• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

Announcement

Collapse

قوانين المنتدى " التعديل الاخير 17/03/2018 "

فيكم تضلو على تواصل معنا عن طريق اللينك: www.ch-g.org

قواعد المنتدى:
التسجيل في هذا المنتدى مجاني , نحن نصر على إلتزامك بالقواعد والسياسات المفصلة أدناه.
إن مشرفي وإداريي منتدى الشباب المسيحي - سوريا بالرغم من محاولتهم منع جميع المشاركات المخالفة ، فإنه ليس بوسعهم استعراض جميع المشاركات.
وجميع المواضيع تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا يتحمل أي من إدارة منتدى الشباب المسيحي - سوريا أي مسؤولية عن مضامين المشاركات.
عند التسجيل بالمنتدى فإنك بحكم الموافق على عدم نشر أي مشاركة تخالف قوانين المنتدى فإن هذه القوانين وضعت لراحتكم ولصالح المنتدى، فمالكي منتدى الشباب المسيحي - سوريا لديهم حق حذف ، أو مسح ، أو تعديل ، أو إغلاق أي موضوع لأي سبب يرونه، وليسوا ملزمين بإعلانه على العام فلا يحق لك الملاحقة القانونية أو المسائلة القضائية.


المواضيع:
- تجنب استخدام حجم خط كبير (أكبر من 4) او صغير (أصغر من 2) او اختيار نوع خط رديء (سيء للقراءة).
- يمنع وضع عدد كبير من المواضيع بنفس القسم بفترة زمنية قصيرة.
- التأكد من ان الموضوع غير موجود مسبقا قبل اعتماده بالقسم و هالشي عن طريق محرك بحث المنتدى او عن طريق محرك بحث Google الخاص بالمنتدى والموجود بأسفل كل صفحة و التأكد من القسم المناسب للموضوع.
- إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع و ذكر المصدر بنهاية الموضوع.
- مو المهم وضع 100 موضوع باليوم و انما المهم اعتماد مواضيع ذات قيمة و تجذب بقية الاعضاء و الابتعاد عن مواضيع العاب العد متل "اللي بيوصل للرقم 10 بياخد بوسة" لأنو مخالفة و رح تنحزف.
- ممنوع وضع الاعلانات التجارية من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- ممنوع وضع روابط دعائية لمواقع تانية كمان من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- لما بتشوفو موضوع بغير قسمو او فيو شي مو منيح او شي مو طبيعي , لا تردو عالموضوع او تحاورو صاحب الموضوع او تقتبسو شي من الموضوع لأنو رح يتعدل او ينحزف و انما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.
- لما بتشوفو موضوع بقسم الشكاوي و الاقتراحات لا تردو على الموضوع الا اذا كنتو واثقين من انكم بتعرفو الحل "اذا كان الموضوع عبارة عن استفسار" , اما اذا كان الموضوع "شكوى" مافي داعي تردو لأنو ممكن تعبرو عن وجهة نظركم اللي ممكن تكون مختلفة عن توجه المنتدى مشان هيك نحن منرد.
- ممنوع وضع برامج الاختراق او المساعدة بعمليات السرقة وبشكل عام الـ "Hacking Programs".
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات مخالفة للكتاب المقدس " الانجيل " وبمعنى تاني مخالفة للايمان المسيحي.
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات تمس الطوائف المسيحية بأي شكل من الاشكال "مدح او ذم" والابتعاد بشكل كامل عن فتح اي نقاش يحمل صبغة طائفية.
- ضمن منتدى " تعرفون الحق و الحق يحرركم " بالامكان طرح الاسئلة بصيغة السؤال والجواب فقط ويمنع فتح باب النقاش والحوار بما يؤدي لمهاترات وافتراض اجوبة مسبقة.


عناوين المواضيع:
- عنوان الموضوع لازم يعبر عن محتوى الموضوع و يفي بالمحتوى و ما لازم يكون متل هيك "الكل يفوت , تعوا بسرعة , جديد جديد , صور حلوة , الخ ....".
- لازم العنوان يكون مكتوب بطريقة واضحة بدون اي اضافات او حركات متل "(((((((((العنوان)))))))))))) , $$$$$$$$$ العنوان $$$$$$$$$".
- عنوان الموضوع ما لازم يحتوي على اي مدات متل "الــعــنـــوان" و انما لازم يكون هيك "العنوان".


المشاركات:
- ممنوع تغيير مسار الموضوع لما بكون موضوع جدي من نقاش او حوار.
- ممنوع فتح احاديث جانبية ضمن المواضيع وانما هالشي بتم عالبرايفت او بالدردشة.
- ممنوع استخدام الفاظ سوقية من سب او شتم او تجريح او اي الفاظ خارجة عن الزوق العام.
- ممنوع المساس بالرموز و الشخصيات الدينية او السياسية او العقائدية.
- استخدام زر "thanks" باسفل الموضوع اذا كنتو بدكم تكتبو بالمشاركة كلمة شكر فقط.
- لما بتشوفو مشاركة سيئة او مكررة او مو بمحلها او فيا شي مو منيح , لا تردو عليها او تحاورو صاحب المشاركة او تقتبسو من المشاركة لأنو رح تنحزف او تتعدل , وانما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.


العضوية:
- ممنوع استخدام اكتر من عضوية "ممنوع التسجيل بأكتر من اسم".
- ممنوع اضافة حركات او رموز لاسم العضوية متل " # , $ , () " و انما يجب استخدام حروف اللغة الانكليزية فقط.
- ممنوع اضافة المدات لاسم العضوية "الـعـضـويـة" و انما لازم تكون بهل شكل "العضوية".
- ممنوع استخدام اسماء عضويات تحتوي على الفاظ سوقية او الفاظ بزيئة.
- ممنوع وضع صورة رمزية او صورة ملف شخصي او صور الالبوم خادشة للحياء او الزوق العام.
- التواقيع لازم تكون باللغة العربية او الانكليزية حصرا و يمنع وضع اي عبارة بلغة اخرى.
- ما لازم يحتوي التوقيع على خطوط كتيرة او فواصل او المبالغة بحجم خط التوقيع و السمايليات او المبالغة بمقدار الانتقال الشاقولي في التوقيع "يعني عدم ترك سطور فاضية بالتوقيع و عدم تجاوز 5 سطور بحجم خط 3".
- ما لازم يحتوي التوقيع على لينكات "روابط " دعائية , او لمواقع تانية او لينك لصورة او موضوع بمنتدى اخر او ايميل او اي نوع من اللينكات , ما عدا لينكات مواضيع المنتدى.
- تعبئة كامل حقول الملف الشخصي و هالشي بساعد بقية الاعضاء على معرفة بعض اكتر و التقرب من بعض اكتر "ما لم يكن هناك سبب وجيه لمنع ذلك".
- فيكم تطلبو تغيير اسم العضوية لمرة واحدة فقط وبعد ستة اشهر على تسجيلكم بالمنتدى , او يكون صار عندكم 1000 مشاركة , ومن شروط تغيير الاسم انو ما يكون مخالف لشروط التسجيل "قوانين المنتدى" و انو الاسم الجديد ما يكون مأخود من قبل عضو تاني , و انو تحطو بتوقيعكم لمدة اسبوع على الاقل "فلان سابقا".
- يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.


الرسائل الخاصة:
الرسائل الخاصة مراقبة مع احترام خصوصيتا وذلك بعدم نشرها على العام في حال وصلكم رسالة خاصة سيئة فيكم تكبسو على زر "تقرير برسالة خاصة" ولا يتم طرح الشكوى عالعام "متل انو توصلكم رسالة خاصة تحتوي على روابط دعائية لمنتجات او مواقع او منتديات او بتحتوي على الفاظ نابية من سب او شتم او تجريح".
لما بتوصلكم رسائل خاصة مزعجة و انما ما فيها لا سب ولا شتم ولا تجريح ولا روابط دعائية و انما عم يدايقكم شي عضو من كترة رسائلو الخاصة فيكم تحطو العضو على قائمة التجاهل و هيك ما بتوصل اي رسالة خاصة من هالعضو.
و تزكرو انو الهدف من الرسائل الخاصة هو تسهيل عملية التواصل بين الاعضاء.


السياسة:
عدم التطرق إلى سياسة الدولة الخارجية أو الداخلية أو حتى المساس بسياسات الدول الصديقة فالموقع لا يمت للسياسة بصلة ويرجى التفرقة بين سياسات الدول وسياسات الأفراد والمجتمعات وعدم التجريح أو المساس بها فالمنتدى ليس حكر على فئة معينة بل يستقبل فئات عدة.
عدم اعتماد مواضيع أو مشاركات تهدف لزعزعة سياسة الجمهورية العربية السورية أو تحاول أن تضعف الشعور القومي أو تنتقص من هيبة الدولة ومكانتها أو أن يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بزعزعة الأمن والاستقرار في الجمهورية العربية السورية فيحق للادارة حذف الموضوع مع ايقاف عضوية صاحب الموضوع.


المخالفات:
بسبب تنوع المخالفات و عدم امكانية حصر هالمخالفات بجدول محدد , منتبع اسلوب مخالفات بما يراه المشرف مناسب من عدد نقط و مدة المخالفة بيتراوح عدد النقط بين 1-100 نقطة , لما توصلو لل 100 بتم الحظر الاوتوماتيكي للعضو ممكن تاخدو تنبيه بـ 5 نقط مثلا على شي مخالفة , و ممكن تاخد 25 نقطة على نفس المخالفة و ممكن يوصلو لل 50 نقطة كمان و هالشي بيرجع لعدد تكرارك للمخالفة او غير مخالفة خلال فترة زمنية قصيرة.
عند تلقيك مخالفة بيظهر تحت عدد المشاركات خانة جديدة " المخالفات :" و بيوصلك رسالة خاصة عن سبب المخالفة و عدد النقط و المدة طبعا هالشي بيظهر عندكم فقط.


الهدف:
- أسرة شبابية سورية وعربية مسيحية ملؤها المحبة.
- توعية وتثقيف الشباب المسيحي.
- مناقشة مشاكل وهموم وأفكار شبابنا السوري العربي المسيحي.
- نشر التعاليم المسيحية الصحيحة وعدم الإنحياز بشكل مذهبي نحو طائفة معينة بغية النقد السيء فقط.
في بعض الأحيان كان من الممكن أن ينحني عن مسار أهدافه ليكون مشابه لغيره من المنتديات فكان العمل على عدم جعله منتدى ديني متخصص كحوار بين الطوائف , فنتيجة التجربة وعلى عدة مواقع تبين وبالشكل الأكبر عدم المنفعة المرجوة بهذا الفكر والمنحى , نعم قد نشير ونوضح لكن بغية ورغبة الفائدة لنا جميعا وبتعاون الجميع وليس بغية بدء محاورات كانت تنتهي دوما بالتجريح ومن الطرفين فضبط النفس صعب بهذه المواقف.



