بمناسبة عيد نياحة 13 يناير -4 طوبه
اقدم لكم سيرة
القديس العظيم البابا متى المسكين "متاؤس الاول البابا 87"
اقدم لكم سيرة
القديس العظيم البابا متى المسكين "متاؤس الاول البابا 87"
"انظروا إلى نهاية سيرتهم؛ فتمثلوا بإيمانهم" (عب)7:13
في القرن الرابع عشر لم تكن الكنيسة تخرج من محنة إلا لتجوز أخرى، وكأنّ أبواب الجحيم قد فتحها الشيطان ونسي عدو الخير الوعد الإلهي الصادق "أبواب الجحيم لن تقوى عليها".ففي نهاية القرن الرابع عشر ترأس الكنيسة القبطيه عملاق من عمالقة الكنيسة القبطية ممن بلغوا الذروة في الكمال والقداسة فى كافة الفضائل المسيحية ، فهو جدير بأن يقف جنبا إلى جنب مع أثناسيوس الرسولى وكيرلس عامود الدين وديسقوروس الشهيد بغير سفك دم , وأن ينتظم ضمن السلسلة المجيدة التى كان مار مرقس ناظر الإلهيات أول حلقة فيها وما زالت ممتدة إلى الآن بقوة النعمة الإلهية؛ والقديس العملاق الذى نقف امامه الآن الأنبا متاؤس الأول الملقب بالمسكين إذ شابَه القديس أثناسيوس بولعه بممارسة الشعائر الدينية في صغره ليتخذ دور الأسقف ويجعل التلاميذ زمائه كهنة وشمامسة وشعباً. وشابه الأنبا شنودة رئيس المتوحدين في أنه كان يرعى الغنم ويوزع طعامه على الرعاة لينصرف للصلاة وكانت الوحوش ترهبه عند رؤياه أو حتى تسمع صوته بل وكان بعضها يستأنس به في البرية. وشابه الأنبا أنطونيوس في ظهور الشياطين له دون أن يرهبها، ومتقشفًا مثل الأنبا بولا أول السواح. كان أشبه بملاكٍ يلبس صورة إنسان، عاش بين الناس أكثر من نصف قرن وكان كما من ظهورات الملائكة.
نشأته:
أشتهر هذا البابا بأسم " المسكين " وكان قديساً من صعيد مصر من قرية من ناحية الأشمونين أسمها بنى روح وكان يعمل راعى غنم فى بيت أبيه . وقد أظهر الرب يسوع عجائب على يدية وهو صغير فقال أبن المقفع تاريخ البطاركة : سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 261: " وكان متى وهو صغير يلبعب مع أقرانه الأطفال فكان يضع يده على رأس الواحد منهم وهو يقول : أكسيوس ثلاث مرات وكان يرسم مجموعة منهم قسوس وآخرين شمامسة , وكانت والدته تتعجب من ذلك وكانت تقول إلى صاحباتها أن : أبنى هذا لابد أن يصير بطريركا .. وكبر متى ولما وصل إلى سن الرابعة عشر ترك بيت أبيه وذهب إلى دير من اديرة الصعيد وعمل راعى غنم لهم , وكان لا يلبس على جسده ثوب ولكنه كان متزر بعباءه وحبل على حقوية (وسطه) ولكنه مع بساطته وصغر سنه شجاعاً فى وسط الرعاة الذين أكبر منه سناً , وكان كثيرا ما تهاجم الضباع الكاسرة قطيع الأغنام فى الليل وكانوا لا يقدرون عليها , وأرادوا أن يمتحنوا متى فبعثوه إلى تلك الضباع فكان إذا دنا منها وزعق عليهم بصوته فتتقافز خائفة منه وترجع موليه هاربة وتعجب الرعاه من عظم شجاعته ونعمة الرب يسوع وموهبته التى أعطاها له .
تجربة شيطانية:
وكانت نعمة الرب ظاهرة فى وجهه وكان حسن الوجه محبوب الشكل والصورة والمنظر جداً , وكان كل من ينظره يحبه وحدث أن نظرته أمراة وغازلته وأحبته لحسن حاجبه فوق عينيه وسلطها الشيطان وأيدها بالشر لتغوية مرارا فإنفرد عنها وقشط جاجبه بموسى وأخذ حاجبه وأعطاه إلى المرأة وقال لها : " خذى شعر الحاجب الذى اشتهيته " فلما نظرته الإمرأة تألمت لذلك جداً ولم تكف عن مشاغلتها له وأخيراً سأل الأسقف أن يطلق سبيله من خدمته ولم يقل للأسقف أن تلك المرأة كانت تسكن فى بيت مجاور للأسقف وأنها ضايقته كثيراً , ولما لم يريد الأسقف أطلاقه من خدمته تظاهر متى بأنه مجنون وجمع ثياب الأسقف وقطعهم جميعاً قطعاً قطعاً وطرحهم كوم شرائط , ولما وجد الأسقف ثيابه ممزقة أنتهر متى وطرده وأرجعه إلى ديره .
رسامة الانبا متى قسا:
ولكن المسيحيين فى أسقفيته كانوا عرفوا لماذا طلب متى أن يغادر الأسقفية فعرفوا السقف بمضايقة المرأة له فلم سأل وتحقق مما فعلته هذه المرأة حوال أن يقابله فلم يستطع إلى فترة , ولكنه قبض عليه وكرزه قسا وكان يبلغ من العمر 18 سنة , وذاع خبر تكريزه قسا وهو حديث السن ووصل الخبر إلى الأب الروحانى أبراهيم القمص الغانى فذهب فى الحال للأسقف وقال له : " كيف تجاسرت يا أبينا وكرزت صبى شاب راعى غنم قساً وهو أبن 18 سنة " فجاوبه السقف قائلاً : " أن الشاب يستحق أن يكرز بطريركاً لما علمت عنه أنه يصوم فى زمن الصيف يومين يومين وفى الشتاء ثلاثه ثلاثة " ولما سمع أبينا القمص شهادة الأسقف تعجب ومجد الرب يسوع الذى يتكلم على أفواه قديسيه .
يد الرب يسوع تظهر - القس متى يذهب إلى اورشليم:
ولما وجد أنه وهو حديث فى السن صار قسا فى وسط آباء كبار وشيوخ رسموا كبار ورأى الشك من الناس من أجل درجته الكهنوتية ذهب إلى جبل القديس أنطونيوس ولم يظهر ولم يقل لأحد انه كاهن بل قصد فى الخدمة فى الكنيسة على أنه شماس , وأثناء خدمته وإذا بيد إلهيه خرجت من الهيكل وأعطته البخور ثلاث مرات عند قرائته لفصل من الأنجيل المقدس , فلما نظروها بعض شيوخ القديسين ورأوها بعيونهم عرفوه أنه ولا بد أن الرب اعده أن يكون بطريركاً ولما سمع منهم هذا الكلام فحزن تركهم وترك مصر هاربا من المجد الباطل وذهب إلى مدينة أورشليم وتغرب هناك , وكان يعمل بيديه بالأجرة فى تشييد المبانيويأكل من تعبه وكان يجاهد فى العمل فى النهار ويظل طول الليل ساهراً فى مغارة ولم يخالط أحد ولم يتكلم قط وإذا كان يضطر للكلام لم يتكلم سوى سبع كلمات , وخصص يوم الجمعة ليكلم الرب يسوع النهار والليل كله . وحدث أن اتى راهب غريب الجنس وقال له : يا رجل الرب يسوع أرحمنى فإن كان معى مبلغ فضة ينفعنى لغربتى سرقوه منى ولا أعلم من هو الذى سرقه , وكان الذى سرقة أخذه بسرعه ولم يلاحظه أحد وذهب مباشره غلى بيت لحم ليهرب إلى بلاده , فعلم متى بالروح أمر السارق فترك أورشليم وذهب إلى بيت لحم وقبض على الذى سرق الميبلغ وأخذه منه ولم يشهر أمره فأخذه منه الراهب المصرى متى وأعاده للراهب الأجنبى . ولم يتمالك الراهب الغريب من إعجابه بهذا الراهب المصرى الفقير فأذاع هذه الأعجوبه فى أورشليم وعرف الساكنين بها أمره فلما عرف انه أشتهر فهرب من شيطان المجد الباطل ورجع إلى جبل أنطونيوس (دير القديس أنطونيوس) .
الفرنجة يهاجمون الإسكندرية فيقبض المسلمون على الرهبان ويعذبونهم:
وحدث أن هاجم الفرنجة مدينة الإسكندرية وأحتلوها ونهبوها وأخذوا سبايا من النساء ثم تركوها ومضوا.وقد كان لهذا الحادث أثر سيىْ على اقباط مصر فان الامير يلبغا الذى كان حاكما فى ذلك الوقت فأرسل رسلا الى جميع الاديره الواقعه داخل دائره سلطانه يطلب أموالهم ويستولى على أوانيهم.فلما بلغ الرسل الى دير الانبا انطونيوس قبض الامير الذى على رأس الرسل على القس متى الذى كان رئيسا فى تلك الأيام وعاقبه كثيرا للحصول على أموال وذخائر الدير حتى انه من شدة العقاب الذى حصل له صار كلما اقسم القس متى على ان الأمير أن يمسك عنه الضرب من الله فلم يسمع لاستغاثته ولم يمسك عنه الأذى حينئذ حنق عليه الشيخ مرقس الانطونى وانتهر الأمير قائلا:"أما تنظر ياهذا أنه يستحلفك بالله (من الجائز أنه قال لأجل الله لا تضربنى) لتراف به وأنت لا تقبل مرضأة الله" فلما سمع الأمير كلام الشيخ ازداد حنقا وامر الجند أن يطلقوا سراح القس متى ويضربوا الشيخ عوضا عنه وهكذا طرح الجند بالشيخ ارضا وضربوه أمام الأمير. وبعدما فرغ الامير من عقاب الرهبان وشيخهم ورئيسهم أوثق الشيخ مرقس والقس متى وجماعه من الأخو’ وانطلق بهم الى مصلا.ثم ضيق عليهم فى الطريق كثيرأ بالجوع والعطش والمشى حفاة فى البرية. ولما كان ضرب المماليك وقائدهم شديداً على الرهبان المساكين وكانوا سائرين فى الطريق موثقين فإشتد العطش بهم من حراره الشمس حتى انهم كانوا يسقطون فاقدى الوعى وهم سائرين فى الطريق وكان الشيخ كلما سأل الأمير آن يسقيهم قليل ماء لا يفعل بل بالكاد دفع لهذا الشيخ قليلأ من الماء دون رفقائه فامنتع الشيخ مرقس من ذلك ولم يقبل منه الاء حيث لم يشأ آن يشرب الماء وحده دون رفقائه وطرح الماء أمام الأمير وانتهره قائلا:"هوذا الرب الهنا يسقينا من عنده لأنه أكثر رحمه منك" ثم رفع عينه بحدة نحو السماء فاستجاب الرب لندائه وأسقط لهم مطرأ غزيرا فى الحال حتى تعطل سير الحملة واضطر الأمير ورجاله ألأى الوقوف مكانهم وتعذر سير الخيول من كثرة مياه الأمطار التدفقه وكان ذلك زمن الصيف حيث الاخوه وعطشوا جدأ من شدة حرارة وتعب الطريق وحينئذ جلسوا وقت المطر واستراحوا وشرب جميعهم وفرحوا واخذوا يسألون الشيخ مرقس ان يصلى عنهم كى يصلوا مصر ويدخلوها سالمين فأجابهم قائلا:"أن الله لا يدعكم تدخلون مصر بل ستعودون ألى ديارتكم سالمين". وهكذا ما برح الاخوة يسيرون فى الطريق الى أن بلغوا أطفيح وهناك وجدوا أن الأمير يلبغا قد أنجز مرسومأ بارأدة الرب عز وجل وأرسله ألأى أطفيح يأمر فيه باطلاق سراحهم وعودتهم الى دياراتهم.وهكذا عاد الشيخ مرقس والقس متى والاخوة فى أثرهما وهما يرددون أيات الشكر لله ويقدمون له المجد والأكرام على عطفه وحنانه وعجايبه المدهشة.
