Joan Baez
مقطع من كتاب: قراءة من دروس اللاعنف
(اذا حدى عندو رابط الكتاب وقدر يحطو .. شكرا سلف )
فريد: حسنًا، إذًا أنتِ من دعاة السلام! ماذا كنت لتفعلي لو حاول شخص ما، فلنقل، التهجم على جدتك؟
جوان بايث: مهاجمة جدتي العجوز المسكينة؟
فريد: نعم، أنت جالسة في غرفة مع جدتك وهناك رجل على وشك مهاجمتها، وأنت واقفة هناك. ماذا كنت ستفعلين؟
ج. ب.: كنت سأصيح ثلاث مرات: "تعيش جدتي" ثم أغادر الغرفة.
فريد: لا، جديًا، ولنقل أنه كان يحمل سلاحًا وكان على وشك إطلاق النار عليها. هل ستطلقين النار عليه أولاً؟
ج. ب.: وهل أحمل أنا أيضًا سلاحًا؟
فريد: نعم
ج. ب.: لا يمكن، أنا من دعاة السلام، ودعاة السلام لا يحملون الأسلحة!!
فريد: حسنًا، أنا أقول إنك تحملين سلاحًا.
ج. ب.: طيب. هل أحسنُ التسديد؟
فريد: نعم.
ج. ب.: إذًا كنت سأطلق النار على مسدسه لأسقطه من يده؟
فريد: طيب، لا، أنت لا تحسنين التسديد إذًا.
ج. ب.: عندها سأكون خائفة من إطلاق النار فقد أصيب الجدة حينها.
فريد: مممم، حسنًا، طيب، سنأخذ مثالاً آخر.
فلنقل أنك كنت تقودين شاحنة، وكنت مسرعة على طريق ضيقة على جانبها هاوية مرعبة، وهناك طفلة صغيرة تجلس في منتصف الطريق،
وأنت تسيرين بسرعة كبيرة ولا يمكنك التوقف. ماذا كنت ستفعلين؟
ج. ب.: لا أعرف. ماذا كنت أنت ستفعل؟
فريد: أنا الذي أسأل. أنت المسالمة.
ج. ب.: نعم، حسنًا، وهل بإمكاني السيطرة على الشاحنة؟
فريد: نعم.
ج. ب.: ماذا لو أطلقت بوق السيارة حتى أدفعها للابتعاد عن الطريق؟
فريد : الطفلة صغيرة جدًا ولا تستطيع المشي. وبوق السيارة عندك لا يعمل.
ج. ب.: سأنحني بالسيارة إلى جانبها الأيسر سيما وأنها لن تتحرك إلى أي مكان.
فريد: لا يمكنك ذلك، كان هناك انهيار أرضى يسد الطريق.
ج. ب.: آه. حسنًا. سوف أسير بالشاحنة إذًا إلى الهاوية وأنقذ الطفلة.
[صمت]
فريد: حسنًا، فلنقل أن هناك شخصًا آخر في الشاحنة معك. ماذا ستفعلين؟
ج. ب.: وما دخل قراري هذا بكوني داعية سلام؟
فريد: أنتما الآن شخصان في شاحنة واحدة وهناك فقط طفلة صغيرة واحدة.
ج. ب.: قال أحدهم ذات مرة: إذا توجب عليك الاختيار بين شرٍّ حقيقي وشرٍّ افتراضي، فعليك بالحقيقي.
فريد: كيف؟
ج. ب.: أقول: لماذا أنت تواق لهذه الدرجة إلى قتل كل دعاة السلام؟
فريد: أنا لست كذلك. أريد فقط أن أعرف ماذا كنت لتفعلي لو حدث ذلك...
ج. ب.: إذا كنت أقود الشاحنة بسرعة مع صديق على طريق ذي حارة واحدة على حافة هاوية سحيقة، وظهرت أمامي فجأة طفلة بعمر عشرة أشهر بقرب
منعطف خطر وهناك انهيار أرضي في أحد الجوانب وموت محتم في الجانب الآخر!!
فريد: هذا صحيح.
ج. ب.: ربما كنت سأضغط على الفرامل، وبالتالي أتسبب في قذف صديقي من الزجاج الأمامي للسيارة، وأرتطم بالجرف الأرضي، وأدهس الطفلة،
ثم تنحرف السيارة إلى الهاوية، وأسقط في موتي المحتم. ولا شك بأن منزل الجدة سيكون هناك أيضًا في أسفل الهاوية، وسوف تسقط الشاحنة ع
بر سقف الجدة المسكينة وتنفجر في غرفة المعيشة خاصتها حيث كانت تتعرض للهجوم، للمرة الأولى وربما للمرة الأخيرة في حياتها.
