{ إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا،
كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ، وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ،
رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ،
أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ،ِ
لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. } لو1:1-4
كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ، وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ،
رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ،
أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ،ِ
لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. } لو1:1-4
في هذه المقدَّمة التي كتبت باليُّونانيّة بأسلوب بليغ نلاحظ فيها الآتي:
اعتنى ق. لوقا بأن تكون افتتاحية إنجيله على أرقى مستوى من الأدبيات اليونانية، كما اعتنى بتركيبها لتكون صورة عامة لمستوى اللغة والأدب الذي مارسه في كتابة إنجيله بأجمعه. وقد وفَّر بهذا الاعتناء لإنجيله مركزاً مرموقاً بين أدبيات الإنجيل للكنيسة عن جدارة، حتى صار إنجيل ق. لوقا جديراً بكل قارئ مهما علت ثقافته. ومما لا شك فيه أن ق. لوقا بهذا المستوى الذي بلغه في كتابته لإنجيله كان قد أضمر لإنجيله أن ينتشر في الكنيسة وفي كل مكان. فمعلمنا لوقا البشير كأممى طبيب مثقف أراد أن يخدم أصحاب الفكر الهيليني، فكتب لليونان عن السيد المسيح بكونه "صديق البشرية كلها"، يقدم لها أعماله الإلهية الخلاصية، لتحقيق ما عجزت عنه الفلسفة اليونانية والحكمة البشرية. لهذا يُدعى هذا الإنجيل: "إنجيل الصداقة الإلهية" أو "إنجيل المسيح المخلص". كما دُعي بالإنجيل المسكوني بكونه يمثّل دعوة للبشرية كلها لتقبل نداء صديقها السماوي، لتتجاوب مع عمله الخلاصي خلال الحب. جاء الأصحاح الأول من هذا السفر أشبه بمقدَّمة له تكشف عن غاية السفر كله ألا وهو الإعلان عن شخص المسيَّا بكونه صديق البشريّة الحقيقي،
«إذ كان كثيرون»:
اصطلاح يوناني أدبي لم يَرِد في أي موضع آخر في العهد الجديد، وهو فاتحة بليغة على المستوى المدرسي تشير إلى حقيقة معروفة سابقاً بمعنى “بقدر ما هو كائن”، وهي تأتي هنا سببية لما سيقوله أو سيعمله ق. لوقا. وبهذا الاصطلاح يُنْبئ بأنه قد نوى أن يستخدم ما قام به الكثيرون قبله إيجابياً ليعزز ما سيقوله هو. فإن كان هؤلاء هم كثرة فهو يقدِّم نفسه كمن يوازن الكثرة بالدقة التي سيلجأ إليها في سرد أخباره على مستوى ما كان قبله، مؤكِّداً أن دقته مع هذه الكثرة ستأتي بالجديد الكامل.
«قد أخذوا بتأليف قصة»:
«تأليف»: وهي تفيد التجميع، وهنا ينكشف المعنى البديع، إذ التجميع هنا تجميع مقولات غالباً شفاهية وأحياناً مكتوبة. وهنا يبرز التقليد الكنسي في تحوُّله محفوظاً بدقة من الوعي العقلي بالحفظ إلى الوعي الكتابي بالتسجيل. ظروف الكتابة هي وجود كثيرين ممَّن كتبوا عن الأمور المتيقِّنة الخاصة بالسيِّد المسيح وأعماله الخلاصيّة. يرى قلَّة من الدارسين أنه يقصد بهذا الإنجيليِّين مرقس ومتّى، لكن الرأي الغالب أنه يقصد أناسًا غير مخلِّصين حاولوا الكتابة عن شخص السيِّد المسيح بفكرٍ خاطئٍ... لكن أعمالهم لم تقبلها الكنيسة الأولى كأسفار قانونيّة. فمعني كلمة "أخذوا" أنهم حاولوا، وفي هذا إتهام موجَّه ضدَّهم ضمنيًا، إذ حاولوا كتابة الأناجيل دون إرشاد الروح القدس، أما البشيرون متَّى ومرقس ولوقا ويوحنا فلم يحاولوا التأليف إنما امتلأوا بالروح القدس فكتبوا الأناجيل... أربعة أناجيل هي القانونيّة، منها وحدها نستقي إيماننا بربِّنا ومخلِّصنا
«قصة»: وهي تفيد الرواية أكثر منها القصة، لأن القصة قد يدخل فيها تركيب ذاتي من الذي يقص، ولكن الرواية تفيد النقل الحرفي لمعلومة من فم لفم، وهنا تبرز دقة التقليد الشفاهي المحفوظ والمسلَّم من الله.
