احاول في هذة الاسطر تقديم رواية للحب السماوي الذي بزغت انواره بين قلبي الاديبين جبران خليل جبران ومي زيادة
اهدي هذه الرواية الى
Realism Girl
والى كل عشاق جبران خليل جبران ومي زيادة
رواية الحب السماوي
ان هذه الرواية واقعية من حيث شخصياتها لكنها اقرب الى الخيال من حيث وقائعها ولعل الكلمة المجنحة ابرز ابطالها
اننا امام رجل وأمرأى لم بلتقيا الا على الورق ومع ذلك اثر كل منهما في الاخر اثراً عميقاً بل بأمكاننا القول ان المرأة وهبت هذه العلاقة حياتها وشبابها فقاومت من اجلها رغبة اصيلة في اعماق المرأةالشرقية وربما الغير شرقية
ان هذه التضحية اسهمت في مأساتا فدمرت مستقبلها خاصة حين انطفأ جبران فبدأت تنطفئ بعده رويداً رويدً
بعد ان انتهت مي من قراءة قصة جبران خليل جبران((مرتا البانية))1912 حدثت نفسها قائلة ما اقرب ادبه الى نفسي احس ان ثمة قرابة ما بين كلمته وكلماتي لم لا اكتب اليه وأحدثه عن اعجابي به
لن اكتب اليه يظنني فتاه تبحث عن طريقة تمضي فيها اوقات فراغها
اذن علي ان احدثه عن نقسي عن ديوان شعري الاول ((ازهار حلم)) الذي كتبته بالفرنسية واحدثه عن بعض مقالاتي بالعربية انني بحاجة الى صديق مثله احاوره ويحاورني في كل ما يتعلق بالادب فيفتح لي افاقاً جديدة
انني لست اقل من الاديبة الغربية التي كانت تراسل فولتير مراسلة الند للند لست متطفلة ولن اكون كلنا بحاجة الى حوار الافكار .
تكتب ماي رسالتها الاولى (اذار 1912) متحدثه فيها عن نفسها وانها وحيدة والديها تعيش معهما غريبة في مصر ثم تقول اننا في الشرق نتلقى ادبك بفرح غامر تدهشنا لغتك المفعمة بالحيوية والحرية والخيال تمتعنا عوالمك الجميلة ....
تلقى جبران رسالتها فأنس الغريب بالغريب وكتب اليها مشجعاً استمرار المرسالة بينهما مهدياً اياها كتابه (( الاجنحة المتكسرة))
الذي تقرأه وتكتب رايها فيه بصراحة(اننا لا نتفق في موضوع الزواج يا جبران انا احترم افكارك واجل مبادئك لانني اعرفك صادقا في تعزيزها مخلصاً في لدفاع عنها وكلها ترمي الى مقاصد شريفة واشاركك في المبدأ الاساسي القائل بحرية المرأة فالمرأة يجب ان تكون كالرجل مطلقة الحرية بأنتخاب زوجها من بين الشباب لا مكيفة حياتها في الغالب الذي اختاره لها الجيران والمعارف بواجبات تلك الشركة انت تسمي هذه ((سلاسل ثقيلة حبكتها الاجيال)) وانا اقول انها سلاسل ثقيلة نعم ولكن حبكتها الطبيعة التي جعلت المرأة ماهي فأن توصلالفكر لى كسر قيود الاصطلاح والتقاليد فلن يتوصل الة كسر قيود الطبيعة لان احكامها فوق كل شيئ ... عند الزواج تعد المرأة بالامانة فعندما تجتمع سراً برجل اخر تعد مذنبة ازاء المجتمع والواجب والعائلة
يقرأ جبران رسالتها فيحدث نفسه قائلاً: انها ابنة الشرق تحترم قوانينه واعرافة ترى المرأة حرة في اطار الشرعية لا تريد ان تكون متمردة مثلي ربما لانها لم تعاني كما عانيت من بؤس التقاليد وتفاهتها لهذا تبدو راضيا بها .
الخلاف الفكري بيننا كبير انها فتاة محافظة ترفض التمرد تسعى للتأقلم مع محيطها كي لا ينبذها مجتمعها وهذا حقها . ما احوجني الى صداقتها انها اديبة مثقفة تحاول ان تجعل حياتها متفردة رغم تعلقها بقيود الشرق يكفي انها صوت الوطن والحلم تحدثني بهومه وتشركني بحمل اعبائه؟
كتبت له ماي ( جاء متصرف لبنان الجديد منذ ساعة وصوله اخذ باعزل والنصب تابعاً في ذلك خطة سلفائه الكرام واللبنانيون يتملقون ويقبلون اقدامه اعوذ بالله من المظلوم ان حكم ترى متى نرى بيننا شخصيات فولاذية؟؟؟ ومتى ينفض البناينون عن نفوسهم غبار الهو ان لماا لا تكتب في هذا المعنى .. الجمهور يحب افكارك يا جبران ويترنم بها فقل لهم كلمة تذكرهم انهم رجال وان الرجوله لا تطيق الذل !!
