تابع الجزء الأول و الثاني من هذا المقال
عام 2100 : حيث خرافات لا يصدقها عقل
بطريقة ما إذا إستطعت أن تزور أسلافنا القدماء لتريهم أعظم ما لدينا الآن من مخترعات و تقنيات حديثة، فبلا شك سوف يظنون أنك ساحر! بإستخدام سحر العلم تعرض عليهم الطائرات النفاثة التي تخترق السحاب و الصواريخ التي تزور القمر و الكواكب و أجهزة المسح بالرنين المغناطيسي التي ترينا ما بداخل الجسم الحي بكل سهولة و التليفون المحمول الذي يمكنك من الإتصال مع أي شخص على الكوكب .
و قد يمسكون بك بتهمة الشعوذة إذا ما أريتهم أجهزة الحاسوب المحمول التي تبعث بالرسائل و الصور المتحركة عبر القارات لحظيا بضغطت زر!
الآن عد إلى زمانك الحاضر حيث تعتبر تلك التقنيات شئ عادي في حياتك اليومية، أتحداك أن تتخيل العالم عام 2100 ،إليك لمحة منه. في 2100 سوف نتمكن من التحكم في الأجسام بقوة العقل فقط و كأنك ساحرعن طريق شرائح منمنة تزرع في المخ ،أما الحواسيب فيمكنها بسهولة قراءة ما يدور في ذهنك و تنفذ لك أحلامك و أمنياتك ، و عدساتك اللاصقة سوف تتصل بقاعدة معلومات ضخمة لتستحضر الصور في طرفة عين ! . أما بإستخدام التكنولوجيا الحيوية و الطبية فسوف نجعل أجسامنا في صحة تامة ، بإستخدام الطب الجزئي سوف يتمكن الأطباء من إنتاج أي عضو من أعضاء جسم الإنسان بسهولة بالإضافة إلى تمكنهم من القضاء على الأمراض الوراثية، كما أن جسم الإنسان لن يعرف المرض و ذلك بفضل الملايين من أجهزة إستشعار الحمض النووي "دي إن إيه" و الجسيمات النانوية التي تسري بصمت في أنحاء الجسم على هيئة دوريات حماية تقوم بمسح كامل لتكتشف أي علامة مبكرة للمرض.
بفضل التطور في أبحاث الجينات سوف يتمكن العلماء من إبطاء عملية الشيخوخة و التقدم في السن و ربما عكسها أيضا ! مما يترتب عليه من إمتداد فترة حياة الإنسان لسنوات أطول.
و بقوة تكنولوجيا النانو سوف تكون لنا المقدرة أن نحول شئ إلى أي شئ آخر و كأنه أت من لاشئ و ربما يكون لها الفضل في صنع المصعد الفضائي الذي يحملك من الأرض لتقطع مئات الأميال فوق الغلاف الجوى بضغطة زر ! سوف نمتطي مركبات ملساء تحلق في السماء بذاتها و تعرف طريقها إعتمادا على تكنولوجيا الـ"جى بى إس "بدون وقود و تطفو في الجو و كأنها مستلقية على وسائد هوائية! متكأة على مجالات كهرومغناطيسية غير مرئية.
بتكنولوجيا المحركات سوف نمتلك طاقة النجوم الغير محدودة، و بتطويعها في مركبات نجمية نستكشف بعض النجوم القريبة منا بإستخدام تقنيات الدفع الليزري بدلا من تقنيات الدفع الكيميائي المكلفة.
بينما نحن نتحدث هنا ، فإن تلك التقنيات تصنع و تطوع الآن في المختبرات و المعامل حول العالم كل هذا و أكثر هو نقطة في بحر واسع مما هو متوقع أن نراه بعد 100 عام، أطلعك على بعض منها أيضا على سبيل التشويق، الصواريخ المدفوعة بالمادة المضادة و الرؤية بأشعة إكس و الروبوتات التي تبدي المشاعر و تكن العواطف !!!.
لماذا لا تتحقق بعض التنبؤات المستقبلية؟
بعض التوقعات لعصر المعلوماتية لم تتحقق على الإطلاق، كمثال تنبأ بعض المستقبليين أن تكون مكاتب هذا العصر بلا اوراق! بفضل عصر الحاسوب لابد و ان يندثر الورق للأبد.
