لقد تغير ولدي وما عدت أعرف كيف أربيه؟ بعدما كان يجلس في حضني ، ويلعب معي لعبة الحنان ، ويقترب من إذني ليطلب الحب والغفران !! أضحى بعيدا عني ! ولمست به أيام طفولتي كيف بدوري تمردت على أمي الحبيبة ، وكيف ابتسم والدي وضمني وقال لأمي الدامعة : لقد كبر الأولاد ونحن مازلنا نزداد شبابا !!! لقد تحول ولدي الهادئ المطيع إلى عصبي ،أو أنه بدأ يعيش عالمه الخاص لقد تفتحت عيناه وربما دخل جمر الحب قلبه ؟ بدا القلق على زوجتي وبدأت أخاف من الزمن فما السر يا ترى ؟؟؟؟؟انه سن المراهقة المرعب فهو امتحان صعب فيه يكرم المرء أو يهان وكي نحافظ على أطفالنا رأيت أنه علينا أن نتعلم القليل عن هذه المرحلة من عمر الإنسان ألا وهي مرحلة المراهقة .
وسأحدثكم تسلسلا عن هذه المرحلة لأهميتها في بناء شخصية المرء وبالتالي بناء مجتمع ناضج .
مفهوم المراهقة:
المراهقة تعني حرفيا الاقتراب من الشيء وهنا تعني الاقتراب من النضج والرشد …المراهقة إذا هي : الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي ، ولكنه ليس النضج نفسه؛ لأن الفرد في هذه المرحلة يبدأ بالنضج العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى 10 سنوات ، والبلوغ هو جانب من جوانب المراهقة وهو يعني اكتمال الوظائف الجنسية وقدرتها على أداء وظيفتها وهو يسبق المراهقة زمنيا فهو أول دليل للدخول في سن المراهقة ويشير ذلك إلى حقيقة مهمة، وهي أن النمو لا ينتقل من مرحلة إلى أخرى فجأة، ولكنه تدريجي ومستمر ومتصل، فالمراهق لا يترك عالم الطفولة ويصبح مراهقاً بين عشية وضحاها، ولكنه ينتقل انتقالاً تدريجياً، ويتخذ هذا الانتقال شكل نمو وتغير في جسمه وعقله ووجدانه.
وجدير بالذكر أن وصول الفرد إلى النضج الجنسي لا يعني بالضرورة أنه قد وصل إلى النضج العقلي، وإنما عليه أن يتعلم الكثير والكثير ليصبح راشداً ناضجاً.
حيث ينمو الجسم من الداخل فسيولوجياً وهرمونياً وكيماوياً وذهنياً وانفعالياً، ومن الخارج والداخل معاً عضويا .
تعد المراهقة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان ضمن أطواره المختلفة التي تتسم بالتجدد المستمر، والترقي في معارج الصعود نحو الكمال الإنساني الرشيد، ومكمن الخطر في هذه المرحلة التي تنتقل بالإنسان من الطفولة إلى الرشد، هي الصراعات المتعددة الذي يمر بها المراهق إن كانت صراعات داخلية أو خارجية .
مراحل المراهقة:
تقسم مراحل المراهقة إلى ثلاث مراحل وتختلف المدة الزمنية من مجتمع لأخر وهذه المراحل ، هي :
1- مرحلة المراهقة الأولى (11-14 عاما)، وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة.
2- مرحلة المراهقة الوسطي (14-18 عاما)، وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية.
3- مرحلة المراهقة المتأخرة (18-21)، حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنساناً راشداً بالمظهر والتصرفات.
* علامات بداية مرحلة المراهقة وأبرز خصائصها وصورها الجسدية والنفسية:
من التحولات التي تطرأ على المراهق مايلي :
1 – النمو الجسدي: حيث تظهر قفزة سريعة في النمو، طولاً ووزناً، حيث يزيد
الطول من 10:15 سم ويزيد الوزن من 5:10 كجم
و تختلف بين الذكور والإناث، فتبدو الفتاة أطول وأثقل من الشاب خلال مرحلة المراهقة الأولى، وعند الذكور يتسع الكتفان بالنسبة إلى الوركين، وعند الإناث يتسع الوركان بالنسبة للكتفين والخصر، وعند الذكور تكون الساقان طويلتين بالنسبة لبقية الجسد، وتنمو العضلات.
2- النضوج الجنسي: يتحدد النضوج الجنسي عند الإناث بظهور الدورة الشهرية، ولكنه لا يعني بالضرورة ظهور الخصائص الجنسية الثانوية (مثل: نمو الثديين وظهور الشعر تحت الإبطين وعلى الأعضاء التناسلية)، أما عند الذكور، فالعلامة الأولى للنضوج الجنسي هي زيادة حجم الخصيتين، وظهور الشعر حول الأعضاء التناسلية لاحقاً، مع زيادة في حجم العضو التناسلي، وفي حين تظهر الدورة الشهرية عند الإناث في حدود العام الثالث عشر، يحصل القذف المنوي الأول عند الذكور في العام الخامس عشر تقريباً.