«الأمور المتيقنة عندنا»:
طبعاً يقصد بالأمور الحوادث التي حدثت، ولكن "المتيقنة عندنا" تفيد أكثر من اليقين، لأن أصل الكلمة اليونانية يعني الذي يعني الملء. فالقديس لوقا يضم نفسه بالنسبة لهذه الأمور أي الحوادث فهو يعرفها إلى أقصى ملء قياسها. وهنا يُبرز ق. لوقا عمله بالإضافة إلى عمل مَنْ سبقه من الكثيرين الذين جمعوا الروايات ليزيدها هو بمعرفته إلى ملء قياسها الحقيقي. أمَّا اليقين فهو موضوع على القارئ الذي يسمع أو يقرأ هذا الجمع للتقليد الذي بلغ كماله. لذلك فكلمة “المتيقنة” تفيد ملء الاقتناع. أمَّا المعنى الروحي واللاهوتي المختبئ وراء الكلام فيفيد أن الأخبار الخاصة بالحوادث التي حدثت، وهي طبعاً أخبار وحوادث الفداء والخلاص، وهي حوادث إلهية سبق ووعد بها الله، قد صارت الآن إلى ملء اكتمالها. وقوله "عندنا" تفيد المؤمنين أعضاء الكنيسة حيث بلغت إلينا وفينا بكل عملها الدائم وقوتها. وبالاختصار الشديد تكون الأمور المتيقنة عندنا هي هي خلاصنا الذي نعيشه كاملاً الآن، الذي اشترك فيه كثيرون بالرؤيا والسماع معاً بالنسبة لحضور المسيَّا ابن الله بالجسد.
وفي عرفنا أن هذه الآية التي قدّم بها ق. لوقا لإنجيله لا تَفْرُق كثيراً عن الآية التي قدَّمها ق. مرقس في إنجيله بقوله: » إنجيل يسوع المسيح ابن الله « فكلٌّ منهما بدأ بالأخبار السارة في حالة كمالها ويقينها كتعبير وتقديم عن الإنجيل كله. يعبِّر القدّيس لوقا عن مشاعره بقوله: "الأمور المتيقِّنة عندنا". لقد عرف القصّة بكل يقين الإيمان والعقل فلم يتردّد في تصديقها، وهذا حال المؤمن. لقد بلغ قمَّة الإيمان كقول النبي: "ثبِّت كلامك في قلبي" (مز 119). لذلك يقول الرسول عن المؤمنين الأقوياء الأشدَّاء أنهم متأصِّلون و متأسِّسون في الإيمان (أف 3: 18).
«كما» هنا لا تعني التساوي بل بمقتضى أو “من واقع”.
بعد أن استوفى ق. لوقا كل التآليف التي كُتبت في » الأمور المتيقنة عندنا «وهي بالضرورة الموت والقيامة والصعود إضافة إلى تعاليمه، كشف عن مصدر آخر لا علاقة له بالكتابة ولا بالتأليف، بل سُلِّم - وهي المختصة في التقليد بتسليم الأسرار - فماً لأُذن من أُناس رأوا وعاينوا وخدموا » الكلمة « والكلمة هنا ليست كلمة منطوقة؛ بل هو » الكلمة «المشخَّصة أو المؤقْنمة لأنها تقبل المعاينة والخدمة.
وكلمة “عاينوا” هي شهادة العين!! أي الذين شاهدوا المسيح وخدموه في أيام جسده. ويُلاحِظ القارئ المتعلِّم أن هذه الكلمة طبيَّة وهي تعني المشاهدة العينية. ولكن ما قيمة شاهد العيان إلاَّ أنه يعطي أول وأهم صورة موصوفة بدقة بعد الرؤيا واليقين. وهذه الكلمة بالذات تُستخدم الآن في فحص حالات بعد الموت فتعطي الانطباعات الشخصية عن الحالة. لذلك أردف الطبيب لوقا مع شهود العيان “خدَّام الكلمة”، بمعنى أنهم رأوه وفحصوه جيداً بمقتضى الوجود والتزامل والخدمة، وهكذا أصبحت روايتهم واضحة وصادقة بكل يقين!! كل هذا يدفعنا لنقول إنه تواجه مع مريم العذراء القديسة والأُم، وسمع منها ووعي كل ما حفظته في قلبها إلاَّ أنها أوصته أن لا يذكر اسمها!
وهنا يتضح للقارئ الباحث الذي يهمُّه البحث أن ق. لوقا سار في منهج البحث العلمي والتقصي في مساره القانوني حسب أصول البحث، فالتجأ إلى كل المخطوطات والقصاصات، ولمَّا استكمل مادة البحث عاد بعدها يبحث ويتقصَّى عن الينابيع الحية الأُولى التي كانت على يديها تجري الأمور لتحقيق صحة الأمور ويقينها. وقد استخدم هذا المنهج العلمي الملهم والموهوب في كل ما قرأ وسمع وكتب. وهنا يضع ق. لوقا الأساس الموثوق به للأخبار التي تخص المسيح. فالأولون أخبرونا بالأمور كما هي، علماً بأنهم كانوا منذ البدء معاينين وخدَّاماً للكلمة. فهنا الثقة بالخبر المسلَّم إلينا يقينية.