فريد: أنت لم تجيبي على سؤالي. أنت فقط تحاولين التملص من الإجابة...
ج. ب.: أنا أحاول حقًا أن أقول بضعة أشياء. أولاً أن أحدًا لا يعرف ما يمكن أن يفعله في لحظة الأزمة، وثانيًا أن أجوبةَ الأسئلة الافتراضية افتراضيةٌ أيضًا. أ
شيرُ أيضًا إلى أنك وضعتني في موقف يستحيل الخروج منه دون الحاجة إلى قتل شخص واحد أو أكثر، لأنك تريد أن تستتج: "اللاعنف فكرة لطيفة، لكنها لن تنجح أبدًا".
لكن ليس هذا ما يزعجني.
فريد: ما الذي يزعجك؟
ج. ب.: حسنًا، قد لا ترغب في سماع ذلك لأنه ليست افتراضيًا. إنها حقيقية، وهي تجعل هذا الهجوم الذي تخيلته على الجدة يبدو وكأنه نزهة في حديقة.
فريد: ماذا تعنين؟
ج. ب.: أفكرُ كيف أننا نضع الناس في عملية تدريب محكمة لنعلِّمهم من خلالها الطريقة الأفضل وأكثر فعالية وكفاءة للقتل.
ليس هناك حوادث عرضية مثل الشاحنة والجرف على الطريق، على العكس من ذلك تمامًا، نعلِّمهم كيف يزحفون ويصرخون ويقتلون ويقفزون من الطائرات، أشياء حقيقية فعلاً.
فريد: هذا شيء مختلف تمامًا.
ج. ب.: بالتأكيد. وألا ترى بأنه من الصعب جدًا التفكير في هذه الأمور، لأن هدفها حقيقي فعلاً، ولأنها تحدث الآن؟ ا
نظر، يثبِّت أحد الجنرالات دبوسًا على خريطة، وبعد أسبوع واحد ستجد مجموعة من الصبية الصغار يزحفون بجهد في غابة في مكان ما، ي
طلقون النار من الأسلحة على بعضهم فيقطعون ساق هذا أو يبترون ذراع ذاك، يبكون، يصلون، ويفقدون السيطرة على مثانتهم، ألا يبدو ذلك غباءً بالنسبة لك؟
فريد: حسنًا، أنت تتحدثين عن الحرب.
ج. ب.: نعم، أعرف. ألا يبدو ذلك غباء بالنسبة لك؟
فريد: وما العمل إذًا بدلاً من ذلك! أن ندير لهم الخد الآخر، هل هذا ما تريدين؟
ج. ب.: أحبوا أعداءكم، ولكن واجهوا شرورهم، أحبوا أعداءكم، لا تقتل.
فريد: نعم، وانظري ماذا حدث للذي قال ذلك.
ج. ب.: لقد أصبح أكبر.
فريد: علَّقوه على الصليب اللعين، هذا ما حدث له. لا أريدُ أن يعلقني أحد على صليب.
ج. ب.: لن يكون لك ذلك.
فريد: هاه؟
ج. ب.: أقول إنك لن يتسنى لك اختيار كيف ستموت، أو متى. ما يمكنك اختياره حقًا هو كيف ستعيش الآن.
فريد: حسنًا، لن أدع الجميع يدوسون عليَّ، هذا أمر مؤكد.
ج. ب.: قال يسوع: "لا تقاوموا الشرَّ"، أما السلمي فهو يقول عكس ذلك تمامًا. يقول: عليك مقاومة الشرِّ بملئ قلبك وكل عقلك وبجسدك كله،
حتى تستطيع التغلب عليه تمامًا. ()
فريد: لم أفهم عليك.
ج. ب.: المقاومة اللاعنفية المنظمة. غاندي. لقد قام بتنظيم الهنود في مقاومة لاعنفية شنت حربًا لاعنفية ضد البريطانيين حتى نجحت أخيرًا في تحرير الهند من الامبراطورية البريطانية.
لا بأس بالنسبة لمحاولة أولى، ألا تظن ذلك؟
فريد: أجل ولكنه كان يتعامل مع البريطانيين، وهم شعوب متحضرة. أما نحن فالوضع مختلف.
