آلِهةُ سوريا وبِلادِ الرَّافِدَين
سورية أول وأقدم موطن للحضارة الإنسانية قامت وتقاطعت فوق أرضها كافة حضارات الشرق،
وكانت المركز والموطن والمنطلق في العديد من الحضارات التي أعطت للعالم وللغرب خاصة الكثير من الفن والحضارة والعلوم،
ذكرت مراجع الحضارات السورية القديمة واليونانية والإغريقية قصص وروايات هي عبارة عن أساطير.
وسأسرد بهذا الموضوع شرح عن معظم الآلهة السورية القديمة التي دارت حولها الديانات السورية القديمة وأجمل الأساطير وأكثرها روعة على الإطلاق ...
أهم الرموز والآلهة في بلاد مابين النهرين
آشـــور
آشور هو كبير آلهة الآشوريين وهو صورة طبق الأصل عن الإله البابلي "مردوخ"
وقد قام الآشوريون بتبديل اسم مردوخ إلى آشور في معظم الأساطير التي ورثوها. و يظهر كرجل يرتدي قبّعة بقرون.
آشور هو الإله الرئيسي لأوّل عاصمة آشوريّة و التي تسمّى آشور أيضا. و قد أصبح أكثر أهميّة عندما حكم الآشوريّين بلاد ما بين النهرين.
آشور يمثّل أحيانا و هو يقود تنينا ثعبانيّا. و يصوّر على النصب الآشوريّة و المنحوتات البارزة و الأختام الإسطوانيّة.
مَـردوخ
مَردوخ هو إله مدينة بابل
عندما أضحت بابل عاصمة الإمبراطوريّة البابليّة "حوالي عام 1500 ق.مز" أصبح مردوخ أكثر أهميّة.
و يسمّى مردوخ أحيانا بيل و التي تعني الإله. رموز مردوخ هي المجرفة و التنين والأفعى.
و في الأساطير البابليّة، يقال بأنّ مردوخ قد قاتل جيشا من التنانين تقوده الإله "تيامت"،
و قد دخل تلك المعركة عندما إتّفقت الآلهة على إختياره لقيادتهم. و قد إصطاد تيامت، و قتلها و من ثمّ تمّ تتويجه ككبير للآلهة.
و كان مواطني بابل يحتفلون بمهرجان رأس السنة، و خلال المراسيم يركع الملك أمام تمثال مردوخ و يأخذ عهدا على نفسه بأنّه قد كان حاكما جيّدا
عـشـتـار – إيـنـانـا
عشتار هي نجمة الصباح و المساء "الكوكب الذي نسميه فينوس أو الزهرة" و إلهة الحب و الحرب.
هي آلهة الحب والخصب عند السومريين وبها ارتبطت مظاهر تبدل الطبيعة لأنها رضيت أن تهبط درجات الموت السبع، إلى العالم السفلي لتضمن للطبيعة نظاماً تتعاقب فيه الفصول تعاقباً يحفظ الحياة النباتية على الأرض،حيث أن الطقس الحار الذي ينضج القمح والفاكهة ليس بأقل أهمية من الشتاء البارد والماطر، وموت الخريف ليس إلا مرحلة تحضيرية للإنتعاش الحياة في الربيع.
فعند نزول عشتار إلى العالم الأسفل وهو عالم الموتى تغيب معها مظاهر الخصوبة في التربة وتتعرى الأشجار وتموت النباتات، وفي عودتها من العالم الأسفل من رحلتها الطويلة عودة قوية لقوى الخصوبة الممثلة فيها وانبثاق الخضرة والحياة في مملكة الزرع والنبات.
أما عند البابلين تتخذ "إنانا" اسم "عشتار" وتهبط للعالم الأسفل من أجل تحرير زوجها تموز الأسير هناك، وذلك بعكس "إنانا" التي أرسلت زوجها "دوموزي" للموت مكانها بعد أن صعدت وذلك كشرط أساسي لتحريرها.