«سلَّمها إلينا»:
كلمة «سلَّمها» هنا هي نفس الكلمة التي تفيد “التقليد”، فالتقليد الكنسي هو "التسليم" سواء بالخبر أو العمل. فالإيمان تسليم والمعمودية تسليم. والتسليم أو التقليد تعبير فني تِقْنِيٌّ، لأن تسليم الشيء هو نقله من يد إلى يد أو من فم إلى فم أو من كتاب إلى كتاب، وهذا يحوي أدق فنون النقل وتوصيل المعلومة دون أي خلل أو إضافة أو حذف أو تنويع أو تغيير. وهنا نكون قد بلغنا إلى أعظم أسرار الكنيسة والإنجيل وهو معنى التقليد وأهميته. فإن كانت الكنيسة حيَّة الآن فلأن تسليم الإنجيل في الكنيسة قائم على أدق قواعد وأصول النقل والتسليم. فنحن نتقبَّل من الكنيسة في قراءة الإنجيل اليوم ما نطقه المسيح وسلَّمه لتلاميذه يوم نطقه وعلَّم به:
+ » فأمدحكم أيها الإخوة على أنكم تذكرونني في كل شيء، وتحفظون التعاليم كما سلَّمتُها إليكم. «(1كو 2:11)
+ » لأنني تسلَّمت من الرب ما سلَّمتُكم أيضاً ... «(1كو 23:11)
+ » فإنني سلَّمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضاً: أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب «(1كو 3:15)، هنا حديث عن حقائق موثوق بها. فما يسجله لنا معلِّمنا لوقا البشير إنما قبِله خلال "التسليم" أو ما نسميه "التقليد"، وهو الوديعة المُعاشة في حياة الكنيسة بالروح القدس تتسلّمها الأجيال خلال التسليم الشفوي والكتابي وخلال العبادة والسلوك... هذا ما أكَّده الإنجيلي بقوله "كما سلَّمها إلينا الذين كانوا من البدء معاينين وخدَّاما للكلمة".
تبرز نقطتين رئيسيَّتين في التسليم الكنسي:
أولاً: أن قوله "معاينين" لا يعني مجرد الرؤيا الجسديّة، إذ كثيرون رأوا السيِّد المسيح حسب الجسد ولم يدركوا شخصه ولا تمتَّعوا بعمله الخلاصي.
ثانيًا: أن المعاينة الروحيّة أو الإدراك الروحي تلتحم بالعمل، لذا قال "خدَّامًا للكلمة"، فلا انفصال بين الحياة الروحيّة التأمَّليّة والعمل، إذ يقول: [تأمَّل الرسل الله الكلمة لا بكونهم قد أبصروا المسيح المخلِّص المتجسّد، بل رأوا الله الكلمة (هنا لا يقصد انفصال المسيح إلى شخصين إنما يؤكِّد التزامنا إدراك حقيقة المخلِّص المتجسّد). لو كانت رؤيّة المسيح بالجسد (مجردًا) يعني رؤيّة الله الكلمة، لكان هذا يعني أن بيلاطس الذي أسلم يسوع قد رأى الكلمة، وكذا يهوذا الذي أسلمه وكل الذين صرخوا: "أصلبه أصلبه" (يو 19: 15). هذا الفكر بعيدًا عنه تمامًا، إذ لا يستطيع غير المؤمن أن يرى كلمة الله. رؤيّة الله الكلمة أوضحها المخلِّص بقوله: "الذي رآني فقد رأى الآب" (يو 14: 9)[ قوله: "كانوا منذ البدء معاينين وخدَّاما للكلمة" نستخلص من هذه الكلمات أن المعرفة قد تكون غاية في ذاتها، لكنه يتوِّجها العمل بمضمونها... فالاكتفاء بالمعرفة دون تطبيقها هو علم بلا نفع. وكما يرتبط العلم بالتطبيق العملي هكذا ترتبط المعرفة بخدمة الكلمة... فكلمة "معاينين" تعني المعرفة النظريّة، بينما تشير كلمة "خدَّام" للمعرفة التطبيقيّة
يصف القدّيس لوقا رسل المسيح بأنهم عاينوا الرب، وفي ذلك يتّفق لوقا مع يوحنا، فقد كتب: "والكلمة صار جسدًا وحل بيننا، ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوءًا نعمة وحقًا" (يو 1: 14). فإنَّ يوحنا يقول أيضًا: "الذي كان من البدء، الذي سمعناه الذي رأيناه بعيُّوننا، الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة، فإنَّ الحياة أُظهرت لنا" (1 يو 1: 1).
رأى التلاميذ كلمة الرب وسمعوه... هؤلاء الذين شاهدوا مجد الكلمة مع موسى وإيليَّا (مت 16: 3) رأوا الرب يسوع، إذ شاهدوه في مجده، أما الآخرون (اليهود) فلم يروه هؤلاء الذين عرفوه حسب الجسد، إذ أُعطي للبصيرة الروحيّة لا للعيُّون الجسديّة أن ترى يسوع. لم يره اليهود مع أنهم أبصروه (جسديًا). أما إبراهيم فقد رآه كما هو مكتوب: "أبوكم إبراهيم تهلَّل بأن يرى يومي، فرأى وفرح" (يو 8: 56) مع أنه بالتأكيد لم يره حسب الجسد... غير أن اليهود لم يروه، إذ "اِظلم قلبهم الغبي" (رو 1: 21)... عندما نرى الرب نرى عمانوئيل، فندرك أن الله معنا، أما من لا يبصر الله معه فإنَّه لا يعرف بعد مولود العذراء.
إذن يكتب معلِّمنا لوقا البشير خلال التسليم الذي وُهب للذين عاينوا الرب ليس حسب الجسد فحسب، وإنما عاينوه في أعماقهم وأدركوا سّر حلوله فيهم وعمله في داخلهم. ونحن أيضًا إن أردنا أن نتفهَّم الإنجيل يلزمنا أن نتسلّم معاينة الرب فينا وتلاقينا معه، على صعيد الإيمان الحّي العملي، حتى لا نسمع كلمات التوبيخ التي وجهها السيِّد لفيلبس: "أنا معكم زمانًا هذه مدَّته ولم تعرفني يا فيلبس؟!" (يو 14: 9).