ج. ب.: نحن لسنا شعوبًا متحضرة
فريد: أقصد نحن لا نتعامل مع شعوب متحضرة. جربي القيام بذلك مع الروس.
ج. ب.: أنت تعني الصينيين، أليس كذلك؟
فريد: نعم، الصينيون، جربي ذلك مع الصينيين.
ج. ب.: يا عزيزي. لقد كانت هناك حروب قبل أن يحلم أحد بالشيوعية بزمن طويل جدًا. الشيوعية مجرد مبرر آخر. المشكلة ليست الشيوعية، المشكلة تكمن في هذا الإجماع.
هناك إجماع على أنه يجوز لك القتل عندما تقرر الحكومة ذلك. إذا كنت تقتل داخل البلاد، فأنت في ورطة. إذا كنت تقتل خارج البلاد، في الوقت المناسب، وخلال الموسم الصحيح،
وضد آخرٍ عدو، فأنت تحصل على ميدالية. هناك حوالي 130 بلدًا وكل منها يعتقد بأنه لا بأس بالتخلص من الآخر لأنه يظن نفسه أكثر أهمية.
فريد: القتل جزء من الطبيعة البشرية. لا شيء يمكنه أن يغير ذلك.
ج. ب.: حقًا؟ إذا كان القتل جزءًا من طبيعتنا، لماذا يتوجب على الرجال إذًا الذهاب إلى هذه التدريبات لتعلم كيفية القيام بذلك؟
هناك عنف في الطبيعة البشرية، ولكن هناك أيضًا الأخلاق، والحب، والعطف. إنهم يقومون بتنظيم العنف وبيعه وشرائه ودفعه، واللاعنفي يريد السعي إلى تنظيم الخيار الآخر.
هذا هو اللاعنف – إنه الحب المنظم.
فريد: ما زلت لا أفهم الغاية من هذا اللاعنف.
ج. ب.: اللاعنف هو بناء الأرضية، أرضية قوية جديدة، أرضية لا يمكن أن نغرق تحتها بعد اليوم، بناء منصة تعلو بضعة أقدام فوق النابالم والتعذيب والاستغلال والغاز السام والقنابل النووية، يجب إعطاء الإنسان مكانًا نظيفًا يقف فيه، فقد كان دومًا ممرغًا في الدم والقيء واللحم المحترق، يصرخ مستغربًا كيف يمكن لهذا أن يجلب السلام للعالم! يخرج رأسه من الحفرة لوهلة فيرى بعض الأشخاص يحاولون بناء هذه المنصة فوق الأرض في الهواء الطلق، فيقول: "فكرة جميلة، ولكنها ليست عملية"، ثم يدس رأسه في الحفرة مرة أخرى. هكذا كانت هي الحال لما اكتشف الإنسان أن الأرض كروية، فحارب سنوات طويلة ليثبت بأنها ما زالت مسطحة، مع كل الأمثلة والدلائل الجلية التي تشير إلى أنها كانت كروية بالفعل، وبأنه لم تكن هناك من هاوية على طرف الأرض أو وحوش بحرية تبتلع السفن في أفواهها الفاغرة.
فريد: وكيف تنوين بناء هذا الهيكل العملي؟
ج. ب.: من القاعدة إلى القمة. من خلال دراسة وتجريب كل بديل ممكن للعنف على كل المستويات. من خلال تعلم كيفية قول كلمة "لا" لضرائب الحرب، "لا" للتجنيد العسكري،
"لا" للقتل أيًا كان نوعه، "نعم" للتعاون؛ ومن خلال إنشاء مؤسسات جديدة يكون أساسها الأول الإقرار بأن القتل بأي شكل من الأشكال مستبعد؛ ومن خلال التواصل والحفاظ على الصلات مع جميع دعاة اللاعنف في جميع أنحاء العالم؛ من خلال الانخراط في كل فرصة ممكنة في حوار مع الناس والجماعات، لمحاولة تغيير هذا الاجماع والتوافق الذي يبيح القتل.
فريد: يبدو ذلك لطيفًا حقًا، ولكن لا أعتقد أنه سينجح.
ج. ب.: ربما أنت على حق. ونحن على الأرجح لم يعد لدينا ما يكفي من الوقت.
لقد كنا حتى الآن فشلاً حقيقيًا. والشيء الوحيد الذي أعتبره أسوأ من الفشل في تنظيم اللاعنف هو تنظيم العنف نفسه.