ولما كان الإنسان القديم ينظر لخصب الأرض وخصب الإنسان على أنهما مظهران لجوهر واحد، فقد كانت "إنانا" و"عشتار" ألهة للحب أيضاً، وارتبط بعبادتها الكثير من الطقوس الجنسية والاحتفالات الإباحية، وخصوصاً عندما كان عبادها يحتفلون بعودتها من العالم السفل في أعياد الربيع المشهورة بعد أن أمضوا أياماً في البكاء والعويل مشاركة لها في حزنها على تموز الغائب وخوفاً من آلا تعود من عالم الموتى الذي نزلت إليه.
وما زالت حتى الآن بعض الكلمات الدالة على الفعل الجنسي في اللغات السامية تجد أصولها في اسم "عشتار" كقولنا باللغة العربية "عاشرها" بمعنى ضاجعها.
أما اسمها لدى الكنعانين فهو "عناة" في أوغاريت، و"عستارت" أو "عشتروت" في بيبلوس وصيدون وغيرهما من مدن الشاطئ الجنوبي.
ولها أشكال كثيرة فنراها تحت اسم "أتارغاتيس" أو "بارات" وغيرهما وذلك في الفترات المتأخرة.
وعشتار هي كوكب "الزهرة" ابنة إله القمر "سن" ويعادلها عند الإغريق "أفروديت" وعند الرومان "فينوس". و بما إنّ الشهر القمري عادة ما يتألّف من 30 يوما فإنّ الرقم المقدّس للإله سين هو 30. و بما إنّ عشتار إبنته فإنّ رقمها المقدّس 15
وهي إلى جانب كونها آلهة للحب والخصب فإنها أيضاً آلهة للحرب والمعارك، فهي شجاعة تغشى الوغى مع عُبادها لتنصرهم على أعدائهم، وتمثلها بعض الأعمال الفنية مدججة بالسلاح على أسد متوثب.
حدد - أدد - إشكور
هو إله المطر والصواعق والسحاب والرعد وكل مظاهر الخصب عند السوريين، وهو مرادف للإله "بعل". و غالبا ما يظهر حاملا شوكة البرق، كرمز لسطوته على قوى العواصف الطبيعيّة.
الإله البابلي و الآشوري أدد كان يعرف لدى السومريّين بإسم إشكور، و غالبا ما كان يمثّل بصحبة تنين أسد أو ثور. زوجة أدد هي الإلهة "شالا".
الإله حدد هو أحد أهم آلهة سوريا القديمة حيث انتشرت عبادته بين شعوبها من شمالها وإلى ساحلها مرورا بعاصمتها الأزلية دمشق وحتى بلاد الرافدين ، وقد كان حدد إلهاً للعواصف والأمطار أو إلها للطقس حيث تذكر الأساطير القديمة عنه بأنه كان يتجول على متن عربته في السماء و يجلد الغمام بالسوط لتتساقط منها الأمطار بنما كان ثوره يزمجر مسببا صوت الرعد الذي يهز أركان الدنيا .
يرتبط هذا الإله الإسطوري بالاسم و الأصل والوظيفة مع الإله الأكادي أداد ، ويلقب حدد أيضا بـ بعل ولكن هذا اللقب لم يحصر به فقط فقد أطلقت شعوب سوريا التاريخية اسم بعل على آلهة أخرى أيضا.
اشتهرت مدن كثير في بلاد الشام بعبادة حدد وعلى رأسها دمشق حيث كان يقع معبده في مكان الجامع الأموي اليوم ، كما وجد في مدينة حلب أيضا معبد ذات أهمية كبيرة جدا لهذا الإله وكان يقع في أعلى نقطة من المدينة وهي قلعة حلب حاليا ، كما اكتشفت في تلك المنطقة خواتم أثرية نقشت عليها صورة الإله حدد ظهر فيها صولجانه و هو قابض على فأسه و على لجام عجلته و ثوره رابض عند رجليه .