«رأيت أنا أيضاً»:
هنا يدخل ق. لوقا بمشروع إنجيله، معتمداً على أنه استحسن عملهم، لأن كلمة رأيتُ هنا لا تعني الرؤية أو المشيئة، ولكن الاستحسان أي استحسن لنفسه أن ينضم إلى هؤلاء.
«تتبَّعت»:
تأتي في اليونانية بمعنى فحصت.
«على التوالي»:
وهو اصطلاح فني دقيق، وصحتها حسب اليوناني ليس على التوالي بل بنظام وترتيب. وهنا تدخل الآية في ثوب آخر ينطق بالروعة والجمال: » استحسنت أنا أيضاً إذ فحصت كل شيء من الأول بتدقيق ووضعته مرتَّباً بنظام، أن أكتب إليك أيها العزيز ثاوفيلس «
وهذا هو سر إنجيل ق. لوقا أنه لمَّا حصل على الحقائق الأُولى عاد فرتَّبها على أساس منهج مدروس لتعطي المبادئ الأساسية للإنجيل، لأن الذي ينقل التقليد المرئي ويرتِّبه بدقة وأمانة يكون كأنه رأى. فوثوق ق. لوقا من الأدوات التي اعتمد عليها في تسجيل إنجيله، وهم الرسل الذين خدموا الخلاص، والأخصاء جداً الذين عاينوا الرب واستُعلنت لأذهانهم شخصيته، جعل تدوين الإنجيل كرازة بالمنظور والمسموع؛ حيث اجتمع صِدق خُدَّام الكلمة، مع أمانة الذين رأوا وعاينوا، مع تتبع ق. لوقا وتدقيقه. ثم يضيف ق. لوقا ظرفي زمان يجعلان التتبع والتدقيق يشملان كل شيء فعلاً.
الظرف الأول: من الأول: ، والظرف الثاني: بترتيب
- فـ«من الأول» تُفيد منذ بدء ظهور المسيح وظهور الخدمة وتُفيد ضمناً ميلاده،
- وبترتيب بمعنى دون أن يسقط شيء، فكل حادثة مرتبطة بما قبلها وما بعدها وهكذا. وهنا الفحص الدقيق والترتيب يخص معاني الأحداث. وبهذا يأخذ الإنجيل معناه الروحي كأخبار سارة قائمة على أساس مُتْقَن يعطي الحوادث معناها. فالميلاد يعطي للصليب معناه، والصليب يعطي للقيامة معناها، والصليب والقيامة يعطيان الخلاص كماله ودوامه.
4:1 «لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ».
«لتعرف صحة الكلام»:
هنا يكشف ق. لوقا قيمة إنجيله بالنسبة للتعاليم الأخرى التي تقبَّلها ثاوفيلس شفاهاً، فهو التعليم الصحيح المسلَّم من المسيح للتلاميذ. وواضح أن ثاوفيلس كان قد تقبَّل تعليماً مبدئياً عن الإيمان المسيحي اكتشف فيه ق. لوقا أنه ناقص أو محرَّف، وهنا اشتعلت نفسه برغبة تعليم الحق لصديقه أو عزيزه ثاوفيلس. وطبعاً كانت دائرة التعليم الصحيح عن المسيح في نظر ق. لوقا هي في شخص المسيح نفسه، فهو ابن الله القدوس الرب الإله المحيي والمخلِّص والفادي، ثم في تعليمه المجاني عن الفداء والخلاص للجميع بلا استثناء.
«صحة»:
وهذه الكلمة من خصائص الإيمان المسيحي، فهي تفيد اليقين الموثوق والمعتمد. فإنجيل ق. لوقا كانت “الأسفاليا” محور خبر الإيمان الذي قدَّمه.
وهكذا يضعنا ق. لوقا في مواجهة قوة الإنجيل الشديدة التماسك المنقولة بالعين والأذن والفم كوسائل حفظ تؤمِّنها النعمة كذاكرة محفوظة بالروح القدس.
وقوله: «منذ البدء»، يعني بدء خدمة المسيح العلنية: » فينبغي أن الرجال الذين اجتمعوا معنا كل الزمان الذي فيه دخل إلينا الرب يسوع وخرج، منذ معمودية يوحنا إلى اليوم الذي ارتفع فيه ... «(أع 1: 21و22). و«الكلمة» هنا تفيد الرسالة الإنجيلية بكاملها دون أي تغيير، حيث يقصد بها تسجيل كلام المسيح وأعماله: » الكلمة التي أرسلها إلى بني إسرائيل يبشِّر بالسلام بيسوع المسيح. هذا هو رب الكل... «(أع 36:10) والكلمة هنا (hypostatized) أي مؤقنم، فهو يعني » الكلمة «ابن الله الذي يُرى ويُشاهد ويُلمس كما جاء في (1يو 1:1) » الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة «لم يلقِّب الإنجيلي الرسل بمعايني الكلمة فحسب، وإنما دعاهم أيضًا "خدَّامًا للكلمة" [2]. فإنَّ كان العمل الرسولي يقوم على معاينة الرب ببصيرة روحيّة فتدرك أسراره الإلهيّة، لكن دون انفصال عن العمل. وهكذا تلتحم المعرفة بالخبرة الروحيّة، والإيمان بالجهاد، والتأمَّل بالخدمة. فإنه عمل وليد إيمان الجماعة، قام على التقليد، وليس عملاً فرديًا كتب القديس لوقا هذا الإنجيل لصديقه العزيز ثاؤفيلس (1: 3). لقَب "العزيز" وهو لقب شرف، لهذا جاء الرأي الغالب أنه أحد أشراف الإسكندرية، من أصل إنطاكي كلوقا البشير نفسه، فكتب إليه كأممى مثله، لا لينتفع منه وحده، وإنما لينتفع به المنتصرون من الأمم بوجه عام
وُجه هذا الإنجيل للعزيز ثاوفيلس، وقد سبق لنا في المقدَّمة الحديث عن هذا الشخص. فكلمة "عزيز" هو لقب يُطلق على أصحاب المراكز الكبرى في الدولة الرومانيّة، لُقب به فيلكس (أع 23: 26؛ 24: 13)، وأيضًا فستوس (أع 26: 25).
