الألمان المحافظون يصرون على أن أي سائح يدخل المانيا ولم يزرکنيسة دوم في مدينة"کولونيا" أو يشاهدها، فکإنه لم يزر ألمانيا أساسًَا. هذا الإفتخار بکنيسة دوم، له ما يبرره، خصوصًا وأن أبراجها تشمخ من مسافة بعيدة عن المدينة وهي من أبرز معالمها الظاهرة للعيان. وتوسطها المدينة ووقوعها إلى جانب محطة القطارات الرئيسة فيها، منحتها ميزة وخصوصية أخرى تطمح إليها أي منشأة حضارية في أوروبا. دوم العتيقة المتوشحة سوادًا، تبدو وکأنها حسناء فاتنة لا تتمکن من إخفاء مفاتنها على الرغم من وقارها ورصانتها المتجسدتين في کل رکن وزاوية منها.
وأول ما يخرج المسافر من المحطة الرئيسة للقطارات حتى ويکون في مواجهة أبراج الکنيسة الشامخة التي ترنو بنهاياتها الحادة للسماء، وليس بالإمکان أبدًا أن تشاهد الساحة الرئيسة للکنيسة من دون سياح أجانب من مختلف أصقاع العالم، فقد زارها لعام 2001 5 مليون سائح وهذا الرقم قد أصبح في عام 2006 ، 6 مليون سائح وهي بذلك من الأماکن التي يزورها السياح بکثرة. إنها بحق قبلة ألمانيا في العصر الحديث.
نبذة عن تأريخ الکنيسة
کنيسة دوم، هي کنيسة رومانية کاثوليکية وثاني أعلى کنيسة في ألمانيا بعد کنيسة "اولمه ميونستر"، وثالث أعلى کنيسة في العالم ويصل إرتفاعها إلى 157 متر، وقد بنيت على مقربة 500 متر من ضفاف نهر الراين. وهي ثالث أکبر کاتدرائية في العالم من بعد کاتدارئية سيفيلا ومايليندر دوم. وتعود فکرة إنشائها إلى عام 1164 ميلادية بعد أن قام رئيس الأساقفة في مدينة کولونيا راينالد فون داسيل بإحضار رفات المجوس الثلاثة "الذين تنبأوا بظهور المسيح" من ميلانو إلى کولونيا کهدية من القيصر بارباروسا الذي إحتل ميلانو في العام نفسه. واقتبس تصميم الکاتدارئية الحالي من مبناها القديم الذي تم تدشينه في عام 873 ميلادية والذي تحول فيما بعد الى مثال تم الاحتذاء به في مجال فن تصميم وبناء الکنائس في اوروبا. وفي عام 1248 اتفق مهندسو البناء ورجال الکنيسة على هدم المبنى القديم و بناء کنيسة جديدة وفقًا لفن البناء الغوطي المستوحى من الفن الفرنسي. وخلال عملية الهدم شب حريق في الجزء الشرقي للکاتدرائية، مما دفع العاملين فيها آنذاك إلى إعادة ترميم الجزء الغربي فقط لإتاحة الامکانية لإقامة قداسات دينية فيه. وفي العام نفسه بدأ العمل في بناء مبنى الکاتدارئية الحالي. ورغم أن حجر الاساس لکاتدرائية کولونيا وضع عام 1248 من قبل رئيس أساقفة کولونيا کونراد فون هوخشتادن، إلا أن اعمال البناء في هذا المبنى الغوطي العملاق قد إستمر 300 عام تقريبًا. وفي داخلها تضم کاتدرائية کولونيا إحدة أکبر مقدسات الکنيسة الکاثوليکية و هي رفات الملوك القديسين المحفوظة في خزانة مهيبة تخضع لرقابة أمنية و لاهوتية صارمة. کما انها تخفي بداخلها أعمال فنية قديمة جدًا لا تقدر بثمن تنحدر من القرن الرابع عشر.
بنيت دوم بصورة فنية بديعة و قد زينتها الزخارف الرائعة من الداخل، أما من الخارج فقد زينت جدرانها و حتى أبوابها بنصب وتماثيل أساقفتها وسدنتها.
هذه الکنيسة تم إعتبارها عام 1996 ضمن المناطق الاثرية في العالم. ومساحة الکنيسة 7000 متر مربع وقد کانت من عام 1880 ولغاية 1884 أعلى بناية في العالم.
دوم و نهاية العالم!!
تعرضت مدينة کولونيا الى قصف جوي عنيف من طائرات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، وبما يشبه الاعجوبة لم تتضرر الکاتدرائية کثيرا على الرغم من الآثار التي ترکتها 14 قنبلة أصابت أجزاء جانبية منها. ومنذ ذلک الوقت تتواصل أعمال الترميم بشکل يبدو انها لن تنتهي وهو ما دفع سکان کولونيا الى القول:"في اليوم الذي تنتهي أعمال الترميم في الکاتدارئية ستکون نهاية العالم قد أوشکت".