رح نكتب شوية ملاحظات عامة يا ريت الكل يتقيد فيها:
• ابحث عن المنتدى المناسب لك و تصفح أقسامه ومواضيعه جيداً واستوعب مضمونه وهدفه قبل ان تبادر بالمشاركة به , فهناك الكثير من المنتديات غير اللائقة على الإنترنت .وهناك منتديات متخصصة بمجالات معينة قد لا تناسبك وهناك منتديات خاصة بأناس محددين.
• إقرأ شروط التسجيل والمشاركة في المنتدى قبل التسجيل به واستوعبها جيدأ واحترمها و اتبعها حتى لا تخل بها فتقع في مشاكل مع الأعضاء ومشرفي المنتديات.
• اختر اسم مستعار يليق بك وبصفاتك الشخصية ويحمل معاني إيجابية ، وابتعد عن الأسماء السيئة والمفردات البذيئة ، فأنت في المنتدى تمثل نفسك وأخلاقك وثقافتك وبلدك ، كما أن الاسم المستعار يعطي صفاته ودلالته لصاحبه مع الوقت حيث يتأثر الإنسان به بشكل غير مباشر ودون ان يدرك ذلك.
• استخدم رمز لشخصيتك " وهو الصورة المستخدمة تحت الاسم المستعار في المنتدى " يليق بك و يعبر عن شخصيتك واحرص على ان يكون أبعاده مناسبة.
• عند اختيارك لتوقيعك احرص على اختصاره ، وأن يكون مضمونه مناسباً لشخصيتك وثقافتك.
• استخدم اللغة العربية الفصحى وابتعد عن اللهجات المحكية " اللهجة السورية مستثناة لكثرة المسلسلات السورية " لانها قد تكون مفهومة لبعض الجنسيات وغير مفهومة لجنسيات أخرى كما قد تكون لكلمة في لهجتك المحكية معنى عادي ولها معنى منافي للأخلاق أو مسيء لجنسية أخرى . كذلك فإن استخدامك للغة العربية الفصحى يسمح لزوار المنتدى وأعضائه بالعثور على المعلومات باستخدام ميزة البحث.
• استخدم المصحح اللغوي وراعي قواعد اللغة عند كتابتك في المنتديات حتى تظهر بالمظهر اللائق التي تتمناه.
• أعطي انطباع جيد عن نفسك .. فكن مهذباً لبقاً واختر كلماتك بحكمة.
• لا تكتب في المنتديات أي معلومات شخصية عنك أو عن أسرتك ، فالمنتديات مفتوحة وقد يطلع عليها الغرباء.
• أظهر مشاعرك وعواطفك باستخدام ايقونات التعبير عن المشاعر Emotion Icon's عند كتابة مواضيعك وردودك يجب ان توضح مشاعرك أثناء كتابتها ، هل سيرسلها مرحة بقصد الضحك ؟ او جادة أو حزينه ؟ فعليك توضيح مشاعرك باستخدام Emotion Icon's ،لأنك عندما تتكلم في الواقع مع احد وجها لوجه فانه يرى تعابير وجهك وحركة جسمك ويسمع نبرة صوتك فيعرف ما تقصد ان كنت تتحدث معه على سبيل المزاح أم الجد. لكن لا تفرط في استخدام أيقونات المشاعر و الخطوط الملونة و المتغيرة الحجم ، فما زاد عن حده نقص.
• إن ما تكتبه في المنتديات يبقى ما بقي الموقع على الإنترنت ، فاحرص على كل كلمة تكتبها ، فمن الممكن ان يراها معارفك وأصدقائك وأساتذتك حتى وبعد مرور فترات زمنية طويلة.
• حاول اختصار رسالتك قدر الإمكان :بحيث تكون قصيرة و مختصرة ومباشرة وواضحة وفي صلب مضمون قسم المنتدى.
• كن عالمياً : واعلم أن هناك مستخدمين للإنترنت يستخدمون برامج تصفح مختلفة وكذلك برامج بريد الكتروني متعددة ، لذا عليك ألا تستخدم خطوط غريبة بل استخدم الخطوط المعتاد استخدامها ، لأنه قد لا يتمكن القراء من قراءتها فتظهر لهم برموز وحروف غريبة.
• قم بتقديم ردود الشكر والتقدير لكل من أضاف رداً على موضوعك وأجب على أسئلتهم وتجاوب معهم بسعة صدر وترحيب.
• استخدم ميزة البحث في المنتديات لمحاولة الحصول على الإجابة قبل السؤال عن أمر معين أو طلب المساعدة من بقية الأعضاء حتى لا تكرر الأسئلة والاستفسارات والاقتراحات التى تم الإجابة عنها قبل ذلك.
• تأكد من أنك تطرح الموضوع في المنتدى المخصص له: حيث تقسم المنتديات عادة إلى عدة منتديات تشمل جميع الموضوعات التي يمكن طرحها ومناقشتها هنا، وهذا من شأنه أن يرفع من كفاءة المنتديات ويسهل عملية تصنيف وتبويب الموضوعات، ويفضل قراءة الوصف العام لكل منتدى تحت اسمه في فهرس المنتديات للتأكد من أن مشاركتك تأخذ مكانها الصحيح.
• استخدم عنوان مناسب ومميِّز لمشاركتك في حقل الموضوع. يفضل عدم استخدام عبارات عامة مثل "يرجى المساعدة" أو "طلب عاجل" أو "أنا في ورطة" الخ، ويكون ذلك بكتابة عناوين مميِّزة للموضوعات مثل "كيف استخدم أمر كذا في برنامج كذا" أو "تصدير ملفات كذا إلى كذا".
• إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع والشركات، وعليك أن تذكر في نهاية مشاركتك عبارة "منقول عن..." إذا قمت بنقل خبر أو مشاركة معينة من أحد المواقع أو المجلات أو المنتديات المنتشرة على الإنترنت.
• إن أغلب المنتديات تكون موجهه لجمهور عام ولمناقشة قضايا تثقيفية وتعليمية . لذلك يجب ان تكون مشاركتك بطريقة تحترم مشاعر الآخرين وعدم الهجوم في النقاشات والحوارات. وأي نشر لصور أو نصوص أو وصلات مسيئة، خادشة للحياء أو خارج سياق النهج العام للموقع.
• المنتدى لم يوجد من أجل نشر الإعلانات لذا يجب عدم نشر الإعلانات أو الوصلات التي تشير إلى مواقع إعلانية لأي منتج دون إذن او إشارة إلى موقعك أو مدونتك إذا كنت تمتلك ذلك.
• عدم نشر أي مواد أو وصلات لبرامج تعرض أمن الموقع أو أمن أجهزة الأعضاء الآخرين لخطر الفيروسات أو الدودات أو أحصنة طروادة.
•ليس المهم أن تشارك بألف موضوع فى المنتدى لكن المهم أن تشارك بموضوع يقرأه الألوف،فالعبرة بالنوع وليس بالكم.
• عدم الإساءة إلى الأديان أو للشخصيات الدينية.
•عند رغبتك بإضافة صور لموضوعك في المنتدى ، احرص على ألا يكون حجمها كبير حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً لتحميلها وأن تكون في سياق الموضوع لا خارجه عنه.
•الالتزام بالموضوع في الردود بحيث يكون النقاش في حدود الموضوع المطروح لا الشخص، وعدم التفرع لغيره أو الخروج عنه أو الدخول في موضوعات أخرى حتى لا يخرج النقاش عن طوره.
• البعد عن الجدال العقيم والحوار الغير مجدي والإساءة إلى أي من المشاركين ، والردود التي تخل بأصول اللياقة والاحترام.
• احترم الرأي الآخر وقدر الخلاف في الرأي بين البشر واتبع آداب الخلاف وتقبله، وأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
• التروي وعدم الاستعجال في الردود ، وعدم إلقاء الأقوال على عواهلها ودون تثبت، وأن تكون التعليقات بعد تفكير وتأمل في مضمون المداخله، فضلاً عن التراجع عن الخطأ؛ فالرجوع إلى الحق فضيلة. علاوة على حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، وتفهمها تفهما صحيحا.
• إياك و تجريح الجماعات أو الأفراد أو الهيئات أو الطعن فيهم شخصياً أو مهنياً أو أخلاقياً، أو استخدام أي وسيلة من وسائل التخويف أو التهديد او الردع ضد أي شخص بأي شكل من الأشكال.
• يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.
• إذا لاحظت وجود خلل في صفحة أو رابط ما أو إساءة من أحد الأعضاء فيجب إخطار مدير الموقع أو المشرف المختص على الفور لأخذ التدابير اللازمة وذلك بإرسال رسالة خاصة له.
• فريق الإشراف يعمل على مراقبة المواضيع وتطوير الموقع بشكل يومي، لذا يجب على المشاركين عدم التصرف "كمشرفين" في حال ملاحظتهم لخلل أو إساءة في الموقع وتنبيه أحد أعضاء فريق الإشراف فوراً.
See more
See less

جبل آثوس

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • جبل آثوس

    يعرف أيضا بالجبل المقدس يقع في شمال اليونان ويعتبر منطقة نسكية، حيث يقيم هناك رهبان من مختلف الكنائس الأرثوذكسية.

    يحتل الجبل أقصى شرق النتؤات الثلاثة لشبه جزيرة كالسيديس ( و تنطق باليونانية خالكذيكيس )، والتي تقع بدوها ضمن مقاطعة مقدونيا المطلة على بحر إيجة.

    في الفترة الكلاسيكية من تاريخ اليونان عرفت شبه جزيرة كالسيديس بأكتي Ακτή، اليوم تعرف المنطقة سياسيا بولاية الجبل المقدس النسكية المستقلة ذاتياً the Autonomous Monastic State of the Holy Mountain. يخضع الجبل روحيا لسلطة بطريرك القسطنطينية المسكوني.

    عاصمة الجبل والبلدة الوحيدة فيه هي كاريس Kariaí، وقد أدرج جبل آثوس ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو عام 1988 .
    miss you all

  • #2
    رد: جبل آثوس

    لمحة تاريخية:

    أقدم ذكر لجبل آثوس في المخطوطات القديمة موجود في إلياذة هوميروس. وفي القرن الخامس قبل الميلاد قام الملك الفارسي خشایارشا الأول بشق قناة في أكتي بطول 2.4 كم لتأمين حركة أسطوله وحمايته من أي محاولة للالتفاف حوله والإيقاع به، وآثار تلك القناة لاتزال واضحة للعيان حتى اليوم .

    أما الرهبان فقد استوطنوا هذا الجبل بدءاً من عام 850م ولكن الحياة الرهبانية المنظمة بدأت فيه فعلا عام 963م، عندما قام القديس أثناسيوس الطرابزوني بمساعدة من الإمبراطور نقفور الثاني فوكاس بتأسيس أول دير في آثوس. قام لاحقا الإمبراطور يوحنا الأول تزيميسيس بتعيين القديس أثناسيوس حاكما على رهبان الجبل على الرغم من المعارضة التي أبدوها لهذا القرار .

    وخلال القرن الحادي عشر بنيت أديرة كثيرة في تلك المنطقة، ساعد على إنشاءها الهبات القادمة من روسيا ومن البلدان السلافية الأخرى، وفي وقت قصير طغى الطابع الأرثوذكسي على شبه جزيرة كالسيديس. ومع حلول عام 1400 بلغ عدد الأديرة هناك قرابة الأربعين ديرا بقي منها اليوم النصف. أخر ما بني من تلك الأديرة هو دير ستافرونيكيتا والذي تأذى عدة مرات من الحرائق وأعيد بناءه للمرة الأخيرة في القرن السادس عشر.

    في القرن الخامس عشر تخلت بعض الأديرة عن النظام الإداري الصارم للجماعات الرهبانية، والقاضي بوجود آباتي (راهب رئيس) له سلطات واسعة في الدير، واتجهوا لتبني منهج أكثر انفتاحا وتحررا يسمح للرهبان بأن يكون لهم ممتلكاتهم الشخصية، وأيضا إقامة نظام رئاسي يقوم على انتخابات سنوية لراهبين موثق بهما لإدارة شؤون الجماعة.
    miss you all

    Comment


    • #3
      رد: جبل آثوس

      جبل آثوس اليوم :

      في عام 1924 كتب دستور الجماعات الرهبانية في جبل آثوس وأقره الدستور اليوناني عام 1975، ينص هذا الدستور على وجود حاكم يمثل الحكومة اليونانية في المنطقة تعينه في منصبه هذا وزارة الخارجية، ولكن الإدارة الفعلية تكون بيد المجمع المقدس (Ierá Sýnaxis) والذي يتكون من أعضاء يمثلون جميع أديرة الجبل.
      تحتوي كنائس الجبل على أمثلة ممتازة لفن الإيقونات البيزنطية، كما تحتوي مكتبات أديرته الباقية اليوم على كنوز من المخطوطات ترجع للعصور الكلاسيكية والوسطى.
      miss you all

      Comment


      • #4
        رد: جبل آثوس

        منع دخول النساء لجبل آثوس :

        من اجل الابتعاد عن الشهوه الجنسية, يمنع دخول النساء منعا باتا لجميع مرافق المنطقة الامر الذي اكسب الجبل قدرا من الشهره. و حتى اناث الحيوانات الاليفه (مع استثناء بعض القطط ، و كذلك الدجاج ) ممنوعه.

        سبب آخر جعل جبل آثوس يقتصر على الرجال فقط هو أن ثيوتوكوس ("والدة الإله" مريم العذراء باليونانية) ادعت ان هذا الجبل ملكها لهذا السبب لا يسمح لأي مرأة غيرها الدخول ، لانه المكان الوحيد محل تقدير ثيوتوكوس ، ويدعى بحديقتها.

        انتهاك حرمة الجبل ودخول النساء اليه يعاقب عليه بالسجن من سنة واحدة إلى سنتين. برلمان الاتحاد الاوروبى دعا اليونان مرتين لتغيير هذا القانون ، ولكن الطلب رفض بالرغم من ذلك فقد أوى جبل آثوس اللاجئين بمن فيهم النساء والفتيات مرتين في تاريخه،و ذلك في اعقاب ثورة عام 1770 (المعروفة في اليونان باسم ورلوفيكا) وفي اعقاب ثورة عام 1821.
        miss you all

        Comment


        • #5
          رد: جبل آثوس

          صور الجبل المقدس موجود على هاد الرابط :

          http://www.christian-guys.net/vb/showthread.php?t=38402
          miss you all

          Comment


          • #6
            رد: جبل آثوس

            موضوع رائع رولا بتمنا اقدر زور الجبل هاد قد ما بسمع عنو انا مرة نزلت موضوع عنو رح حط رابط اذا ما بيدايقك للكل يستفيد من اكبر قدر من المعلومات
            شو رأيك
            "لا تبصق بالبئر لانك بيوم من الأيام سوف تشرب منه"
            أخوة حتى الموت

            Comment


            • #7
              رد: جبل آثوس

              رح حط بعض النقاط من كتاب أمسية في برية الجبل المقدس آثوس للميتروبوليت إيروثيوس ( فلاخوس ) و اللي بيحكي فيه عن طريقة عيش الرهبان بهالجبل
              miss you all

              Comment


              • #8
                رد: جبل آثوس

                Originally posted by abo_zoz View Post
                موضوع رائع رولا بتمنا اقدر زور الجبل هاد قد ما بسمع عنو انا مرة نزلت موضوع عنو رح حط رابط اذا ما بيدايقك للكل يستفيد من اكبر قدر من المعلومات
                شو رأيك
                ميرسي أبو الزوز و يا ريت كلشي منعرفو عن الجبل انحطو بالعكس بنبسط أبو الزوز هاد الشي بيغني الموضوع ولووووو
                miss you all

                Comment


                • #9
                  رد: جبل آثوس

                  يا عيني يا عيني .. سبحان الله بعض جماعات كيف شدوا همتن بتوقيت معين ..

                  يسلمن أم الرور على المعلومات
                  أن أحب امرأة واحدة .. خير من أن تحبني نساء الأرض جميعاً ..

                  صار وقت الجد و هالمرة عن جد .
                  فـ من له عينان .. فليقرأ منيح .

                  ( المطر ما بيحلا إلا هون على هالمنتدى .. فأكيد أنا هون )
                  هل عندَكِ شك أنك أحلى و أغلى امرأة في الدنيا ؟
                  برأيي ما لازم تشكي نهائياً
                  كلما قدَّسكِ المطرُ .. اذكريني

                  Comment


                  • #10
                    رد: جبل آثوس

                    صمت الرُهبان، كلامهم وحياتهم
                    الميتروبوليت إيروثيوس ( فلاخوس )

                    الجبل المقدَّس ((آثوس)) مكان سرّ، ينطق في الصمت فيقول كثيراً. وهذا الصمت هو الأزلية بعينها، لأنه لغة الدهر الآتي. فكما أنّ للملائكة القديسين قدرة عقلية أخرى، يتعذّر علينا فهمها، ينقل بها أحدهم إلى المعاني الإِلهية، على حدّ قول القديس باسيليوس الكبير، هكذا الحال أيضاً عند الملائكة الأرضيين، العائشين في الجبل المقدّس((آثوس)). فإنهم يجاهدون مع السماوين- الذين لا جسم لهم- في الحياة والصلاة، ولهم قدرة أخرى ينقلون بها الى سواهم المعاني الإلهية التي يعيشون، وهذه القدرة هي الصمت.

                    والصمت في الجبل المقدّس، بنوع خاص، أفصح من أيّ بيان. لأنه((فِصْحٌ صامت)). فهناك لا يتكلمون كثيراً، وإنما يعيشون أسرار الله في صمت، ويحيون الخبرة السلبية للثيولوجيا(علم اللاهوت) الأرثوذكسية. وهم لا يسمعون صوت الله بهذا الصمت وحسب، بل يكتسبون به الفضيلة أيضاً.

                    قال القديس سمعان اللاهوتي الجديد((إنّ للمبتدئين طريقاً سريعةً لامتلاك الفضيلة، ألا وهي صمت الشفتين، وإغماض العينين، وصم الأذنين)).

