنّ الله يحوّل بحبّه القليلَ من الكبرياء إلى اتضاع يجذب نعمته الإلهية. وهذا يعني أنّ المسيحي إذا تكبّر حلّ به السقوط تواً. فإذا تقبّل النعمة الإلهية بعد السقوط تاب واتضع أكثر. وهكذا يطهّر ذاته تدريجاً من خطيئة الكبرياء الشيطانية الدنسة. وبهذا يمكننا القول من جديد إنّ الشيطان يهدم ذاته ويتلاشى.
                  بعد هذا وقف الشيخ وقال:
                  - لقد حانت ساعة صلاة المساء. فهيَّا بنا لنتلو الصلاة بالحبل المعقود( كومبو سيخني) إذهبْ إلى تلك الغرفة وصلّ مردّداً الصلاة إلى أن أدعوك لكي نستأنف الحديث. يجب ألاَّ ننسى ((صلاتنا ))الصغيرة أبداً.
                  دخلتُ القلاية التي أشار إليها. أصعدني إلى مكان عال جداً. وقد أحسن صنعاً حين كفَّ عن المسير فوجدتُ الفرصة مؤاتية لي لكي أستريح. وكانت القلاية عبارةعن غرفة ضيقة جداً كسائر قلالي الجبل المقدّس(آثوس). وكان في داخلها سرير صغير خشن مصنوع من بعض الألواح الخشبية المستندة إلى رجلين خشبيتين. وكان فوق الألواح غطاء(بطانيَّة). وليس فيها شيء يذكّرنا بالعالم. وكان في داخل القلاية أيضاً طاولة صغيرة عليها قنديل كاز إسودّتْ بلورته، ومقعد صغير يستخدمه الراهب أثناء الصلوات الليلية المتواصلة لفترة طويلة. وقد عُلّقتْ على الجدار أيقونة للسيد المسيح وإلى جانبها أيقونة للسيدة والدة الإله التي يحبها رهبان الجبل المقدس بنوع خاص. وهي قائدة الجبل وحاميته وسيّدته.
                  ولا بد أن نذكر أنّ من المتممات الضرورية للقلاية بعضَ العناكب وبخاصة في زوايا الغرفة. وأنَّى للشيخ أن يجد ساعة من الوقت يخصّصها للتنظيف الدقيق؟.
                  وما كدتُ أدخل القلاية وأجيل فيها نظري بسرعة حتى سقطتُ على أرضها فأحدث سقوطي دوياً. وضممتُ كفيَّ وأسندتهما إلى أرض القلاية، ووضعتُ رأسي فوقهما. وأخذتُ أردّد((صلاة يسوع))تارة بتمتمة وطوراً بقوة. وكنت أردّد ((الصلاة))كاملة، مع التشديد أحياناً على كلمة((يا ربي)) وعلى إسم يسوع أحياناً أخرى، وعلى لفظ المسيح، أو على عبارة((إرحمني )) وذلك بقصد تركيز عقلي جيّداً في ((الصلاة))...
                  لم أعرف كم مضى عليَّ من الوقت وأنا منطرح على أرض القلاية. فإنّ الزمن يتوقف في هذه الساعات...كنت أتأمل في خطيئتي، وفي حضوري بين آباء قديسين متألهين، فإبكي. وقلتُ من أعماق قلبي قولاً للقديس يوحنا الذهبي الفم، الذي أساء فهمه البعض ظانين أنه أراد به أن لا يسكن الرهبان الأديرة: ((طوبى لكواكب المسكونة، لأنّ غرفتهم نقية خالية من كل ضجة، ونفسهم مُصفّاة من كل هوى، ومتحرّرة من كل مرض. وهي رقيقة، خفيفة، وأنقى بكثير من هواء عليل. أما العمل عندهم فهو ما كان لآدم في البدء قبل الخطيئة، يوم كان متسربلاً المجد ويكلّم الله بدالّة، مقيماً في ذلك المكان المفعم غبطة)).
                  بعد مروروقت غير قليل سمعتُ صوت المريد يخبرني أن الشيخ ينتظرني لاستئناف الحديث. فعدتُ من جديد إلى الناسك المعتزل وفي نفسي مزيج من آيات الفرح والحزن بسبب قطع صلاتي.
                  سألني: كيف بدا لك هذا التوقُّف.
                  فقلتُ: لا أستطيع أن أكلّمكم وأن أجيب على سؤالكم...(من يدري. فلعله كان يصلي من أجلي فقط إبَّان وجودي في القلاية. فحدث في نفسي من أثر ذلك ما بدا عليّ من إنسحاق).
                  قلتُ بعد لحظات:
                  - لقد أحسستُ بصفاء يهيمن على نفسي، وبشعورمن الأسى بسبب الخطيئة. وقد امتلأتُ في الوقت عينه فرحاً لأجل محبة يسوعي. أجل إنّ يسوع يحبني حباً جماً، فوق ما كنت أظن. ويخيل إليّ أنكم تشعرون دائماً بمثل هذا، وقد يكون نتيجة افتقاد نعمة المسيح، التي تأتي بقوة بعد سنوات طويلة من الصعود إلى جبل يسوع، وبعد ترديد((الصلاة)). الحاملة الحياة، ترديداً متواصلاً.
                  - إنّ الأمر لكذلك. لكنّ ثمرات((الصلاة))، هي من الكثرة بحيث يتعذّر على المرء إحصاؤها كلّها. فإنّ((الصلاة)) أشبه بشجرة مثقلة بثمار في غاية من الحلاوة، والواحدة فيها خير من الأخرى.
                  - أعطني أنا المحروم من النعمة الإلهية بعض هذه الثمرات من ثمار((البرية الممتلئة نعمة))... ، قم من أجلي بعمل قطاف روحي، لكي أعرفها على الأقل...
                  miss you all

                  Comment


                  • #29
                    رد: جبل آثوس

                    أم الرور
                    كلمات الشكر ما بتكفي
                    على هالوجبة الروحية الدسمة
                    ** ** ** ** **
                    خصوصا ً كتابات المطران إيريثيوس فلاخوس
                    و الكتاب الرائع : أمسية في برية الجبل المقدس آثوس


                    ملاحظة : أنا .. بلييييييييز بدون جدالات .. أنا بحط رأيي أو معلومة و بسسسس


                    مــــــواضــــيـع

                    Comment


                    • #30
                      رد: جبل آثوس

                      شكراً على مرورك و عنجد هالكتاب الرائع صرت قراينتو 3 مرات و كل مرة بقراه بستمتع أكتر من اللي قبلا عنجد روعة و يا ريت الكل يقرا هالكتاب الرائع الرب معك أخي جوجو
                      miss you all

                      Comment

                      Working...
                      X