كانت لحدد أهمية كبيرة في أساطير الساحل السوري لا سيما في ميثولوجيا مدينة أوغاريت
الإله آبسو
أحد ثلاثة آلهة بدئية، تحدر منها فيما بعد جميع الآلهة في الإسطورة البابلية كما تشكلت منها المادة الأساسية للكون فآبسو هو الماء العذب البدئي و"تعامة" زوجته الماء المالح البدئي، يمزجان أمواهما معاً في دعة واطمئنان وسكون أزلي وفوقهما ينتشر الضباب المنبعث منهما وهو الإله البدئي "ممو"
وقد قتل "آبسو" فيما بعد على يد الإله "إنكي" أو "إيا" في ثورة قام بها الآلهة الشابة.
الإلهة تعامة
هي المياه الأولى والمحيط البدئي، تنين العماء والهيولى الأصلية لدى البابليين، كانت منذ الأزل مع زوجها الإله "آبسو" المياه العذبة البدئية بدعة وطمأنينة يمزجان أمواهما معاً وفوقهما ينتشر الضباب "ممو" الإله البدئي الثالث.
ولكن الحال لايدوم على هذا المنوال فهذه الآلهة البدئية تبدأ في التناسل وتنجب عدداً كبيراً من الآلهة الشابة التي تتناسل بدورها ليأتي جيل من الآلهة يقوم بالثورة على هذه الآلهة البدئية حيث يموت الإله "آبسو" في الثورة على يد الإله "إنكي" إله الماء فيما بعد، وتموت الإلهة "تعامة" في الثورة الثانية على يد الإله "مردوخ" الذي يغدو سيد الآلهة جميعاً.
يقوم "مردوخ" بشطر "تعامة" إلى شطرين يرفع الأول سماء ويجعل الثاني أرضاً ويلتفت بعد ذلك لخلق بقية الكون وتنظيمه.
إيا – آنكي
"إنكي" إله المياه العذبة الباطنية عند البابليين، واسمه "إيا" عند السومريين. و هو إله الحكمة و الزراعة و البناء و السحر و الفن و الحرف اليدويّة.
و يظهر إيا كرجل ملتح محاط بمياه فوّارة. و يحرص على خدمة إيا إله بوجهين يدعى أوسمو – إيسيمود.
في ملحمة التكوين البابلية يتغلب هذا الإله على "الآبسو" المياه العذبة البدئية، حيث يقوم بعد قهره بحبسه في مسكن سفلي ويبني فوقه مسكنه. منذ ذلك الوقت والمياه العذبة خاضعة للإله "إنكي" يفجرها أنهاراً أو ينابيع في نظام محكم بديع.
وإنكي إلى جانب ذلك هو إله للمكر والدهاء والحيلة تماماً كالماء الذي يعرف طرقه وقنواته متحايلاً على الحواجز والعوائق.
كما أنه إله الحكمة والمعرفة العميقة تماماً كالماء الساكن عندما تنظر إليه لا تدرك له قرار.
أضف إلى ذلك كله بأن "إنكي" هو أيضاً إله السحر والقوى الغامضة وإليه تُعزى معظم أساطير خلق الإنسان أو الدور الرئيسي المباشر في خلقه. رموز إيا هي السمكة العنزة و صولجان برأس كبش. و تركّز الكثير من أساطير ما بين النهرين على طبيعة إيا المحب للمتعة و الأذى
في بداية أحد الأساطير السومريّة المسمّاة "إينانا و آنكي" (الأسماء السومريّة لعشتار و إيا) يسطير إيا على الـ"مي" و هي قواعد العالم
في أحد الأيّام، سَكِرَ كلّ من آنكي و إينانا و خدعته و أقنعته بأن يمنحها المي. و عندما أيقن إيا بأنّه قد منحها ال "مي" و ضاعت منه، قرّر أن يستعيدها منها. لكنّ إينانا أخذت ال "مي" إلى مدينتها. و قد فات الأوان على إيا ليستعيدها.
آنو – آن
آنو هو إله السماء. و هو كبير جميع الآلهة. رمزه قبّعة بقرون.
و تروي أساطير ما بين النهرين قصّة إنفصال الأرض عن السماء عند بداية الخلق. و حسب هذه الأساطير، فإنّ السماء أصبحت مسكن آنو.