في الواقع حدث العكس تماما ، في نظرة خاطفة إلى المكاتب نرى أن الأوراق متزايدة أكثر من زي قبل.
توقع البعض أيضا "مدن بلا أناس"! رأى هؤلاء المستقبليون أن المقابلات و الاجتماعات عبر الإنترنت سوف تكون سمة العصر، و لن تكون هناك حاجة بعد الآن إلى الإجتماعات وجها لوجه.
كما أن المدن ذاتها سوف تصبح خاوية لأن الناس لن يكونوا في حاجة إلى الذهاب إلى مكاتبهم أو اعمالهم ، فالعمل من المنزل سيكون هو العادة.
و بالمثل انتشار مفهوم "السياحة الإنترنتية"، فما على السائح إلا أن يستلقي على أريكة مريحة و يبدأ جولته حول العالم ليشاهد المعالم السياحية فقط عبر الإنترنت على جهاز الحاسوب الخاص به.
أيضا عن طريق"التسوق الإنترنتي" فلتدع فأرة حاسوبك تقوم بالمشي عنك ، و في هذه الحالة لابد أن تفلس مراكز التسوق لا محالة! أما "الطالب الإنترنتي" فيحضر دروسه عبر الإنترنت و الجامعات سوف تغلق أبوابها لعدم إلتحاق الطلبة بها!
إنظر إلى أى مصير انتهى التليفون المرئي الذى كان يعتبر قفزة في تكنولوجيا الإتصال، في عام 1964 أنفقت شركة AT & T نحو 100 مليون دولار من أجل تصميم شاشة تتصل بالتليفون لتمكنك من رؤية المتكلم على الطرف الثاني و العكس بالعكس ، إلا أن تلك الفكرة لم تلقى القبول المتوقع ،و بيع منه فقط 100 وحدة أي أن كل وحدة تكلفت مليون دولار و قد كانت تكلفة فادحة.
و أخيرا ذهبت التنبؤات إلى ان وسائل الإعلام و الترفيه المعروفة لابد و أن تندثر مثل التلفاز و السينما و المسرح و الراديو لكي يحل الإنترنت محلهم و بكل قوة ينتزع شعبيتهم و نراهم قريبا في المتاحف!
في الواقع ما حدث كان عكس كل التوقعات، الأزمات المرورية تزداد سوءا أكثر من زي قبل.
يتوافد الناس على المواقع السياحية بأعداد غفيرة مما يجعل السياحة أكبر من الصناعات المدرة للدخل في العالم.
المتسوقون يملأون المحال و المراكز التجارية حتى في أحلك الحالات الإقتصادية.
لم تغلق الجامعات ابوابها و يلتحق بها الطلاب بأرقام قياسية كل عام.
للقول الحق، إتجاه الكثيرين إلى العمل من المنزل إلا أن المدن لم يختف سكنها داخل المنازل. من السهولة أن تجري مقابلة او إجتماع على الإنترنت ، و لكن لا يشعر الكثيرون بالراحة أن يتم تصويرهم عبر الإنترنت مفضلين اللقاء وجها لوجه.
كما أثر الانترنت على صناعة الإعلام و الترفيه إلا أن عملاقة الإعلام و الترفيه يجدون طريقهم من اجل تحقيق أرباحهم عن طريق الإنترنت، و مع ذلك لم يندثر التلفاز و لم تغلق السينما.
مبدأ رجل الكهف
لماذا لم تتحقق كثير من التنبؤات التي ذكرناها سابقا؟
يرفض الناس هذا التقدم و هو ما أسميه "مبدأ رجل الكهف".
الدلائل الجينية و الأحفورية تشير إلى أن الإنسان القديم من أسلافنا يشبه الإنسان الحديث و لا يوجد دليل على أي إختلاف في التركيب التشريحي للمخ أو الشخصية لكل منهما.