الرهبة و الخشوع في عالم الملکوت
أول مايدخل المرء الى کنيسة دوم، تأخذه الرهبة و يغمره فيض من الخشوع حتى يشعر أن روحه تسبح في فضاءات بعيدة عن الوجه المادي الکالح لهذا العالم، وعلى الرغم من الازحام و کثرة الزوار لکنک مع ذلک تحس و کأنک لوحدک في بقعة مقدسة مع الانفاس الملکوتية. السقف العالي و الاضواء الخافتة نوعا و الطلاء الغامق للجدران و تلک الکراسي المتراصة على الجانبين و تلک المنصة التي تقف بأنفة في قلب قاعة کنيسة دوم، تدفع الزائر للإحساس بالرهبة و الوقار و تحث روحه على البحث في ثنايا الکنيسة عن البعد الاخر لوجوده الانساني. ويقينا أن زوار دوم لا يقتصرون على المسيحيين وإنما هناک أتباع مختلف الديانات الاخرى، والکل يشعر بالخشوع فيها. وعندما إلتقيت الجزائريين"محمد و عبدالعزيز"و سألتهما عن إحساسهما وهما في داخل هذه الکنيسة القديمة، أجابني محمد:"أنا زرت أماکن إسلامية مقدسة و أشعر بنفس ذلک الخشوع الذي کان يحضرني، حقيقة تشعر وکأنک في ضيافة الملائکة". أما عبدالعزيز سقف إکتفى بالقول:"ليت کل العالم يکون هکذا".
ساحة دوم..صندوق الدنيا!
في الساحة المحيطة بکنيسة دوم، فکرت مباشرة في "صندوق الدنيا"، تلک اللعبة التي کنت تشاهد فيها"أيام فولتنا المليئة بکل أنواع الحرمان"صور من مختلف أرجاء العالم، إذ انک تکاد تبصر مختلف الاعراق و الکثير من القضايا و المواضيع المختلفة. ففي الوقت الذي تبصر أناس أو بالاحرى فنانين قاموا بطلاء أنفسهم بألوان فضية أو برونزية أو ذهبية ليقفوا في مکان ما وهم يجسدون شخصيات تأريخية من زمن الفراعنة و اوربا القديمة الى تشارلي تشابلن وتشعر وکأنهم تماثيل لکنهم يتحرکون ما أن تقترب منهم و واضح انهم يقومون بذلک من أجل کسب لقمة العيش. کما انک تشاهد فنانين إفترشوا الارض و جعلوا منها أرضية للوحة عملاقة يرسمونها على الارض بأياديهم المجردة و بألوان طباشيرية، وهؤلاء أيضا جعلوا من مهنتهم هذه مصدرا للعيش. کما تجد في الساحة أيضا أناسا من مختلف الاعراق وهم يأخذون صورا تذکارية للکنيسة من الخارج إضافة الى الشرکات التي تستغل الساحة لأغراض تجارية من خلال الترويج لبضاعتها.
وأول ما يخرج المسافر من المحطة الرئيسة للقطارات حتى ويکون في مواجهة أبراج الکنيسة الشامخة التي ترنو بنهاياتها الحادة للسماء، وليس بالإمکان أبدًا أن تشاهد الساحة الرئيسة للکنيسة من دون سياح أجانب من مختلف أصقاع العالم، فقد زارها لعام 2001 5 مليون سائح وهذا الرقم قد أصبح في عام 2006 ، 6 مليون سائح وهي بذلك من الأماکن التي يزورها السياح بکثرة. إنها بحق قبلة ألمانيا في العصر الحديث.
نبذة عن تأريخ الکنيسة
کنيسة دوم، هي کنيسة رومانية کاثوليکية وثاني أعلى کنيسة في ألمانيا بعد کنيسة "اولمه ميونستر"، وثالث أعلى کنيسة في العالم ويصل إرتفاعها إلى 157 متر، وقد بنيت على مقربة 500 متر من ضفاف نهر الراين. وهي ثالث أکبر کاتدرائية في العالم من بعد کاتدارئية سيفيلا ومايليندر دوم. وتعود فکرة إنشائها إلى عام 1164 ميلادية بعد أن قام رئيس الأساقفة في مدينة کولونيا راينالد فون داسيل بإحضار رفات المجوس الثلاثة "الذين تنبأوا بظهور المسيح" من ميلانو إلى کولونيا کهدية من القيصر بارباروسا الذي إحتل ميلانو في العام نفسه. واقتبس تصميم الکاتدارئية الحالي من مبناها القديم الذي تم تدشينه في عام 873 ميلادية والذي تحول فيما بعد الى مثال تم الاحتذاء به في مجال فن تصميم وبناء الکنائس في اوروبا. وفي عام 1248 اتفق مهندسو البناء ورجال الکنيسة على هدم المبنى القديم و بناء کنيسة جديدة وفقًا لفن البناء الغوطي المستوحى من الفن الفرنسي. وخلال عملية الهدم شب حريق في الجزء الشرقي للکاتدرائية، مما دفع العاملين فيها آنذاك إلى إعادة ترميم الجزء الغربي فقط لإتاحة الامکانية لإقامة قداسات دينية فيه. وفي العام نفسه بدأ العمل في بناء مبنى الکاتدارئية الحالي. ورغم أن حجر الاساس لکاتدرائية کولونيا وضع عام 1248 من قبل رئيس أساقفة کولونيا کونراد فون هوخشتادن، إلا أن اعمال البناء في هذا المبنى الغوطي العملاق قد إستمر 300 عام تقريبًا. وفي داخلها تضم کاتدرائية کولونيا إحدة أکبر مقدسات الکنيسة الکاثوليکية و هي رفات الملوك القديسين المحفوظة في خزانة مهيبة تخضع لرقابة أمنية و لاهوتية صارمة. کما انها تخفي بداخلها أعمال فنية قديمة جدًا لا تقدر بثمن تنحدر من القرن الرابع عشر.