                    وصمت الرهبان يعلّمك. نقرأ في كتاب ((الشيوخ)) المعروف باليونانية
                    بال---((غيرونديكون)) إنّ ثيوفيلوس رئيس الأساقفة ذهب يوماً الى الإسقيط فالتأم مجمع الإخوة بكامل أعضائه، وقالوا للأنبا بامبو-((قل كلمة ما للبابا لكي يستفيد)).
                    فرد الشيخ قائلاً (إن لم يستفد بصمتي، تعذَّر عليه الإنتفاع بكلامي)).
                    ينبغي أن تقصد الجبل المقدّس محمولاً بالرغبة في أن تجني من الصمت نفعاً. فإن عرفتَ التعلُّم على هذا النحو حَدَّثَتْك الأشياء كلها.
                    أجل. ستحدّثك وجوه الرهبان الصامتة، وكهوف المعتزلين المنسحبين الى البراري، والأديرة المجلّلة بالخشوع، وستهمس لك الطبيعة، وحتى الأشياء الجامدة. ستحكي لك هذه كلها قصصاً تاريخية كثيرة، وتنقل إليك تعاليم رأئعة.
                    فهذا هو نهج الجبل المقدّس. إنه يجري حواره((في صمت)).
                    وقد يحدُثُ أحياناً أنّ الرهبان يتكلّمون فينفعون، لأنّ حياتهم حسنة. قال إيسيذوروس البيلوسي((إنّ حياة (حسنة) بلا كلام تنفع بطبيعتها أكثر مما ينفع الكلام بلا حياة(حسنة). فإنّ الأولى تنفع وهي صامتة. أما الثاني فيزعج وهو يصرخ. لكن إذا اجتمعت الحياة والكلام معاً((صارت مثالاً لكل الفلسفة))،
                    فإذا تكلّم الرهبان نفعوا، كيفما كان الأمر – كونهم يعيشون عيشة قداسة. وقد أمسوا قيثارات للروح القدس، وأبواقاً سرّية للثالوث القدوسالمحبة، والكلمة، والحكمة). فلهم أقوال يتفوّهون بها، ذلك أنهم يقومون بأعمال كثيرة متواصلة، وينطقون يالقول إذا سئلوا.
                    وثمة سؤال نعرفه من كتب الآباء(أيها الأنبا، قلْ قولاً ترشدني به كيف أخلص)). والقول في لغة البّرية هو القول الفصل الصادر عن قلب المعتزل فيها وهو وليد الروح القدس. ويقبله السائل من أبيه الروحي باعتباره جَني النعمة الإلهية، يُمحّصه بالنطق، وهو ضروري له، لكي يحيا.
                    فالقول يصدر إذا عن نفس مُحِبَّة لله، جرحها العشق الإلهي.وهو يُقال بقدر ما يبدو على السائل من تعطش إليه. وكما حبلتْ السيدة العذراء الفائقة القداسة بكلمة الآب من الروح القدس وولدتْ يسوع الإله- الإنسان، فعمَّ الفرح الخليقة كلها، كذلك الآباء. فإنهم بسبب نقاوتهم، حبلوا بالقول وهم ينقلونه إلى المتعطشين إليه، وبذلك يُفرحونهم.
                    جاء في كتاب((شيوخ الرهبان)) (الغيرونديكون): ((تقدّم بعض الإخوة الى الأنبا فيلكس ومعهم بعض العلمانيين، وتوسلوا إليه كثيراً ليقول لهم شيئاً نافعاً. لكنّ الشيخ صمت. فلما ألّحوا عليه قال لهم(أتريدون أن تسمعوا قولاً؟)) قالوا: نعم أيها الأنبا. قال الشيخ : (لم يعدثمة مجال للقول. فإنه عندما كان الإخوة يسألون شيوخهم، وينفّذون ما يقولونه لهم، كان الله يمنحهم نعمة من العلى، لكي يعرفوا كيف يتكلمون. أما الآن فإنهم يسألون ولا يفعلون وفقاً لما يسمعون. لذلك إستردّ الله نعمة القول من الشيوخ، فلا يجدون ما ينطقون به، طالما أنّ من كان عليه أن يفعل بموجب الأقوال ليس موجودً)).
                    فلما سمع الإخوة هذا الكلام تنهدوا وقالوا: صّل من أجلنا أيها الأب...))
                    يُستدل من هذه الحادثة أنّ القول إستنارةٌ من فعل النعمة الإلهية. فهي تنير أناساً قديسين أنقياء، وتجسّد الحياة بأقوال. كذلك يُنطق بالقول بقدر تعطّش السائل بالإضافة الى أنّ الرهبان يعرفون كيف يجذبون الى الخير أصحاب القلوب المجمدة الباردة مذيبين تجمدها ولو بتوبيخ مُميّز.
                    فإن تسألهم ببساطة واتضاع ورغبة صادقة تسمع منهم ((إشراقات النعمة)) أقوالاً بسيطة، متواضعة ولكنها مملوءة بالحكمة والنعمة.
                    وإنهم بهذا ليقتدون بالمسيح ربّهم، فهو كلمة الله الصارخ المدوّي وهو في الوقت عينه، الصمت العميق. فقد كان يتكلم، لكنه كان يصمت أيضاً. فليس تحرك الله نحو الإنسان على وجه التدقيق، ((كشفُ كلمةٍ وحسب، بل هو إفصاح عن الهدوء)) أيضاً. وهكذا فإنّ اتجاه الإنسان إلى الله من جهة، وإلى أخيه الإنسان من جهة أخرى، ينبغي أن يتميّز بهذين العنصرين أيضاً.
                    وأنت فإذا زرت الجبل المقدّس بغية التعلّم، تتعلّم بالصمت أكثر، وبالقول أقل.
                    إنّ الرهبان سكان البراري في الجبل المقدّس، هذه الطيور البرّية المغرِّدة يعيشون ((الحياة)) عيشة اختبار، ويسبحون في الفردوس. هولاء هم الذين يتألهون حقاً، ويحيون حياة المسيح كلها((في أوان خزفية)). أعني في أجساد مرهَقة، أنهكتها الرياضة والخدمة.
                    هناك يشاهد المرء ما يمكن تسميته((تألهاً)) عملياً لا نظرياً.فالتأله النظري يعلّمه من لا يتذوق العلم الإلهي(الثيولوجيا). إنهم يحيون الإيمان والأعمال – ذلك أنّ الإيمان بلا أعمال مجرد تخّيل، والأعمال هي عبادة أصنام. وعلى أبدانهم الخشنة ارتسمتْ نعمة الله وصورة المسيح بعد أن هجروا العالم وما يصحبه من لطف منافق. قال القديس نيقوذيموس الأغيوريتي(أحد رهبان الجبل المقدّس آثوس) ((مصاف القديسين النسّاك قد تحاشواما يخالف الطبيعة واحتفظوا بما يوافق الطبيعة فاستحقوا المواهب التي تفوق الطبيعة)).
                    يقع نظرك عليهم فتظن لأول وهلة أنهم ناعسون مكتئبون ولكن متى فاض صفاؤهم الباطني وتدفّق فسرعان ما يغمرك!
                    وهم أشبه بالسدود العظيمة التي تخزن مياهاً كثيرة في حال من الصفاء والهدوء. حتى إذا انشقّتْ هذه السدود، برز ما كانت تخفيه من قوة شديدة، لأنّ مياهها تندفع لتغمر ما حولها.
                    وإذا فتح الناسك فاه، شملك بالطيب الذكي، فإنّ أفواه الرهبان القديسين((ينابيع عسل جارية)) تفيض بالمياه النقية (ليوحناالذهبي الفم).
                    وقد يبدو لك أنّ هؤلاء الرهبان لا نفع فيهم. لكنك سرعان ما تتيقّن أنهم ((أشجار باسقة تناطح السماء، ذات أوراق وارفة الظلال)) تظلّلك وتنعشك.
                    وتظن أنهم لابسو خِرق بالية،يتعذّر الإقتراب منهم، بسبب عدم نظافتهم المطلوبة، لامتناعهم عن الإغتسال. لكنك سرعان ما تدرك انهم ((نباتات ذات ثمار يانعة، لا تذبل، وزنابق غضة متعدّدة الطيوب الذكية، يغمرُك عبيرها.
                    كل هذا،لأنّ المسيح يحيا فيهم، وهو الحياة الحقة.((لأنّ حياتهم مستترة في المسيح)).
                    إنْ كان فيك روح الله، تتبينَّ وجود حالات مجتمعة معاً، متناقضة في الظاهر، عند كل راهب آثوسي يقتفي خطوات الآباء القديسين ويعيش التقليد الآبائي. إنها حالات الموت والحياة.
                    فعن الموت تصدر الحياة صدورها عن نبع. وبالتمتع بالحياة يُماتُ الموتُ اكثر. وبقدر ازدياد موت الموت(الخطيئة) يزداد اختيار حياة الحياة(المسيح) المعاشة الى حدّ حياة المرء قيامة المسيح وصعوده. أعني أنّ الخطيئة تُماتُ والحياة تولد. وهكذا نستطيع القول إنّ الرهبان يلبسون الموت كالرداء ينعمون بالحياة. يقول الرسول بولس في رسالته الى أهل رومية((بعدما قام المسيح من بين الأموات، لن يموت ثانية، ولن يكون للموت عليه من سلطان)) (رومية6: 9).
                    وكتب القديس نيكيتا إستيثاتوس يقول إنّ هذا عينه ما يحدث للإنسان القديس، أي الإنسان الذي صارمسيحاً لأنه إذا أميت ومات حسب العالم يحيا حياة المسيح (إنّ الذي قام من أعمال مائتة، قد قام مع المسيح. فإن كان قد قام مع المسيح بواسطة المعرفة – والمسيح لن يموت بعد – فلن يتسلّط عليه أيضاً موت الجهالة، ولا يعيش بعد بالجسد والعالم، ذلك أنه قد أميت في أعضاء جسده وفي أمور الحياة(الدنيوية) لكنّ المسيح يحيا فيه، بما أنه صار بنعمة الروح القدس، غير خاضع لناموس الجسد وصارت أعضاؤه أسلحة بّر، أي صارمقترباً من الله الآب)).
                    وإنك لتجد أيضاً عند أقطاب الرهبان السكون والحركة قائمين معاً.
                    فإنهم يحيون((في سكون دائم الحركة)) و((في حركة ساكنة))، كما قال القديس مكسيموس المعترف. أعني أنهم قائمون في المسيح ويتحركون على الدوام من أجل أن ينعموا به بطريقة أكمل. لأنّ المسيح هو الجوهرة الجزيلة الثمن ذات الأبعاد الكثيرة. هذا ما يشرحه بوضوح القديس غريغوريوس أسقف نيصص بقوله: ((والأعجب من كل شيء هو أنّ السكون والحركة متطابقان. فإن الصاعد لا يقف على كل حال، وأما الواقف فلا ينحدر. أما هنا فبالوقوف يصير الصعود. فبقدر ما يكون المرء ثابتاً في الخير وغير منتقل، يقطع مسافة أكبر في طريق الفضيلة)). أي أنه يبقى ثابتاً في المسيح. هذا هو التعطش إلى المسيح، تعطشاً لا ينتهي وهو الشبع الإلهي في الوقت عينه.
                    قال أحد الرهبان((يحدث لي امر غريب. فإني أجوع لكني أشعر بالشبع! إلاّ أنّ هذا ليس غريباً عند رجل الله. لأنّ هذه الحال هي((كمال الكاملين الذي لا يكمل)) على حد قول القديس يوحنا السُّلَّمي.
                    إنّ حياة الرهبان هي في صيرورة مستديمة. إنها تصير كلمة، تصير مسيحاً. والراهب المجاهد يحيا كل أدوار عمر المسيح لأنّ المسيح يتجسد داخله، يصنع عجائب، يتحمل الألم، يقوم من جديد ويستعد قوته. وبما أنه يعيش في المسيح فهو يصل الى توحيد عالمه كله، الباطني والخارجي ويتخطى كل التمييزات، ويعود الى ارتقاء أعلى مقام كان للإنسان قبل السقوط، حيث كان آدم في البدء.
                    يذكر القديس ماكسيموس المعترف خمسة تمييزات فشل آدم في تخطيها، وهي التي يستطيع الإنسان الآن النجاح في تخطيها بمعونة آدم الجديد أعني المسيح. وهي كما يلي: التمييز بين غير مخلوق ومخلوق، التمييز بين عقلي وحسي، التمييز بين سماء وأرض، التمييز بين فردوس ومسكونة، التمييز بين ذكر وأنثى. ومن تخطى التمييز الأخير يتقدّم الى تخطي التمييز الأول أيضاً وهو التمييز بين غير مخلوق ومخلوق. أعني أنّ الإنسان قديس الله يقدّم ذاته والعالم كلها بكامله الى الله، ولهذا فإنّ قديساً واحداً هو أعظم محسن للإنسانية.
                    لقد اقتربتُ يوماً من راهب شيخ قديس من هذا النوع، في الجبل المقدَّس-آثوس-،وهو شيخ ينعَم بالشبع من رحمة الله التي لايُشبَع منها في ما يشبه الجحر، وقد تخطّى كل شكليّات العالم ولا توجد كلمات تفي بوصفه. فلو قلتَ إنه حكيم لجانبتَ الصواب. ولو قلتَ إنه مجنون لقصر الوصف عن إبراز حجم جنونه الروحي تماماً. وإنك لا تدري ما يمكن وصفه به، كونه قد أفلتَ من أشكال العالم ومظاهره، ومضى قدماً في أعماق الأبدية! إنه يلحس النار الإلهية، وهو في الواقع مُتَّقِد قد أحاطته النار من كل كانت. إنه يشتعل الآن، بالشعلة غير المخلوقة.
                    إذا تحدثتَ معه ظننتَ أنه سيتّقد ويحترق كلّياً وخلتَ أنه سيغادرك بجسده كما حدث لإيليا النبي يوم غادر الأرض بالعربة النارية!
                    وتظن ساعة المحادثة معه أنه سيصعد الى السماء كما صعد الرب،((فيما هو يباركهم انفرد عنهم وأُصعد الى السماء))(لو24 :51).
                    ولكن ما يبدو لك أنه سيحدث، لا يتمّ. ويبدّد ظنك حدث آخر هو شعور الخشوع والإنسجام إبَّان تحدّثه إليك في قضايا روحية وهذا الخشوع أشبه بتلك الدهشة التي اعترت تلاميذ السيد المسيح على جبل ثابور حين ((ظلّلتهم سحابة نّيرة، وصوت من السحابة يقول: هذا هو إبني الحبيب الذي به سررتُ. له اسمعوا. ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جداً))(متى17: 5 – 6).
                    وأثناء حديثك معه ينزل الروح القدس ويحيط بك، ويهيمن عليك، فيعتريك خوف. إلاّ أنك ترغب في البقاء.وفيما يلقي الناسك القديس عليك كلماته البسيطة الكافية، اللازمة، تتذكر المسيح يوم كان يحدّث تلاميذه من الجبل أو من البحر. وفي الحق إنّ الناسك القديس يحدّئك من جبل الثاوريا(الرؤيا) ومن بحر الأبدية، بعيداً عن أمور البشر السطحية، وبعيداً أيضاً عن هذا الذي هو أنت!
                    إقتربتُ يوماً من هذا الشيخ، وكنتُ أعلم أنه لاهوتي حقيقي. ولم يكن لديه معلومات عن الله. لكنه كان على معرفة بالله((وهي معرفة غير مدركة عند الجمهور الغفير. قال القديس غريغوريوس أسقف نيصص (الثاولوجيا(=العلم بالله ) جبل صاعد صعوداً عامودياً مفاجئاً، وفي الحق إدراكه صعب، وجمهور الشعب يكاد أن يصل الى سفح هذا الجبل فقط)).
                    إنّ موسى النبي هو وحده يصعد الى جبل الرؤية فيصير معايناً الله، وقد عرفتُ أنّ هذا الشيخ هو موسى معاين الله.
                    شعرتُ لأول وهلة بارتباك. فبماذا يستطيع المرء أن يناقش؟ وأي اتفاق كان بيني وبينه؟ وما هو القاسم المشترك بيننا؟ نحن في الرحلة الأولى للفلسفة العملية. أما هو، فقد انتقل من المشاهدة الطبيعية الى الثاولوجيا السريّة، وهي المعرفة التي لا تنتسى. نحن تكتفنا الأهواء أما هو فعرش ذهبي للملك. ونحن الجحيم أماهو فإنه الفردوس!
                    لكنّ الناسك نزل أثناء المحادثة من مقامه الرفيع ورفعني الى مقام أرفع. فقد أخلى ذاته وأغناني((لقد كان غنياً فافتقر لكي أغتني بفقره)) وهذا يحدث دائماً، فإنّ الوحدة تتطلّب خروج الإثنين، كما يحصل في الإتصال بالله (خروج الله وخروج الإنسان))، وهما الصفة المميّزة للعشق الإلهي. يقول القديس ماكسيموس المعترف (إنّ اللاهوتيين يسمّون((الإلهي)) عشقاً تارة وحباً طوراً، وحيناً آخر معشوقاً ومحبوباً. ولهذا يتحرك كعشق وحب من جهة، وكمعشوق ومحبوب من جهة أخرى، فيحرك نحو ذاته كلَّ من يستطيع أن يتقّبل العشق والمحبة)). ويقول أيضاً ((إنّ العشق الإلهي جذَّاب لأنه لا يترك العشاق ملكاً لذواتهم، بل مِلك المعشوقين)).
                    ويضيف القديس ماكسيموس في شرحه قولاً لديونيسيوس الأريوباغي فيقول((إنّ العشق الإلهي قادر على جذب المرء من موقعه لأنه لا يترك العشاق ملكاً لذواتهم، بل لمعشوقيهم. ويؤكد هذا الأمر أولئك الذين صاروا أرفع مقاماً بعنايتهم بمن هم أقل منهم، ويظهره المتوافقون، بالترابط فيما بينهم، ويبرزه المتخلّفون في الدركات السفلى، بعودتهم نحو الأوّلين، عودةً أشدَّ ارتباطاً بالإِلهيّ)).
                    لقد حفظتُ كلَّ شيء، ليس في ذاكرتي وحسب، بل في أعماق قلبي أيضاً. وها أنا أروي لكم كيف قابلتُ الشيخ القديس،والحديث الذي دار بيننا.