الخلاصة هي أن أي تقنية في طبيعاتها قد تتعارض مع رغبات أسلافنا، بالتبعية هي تتعارض مع رغباتنا الذاتية!! و كمثال بسيط على مبدأ رجل الكهف هذا ، إن رجل الكهف دائما ما يطلب "الدليل على القتل" لحيوان مثلا، فلا يكفي بالنسبة إليه التباهي بحيوان كبير بعدما فر! الحصول على هذا الحيوان بعد إصطياده حاضر بين يديه دوما أفضل من الإمساك بذيل ذلك الذي فر.
بالمثل نحن دوما ما نريد نسخة ورقية عندما نتعامل مع الملفات ، فإننا بشكل غريزي لا نثق في الإلكترونات التي تطفو فوق شاشات أجهزة الحواسيب الخاصة بنا، لذلك نطبع بريدنا الإلكتروني و التقارير حتى و لو لم يكون ذلك ضروري ....لهذا لا يمكن أن يصبح المكتب بلا أوراق.
كذلك فضل أسلافنا اللقاء وجها لوجه، فقد ساعدت تلك العادة على تكوين العلاقات الإنسانية و قراءة المشاعر الخفية.
لذلك لا يمكن أن تتحقق "المدينة بلا أناس" ، مثلا عندما يرغب صاحب العمل أن يقيم الموظفين لديه فمن الصعب القيام بهذه المهمة عبر الإنترنت لكن يفضل أن يكون اللقاء وجها لوجه حتى يستطيع صاحب العمل أن يكون إنطباع داخلي و معلومات قيمة عن كل شخص من خلال لغة الجسد .
مشاهدة الناس عن قرب يساعد في تكوين روابط فيما بيننا و من خلال فهمنا للغة جسد كل شخص يمكننا أن نفهم ما يعتمل في عقله و يدور في ذهنه.
لهذا تجد أسلافنا تعاملوا فيما بينهم بناءا على لغة الجسد للتعبير عن أفكارهم و مشاعرهم.
كذلك دوما أراد الإنسان القديم أن يرى الشئ حقيقة و لم يعتمد قط على أقوال الغير لأن هذا هو ما تحتمه عليهم غريزة البقاء في الغابة بألا يعتمد على الشائعات بل على الدليل المادي القاطع.
لذلك تجد المسارح لم تندثر برغم ظهور السينما و الإنترنت.
نحن نحدر من أسلاف كانوا عرضة للهجوم الدائم من الحيوانات الضارية أو من بعضهم البعض.
لذلك نحن نحب المكوث أمام التلفاز لنشاهد آخرين لساعات طويلة و لكننا نصاب بإرتباك و عصبية حينما نشعر بأن آخرين يشاهدوننا و هو رد فعل غريزي تجاه شعورنا بأننا مراقبون.
في الحقيقة وجد العلماء أن مدة أربع دقائق كافية لتصيب شخص بالإرتباك أذا شعر أن شخص آخر غريب يحدق فيه، و بعد مرور 10 ثوان قد يتحول الامر إلى عدائية و غضب سريع لكونه عرضة للتحديق المستمر! هذا هو السبب وراء فشل التليفون المرئي الاول و لكننا و بعد أعوام طويلة بدأنا بشكل بطئ و بتحسن مؤلم محاولة الإعتياد على فكرة الإجتماع عبر الإنترنت.
سيف العلم
لقد شاهدت فيلم غير من نظرتي تجاه المستقبل إلى الأبد.
و هو فيلم إسمه"الكوكب الممنوع Forbidden Planet" المأخوذ عن رواية لشكسبير و فيه مجموعة من رواد الفضاء تقابلوا مع حضارة قديمة تسبقنا بملايين السنين ، و قد وصل هؤلاء إلى منتهى اهدافهم التكنولوجية، القدرة الكاملة على التحكم في كل شئ بإستخدام عقولهم فقط لا غير .
أفكارهم كانت متصلة مع مفاعل نووي- حراري مدفون في أعماق كوكبهم يحول كل رغباتهم إلى حقيقة.
نحن البشر سوف نمتلك تلك القوة و لكننا لن نحتاج إلى الإنتظار لملايين السنيين بل أننا على بعد خطوات منها فقط في غضون 100 عام، لكن هذا الفيلم أيضا كان ينطوي على حكمة لأن هذه الطاقة الجبارة اللا نهائية التي إمتلكتها تلك الحضارة إنقلبت عليها لتدمرها بأكملها.