يذهب إلى دير المحرق بجبل قسقام:
وذهب القس متى إلى الراهب القديس مرقس وطلب منه أن يذهب إلى دير المحرق بجبل قسقام ويقول أبن المقفع فى مخطوط تاريخ البطاركةسيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 263- 264 عن طلبه فى الذهاب إلى دير المحرق فقال : " وكان ذهاب الراهب متى إلى هناك من تدبير الرب يسوع لأنه كان لمنفعة رهبان دير المحرق هناك لأنه كان فيهم من لا يداوم على الصوم فى كل يوم إلى الساعة التاسعة ولما رأوا الراهب متى أنه يصوم إلى الساعة التاسة مع الجهاد الكثير الذى كان يجاهده أمامهم , تعلموا منه عندما رأوه وقلدوه لأنه التعلم بالقدوه وبالنظر بالعين أفضل من السماع بالكلمة , وكان كثيرا ما يحمل رماد الموقد على رأسه ويخرجه خارجا ويغسل أوانى المطبخ والقدور ويخدم الشيوخ والمرضى الذين معهم والزوار الذين يزوروا الدير , ولم يكن له ثوب ولا قنية ولا قلاية يسكن فيها معهم ولكنه كان يسكن فى مغارة فى الجبل خارج الدير ويصلى فيها . وكان الشيطان يثير عليه فى هذه المغارة حروب كثيرة ويظهر له فى خيال مخيف , وهيج عليه وحوش الجبل المفترسة فذهبوا إليه ليهاجموه ويفترسوه ولكنهم عندما رأوه أنسوا إليه وخافوا منه , وكانت هذه الوحوش الكاسرة تذهب إليه عندما كانت تجوع وصاروا يأتون إليه حينما لا يجدوا قوتا لرضعانهم فيأتوا ليشكوا إليه فكان يعطيهم ما عنده من خبز ويظل جائع بدون أكل إلى ان يعود إلى الدير , وكانوا يشاهدون الوحوش الكاسرة لمحبتهم فيه يسيروا معه فى الطريق وكان عندما يقترب إلى الدير يأمرهم بالرجوع فيرجعوا ".وحدث في إحدى المرات أن كان أبونا المسكين في خلوته في الصحراء وإذا بضبعه تقترب منه وتقوده إلى حيث لا يدرى وإذا بها تصل به إلى مغارة فيدخلها معها وينظر فإذا بالضبعة الصغيرة ابنة الكبيرة ساقطة في بئر جاف فينزل وينقذها وسط مظاهر فرح الضبعة الأم . وكان القس متى لا يتدبر برأى نفسه قط بل كان اذا عرض له فكرة يترك كل ماهو فيه ويسعى على قدميه ليلأ ونهارأ الى ان يمضى الى ان يمضى الى مدينه اخميم فيشاور أباه القمص هناك ثم يرجع ألى دير المحرق ةاستمر على هذا الحال فلم يبرح ان يتدبر فى تصرفاته بالطاعة والأستشارة من وقت لاخر الى اليوم الذى فيه انتقال البطريرك الذى قبله من هذا العالم.
ترشيح القس متى للبطريركية:
انتقل البابا غبريال الرابع البطريرك (86) من هذا العالم فى يوم 3 بشنس سنه 1094 شهداء الموافق 28 أبريل سنه 1378م فى أيام السلطان على بن شعبان المنصور ولبث الكرسى بعده خاليا نحو ثلاثه شهور.فقام جماعة من الشعب يبحثون على من يصلح للبطريركية من الرهبان لترشيحه الى ان استقر رأيهم على ان يسألوا القس متى فى أن يصير بطريركا عليهم فلم يرض وقام واختفى عن الأعين ونزل فى مركب للأ بحار الى الجهات القبليه .أْلاأن الطبيعة عاكسته بارادة الله عز وجل اذ امتنع الهواء ان يخرج فى هذا اليوم .والشعب قايم فى البحث عنه الى ان اتى طفل بالهام الهى وكان صغير السن فغمزهم عليه قائلا:"انه مختبىء فى خن المركب"فأسرع الشعب بالمضى اليه واخرجوه من الخن المختبىء فيه. ولما علم انه ليس خلاص من أيديهم حينئذ سألهم بالحاح كبير أن يرسلوه صحبة اثنين منهم الى جبل القديس أنطونيوس ليشاور أبائه الشيوخ فيما هو معروض عليه. فأجاب الشعب طلبه وذهبوا به الى الدير المذكور وعندما وصله وأبصره شيوخ الدير قاموا عليه وعلى الأخص الأأب الطوبانى مرقس وأشاروا له بان لا يبرح عما رسم له بل يستعد ويقبل الخدمه ويعمل بطريركا.
القس متى يقطع لسانه:
ولما ذهب إلى مصر واصبح من المؤكد أنه سوف يصير بطريركا تألم قلبه جداً ومن حزنه أخذ مقصا وقطع طرف لسانه وألقى بطرف لسانه امامهم حتى يكون اخرس فلا يقبله الشعب وتألم الشعب وعالجوه , ولكن من عجائب الرب فى قديسيه وكما أطلق زكريا بعد خرسه وصمته أنه أستطاع أن يتكلم وأطلق لسانه وتحقق الجميع أنهم أمام المختار من الرب يسوع نفسه لاعتلاء الكرسى الرسولى .
رسامه القس متى بطريركا باسم متاؤس الأول:
وبعد ذلك أمسكه الشعب وأعضاء ألمجمع المقدس ورسموه بطريركا فى اليوم الاول من شهر مسرى سنه 1094ش الموافق 25 يوليه سنه 1378م فى مدينه الاسكندرية مقر كرسيه باسم البابا متاؤس الكبير البطريرك (87) وكان جملة من اجتمع من أعضاء المجمع المقدس ووضعوا اليد عليه بالاسكندرية فى ذلك اليوم أحد عشر أسقفا وكان يود من المسيح ان يرسل الاسقف الثانى عشروأنه لم يخرج من الأاسكندرية حتى أرسل له السيد المسيح الأسقف الثانى عشر وكملوا جلوسه بطريركا فى اليوم السادس عشر من شهر مسرى لمحبته فى ذلك اليوم الذى هو يوم تذكار سيدتنا العذراء الذى كان يحبها ويحتمى فيها ويلحأ اليها فى كل حين.
معيشته لم تتغير بعد أن أصبح بطريركا:
وبعدما أصبح بطريركا لم يغير شيئاً من طريقته فى المعيشة ولا فى تواضعه وعلق جرسا من نحاس فى القمر البطريركى وأصبح كل من يسمع صوت ذلك الجرجس ينهض للصلاة فى أوقاتها - والصوم فى كل يوم وإلى الساعة التاسعة .
إهتمامه بالفقراء:
وفى وسط إنشغاله بالصلاة والصوم وأعمال البطريركية لم يكن يغفل عن رحمة المساكين وكان إذا جلس ليحكم أو منشغل فى عمل من اعمال البطريركية وجاءه احد من المساكين او الفقراء كان يترك كل ما هو فيه من الإنشغال ويهتم بحال هذا المسكين الجائع وكان يفضل خدمة الفقراء والمساكين عن اى عمل آخر , وكان فى أيام يقوم ويطوف على بيوت الأرامل والمساكين والفقراء يفتقدهم ويذهب بنفسه ليزور الذين فى السجون وكان يتعهد ويهتم بكل واحد فيهم . أما الأديرة فكانت فى نظرة أعظم من الكل فكان يذهب إلي كل دير ويراجع إحتياجاته المادية والروحية , وفى مره ذهب إلى أحد الأديرة فوجد أمرأة عجوز راهبة مسكينه جالسة وقت الساعة التاسعة تأكل خبز وملح فقط فتأثر وتألم وحزن قلبه على الراهبات ولم يغفل طيلة مدة بطريركته على رعايتهم المادية والروحية , وأمر بأن يرسل لهم كل شهر قمح وحبوب وزيت وغير ذلك من تموين وزاد للأديرة وأستمر يرسل لهم زادا حتى يوم أنتقاله . ولم ينسى الذين فى الديرة البعيدة ولا الرهبان سكان الجبال كان يرسل لهم كل ما يحتاجونه , وكذلك الذين فى الضيقة وأصبهم الفقر والعوز كان يفك ضيقتهم , والذين كان يقبض عليهم الأمراء والولاه ويرمونهم فى السجون ظلما فكان يبذل نفسه بدلاً منهم و يطرح ذاته على أبواب الأمراء والحكام المماليك ويبذل لهم الأموال الكثيرة حتى يخلص نفس كل انسان من تلك الشدايد وكان يطلب العوض فى ذلك من رب الاحسان والرحمة تزايدت اليه العطايا من ذهب وفضة وكأن يصرفه أولا بأول على الساكين دون أن يدخر له شيئأ منها.
درس فى الاعتماد على الله بدلا من المال واعتراض تلاميذه على عدم احتفاظه بالمال للعوارض:
ويقول أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة عن أعمال هذا البطريرك العظيم : " وكان يطلب أن يعوضه السيد المسيح ويساعده على خدمته ومصاريفه وكان كلما صنع الرحمة وأعطى المساكين والمتضايقين كلما أعطاه المسيح أضعافه , وكانت عطايا الأقباط له كثيرة من ذهب وفضه وكان ما يأتى إليه يصرفه أولاً بأول على المحتاجين , وكانت بداية عطاياه أن تلاميذه أحصوا ما تركه البطريرك السابق المتنيح كانت أكثر من 100 ألف درهم تصدق بها على المحتاجين والمساكين والفقراء من الشعب . ولما رأى تلاميذه انه يصرف ما يأتيه على المحتاجين أول بأول فأشاروا عليه أن يبقى شيئاً من صدقات الأقباط التى تأتية لأى أمر عارض , وألحوا عليه كثيراً جداً فأذعن لرأيهم , فحفر فى الأرض حفرة ووضع فيها 600 ديناراً و ولما فعل هذا ومضى فقال فى نفسه : " يا متى ان الرب يقول فى الكتاب المقدس .. لا تكنزوا لكم كنوزا فى الأرض حيث السوس يفسدها والسارقون يحتالون فيسرقون , وأنت حبست ذلك المال عن المساكين وخزنته فى الأرض وأصبحت خالفت قول الأنجيل , ألا تعلم أن الرب يعوض بدل ما تعطيه للمساكين أضعاف " وندم على ما فعل وبكى على ما فعله وسماعه لنصيحة تلاميذه وقام لوقته ليخرج تلك 600 دينارالتى خباها.وأذا فى أثناء الحفر فى الأرض وإذ به يجد ستمائه دينار اخرى كانت مخبأة كشفها له الرب من اجل خدمة إحتياجات المساكين , فلما رأى ذلك تعجب وصار يبكت تلاميذه على قساوة قلوبهم وعدم ثقتهم برحمة الرحمن الاله القدير وقال لهم : " أنظروا يا أولادى أذ كان هذا صنيع الرب مع من ينجد ويعطى مسكين ويفك ضيقته فكيف تمنعونى أنا الحقير أن لا أعطى لأولئك المساكين " ثم اخذ للوقت الألف والمائتى دينار وأشارعلى تلاميذه أن يشتروا بها قمح وحبوب وقام بتوزيعها على الأديرة والمساكين والمحتاجين والأرامل والأيتام والمستورين .