                    miss you all

                    Comment


                    • #11
                      رد: جبل آثوس

                      Originally posted by نبيذومطر View Post
                      يا عيني يا عيني .. سبحان الله بعض جماعات كيف شدوا همتن بتوقيت معين ..

                      يسلمن أم الرور على المعلومات
                      ميرسي ابو السيم عالمرور و عفكرة أنا بتمنى كون شب بس مشان هي الشغلة موت و فوت على هالجبل لك هاد حلمي المستحيل
                      miss you all

                      Comment


                      • #12
                        رد: جبل آثوس

                        الصعود الى ثابور...
                        جبلي..

                        كانت ساعة الأصيل. وبينما الشمس في طريقها الى المغيب كنتُ أشق دربي صعوداً الى فوق، لكي أشرق بالنور فيلاقيني غروب الشمس وأنا أصعد على درب ضيّقة يصعب المرور عليها. وكنتُ متجهاً نحو... الشرق!
                        ونحن بإيماننا الضئيل نستصعب صعوداً كهذا، فيما يفرح به المؤمنين الذين جعلوا قرارهم البطولي فعلاً، فأنكروا العالم، بكل ما فيه من مغريات وافراح، وأحبوا التنسّك
                        كنتُ صاعداً الى الجانب الشمالي من الجبل المقدَّس، وأردتُ تطبيق قول يوحنا الذهبي الفم((طالما أنّ عشقك لايزال حاراً، فاتّجه صوب الملائكة وزدْه حرارة، فإنّ الكلام الذي لدينا يعجز عن إيقادك كما تشعلك رؤية الأمور الحاصلة)).
                        ترتفع الى اليمين واليسار صخور شمّاء، رؤوسها حادة مسنَّنة، كأنها تشقُّ عنان السماء كما تشقُّها أيضاً حياة ساكني الجبل وترانيمهم.
                        وكنتُ أسير حاني الرأس، والدعاء على شفتي وفي قلبي وعقلي. فبمثل هذه الطريقة ينبغي على المرء أن يزور الجبل المقدَّس وأن تكون مشاعره مشاعر الحاج البسيط.
                        وإنك لتشهد داخل الصخور على مسافة قصيرة من الدرب بيوتاً صغيرة، هي قلالي الرهبان الآباء النساك المعتزلين. ترى إحداها داخل كهف، وأخرى بارزة قليلاً، تخال وأنت تتأملها أنها موشكة على السقوط في البحر. في هذه الكهوف الصغيرة، يعيش النحل الروحي الذي يصنع عسل الهدوء الكلي الحلاوة.
                        ولقد تذكرتُ الترنيمة التي نظمها القديس نيقوذيموس للإشادة برهبان الجبل المقدَّس.فأخذتُ أرتلها:
                        أيتها الخلية التي جمعها الله
                        في جحورالجبل وكهوفه،
                        تصنع عسل الهدوء الكلي العذوبة
                        كأنه في قفير عقلي.
                        وتجد مثل هذه القلالي في الجانب الجنوبي من الجبل في ما يسمونه بالكاروليا. هناك المشهد أشد إثارة وروعة. يقول الرسام المعروف فوتي كوندوغلو((هناك الصخور ذات السطح الأحمر التي يظن الناظر إليها أنها مطلية بالصدأ، وقد امتد فوقها عدد ضخم من البيوت حتى أعاليها، وبعضها كهوف سدُّوا مداخلها بجدران، تاركين لها باباً صغيراً. وفي مكان آخر موقع بارز من الصخر سُمح لأحد النساك المجازفين أن يبني عليه كنيسة صغيرة ذات قبة، مع قلاية أو قلايتين وحديقة صغيرة حمل لها ترابها من مكان آخر. وهي تطل عليك بباقة من الورود في شجيرات مخضرّة تضفي على الموقع شكلاً باعثاً على الدهشة. أما اللون الظاهر الذي نُسِجَتْ به كل هذه المآوي الخفية فيدعو المرء الى تشبيهها بأعشاش حجل البحر.


                        ويتَّصل النساك فيما بينهم، بواسطة دروب صغيرة، تّتسع إلاَّلشخص واحد، خطر الإنزلاق فيها شديد، ولا يمكن تبيُّنها من ناحية البحر. ويحتاج من يرغب في تسلّقها الى اتخاذ قرار جريء وفي غاية الخطورة. وهناك العديد من النساك قبع كل واحد منهم في مسكنه الضيق لا يرضى عن يديلاً، ولم يتخطَّ عتبة داره الضيّقة طوال سنين. لذلك تجد مقابرفي مناسك أوسع من هذه ومراقد داخل الكهوف حيث تُحفظ عظام الإخوة، وعلى رأس كل جمجمة حُفِرَ إسم صاحبها وتاريخ رقاده.

                        إنّ هذه الحجلان الروحية، حمائم السماء، قد انبثَّتْ يميناً وشمالاً وهي تعيش الله، وتمضي صعداً، حتى السماء الثالثة.

                        ***
                        هذا المشهد يراه أيضاً من يصعد على الدَّرب الضيّق، في الجانب الشمالي للجبل. وهو الذي سِرْتُ فيه صاعداً في ذلك الأصيل. وإنه ليهزُّ الكيان هزاً عنيفاً، إذ يحس المرء فيه بنعمة الله تنعشه وتنشطه، والأحرى أن يقال إنها تلذعه بنارها، وهي أشبه بعليقة موسى الملتهبة. لكنها غير محترقة. وتمدُّه الذاكرة بمشاهد من حياة آباء سابقين، مرّوا من ذلك المكان، وهم يرقدون بهدوء وسكون، في انتظار صوت رئيس الملائكة ومجيء الختن الذي يتقدم كل منهم إليه كعروس. وفي الحق، إنّ هذا المشهد ليقطع القلب عن العالم بكل حسناته. فلقد جاهد هؤلاء الآباء طوال الحياة، من أجل الحصول على السلام، فنالوه ونعموا به، وهم الآن يستريحون في أحضان إبراهيم. وإنّ صوت المسيح المنادي: ((لم يمت وإنما هو نائم))
                        ليدوّي ويُسمَعُ صداه بقوة في تلك الأماكن النائية...

                        ***
                        وفي صعودي كانت أفكاري ومشاعري مغايرة. فالهدوء ناموس المنطقة، لكنك تسمع هنا وهنالك بعض العصافير المتوحشة، تصرخ محلّقة، أو تنتهي إليك أنغام بلابل مغرِّدة قال القديس نيقوذيموس: ((إنّ آثوس يغذي العديد من البلابل الصالحة)). وكانت تُسمع بين حين وآخر طرقة قوية. وحثثتُ السير الى أن وصلتُ الى بيت صغير حيث رأيت ناسكاً بدا لي هادئاً، وهو يجهد نفسه ليحطّم صخرة كبيرة.
                        قلت له: ((بارك أيها الشيخ )) (إفلوغيتِه غيرونْدا).
                        فأجاب: الرب... (كيريوس... ).
                        هذه هي التحية.... المعتادة في الجبل المقدَّس. فإذا سألتهم بركة أجابوا: الرب... (أي ليباركك الرب)، لأنهم يعرفون أهميةالمسيح للحياة الروحية ويدركون عجزهم. ولكنهم يكررون اسم الرب، موضع شوقهم وحنينهم، بصورة مستمرة، طالما أنهم يعيشون حضوره. فهو ماكث وقائم معهم، يحلّي القلب ويبهجه بتعزية الروح القدس.
                        قلتُ للشيخ: ((ماذا تعمل هناك أيها الشيخ))؟
                        فأجاب: ها. إني يا بنيّ أحاول تحطيم هذه الصخرة لكي أبني بركة صغيرة أجمع فيها ماء مطر لكي أشرب قليلاً، فإني عانيتُ في العام الماضي من العطش كثيراً. قلتُ: ولكنّ هذا عمل شديد الصعوبة مرهق، فكيف يتأتىّ لك من دون العدة المناسبة؟
                        قال: ماذا أفعل؟ طالما أنّ الجسد يحتاج الى الماء. إنّ الله يساعدني. يجب ألاّ نملك شيئاً هنا في البرّية. ولكنّ القليل من الماء ضروري. أدخلْ الى القلاية لكي تباركها لنا!
                        فكرتُ في داخلي:
                        ((أأنا أبارك قلاية المبارَك؟ وهل أنا الملطَّخ بالدَّنس أُبارك الُمطهَّر؟ ))

                        دخلتُ باحترام عميق الى القلاية. وإنك تدخل الى قلاية ناسك بورع، كأنها مكان سرّ.كانت القلاية غير مكَّنسة وينقصها الترتيب. ولكنّ هذه تفاصيل دقيقة في الجاهد الروحي. فأين الوقت لمثل هذه الأشغال؟
                        أحضر لي الشيخ قليلاً من الماء وقطعة من راحة الحلقوم إظهاراًللمودّة. وإنك لتحس إحساساً حقيقياً في البرّية بالحب الصادق البريء لا غش فيه. ففي الطبق الصغير، ومع القليل من الماء وقطعة الحلوى الصغيرة ثمة قلب الراهب بكامله. لأنه يقدِّم لك كل ما لديه.
                        قال: أأنت قادم من العالم؟


                        قلت:أجل.
                        قال: كيف حال العالم؟


                        هذا هو السؤال الذي تسمعه عادة في الجبل المقدَّس. لكنه هذه المرة ذو مغزى عظيم، لأنّ الراهب السائل قد هجر العالم منذ خمسين عاماً من دون أن يعود إليه! والناسك يعلم أيضاً معنى العالم. إنه خليقة الله ويصير في الوقت عينه خدعة الشرير. أفلم يخدع الشيطان آدم بالكائنات؟ وكم منا من لا يصاب بمثله؟
                        قلت: العالم أيها الشيخ نأى كثيراً عن الله. إنه لا يذكر الله أبداَ ولا يعيش كما يليق به تعالى. فقد أقْفَرتْ الكنائس من العابدين وامتلأت بؤر الشيطان. لقد هجر العالَم الآباءُ الروحين، فغصّتْ مستشفيات الأمراض النفسية بالمرضى. العالم تقلقه أشغاله،
                        وانهماكاته منحصرة في الأمور الدنيوية وحدها. اليوم عندناإنتخابات، وغداً تسقط الحكومة وبعد غد تعقد مؤتمرات، الخ.
                        الخ...لا يقرأ سوى الجرائد اليومية، أما الكتاب المقدَّس فيجهلونه. وهم يقضون الساعات الطوال في مشاهدة أفلام الشيطان التي تخدرهم، ولا يشاهدون حياة القديسين...
                        قال الناسك القديس: ((ياللعالم المعذَّب الشقي. إنّ الشيطان يحكمه، وهو يأتيه كلَّ يوم بحالات وحوادث لكي يسلبه الإهتمام بتذكّر يسوع، فيكف عن رؤية ذاته وجراحه الباطنية، ويكون الآخرون موضع اهتمامه، من دون نفسه. هذا الهرب ينشىء الصراع الباطني الذي ذكرتموه. إنّ آدم قد أخطأ فتوارى، وهرب من أمام الله فتوالت عليه النوائب بعد ذلك. وهذا ما يفعله البشر.
                        إني أصلي طويلاً من أجل خلاص كل العالم: ((ياربي يسوع المسيح إرحمني وارحم عالمك))، وأقضي الليل كلّه مصلّياً، لكي يرأف الله به. هذه هي رسالتنا في هذا العصر المضطرب. وقد أُلْقِيَتْ علينا القرعة، لنكون شهود...
                        لقد قال لي ذلك الناسك أشياء كثيرة. وزائر الجبل المقدَّس يسمع في كل خطوة مثل هذه الأقوال الحكيمة.
                        شكرتُه والتمستُ دعاءه، وتمنيتُ أن يذكرني في صلواته.وخرجتُ من قلايته مفكراً. وهذه القلاية هي الآن قبره. لكنه سيقوم من هناك الى الحياة الحقة.
                        miss you all