نعم بالفعل العلم سيف ذو حدين، يخلق مجموعة من المشاكل بينما يحل مجموعة أخرى منها.
فهناك إتجاهين مضادين للعلم في الوقت الحاضر : الإتجاه الأول الذي يسعى إلى حضارة علمية أنيقة لكن الإتجاة الثاني المضاد يقوم على التجاهل و الفوضى و هو ما يمزق مجتمعاتنا.
ما زلنا نمتلك نفس المشاعر العدائية البدائية لأسلافنا الفارق أننا نمتلك اليوم الأسلحة النووية و الكيميائية و البيولوجية!
في المستقبل سوف يصبح الإنسان هو المتحكم في الطبيعة و ليس مجرد مشاهد عابر بل هو المحافظ عليها أيضا.
لذا دعونا نأمل في قدرتنا على السيطرة على سيف العلم بالحكمة و الإتزان.
إنطلق في رحلة إفتراضية إلى المستقبل من خلال كتاب "فيزياء المستقبل Physics of The Future" كما رواها علماء يصنعون هذا المستقبل، سوف تشاهد خلال تلك الرحلة معالم التقدم العلمي في المستقبل في الحواسيب و الإتصالات و التكنولوجيا الحيوية و الذكاء الإصطناعي و النانو تكنولوجي ....التي سوف تغير مستقبل هذه الحضارة لا محالة.
و الآن عزيزي القارئ كيف ترى المستقبل؟ و كيف ترى التقنيات العلمية بعد 100 عام؟ أطلق لخيالك العنان و دون أفكارك و خيالاتك ليكتبها التاريخ في صفحات كتابه فيتصفحها أحفاد أحفادك من البشر بعد 100 عام ليثبت عندها صحة توقعاتك أو خطأها!!
يوجد رابط للكتاب .... الكتاب باللغة الانكليزية
الملف مضغوط يوجد فيه الكتاب وبرنامج لتشغيل الكتاب
رابط التحميل أضغط هنا
عام 2100 : حيث خرافات لا يصدقها عقل
بطريقة ما إذا إستطعت أن تزور أسلافنا القدماء لتريهم أعظم ما لدينا الآن من مخترعات و تقنيات حديثة، فبلا شك سوف يظنون أنك ساحر! بإستخدام سحر العلم تعرض عليهم الطائرات النفاثة التي تخترق السحاب و الصواريخ التي تزور القمر و الكواكب و أجهزة المسح بالرنين المغناطيسي التي ترينا ما بداخل الجسم الحي بكل سهولة و التليفون المحمول الذي يمكنك من الإتصال مع أي شخص على الكوكب .
و قد يمسكون بك بتهمة الشعوذة إذا ما أريتهم أجهزة الحاسوب المحمول التي تبعث بالرسائل و الصور المتحركة عبر القارات لحظيا بضغطت زر!
الآن عد إلى زمانك الحاضر حيث تعتبر تلك التقنيات شئ عادي في حياتك اليومية، أتحداك أن تتخيل العالم عام 2100 ،إليك لمحة منه. في 2100 سوف نتمكن من التحكم في الأجسام بقوة العقل فقط و كأنك ساحرعن طريق شرائح منمنة تزرع في المخ ،أما الحواسيب فيمكنها بسهولة قراءة ما يدور في ذهنك و تنفذ لك أحلامك و أمنياتك ، و عدساتك اللاصقة سوف تتصل بقاعدة معلومات ضخمة لتستحضر الصور في طرفة عين ! . أما بإستخدام التكنولوجيا الحيوية و الطبية فسوف نجعل أجسامنا في صحة تامة ، بإستخدام الطب الجزئي سوف يتمكن الأطباء من إنتاج أي عضو من أعضاء جسم الإنسان بسهولة بالإضافة إلى تمكنهم من القضاء على الأمراض الوراثية، كما أن جسم الإنسان لن يعرف المرض و ذلك بفضل الملايين من أجهزة إستشعار الحمض النووي "دي إن إيه" و الجسيمات النانوية التي تسري بصمت في أنحاء الجسم على هيئة دوريات حماية تقوم بمسح كامل لتكتشف أي علامة مبكرة للمرض.
