الصليب في الأماكن العامة لا يضر بعلمنة الدولة": هذا الحكم الصادر عن محكمة التمييز الإيطالية أثنت عليه لوسيرفاتوري رومانو في عددها الصادر بالإيطالية في 16 مارس، عشية الذكرى المئة والخمسين للوحدة الإيطالية.
الصليب هو الرمز الديني الوحيد المقبول في قاعات المحاكم الإيطالية وهو لا يسيء إلى علمنة الدولة. هذا ما كررته محكمة التمييز في القرار الذي يؤكد عزل قاضي الصلح في محكمة كاميرينو، لويجي توستي، من النظام القضائي، إثر رفضه عقد جلسة في قاعات يعرض فيها الصليب. ووفقاً للمحكمة العليا، فإن عرض رموز دينية أخرى في المباني العامة يتطلب "خياراً من القانون الذي لم يعد قائماً الآن". من محكمة التمييز، يصدر إذاً رأي مؤيد للحكم التأديبي الذي أصدره المجلس الأعلى للقضاء الذي أقال القاضي في 25 مايو الفائت"، توضح لوسيرفاتوري رومانو.
دوافع الحكم
لفتت صحيفة حاضرة الفاتيكان إلى أن المحكمة توضح في دوافع الحكم أن "مبدأ علمنة الدولة" لا يمكن التشكيك فيه "مطلقاً": فقد وجدت المحكمة الدستورية "في العلمنة مبدأ سامياً" من النظام الدستوري الإيطالي.
إنه "مبدأ ليس معلناً بوضوح في الشرعة الأساسية" لكنه ناشئ عن المواد 2، 3، 7، 8، 19 و20 من الدستور. مبدأ العلمنة "غني بالأصداء الإيديولوجية وذات تاريخ متنازع فيه، لكنه يتخذ أهمية قانونية – حسبما تلفت محكمة التمييز – يمكن استنتاجها من القوانين الأساسية" لمجموع الشرائع الإيطالية.
قاض مفصول
وإنما في الوقت عينه، تضيف لوسيرفاتوري رومانو، ترفض محكمة التمييز فرضية توستي التي كانت تقول أنه يناضل باسم الدولة العلمانية. في هذا الصدد، يوضح قضاة المحكمة العليا أن "الدفاع عن حرية الدين والضمير هو مبدأ يلائم كل السكان وليس فقط مواطناً واحداً". بالتالي، وابتداءً من لحظة "تخصيص قاعة من دون صليب لتوستي لكي يعقد فيها جلساته"، لم يكن يستطيع رفض تأدية خدمته "مقحماً وجود صليب في باقي قاعات" المحاكم الإيطالية. لذلك، اعتبرت المحكمة أن القاضي، ومن خلال هذا التصرف، قد سبب نقصاً في خدمة المواطنين وتنظيم محكمة كاميرينو، ولذلك، "صرف شرعاً".
ومن المتوقع صدور حكم آخر حول وجود رموز دينية في الأماكن العامة في إيطاليا، وذلك في 18 مارس عندما ستتخذ محكمة ستراسبورغ قراراً بشأن وجود الصليب، بخاصة في قاعات الدراسة. وستبدي المحكمة الأوروبية رأيها في المسألة المطروحة في 27 مايو 2002، عندما رفض مجلس مدرسة فيتورينو دا فيلتر في أبانو تيرم (بادوفا) إزالة الصليب من قاعات الدراسة، بناء على طلب أهالي تلميذين.
20 بلداً داعماً للدولة الإيطالية
ففي سنة 2002، طالبت سوال لوتسي، المواطنة الإيطالية المتحدرة من أصول فنلندية، مدرسة أبنائها الرسمية، "فيتورينو دا فيلتر" في أبانو تيرم (بادوفا) بإزالة الصلبان من قاعات التدريس. رفضت المدرسة. وقدمت مراجعة أمام المحكمة الإدارية في منطقة البندقية (فينيتو). ومن هناك، بدأت سلسلة طويلة من الإجراءات القانونية وصولاً إلى المباحثة لثلاث ساعات في محكمة ستراسبورغ في 20 يونيو 2010، حسبما تختتم لوسيرفاتوري رومانو.
ولا بد من التذكير بأن جوزيف ويلر، أستاذ القانون في "جامعة كلية الحقوق" في نيويورك، هو الذي دافع عن وجود الصليب، أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقد استمع لدفاعه 17 قاضياً منهم جان بول كوستا، رئيس المحكمة خلال جلسة حول مسألة "لوتسي إيطاليا".