آنو يسيطر على الشهب، المسمّاة "كيشرو". آنو أيضا مسؤول عن الثور السماوي و الذي يمكن إرساله إلى الأرض لينتقم للآلهة.
على الرغم من كون آنو من بين آلهة ما بين النهرين المهمّة، فلا توجد صور معروفة له
إلّـيـل – أنـلـيـل
أنليل هو أحد أهم آلهة ما بين النهرين. هو إله العواصف والهواء عند السومريين، وهو يأتي في المرتبة الثانية رسمياً بعد الإله"آن" إله السماء ورئيس مجمع الآلهة.
إلا أن قيام "إنليل" بتنظيم الكون وإخراجه من لجة العماء والهيولى الأولى قد أعطاه الأهمية الكبرى في مجمع الآلهة، مما جعله يحترز لنفسه معظم ما كان لـ"آن" من هيبة وسلطة، وكذلك بعد أن قام بفصل السماء عن الأرض بعد أن كانا ملتصقين في جبل واحد في قلب المحيط الأول البدئي.
استمر "إنليل" فيما بعد عضواً في مجمع الآلهة البابلية ولكن في مركز ثانوي لأن الإله "مردوخ" قد استولى على المركز الأول في هذا المجمع.
أنليل قويّ لدرجة أنّ الآلهة الأخرى لم تكن تستطيع النظر إليه. و لهذا لا يمثّل سوى على شكل قبّعة بقرون.
مدينة أنليل الرئيسيّة هي نيبور. و كان جميع ملوك ما بين النهرين يرسلون القرابين إليه هناك. إلّيل هو والد العديد من آلهة و إلهات ما بين النهرين.
إلّيل كان يحرس ألواح القدر. و هي نصوص مسماريّة كتبت عليها مصائر كل شيء على سطح الأرض.
الإله بَـعْـل
هو إله المطر والسحاب والصواعق وكل مظاهر الخصب عند السوريين وله اسم آخر وهو الإله "حدد" وتحت هذا الاسم دخل مجمع الآلهة البابلية.
وبالرغم من أنه بقي من الناحية الرسمية الإله الثاني بعد "إيل" رئيس مجمع الآلهة الكنعانية إلا أنه كان المفضل والمحبوب لدى عامة الناس فهو الإله الذي نظم الكون بعد تغلبه على المياه الأولى الممثلة بالإله "يم" المحيط البدئي والهيولى والعماء.
وهو نفسه الإله الذي دخل بعد ذلك في صراع كوني آخر مع الإله "موت" إله مملكة الظلام والموت والعالم الأسفل انتهى بخسارته المبدئية واستسلامه أمام الإله "موت"، ولكنه مالبث بمساعدة حبيبته الإلهة "عناة" أن عاد من عالم الموتى وانتصر على الإله "موت".
إلا أن عودته من عالم الظلام ليست عودة نهائية حيث أنه يعود كل سبع سنوات للصراع مع الإله "موت" حيث أن هذا الصراع هو صراع أبدي يتكرر كل سبع سنوات إلى الأبد ممثلاً تعاقب سنوات الخصب وسنوات القحط، هذا التعاقب المميز للمناخ السوري.
وللإله "بعل" أسماء أخرى منها الإله " النعمان"، والإله "آدون" الذي ارتحل إلى بلاد الإغريق فاسموه "أدونيس" وزوجوه من الإلهة "أفروديت" آلهة الحب والجمال.
الإله داجون
هو والد الإله "بعل" وهو في أصله إله زراعي ذو علاقة بالقمح والحبوب بصورة رئيسية ولكننا فيما بعد نجده وقد تحول إلى إله بحري لدى سكان فلسطين، وربما كان تحول السكان من زراع قمح إلى ملاحين بحارين قد جلب معه تحول في إله القمح وهو الغذاء الرئيسي للمزارع إلى إله بحري ذي علاقة بالأسماك وهي الغذاء الرئيسي لدى البحارة والصيادين من سكان الشواطئ.