بفضل التطور في أبحاث الجينات سوف يتمكن العلماء من إبطاء عملية الشيخوخة و التقدم في السن و ربما عكسها أيضا ! مما يترتب عليه من إمتداد فترة حياة الإنسان لسنوات أطول.
و بقوة تكنولوجيا النانو سوف تكون لنا المقدرة أن نحول شئ إلى أي شئ آخر و كأنه أت من لاشئ و ربما يكون لها الفضل في صنع المصعد الفضائي الذي يحملك من الأرض لتقطع مئات الأميال فوق الغلاف الجوى بضغطة زر ! سوف نمتطي مركبات ملساء تحلق في السماء بذاتها و تعرف طريقها إعتمادا على تكنولوجيا الـ"جى بى إس "بدون وقود و تطفو في الجو و كأنها مستلقية على وسائد هوائية! متكأة على مجالات كهرومغناطيسية غير مرئية.
بتكنولوجيا المحركات سوف نمتلك طاقة النجوم الغير محدودة، و بتطويعها في مركبات نجمية نستكشف بعض النجوم القريبة منا بإستخدام تقنيات الدفع الليزري بدلا من تقنيات الدفع الكيميائي المكلفة.
بينما نحن نتحدث هنا ، فإن تلك التقنيات تصنع و تطوع الآن في المختبرات و المعامل حول العالم كل هذا و أكثر هو نقطة في بحر واسع مما هو متوقع أن نراه بعد 100 عام، أطلعك على بعض منها أيضا على سبيل التشويق، الصواريخ المدفوعة بالمادة المضادة و الرؤية بأشعة إكس و الروبوتات التي تبدي المشاعر و تكن العواطف !!!.
لماذا لا تتحقق بعض التنبؤات المستقبلية؟
بعض التوقعات لعصر المعلوماتية لم تتحقق على الإطلاق، كمثال تنبأ بعض المستقبليين أن تكون مكاتب هذا العصر بلا اوراق! بفضل عصر الحاسوب لابد و ان يندثر الورق للأبد.
في الواقع حدث العكس تماما ، في نظرة خاطفة إلى المكاتب نرى أن الأوراق متزايدة أكثر من زي قبل.
توقع البعض أيضا "مدن بلا أناس"! رأى هؤلاء المستقبليون أن المقابلات و الاجتماعات عبر الإنترنت سوف تكون سمة العصر، و لن تكون هناك حاجة بعد الآن إلى الإجتماعات وجها لوجه.
كما أن المدن ذاتها سوف تصبح خاوية لأن الناس لن يكونوا في حاجة إلى الذهاب إلى مكاتبهم أو اعمالهم ، فالعمل من المنزل سيكون هو العادة.
و بالمثل انتشار مفهوم "السياحة الإنترنتية"، فما على السائح إلا أن يستلقي على أريكة مريحة و يبدأ جولته حول العالم ليشاهد المعالم السياحية فقط عبر الإنترنت على جهاز الحاسوب الخاص به.
أيضا عن طريق"التسوق الإنترنتي" فلتدع فأرة حاسوبك تقوم بالمشي عنك ، و في هذه الحالة لابد أن تفلس مراكز التسوق لا محالة! أما "الطالب الإنترنتي" فيحضر دروسه عبر الإنترنت و الجامعات سوف تغلق أبوابها لعدم إلتحاق الطلبة بها!
إنظر إلى أى مصير انتهى التليفون المرئي الذى كان يعتبر قفزة في تكنولوجيا الإتصال، في عام 1964 أنفقت شركة AT & T نحو 100 مليون دولار من أجل تصميم شاشة تتصل بالتليفون لتمكنك من رؤية المتكلم على الطرف الثاني و العكس بالعكس ، إلا أن تلك الفكرة لم تلقى القبول المتوقع ،و بيع منه فقط 100 وحدة أي أن كل وحدة تكلفت مليون دولار و قد كانت تكلفة فادحة.