مقاومة البابا للمجاعة ومكافحة الغلاء بالهام الروح القدس:
ألهم الله سبحانه وتعالى البابا القديس متاؤس بقرب حدوث مجاعة كبرى وغلاء كثير فقال لتلاميذه : " قوموا يا أولادى أشتروا ألف أردب قمح لأنه سيقع غلاء عظيم على مصر وسيموت الكثيرون من المساكين والفقراء " .. فقالوا له : " من اين لنا يا أبانا ان نشترى ألف أردب غله وليس معنا من ثمنها سوى500 دينار لا غير" فقال لهم البابا المتكل على رحمة مولاه : "اشتروا يا اولادى ولا تخافوا والرب سيجهز لنا خمسمائة دينار أخرى لأجل المحتاجين من شعبه " ولم يكد هذا البطريرك أن ينتهى من كلامه حتى أتت أمراتين من كبار وأعيان الناس ومعهما 500 دينار وطلبوا منه أن يشترى بها قمحاً ويفرقه على المساكين والمحتاجين ولما رأى تلاميذه هذه الاعجوبة العظيمة اندهشوا مما حصل وآمنوا بان الاعتماد على الله سبحانه وتعالى خيرمن الاعتماد على البشر والمال المدخر,وقام التلاميذ فى الحال وأشتروا ألف أردب غله كما قال لهم أبيهم البابا متاؤس . وبعد ايام قليلة حدث غلاء شديد فى أرض مصر وهاجر ناس كثيرين من بلادهم وذهبوا إلى البابا متى العظيم بين الباباوات وأمتلأ الطريق إلى المقر الباباوى (قلايته) من الجياع والمرضى , وكان البابا ينزل ويمر بينهم ويتألم قلبه عليهم وكان يهتم بالجميع بما يحتاجونه يوما بيوم إلى أن زال هذا الغلاء وذهبت تلك الشدة عن الارض, وبعد ذلك دعا الغرباء وكلمهم بكلمات التعزية الإلهية وأعطى كل واحد ثوب وكسوة له وكذلك النساء أعطاهم ما يجب لسترتهم ثم زودهم بما يحتاجون وأجر لهم مراكب تحملهم إلى بلادهم وكان عددهم 800 شخص حتى تعجب الناس لكثرة الثياب والأردي’ التى قام مدة فى تفصيلها وخياطتها حتى كفت الجميع فى ذلك اليوم, واهتم بالأموات الذين كانوا يموتون من الجوع فكان يكفنهم ويدفنهم , وفعل فعل الرحمة مع كل الطوائف بلا تفرقه وكان يتألم قلبه عليهم نصارى ومسلمين ويهود و وكان الرب يسوع يبارك فى مخازنه وغيرها كما بارك فى الخمس خبزات والسمكتين , وشكى له تلاميذه أن الغلة فى المخازن على وشك أن تنفذ وأن ما فى المخازن لن يكفى لغذاء الجميع فى الغد , فكان يقول لهم : " فرقوا يا أولادى ولا تخافوا لأن عندى مخازن أخرى ملآنه " ولم يعنى البابا المخازن الأرضية بل المخازن السمائية . وكان من عادة هذا البابا العظيم بين الباباوات أنه كان فى عيد سيدتنا العذراء مريم ورئيس الملائكة ميخائيل وهما عيدين فى كل شهر كانت مخازن الغلال التى يوزع منها على الفقراء تكاد تكون خاليه من القمح فكان إذا دخل البابا وباركها فى هاذين العيدين كانت المخازن تنمو وتفيض من البركة السمائية . وكان هذا البابا قد أشترى كميات كبيرة من أرادب ترمس قبل مجئ الغلاء وتحسباً له ومعينا للأديرة ومن فى الجبال وحدث فى أحد الديرة أنهم أستهانوا بوجود كميات كبيرة منه فصاروا يلقونه فى النار ليصنعوا طعامهم فلما جاء الغلاء ندم هؤلاء الرهبان من سوء تصرفهم وكانوا كلما جاعوا يأكلون مما تبقى من هذا الترمس ويمجدوا الرب يسوع على عطاياه .
الرحمه تأتى ثمارا جيدة:
وأمتدت قدوته للأغنياء الذين كانوا يكنزون الأموال فلمست الرحمة قلوبهم وصاروا يتبعون هذا البابا العظيم وساروا فى آثاره , وذهب واحد من أغنياء الأقباط يسمى السعيد بركه بن وجه المهرانى وقال له : " أنا أطلب منك يا سيدى البابا أن تسأل السيد المسيح أن يعطينى رحمة فى قلبى لأحب رحمة المساكين مثلك ويجعل أنتقالى (موتى) قبل أنتقالك " فقال له البابا : " كايمانك يكون لك يا بنى وكما اشتهيت يكون لك مثل قلبك" ومنذ تلك الساعة أعطى الرب يسوع لهذا الغنى رحمة فى قلبه كما طلب وأصبح لا يرد سائلاً يطرق بابه , ولم يتوقف عن العطاء والتصدق وكان معظم صدقته تذهب للأديرة والرهبات وقد وصلت صدقته ألف أردب غله كل عام ولما ارضى الرب الإله بأعماله ودنت ساعته حركته النعمة الإلهية وذهب إلى البطريركية وصعد إلى قلاية البابا ليتبارك منه كعادته أدركته الوفاه وهو أمام البابا الذى أحبه كما طلب حتى تعجب الشعب القبطى من أيمانه , وقام البابا بتكفين جسده بيده الطاهرة بنفسه وكتب على قبره :" سألت فأعطيت قرعت ففتح لك لأن الله يسمع لأنه هكذا سمع للمرحومين وللمتواضعين" . وأما الأغنياء الذين بغير رحمة فقد حضر البابا متاؤس انسانا عند موته وهو التاج بن الثمار وسأله أن يعطى شيئا من ذهبه وفضته قبل موته فلم يسمع له ذلك الغنى ومات لساعته وأحاطت به الظلمة اذ أرسل الملك أليه قائدا قائداً أميرا من المماليك ظالما قبل أن يخرج البابا من بيته فوضع يده على خزائن ذلك الغنى وأخذ كل ذهبه وفضته وذخايره قبل موته ثم مات ميتة رديئة مقهورا وراحت نفسه مع الغنى الذى ترك ألعازر فقيرا على بابه ولم يعطيه ليأكل وكان يشتهى الطعام الساقط من مائدة الغنى فى الجحيم لأنه هكذا الشقاء الذى يحل بالأغنياء عديمى الرحمة. وكان هذا البابا العظيم عندما لا يجد شيئاً يتصدق به فتصدق بالبسط (السجادة) التى تحته ومرة تصدق بثوبه وإزاره ومره تصدق بالدواء النحاس (الذى يضع فيها الحبر ليكتب) وجاءه كاتب قبطى (موظف طرده المسلمين من وظيفته) وكان محتاجاً فأعطاه بساطه أيضاً , وذات مساء جاءه جائع فأخذ عشاه من قدامه وأعطاه لذلك الجائع , وخرج يقرع ألبواب مثل مسكين يطلب رغيف عيش فلما قرع الباب وعرفوا أنه بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية خرجوا وطلبوا أن يأخذ أكثر من رغيف فلم يقبل . وذات مرة أرسل أحد تلاميذه ليحضر له طعاماً فى المساء وأبطأ التلميذ فى العودة إليه , فصار البابا يلوم نفسه ويبكتها قلئلاً : " لماذا لا تكتفى يا نفسى بالتراب عن الطعام ثم أخذ يغمس خبزه بالتراب وأكل حتى استكفى بالتراب عن الطعام وشكر الرب " وجاء التلميذ وتعجب لأنه اكل خبزه بالتراب وتعجب التلميذ من ذلك الرجل العظيم الجالس على عرش مارمرقس وتعجب تلاميذه لعظم صبره ليس فى الأكل فقط بل لم يهتم بما يلبس ويستر جسده أو يأكل لإحتياجات جسده وكان يكتفى بلبس مسمح من شعر تحت ثيابه كعادة رهبان مصر وكان يعطى كل ما عنده من برانس الخدمة لأولاده الأساقفة وأكتفى ببرنس واحد فقط يلبسه عندما يخدم به القداسات والصلوات الإلهية , وحدث فى يوم أن رسم اسقفا فقيرا وأمر تلاميذه أن يعطوا البرنس الوحيد الذى يلبسه لذلك الأسقف فلم يفعلوا , ولما لم يطيعوه أرسل له الرب فى الحال هديه برنس جديد حرير أحسن من الذى عنده فأعطاه إلى الأسقف المسكين , ولما رأى التلاميذ ذلك مجدوا الرب وندموا على عدم طاعتهم له وخوفهم الإنسانى عليه ومنذ ذلك الوقت وهم ينفذون كل ما يطلبه منهم .
تواضع البابا متأوس:
وكان هذا البابا العظيم مع ما اتصف به من فايق الرحمه لا يتعاظم قط فبالرغم من مركزه الكبير كأعلى رأس فى الكنيسة فقد كان يعمل مع العمال فى معاجن الطين فقد كان يمتلك فضيلة الإتضاع , فكان يعمل بيديه مع العمال ويساعدهم فى معاجن الطين لصناعه الطين اللبن , وكان ينزح المراحيض مع العمال , وكان يحمل الغلال مع الحمالين , وكان يجرى خلف الحمير , ومع هذا لم تنحط هيبته وأحتفظ بوقاره فى اعين شعبه بل زادت شعبيته . خدمته الكهنوتية وحلول الروح القدس عليه اثناء تأديتها:
وكان البابا متاؤس فى خدمته للكهنوت فكان إذا أبدل ثيابه وطلع ليخدم على المذبح يتغير لون وجهه مثل الجمر وعيناه تلمع كمثل من ينظر إلى ابن ألإله قائما على يمين المذبح فيخاف من هيبته جدا حتى انه من زايد خوفه كان يسألونه الكهنه الجلوس على العرش البابوى وكان يمتنع من ذلك . وكان لا يستطيع الجلوس على كرسى أثناء خدمة القداس وكان يرفض طلبهم ويقول لهم : " كيف يمكن يا أولادى أن يكون المسيح حاضراً وأجلس أنا " وكان ينتهر ويزجر الكاهن الذى لا يخدم الرب بمخافة أثناء صلاة القداس الإلهى ومن كان يتهاون بكلامه فكان يحرمه ويموت فى الحال . وقد رأى شاهد عيان فى كتاب تاريخ البطاركة : " فى مره رايت شماس تجاسر على الخدمة بتهاون فحرمه البابا متى العظيم بين البطاركة فسقط من سلم عال على أشياء مدببه وتقطع ومات , ورأيت شماس أخفى كتباً بستان لأطفال أيتام فلما كلمه البابا أن يرجعهم .. فأجابه : كلامك يقطعنى يا أبى إن كنت أخفيت عنك مكاتيب بستان أولئك أليتام " فقال له البابا بغضب : " من فمك (أى ما قلته بفمك) يحدث لك كما قلت " .. وذهب الشماس إلى بيته حتى وقع ومات ووجدوا ما اخفاه من مكاتيب فى جوانب بيته لأنه لم يحكم بالظواهر التى تحكم بها الناس بل كان يحكم بالهام وارشاد الروح القدس الحال عليه لأنه لم يكن يبتدىء فى محاكمته بشىء قبل أن يدعو الحاضرين للمحاكمة أن يصلوا معه قايلين:"يا أبانا الذى فى السموات أى الصلاة الربانية". نصايح وأحكام البابا متاؤس بارشاد الروح القدس الحال فيه:
وكان يبدئ فى أى عمل بعد أن يقول أبانا الذى .. , أما فى مراسلاته فكان يكتب فيها الثالوث الأقدس ما ياتى:"الخلاص للرب"مشيرا بذلك الى ان المسيح الهنا الحى هو الذى ينطق على فمه بما فيه الخلاص لعبيده . وكانت أى حكم معقد يرسل إليه من قبل حكومة المماليك يرسلوها إليه تنحل المشكله فى وقتها . وحدث أن الملك فى مصر إذا قابلته مشكله بسبب نهب الأموال التى أدعى فيها الشوايليه ( الحمالين والتجار الذين يأخذون التجارة من مكان إلى آخر ) تدعى أن الفرنج أختطفوها منهم فى البحر المالح ولم تعرف الحكومة من الظالم ومن المظلوم فكان يرسل هذه القضايا غليه فيحكم بينهم وتنحل القضية فى وقت قصير . ولذلك صارت كل محاكمة يتعذرعلى الملوك والحكام الفصل فيها يرسلونها الى البابا متاؤس فتحل لوقتها بأسهل طريق لتحقيق العدل لأن هذه الاحكام كان يصدرها قداسته بالوحى الالهى حتى ذاعت شهرته فى جميع الأصقاع حتى تعدت حدود الأقطار المصرية وسرت فى الخارج وسمعت بها الملوكالذين كانوا يقدمون لها الهدايا الثمينة فكان ملوك الفرنج يعتقدون فى طهارته ويعترفون بقداسته ويلتمسون بركته. أما جماعة الروم (الملكيين) لكثرة ما رأوه من محبة هذا البابا لهم وعدله فى الحكم صاروا يلجأون إليه فى رضى للحكم بينهما , وكانوا عندما يلمسون منه هذه العدالة والسلامة والمحبة والانصاف فى أحكامه وأرشاده يمجدون الله قائلين:"بالحقيقة كما سمعنا كذلك رأينا".