جوزيف ويلر الذي هو أيضاً أستاذ فخري في جامعة لندن كان يمثل في الجلسة حكومات أرمينيا وبلغاريا وقبرص وليتوانيا ومالطا وموناكو ورومانيا والاتحاد الروسي وسان مارينو التي كانت موجودة كأطراف ثالثة. وفي الواقع، فقد قدم 20 بلداً الدعم رسمياً لإيطاليا.
أوضح الأستاذ ويلر أنه لا يوجد "نموذج أوحد للعلاقات بين الكنيسة والدولة". تكفي رؤية الاختلافات بين العلمنة في فرنسا والعلمنة في بريطانيا العظمى حيث أن الملكة هي رأس الكنيسة الأنغليكانية. وتشكل السويد والدانمارك واليونان حالات أخرى.
درس في التسامح والتاريخ
لفت قائلاً: "في العديد من هذه البلدان، شرائح كبيرة من السكان، وحتى أكثرية السكان، لم تعد تعتبر نفسها متدينة". ومع ذلك، فإن استخدام "رموز دينية في الأماكن العامة ومن قبل الدولة، مقبول من جهة العلمانيين كونها مرتبطة بالهوية الوطنية وكفعل تسامح تجاه المواطنين الآخرين".
وأضاف: "رسالة التسامح تجاه الآخر يجب ألا تُترجم برسالة تعصب تجاه الهوية الخاصة".
تجدر الإشارة إلى أن القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، طالب في 3 نوفمبر 2010 بإزالة الصلبان من قاعات الدراسة في إيطاليا.
هذا القرار أدى إلى ردات فعل من الفاتيكان، ومجلس أساقفة إيطاليا، والجمعيات الكاثوليكية، وبلدية روما. وكان مخالفاً لما وضعه مجلس الدولة الإيطالية، وأدى إلى احتجاج لوثريي إيطاليا.
"قانوناً، لم تربح إيطاليا بعد، وسياسياً، حققت انتصاراً عظيماً. ففي الواقع، وحتى الآن، قام ما لا يقل عن 20 بلد أوروبي بتقديم دعمهم الرسمي لإيطاليا بالدفاع عن شرعية وجود الرموز المسيحية في المجتمع، وبخاصة في المدارس". هذا ما قاله غريغور بابينك، مدير المركز الأوروبي للقانون والعدالة في عدد لوسيرفاتوري رومانو الصادر في 21 يوليو 2010.
الصليب هو الرمز الديني الوحيد المقبول في قاعات المحاكم الإيطالية وهو لا يسيء إلى علمنة الدولة. هذا ما كررته محكمة التمييز في القرار الذي يؤكد عزل قاضي الصلح في محكمة كاميرينو، لويجي توستي، من النظام القضائي، إثر رفضه عقد جلسة في قاعات يعرض فيها الصليب. ووفقاً للمحكمة العليا، فإن عرض رموز دينية أخرى في المباني العامة يتطلب "خياراً من القانون الذي لم يعد قائماً الآن". من محكمة التمييز، يصدر إذاً رأي مؤيد للحكم التأديبي الذي أصدره المجلس الأعلى للقضاء الذي أقال القاضي في 25 مايو الفائت"، توضح لوسيرفاتوري رومانو.
دوافع الحكم
لفتت صحيفة حاضرة الفاتيكان إلى أن المحكمة توضح في دوافع الحكم أن "مبدأ علمنة الدولة" لا يمكن التشكيك فيه "مطلقاً": فقد وجدت المحكمة الدستورية "في العلمنة مبدأ سامياً" من النظام الدستوري الإيطالي.
إنه "مبدأ ليس معلناً بوضوح في الشرعة الأساسية" لكنه ناشئ عن المواد 2، 3، 7، 8، 19 و20 من الدستور. مبدأ العلمنة "غني بالأصداء الإيديولوجية وذات تاريخ متنازع فيه، لكنه يتخذ أهمية قانونية – حسبما تلفت محكمة التمييز – يمكن استنتاجها من القوانين الأساسية" لمجموع الشرائع الإيطالية.
قاض مفصول
وإنما في الوقت عينه، تضيف لوسيرفاتوري رومانو، ترفض محكمة التمييز فرضية توستي التي كانت تقول أنه يناضل باسم الدولة العلمانية. في هذا الصدد، يوضح قضاة المحكمة العليا أن "الدفاع عن حرية الدين والضمير هو مبدأ يلائم كل السكان وليس فقط مواطناً واحداً". بالتالي، وابتداءً من لحظة "تخصيص قاعة من دون صليب لتوستي لكي يعقد فيها جلساته"، لم يكن يستطيع رفض تأدية خدمته "مقحماً وجود صليب في باقي قاعات" المحاكم الإيطالية. لذلك، اعتبرت المحكمة أن القاضي، ومن خلال هذا التصرف، قد سبب نقصاً في خدمة المواطنين وتنظيم محكمة كاميرينو، ولذلك، "صرف شرعاً".