و أخيرا ذهبت التنبؤات إلى ان وسائل الإعلام و الترفيه المعروفة لابد و أن تندثر مثل التلفاز و السينما و المسرح و الراديو لكي يحل الإنترنت محلهم و بكل قوة ينتزع شعبيتهم و نراهم قريبا في المتاحف!
في الواقع ما حدث كان عكس كل التوقعات، الأزمات المرورية تزداد سوءا أكثر من زي قبل.
يتوافد الناس على المواقع السياحية بأعداد غفيرة مما يجعل السياحة أكبر من الصناعات المدرة للدخل في العالم.
المتسوقون يملأون المحال و المراكز التجارية حتى في أحلك الحالات الإقتصادية.
لم تغلق الجامعات ابوابها و يلتحق بها الطلاب بأرقام قياسية كل عام.
للقول الحق، إتجاه الكثيرين إلى العمل من المنزل إلا أن المدن لم يختف سكنها داخل المنازل. من السهولة أن تجري مقابلة او إجتماع على الإنترنت ، و لكن لا يشعر الكثيرون بالراحة أن يتم تصويرهم عبر الإنترنت مفضلين اللقاء وجها لوجه.
كما أثر الانترنت على صناعة الإعلام و الترفيه إلا أن عملاقة الإعلام و الترفيه يجدون طريقهم من اجل تحقيق أرباحهم عن طريق الإنترنت، و مع ذلك لم يندثر التلفاز و لم تغلق السينما.
مبدأ رجل الكهف
لماذا لم تتحقق كثير من التنبؤات التي ذكرناها سابقا؟
يرفض الناس هذا التقدم و هو ما أسميه "مبدأ رجل الكهف".
الدلائل الجينية و الأحفورية تشير إلى أن الإنسان القديم من أسلافنا يشبه الإنسان الحديث و لا يوجد دليل على أي إختلاف في التركيب التشريحي للمخ أو الشخصية لكل منهما.
الخلاصة هي أن أي تقنية في طبيعاتها قد تتعارض مع رغبات أسلافنا، بالتبعية هي تتعارض مع رغباتنا الذاتية!! و كمثال بسيط على مبدأ رجل الكهف هذا ، إن رجل الكهف دائما ما يطلب "الدليل على القتل" لحيوان مثلا، فلا يكفي بالنسبة إليه التباهي بحيوان كبير بعدما فر! الحصول على هذا الحيوان بعد إصطياده حاضر بين يديه دوما أفضل من الإمساك بذيل ذلك الذي فر.
بالمثل نحن دوما ما نريد نسخة ورقية عندما نتعامل مع الملفات ، فإننا بشكل غريزي لا نثق في الإلكترونات التي تطفو فوق شاشات أجهزة الحواسيب الخاصة بنا، لذلك نطبع بريدنا الإلكتروني و التقارير حتى و لو لم يكون ذلك ضروري ....لهذا لا يمكن أن يصبح المكتب بلا أوراق.
كذلك فضل أسلافنا اللقاء وجها لوجه، فقد ساعدت تلك العادة على تكوين العلاقات الإنسانية و قراءة المشاعر الخفية.
لذلك لا يمكن أن تتحقق "المدينة بلا أناس" ، مثلا عندما يرغب صاحب العمل أن يقيم الموظفين لديه فمن الصعب القيام بهذه المهمة عبر الإنترنت لكن يفضل أن يكون اللقاء وجها لوجه حتى يستطيع صاحب العمل أن يكون إنطباع داخلي و معلومات قيمة عن كل شخص من خلال لغة الجسد .
مشاهدة الناس عن قرب يساعد في تكوين روابط فيما بيننا و من خلال فهمنا للغة جسد كل شخص يمكننا أن نفهم ما يعتمل في عقله و يدور في ذهنه.
لهذا تجد أسلافنا تعاملوا فيما بينهم بناءا على لغة الجسد للتعبير عن أفكارهم و مشاعرهم.
كذلك دوما أراد الإنسان القديم أن يرى الشئ حقيقة و لم يعتمد قط على أقوال الغير لأن هذا هو ما تحتمه عليهم غريزة البقاء في الغابة بألا يعتمد على الشائعات بل على الدليل المادي القاطع.