تجديد عهد السلام بين مصر وملوك أثيوبيا:
وكان من حسن سياسة السلطان برقوق أنه عندما تولى الملك وجه همته نحو ملوك الأحباش وجدد معهم عهود السلام وحسن الجوار وكان ملك ملوك الحبشة وقتئذ الامبراطور دواد الأول الذى جلسعلى عرش المملكه سنة 1381م أى قبل جلوس السلطان برقوق على عرش السلطنة المصرية بسنة واحدة وذلك بعد أن قامت الثورة ضد أخيه الملك "نواياسريام ويدم أصغر" وعزلوه بعد أن حكم من سنة 1371م الى سنة 1381م. ولم تكن تعلم السلطنة المصرية بهذا الانقلاب(السخاوى ص 68 وشن ص 246 وكتاب 15 تاريخ ص 283 "أ").فأشار الملك الظاهر برقوق على البابا متاؤس أن يكتب كتابا الى امبراطور الحبشة.وكان البابا يعرف ان الامبراطور"ويدم أصغر" هو الذى يجلس على العرش هذه المملكة,وكان البابا لا يحب هذا الملك لعدم استقامته وسوء تصرفه.فلما جلس ليكتب نطق الله على لسانه فعنون الكتاب باسم أخيه داود ولم يكتبه باسم ويدم أصغر المتولى قبله متنبأ بذلكعلى جلوس داود على كرسى المملكة بدل أخيه.فأنكر عليه ذلك رسل الملك وامتنعوا عن حمل الكتاب لئلا يشعر الملك "ويدم أصغر" بهذا التغييرفى توجيه الرساله الملكية المصرية اليه فيقتلهم.فألزمهم البابا بأخذ الكتاب كما هو ومضوا به الى الحبشة.وقبل اقترابهم من الحدود علموا أن الملك ويدم أصغر عزله عساكره من كرسى المملكة لسوء تصرفاته وأقاموا أخاه داود مكانه.فتعجبت البعثه المصرية من حكمة البابا فى تصرفاته وأيقنوا أنه كأن مدفوعا الى ذلك بوحى ألهى ومجدوا الله. ولما وصل الوفد المصرى الى عاصمة بلاد الحبشية قدموا الرسالة البطريركية المتاؤسية بفرح عظيم لجلالة الملك داود.ولما فك الملك خاتم الرسالة وجد فيها أنها مكتوبة باسمه لا بأسم أخيه الذى كان يعتلى العرش وقت كتابتها فتعجب واخذ يسأل الرسل عما اذا كان معهم صليب هذا البابا ومنديله وقد كان البابا اعطاهما لهم وكانوا محتفظين بهذه الوديعة المباركة الى ان يفرغ الملك من قراءة الرسالة فيقدموها اليه.فازدادوا عجبا واخذوا يسالون الملك عن كيفية علمه بهذه الوديعة فقال لهم الملك:"ان البابا هو الذى أعلمنى بذلك قبل وصولكم وعندى شهود يشهدون بذلك"ثم دعا للوقت عساكره وجنوده وأخته المباركة أيضا واخذ يقص عليهم ما أبصره قائلا:"أنى بالحقيقة أقول لكم ياأحبائى أنه قبل أن تجلسونى ملكا على كرسى المملكة أبصرت هذا البابا فى الرؤيا وقد خلع أخى من على كرسى ملكه وأقامنى عوضا عنه وقال هكذا:"ينزع الله الملك ممن لا يسير بالاستقامة ويعطيه لمن يسير بالاستقامة"ثم من بعد ما تكلم بهذا التصريح وأجلسنى على كرسى المملكة أعطانى هذا الصليب بيدى ودعا لى ان الله يثبت كرسى مثل داود النبى لاقضى بين الشعوب بالعدل وأحكم الأمم بلاستقامة ثم بعد ما أتم الدعاء لى باركنى وانصرف عنى فانتبهت من نومى وتعجبت من هذه الرؤيا فى وقتها وكنت أود أن أشرح لكم هذه الرؤيا فى وقتها ولكن المباركة أختى منعتنى من ذلك خشية من بطش الملك أخى لئلا يشعر بذلك فيقتلنى لساعتى ةلهذا دعوت شقيقتى مع جميعكم لتشهد لكم بما سمعته منى من قبل". ولما أخبر الملك داود بهذا التصريح الجلى أمام الجميع مجدوا الله المظهر عجايبه على يد قدسيه البابا الجالس على الكرسى المرقسى بالديار المصرية وهو ينظر بالروح ما سيحدث من الانقلاب فى أقاصى الحبشة وينطق بما سيكون من نتائج الانقلاب. أما رسول ملك مصر فانه لما عاد بعد ذلك مع رجال بعثته الى مصر وأعلم الملك بما حدث من البابا متاؤس فتعجب أيضا لأنه كان هو أيضا يحبه ويجله وكذلك كان البابا يحترمه ويحبه وأقام الملك برقوق طول أيام ملكه محافظا على سيادة البابا ولم يعكر صفوة ايامه ولم يسمع فيه سعاية كاذية.
قطعة من خشبة الصليب وجسد طفل من أطفال بيت لحم الذين قتلهم هيرودس تهدى إلى أثيوبيا:
و ذاعت اخبار البابا القديسوانتشرت اعماله الصالحة فى أركان العالم كما تجدد على يديه الصلح والسلام والمحبة حتى شهد له الملوك المسيحيين قائلين:"ان مثل هذه الأعمال الصالحة لم نسمع بها قط" فقد صار السلام يملأ الأرض وصاروا يرسلون للبابا القبطى هدايا ولما سمع إمبراطور أثيوبيا بورود هذه الهدايا للبابا أرسل لملوك الفرنجة هدايا أعظم منها وأرسل يقول لملك الفرنجة أننى لم ارسل لك هذه الهدايا لترسل لى هدايا مثلها بل أريد أن تهدى إلى أثر من ألاثار السيدية (نسبة إلى السيد المسيح) ولما وصلت هدايا الإمبراطور الأثيوبى إلى ملك الفرنجة فرح بها جدا وأرسل إليه ما هو أعظم منها وكان عنده فى ذخائرة قطعة خشب من خشب الصليب الذى صلب عليه السيد المسيح فأخرجها بخوف ووضعها بداخل صليب من الذهب مرصع بالفصوص الزمردية , وأخرج معها جسد طفل من أجساد الأطفال الذين قتلهم هيرودس ووضعهم داخل صندوق ثم وضع معهم من ألأوانى الذهب والفضة والحلل الملوكية الفاخرة وحلل للكهنة ما لم يمكن وصفه ثم صور على أحدى هذه الحلل صورة البابا القبطى بالذهب اللامع ثم أرسل الملك الهدايا الى البابا متاؤس لكى يقوم بتوصيلها الى ملك الحبشةواستحلفه أنه لن يرسل هذه الهدايا إلى أثيوبيا حتى يقدس يصلى البابا فى تلك الحلة الكهنوتية المصورة التى عليها صورته ويباركها من فمه الطاهر قبل إرسال الهدايا إلى هناك . وكان هذا الملك لم يرى البابا القبطى ولم يبصره ولكنه سمع عن فضائلة ولعظم إيمانه كان يرسل إليه أن يرسل إليه قطعة من عمامته فأرسلها له البابا القبطى فكان الملك يضع هذه القطعة على من فى مرض فكانوا يبرأون , وسمع البابا طلب هذا الملك فلبس هذه البدلة (الحلة الكهنوتية ) التى عليها صورته ودعى عدد كبير من الشعب القبطى وباركهم البابا القبطى وتباركوا من خشبة الصليب وتعجب الشعب بالأكثر لما رأوا جسد الطفل كأنه ميت حديث ولم ينحل أعضاءه , وسأله الشعب أن يترك هذه الآثار مده فى المقر الباباوى ليتباركوا بها فلم يوافق . وعندما وصلت الهدايا إلى أمبراطور اثيوبيا وعاين الملك البار آثار السيد المسيح مع ذلك الطفل تعجب ورفع التاج من على رأسه وظل ساجدا حوالى ساعه أمام هذه المقدسات ثم رفع راسه ورأى الحله الكهنوتية التى فيها صورة البابا القبطى مصورة فصار يتهلل ويفرح ويمجد الرب يسوع الذى جعله يرى صورة البابا القبطى القديس فى بلاده قبل إنتقاله لأن الملك كان مشتاق أن يرى صورة البابا قبل أن ينتقل لما سمعه عن قداسته .
علاقة البابا متاؤوس بملك مصر ووشاية المسلمين له:
وكان قبل أن يجلس ملكا على مصر كان كان يرسل إلى جبل أنطونيوس أن يطلب من الشيوخ الرهبان فى دير الأنبا أنطونيوس أن يجلس ملكا على مصر , فاقامه الرب ملكاً على مصر وظل صديقاً للبابا ولم يصنع عمل إسلاميا معه ولم يسمع وشايه لأحد عنه ولا يسمع لكاذب أن يسوء العلاقة بينهما , وكم من مرة سعى المسلمين لإضرار بالبابا فلم يسمع لهم . وكان أثنين من ألرهبان الأشرار كانوا طلبوا أن يصيروا أساقفة ولكنهم لم يستحقوا هذه الرتبة ذهبوا وقالوا كلاما كذبا عن البابا للملك فلما لم يسمع لهم ذهبوا وقالوا هذا الكلام لحاكم مصر , وكانوا من كذبهم يقولون كلاما مختلفا عند كل حاكم وعندما تقابل حاكم مصر والقاهرة والملك وتشاوروا فى الشكوى فتحقق لهم كذبهم فأرادوا أن يعاقبوهم ويلقوهم فى السجن فلم يرضى البابا بذلك عندما أخبروه , وكان البابا صبورا معهم واحتملهم كثيرا فلم يرجعوا عن شرهم وملأ الشيطان قلبهم فهجموا ذات مرة على البابا وهو جالس يحكم فى قضية بين الناس وقالوا له : " لماذ لا تقوم (وتنحط عن ) تترك كرسيك فقد جاء الوقت الذى يصير فيه الواحد منا بطريركاً والآخر أسقفاً" . فلما سمع كلامهم أبتسم ولم يتجبر عليهم ولم يغضب بل أجابهم بكل أتضاع قائلاً : " سترون يا هذان وأنا أطلب منكم أن تصبروا على قليلاً وأضرب لكم مطانيه أن تمهلونى أربعين يوماً فقط حتى أنتهى من متعلقات البطريركية وودائع الشعب التى عندى وبعد تمام الأربعين يوماً تعالوا إلى وأنا أسلم لكم كرسى البطريركية بغير مانع يعيقنى " ولما قال لهم البابا هذا الكلام فرحوا ومع فرحهم لم يدعهم هذا البابا يمضوا حتى قدس وناولهم الأسرار المقدسة ثم بعد التناول تركوه وذهبوا إلى ديرهم لكى يقيموا هناك منتظرين مرور الأربعين يوماً ولما مضت ثلاثين يوما من المدة أخذ الرب نفس واحدا منهم ثم أخذ نفس الاخر قبل تمام الأربعين يوماً وذلك بعد الصلاة القوية التى أصعدها البابا إلى الرب الإله .