ومن المتوقع صدور حكم آخر حول وجود رموز دينية في الأماكن العامة في إيطاليا، وذلك في 18 مارس عندما ستتخذ محكمة ستراسبورغ قراراً بشأن وجود الصليب، بخاصة في قاعات الدراسة. وستبدي المحكمة الأوروبية رأيها في المسألة المطروحة في 27 مايو 2002، عندما رفض مجلس مدرسة فيتورينو دا فيلتر في أبانو تيرم (بادوفا) إزالة الصليب من قاعات الدراسة، بناء على طلب أهالي تلميذين.
20 بلداً داعماً للدولة الإيطالية
ففي سنة 2002، طالبت سوال لوتسي، المواطنة الإيطالية المتحدرة من أصول فنلندية، مدرسة أبنائها الرسمية، "فيتورينو دا فيلتر" في أبانو تيرم (بادوفا) بإزالة الصلبان من قاعات التدريس. رفضت المدرسة. وقدمت مراجعة أمام المحكمة الإدارية في منطقة البندقية (فينيتو). ومن هناك، بدأت سلسلة طويلة من الإجراءات القانونية وصولاً إلى المباحثة لثلاث ساعات في محكمة ستراسبورغ في 20 يونيو 2010، حسبما تختتم لوسيرفاتوري رومانو.
ولا بد من التذكير بأن جوزيف ويلر، أستاذ القانون في "جامعة كلية الحقوق" في نيويورك، هو الذي دافع عن وجود الصليب، أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقد استمع لدفاعه 17 قاضياً منهم جان بول كوستا، رئيس المحكمة خلال جلسة حول مسألة "لوتسي إيطاليا".
جوزيف ويلر الذي هو أيضاً أستاذ فخري في جامعة لندن كان يمثل في الجلسة حكومات أرمينيا وبلغاريا وقبرص وليتوانيا ومالطا وموناكو ورومانيا والاتحاد الروسي وسان مارينو التي كانت موجودة كأطراف ثالثة. وفي الواقع، فقد قدم 20 بلداً الدعم رسمياً لإيطاليا.
أوضح الأستاذ ويلر أنه لا يوجد "نموذج أوحد للعلاقات بين الكنيسة والدولة". تكفي رؤية الاختلافات بين العلمنة في فرنسا والعلمنة في بريطانيا العظمى حيث أن الملكة هي رأس الكنيسة الأنغليكانية. وتشكل السويد والدانمارك واليونان حالات أخرى.
درس في التسامح والتاريخ
لفت قائلاً: "في العديد من هذه البلدان، شرائح كبيرة من السكان، وحتى أكثرية السكان، لم تعد تعتبر نفسها متدينة". ومع ذلك، فإن استخدام "رموز دينية في الأماكن العامة ومن قبل الدولة، مقبول من جهة العلمانيين كونها مرتبطة بالهوية الوطنية وكفعل تسامح تجاه المواطنين الآخرين".
وأضاف: "رسالة التسامح تجاه الآخر يجب ألا تُترجم برسالة تعصب تجاه الهوية الخاصة".
تجدر الإشارة إلى أن القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، طالب في 3 نوفمبر 2010 بإزالة الصلبان من قاعات الدراسة في إيطاليا.
هذا القرار أدى إلى ردات فعل من الفاتيكان، ومجلس أساقفة إيطاليا، والجمعيات الكاثوليكية، وبلدية روما. وكان مخالفاً لما وضعه مجلس الدولة الإيطالية، وأدى إلى احتجاج لوثريي إيطاليا.
"قانوناً، لم تربح إيطاليا بعد، وسياسياً، حققت انتصاراً عظيماً. ففي الواقع، وحتى الآن، قام ما لا يقل عن 20 بلد أوروبي بتقديم دعمهم الرسمي لإيطاليا بالدفاع عن شرعية وجود الرموز المسيحية في المجتمع، وبخاصة في المدارس". هذا ما قاله غريغور بابينك، مدير المركز الأوروبي للقانون والعدالة في عدد لوسيرفاتوري رومانو الصادر في 21 يوليو 2010.
Comment