                        Comment


                        • #13
                          رد: جبل آثوس

                          Originally posted by rolla View Post
                          ميرسي أبو الزوز و يا ريت كلشي منعرفو عن الجبل انحطو بالعكس بنبسط أبو الزوز هاد الشي بيغني الموضوع ولووووو
                          ما شالله عليكي اغلب المعلومات وكلا كمان زاكرتيها بموضوعك الله يعطيكي العافية ويسلم ايديكي:smily (24):
                          "لا تبصق بالبئر لانك بيوم من الأيام سوف تشرب منه"
                          أخوة حتى الموت

                          Comment


                          • #14
                            رد: جبل آثوس

                            الله يعافيك أبو الزوز و انشالله رح نزل كل كتاب أمسية جبل آثوس و بنصح الكل يقراه لأنو عنجد رائع
                            miss you all

                            Comment


                            • #15
                              رد: جبل آثوس

                              المقابلة مع رجل البرّية
                              تابعتُ مسيرتي نحو الأعالي، قاصداً جبل تجلٍ، فوصلتُ بعد قليل، لكن بجهد كبير، الى البيت الذي أروم زيارته. ووقفتُ برهة لأنشّف عرقي.
                              وجالت في ذهني فكرة، هي أنّ قلاية الناسك المعتزل في البرّية ليست خدراً للسرّ وحسب، بل هي أيضاً خدر سماوي. والساكن فيها هناك، الشاغل ذاته بالهدوء والصلاة، هو رسول للمسيح. هذا ما يقوله القديس غريغوريوس بالاماس في عظة له ألقاها في مدينة سالونيك، وقد انتهز فرصة الكلام عند ذكر حال الرسول توما الذي لم ينُعَم عليه برؤية السيد المسيح القائم من الموت يوم ظهوره للتلاميذ في أحد القيامة، لغيابه. لكنه بعد ثمانية أيام فيما كان مع زملائه التلاميذ ((رأى الرب)). ورجل الله القديس يقدّم النصح للمؤمن قائلاً ((فليفتّشْ باجتهاد، بعد القداس الإلهي يوم الأحد، عن شخص مقتدٍ بأولئك الرسل يقيم منعزلاً مغلقاً على نفسه مدة طويلة يقضيها مشتعل الشوق الى المسيح بالصلاة والترنيم في هدوء وبتناول طعام مناسب. ومتى وجده فليدخْل الى بيته الصغير بإٍيمان، كأنه داخل الى خدر سماويّ، يحوي في داخله قوة التقديس، أي قوة الروح القدس. وليجلسْ الى جانب الساكن فيه، وليُقِمْ عنده ما استطاع وليتحدثْ معه عن الله والأمورالإلهية، سائلاً ومتعلّماً باتضاع، وملتمساً المعونة بالدعاء. فمن ينسج على هذا المنوال يأتِ المسيح إليه بصورة غير مرئية، ويهبه سلاماً داخل نفسه ويدفعه الى التقدم بالإيمان ويمنحه أيضاً دعمه ويرتبه مع المختارين، في زمن ملكوت السماوات...))
                              ***
                              اقتربتُ من تلك القلاية عملاً بوصية القديس، معتبراً إياها الخدر السماويّ. وقد تولَّد في داخلي شعور بأنّ ذلك الشيخ هو رسول للمسيح قد شاهد الرب القائم من الموت، وهو الآن موجود في علية أورشليم. فهو إذاً قد تألّه، وله كل ما لله ماخلا جوهره. قال القديس غريغوريوس بالاماس ((كل ما لله يكون أيضاً للمتألّه بالنعمة، بدون التطابق حسب الجوهر)).
                              فكيف لي أن تكون نظرتي إليه نظرة مخالفة طالما أنّ القديس غريغوريوس مشاهد الله يدعوه هكذا؟ وقد كنتُ مثل توما أشتهي أن أرى الرب. فاتخذتُ قراري، بتواضع عميق وانسسحاق، أن أسأله، وأن أعيش ما سيقوله لي. وسيدرك قارىء كتابي هذا أني بتلك المحادثة عن الله والأمور الإلهية، قد أحسستُ بسلام عميق يغمر نفسي...

                              ***
                              قرعتُ باب كوخه الخارجي. وكان الهدوء اللانهائي مهيمناً على المكان، فأثار فيَّ شيئاً من الرعب فارتجفتُ، وسمعتُ خطوات بطيئة، وانفتح الباب بهدوء وبرز أمامي أحد مريدي الشيخ. فقلت:
                              - باركوا...
                              أجاب: الرب...
                              قلتُ: أتمنى أن أقابل الشيخ إن كان هذا ممكناً. فهل هو منهمك الآن في العمل؟
                              إذا زرتَ أحد النساك من المعتزلين في البرّية فاحرصْ على أن تكون شديد التمييز. فقد توقفه عن متابعة صلاته. وقد يكون في حال اختطاف إلهيّ على جبل ثابور، وأنت تهبط به إلى الأرض التي تعجّ بالضجيج فيكون هذا أعظم شر ارتكبته ضدَّه. وهو لا تضايقه شتائمك، وإنما تحزنه فقط دعوتك له إلى النزول من الجبل. غير أنك في الوقت عينه تجلب لنفسك أعظم خير، لأنه إذا حضر لمقابلتك ملأك بطيب إلهيّ، زكي الرائحة، وبهرك بالنور الساطع الذي جمعه فتعمى. فهو كما يقول القديس غريغوريوس بالاماس ((يخرج من الصلاة وكأنه ملتهب بالنار، كما حدث لموسى. فقد كان يسطع نوراً يوم هبط من جبل سيناء فلم يقدر الإسرائيليون أن ينظروا إليه لأنه كان كالحديد المحمر حين يخرج تواً من النار. وإنك لتشمُّ ((رائحة الخلود)).
                              قال لي التلميذ: سأسأل. وذهب ثم عاد بعد دقائق، وقال لي: إنّ الشيخ مريض، لكنه سينهض لكي يراك. فإن شئتَ يمكننا الإنتقال إلى الداخل.
                              جلستُ بعض الوقت مع هذا الراهب الشاب.وقد أثّر في نفسي تأثيراً عميقاً شبابه وحياته في هذا المكان النائي، الموحش، القاسي، فأعجبتُ به عن غير سابق معرفة.
                              سألته: ((هل عددكم كبير هنا))؟
                              قال: الشيخ ومريدوه الثلاثة.
                              قلت: أريد أن أتناقش في بعض الأمور التي تشغل فكري وقد جئتُ إلى هذا المكان القفر لهذه الغاية.

                              قال: حسنٌ ما تفعلون. أما الحجاج فينبغي أن يأتوا إلى هنا محمولين بمثل هذا الشعور. ولكنّ بعضهم يأتي إلى هنا بدافع الفضول وحب الإستطلاع الخارجي. فإنهم يجيئون لكي يروا الشيخ في الظاهر وحسب، ليعودوا بعد ذلك، ويفتخروا بأنهم قابلوه... إنّ هؤلاء ليرهقونه إلى أبعد حد. فهو يشعر بهم وكأنهم زائرو حديقة حيوانات أو سائحون... فيحسن بكم إذاً أن تسألوه في موضوعات ومسائل روحية تشغلكم، ويجدر بكم أن تضعوا في اعتباركم أنه لا تَُكَر هنا نظريات. فإنّ ما يقال معاش. إنه اختبارات حياتية، يعيشها الشيخ، وهو يفصح عن القليل منها لمنفعة زائريه..
                              وما كاد المريد يُتِمُّ كلامه حتى ظهر أمامي الأب...كأنه شمس أشرقتْ فجأة، وربيع أشاع الفرح، وبرق ساطع في دجى الليل، وقد تدلَّتْ من وجهه لحيته الناصعة البياض كأنها شلال. أما عيناه فلامعتان، نّيرتان، سابرتان، قادرتان على التغوّرفي الأعماق، ونادراً ما شاهدتُ باصرتين متجلّيتين مثلهما.
                              يقول القديس غريغوريوس بالاماس إنّ الرسل قد شاهدوا النور غير المخلوق، على جبل ثابور، بعد أن تجلّت أعينهم قبل ذلك بقوة الروح القدس فصارت قادرة على رؤيته.
                              قال حرفياً: ((أترى؟ إنّ الأعين التي تنظر حسب الطبيعة إلى ذلك النور هي عمياء، لأنه غير حسّيّ، فلا يراه الناظرون إليه بأعينهم الحسية، وإنما تراه الأعين التي أعيد تركيبها بقوة الروح الإلهي، فتغّيرتْ وهكذا شاهدتْ التغير، لا التغير الذي جرى أخيراً بل طرأ على طينتنا مذ تألهتْ بالإتحاد بكلمة الله)).
                              وللشيخ هنا عينان متغيّرتان، بسبب كثرة مشاهدته لنور ثابور، ويمكن تبيُّن هذا التغير الكليّ الجمال بوضوح.
                              قلتُ: ((باركوا...)) وانحنيتُ في الوقت عينه لكي أعمل المطانية وأُقّبل يده المقدَّسة المجرَّحة.. التي أدمتها السَّجدات العميقة. إلاّ أنّ الشيخ أسرع إلى الإنحناء أكثر مني ولثم يدي فوقفتُ مبهوتاً. وقلتُ له: لكن أيها الشيخ...أأنتم تفعلون هذا لأجلي، أنا عبدالله البطّال، العاميّ؟
                              فقال: لكنك كاهن حائر على نعمة الله. وهل أطلب منك شيئاً أكثر من هذا؟
                              قلتُ: نحن مملؤون بالخطايا. لأننا نحبا في العالم((السيّء السمعة)) بينما تحيون أنتم في البرّية حيث يملؤها حضورالله نعمة، فصرتم هياكل الله، وعرشاُ ذهبياً للملك. لابل أنتم شاروبيم ناري وكما قال القديس غريغوريوس اللاهوتي((قد سجّلتم الأسفار المقدَّسة ثلاثاً صفحات القلب، فأصبح لكم ذهن المسيح وصرتم مسكناً حيّاً للمسيح في الروح))، فلماذا تعاملونني هكذا؟
                              قلتُ هذا بصوت شاكٍ كأني هُزِمْتُ. والحقيقة أنّ قداسته وتواضعه قد هزماني. فكثيراً ما تلسعك نارُ تواضع الآخر أكثر من كلامه، ويهزك هزاً بحبه أكثر من توبيخه.
                              قال وهو يخفض رأسه: آ...يبدوأنكم تجهلوا طابع البرّية. فإنّ إحدى ميزات الهدوء الشعور الحياتي بالخطيئة. فإذا يأمل المرء ذاته يومياً وجد حالات الخطيئة قابعة في داخله وأحس بتحركات الشرير فلا يلبث أن يشعر شعوراً حقيقياً بأنه أسوأ الخطأة. أريد أن تصدّقني يا أبتِ: إنّ كل من يدخل إلى قلايتي هو أقدس مني. إنه أحد ملائكة الله

                              ***
                              ...لم أقل شيئاً. وقبض على يدي، وبمزيد من المحبة قادني كما يقود الأعمى وأرشدني إلى الكنيسة الصغيرة. فشعرتُ في تلك الساعة أني أعمى أمام نور الشمس المبهر، وأني ضعيف أمام الجبار، وطفل صغير أمام الشيخ الحكيم. وما كان عمله هذا سوى تمهيد لإرشاد آخر سيقدّمه لي بعد قليل، أوه...إنك تشعر عنده بالأمان وبنعمة لا يمكن وصفها، وإني لأحسّ بحرارة يده الآن!
                              مررنا من بابين صغيرين، لابد لك أن تنحني لكي تعبرهما. كل شيء هنا يدلّ على الإتضاع. فيجب أن تدخل قلاية ناسك البرّية وأنت منحن وأن تنسى كيف كنتَ أو ماذا تكون، فالمكان هنا لا يتسع للمتكبرين المتعالين والأنانيين.
                              دخلنا الكنيسة الصغيرة فدعاني إلى السجود أمام أيقونات الأيقونسطاس والمائدة المقدسة في الهيكل فيما أخذ يشعل القناديل ويرتل في الوقت عينه طروبارية القديس شفيع الكنيسة.