راهب سريانى ينكر الإيمان ثم يستشهد بقانون حد الردة الإسلامى:
قال ابن المقفع فى مخطوط تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 272 وكان هناك راهب سريانى أسمه ابراهيم أنكر مسيحه أمام الملك وأعتنق الإسلام وتجند وصار جنديا وتكلم عن البابا القبطى كلاماً سيئاً عنه وعن الرهبان فى الأديرة فقام ومعه بعض الجند وقبض على بعض الرهبان وأوثقهم بحبل وأرسلهم الى القاهرة وكان يظن أنه يجد بينهم إذا ضيق عليهم من ينكر الإيمان مثله فلم يلين إلا راهباً واحداً أنكر الإيمان ونطق بالشهادتين , وظل الراهب السريانى الذى أصبح جندى يقاوم الكنيسة ويضجر الشعب القبطى وطلب الشعب من البابا أن يدعوا عليه فقال لهم : " يا اولادى لا تدعوا عليه بل أنا أدعى له أن الرب يسوع يرده ويعطيه أكليل الشهادة " .. ولم يمكث هذا الراهب السريانى إلا فترة قصيرة من الزمن حتى تذكر أيام محبته الأولى مع المسيح فندم وقام قائلا أقوم واذهب إلى أبى المسيح واعترف بالمسيح وغير ما فى قلبه فاظهر ندما حقيقيا على ما فرط منه ثم مضى واعترف بالمسيح أمام الملك بعد أن أنكره أمامه ونال هذا الراهب أكليل الشهادة مثل اخوته كما دعا له البابا .
أمير مملوكى يستولى على الحكم فيعذب البابا متاؤس:
وحارب الأمير منظاش السلطان برقوق وأنتصر عليه وهرب السلطان برقوق إلى الكرك , فوشى أحد الكذبه على البابا القبطى لهذا الأمير الذى عطش للمال وقال للأمير منظاش : " أن الملك برقوق قد أودع أموال وذخائر عند البابا القبطى قبل هروب الملك برقوق إلى الكرك " فأمر الأمير منظاش بإحضار البابا وفتش قلايته وما حولها وعذبه عذاباً شديداً فلم يجد معه شيئاً ثم أطلق سراحة . وفى مرة أخرى أحضره أميراً أسمه يلبغا السالمى وكان يريد إضطهاد الشعب القبطى بكاملة فلم يوافقه البابا على ذلك وقاومه فجرد الأمير سيفه بغضب شديد يريد ضرب رقبة البابا ففى الحال مد البابا عنقه لسيفه وطلب منه أن يضرب عنقه , فلما رأى الأمير شجاعته وقوة قلبه وإيمانه وعدم خوفه من الموت , تردد وتوقف ثم رد السيف إلى غمده وأطلق سراح البابا . وحدث أن الأمير الذى ضربه وعذبه وقع أسيرا فى يد الملك فأرسله ليسجن فى جب ( سجن أسفل الأرض ) فى الأسكندرية , وكان الشعب القبطى يخشى عودة هذا الأمير المملوكى إلى الحكم حسب عادة المماليك فقال لهم البابا : " أنى وكلت بسجنة الأربعة حيوانات حاملى العرش الالهى" ولم يبرح هذا الأمير سجنه إلى أن مات شر موته وتعجب الشعب . محــــاولة المسلمين الإستيلاء على الكنيسة المعلقة وحرقها:
وسعى مجموعة من المسلمين لهدم كنيسة العذراء التى تعرف من خلال التاريخ بأسم الكنيسة المعلقة وكان البابا متاؤوس قد ذهب إلى البرية لينفرد بالصلاة إلى الرب ولما سمع المسلمين أنه غير موجود فى مصر ذهبوا وقالوا للملك أن لهم حق فى المعلقة وأخترعوا وجود أشياء بها فأشار القضاة الأربعة بتفتيش الكنيسة ولم يجدوا شيئاً بها فراحت وشايتهم تعصف بها الريح, ولكن هولاء المجرمين أغتاظوا لعدم نوالهم ما خططوا له , ومن شدة حقدهم وغيظهم أرادوا حرقها بالنار وسكبوا النفط فى أساسات الكنيسة المعلقة أسفلها يريدون حرقها بكاملها ولكن الرب يسوع الذى كان مع الثلاثة فتية فى أتون النار وحماهم من لهيبها المستعر لم يدع النار تصعد إلى أعلى الكنيسة وعندما كان التلاميذ والشعب القبطى يطفئونها أرسل الرب يسوع ندا (ثلج) باردا من فوق (السماء) فأطفأ ليهيب النار المتقدة حتى تعجب المسلمين .
محاولة المسلمين هدم دير شهران"دير الانبا برسوم العريان الآن":
وذهب المسلمين لهدم دير شهران , لأنهم أتهموا رهبان الدير زوراً وبهتانا عند الملك , وعندما كثر إلحاحهم أذن لهم الملك بذلك , فلما ذهبوا بالفئوس والمعاول فى جمهرة كبيرة منهم قال عنهم أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة ص 273 خلق كبيرا لا يحصى وكانوا يظنون أنه لكثرة عددهم يخاف منهم البابا متاؤوس ويترك دير شهران لهم ليهدموه , وكان البابا متاؤس واقفاً أمام الدير يقاومهم إلى أن قال لهم : " من منكم يا هؤلاء له يد وسلطان يجرد سيفه الآن ويقتلنى لأنى ما دمت حياً لن أمكنكم أن تهدموا طوبة واحدة من ذلك الدير إلى أن أقف أنا وأنتم قدام الملك وأظهر لكم أنكم على باطل والكلام الذى قلتموه كذب " وتركهم ومضى قاصداً القلعة وأستغاث بقوة الملك برقوق , ولما سمع الملك صوت صراخه أرسل الملك أربعة قضاة من المسلمين ليدخلوا دير شهران ويتحققوا من أقوالهم فلم يجدوا شيئاً مما قالوا عنه هؤلاء الكذبة ومنعوا من الاعتداء على مبانى الدير فهرب أولئك الشلكون واختفوا من غضب الملك برقوق لئلا يبطش بهم لكذبهم فيما ادعوا .
قيام تيمورلنك بغزو الشرق:
ما كاد السلطان برقوق يُتمِّم حملته بنجاح، حتى ظهرت بوادر غزو تيمورلنك المنغولي في أُفق الشرق. فقد استولى على بغداد في أغسطس 1393م، وانحدر إلى الشام حتى أصبح يُهدِّد السلطنة المصرية بالغزو.
فقد جاء إلى السلطان برقوق رُسُل من قِبَل تيمورلنك يطلبون منه تسليمهم ”قرا يوسف“ أمير الدولة المادية الذي التجأ إلى حماية برقوق هرباً من بطش تيمورلنك. ولما كان طلبه تمَّ بطريقة فظَّة، فقد قتلهم الملك برقوق لشدة غضبه من غلاظة معاملتهم.
ولما بلغ الخبر إلى تيمورلنك، استشاط غضباً وساق جيشه قاصداً مصر للانتقام. ولكن السلطان برقوق لم يغفل عن ذلك، وتأهَّب للدفاع عن مصر وللهجوم على جيش تيمورلنك. وسار الجيش حتى الفرات. ولكن تيمورلنك كان منشغلاً في اشتباكه في القتال مع ”طوقتمش“ في ”جيورجيا“.
وفاة السلطان برقوق وقيام ابنه السلطان فرج:
ولم يكد السلطان برقوق يستعدُّ لملاقاة خصمه تيمورلنك حتى أدركته الوفاة بداء الصَّرَع عام 1399م، فأسف عليه الناس أسفاً شديداً لعدالة حُكْمه ويقظته ورفقه برعيته. وتولَّى بعده ابنه السلطان فرج، ولُقِّب بالملك الناصر، وكانت أُمه يونانية الجنس.
خلاص البابا متاؤس من الاضطهاد والسجن بعد موت السلطان برقوق:
عندما استولى تيمورلنك على الشام، سافر السلطان الملك الناصر فرج بن برقوقلمحاربته، وأناب عنه في حُكْم مصر الأمير يلبغا السالمي. ولما خلا الجو لهذا الأمير، أوقع على المصريين ظلماً كثيراً، حتى أنه أَمَرَ بحصر كل أبوابهم: أبواب المنازل والحوانيت (الدكاكين( والطواحين والبساتين والسواقي والكروم، وفرض عليها ضرائب باهظة.
+ ثم قبض على البابا البطريرك متاؤس وسجنه، وأَمَرَ نساء المسيحيين واليهود بأن يَلْبسنَ ملابس زرقاء وصفراء أمام الأب البطريرك. ولكن البابا قاومه. فأغضب ذلك الأمير، واستلَّ سيفه وشرع في ضرب رقبة البابا، فمدَّ البطريرك رقبته إليه وسأله أن يقتله. فرجع الأمير عن عزمه واندهش لشجاعة البابا وأراد أن يُطلق سراحه. ولكن البابا رفض إلاَّ إذا أطلق أبناءه المسجونين معه بدون ذنب أو جريرة.
+ وأتى أحد تلاميذ القديس الأنبا رويس إلى مُعلِّمه، فوجده مُلقًى على الأرض لا يتكلَّم، فقال له: ”أَلاَ تعلم أن الأمير قبض على أبينا البطريرك وسجنه وكاد يقتله؟ فلماذا لم تُحرِّك ساكناً؟“. فرفع القديس الأنبا رويس وجهه وأصابعه إلى السماء وقال لتلميذه: "اُنظُر إلى فوق، فإنَّ سيدتنا العذراء ستُخلِّصه". ولمَّا سمع التلميذ هذا الكلام من مُعلِّمه، اندهش من اطمئنان القديس وثباته.
وأخذت التلميذ سِنَة من النوم، فرأى صليباً في كَبِد السماء، وخرجت منه يمامة حسنة المنظر وقد بسطت جناحيها على رأس البابا البطريرك. ثم سمع أثناء ذلك صوت القديس الأنبا رويس يُخاطب البطريرك قائلاً: "متَّى، متَّى، لا يَخَفْ قلبك، لأن الحمامة الحسنة التي أنت تحبها (مُشيراً بذلك إلى السيدة الطاهرة القديسة مريم والدة الإله، كما لُقِّبت في اللحن الكنسي باسم: ”الحمامة الحسنة“) قد خرجت اليوم لخلاصك، وستُهلك عدوَّك". وعند ذلك استيقظ التلميذ من نومه وتوجَّه إلى الأب البطريرك في السجن، وقصَّ عليه هذه الرؤيا.
+ وفي تلك الأثناء هجم أحد أمراء مصر على السجن وكسر أبوابه الحديدية، وأخرج البابا متاؤس البطريرك القديس ومَن معه من المسجونين، وهزم الأمير يلبغا السالمي.
وفي ذلك الأسبوع رجع السلطان الناصر فرج ابن برقوق. ولمَّا عَلِمَ بما فعله الأمير يلبغا من الأعمال الوحشية، قام بمطاردته من مكانٍ إلى آخر حتى تمكَّن من القبض عليه وسَجَنه، وأوقع عليه عقوبة الجلد والضرب حتى مات شرَّ ميتة (نقلاً عن المخطوط الخاص بسيرة القديس الأنبا رويس بكنيسة العذراء بالخندق - أرض الأنبا رويس(.