سورية أول وأقدم موطن للحضارة الإنسانية قامت وتقاطعت فوق أرضها كافة حضارات الشرق،
وكانت المركز والموطن والمنطلق في العديد من الحضارات التي أعطت للعالم وللغرب خاصة الكثير من الفن والحضارة والعلوم،
ذكرت مراجع الحضارات السورية القديمة واليونانية والإغريقية قصص وروايات هي عبارة عن أساطير.
وسأسرد بهذا الموضوع شرح عن معظم الآلهة السورية القديمة التي دارت حولها الديانات السورية القديمة وأجمل الأساطير وأكثرها روعة على الإطلاق ...
أهم الرموز والآلهة في بلاد مابين النهرين
آشـــور
آشور هو كبير آلهة الآشوريين وهو صورة طبق الأصل عن الإله البابلي "مردوخ"
وقد قام الآشوريون بتبديل اسم مردوخ إلى آشور في معظم الأساطير التي ورثوها. و يظهر كرجل يرتدي قبّعة بقرون.
آشور هو الإله الرئيسي لأوّل عاصمة آشوريّة و التي تسمّى آشور أيضا. و قد أصبح أكثر أهميّة عندما حكم الآشوريّين بلاد ما بين النهرين.
آشور يمثّل أحيانا و هو يقود تنينا ثعبانيّا. و يصوّر على النصب الآشوريّة و المنحوتات البارزة و الأختام الإسطوانيّة.
مَـردوخ
مَردوخ هو إله مدينة بابل
عندما أضحت بابل عاصمة الإمبراطوريّة البابليّة "حوالي عام 1500 ق.مز" أصبح مردوخ أكثر أهميّة.
و يسمّى مردوخ أحيانا بيل و التي تعني الإله. رموز مردوخ هي المجرفة و التنين والأفعى.
و في الأساطير البابليّة، يقال بأنّ مردوخ قد قاتل جيشا من التنانين تقوده الإله "تيامت"،
و قد دخل تلك المعركة عندما إتّفقت الآلهة على إختياره لقيادتهم. و قد إصطاد تيامت، و قتلها و من ثمّ تمّ تتويجه ككبير للآلهة.
و كان مواطني بابل يحتفلون بمهرجان رأس السنة، و خلال المراسيم يركع الملك أمام تمثال مردوخ و يأخذ عهدا على نفسه بأنّه قد كان حاكما جيّدا
عـشـتـار – إيـنـانـا
عشتار هي نجمة الصباح و المساء "الكوكب الذي نسميه فينوس أو الزهرة" و إلهة الحب و الحرب.
هي آلهة الحب والخصب عند السومريين وبها ارتبطت مظاهر تبدل الطبيعة لأنها رضيت أن تهبط درجات الموت السبع، إلى العالم السفلي لتضمن للطبيعة نظاماً تتعاقب فيه الفصول تعاقباً يحفظ الحياة النباتية على الأرض،حيث أن الطقس الحار الذي ينضج القمح والفاكهة ليس بأقل أهمية من الشتاء البارد والماطر، وموت الخريف ليس إلا مرحلة تحضيرية للإنتعاش الحياة في الربيع.
فعند نزول عشتار إلى العالم الأسفل وهو عالم الموتى تغيب معها مظاهر الخصوبة في التربة وتتعرى الأشجار وتموت النباتات، وفي عودتها من العالم الأسفل من رحلتها الطويلة عودة قوية لقوى الخصوبة الممثلة فيها وانبثاق الخضرة والحياة في مملكة الزرع والنبات.
أما عند البابلين تتخذ "إنانا" اسم "عشتار" وتهبط للعالم الأسفل من أجل تحرير زوجها تموز الأسير هناك، وذلك بعكس "إنانا" التي أرسلت زوجها "دوموزي" للموت مكانها بعد أن صعدت وذلك كشرط أساسي لتحريرها.
