جمعها الأب يوحنا فرنيزوس، خادم كنيسة القديس في بروكوبي - آفيا
نقلتها إلى العربية سعاد رزوق
نقلتها إلى العربية سعاد رزوق
في مستشفى القديس سابا للسرطان
في مستشفى القديس سابا الكبير في أثينا، كانت إحدى الأمّهات تجاهد ضد بلاء البشرية الذي هو السرطان. وقد كانت حالتها مستعصية حتى أنّ الأطباء قالوا لأولادها بأن يأخذوا أمهم إلى البيت: "لا تُتعِبوا أنفسكم بعد الآن بأن تأتوا إلى المستشفى لكي تعتنوا بوالدتكم! ما من أمل لها بالعيش. خذوها إلى البيت لأنها إن ماتت هنا فسوف تربكون أنفسكم بمعاملات المستشفى وإجراءاته ". لقد كانت العائلة من كافالا في شمال اليونان.
عند تبلغهم رأي الأطباء، راح أبناؤها الخمسة المجتمعين حول سريرها بالبكاء، فهي والدتهم أصل حياتهم، وللإنسان أم واحدة في هذه الحياة. وفي تلك اللحظة، مرّت أمام باب الغرفة حيث كانوا مجتمعين، امرأة لا يعرفونها فرأت المشهد المأساوي وفهمت ما الذي يحصل. وسألت الأبناء: "أهذه أمكم؟ اصغوا إليّ! لا تتوقفوا عند هذا، فالله وقديسوه فوق العلم والأطباء. كل ما هو بشري قد فعلتموه. لقد ذهبت حديثاً في رحلة حج إلى مقام القديس يوحنا الروسي في بروكوبي في آفيا، حيث يوجَد جسده المقدس كاملاً من دون فساد، وقد أخذت القليل من الزيت من القنديل المعلق فوق رفات القديس لكي أرسم بها علامة الصليب على أحد أقربائي وهو مريض هنا في هذه المستشفى، وسوف أفعل الشيء نفسه لوالدتكم والله سوف يُعيل".
إن بعض الكلمات المصحوبة بقليل من العطف والتعزية تستطيع أن تريح كثيراً، وتساعد مَن هو في ألم أو في حزن. حتى الجلوس بصمت بقرب شخص متألم يعطي الشجاعة. وبقطعة من القطن رسمت السيدة الغريبة إشارة الصليب على جبهة المريضة ورحلت. صحيح أن القوة الإلهية تنتقل حتّى من خلال الأشياء والمواد التي تستعمل في العبادة، كالذخائر والماء المقدس والزيت لأن للكنيسة إيمان مطلق بقوة المسيح على الشفاء. إن هذه الطريقة المتواضعة لنقل قوة الله غير المادية وغير المخلوقة إلى أجسادنا وأمراضنا بواسطة رسم علامة الصليب مستخدمين الزيت والماء المبارَكَين قد وضعها آباء الكنيسة "كالشفاء الأعظم والأكثر لياقة بالله" (القديس يوحنا الذهبي الفم). من الممكن فهمها كعمل يعكس إيماناً عميقاً حيث أن شخصاً ما قد يشعر بعدم استحقاقه للطلب من المسيح نفسه أو من أحد قديسيه أن يأتي إلى معونته ولكنه يؤمن أن قوة المسيح الشفائية سوف تنتقل في هذه الطريقة البسيطة. أليس صحيحاً أن المسيح ينتقل من خلال مواد الخبز والخمر البسيطة؟
بالعودة إلى المرأة المريضة، بعد برهة قصيرة بعد أن رسمت السيدة الغير المعروفة إشارة الصليب عليها، فتحت عينيها. وإذ رأت أن أولادها يبكون أومأت برأسها إلى أحدهم لأن يقترب منها. فاقتربت منها ابنتها الكبرى فقالت لها والدتها هامسة: "لماذا تبكين يا ابنتي؟"
"أمي لقد مرّت أيام عديدة منذ فقدت وعيَك وما عدتِ تكلمت معنا. وأنتِ تسألينني عن سبب بكائي؟"
"نعم يا ابنتي، ولكن منذ برهة قصيرة، أتى جندي شاب وقال لي أن اسمه القديس يوحنا الروسي ورسم إشارة الصليب على جبيني وقال لي أنني سوف أعود إلى الحياة".
وبالرغم من أن مرضها كان "مستعصياً"، فقد تعافَت الأم وعاشت مع أولادها ورأت أولاد أولادها كما سمح الله وقديسوه.
عصا المشي
"وإذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه ومست هدب ثوبه لأنها قالت في نفسها إن مسست ثوبه فقط شُفيت". (متى9: 20-21).
"وطلبوا اليه أن يلمسوا هدب ثوبه فقط. فجميع الذي لمسوه نالوا الشفاء" (متى14: 36).
"حتى أنهم كانوا يحملون المرضى خارجاً في الشوارع ويضعونهم على فرش وأسرّة حتى إذا جاء بطرس يخيّم ولو ظله على أحد منهم" (أعمال5: 15).
عندما تدخل كنيسة القديس يوحنا الروسي ترى هوية بسيطة وهزيلة، عصا مشي معلقة أمام مقام القديس كغنيمة الظفر. انها تعود لماريا سياكا، وهي امرأة مسنة من قرية فرنارو بالقرب من آموهوستوس في قبرص. فقد كانت لمدة ثماني عشرة سنة محدودبة الظهر ومنحنية على نحو مضاعف حتى أن المسافة بين وجهها والأرض كانت قصيرة.