قيام الامراء باضطهاد البابا متاؤس الاول وفشلهم فى أيام السلطان الناصر فرج:
الحادث الاول:
من من البطاركة يوافق أن يشهر أحد ببنات شعبه ويصيروا عارا وأضحوكة لصغار وعامة الناس ؟
قال أبن المقفع فى مخطوط تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 274 : " وكشف الرب لهذا البابا أن المسلمين لبغضهم لهذا البابا كمنوا للشعب القبطى ووضعوا خطة لأضطهادهم بالأتفاق مع الأمير سودون , ولما كشف الرب له عن هذا المخطط الشيطانى الإسلامى لم يلتفت للوراء بل قام فى الحال وخرج متخفياً من المقر الباباوى ولم يراه أحدا ولم يعلم تلاميذه إلى أين ذهب , وذهب البابا إلى كنيسة القديس مرقورة أبى سيفين وحبس نفسه فى مكان مظلم ولم يسمح لأحد أن يراه وأوصا الرجل الذى حبسه أن لا يكلم احداً فأقام سبعة أيام ولياليهم فى هذا المكان وهو يصلى بلجاجه فى الحبس ويعبد الرب ويستغيث بشفاعة القديسة العذراء مريم , إلى أن ظهرت له القديسة العذراء مريم أم النور وقالت له : " أن الرب قبل طلبته فى خلاص الشعب القبطى وبطلت مؤامرة المسلمين الأشرار , حينئذ أبتهج قلب البابا متاؤوس وفرح فرحا عظيماً وخرج فى اليوم السابع مثل ملاك الرب وبتدبير الرب أرسل الأمير وطلبه فى ذلك اليوم وأخبره بما أضمره المسلمين للأقباط فقد أرادوا أن يلبس نساء الأقباط الإزارات الزرقاء وغير ذلك من الإضطهادات العنصرية الدينية , وكان هذا الأب قد أحتمى بروح الرب وقوته وقال له : " من هو من الأمراء الذين تقدموك فعلوا هكذا مع بنات شعبهم من المسلمين ؟ , أو من من البطاركة يوافق أن يشهر أحد ببنات شعبه ويصيروا عارا وأضحوكة لصغار وعامة الناس , ولكن الحق أقول لك أيها الأمير أنك متى شهرت بواحدة من بنات شعبى سأطلق الخراب واشهر بلادكم من أطراف أثيوبيا وإلى أقاصى مصر , وأخبرك أيها الملك أنت تظن أن النصارى ليس لهم ملوك على الأرض ولا سلاطين وكما أنتم تحكمون عليهم فلهم أيضا سلاطين سينظروا فى سلطنتكم " فسقط الامير فى الوهم والتفكير فى ما قاله البابا وأطلق سبيل البابا ولم يعد يخاطبه فى شئ , وتعجب الشعب ومجدوا الرب والسيدة العذراء التى تساعد هذا البابا فى خطواته , فقد كان هذا البابا لم يكن يعمل أى عمل حتى يقف أمام أيقونه السيدة العذراء ويسألها فيما يفعله .
السيدة العذراء مريم كانت تظهر للبابا متاؤس وتخاطبه من أيقونتها :
وكانت القديسة العذراء تظهر للبابا متاؤوس حسب شهادة القديس العظيم الأنبا رويس (فريج) وقد قال أبن المقفع فى مخطوط تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 274 : " عندما سألنا الأنبا رويس ذات يوم أن يذكرنا فأجابنا قائلا : من هو أنا يا اولادى ؟ .. حتى تسألونى أن أذكركم أسألوا أبينا القديس البطريرك الذى تظهر له السيدة العذراء مريم وتخاطبه وتخاطبه من أيقونتها الطاهرة وتخبرة بأسرار عجيبة وتساعده فى كل أموره " وقد تعجبنا من كلامه ومجدنا الرب. البابا متاؤوس يخرج الأرواح النجسه: أحضر الشعب إلى البابا متاؤوس صبية شابه بها روح نجس (عليها شيطان) يعذبها فلما نظر الروح النجس البابا واقف يصلى فر هاربا ولم يعود يقترب من الصبية ولكنه وقف خارج الباب ولم ينظره أحد من الحاضرين لكن أحد قسوس الصعيد أخبر رجال البابا بهذا الامر لان ذلك القس كان له موهبة رؤية المناظر الشيطانية مكشوفة أمامه.ولمل شاهد هذا القس الروح النجس واقفا بالباب استعلم منه عن سبب وقوفه فأعلمه أنه واقف هنا خوفا من البابا البطريرك.فتعجب القس من ذلك ولم يصدق هذا القول حتى دخل وسأل قداسة البابا عن أمر الصبية فتعجب كثيرا وقال للقس:"عرفنى أيها القس من الذى أعلمك بأمر الصبية التى لم يعلم احدا بحضورها عندى" فقال له القس:"اغفر لى يا أبى لانى رأيت الروح النجس الساكن فى هذه الصبية واقفا خارج الباب وهو الذى أعلمنى بذلك ولكنه لم يقف بل أنصرف لساعته خشية أن أعلم قداستكم به فتحرقه صلاتكم القويه من على الأرض". ولما أتم القس حديثه أمام البابا البطريرك تعجب كما تعجب كل من كان حا ضرا أكثر منه لعظم الأيات والعجائب التى كانت السيدة العذراء تتمها على أيدى هذا البابا القديس ليس فقط فيمن يقدم اليه بل وايضا فى الغائبين عنه. وكان صبى من ضواحى مصر أعتراه روح نجس وكانوا أهله كلما أرادوا حمله ليذهبوا به إلى البابا كان الروح النجس يرميه ويعذبه ويثقل عليهم ولم يمكنهم الروح النجس من الدنو منه , ولما كان إلهنا كثيرالرحمه تحنن عليهم وألهمهم بورقة كتبها هذا البابا لهم بيخط يده فوضعوها عليه , وفى الحال برئ وهرب الروح فارا من مجرد ورقة كتبها هذا البابا البار , وتعجب أهل البلدة من هذا الحدث وصاروا يضعوا هذه الورقة المكتوبه بخط البابا على كل من يعتريه روح نجسفى قريتهم فيبرأ فى الحال .
البابا متاؤوس وإقـــــــــــــــامة ميت:
كان هناك عمال يعملون فى بناء فى كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة وكان عامل منهم يحمل حجارة كبيرة وقع من فوق السقالة بها على الأرض ووقعت الحجارة فوق ضلوعه فكسرها فحملوه ميتا أما العمال اصحابه عندما وجدوه ميتا قرروا تركه ميتا ويهربون فلم يدعهم البابا وقال لهم : " أسكتوا ولا تنزعجوا إن العامل لم يمت بل أنا أضمن لكم رحمة الرب يسوع أنه حى " وحملوه أربعه رجال ووضعه أمام أيقونة السيدة العذراء التى فى حنية الكنيسة ثم غطاه بالوزرة (عباءته) التى له حوالى 3 ساعات من الساعة 6 من النهار حتى الساعة التاسعة , وطلب ماء ساخن وصلى عليه وغسل أعضاءه وكان كلما غسل عضو من أعضاءه كان عضو العامل يتحرك فى الحال وفى النهاية قام العامل حيا على قدميه فلما رأى رفاقه العمال أنه حى فرحوا وتعجبوا ومجدوا الرب. ويقول واحد أسمه فخر الدولة : " أنه لما أدركنى نزاع الموت ومت ولم أجد البابا حاضراً عند موتى ولم أشعر حتى رأيت أننى فى مكان الخوف والدينونة عندما أختطفوا الملائكة روحى وأوقفونى أمام كرسى الرب يسوع وأبصرت السيد المسيح له المجد وهو يشير إلى الملائكة الموكلين بى أن يفتحوا كتاب خطاياى وأنا كل خطيه أنساها ولا أعترف بها يبكتونى عليها بغير رحمة ورأيت هناك خوف وفزع شديد ونار لا تطفأ حتى أنه من خوفى من رؤية هذه الأشياء سقطت مرعوبا وكنت أطلب أن يقيمنى أحد فلم أجد ورأيت البابا قد أقامنى وسأل السيد المسيح أن يعيد روحى على حتى أتوب عن خطاياى التى صنعتها وأجاب السيد المسيح لطلبه وقال : " لقد سمعت لك فى هذا الإنسان منذ الان لا يعود يخطئ لئلا يصيبه شر " وأنا أشعر بأننى أنتبهت وصحيت ووجدت روحى رجعت إلى فمجدت الرب وعرفت أن هذا البابا له دالة قوية عند الرب يسوع .
شفاء المرضى:
وكان يشفى أمراض كثيره عند الشعب ببركة صلاته , وكان يتبع اسلوبا مختلفا مع كل واحد فمنهم من كان يضع وزرته (ملابسه عليه) فيشفى , ومنهم من كان يذهب إلى بين الكيمان ويسأل السيدة العذراء في شفاءه , ومنهم من يسأل الملاك ميخائيل فيشفى ,وكان الكثيرين من المرضى الذين يشفون يتوبون عن خطاياهم ويعيشون فى بر المسيح وكان كثير من المرضى الذين يمرضون تأنف الناس منه ويبتعدون عنه وكان هذا البابا يرعيه ويكون معه يخدمه إلى أن يصح من جميع أتعابه .
البابا متاؤوس ينظف عبدا رماه أصحابه ليموت خارج البيت:
وحدث أن مر هذا البابا على باب أحد من الأغنياء فرأى على باب منزله عبداً لهم ملقى مريضاً قد جاف ونتن من كثرة أوساخه ولم يجد من يعالجه فلما رآه البابا هكذا لم يأخذ أذنا من أصحابه الأغنياء بل أسرع وأخذ منديل وغسل أوساخه وفراشه وثيابه الملوثه من قذاره ونتانه ورائحه لا تطاق , ورأى العبد ما فعله هذا البابا فإرتاحت نفسه بعد أن بعدت عنه رائحة النتانة ومات بعد أن وجد أحد يحبه فى هذا العالم فى حضور هذا البابا . البابا متاؤوس ينزل إلى بئر ويكفن بيده الطاهرة أمرأة مقتولة:
وحدث مره أنه كان سائراً وعبر على بئر مالحة ووجد بها أمرأة مقتولة قد أنتنت وأصبحت جيفه ولم يدنى منها أحد من الناس ولم يعترف أحد بقرابتها فنزل إلى البئر وحمل المرأة ولم يأنف منها بل غسلها وكفنها ودفنها بيده .
علاجه لمن عندهم مرض وكان كثيرا ما يتخذ أساليب غريبه ليشفى الأمراض ليبعد عن نفسه المجد الباطل:
فى مرة قدموا إليه صبية صغيرة مصابه بقروح فى عينيها فلما رآها تحنن قلبه عليها وقال لأمها : لا تعالجى أبنتك بالكحل (ماده سوداء كانوا يدهنون به العينين) وأشار عليها أن تستعمل ادوية رخيصة . وقدموا له أمرأة مقعدة قد يبست أصابع يديها ورجليها فمسكها بقوة ليفتح أصابع يديها فإنفتحت أقفال أصابعها ورجليها وقامت تمشى وتعجب الحاضرين ومجدوا الرب يسوع . ولسعت حيه سامة رجل إنسان فأخذوه إليه فأخذ جرو وشق بطنه ووضع فيه رجل هذا رجل الرجل المسلوع ثم أحضر لبنا وشحم وحنظل وأشار عليه بأن يبتلع قليلاً قليلا فكان عندما يشرب منه القليل يتقيأ وقام معافى بعد ذلك .