ولما كان الإنسان القديم ينظر لخصب الأرض وخصب الإنسان على أنهما مظهران لجوهر واحد، فقد كانت "إنانا" و"عشتار" ألهة للحب أيضاً، وارتبط بعبادتها الكثير من الطقوس الجنسية والاحتفالات الإباحية، وخصوصاً عندما كان عبادها يحتفلون بعودتها من العالم السفل في أعياد الربيع المشهورة بعد أن أمضوا أياماً في البكاء والعويل مشاركة لها في حزنها على تموز الغائب وخوفاً من آلا تعود من عالم الموتى الذي نزلت إليه.
وما زالت حتى الآن بعض الكلمات الدالة على الفعل الجنسي في اللغات السامية تجد أصولها في اسم "عشتار" كقولنا باللغة العربية "عاشرها" بمعنى ضاجعها.
أما اسمها لدى الكنعانين فهو "عناة" في أوغاريت، و"عستارت" أو "عشتروت" في بيبلوس وصيدون وغيرهما من مدن الشاطئ الجنوبي.
ولها أشكال كثيرة فنراها تحت اسم "أتارغاتيس" أو "بارات" وغيرهما وذلك في الفترات المتأخرة.
وعشتار هي كوكب "الزهرة" ابنة إله القمر "سن" ويعادلها عند الإغريق "أفروديت" وعند الرومان "فينوس". و بما إنّ الشهر القمري عادة ما يتألّف من 30 يوما فإنّ الرقم المقدّس للإله سين هو 30. و بما إنّ عشتار إبنته فإنّ رقمها المقدّس 15
وهي إلى جانب كونها آلهة للحب والخصب فإنها أيضاً آلهة للحرب والمعارك، فهي شجاعة تغشى الوغى مع عُبادها لتنصرهم على أعدائهم، وتمثلها بعض الأعمال الفنية مدججة بالسلاح على أسد متوثب.
حدد - أدد - إشكور
هو إله المطر والصواعق والسحاب والرعد وكل مظاهر الخصب عند السوريين، وهو مرادف للإله "بعل". و غالبا ما يظهر حاملا شوكة البرق، كرمز لسطوته على قوى العواصف الطبيعيّة.
الإله البابلي و الآشوري أدد كان يعرف لدى السومريّين بإسم إشكور، و غالبا ما كان يمثّل بصحبة تنين أسد أو ثور. زوجة أدد هي الإلهة "شالا".
الإله حدد هو أحد أهم آلهة سوريا القديمة حيث انتشرت عبادته بين شعوبها من شمالها وإلى ساحلها مرورا بعاصمتها الأزلية دمشق وحتى بلاد الرافدين ، وقد كان حدد إلهاً للعواصف والأمطار أو إلها للطقس حيث تذكر الأساطير القديمة عنه بأنه كان يتجول على متن عربته في السماء و يجلد الغمام بالسوط لتتساقط منها الأمطار بنما كان ثوره يزمجر مسببا صوت الرعد الذي يهز أركان الدنيا .
يرتبط هذا الإله الإسطوري بالاسم و الأصل والوظيفة مع الإله الأكادي أداد ، ويلقب حدد أيضا بـ بعل ولكن هذا اللقب لم يحصر به فقط فقد أطلقت شعوب سوريا التاريخية اسم بعل على آلهة أخرى أيضا.
اشتهرت مدن كثير في بلاد الشام بعبادة حدد وعلى رأسها دمشق حيث كان يقع معبده في مكان الجامع الأموي اليوم ، كما وجد في مدينة حلب أيضا معبد ذات أهمية كبيرة جدا لهذا الإله وكان يقع في أعلى نقطة من المدينة وهي قلعة حلب حاليا ، كما اكتشفت في تلك المنطقة خواتم أثرية نقشت عليها صورة الإله حدد ظهر فيها صولجانه و هو قابض على فأسه و على لجام عجلته و ثوره رابض عند رجليه .