أما كلمة "ثاوفيلس" فتعني "محب الله"، فجميعكم محبو الرب فنحن ثاوفيلس. ثاوفيلس هو شخص صالح جدًا وقوي... فلا يوجد ثاوفيلس ضعيف. أقول أن كل "ثاوفيلس" هو قوي، مصدر قوَّته وقدرته هو كلمة الله
- فإذا كان كذلك: فهذا دليل عليكم بأن هذا الكلام ليس بوحي إلهي إنما كلام شخص سمع فكتب وليس بوحي إلهي كما تقول الكنائس شرقاً وغرباً؟؟ فبقوله في فاتحة إنجيله: »إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقَّنة عندنا، كما سلَّمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة، رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبَّعتُ كل شيء من الأول بتدقيق، أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس« (لوقا 1: 1-4). وبقول إيريناوس: »إن الأشياء التي تعلّمها لوقا من الرسل أبلغها إلينا«. وقول إيرونيموس (جيروم): »لم يكن بولس المصدر الوحيد للوقا« والحقيقة هي أن الرسول بولس لم يكن من صحابة المسيح، بل تعلم الإنجيل منه ومن الرسل الآخرين أيضاً بالتالي وعليه يكون هذا الكتاب بشري فاقد الأهلية وحجة عليكم؟؟
وغاية الله هي أن يجعلنا أن نستعمل عقولنا في الأمور الدينية، وهو يطلب منا أن نبحث في الأمور بالتحرّي والتروّي ومعرفة البيّنات. وقوله: كما سلَّمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة يقصد به الاثني عشر، والسبعين تلميذاً، الذين أرسلهم المسيح للكرازة.
(2) أجمع أئمة المسيحيين القدماء والمتأخرين على أن إنجيل لوقا هو بوحي إلهي، مثل إنجيل متى ومرقس ويوحنا، ولم يشك أحد في صحته. فلو كان بدون وحي إلهي لنبذه أئمة الدين، لأنّهم كانوا أحرص الناس على ديانتهم، وهم من العلماء المتضلّعين. فغير هذا الكلام هو قول من أقوال النقاد الذين باعوا الدين
(3) اعتبر الرسل بطرس وبولس ويوحنا هذا الإنجيل من الكتب الموحى بها، لأنه كان متداولاً في عصرهم. فلو كان غير إلهامي لما صادقوا على التعبُّد به، وهم أعمدة الدين وأركانه، وقولهم الفصل.
(4) أجمع أئمة الدين القدماء على أن بولس رأى هذا الإنجيل وصدَّق عليه واعتبره مقدمة بشارته وخلاصتها، فهو كرسائله. وهو رأي نذكره لما فيه من إيجابية
(5) إنّ عليه مسحة الوحي الإلهي كغيره من الكتب المقدسة، فمع بساطته فهو سامٍ فوق الطاقة البشرية.
(6) يوافق إنجيل لوقا باقي الأناجيل ولا يناقضها في شيء، ما يدل على أنّ مصدرها واحد، وهو الله.
(7) وهناك أدلة على إلهام لوقا، فهو من السبعين تلميذاً الذين أرسلهم الرب ليكرزوا في اليهودية، والدليل على ذلك اختصاصه بذكر السبعين تلميذاً (لوقا 10: 1-20). كما كان من المائة وعشرين تلميذاً الذين حلّ عليهم الروح القدس يوم الخمسين (أعمال 1: 15 و2: 1-4). وقال كثير من المحققين إنه كان أحد الاثنين اللذين قابلهما المسيح في الطريق إلى عمواس يوم قيامته (لوقا 24: 13-35) فقال إن أحدهما كان كليوباس كما في آية 18، ولم يذكر الشخص الآخر، لأنه هو لوقا. وشهد بولس الرسول أنه كان عاملاً معه في الكرازة والبشارة (فليمون 24) وذكره بأحسن الذكر (كولوسي 4: 14) ورافق بولس الرسول في سفره الأول إلى مكدونية (أعمال 16: 8-40) كما رافقه من بلاد اليونان إلى أورشليم، ومنها سافر معه إلى روما ولبث معه سنتين مدة سجنه، فأقام معه أكثر من خمس سنين (أعمال 20 و27 و28).