كــــــــــان كل القديسين والشهداء الذين ماتوا يكرمون البابا متاؤوس:
اظهار سارق أوانى بيعة القديس أنبا شنودة بمصر:
وتعجب الناس أن شهداء وقديسين كثيرين الذين ماتوا منذ أجيال لهم علاقة بالبابا متاؤوس وكان يتشفع بهم ويستغيث بهم , ففى أحدى المرات أختفت آنية كنيسة من كنائسهم كان يربطه ولا يحله حتى ظهرت الانية , والقديس الذى ربط صاحب صورة الأنبا شنودة بمصروان الرجل عنده عاده (مرض) السرقة فكان يسرق أوانى الكنائس بمصر .فذهب إليه البابا وأنتهره ووبخه وقال له : " من مدة وانا احتملك وأنهيك أن لا تسرق أوانى الكنائس وأنت لم ترجع عن مرض السرقة الذى فى نفسك ولكن من الآن سيأتى عليك الأنتقام من القوى الذى لا يمكن لك بعده حياة على الموت بل تموت أشر موته" , ولم يمكث السارق سوى فترة قليلة حتى وقع فى يد متولى الحكم بالقاهرة فقد سرق أوانى ذهب وفضة من بيته ولما فتشوا بيت السارق ووجدوها فيه سمره فى الحال (دق فيه) ومات كما قال البابا أشر موته .
خلاص ابن أحد الوزراء من شدة وقع فيها:
وغضب الملك برقوق على شاب من أولاد الوزراء بمصر ولعظم الشدة والضيقة التى كان فيها ابن الوزير فكان البابا يستغيث بالشهيد العظيم تاوضروس ليخلصه وكان يقول : " أنا أعلم يا شهيد الرب يسوع أنك لعظم شجاعتك خلصت أولاد الأرملة من فم ذلك التنين القاتل وأنا أربطك بالسلطان الذى أعطاه لى ربنا يسوع المسيح ولا أحلك من الرباط إلا أن تسرع وتخلص ذلك الإنسان من شدته " ولم يتمم البابا كلامه هذا وطلب وساطة القديس تاوضروس حتى خلص ذلك الانسانمن تلك الشدة التى وقع فيها متعجبا لا يعلم كيف كان خلاصه فازداد تعجبه من الكرامة والوقار الذين يكرم بها القديسون والشهداء هذا البابا.
البابا متاؤوس يستغيث بالشهيد مار جرجس:
ذهب أحد من امراء المماليك وتكلم مع الملك والقضاة وعرض فكرا أسلاميا شيطانيا وهو : ألا يبقوا مسيحيا على الأرض فقام البابا متاؤوس إلى صورة الشهيد مارجرجس شاكيا هذا الأمير المملوكى المسلم وقال للشهيد : " قم يا شهيد الرب يا مار جرجس سألتك الإنتقام من ذلك الأمير وأنت لم تنتقم ولكن هوذا اربطك بالكلمة ولا أحلك حتى تسرع وتنتقم لى منه ولم ينتهى الكلام من فمه حتى قدموا لذلك الأمير فى ذلك اليوم كأس من مملوء شرابا به سما قاتلاً شربه وهو لا يعلم فمات فى الحال وأبطل الرب مشورته الفاسده بقتل الأقباط كما أبطل مشورة أخيتوفل . ويقول كاتب مخطوط تاريخ البطاركة : " مرة رايت آخرين من أغنياء الأقباط فى القاهرة أضطهدهم المسلمين هناك فقرروا الهرب إلى البابا متاؤوس الذى مقره مصر (مصر القديمة الان) وعندما أدركهم الليل ناموا وفى الحال رأى أحدهم البابا واقف قدام صورة الشهيد مار جرجس يسأل فى خلاصهم من ضيقتهم ويقرع على الصورة بيده ويقول : يا شهيد الرب مارى جرجس لن أطلب خلاصهم إلا منك , وحدث ان الشهيد أمال راسه من الأيقونة كأنه يقول نعم نعم أنا أخلصهم , فلما رأى البابا ما كان من تواضع الشهيد وسماعه لطلبته أنطرح ساجداً له على الأرض , فعظم الأمر على الشهيد من سجوده له وخرج من الأيقونة مثل فارس متجسد فمسك بأذيال البابا وتبارك منها ثم أن البابا عندما رأى الفارس مار جرجس تبارك منه أيضا .. ولما أستيقظ من نومه قص هذه الرؤيا على أصدقاءه ولم يصدقوه حتى سمعوا بأخبار فى الصباح الباكر من النهار خرج الأمر من الرب وشهيده بخلاصهم وأن الأمير مار جرجس خلصهم من غير سعى ولا جهد , فقاموا وذهبوا إلى البابا يشكروا له عن صلاته من أجلهم وما رآه أحدهم فى الرؤيا , وكانوا قد أضمروا فى أنفسهم شيئاً آخر فعلم البابا ما فى افكارهم فتعجبوا جميعه ومجدوا الرب الإله .
الملاك ميخائيل الفارس الراكب على فرس أبيض:
وذات مرة جاء إلى البابا متاؤوس شماس مضروب وقال له : " يا كاهن الرب أرحمنى فإن شابا جنديا يركب فرس أبيض (خيل لونها أبيض) لم ار احسن منه عاقبنى عقاب كثير وشديد آلمنى لأكلى فى الصباح الباكر يوم الأربعاء والجمعة لأنى كنت آكل فى الأربعاء والجمعة فى الخفاء .. ولا أعرف من هو الذى أخبر ذلك الجندى ؟ ولا أعلم من هو ذلك الجندى ؟ وجاء ليضربنى وكلما ضربنى كان يقول : " كيف تكون يا هذا شماس ومسيحى وتأكل فى الصباح الباكر يوم الأربعاء والجمعة " .. ثم بعد ما كلمنى بهذا تركنى وهو يتوعدنى إن لم أعود لما كنت عليه , وأنا خائف من ذلك الجندى ولا أعلم من هو ؟ فقال له البابا : " لا تخاف يا أبنى من ذلك الجندى الذى ضربك أنا أعرفه ولكن إذا أخذتك أمامه تتوبعما أقترفته" فقال له الشماس : " نعم يا أبى " فمسكه بيده وأوقفه قدام صورة رئيس الملائكة ميخائيل وكانت تلك الصورة المصور فيها الملاك ميخائيل مصور وهو فيها راكب فرس أبيض , فلما تأملها ذلك الشماس خر ساجداً أمامها وقال : " حقاً أن هذا هو الجندى الذى ضربنى وأنا منذ الان تائب أمامه لأنى شماس على كنيسته وقد أنسانى اللهو ولم أتذكر أننى شماس على كنيسته حتى فكرنى هو وضربنى حتى أن أترك ما أنا فيه من اللهو وأقوم ما يجب على فى خدمته وأنا تائب منذ اليوم " الأمير يزبــــــــــــــك ومرة اخرى أشتد غضب البابا على أمير آخر من المماليك أسمه الأمير يزبك فظل ستة أيام وستة ليالى يسأل رئيس الملائكة ميخائيل لهلاكه وفى نهاية اليوم السادس ولم يسمع لذلك الأمير خبر حينئذ أرسل أحد تلاميذه يستعلم عن خبر ذلك الأمير فوجد تابوت الأمير وقد توفى والناس حزانى يصرخون وعندما سأل قالوا : " أن هذا الأمير ظل ستة ايام معذب من طعنه فى جنبه واليوم مات " فرجع التلميذ وأعاد ما سمعه على البابا فتعجب ومجد الرب ورئيس الملائكة ميخائيل الذى سمع دعائه .
بالصليب يعظم أنتصارنـــــــــــا لأنه أحبنا اولاً:
وجاء إليه كاتب (موظف حسابات - أو كاتب يكتب رسائل) وهو فى ضيقة عظيمة وقال له : " يارجل الرب الإله أقبل منى مبلغ 500 دينار ذهب وصلى عنى فإن الملك برقوق اليوم يريد قتلى ولا أعلم كيف يكون خلاصى منه ومن ينقذنى من يده " .. فقال له البابا متاؤوس : " لا تخاف يا هذا .. ولا تظن أنه بالذهب الذى أحضرته يكون خلاصك بتاتا بل إن أردت أن تخلص أرجع الذهب إلى مكانه والرب يخلصك من غير ذهب " .. وقام وصلى وباركه وأرسله على الملك برقوق وأعطاه صليبه ومنديله وقال له أحملهم جواك (أى داخل ملابسك) وأدخل ولا تخف , ولكن الكاتب خاف خوفا عظيماً وقال : " كيف أحمل صليباً وهو كبير ومجدول (من الجلد) قد يقع عليه النظر ويراه أحدهم وماذا إذا شعر به احد " .. فقال له البابا : " قلت لك يا هذا أحمل الصليب والمنديل داخلك وأدخل إلى الملك وانا أضمن لك إذا أتكلت على الرب الذى أنت حامل صليبه أن الملك لا يؤذيك ولا يضرك " فأطاع الكاتب كلام البابا وحمل الصليب ودخل إلى الملك , وكان الملك مملؤ من الغضب عليه , ففى تلك الساعة تغير غضب الملك وثورته عليه وبدأ يلين ويهدأ وصارت كل كلمة يتكلم بها الكاتب يقتنع بها الملك وصار الملك مثل الندا باردا وأنطفئ لهيب غضبه , وخرج الكاتب من عند الملك فرحا وتعجب ذلك الإنسان من الصلاة القوية التى رفعها هذا البابا لأجله والتى أبدلت غضب الملك وحنقه إلى رضاء , فقد أضمر الملك برقوق فى نفسه أنه متى وقع الكاتب فى قبضته يقتله . كـــــــاهن يخطئ ويستحى من الإعتراف بخطأه أمام البابا
ويقول كاتب مخطوط تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 280 : " أخبرنا أحد أولاد الكهنة أنه وقع فى خطية صعبة وأخفاها ولما ذهب ليعترف بها عند البابا خاف وأستحى وخجل أن يعترف بها امام هذا البابا العظيم .. فأعلنها له البابا على أنفراد وقال له : " أنت فعلت الخطية الفلانية فلا تعود تفعلها وليغفر لك الرب هذه الخطية " ولما سمع ذلك الكاهن كلامه تعجب ومجد الرب الإله .