بنيت دوم بصورة فنية بديعة و قد زينتها الزخارف الرائعة من الداخل، أما من الخارج فقد زينت جدرانها و حتى أبوابها بنصب وتماثيل أساقفتها وسدنتها.
هذه الکنيسة تم إعتبارها عام 1996 ضمن المناطق الاثرية في العالم. ومساحة الکنيسة 7000 متر مربع وقد کانت من عام 1880 ولغاية 1884 أعلى بناية في العالم.
دوم و نهاية العالم!!
تعرضت مدينة کولونيا الى قصف جوي عنيف من طائرات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، وبما يشبه الاعجوبة لم تتضرر الکاتدرائية کثيرا على الرغم من الآثار التي ترکتها 14 قنبلة أصابت أجزاء جانبية منها. ومنذ ذلک الوقت تتواصل أعمال الترميم بشکل يبدو انها لن تنتهي وهو ما دفع سکان کولونيا الى القول:"في اليوم الذي تنتهي أعمال الترميم في الکاتدارئية ستکون نهاية العالم قد أوشکت".
الرهبة و الخشوع في عالم الملکوت
أول مايدخل المرء الى کنيسة دوم، تأخذه الرهبة و يغمره فيض من الخشوع حتى يشعر أن روحه تسبح في فضاءات بعيدة عن الوجه المادي الکالح لهذا العالم، وعلى الرغم من الازحام و کثرة الزوار لکنک مع ذلک تحس و کأنک لوحدک في بقعة مقدسة مع الانفاس الملکوتية. السقف العالي و الاضواء الخافتة نوعا و الطلاء الغامق للجدران و تلک الکراسي المتراصة على الجانبين و تلک المنصة التي تقف بأنفة في قلب قاعة کنيسة دوم، تدفع الزائر للإحساس بالرهبة و الوقار و تحث روحه على البحث في ثنايا الکنيسة عن البعد الاخر لوجوده الانساني. ويقينا أن زوار دوم لا يقتصرون على المسيحيين وإنما هناک أتباع مختلف الديانات الاخرى، والکل يشعر بالخشوع فيها. وعندما إلتقيت الجزائريين"محمد و عبدالعزيز"و سألتهما عن إحساسهما وهما في داخل هذه الکنيسة القديمة، أجابني محمد:"أنا زرت أماکن إسلامية مقدسة و أشعر بنفس ذلک الخشوع الذي کان يحضرني، حقيقة تشعر وکأنک في ضيافة الملائکة". أما عبدالعزيز سقف إکتفى بالقول:"ليت کل العالم يکون هکذا".
ساحة دوم..صندوق الدنيا!
في الساحة المحيطة بکنيسة دوم، فکرت مباشرة في "صندوق الدنيا"، تلک اللعبة التي کنت تشاهد فيها"أيام فولتنا المليئة بکل أنواع الحرمان"صور من مختلف أرجاء العالم، إذ انک تکاد تبصر مختلف الاعراق و الکثير من القضايا و المواضيع المختلفة. ففي الوقت الذي تبصر أناس أو بالاحرى فنانين قاموا بطلاء أنفسهم بألوان فضية أو برونزية أو ذهبية ليقفوا في مکان ما وهم يجسدون شخصيات تأريخية من زمن الفراعنة و اوربا القديمة الى تشارلي تشابلن وتشعر وکأنهم تماثيل لکنهم يتحرکون ما أن تقترب منهم و واضح انهم يقومون بذلک من أجل کسب لقمة العيش. کما انک تشاهد فنانين إفترشوا الارض و جعلوا منها أرضية للوحة عملاقة يرسمونها على الارض بأياديهم المجردة و بألوان طباشيرية، وهؤلاء أيضا جعلوا من مهنتهم هذه مصدرا للعيش. کما تجد في الساحة أيضا أناسا من مختلف الاعراق وهم يأخذون صورا تذکارية للکنيسة من الخارج إضافة الى الشرکات التي تستغل الساحة لأغراض تجارية من خلال الترويج لبضاعتها.
Comment