(8) وبصرف النظر عن جميع هذه البينات الدالة على أن لوقا كان واحداً من الرسل العاملين، نقول إن الله خص الرسل بأنهم كانوا يضعون أيديهم على المؤمنين فيحل عليهم الروح القدس. هكذا فعل بطرس (أعمال 19: 6 و7 و1كورنثوس 12: 28 ورومية 1: 11 و15: 19 و29) وكان سيلا رفيق بولس نبياً (أعمال 15: 32) وكان الأنبياء كثيرين في الكنيسة الأولى، وسافر كثير منهم من أورشليم إلى أنطاكية (أعمال 11: 27) وكان يهوذا وسيلا نبيين في أورشليم، وأغابوس في اليهودية (أعمال 11: 28) وكان لفيلبس الإنجيلي أربع بنات عذارى يتنبأن في قيصرية (أعمال 21: 9 و10) وكان في كنيسة أنطاكية كثيرون أنبياء ومعلمون، منهم لوقا (أعمال 13: 1 و2). فهل نتصور أن لوقا الإنجيلي الذي كان عاملاً مع بولس وكان رفيقاً له يكتب بدون وحي الروح القدس، مع أن الرسل كانوا يمنحون هذه الموهبة الجليلة للمؤمنين وكانوا يعملون آيات وعجائب؟
فينتج من كل ما تقدم أن لوقا كتب إنجيله بإلهام الروح القدس، وأنه لا مانع إذا كان روح الله أرشده إلى الأخذ من الرسل الملهَمين بالروح القدس أيضاً، لأن الإلهام لا ينافي استعمال الرسول قواه العقلية من التحري والتروي. فليس الإيمان معزات فقط إنما عمل وتعليم
- لكن إن كان كلام الرسول وحي من الله فيقول الوحي بأنه ’’تأليف‘‘ علي هؤلاء الكُتاب بالتالي قام لوقا بنفس هذا الإسلوب بتأليف قصة في أمور دينية جوهرية في المسيحية إذا فلا فريق بين هؤلاء المؤلفين ولوقا الرسول ومَن يضمن لنا صحة قوله؟؟
فان كثير قد كتبوا قصة السيد المسيح ولكن ليس بوحى من الله وقد أثبت علماء النقد النصى ان هذه النصوص التى تكلم عنها القديس لوقا هى مذكرات الشعب والجموع التى كانت تتبع المسيح مثل تعاليم المسيح لهم وأمثاله وحوادث الصلب والقيامة.
*/ ولنفهم معنى التأليف فى اصول اللغة العربية نقرأ الأتى:
- فالقرآن يقول: (ألف) بين قلوبكم، وايضا (المؤلفة قلوبهم)
- (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران: 103)
- (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال: 63)
- ورد في قاموس الغني باب التأليف:
تَأْلِيفٌ - ج: تَآلِيفُ. [أ ل ف]. (مص. أَلَّفَ). 1."هَذَا الكِتَابُ مِنْ تَأْلِيفِهِ": مَنْ وَضْعِهِ، أَيْ هُوَ الَّذِي كَتَبَهُ، أَيْ أَلَّفَهُ. 2."يَتَطَلَّبُ تَأْلِيفُ كِتَابٍ مَعْرِفَةً تَامَّةً بِمَادَّتِهِ": تَجْمِيعُ مَعْلُومَاتِهِ أَوْ تَحْلِيلُهَا أَوْ نَقْدُهَا فِي عِلْمٍ مِنَ العُلُومِ.
- المعجم الغنى
جاء في قاموس نجعة الزائد باب التأليف:
التَّأْلِيفِ
تَقُولُ: هَذَا كِتَاب نَفِيس، جَلِيل، جَامِع، غَزِير الْمَادَّةِ، جَزِيل الْمَبَاحِث، جَمّالْفَوَائِد، سَدِيدالْمَنْهَج، حَسَن الْمَنْحَى، مُطَّرِدالتَّنْسِيق، قَرِيب الْمَنَالِ، دَانِي الْقُطُوف، سَهْل الشَّرِيعَةِ، سَهْل الأُسْلُوبِ، عَذْب الْمَوْرِدِ، نَاصِع الْبَيَانِ، وَاضِح التَّعْبِيرِ، مُشْرِق الدَّلالَةِ، مُتَسَنِّيالتَّحْصِيل، تُدْرِكُ فَوَائِدَهُ عَلَى غَيْرِ مَئُونَة، وَلا كَدّ ذِهْن، وَلا جَهْد فِكْر، وَلا إِعْنَات رَوِيَّة، وَلا إِرْهَاقَخَاطِر.
وَقَدْ تَصَفَّحْت مُؤَلَّف كَذَافَإِذَا هُوَ كِتَابٌ أَنِيقٌ، فَصِيح الْخُطْبَةِ، حَسَن الدِّيبَاجَةِ، مُحْكَم الْوَضْعِ، مُتَنَاسِق التَّبْوِيبِ، مُطَّرِد الْفُصُول، وَقَدْ طُوِي عَلَى كَذَا بَابًا، وَكُسِرعَلَى كَذَا بَابًا، وَتُرْجِمبِاسْمِ كَذَا، وَأُلِّف بِرَسْم فُلان.