                              ***
                              أول ما يقولونه لك إذا دخلتَ ديراً أو قلاية هو أن تسجد أمام أيقونات الكنيسة. وأول مجاملة من جانبهم هي أن يتيحوا لك السجود أمام الرفات الشريفة. فهذه هي الأمور الأهم عندهم في كوخ فقير. وهم يعيرونها كل الإهتمام. إنّ رفات القديسين التي يحافظون عليها بكثير من الورع والإحترام، تدلّ على غياب القديسين من العالم وعلى حضورهم فيه أيضاً بالنعمة. فمنذ خروج نفس القديس من جسده من بعد اكتمالها تستلم النعمة الإلهية جسده أيضاً. وهذا ما يفسر عجائب رفات القديسين ورائحتها الذكية كما يقول القديس سمعان اللاهوتي الجديد.
                              في هذه الكنيسة يشعر الشيخ ومريدوه بصلاح الله ويشتركون في العشاء السرّي.
                              ***
                              ...قادني بعد ذلك، إلى مكان قريب، قال إنه غرفة إستقبال، تحتوي على بعض المقاعد الصغيرة. وكان على رفوف أحد جدرانها بعض الآباء: فيلوكاليا (أقوال كبار النساك وشيوخهم والآباء الصاحين)، غيرونديكون (قصص شيوخ الرهبان وحِكَمُهم)، مقالات إسحق السرّياني، وأفرام السرّياني، وغريغوريوس بالاماس، وسواهم. جلسنا على مقعدين صغيرين وجذبني إلى مقربة منه واستغرق في صمت. وكان واضحاً أنه يصلي من أجل أن ينيرني الله فأكشف هناك عن ذاتي، ومن أجل أن ينير الله هو ايضاً لكي يقول لي ما يجب قوله.
                              miss you all

                              Comment


                              • #16
                                رد: جبل آثوس

                                مباحثة مع الشيخ في الصلاة

                                بدأتُ الكلام بصوت منخفض قائلاً: أيها الشيخ القديس، لقد استولتْ عليّ في هذه الأيام رغبة شديدة أعتقد أنّ الله قد زرعتها في نفسي. إني أريد أن أطهر. أرى داخلي يعجُّ بالأهواء، وأشاهد قلبي كأنه غابة مدغلة متوحشة تأوي العديد من الوحوش الضارية والشيطان فيه سيّد يعيث فساداً كيفما شاء. أجل أريد التحرّر من هذه الحال الرهيبة بتقديم ذاتي بكاملها لله لكي ينيرها، فتكون له. فقد سطا عليها الشيطان الشرير كثيراً. إني أريد أن أطهر، ولكني لا أعرف كيف أحقق ذلك. اسمعني أيها الشيخ، إني أريد أن أطهر، فأرشدني إلى الطرق الناجعة وأنا مستعد لقبولها، ولتنفيذ كل ما تقوله لي، بطاعة عمياء.
                                ...كنتُ قد بدأتُ الكلام بصوت منخفض لكني ختمتُه بنبرة عالية، باكية. ولا بد أنّ كلماتي الأخيرة نزلتْ على أذنَي الشيخ كالصاعقة. فنظر إليّ بمحبة بالغة شأنها شأن المحبة التي يعرف الرهبان وحدهم إظهارها وترك في نفسي انطباعاً بأنه ينبغي ألاَّ أنزعج من هذا القلق فإنه قلق مبارك.
                                قال: من الواضح أنَّ الروح القدس يكون حاضراً ويعمل في داخلنا عندما نعيش هذه الحالات. فنحن بذلك نكون قد شرعنا في التقدّم في طريق مشاهدة الله. هذا هو المقام الأول في طريق المشاهدة. وإذا كانت الرؤية الكاملة للنور غير المخلوق نوراً يلطّف النفس ويبثُّ فيها الهدوء، فإنّ التوبة وشعورنا بأنّنا في حال خطيئةٍ نورٌ يوقد النفس ويلهبُها. فالتوبة والرغبة في تطهير النفس من الأهواء هما ساعة النعمة الإلهية. فهي وحدها التي إن حلَّت في داخلنا تجعلنا قادرين على الشعور بعزلتنا، فنحنُّ إلى العودة الله ونجاهد لكي نتّحد به. ومن المحال أن تجول في ذهننا مثل هذه الأفكار وأن تكون لنا هذه الرغبة إن لم تأتِ نعمة الله.
                                إنه مرشد حكيم، واسع الخبرة، ورحي. ومن الحق أنه رجل حلّتْ فيه نعمة الله. وهو كالطبيب الماهر يعلم كيف يطمئِنُ وكيف يبث فيك السلام، ويعطيك دواء مهدّئاً لا ليريحك راحة تغلب عليها الأنانية، بل ليتسنى له المضيّ في المعالجة حتى إجراء العملية فيشفيك. وتابع كلامه فقال:
                                - بعد أن نوضح هذه النقطة، سيكون عليّ أن أنصحك بانتهاج بعض الطرائق أو بالأحرى مجرَّد طريقة واحدة في غاية البساطة. فلا تنتظر مني أن أكلفك القيام بأمور ثقيلة جداً. عليك فقط بالصلاة إلى يسوع: ((يا ربي يسوع المسيح، إبن الله، إرحمني )) فإنه يطهّر نفسنا.
                                وأعني بهذه الصلاة صرخة استغاثة بلا توفق ترفعها إلى الله مخلّصنا. فإنّ في استدعاء يسوع والإتحاد به يمكن خلاصنا كله. وما علينا إلاَّ أن نناديه لكي يوافينا، فإذا أتى شفانا. نحن نصرخ كمرضى، وهو يأتي لمعونتنا، كطبيب محبّ كالساقط بين اللصوص، علينا أن نستغيث، فيأتي السامري الصالح ليطهّر جراحنا ويقودنا إلى الفندق، أعني مشاهدة النور الذي يشعل كياننا كله. حين يأتي الله قلبنا يقهر الشيطان ويصدّه وينقّينا من الأدناس التي أحدثها الشرير فينا. يتضح من هذا أنّ الأنتصار على الشيطان هو نصر للمسيح بواسطتنا. فنحن علينا القيام بالجانب البشري وهو أن نستدعي المسيح. أما هو فيقوم بالجانب الإلهي ليهزم الشيطان وينقّينا.

                                لذا ينبغي ألاّ نرغب نحن في عمل الجانب الإلهي وفي أن يعمل الله الجانب البشري. يجب أن نفهم هذا جيداً وهو أن نقوم من جانبنا البشري بالصلاة والله يعمل الجانب الإلهي ألا وهو الخلاص...وفي الحق أن كلّ محاولة تقوم بها الكنيسة هي إلهية وبشربَّة معاً.
                                miss you all

                                Comment


                                • #17
                                  رد: جبل آثوس

                                  1- قيمة الصلاة :