كانت لحدد أهمية كبيرة في أساطير الساحل السوري لا سيما في ميثولوجيا مدينة أوغاريت
الإله آبسو
أحد ثلاثة آلهة بدئية، تحدر منها فيما بعد جميع الآلهة في الإسطورة البابلية كما تشكلت منها المادة الأساسية للكون فآبسو هو الماء العذب البدئي و"تعامة" زوجته الماء المالح البدئي، يمزجان أمواهما معاً في دعة واطمئنان وسكون أزلي وفوقهما ينتشر الضباب المنبعث منهما وهو الإله البدئي "ممو"
وقد قتل "آبسو" فيما بعد على يد الإله "إنكي" أو "إيا" في ثورة قام بها الآلهة الشابة.
الإلهة تعامة
هي المياه الأولى والمحيط البدئي، تنين العماء والهيولى الأصلية لدى البابليين، كانت منذ الأزل مع زوجها الإله "آبسو" المياه العذبة البدئية بدعة وطمأنينة يمزجان أمواهما معاً وفوقهما ينتشر الضباب "ممو" الإله البدئي الثالث.
ولكن الحال لايدوم على هذا المنوال فهذه الآلهة البدئية تبدأ في التناسل وتنجب عدداً كبيراً من الآلهة الشابة التي تتناسل بدورها ليأتي جيل من الآلهة يقوم بالثورة على هذه الآلهة البدئية حيث يموت الإله "آبسو" في الثورة على يد الإله "إنكي" إله الماء فيما بعد، وتموت الإلهة "تعامة" في الثورة الثانية على يد الإله "مردوخ" الذي يغدو سيد الآلهة جميعاً.
يقوم "مردوخ" بشطر "تعامة" إلى شطرين يرفع الأول سماء ويجعل الثاني أرضاً ويلتفت بعد ذلك لخلق بقية الكون وتنظيمه.
إيا – آنكي
"إنكي" إله المياه العذبة الباطنية عند البابليين، واسمه "إيا" عند السومريين. و هو إله الحكمة و الزراعة و البناء و السحر و الفن و الحرف اليدويّة.
و يظهر إيا كرجل ملتح محاط بمياه فوّارة. و يحرص على خدمة إيا إله بوجهين يدعى أوسمو – إيسيمود.
في ملحمة التكوين البابلية يتغلب هذا الإله على "الآبسو" المياه العذبة البدئية، حيث يقوم بعد قهره بحبسه في مسكن سفلي ويبني فوقه مسكنه. منذ ذلك الوقت والمياه العذبة خاضعة للإله "إنكي" يفجرها أنهاراً أو ينابيع في نظام محكم بديع.
وإنكي إلى جانب ذلك هو إله للمكر والدهاء والحيلة تماماً كالماء الذي يعرف طرقه وقنواته متحايلاً على الحواجز والعوائق.
كما أنه إله الحكمة والمعرفة العميقة تماماً كالماء الساكن عندما تنظر إليه لا تدرك له قرار.
أضف إلى ذلك كله بأن "إنكي" هو أيضاً إله السحر والقوى الغامضة وإليه تُعزى معظم أساطير خلق الإنسان أو الدور الرئيسي المباشر في خلقه. رموز إيا هي السمكة العنزة و صولجان برأس كبش. و تركّز الكثير من أساطير ما بين النهرين على طبيعة إيا المحب للمتعة و الأذى
في بداية أحد الأساطير السومريّة المسمّاة "إينانا و آنكي" (الأسماء السومريّة لعشتار و إيا) يسطير إيا على الـ"مي" و هي قواعد العالم
في أحد الأيّام، سَكِرَ كلّ من آنكي و إينانا و خدعته و أقنعته بأن يمنحها المي. و عندما أيقن إيا بأنّه قد منحها ال "مي" و ضاعت منه، قرّر أن يستعيدها منها. لكنّ إينانا أخذت ال "مي" إلى مدينتها. و قد فات الأوان على إيا ليستعيدها.
آنو – آن
آنو هو إله السماء. و هو كبير جميع الآلهة. رمزه قبّعة بقرون.
و تروي أساطير ما بين النهرين قصّة إنفصال الأرض عن السماء عند بداية الخلق. و حسب هذه الأساطير، فإنّ السماء أصبحت مسكن آنو.