وَهُوَ كِتَابٌ فَرِيدٌ فِي فَنِّهِ، مَبْسُوط الْعِبَارَة، مُسْهَبالشَّرْح، مُشْبَعالْفُصُول، مُسْتَوْعِبلأَطْرَافِ الْفَنِّ، جَامِع لِشَتِيتالْفَوَائِد، وَمَنْثُور الْمَسَائِل، وَمُتَشَعِّب الأَغْرَاضِ، قَدْ اِسْتَوْعَبَ أُصُولَ هَذَا الْعِلْمِ، وَأَحَاطَ بِفُرُوعِهِ، وَاسْتَقْصَى غَرَائِب مَسَائِلِهِ، وَشَوَاذّهَا، وَنَوَادِرهَا، وَلَمْ يَدَعْ آبِدَةإِلا قَيَّدهَا، وَلا شَارِدَة إِلا رَدَّهَا إِلَيْهِ.
وَهُوَ الْغَايَةُ الَّتِي لَيْسَ وَرَاءهَا مَذْهَب لِطَالِب، وَلا مُرَاغلِمُسْتَفِيد، وَلا مُرَادلِبَاحِث، وَلا مَضْرِبلِرَائِد، لَمْ يُصَنَّفْ فِي بَابِهِ أَجْمَع مِنْهُ، وَلا أَرْصَفتَعْبِيرًا، وَلا أَمْتَن سَرْدًا، وَقَدْ نُزِّه عَنْ التَّعْقِيد ِ، وَالإِشْكَال، وَالإِبْهَام، وَالتَّعْمِيَةِ، وَاللَّبْس، وَالْخَلَل، وَاللَّغْو، وَالْحَشْو، وَالرَّكَاكَة، وَالتَّعَسُّف، وَالْحَزَازَة، وَحُصِّن مِنْ نَظَرِ النَّاقِدِ، وَالْمُعْتَرِض، وَالْمُخَطِّئ، وَالْمُسَوِّئ، وَالْمُتَعَقِّب، وَالْمُسْتَدْرِك، وَارْتَفَعَ عَنْ مَقَامِ الْمُتَحَدِّي، وَالْمُعَارِض، وَإِنَّمَا قُصَارَىمُعَارِضه أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَيْهِ، وَيَنْسِجَ فِي التَّأْلِيفِ عَلَيْهِ.
وَتَقُولُ: هَذَا مُؤَلَّف مُخْتَصَر، وَجِيز، وَمُوجَز، وَمُدْمَج التَّأْلِيف، جَزْل التَّعْبِيرِ، مُحْكَم الْحُدُودِ، ضَابِط التَّعَارِيف، حَسَن التَّفْرِيع لِلْمَسَائِلِ، مُتَتَابِع النَّسَقِ، مُتَشَاكِل الأَطْرَاف.
وَهُوَ مَتْن مَتِين الرَّصْف، مُحْكَم الْقَوَاعِدِ، مَنِيع الْمَطْلَب، حَصِين الْمَدَاخِلِ، قَدْ لَخَّصْت فِيهِ قَوَاعِدَ الْعِلْمِ أَحْسَن تَلْخِيص، وَحَرَّرْت مَسَائِلَهُ أَحْسَن تَحْرِير.
وَعَلَيْهِ شَرْحٌ لَطِيفٌ، كَافِل بِبَيَان غَامِضه، وَإِيضَاحِ مُبْهَمِه، وَحَلِّ مُشْكِله، وَتَفْصِيلِ مُجْمَلِهِ، وَبَسْط مُوجَزِه، وَتَقْرِيب بِعِيدِهِ، وَالْكَشْفِ عَنْ دَقَائِق أَغْرَاضِهِ، وَخَفِيّ مَقَاصِده، وَلَطِيف إِشَارَاتِهِ، وَمَكْنُون أَسْرَارِهِ، وَمُقْفَل مَسَائِله.
وَهِيَ الْمُؤَلَّفَاتُ، وَالْمُصَنَّفَاتُ، وَالْمَجَامِيع، وَالدَّوَاوِينُ، وَالرَّسَائِلُ، وَالْمُتُونُ، وَالشُّرُوح، وَالْحَوَاشِي،
- معجم نجعة الزاد:
واليك ما جاء في لسان العرب باب: ألف وألَّف بينهما أوقع الألفة والإصلاح والأَلِف خطَّها الكتابَ جمع مسائله. المؤَلِّف منشئُ الكتب أو جامع مسائل العلم في كتاب يُعرَف بالمؤَلَّف
- قاموس محيط المحيط:
وأَلَّفْتُ بين الشيئين تأْلِيفًا فتأَلَّفا وأْتَلَفا وفي التنزيل العزيز: لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فيمن جعل الهاء مفعولًا ورحلةَ مفعولًا ثانيًا , وقد يجوز أَن يكون المفعول هنا واحدًا على قولك آلَفْتُ الشيء كأَلِفْتُه وتكون الهاء والميم في موضع الفاعل كما تقول عجبت من ضَرْبِ زيدٍ عمرًا , وقال أَبو إسحَق في لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ
- معجم محيط المحيط:
القاموس المحيط: (وألَّفَ) بَيْنَهُما تَأليفاً أوْقَعَ الأُلْفَةَ وألِفاً خَطَّها والأَلْفَ كَمَّلَهُ
- المعجم المحيط:
اذن اعزائى التأليف ليس معناه الابتداع من الخيال وانما كتابة شىء فحين يقول شخص لقد قرأت مؤلفا تاريخيا ليس معناه انه قرا ابتداع خيالى عن التاريخ وانما حقائق مؤلفة
وهنا نسأل الاخوة المسلمون سؤالا
جاء فى الاتقان فى علوم القرأن للسيوطى , النوع الثامن عشر , فى جمعه (القرأن) وترتيبه
قال الحاكم في المستدرك: جمع القرآن ثلاث مرات. إحداها: بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم. ثم أخرج بسند على شرط الشيخين عن زيد بن ثابت قال كنا عند رسول الله صلى اله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع الحديث.