                                  قلتُ له:
                                  إن كنتُ قد فهمتُ جيداً، فهذا يتم تحقيقه بصورة مؤكَّدة بالتنسك والصحو والصلاة إلى يسوع. لكن إسمحوا لي بسؤال، لأني أؤمن به، بل لأني أسمع دائماً إعتراضات على ((هذه الصلاة التي تحمل النعمة)) من أناس مختلفي المشارب في عصرنا، فهم يقولون إنّ الصلاة والطريقة التي تتم بها ليست إلا ((يوغا)) مسيحية مرتبطة بنماذج مماثلة في الديانات الشرقية. فماذا تقولون في هذا؟
                                  أجاب: يبدو أنّ القائلين يجهلون تماماً الحالة النعمويَّة (الكارزماتية) في كنيستنا. فنحن نحصل على النعمة الإلهية بالصلاة وهم لم يعيشوا هذه الحالة لذلك لا يعلمون. لكن ينبغي ألاَّ يضعوا أصحاب الخبرة في موضع الإتهام. إنهم يجدّفون على الآباء القديسين فالعديد من هؤلاء الآباء جاهدوا من أجل هذا الدعاء تحدثوا عنه وعن قيمته بحرارة وقوة، فهل سقطوا في ضلال؟ وهل ضلّ القديس غريغوريوس بالاماس؟ وهم يجهلون أيضاً الكتاب المقدّس. فإنّ عبارة ((يا ابن داود إرحمنا)) ومعناها يا يسوع ارحمنا، قالها عميان فوجدوا النور، وقالها بُرص فطهروا من برصهم الخ..
                                  إنّ الصلاة: ((يا ربي يسوع المسيح ابن الله إرحمني)) تتألّف من أمرين أساسيين، الأول عقائدي: إعتراف بلاهوت المسيح، والثاني توسّلي: تضرّع من أجل خلاصنا. والصلاة بكلام آخر هي اعتراف إيمان بالله- الإنسان، مرتبط بعجزنا عن الحصول على الخلاص بمفردنا. هذا ما تقوله الصلاة، وعلى هذين الأمرين يرتكز جهاد المسيحي كله: إيمان بالله- الإنسان، وشعور بسقوطنا في حالة الخطيئة. فالصلاة تُعبَّرُ بكلمات وجيزة عن محاولة المؤمن بكاملها كما إنها تلخّص عقيدة كنيستنا الأرثوذكسية كلها.
                                  ونحصل بالصلاة على معرفة مزدوجة. يقول القديس ماكسيموس المعترف((إنّ هوى الكبرياء يقوم على جهلين، هما جهل للقدرة الإلهية وجهل للعجز البشري. وهذا الجهل المزدوج ينشىء ذهناً مشوَّشاً. فالمتكبر إذاً هو إنسان الجهل، أما المتواضع فهو إنسان المعرفة المزدوجة، لا يعرف عجزه الذاتي وحسب بل قوة المسيح أيضاً. فبالصلاة إلى المسيح نقرّ بقوة المسيح ونعترف بها: ياربي يسوع المسيح إبن الله، ونقرّ ونعترف أيضاً بعجزنا إذ نقول: إرحمني. بهذا نحصل على حال الإتضاع المغبوط. فحيث التواضع تكون نعمة المسيح أيضاً. وهذه النعمة هي ملكوت السماوات. أترى إذاً قيمة((الصلاة)) وكيف يمكننا بقوّتها الحصول على ملكوت الله؟
                                  - إني أعلم أيها الشيخ أنّ هناك شرطاً ضرورياً للخُلُق الأرثوذكسي، هو أن لا نفرِّق أبداً المسيح عن أقنومي الثالوث الفائق القداسة. لهذا نستدعي في القداس الإلهي، بصورة دائمة، الثالوث القدوس ونمجده في كل الطلبات مشيرين في خاتمتها إلى دواعي الطلب: ((لأنه ينبغي لك كل مجد وإكرام وسجود أيها الآب والإبن والروح القدس الآن وكل آن...)). ((نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله الآب، وشركة الروح القدس، لتكن مع جميعكم)) الخ. فهل ((الصلاة)) الموجَّ فقط إلى الأقنوم الثاني للثالوث القدوس تنحرف عن التعليم القويم؟
                                  - إنها لا تنحرف البتة وسأتوسّع في شرح ذلك. إنّ الصلاة تُسمى((صلاة يسوع)) لكنها تقوم على أساس ثالوثي المعنى. فمما لا ريب فيه أنّ المسيح هو((أحد الثالوث القدوس )) فهو لا يوجد أبداً بدون الآب والروح القدس، لأنه هو الأقنومان الآخران
                                  ((ثالوث قائم في الجوهر ذاته وغير منفصل)). والخريستولوجيا(الدراسة حول المسيح) ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالثالوثيات(ترياذولوجيا).
                                  ولنعدْ إلى موضوع الصلاة. إنّ الآب أمر يوسف بواسطة الملاك أن يطلق على المسيح إسم يسوع فسمَّاهُ يسوع(متى1: 21). أطاع يوسف أمر الله وأطلق على ابن البتول إسم((يسوع)). كما أنّ الروح القدس أنار الرسول بولس فكتب يقول: ((لا يستطيع أحد أن يقول يسوع ربّ، إلاَّ بالروح القدس)) (1كو 12: 3). فبترديدنا الصلاة(ياربي يسوع المسيح، إبن الله إرحمني) نتعرّف على الآب من جديد ونُظهر له الطاعة، بالإضافة إلى أننا نحسّ بأفعال الروح القدس وشركته. والآباء القديسون قد أنارهم الروح القدس، فقالوا لنا ((إنّ الآب يفعل كل االأشياء بواسطة الإبن في الروح القدس )). فالثالوث القدوس بكامله قد خلق العالم وصنع الإنسان. والثالوث القدوس أعاد خلق الإنسان والعالم من جديد. (لقد سُرَّ الآب، والكلمة صار جسداً) و(صار جسداً من الروح القدس). أي إنّ تأنُّس المسيح قد تمَّ ((بمسرّة الآب وبمشاركة الروح القدس في الفعْل)) لهذا نقول أيضاً إنّ خلاص الإنسان والحصول على النِعَم الإلهية عمل مشترك للثالوث القدوس. وسأذكر لكم تعليمين مميَّزين علّمهما الآباء:
                                  كتب القديس سمعان اللاهوتي الجديد، يقول إنّ ابن الله وكلمته هو باب الخلاص، حسب إعلانه ((أنا الباب، إن دخل أحد بي يخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى))
                                  ( يو 1.: 9). فإٍن كان المسيح هو الباب، كان الأب هو البيت((في بيت أبي منازل كثيرة)) (يو 14: 2). فنحن ندخل إلى لدن الآب بواسطة المسيح. ولكي يُفتح الباب لا بد لنا من المفتاح. والمفتاح هو الروح القدس، لأننا بفعل الروح القدس نعرف الحق. والحق هو المسيح. إنّ الآب قد أرسل ابنه إلى العالم، وابن الله وكلمته يكشف لنا الآب. أما الروح القدس المنبثق من الآب والمرسل بواسطة الإبن فإنه يصوّر المسيح ((في قلوبنا)). وهكذا نعرف الآب بواسطة الإبن في الروح القدس)).
                                  والقديس ماكسيموس المعترف يتحدث كثيراً في كتبه عن الكلمة في تجسداته السرّية. وقد كتب يقول في أحد مؤلفاته إنه كما كانت أقوال الناموس والأنبياء سابقة لحضور الكلمة بالجسد، هكذا حدث حين تجسد ابن الله وكلمته فقد صار بتجسده سابقاً لحضوره الروحي..مؤدَّباً النفوس بأقوال مناسبة لقبول حضوره الإلهي المجيد)).
                                  وبكلام آخر ينبغي أن يتجسد المسيح في داخلنا، وبدون ذلك يتعذر علينا أن نرى مجده في السماوات. غير أنّ تجسد المسيح في داخلنا يصير بمسرّة الآب ومشاركة الروح القدس في الفعل.
                                  أرأيتم كيف يُعبَّر عن فعل الثالوث القدوس المشترك وكيف نتبيَّن السرَّ العظيم ونعترف به، وهو السر الذي أظهره الرب بتجسده؟
                                  فمن يرفض إذاً الصلاة إلى يسوع ولا يعترف بها يرتكب خطأ كبيراً. فإنه ينكر الثالوث القدوس ويعصى الآب ولا يتقبّل إشراقات الروح القدس، وهو إذاً ليس على صلة حقيقية بالمسيح، وعليه أن يساوره الشك في أنه مسيحي أرثوذكسي.
                                  - أتمنى أيها الشيخ أن تمدوني بمزيد من التفسير وتتوسعوا في شرح ما سألتكم عنه سابقاً، أعني ما الفرق بين الصلاة وطريقة اليوغا وأن تبينّوا لي أفضيلة الصلاة وسموّها على الديانات الشرقية الأخرى، طالما لديكم بنوع أخصّ المزيد من الخبرة في هذا الموضوع.
                                  - إنّ هذا الموضوع، يا بني، واسع جداً. ويمكن أن يُقال فيه الكثير. ومما قلتُه تظهر بعض النقاط.
                                  أولاً: الصلاة تعبّر بشدة عن الإيمان بالله الذي خلق العالم ويحكمه ويحبه. فهو الأب الحنون المهتم بأن يخلّص خليقته. والخلاص يتمّ ((في الله)). لهذا نتوسل في الصلاة قائلين ((إرحمني)).
                                  إنّ تخليص المرء نفسه بذاته، وتأليهه لذاته، هما أمران بعيدان عن المجاهد بالصلاة العقلية لأنهما كانا الخطيئة التي سقط فيها آدم. فقد أراد أن يصير إلهاً خارج الإطار الذي حدَّده الله له. والخلاص لا يتم ((بواسطة الذات ومن الذات)) وهو ما تقول به النظم البشرية وإنما يتمُّ في الله.
                                  ثانياً: نحن لا نجاهد بالصلاة من أجل أن نقابل إلهاً غير شخصي، لأننا لا نبتغي الإرتفاع إلى العدم المطلق، وصلاتنا تتركز على إله شخصي هو يسوع الإله – الأنسان ولهذا نناديه بالصلاة ((يا ربي يسوع المسيح، إبن الله)). وتلتقي في المسيح الطبيعتان الإلهية ةالإنسانية، أعني الله الكلمة والإنسان بكامله (يسكن فيه كل ملء اللاهوت جسدياً). ولذلك يرتبط تعليم الرهبنة الأرثوذكسية عن الأنسان والخلاص بالتعليم عن المسيح برباط وثيق. نحن نحبّ المسيح ونحفظ وصاياه، ونعطي لهذا أهمية كبرى، ونصرّ على تنفيذ وصايا المسيح. وقد قال هو نفسه((إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي (يوحنا 14: 15) وبحبنا للمسيح وحفظنا وصاياه نتحد بالثالوث بكامله.
                                  ثالثاً: بالصلاة العقلية المتواصلة لا نتردّى في حال الكبرياء، أما النظم التي ذكرتها لي سابقاً فتسودها الكبرياء، ولكننا نحصل بالصلاة على حال التواضع المغبوطة. وإذ نقول ((إرحمني)). نعتبرذاتنا أسوأ الناس أجمعين، ولا نحتقر أحداً من الإخوة. والمجاهد بالصلاة تنأى عنه كل أنواع الكبرياء. أما من عنده الكبرياء فهو أحمق.
                                  رابعاً: ليس الخلاص فكرة مجردة- كما قلنا- وإنما هي إتحاد بالله، المثلّث الأقانيم، في شخص((ربنا يسوع المسيح)). لكنّ هذا الإتحاد لا يبطل العامل البشري. فنحن لا نفنى في الله ما دمنا نحن أيضاً..أشخاصاً)).
                                  خامساً: إننا نحصل خلال مضيّنا في الصلاة على قدرة تَبَينُّ الضلال، فنرى ونميّز حركات الشيطان. ولكننا في الوقت عينه نميّز أفعال المسيح أيضاً، أعني أننا نعرف بوضوح روح الضلال الذي كثيراً ما يتشكّل في صورة ملاك نور. وهكذا نميّز بين الصالح والشرير، وبين غير المخلوق والمخلوق.
                                  سادساً: إنّ الجهاد من أجل((الصلاة)) مرتبط بتطهير النفس والجسد من تأثير الأهواء القتّال. لسنا نسعى إلى الوصول إلى التجرد من الإنفعال(الأباثيا) تقول به الفلسفة الرواقية، بل نبتغي البلوغ إلى( أباثيا) ديناميكية، أعني أننا لا نهدف إلى إماتة الإنفعال Pathos) (وإنما إلى تجلّيه(إعادة تشكيله) أو تهذيبه. فبدون الإنفعال اللا إنفعالي لا يمكن أن يحب أحد الله ولا أن يخلص. لكن بما أنّ هذه المحبة قد فسدتْ واعوجَّتْ، فإِننا نسعى إلى التجلّي، نجاهد من أجل تحرير صورتنا من الحالات الشاذة المشوِّهة لها، والتي أحدثها الشيطان.
                                  بدون هذا الجهاد الشخصي الذ1ي يتم بنعمة المسيح لا يمكننا أن نخلص. يقول القديس ماكسيموس المعترف((إنّ المعرفة غير المقرونة بالعمل لهي ثيولوجيا شياطين)).
                                  سابعاً: لا نبتغي بالصلاة قيادة العقل إلى العدو المطلق، بل توجيهه إلى القلب ونقل نعمة الله إلى داخل النفس، وامتدادها إلى الجسد أيضاً.((إنّ ملكوت الله داخلكم )) والجسد حسب تعليم الكنيسة ليس شراً ولكنّ التفكير ذا النزعة الجسدية شر. والجسد ليس ((رداء النفس)) كما تسميه بعض النظم الفلسفية، لذلك يجب علينا أن نخلّصه لا أن نلغيه. كما أنّ الخلاص يعني خلاص الإنسان بكامله، نفساً وجسداً. ولذلك نحن لا نسعى من أجل تدمير الجسد، ولكننا نقاوم عبادة الجسد، ولا نريد هدم الحياة ولا نسعى إلى الوصول إلى عدم الرغبة في الحياة بحيث يتوقف الألم. ونمارس((الصلاة)) لأننا متعطشون إلى الحياة، ونريد أن نحيا مع الله إلى الأبد.
                                  ثامناً: ليس لدينا عدم اكتراث بالعالم من حولنا. إنّ مختلف النظم التي ذكرتها تتجنب التفكير في مشاكل الناس ليحفظ أصحابها لأنفسهم السلام والتجرّد من الإنفعال. أما نحن فنعمل نقيض ذلك لأننا نصلي من أجل الجميع نتضرّع إلى الله من أجل العالم كلّه.
                                  والخلاص بنوع أخصّ الإتحاد بالمسيح. لذلك نكون على صلة إجتماعية بأشخاص آخرين فنحن لا يمكن أن نخلص وحدنا، ولا يكون فرحنافرحاً حقيقياً إن انحصر فينا ولم يكن فرحاً للعالم أيضاً.
                                  تاسعاً: نحن لا نعير الطرق النفسية أهمية كبرى ولا نكترث لأوضاع الجسم المختلفة، ونرى أنّ في بعض هذه الطرائق وسائل تساعدنا على تركز العقل في القلب، أي في بعض جوهره. ومن بعد استخدامنا لها لهذه الغاية نتركها فوراً. وأكّرر القول، إننا لانسعى إلى التجرُّد من الإنفعال بل إلى نيل النعمة الإلهية.
                                  قلتُ: أقدّم لك أيها الشيخ جزيل الشكر على هذه الأفكار المرشدة الموضحة، وهي على جانب كبير من الأهمية لأنها صادرة عنكم، وأنتم تعيشونها بالإختبار. لكن اسمحوا لي بسؤال: هل الصلوات الأخرى غير ملأئمة؟ أفلا تساعد هي أيضاً؟
                                  - لكل صلاة عظيمة. فهي صرخة نفس. والعون الإلهي يأتي بمقدار الإيمان وحرارة التوسّل. أكانت صلاة عبادة جماعية أم صلاة فردية الخ. أم ((صلاة)) يسوع فهي ذات قيمة كبيرة لأنها، كما قال القديس إسحق السرياني، المفتاح الصغير الذي به نستطيع الولوج إلى الأسرار((التي لم ترها عين، ولم تسمع بها أذن، ولم تصعد إلى قلب إنسان)). فهي تجمع العقل وتزيد من ضبطه، وتدفعه إلى الصلاة بقوة أشد، لا يمكن تصورها. اعني أنها تجعله((مجرداً من اللون، والنوعية، والشكل)). وسرعان ما تجلب له نعمة غزيرة وهي تحمل إليه المزيد من النعمة، أكثر كثيراً مما يأتي به الترتيل، لأنها وثيقة الصلة بالتواضع وبمعرفتنا بخطايانا معرفة أكيدة. هذا ما يقوله الآباء القديسون. وقد تكلّم في الموضوع عينه القديس غريغوريوس السينائي فقال: ((إنّ الترتيل هو عملياً للممارسين والمبتدئين. أما الصلاة فهي لأولئك الذين ذاقوا النعمة الإلهية أعني بهم الهدوئيين)).
                                  ((...أما أنت فلا ترتّل في أحيان كثيرة..لأنّ في ذلك تشويشاً...فما الترتيل الكثير إلا للعمليين بسبب عدم المعرفة والتعب، وليس للهدوئيين الذين اكتفوا((في الله)
                                  لكي يتوسلوا إليه في القلب ويبتعدوا عن الأفكار...ومن ذاق النعمة فليرتّل باعتدال- حسب تعليم الآباء- وما عليه إلاَّ قضاء معظم وقته في الصلاة. أما إذا كان في الإستراحة والإسترخاء فليرتّل أو يطالع المؤلفات العملية، التي وضعها الآباء القديسون)).
                                  وأضاف قائلاً: يحدث يا أبتِ مع الترتيل عادة حصول فوضى لا بل تتسرّب معه أيضاً الأنانية والكبرياء بسبب رخامة الصوت وحسنة، وما يفصح عنه سامعوه من انطباعات. أما إذا ردَّد الراهب((الصلاة)) في قلايته قائلاً((إرحمني)) فإنه يكون في منأى عن العوامل الخارجية التي تدفع إلى بروز الكبرياء. لهذا يكثر الهدوئيون ممارسة هذا النوع الذي علّمنا إيَّاه آباؤنا، فيصلّون صلاة السحر وصلاة المساء، مستعملين الحبل المعقود ومردِّدين((الصلاة)).
                                  - لكنّ هذه الصلاة قصيرة جداً وشديدة الإنجاز. فهل يجب أن يُثَّبت العقل فيها؟
                                  - العقل يتعلّق بالجمل القصيرة تعلُّقاًَ شديداً، يفوق تعلُّقه بسواها. إلاَّ أنّ للصلاة عمقاً بعيداً الغور تتعذَّر رؤيته من الخارج. ومن صفات العقل أنه حيث يفق يتغلغل في العمق ومن هناك يقود الرغبة والمحبة. هذا ما عناه القديس ماكسيموس المعترف بقوله: ((إن العقل قد اعتاد التوسّع في الأمور التي يستقر عليها زمناً، ومن هذه الأمور الرغبة والمحبة فهو يتوسّع فيهما ويوجّههما إمَّا إلى الأمور الإلهية والواجبة والعقلية، وإمَّا إلى أمور الجسد والأهواء)).
                                  مثل هذا يحدث للمعرفة أيضاً بنوع أخصّ. فإنّ أمراً بسيطاً واحداَ يبدو من أول نظرة أنّ في الإمكان وضعه موضع درس وبحث طوال سنين. فكم بالحري لو كان هذا الأمر إسم((يسوع)) الكلي الحلاوة. فلا ريب أنّ المرء يمكن أن يواظب على درسه طوال حياته.
                                  - طالما أنَّ لهذا الإسم قوة بهذا المقدار، فاسمحوا لي أيها الشيخ أن أسألكم: كيف يتم ذلك؟ وكيف يتسنىّ للمرء أن ينعم به؟ أعرف أني أضايقكم بأسئلتي لأنكم تدركون أنّ أمامكم إنساناً يجهل هذه الموضوعات ولا خبرة له فيها. غير أني قلت في نفسي إنكم ستساعدونني كثيراَ.
                                  - الصلاة يا بُنيَّ هي العلم الأعظم، ولا يستطيع أحد شرحها على الوجه الدقيق، ولا تحديدها تحديداً كاملاً. لأنه قد يُساء فهمه ولن يدرك قصده من ليس لديه أدنى الخبرات. والصلاة أيضاً فوزجهاد حقيقي. ويمكنني القول إنها الصورة القصوى التي نحصل منها على الثيولوجيا(علم الإِْلهيات) أوبالأحرى نكتسب منها رؤية الله.
                                  والثيولوجيا وليدة الصلاة النقية الخالصة، وهي جَنْيُها المبارك وثمرها المستطاب. أما هدوء البرّية الكلية الحلاوة فهو مناخ نموّها وعيشها بالإختبار، بكل محتواها الفعَّال. وهي أيضاً وليدة التطهّرمن الأهواء.

                                  - لقد سبق لي، أيها الشيخ، أن قرأتُ المفعم بالنعمة، عمل الهدوء العقلي، أعني به استدعاء إسم يسوع. غير أني، بعد أن أوضحتم لي قيمته، أريد أن

                                  - الموضوع من خبرتكم الشخصية. فإني لا أرغب في هذه المعرفة لمجرد الفضول الإستطلاع، وإنما أريد أن أعيش هذه الحال المباركة ما استطعتُ إلى ذلك سبيلاً. وعسى ألاَّ ترفضوا هذه الرغبة.