مقطع من كتاب: قراءة من دروس اللاعنف
(اذا حدى عندو رابط الكتاب وقدر يحطو .. شكرا سلف )
فريد: حسنًا، إذًا أنتِ من دعاة السلام! ماذا كنت لتفعلي لو حاول شخص ما، فلنقل، التهجم على جدتك؟
جوان بايث: مهاجمة جدتي العجوز المسكينة؟
فريد: نعم، أنت جالسة في غرفة مع جدتك وهناك رجل على وشك مهاجمتها، وأنت واقفة هناك. ماذا كنت ستفعلين؟
ج. ب.: كنت سأصيح ثلاث مرات: "تعيش جدتي" ثم أغادر الغرفة.
فريد: لا، جديًا، ولنقل أنه كان يحمل سلاحًا وكان على وشك إطلاق النار عليها. هل ستطلقين النار عليه أولاً؟
ج. ب.: وهل أحمل أنا أيضًا سلاحًا؟
فريد: نعم
ج. ب.: لا يمكن، أنا من دعاة السلام، ودعاة السلام لا يحملون الأسلحة!!
فريد: حسنًا، أنا أقول إنك تحملين سلاحًا.
ج. ب.: طيب. هل أحسنُ التسديد؟
فريد: نعم.
ج. ب.: إذًا كنت سأطلق النار على مسدسه لأسقطه من يده؟
فريد: طيب، لا، أنت لا تحسنين التسديد إذًا.
ج. ب.: عندها سأكون خائفة من إطلاق النار فقد أصيب الجدة حينها.
فريد: مممم، حسنًا، طيب، سنأخذ مثالاً آخر.
فلنقل أنك كنت تقودين شاحنة، وكنت مسرعة على طريق ضيقة على جانبها هاوية مرعبة، وهناك طفلة صغيرة تجلس في منتصف الطريق،
وأنت تسيرين بسرعة كبيرة ولا يمكنك التوقف. ماذا كنت ستفعلين؟
ج. ب.: لا أعرف. ماذا كنت أنت ستفعل؟
فريد: أنا الذي أسأل. أنت المسالمة.
ج. ب.: نعم، حسنًا، وهل بإمكاني السيطرة على الشاحنة؟
فريد: نعم.
ج. ب.: ماذا لو أطلقت بوق السيارة حتى أدفعها للابتعاد عن الطريق؟
فريد : الطفلة صغيرة جدًا ولا تستطيع المشي. وبوق السيارة عندك لا يعمل.
ج. ب.: سأنحني بالسيارة إلى جانبها الأيسر سيما وأنها لن تتحرك إلى أي مكان.
فريد: لا يمكنك ذلك، كان هناك انهيار أرضى يسد الطريق.
ج. ب.: آه. حسنًا. سوف أسير بالشاحنة إذًا إلى الهاوية وأنقذ الطفلة.
[صمت]
فريد: حسنًا، فلنقل أن هناك شخصًا آخر في الشاحنة معك. ماذا ستفعلين؟
ج. ب.: وما دخل قراري هذا بكوني داعية سلام؟
فريد: أنتما الآن شخصان في شاحنة واحدة وهناك فقط طفلة صغيرة واحدة.
ج. ب.: قال أحدهم ذات مرة: إذا توجب عليك الاختيار بين شرٍّ حقيقي وشرٍّ افتراضي، فعليك بالحقيقي.
فريد: كيف؟
ج. ب.: أقول: لماذا أنت تواق لهذه الدرجة إلى قتل كل دعاة السلام؟
فريد: أنا لست كذلك. أريد فقط أن أعرف ماذا كنت لتفعلي لو حدث ذلك...
ج. ب.: إذا كنت أقود الشاحنة بسرعة مع صديق على طريق ذي حارة واحدة على حافة هاوية سحيقة، وظهرت أمامي فجأة طفلة بعمر عشرة أشهر بقرب
منعطف خطر وهناك انهيار أرضي في أحد الجوانب وموت محتم في الجانب الآخر!!
فريد: هذا صحيح.
ج. ب.: ربما كنت سأضغط على الفرامل، وبالتالي أتسبب في قذف صديقي من الزجاج الأمامي للسيارة، وأرتطم بالجرف الأرضي، وأدهس الطفلة،
ثم تنحرف السيارة إلى الهاوية، وأسقط في موتي المحتم. ولا شك بأن منزل الجدة سيكون هناك أيضًا في أسفل الهاوية، وسوف تسقط الشاحنة ع
بر سقف الجدة المسكينة وتنفجر في غرفة المعيشة خاصتها حيث كانت تتعرض للهجوم، للمرة الأولى وربما للمرة الأخيرة في حياتها.