3- التغير النفسي: إن للتحولات الهرمونية والتغيرات الجسدية في مرحلة المراهقة تأثيراً قوياً على الصورة الذاتية والمزاج والعلاقات الاجتماعية، فظهور الدورة الشهرية عند الإناث، يمكن أن يكون لها ردة فعل معقدة، تكون عبارة عن مزيج من الشعور بالمفاجأة والخوف والانزعاج، بل والابتهاج أحياناً، وذات الأمر قد يحدث عند الذكور عند حدوث القذف المنوي الأول، أي: مزيج من المشاعر السلبية والإيجابية. ولكن المهم هنا، أن أكثرية الذكور يكون لديهم علم بالأمر قبل حدوثه، في حين أن معظم الإناث يتكلن على أمهاتهن للحصول على المعلومات أو يبحثن عنها في المصادر والمراجع المتوافرة.
ويرافق التغير النفسي عدة جوانب وهي :الجانب العقلي :
في هذه المرحلة يتحول المراهق والمراهقة من التفكير المادي إلى التفكير المجرد المعنوي ، ويتحول من التفكير الفردي إلى التفكير شبة الجماعي ومن التفكير الموجه للخارج فقط إلى التفكير القادر على تأمل الذات وتأمل المحيط الخارجي في الوقت نفسه .
الجانب الانفعالي :
تظهر في هذه المرحلة موجات من الغضب عند المراهقين أكثر من غيرهم ويتم التعبير عنها بالانفعالات الشديدة أو المباشرة كالمصارعة والمضاربة والتحدي ويتسرع المراهق في انجاز القرارات وفي الحصول على ما يريد ولكن مع التربية السليمة يستطيع المراهق أن يتحول إلى شخص يثق في نفسه وفي الآخرين .
الجانب الاجتماعي :
ينمو المراهق اجتماعيا ويكون علاقات وصداقات اجتماعية ولكن يحدث ما يسمى بالتمرد والعصيان وعدم تقبل آراء الآخرين .وهكذا نجد أن المراهقين تستهويهم النزوات ، وهم عدوانيين وليس من السهل السيطرة عليهم وهم دائمًا على استعداد لأن يذهبوا إلى آخر مدى بنزواتهم وآرائهم ويقول دائما أنني على حق .
* مشاكل المراهقة:
إن المراهقة تختلف من فرد إلى آخر، ومن بيئة جغرافية إلى أخرى، ومن سلالة إلى أخرى، ومن حضارة إلى أخرى ، وكذلك تختلف في مجتمع المدينة عنها في المجتمع الريفي، كما تختلف من المجتمع المتزمت الذي يفرض كثيراً من القيود والأغلال على نشاط المراهق، عنها في المجتمع الحر الذي يتيح للمراهق فرص العمل والنشاط، وفرص إشباع الحاجات والدوافع المختلفة.
وهناك أشكال مختلفة للمراهقة، منها:
1- مراهقة سوية هادئة تكاد تخلو من المشكلات والصعوبات.
2- مراهقة انسحابية، حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة، ومن مجتمع الأقران، ويفضل الانعزال والانفراد بنفسه، حيث يتأمل ذاته ومشكلاته.
3- مراهقة عدوانية، حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء. وقد يميل المراهق إلى الجدل من أجل الجدل في كل صغيرة وكبيرة وربما كان ذلك من أسباب اختلاف آرائهم عن آراء آبائهم .
والصراع لدى المراهق ينشأ من التغيرات البيولوجية، الجسدية والنفسية التي تطرأ عليه في هذه المرحلة، فجسدياً يشعر بنمو سريع في أعضاء جسمه قد يسبب له قلقاً وإرباكاً، وينتج عنه إحساسه بالخمول والكسل والتراخي، كذلك تؤدي سرعة النمو إلى جعل المهارات الحركية عند المراهق غير دقيقة، وقد يعتري المراهق حالات من اليأس والحزن والألم التي لا يعرف لها سبباً، ونفسيا يبدأ بالتحرر من سلطة الوالدين ليشعر بالاستقلالية والاعتماد على النفس، وبناء المسؤولية الاجتماعية، وهو في الوقت نفسه لا يستطيع أن يبتعد عن الوالدين؛ لأنهم مصدر الأمن والطمأنينة ومنبع الجانب المادي لديه، وهذا التعارض بين الحاجة إلى الاستقلال والتحرر والحاجة إلى الاعتماد على الوالدين، وعدم فهم الأهل لطبيعة المرحلة وكيفية التعامل مع سلوكيات المراهق، وهذه التغيرات تجعل المراهق طريد مجتمع الكبار والصغار، إذا تصرف كطفل سخر منه الكبار، وإذا تصرف كرجل انتقده الرجال، مما يؤدي إلى خلخلة التوازن النفسي للمراهق، ويزيد من حدة المرحلة ومشاكلها.
وهكذا نرى أنه هناك بعض المشكلات تواجه المراهق وهي القلق والخوف والاضطرابات الجنسية والشخصية وأصعبها عدم قدرته على اتخاذ القرار ويبقى مترددا دون إدراك السبب .
وهكذا أشرفت على إنهاء المقالة على أمل اللقاء في المرحلة القادمة ومشاكل المراهقة وسبل حلها راجيا أن أكون قد وفقت بنقل جزء بسيط عن هذه المرحلة التي تستوجب الوقوف عندها والتأمل والصبر من قبل الجميع فكونوا معنا والى اللقاء لاحقا ..وشكرا للجميع !!!
د. رغد دره
منقول من موقع الفنان التشكيلي غيث العبدالله
شكرا لكم ودمتم بخير
Comment