                                  miss you all

                                  Comment


                                  • #18
                                    رد: جبل آثوس

                                    2- مراحِلُ الصلاة:

                                    لقد ذكرتُ فيما سبق، أنّ الصلاة العقلية تتطلَّب بصورة رئيسية رفضاً للعالم، وطاعة للشيخ، وقراراً يتصميم الراهب على البقاء في الغربة، والمحافظة على تنفيذ وصايا المسيح لمدة (زمنية) طويلة يتركّز انتباهنا في البدء على تحقيق المسيح وعلى الإهتمام بالمنجزات النسكية، وهي الإمساك والطاعة. ونعلم من آبائنا القديسين أنّ الفضائل لا توحّد الإنسان مع الله توحيداً كاملاً بل تنشىء الجوّ المناسب لذلك ثم تأتي الصلاة ويتوحّد الإنسان مع الله القدوس المثلّث الأقانيم.
                                    والفضائل شرط سابق لا بد منه لنوال المزيد من النعمة وهي في الوقت عينه تضفي على صاحبها نعمة. فإذا تأكد الشيخ الخبير في الصلاة، أنّ مريده قد تخلى عن إرادته الذاتية وتطهَّر من أهوائه الثقيلة، قرّر أن يعلّمه سرَّ صلاة يسوع. لكنه لا يقول له كلَّ شىء فوراً، ويكتفي بما يستطيع أن يتحمّله ويحقّقه، فيرشده تدريجاً لئلا يتعرّض المزيد لحال من اليأس أو الضلال وهو أمر يتحمل حدوثه أحياناً.
                                    - ما هذه المراحل وما هي درجات المراقي السرّية التي تؤدي إلى الإتحاد الكامل بالمسيح، بالنعمة المؤلّهة؟
                                    - إنّ غاية الصلاة الأساسية هي توحيد الإنسان المتفتّت تفتّت الفخار.
                                    - إسمحوا لي أن أستوقفكم لأسأل ما معنى توحيد الإنسان؟
                                    - إنّ الإنسان بحسب صيغة الكتاب المقدّس مخلوق على صورة الله، والله مثلّث الأقانيم ولكنه جوهر واحد(الآب والإبن والروح القدس). والنفس هي أيضاً كذلك لأنها على صورة الله، فهي موحَّدة وفي الوقت عينه متعدّدة القوى وقواها ثلاث: العقل والشهوة والإرادة. وينبغي أن تكون هذه القوى الثلاث في وحدة وأن تتجه صوب الله. ويقوم التطوّر الطبيعي لهذه القوىالثلاث حسب قول القديس ماكسيموس على مايلي: أن يعرف العقل الله وأن تشتهي شهوةالمرء الله وتحبه وحده دون سواه. أما الإرادة فينبغي أن تفعل مشيئة الرب. بهذا تطبّق الوصية
                                    (( أن تحبّ الرب إلهك من كل قلبك...ومن كل عقلك...ومن كل قوتك...)).
                                    فإن بقي العقل عند الله أثار الشهوة لكي تحبَّه تعالى، وحفَّز الوجدان إلى الجهاد ضدّ الأرواح الشريرة وجدَّ مبتغياً التطهّر. وتبقى الوحدة قائمة ما دام الإنسان متجهاً صوب الله.
                                    أما الخطيئة فإنها تحطّم وحدة قوى النفس الثلاث. وفي هذه الحال- حال السقوط في الخطيئة – ينتهي العقل إلى عدم معرفة الله وتتجه الشهوة إلى حب المخلوقات لا إلى حب الخالق وتقع الإرادة تحت طغيان الأهواء، وبذلك يتم استعباد النفس استبعاداً كاملاً. ولقد أجاد القديس غريغوريوس بالماس في وصف هذه الحال فقال: أولاً، إنّ عقل الإنسان ينأى عن الله ويتجه صوب المخلوقات. ((فإن فتحنا للأهواء باباً، يتشتّت العقل فوراً، تائهاً كلَّ ساعة حول الأمور الجسدية والأرضية وحول الملذات المتنوعة الأشكال، وما يدور فيها من هواجس مضطربة.
                                    ثانياً: إنّ العقل النائي عن الله يجرف الشهوة بعيداً عن الله وعن وصاياه ((فإذا تشتّت (العقل) انتشرت (الشهوة) في الزنى والحماقة، متقاسمة ما في كل منهما من شرور... ومتى ضعف العقل، تضاءلتْ قدرة النفس على الحب الحقيقي، فتسقط من اشتهاء ما يجب اشتهاؤه وتلتصق بمختلف الميول المندفعة إلى طلب التمتع باللذة فتتوزّع ما بين اشتهاء أطعمة غير ضرورية واشتهاء أجسام غير شريفة ثم تتجه طوراً إلى اشتهاء أشياء غير نافعة وتنجذب تارةً إلى الرغبة في مجد باطل لا مجد فيه)).

                                    ثالثاً: تُستعبَد الإِرادة للأهواء وترزح تحت طغيانها. أعني أنها تتوحش ((فلا يُمسي المرء، ذاك الذي رُتّب له أن يكون بين أبناء الله، شبيهاً بالحيوانات البهم غير العاقلة وحسب، بل يكون أشبه بالزواحف السلمة أيضاً كالعقرب والأفعى وليدة الأفاعي)).
                                    بهذا إذا تبتعد قوى الإنسان الثلاث عن الله فتفقد الوحدة القائمة في ما بينها. والملاحظ أنّ الشهوة إذا أرادت العودة إلى الله منعتها الإرادة. وإن أرادت الشهوة العودة إليه تعالى رغب العقل عن حب الله وذلك بسبب جحوده وإلحاده.
                                    إننا نبتغي هذه العودة وننجح في تحقيقها نهائياً بواسطة الصلاة وابتغاء العودة يبدأ بانصراف العقل إلى تجميع قواه. أما التحقيق فيتمّ بانفصاله عما حوله وعودته إلى ذاته. وبعد ذلك مباشرة يقوم بإِعادة الشهوة.
                                    - إني أعتقد أنكم شرحتم الموضوع بأجلى بيان ففهمتُه.
                                    - ليست أنا يا بنيّ بل الآباء هم الذين شرحوه.
                                    - بعد المقاطعة وما تلاها من الشرح أرجو أن تذكروه لي بتحليل أدق مراحل الصلاة، ومن اين يبدأ المرء، وكيف يجب أن يتقدّم فيها؟
                                    - هناك خمس مراحل رئيسة بنوع أخصّ.الأولى: صلاة يسوع بالفم. ونكرّرها بشفتينا ونسعى في الوقت عينه إلى تركيز انتباهنا على كلماتها.
                                    ثانياً: يباشر العقل ((الصلاة))، بعد ذلك، ويردّدها ذهنياً ومن هنا عُرفتْ بالصلاة العقلية. وينصبّ كل انتباهنا على الكلمات من جديد، لكنها تكون قد تجمّعت في العقل. وحين يتعب العقل نشرع مجدّداً في همس ((الصلاة)) بالشفتين.
                                    وهذه الطريقة- إضافة إلى استعمال الحبل المعقود- هي بمثابة الدرس الأول للصلاة. فمن هناك يجب البدء. ولكن متى جاء دور الأكمل بَطُل الأقلّ كمالاً هناك.
                                    ثالثاً: تنحدر ((الصلاة)) بعد ذلك إلى القلب فيتّحد العقل والقلب ويترابطان. أما الإنتباه فيكون في القلب حيث يتعمّق من جديد في كلمات ((الصلاة))، وبنوع أخصّ في إسم يسوع البعيد الغور... الذي تتعذّررؤيته.
                                    رابعاً: تصير الصلاة في هذه الحال فاعلة بذاتها. فهي تستمرُّ بينما المرتاض (الناسك) يعمل أو يأكل أو يتحادث أو يوجد في الكنيسة أو حتى إبّان نومه، كما جاء في الكتاب المقدّس: أنا أهجع وقلبي ساهر)).
                                    خامساً: يشعر المرء بعد ذلك بشعلة إلهية لطيفة داخل نفسه، فتشعلها وتفرحها لأنّ نعمة المسيح تحلّ في نفسه، ويسكن فيه الثالوث القدوس.
                                    يقول القديس باسيليوس الكبير((هذه هي سكنى الله وهي أن يحظى المرء بالله مقيماً في ذاته بواسطة الذّكر. هكذا نصير هيكلاً لله عندما لا يتقَّطع الذكر المتواصل بالإهتمامات الدنيوية أو يضطرب العقل بالأهواء المفاجئة غير المنتظرة. وعلى محبّ الله حين يتجنَّب هذه الأمور كلّها أن يسير نحو الله، طارداً الأهواء التي تدعوها إلى الإنحراف وعدم الإنضباط وأن يمارس الأعمال المؤدية إلى الفضيلة )). فيشعُر في داخله بالحضور الإلهي، وتمتدّ هذه النعمة إلى الجسد الذي يُمات ويُصلب حسب العالم. هذه المرحلة النهائية تصاحبها أحياناً مشَاهَدَة النور غير المخلوق. وهذه هي مسيرة تطوّر ((الصلاة)) تقريباً ولكلّ نعمة مناسبة.
                                    - إسمحوا لي أيها الشيخ ببعض الأسئلة التي نشأت إبَّان تحدّثكم عن مراحل الصلاة. ماذا تعنون بكلمة قلب؟
                                    - القلب بحسب تعليم الآباء هو مركز العالم الروحي. ومن بين الآراء الآبائية الكثيرة في هذا الموضوع أذكر رأي القديس إبيفانيوس أسقف قسطندية في قبرص. فقد قال: ((يجب ألاَّ يزعم أحد أو بحدّد أيَّ جزء يتمُّ فيه ملءُ ما هو بحسب الصورة... إنما ينبغي أن نعترف أنّ ما هو بحسب الصورة قائم في الإنسان، ولكن لا نرفض النعمة الإلهية ونفقد إيماننا بالله. فإنّ كل ما يقوله الله حق ولو نأى كلامه قليلاً عن فهمنا)). والنفس يعبّر عنها الوجود البشري كله ومثلها مثل الشعاع، فإِذا سقط على مرآة شفافة إنتشر وتجلّى في كل الإِتجاهات. إلاَّ أننا نركّز انتباهنا إبَّان ((الصلاة)) على القلب كعضو جسدي فنعزله عن الأشياء الخارجية ونعيده إلى داخلنا، إلى القلب العميق. وبهذه العودة يرجع العقل، أحد قوى النفس، إلى سكنه حيث يتّحد مع القوى الأخرى للنفس)).

                                    - لي سؤال ثان: هل يتبع هذه السيرة التي شرحتموها جميع الذين لهم التنعُّم بالله؟
                                    - ...أكثرهم يفعلون ولكن ثمة من يحاولون- وحتى منذ البدء- أن يوحّدوا العقل والقلب. وهم يتوسلون إلى ذلك طريق الشهيق والزفير، فيشهقون عند ترديد الكلمات((يا ربي يسوع المسيح )) ثم يزفرون على كلمة ((إرحمني)) ويراقبون الهواء أيضاً حين يدخل بطريق الأنف إلى القلب، وهناك يتوقفون قليلاً.
                                    ولا ريب أنَّهمُ يفعلون هذا على وجه التدقيق، لكي يتركزانتباه العقل (بعيداً عن التشتت). وقد سلَّمَنا الآباء أيضاً طريقة أخرى هي أن نشهق عند قولنا((الصلاة)) بكاملها ونزفر فيما نقولها بكاملها. وتمارَس هذه الطريقة عند المتقدمين في هذه الرياضة. إلاَّ أنَّ هذه الطريقة بواسطة التنفس قد تحدث صعوبات كثيرة ومشاكل جّمة، ولذلك يجب تجنّب ممارستها إلا بإشراف الشيخ وتوجيهه. ويمكن استعمالها لمجرد تركيز الذهن على كلمات ((الصلاة)) فقط، لكي لا يتشتَّت، وأكرّر القول، إنّ هذا يتطلّب بركة خاصة من شيخ يتحلى بفضيلة التمييز.
                                    - قلتم سابقاً، أيها الشيخ، إنّ غاية((الصلاة)) هي إعادة العقل إلى القلب، إي إعادة الفعل إلى الجوهر. يمكننا أن نعيشها بنوع أخصّ في المرحلة الثالثة من هذه المسيرة الشريفة. لكنّكم عند شرحكم المرحلة الخامسة ذكرتم قولاً للقديس باسيليوس الكبير جاء فيه ((وعلى محبّ الله – حين يتجنَّب هذه كلها – أن يسير نحو الله..)). فكيف يأتي العقل إلى القلب وينطلق نحو الله؟ وهل في هذا تناقض؟
                                    أجاب الناس قائلاً: كلا، ليس فيه تناقض. يعلّم الآباء القديسون المتوشّحون بالله أنّ هناك مراحل(أي مقامات) مختلفة للمصلّين. فهناك المبتدئين والمتقدّمون، وبتعبير أفضل يستعمله التعليم الآبائي هناك العمليون والنظريون. فعند العمليين تنشأ الصلاة عن خوف من الله وعن الرجاء الصالح. أما عند النظريين فتنشأ عن عشق إلهي وعن تطهُّر يبلغ الحد الأقصى.
                                    وتتميّز الدرجة الأولى، أي درجة العمليين بتركّز العقل في القلب، ومنه يقوم العقل بالصلاة إلى الله بدون انقطاع. أما الدرجة الثانية للصلاة أي درجة النظريين فتتميّز باختطاف النور الإلهي للعقل فينعدم إحساسه بأي شيء من العالم ويفقد أيضاً شعوره بذاته. وهذا هو انجذاب العقل. وفي هذه الحال نقول إنّ العقل مُنطِلق إلى الله. والآباء المتوشّحون بالله، الذين عاشوا هذه الأحوال المباركة وصفوا هذا الجذب الإلهي. قال القديس ماكسيموس المعترف ((إنّ هو انخطاف العقل بالنور الإلهي غير المحدود، فلا يشعر بذاته، ولا بأي كائن آخر من الكائنات جميعها ما ما خلا إحساسه بمن تصدر عنه هذه الإنارة بالمحبة)).
                                    - إسمحوا لي بسؤال آخر. إني لم أفهم معنى الآية التي ذكرتم ((أنا أنام ولكنّ قلبي ساهراً)) إنفحوني عطفكم بشرح هذه الآية. كيف ينام ويظل قلبه مصلياً لله في الوقت عينه؟
                                    - إنّ هذه الآية قد وردت في سفر نشيد الأناشيد في العهد القديم، وليس شرحها عسيراً. لقد ذكر النبي داود في سفر المزامير إنّ قلب الإنسان عميق، وكل أحداث النهار وانطباعاته ومشاغل العقل تنطلق إلى أعماق القلب، إلى ما ((تحت الشعور) كما نقول اليوم. فما يشغل الإنسان في النهار عادة يشغل قلبه أثناء الليل أيضاً، حين يهدأ العقل وتستريح قوى الإنسان. وهذا واضح في الأحلام التي نشاهدها. يقول القديس باسيليوس الكبير ((إنّ التخيّلات خلال النوم ما هي في الغالب إلاَّ صدى لأفكار النهار)) وهو يعني بذلك أنّ معظم التخيّلات (الأحلام) أثناء النوم هي صدى الفكر اليومي. والمشاغل الشريرة والأفكار الشريرة في النهار تنشىء الأحلام الشريرة. يحدث هذا الأمر كذلك في الأعمال الصالحة. فممارس الرياضة (الروحية) وإنسان الله إجمالاً، يشغل فكره في الصلاة إلى الله طوال النهار، وذِكْرُ الله مع تكرار الصلاة لذَّته وشغلُه الشاغل، وكذلك الأمر في أعماله الأخرى سواء أكل أم شرب. فهو يعملها كلها لمجد الله وفقاً لقول الرسول. فمن الطبيعي أن يفكّر قلبه بالله وأن يصلي إليه تعالى أثناء ساعات راحته الليلية القليلة. إنه يسهر...
                                    miss you all

                                    Comment


                                    • #19
                                      رد: جبل آثوس

                                      شكرا الك ع اللمحه الموثقه عن جبل اثوس
                                      يسلمو كتير

                                      Comment


                                      • #20
                                        رد: جبل آثوس

                                        شكراً على مرورك هاني ...الرب معك
                                        miss you all

                                        Comment

                                        Working...
                                        X