مجزرة الأقباط قطع رؤوس الرجال والنساء الأقباط:
كان قد مضى حوالى ثلاثين سنة على إضطهاد الأقباط الشديد الذى تم أثناء حقبات مختلفة من عصر حكم المماليك البحرية فى سنة 1355 م وأجبر ألاف الأقباط من أعتناق الإسلام بعد أن طردوهم من الوظائف وقام رعاع المسلمين وعامتهم بمطاردة الأقباط فى الشوارع والطرقات وذبحوا منهم عددا كبيراً فى هياجهم عذبوهم فى الطرقات وألبسوهم ملابس مشينة لكرامه الرجال وعفه النساء ولكن ظل القله ثابتين فى الإيمان . وقام المسلمون بهوجه أضطهاد أخرى فى سنة 1386 م فى الوقت الذى كان الأقباط الذين أسلموا تحت ضغط أيضاً لأنهم كالنوا ينظرون إليهم بعين الشك وعدم الولاء وأحتقروهم لأنهم بعرفون أن المسيحية لها مثل عليا ومن يترك المسيحية يترك مثلها وهذا معناه أن من اعتنق الإسلام هو رجل حقير ومحتقر . وتقول مسز بتشر تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الرابع من ص 54 : " لم يذكر التاريخ أن المسلمين اظهروا سرورهم وفرحهم ورضائهم عن الأقباط الذين أسلموا إلا واحد منهم فقط ألا وهو (الجاحد) ميخائيل شعبان , فإن هذا الرجل كتب الكثيرون من المسلمون عنه وعن مركزه الإدارى السامى الذى أرتقى عليه بعد إرتداده بثلاث سنوات , ولما أعلن أسلامه طار به المسلمون فرحاً وألبسوه حلة ثمينة وأركبوه بغلاً من بغال الملك وداروا به فى موكب عظيم حول المدينة ثم كافأوه بذلك المركز الكبير فى الحكومة . وبدا فى عهد جلوس البطريرك متى المسكين على الكرسى المرقسى سنة 1375 م ظهر الشعور الدينى والوطنى بين الأقباط ورجع كثير من المرتدين إلى ديانتهم المسيحية الصلية دين الرب يسوع مخلص العالم . وفى سنة 1389 م دخل القاهرة جمع عظيم من الرجال والنساء (قدروا بالألوف ) يصيحون بأعلى صوتهم قائلين " نحـــن نصـــارى .. نحـــن نصـــارى .. نحـــن نصـــارى .. " وأنهم تركوا ديانة الأنبياء الكذبة , وأنهم تركوا دينهم الأصلى خوفا واجبارا من إضطهادهم , وكان غرضهم من هذا الإعتراف العلنى أن يمفروا عن خطألأهم السابق وضعفهم ويقدموا أنفسهم للأستشهاد والموت معترفين بالمسيح إلها ومخلصاً . فأحاط بهم المسلمون وقبضوا عليهم وحاولوا أرجاعهم ولكن ذهبت محاولاتهم أدراج الرياح , وأجاب الأقباط قائلين : " لقد أتينا إلى هنا لنكفر عن خطايانا ونقدم أرواحنا لتكوت قربانا على مذبح فادينا يسوع المسيح فننال منه المغفرة. فلما اعيت المسلمين الحيلة أرهبوهم بالتعذيب وبدأوا بتعذيب الرجال ولكنهم صمدوا ولما فشل المسلمين فى خطتهم ساقوا الكثيرين منهم كقطيع من الغنم إلى الميدان العظيم تحت نوافذ مدرسة الصالح وأبتداوا يقطعون رؤوسهم الواحد امام الآخر أمام نساؤهم , ولم يؤثر هذا المنظر الفظيع على ثبات نساؤهم أو على عزمهن للأستشهاد بل أصروا على الموت وفضلوه على دين الإسلام , فأمر أحد القضاة الحاضرين أحد الحراس أن يسوقوا النساء القبطيات بلا تأخير إلى سفح الجبل تحت القلعة ويقطعوا رؤوسهن , فنفذ الأمر , على أن الكثيرين من الناس حتى من المسلمين أنفسهم لاموا ذلك القاضى على أعدام هؤلاء النسوة البائسات " ولكن ليس القاضى لم يخطئ ولا يمكن لومه ولكن الذى يلام هو شريعة الإسلام الذى حث على قطع رؤوس المرتدين الأبرياء . ولم يقتصر ذلك الإضطهاد الفظيع على أقباط القاهرة فقط بل أمتد إلى الأقاليم , إذ أنه بعد هذه المذبحة العظيمة ببضعة أيام قبضوا على راهب وصاحبه وثلاثة نساء وقطعوا رؤوسهم وحرقوهم , وكان ذنب الراهب هو وعظه ضد الدين الإسلامى , والآخرين لوقوفهم أمامه وتشجيعة لينال فخر الإستشهاد وقال أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 282 : " أن عدد الذين أستشهدوا فى زمانه 49 شهيدا " . وقبض المسلمون على بطريرك الأقباط وحاخام اليهود وألأقوهما فى السجن وفرضوا على بطريرك الأقباط فدية 100 ألف درهم وعلى حاخام اليهود 50 ألف درهم .
نياحة البابا متاؤوس
الأمير جمـــــــال الدين:
وكان كثير من الشعب القبطى أختلطوا وتنجسوا بنجاسات المصريين (يقصد المسلمين) وكان البابا يتنهد ويبكى بكاءاً حارا على الشقاء الذى سيحل بالمصريين وراح البابا ينذر شعبه قائلاً : " تيقظوا يا اولادى وتحذروا من ذلك اليوم الذى يأتى فيه الإنتقام على المصريين لأن فى ذلك الزمان تنزل نار من السماء تحرق كل مساكن المصريين حتى يعلوا الدخان تلك المدينة ومن بعد ينوحون عليها قائلين : اليوم سقطت بابل العظماء أم جميع المصريين .. وكان البابا كلما تكلم معنا هذا الكلام لم نأخذ حذرنا ولا نزداد إلا طغيان ووقاحة وعدم خوف من الرب ولم نسمع له فكان البابا يحزن ويبكى وكان يشتهى الموت لنفسه , وحدث أن اثار الشيطان أميرا من كبار الأمراء أسمه جمال الدين وطلب من الأقباط مبلغ من المال لم يقدروا عليدفعه وكان البابا يدافع عن شعبه , فتضايقمنه الأمير جمال الدين وفكر فى خطه لقتل البابا فأرسل رسلا سرا إلى أرض الحجاز ورسل أخرى إلى اليمن ليكتبوا تقارير أن البابا القبطى يرسل رسلاً إلى أمبراطور اثيوبيا (الحبشة) ليهاجم مكة ويخربها , ولما علم بالروح أن هناك محاضر كتبت فعلا ً , فسبق قبل وصولها وصلى إلى الرب وسأل السيدة العذراء مريم كعادته أن تؤخذ نفسه بغير سفك دماء ولا ينال الشعب القبطى أثر ذلك أضطهاد , وسمعت السيدة العذراء طلبته ولم يعد اليوم الذى صلى فيه بنتهى حتى أصيب بحمى شديدة فى جسده طرحته فى الفراش ضعيف لا يقوى على القيام او الجلوس فلما وصل خبر مرضه إلى الأمير جمال الدين الذى يريد قتله سكن غيظه قليلاً ولكنه لم يسكت عن إضطهاد الأقباط وأرسل إلى البابا يهدده ويتوعده بإضطهاد الشعب , فجمع الأقباط 500 ألف درهم وقدموها له لعل قلبه يطيب ويكف عن مضايقة البابا , فلم يكف وظل يضايق البابا حتى الساعة التى قارب فيها الموت أرسل إليه الأمير جمال الدين رسلاً ليحملوه ويأتوا به إليه , فطيب البابا قلبهم وقال لهم : أعطونى مهله للغد يوم ألحد حتى أستريح قليلاً وتعالوا أحملونى إلى حيث تريدون " وكان يكلمهم بهدوء لأنه كان يعلم أن ساعته للأنتقال من هذا العالم قد قاربت ليخرج من هذا العالم ويخلصة الرب من ظلم هذا المير المسلم , فمضوا من قامه , ولما حضروا فى اليوم التالى كما قال لهم البابا وجدوه قد اسلم الروح فى الهجعة الأولى من ليلة الأثنين قبل حضورهم بمهلة طفيفة , فلما وجدوه توفى تعجبوا وتعجب الأمير أيضاً . والرب الذى يمهل ولا يهمل فقد تسلط آخرين على الأمير جمال الدين وقبض عليه الملك وعذبه كثيرا ولم يأخذوا فقط الأموال التى أخذها من الأقباط اخذ كل أملاكه وظل يعذبه حتى مات شر موته . وكان البابا قبل موته قد أرسل تلاميذه وعرفهم أنه سينتقل من العالم وأحضروا له جميع ما يحتاج لتكفينه من ثياب وبرانس وهم ثوبين وبرنسين وأسكيمين وقلنسوتين وسترتين وبليتين حتى التابوت وبعد أن أحضروا هذه الأشياء تكلم معهم وأشار لهم بما يصنعوه وأشار لهم ايضا أنه عند موته أن لا يكشفوا وجهه إلا وقت التجنيز كعادة البطاركة ولا يدعون أحد يقبل قدميه بل يتركوه ملفوف فى أكفانه الصوف مثل الرهبان وأوصى أنه يدفن بين أولاده فى دير الخندق وبعد أن أوصاهم بهذا قام البابا بتغطيه جسده بوزرته وأسلم الروح فى الساعة الأولى من ليلة الأثنين 5 من شهر طوبة سنة 1125 للشهداء وكان عمره 72 سنة قضى منها 40 سنة راهباً .. 32 سنة بطريركاً . وأجتمع فى جنازته الكهنة والشمامسة والأراخنة وحض أيضا كل الطوائف المسيحية وحضرت طائفة اليهود أيضا ومن المسلمين ويقول أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة : وأعداد لا تحصى من الناس وكان بكاء وعويل حتى أن أعمدة الكنيسة كادت تبكى على فقده وهو راقد مطروح وصليبه فى يده وكان يبكوا بالأكثر لأجل حسن منظرة وتواضعه وهيبته ومحبته وصدقته وأفتقاده للمساكين وعلى أحتماله وصبرة .ثم حملوه بالأكرام والتبجيل والوقار وحملوه فى التابوت كمثل حمل تابوت العهد من كثرة الخليقة المحيطة به ومزدحمين عليه , وكان جند المسلمين والعساكر تسير أمام التابوت تحجبه إلى أن مضوا به إلى دير الخندق (دير الأنبا رويس) حيث دفنوه فى المكان الذى أوصى به . العجائب التى أظهرها بعد دفنه: وبعد دفن البابا أظهر الرب آيات وعجائب بعد أنتقاله فمنها الليلة التى تنيح فيها أضطربت أجساد أخوته البطاركة الراقدين بدير القديس أبو مقار وأن الرهبان سكان الدير سمعوا أضطراب الأجساد وصوت يدعوهم قائلاً : " قوموا أخرجوا أفتحوا الباب أنبا متاؤوس حضر .. أنبا متى حضر وهو واقف على الباب يقرع (يدق) على الباب " فلما خرج الرهبان وفتحوا أبواب الدير لم يجدوا أحداً فتعجبوا وأن البابا عبر بروحه على البطاركة الراقدين فى الدير ليتباركوا الأرواح ببعضها البعض , وحدث من أضطراب الأجساد أن وقع القنديل الزجاجى المضاء أمامهم وأنطفأ ولم ينكسر . وعبر رجال عرب مسلمين أرض دير الخندق يوم الأحد فوجدوا البابا يطوف بين الأموات فى الليل مرتديا برنس أبيض مثلما كان يمشى ويطوف بينهم فى النهار فلما رأوه هؤلاء الرجال العربان وأختفى من امام عيونهم فسالوا المسيحين فعرفوهم أنه توفى فأصروا أن يروا قبره فنزلوا وتباركوا منه .
البابا يظهر بعد نياحته أثناء أنتخاب البابا التالى:
وكان البابا قد ذكر لتلاميذه قبل أنتقاله أن الأب غبريال سيصير البابا بعده وكان بعض الشعب غير مصدقين حتى ترآ لهم البابا متاؤوس فى يوم تكريس الأب غبريال قمصا إذ بواحد من الشيوخ القديسين المجتمعين فى هذا اليوم أبصر البابا متاؤوس بالروح واقف على جناح المذبح وهو يضع يده مع يد ألاباء الأساقفة على رأس الأنبا غبريال فلما نظر الشيخ ذلك تعجب وذهب يتبارك منه قبل أن يختفى فباركه وودعه قائلا:"اذكرنى ياخى فانى ماضى مع البابا غبريال الى الاسكندرية وهكذا مضى هذا القديس بالروح مع البابا غبريال ولم ينظره غير كاهن أخرسا يومئذ وكان هذا الكاهن قائما مع الجماعات للحضور الى الاسكندريه فنظر امامه فراى القديس متاؤس يقول له:"منذ الآن يا هذا لا تكون أخرسا بل قم من عن الله وتكلم وعرف الجماعات أنى حضرت فى جماعة القديسين لاشاهد تكريس البابا غبريال بالاسكندرية"ولما تنبه الكاهن الأخرس وجد لسانه قد انطلق وتكلم كما ذكر للجماعات ما كلمه به البابا المتنح القديس متاؤس وتعجب الكاهن الأخس حتى أتوا ورأوه وسمعوا منه وكان كل من سمع يمجد الله على المواهب العالية التى أفاضها الله على هذا البابا القديس فى حياته وبعد انتقاله.
انا اسف على طول الموضوع ولكن حبيت اعرض سيرته كلها اللى اقدرت اجمعها من من مواقع وكتب مختلفه وبركة سيرة القديس العظيم تكون معنا امين .
+++++
+++
+
+++
+