في 11 آب 1978 أتى بها أقاربها في رحلة حج، مع بعض المئات من القبرصيين، إلى كنيسة القديس يوحنا. حملوها لتجسد لرفات القديس المقدسة. وبينما كان تتطلع إلى الرفات المباركة بكت السيدة المسنّة وتوسّلت إلى القديس يوحنا أن يهبها مساعدة إلهية صغيرة لما تبقّى من حياتها. وقد رأى القديس يوحنا عظمة روحها وحزنها وأيضاً إيمانها العميق. وفي تلك اللحظة وأمام أعين جميع الحاضرين، بدا وكأن يداً غير منظورة أمسكت بأكتافها بقوة هائلة وبدأت تدريجياً تُفتّح جسدها. لقد استقام عمودها الفقري وعاد إلى شكله الأصلي ووقفت السيدة المسنة مستقيمة.
بكى أصدقاؤها القرويون وقرعت أجراس الكنيسة وقدمت صلوات الشكر من قبل الحضور الذين لم يستطيعوا أن يمسكوا دموعهم. مَن كان له الحظ أن يرى حصول هذه العجيبة يستطيع أن يفهم هذه السطور.
أخيراً سُمع صوت السيدة المسنة قائلة: ماذا أستطيع أن أعطيك يا شابي العزيز ويا قديسي؟ أنا فقيرة. سوف أعطيك عصا المشي التي أملكها التي لن أحتاج إليها لبقية حياتي.
وقد روت الصحف اليومية في نيقوسيا: "إن ماريا سياكا بعد رحلة الحج إلى كنيسة القديس يوحنا الروسي في اليونان، تستطيع الآن أن ترى وجوه أصدقاءها القرويين بعد عشرين سنة تقريباً من انحنائها حيث لم تكن ترى إلا الأرض فقط. بفضل القديس قد شفيت وهي بصحة تامة".
أتكرهني يا قديسي؟
مرّت ثماني سنوات على زواج السيد يورغوس ك. وزوجته وقد انتظرا كل هذا الوقت على رجاء أن يحصلا على طفل ولكن من دون جدوى حتى صاروا في حزن عميق وألم. فالحياة تبدو حزينة جداً عندما لا تستطيع المرأة أن تصبح أماً وتبقى من دون أولاد. ولكي يشجع امرأته قال زوجها منحنياً بالقرب منها: "اصبري. إنها مشيئة الله. الحزن والدموع لا يغيّرون شيئاً. الأولاد ليسوا هدف الزواج الوحيد، بل قبل كل شيء أن ننمو روحياً ونصير واحداً مع الله على الأرض وفي الأبدية."
استمرت الزوجة بالصلاة كل يوم من كل قلبها وروحها. فمنذ حداثتها علّمتها والدتها أن تصلي دائماً وكانت تقول لها: "إن الناس الأقوياء يصلّون، فالصلاة تسلّح البشر بالصبر والاحتمال خلال صعوبات الحياة".
وقد كانت، منذ صغرها، قد زارت القديس بصحبة عائلتها مرات عديدة. وعديدة هي المرات التي كانت تقول فيها للقديس: "يا قديسي العظيم يوحنا، أنا أرجوك وأتضرع إليك أن تشفع لي إلى الله حتى أكون مستحقة أن أصير أماً. لمدة ثماني سنوات، وأنا أسمع جواب البشر والعلم بأني لا أستطيع أن أكون أماً، وإنني لن أضم طفلاً بين ذراعيّ. إن بيتي فارغ وقلبي مملوء حزناً. سأنتظر يا قديسي جواباً من السماء بأن الله سوف يعطيني طفلاً لكي يمتلئ بيتي وقلبي وحياتي بالفرح والسعادة. سأنتظر يا قديسي العظيم".
وفي مساء الثالث من كانون الأول 1979 كانت السيدة مكتئبة تبكي محاوِلة أن تجمع ذهنها بصلواتها. ولكنها لم تستطع فقد كانت متعبة، وتشعر بضيق ورغبة بالبكاء والصراخ والتهديد. فتحوّلت إلى مزار الأيقونات، وما أن شاهدت أيقونة القديس يوحنا حتى انفجرت بالبكاء قائلة: "ماذا فعلتُ لك بعد كل ذلك يا قديسي؟ أتكرهني؟ لماذا لم يمنحني الله هذه السعادة؟ أتكرهني يا قديسي؟"
وبعد منتصف الليل، صعد أحد الأشخاص درج بيتهم. فاستيقظ الزوجان وهمس الزوج: "لا تقولي شيئاً. قد يكون أحد الموظفين مخطئاً بالوقت وجاء ليأخذ المفاتيح من المكتب. لا تتكلمي سوف يرحل".
ثم قُرِع باب غرفتهم وفُتح الباب فظهر وهج في الظلام على صورة القديس يوحنا وصوت: "آرشنرولا، ماذا كنتِ تقولين في صلواتك الليلية؟ إن القديسين لا يكرهون أحداً. ليست مشيئة الله أن لا يكون لكِ طفل. ستمر سنتان أخريان ثم تُعطَين هذه السعادة". ثم اختفى الضوء واضمحل صوت القديس.
ومرت سنتان وأتى فرح الله بوفرة مع الطفل الأول ثم مع الثاني والثالث. لقد ملأت أصوات الأولاد الحلوة البيت وقلوب والديهم.
"أولئك صرخوا والرب سمع ومن كل شدائدهم أنقذهم" (المزمور34: 17).
الموضوع لأبونا الحبيب فادي هلسا على :
http://vb.orthodoxonline.org/threads/11165
Comment