لذلك تجد المسارح لم تندثر برغم ظهور السينما و الإنترنت.
نحن نحدر من أسلاف كانوا عرضة للهجوم الدائم من الحيوانات الضارية أو من بعضهم البعض.
لذلك نحن نحب المكوث أمام التلفاز لنشاهد آخرين لساعات طويلة و لكننا نصاب بإرتباك و عصبية حينما نشعر بأن آخرين يشاهدوننا و هو رد فعل غريزي تجاه شعورنا بأننا مراقبون.
في الحقيقة وجد العلماء أن مدة أربع دقائق كافية لتصيب شخص بالإرتباك أذا شعر أن شخص آخر غريب يحدق فيه، و بعد مرور 10 ثوان قد يتحول الامر إلى عدائية و غضب سريع لكونه عرضة للتحديق المستمر! هذا هو السبب وراء فشل التليفون المرئي الاول و لكننا و بعد أعوام طويلة بدأنا بشكل بطئ و بتحسن مؤلم محاولة الإعتياد على فكرة الإجتماع عبر الإنترنت.
سيف العلم
لقد شاهدت فيلم غير من نظرتي تجاه المستقبل إلى الأبد.
و هو فيلم إسمه"الكوكب الممنوع Forbidden Planet" المأخوذ عن رواية لشكسبير و فيه مجموعة من رواد الفضاء تقابلوا مع حضارة قديمة تسبقنا بملايين السنين ، و قد وصل هؤلاء إلى منتهى اهدافهم التكنولوجية، القدرة الكاملة على التحكم في كل شئ بإستخدام عقولهم فقط لا غير .
أفكارهم كانت متصلة مع مفاعل نووي- حراري مدفون في أعماق كوكبهم يحول كل رغباتهم إلى حقيقة.
نحن البشر سوف نمتلك تلك القوة و لكننا لن نحتاج إلى الإنتظار لملايين السنيين بل أننا على بعد خطوات منها فقط في غضون 100 عام، لكن هذا الفيلم أيضا كان ينطوي على حكمة لأن هذه الطاقة الجبارة اللا نهائية التي إمتلكتها تلك الحضارة إنقلبت عليها لتدمرها بأكملها.
نعم بالفعل العلم سيف ذو حدين، يخلق مجموعة من المشاكل بينما يحل مجموعة أخرى منها.
فهناك إتجاهين مضادين للعلم في الوقت الحاضر : الإتجاه الأول الذي يسعى إلى حضارة علمية أنيقة لكن الإتجاة الثاني المضاد يقوم على التجاهل و الفوضى و هو ما يمزق مجتمعاتنا.
ما زلنا نمتلك نفس المشاعر العدائية البدائية لأسلافنا الفارق أننا نمتلك اليوم الأسلحة النووية و الكيميائية و البيولوجية!
في المستقبل سوف يصبح الإنسان هو المتحكم في الطبيعة و ليس مجرد مشاهد عابر بل هو المحافظ عليها أيضا.
لذا دعونا نأمل في قدرتنا على السيطرة على سيف العلم بالحكمة و الإتزان.
إنطلق في رحلة إفتراضية إلى المستقبل من خلال كتاب "فيزياء المستقبل Physics of The Future" كما رواها علماء يصنعون هذا المستقبل، سوف تشاهد خلال تلك الرحلة معالم التقدم العلمي في المستقبل في الحواسيب و الإتصالات و التكنولوجيا الحيوية و الذكاء الإصطناعي و النانو تكنولوجي ....التي سوف تغير مستقبل هذه الحضارة لا محالة.
و الآن عزيزي القارئ كيف ترى المستقبل؟ و كيف ترى التقنيات العلمية بعد 100 عام؟ أطلق لخيالك العنان و دون أفكارك و خيالاتك ليكتبها التاريخ في صفحات كتابه فيتصفحها أحفاد أحفادك من البشر بعد 100 عام ليثبت عندها صحة توقعاتك أو خطأها!!
يوجد رابط للكتاب .... الكتاب باللغة الانكليزية
الملف مضغوط يوجد فيه الكتاب وبرنامج لتشغيل الكتاب
رابط التحميل أضغط هنا
Comment