آنو يسيطر على الشهب، المسمّاة "كيشرو". آنو أيضا مسؤول عن الثور السماوي و الذي يمكن إرساله إلى الأرض لينتقم للآلهة.
على الرغم من كون آنو من بين آلهة ما بين النهرين المهمّة، فلا توجد صور معروفة له
إلّـيـل – أنـلـيـل
أنليل هو أحد أهم آلهة ما بين النهرين. هو إله العواصف والهواء عند السومريين، وهو يأتي في المرتبة الثانية رسمياً بعد الإله"آن" إله السماء ورئيس مجمع الآلهة.
إلا أن قيام "إنليل" بتنظيم الكون وإخراجه من لجة العماء والهيولى الأولى قد أعطاه الأهمية الكبرى في مجمع الآلهة، مما جعله يحترز لنفسه معظم ما كان لـ"آن" من هيبة وسلطة، وكذلك بعد أن قام بفصل السماء عن الأرض بعد أن كانا ملتصقين في جبل واحد في قلب المحيط الأول البدئي.
استمر "إنليل" فيما بعد عضواً في مجمع الآلهة البابلية ولكن في مركز ثانوي لأن الإله "مردوخ" قد استولى على المركز الأول في هذا المجمع.
أنليل قويّ لدرجة أنّ الآلهة الأخرى لم تكن تستطيع النظر إليه. و لهذا لا يمثّل سوى على شكل قبّعة بقرون.
مدينة أنليل الرئيسيّة هي نيبور. و كان جميع ملوك ما بين النهرين يرسلون القرابين إليه هناك. إلّيل هو والد العديد من آلهة و إلهات ما بين النهرين.
إلّيل كان يحرس ألواح القدر. و هي نصوص مسماريّة كتبت عليها مصائر كل شيء على سطح الأرض.
الإله بَـعْـل
هو إله المطر والسحاب والصواعق وكل مظاهر الخصب عند السوريين وله اسم آخر وهو الإله "حدد" وتحت هذا الاسم دخل مجمع الآلهة البابلية.
وبالرغم من أنه بقي من الناحية الرسمية الإله الثاني بعد "إيل" رئيس مجمع الآلهة الكنعانية إلا أنه كان المفضل والمحبوب لدى عامة الناس فهو الإله الذي نظم الكون بعد تغلبه على المياه الأولى الممثلة بالإله "يم" المحيط البدئي والهيولى والعماء.
وهو نفسه الإله الذي دخل بعد ذلك في صراع كوني آخر مع الإله "موت" إله مملكة الظلام والموت والعالم الأسفل انتهى بخسارته المبدئية واستسلامه أمام الإله "موت"، ولكنه مالبث بمساعدة حبيبته الإلهة "عناة" أن عاد من عالم الموتى وانتصر على الإله "موت".
إلا أن عودته من عالم الظلام ليست عودة نهائية حيث أنه يعود كل سبع سنوات للصراع مع الإله "موت" حيث أن هذا الصراع هو صراع أبدي يتكرر كل سبع سنوات إلى الأبد ممثلاً تعاقب سنوات الخصب وسنوات القحط، هذا التعاقب المميز للمناخ السوري.
وللإله "بعل" أسماء أخرى منها الإله " النعمان"، والإله "آدون" الذي ارتحل إلى بلاد الإغريق فاسموه "أدونيس" وزوجوه من الإلهة "أفروديت" آلهة الحب والجمال.
الإله داجون
هو والد الإله "بعل" وهو في أصله إله زراعي ذو علاقة بالقمح والحبوب بصورة رئيسية ولكننا فيما بعد نجده وقد تحول إلى إله بحري لدى سكان فلسطين، وربما كان تحول السكان من زراع قمح إلى ملاحين بحارين قد جلب معه تحول في إله القمح وهو الغذاء الرئيسي للمزارع إلى إله بحري ذي علاقة بالأسماك وهي الغذاء الرئيسي لدى البحارة والصيادين من سكان الشواطئ.
Comment