فريد: أنت لم تجيبي على سؤالي. أنت فقط تحاولين التملص من الإجابة...
ج. ب.: أنا أحاول حقًا أن أقول بضعة أشياء. أولاً أن أحدًا لا يعرف ما يمكن أن يفعله في لحظة الأزمة، وثانيًا أن أجوبةَ الأسئلة الافتراضية افتراضيةٌ أيضًا. أ
شيرُ أيضًا إلى أنك وضعتني في موقف يستحيل الخروج منه دون الحاجة إلى قتل شخص واحد أو أكثر، لأنك تريد أن تستتج: "اللاعنف فكرة لطيفة، لكنها لن تنجح أبدًا".
لكن ليس هذا ما يزعجني.
فريد: ما الذي يزعجك؟
ج. ب.: حسنًا، قد لا ترغب في سماع ذلك لأنه ليست افتراضيًا. إنها حقيقية، وهي تجعل هذا الهجوم الذي تخيلته على الجدة يبدو وكأنه نزهة في حديقة.
فريد: ماذا تعنين؟
ج. ب.: أفكرُ كيف أننا نضع الناس في عملية تدريب محكمة لنعلِّمهم من خلالها الطريقة الأفضل وأكثر فعالية وكفاءة للقتل.
ليس هناك حوادث عرضية مثل الشاحنة والجرف على الطريق، على العكس من ذلك تمامًا، نعلِّمهم كيف يزحفون ويصرخون ويقتلون ويقفزون من الطائرات، أشياء حقيقية فعلاً.
فريد: هذا شيء مختلف تمامًا.
ج. ب.: بالتأكيد. وألا ترى بأنه من الصعب جدًا التفكير في هذه الأمور، لأن هدفها حقيقي فعلاً، ولأنها تحدث الآن؟ ا
نظر، يثبِّت أحد الجنرالات دبوسًا على خريطة، وبعد أسبوع واحد ستجد مجموعة من الصبية الصغار يزحفون بجهد في غابة في مكان ما، ي
طلقون النار من الأسلحة على بعضهم فيقطعون ساق هذا أو يبترون ذراع ذاك، يبكون، يصلون، ويفقدون السيطرة على مثانتهم، ألا يبدو ذلك غباءً بالنسبة لك؟
فريد: حسنًا، أنت تتحدثين عن الحرب.
ج. ب.: نعم، أعرف. ألا يبدو ذلك غباء بالنسبة لك؟
فريد: وما العمل إذًا بدلاً من ذلك! أن ندير لهم الخد الآخر، هل هذا ما تريدين؟
ج. ب.: أحبوا أعداءكم، ولكن واجهوا شرورهم، أحبوا أعداءكم، لا تقتل.
فريد: نعم، وانظري ماذا حدث للذي قال ذلك.
ج. ب.: لقد أصبح أكبر.
فريد: علَّقوه على الصليب اللعين، هذا ما حدث له. لا أريدُ أن يعلقني أحد على صليب.
ج. ب.: لن يكون لك ذلك.
فريد: هاه؟
ج. ب.: أقول إنك لن يتسنى لك اختيار كيف ستموت، أو متى. ما يمكنك اختياره حقًا هو كيف ستعيش الآن.
فريد: حسنًا، لن أدع الجميع يدوسون عليَّ، هذا أمر مؤكد.
ج. ب.: قال يسوع: "لا تقاوموا الشرَّ"، أما السلمي فهو يقول عكس ذلك تمامًا. يقول: عليك مقاومة الشرِّ بملئ قلبك وكل عقلك وبجسدك كله،
حتى تستطيع التغلب عليه تمامًا. ()
فريد: لم أفهم عليك.
ج. ب.: المقاومة اللاعنفية المنظمة. غاندي. لقد قام بتنظيم الهنود في مقاومة لاعنفية شنت حربًا لاعنفية ضد البريطانيين حتى نجحت أخيرًا في تحرير الهند من الامبراطورية البريطانية.
لا بأس بالنسبة لمحاولة أولى، ألا تظن ذلك؟
فريد: أجل ولكنه كان يتعامل مع البريطانيين، وهم شعوب متحضرة. أما نحن فالوضع مختلف.