فهل يمكن ان نقول ان القرأن مؤلف وليس من عند الله اذا كنتم تقولون بهذا الادعاء؟؟؟
فقط لمن يفقه!
*/ ونقرأ فى كتابات الاباء بهذا الصدد ما يلى:
- يقول القدّيس البابا أثناسيوس الرسولي: [ينتهر لوقا الطوباوي ما هو من صنع الناس مسلِّمًا إيَّانا ما هو مُرْوٍٍ من القدّيسين.. فكل قدّيس يتسلّم التقاليد يساهم بغير تحريف أن يثبت تعاليم الأسرار. لذلك تطالبنا الكلمة الإلهيّة بالتلمذة على أيدي هؤلاء. إذ هم معلِّمون لنا بالحق، ولهؤلاء وحدهم يلزمنا أن نصغي، لأن لهم وحدهم "صادقة هي الكلمة ومستحقَّة كل قبول" (1 تي 1: 15). هؤلاء ليسوا تلاميذ سمعوا من الآخرين بل هم شهود عيان وخدَّام للكلمة إذ سمعوا منه ما قد سلَّموه.]
- بالإضافة اننا اذا نظرنا الى ترجمات هذا النص سنجد انه جاءForasmuch as many have taken in hand to set forth in order a declaration of those things which are most surely believed among us
*/ ويتضح هذا من خلال الترجمات العربية لهذا النص المبارك:
- -1 كَثِيرُونَ أَخَذُوا يُسَجِّلُونَ قِصَّةَ الأُمُورِ الَّتِي جَرَتْ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ هُمْ شُهُودُ عِيَانِ الْكَلِمَةِ وَخُدَّامُهَا الأَصْلِيُّونَ. 3لِذَلِكَ, بِمَا أَنِّي أَنَا نَفْسِي فَحَصْتُ كُلَّ شَيْءٍ بِدِقَّةٍ مِنَ الْبِدَايَةِ, رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا أَنْ أَكْتُبَهَا لَكَ مُرَتَّبَةً, أَيُّهَا الْعَزِيزُ حَبِيبُ اللهِ,. 4لِكَيْ تَعْرِفَ أَنَّ الأُمُورَ الَّتِي تَعَلَّمْتَهَا هِيَ عَلَى أَسَاسٍ صَحِيحٍ.
- -1 لَمَّا كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَقْدَمُوا عَلَى تَدْوِينِ قِصَّةٍ فِي الأَحْدَاثِ الَّتِي تَمَّتْ بَيْنَنَا، 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا أُولئِكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنَ الْبَدَايَةِ شُهُودَ عِيَانٍ، ثُمَّ صَارُوا خُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ، 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً، بَعْدَمَا تَفَحَّصْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَوَّلِ الأَمْرِ تَفَحُّصاً دَقِيقاً، أَنْ أَكْتُبَهَا إِلَيْكَ مُرَتَّبَةً يَاصَاحِبَ السُّمُوِّ ثَاوُفِيلُسَ 4لِتَتَأَكَّدَ لَكَ صِحَّةُ الْكَلاَمِ الَّذِي تَلَقَّيْتَهُ.
- -1 لأنَّ كثيرًا مِنَ النـاسِ أخَذوا يُدَوِّنونَ رِوايةَ الأحداثِ التي جَرَت بَينَنا، 2كما نَقَلَها إلَينا الذينَ كانوا مِنَ البَدءِ شُهودَ عِيانٍ وخدّامًا للكَلِمَةِ، 3رأيتُ أنا أيضًا، بَعدَما تتَبَّعتُ كُلَ شيءٍ مِنْ أُصولِهِ بتَدقيقٍ، أنْ أكتُبَها إليكَ، يا صاحِبَ العِزَّةِ ثاوفيلُسُ، حسَبَ تَرتيبِها الصَّحيحِ، 4حتى تَعرِفَ صِحَّةَ التَّعليمِ الذي تَلقَّيتَهُ.
- -1 لَمَّا أَن أَخذَ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ يُدَوِّنونَ رِوايةِ الأُمورِ الَّتي تَمَّت عِندنَا،2كما نَقَلَها إلَينا الَّذينَ كانوا مُنذُ البَدءِ شُهودَ عِيانٍ لِلكَلِمَة، ثُمَّ صاروا عامِلينَ لها،3رَأَيتُ أَنا أَيضاً، وقَد تقَصَّيتُها جَميعاً مِن أُصولِها، أَن أَكتُبَها لَكَ مُرَتَّبَةً يا تاوفيلُسُ المُكرَّم،4لِتَتَيَقَّنَ صِحَّةَ ما تَلَقَّيتَ مِن تَعليم.
Comment