ج. ب.: نحن لسنا شعوبًا متحضرة
فريد: أقصد نحن لا نتعامل مع شعوب متحضرة. جربي القيام بذلك مع الروس.
ج. ب.: أنت تعني الصينيين، أليس كذلك؟
فريد: نعم، الصينيون، جربي ذلك مع الصينيين.
ج. ب.: يا عزيزي. لقد كانت هناك حروب قبل أن يحلم أحد بالشيوعية بزمن طويل جدًا. الشيوعية مجرد مبرر آخر. المشكلة ليست الشيوعية، المشكلة تكمن في هذا الإجماع.
هناك إجماع على أنه يجوز لك القتل عندما تقرر الحكومة ذلك. إذا كنت تقتل داخل البلاد، فأنت في ورطة. إذا كنت تقتل خارج البلاد، في الوقت المناسب، وخلال الموسم الصحيح،
وضد آخرٍ عدو، فأنت تحصل على ميدالية. هناك حوالي 130 بلدًا وكل منها يعتقد بأنه لا بأس بالتخلص من الآخر لأنه يظن نفسه أكثر أهمية.
فريد: القتل جزء من الطبيعة البشرية. لا شيء يمكنه أن يغير ذلك.
ج. ب.: حقًا؟ إذا كان القتل جزءًا من طبيعتنا، لماذا يتوجب على الرجال إذًا الذهاب إلى هذه التدريبات لتعلم كيفية القيام بذلك؟
هناك عنف في الطبيعة البشرية، ولكن هناك أيضًا الأخلاق، والحب، والعطف. إنهم يقومون بتنظيم العنف وبيعه وشرائه ودفعه، واللاعنفي يريد السعي إلى تنظيم الخيار الآخر.
هذا هو اللاعنف – إنه الحب المنظم.
فريد: ما زلت لا أفهم الغاية من هذا اللاعنف.
ج. ب.: اللاعنف هو بناء الأرضية، أرضية قوية جديدة، أرضية لا يمكن أن نغرق تحتها بعد اليوم، بناء منصة تعلو بضعة أقدام فوق النابالم والتعذيب والاستغلال والغاز السام والقنابل النووية، يجب إعطاء الإنسان مكانًا نظيفًا يقف فيه، فقد كان دومًا ممرغًا في الدم والقيء واللحم المحترق، يصرخ مستغربًا كيف يمكن لهذا أن يجلب السلام للعالم! يخرج رأسه من الحفرة لوهلة فيرى بعض الأشخاص يحاولون بناء هذه المنصة فوق الأرض في الهواء الطلق، فيقول: "فكرة جميلة، ولكنها ليست عملية"، ثم يدس رأسه في الحفرة مرة أخرى. هكذا كانت هي الحال لما اكتشف الإنسان أن الأرض كروية، فحارب سنوات طويلة ليثبت بأنها ما زالت مسطحة، مع كل الأمثلة والدلائل الجلية التي تشير إلى أنها كانت كروية بالفعل، وبأنه لم تكن هناك من هاوية على طرف الأرض أو وحوش بحرية تبتلع السفن في أفواهها الفاغرة.
فريد: وكيف تنوين بناء هذا الهيكل العملي؟
ج. ب.: من القاعدة إلى القمة. من خلال دراسة وتجريب كل بديل ممكن للعنف على كل المستويات. من خلال تعلم كيفية قول كلمة "لا" لضرائب الحرب، "لا" للتجنيد العسكري،
"لا" للقتل أيًا كان نوعه، "نعم" للتعاون؛ ومن خلال إنشاء مؤسسات جديدة يكون أساسها الأول الإقرار بأن القتل بأي شكل من الأشكال مستبعد؛ ومن خلال التواصل والحفاظ على الصلات مع جميع دعاة اللاعنف في جميع أنحاء العالم؛ من خلال الانخراط في كل فرصة ممكنة في حوار مع الناس والجماعات، لمحاولة تغيير هذا الاجماع والتوافق الذي يبيح القتل.
فريد: يبدو ذلك لطيفًا حقًا، ولكن لا أعتقد أنه سينجح.
ج. ب.: ربما أنت على حق. ونحن على الأرجح لم يعد لدينا ما يكفي من الوقت.
لقد كنا حتى الآن فشلاً حقيقيًا. والشيء الوحيد الذي أعتبره أسوأ من الفشل في تنظيم اللاعنف هو تنظيم العنف نفسه.
Comment