فكتب جبران((ويل لأمة تقابل كل فاتح بالتطبيل ولتزمير ,ويل لأمة لاترفع صوتها الا اذا سارت وراء النعش ولا تفاخر الا اذا وقفت في المقبرة ولا تتمرد الا وعنقها بين السيف والنطع ويل لأمةعاقلها ابكم وقويها اعمى ومحتالها ثرثار...))
فتحدث نفسها مي بعد ان تقرأهذا لكلام الحمدلله استجاب لندائي الان بدأت اعرف القليل من السعادة انا التي اعتادت الكأبة والحزن بدأت احس بأنتعاش جميع الاشياء انتعاش الخارج من ازمة .. ترى ما بي الوب جائعة عطشى اقول ما يجب الا يقال وافعل ما يجب الا يفعل ترى ما بي ارقب ماليس بالموجود واشتاق ما يس بالبادي !!! اهل امل غزاة نفسي فثقل علي فؤادي الذي اعتاد القنوط؟ ام قرب تهليل الامل بأس ينتحب وشعور بالفشل طالما خالط الرجاء؟اه يجب ان اتوقف عن مراسلته بدأت اتعلق بكلماته باتت مراسلته اكثر من حوار ادبي محايد.
نجدها تتوقف عن مراسلته قرابة سنتن حتى(1914) ثم نجدها تعود لكتابة فتحدثه عما اصابها في الصيف حين كسرت يدها اثناء ركوبها الخيل في لبنان .
فنجده يكتب الها((حضرة الاديبة الفاضلة...لقد فكرت بأمور كثيرة في تلك الشهور الخرساء لكنه لم يخطر ببالي كونك شريرة لنعد الى متابعة الحديث الذي بدأناه منذ عامين . كيف انتي؟
مي : انا بخير لم اعد ركب الخيل لهذا عدت الى مصر صحيحة الذراعين , حدثني انت كيف صحتك.
جبران: صحتي اشبه بحديث السكران وقد صرفت الصيف والخريف متنقلاً في اعالي الجبال وشواطئ البحر ثم عدت الى نيويورك لمتابعة الاعمال ومصارعة الاحلام(تلك الاحلام الغريبة التي تصعد بي لىة اعالي الجبال وتهبط بي الى اعماق الوادي)
مي:حدثني عن نفسك, ماذا تهوى غير الكتابة والرسم؟ هل تحسن العزف على الة موسيقية مثلي ؟
جبران: بكل اسف لا احسن لكنني احب الموسيقى محبتي الحياة ولي ميل الى الموسيقى الغربية كميلي للموسيقى الشرقية افضل القطع المعروفة بالسيمفونية والسوناتا على الاوبيرا لانها تخلو من البساطة الغنية التي تناسب ذوقي ولان حدثيني عنكِ
مي: احسن العزف على الة البانو والة شرقية العود
جبران:اسمحي لي اناغبط يدكي على عودك وعودك على يدك وارج ان تذكري اسمي مشفوعاً كلما ضربت نغم النهوند اوتار عودك فهو نغم احب
مي: هل توصي شيئ من مصر؟
جبران:هلا تكرمت بذكري امام هيبة ابو الهول عندما كنت في مصر كنت اذهب مرتي في الاسبوع واصرف الساعات جلسا على الرمال الذهبي محدقاص به اما ابو الهول فكان يبتسم لي ويملأ قلبي بحزن عذب وندبات مستحبة
مي تحدث نفسها) طلب مني في هذه الرسالة ان اذكر اسمه مرتينيبدو انني حزت مكاناص في قلبه كما حاز؟
تتوقف المراسلة بينهما بسبب الحرب من(1914-1919) ثم نجد مي ترسل له مقالتها اواخر عام(1918) التي نشرتها في المقتطف فيبين في (1919/1/24) جبران رأيه فيها فيقول: وجدت في مقالتك سرباً من تلك الميول والمنازع التي طالما حامت حول فكرتي وتتبعت احلامي ان مقالتك هذه تبين سحر موهبتك وغزارة اطلاعك وملامحة ذوقك في الانتقاء والانتخاب
مي تحدث نفسها: انه يريد ان يسمع صوت نفسي ليعرفني اكثر ! تراني استطيع الحديث عن نفسي بحرية ؟ انه يريدني ان اكون كالكاتبة الغربية التي سبقتني بمراحل كبيرة سأسله عن وقع رسائلي في نفسه...
في (1919/2/7) يكتب لها جبران (عزيزتي الانسة ميلقد اعادت رسائلك الى نفسي ذكرى الف ربيع والف خريف هل تعلمين يا صديقتي اني كنت اجد في حديثنا المتقطع التعزية والانس ولطمأنينة)
مي تحدث نفسها: بدأ يلغي الالقاب الرسمية التي كان يخاطبني بها بل هذه او مرة ناديني ب((صديقتي)) كم كنت سعيدة بهذا التقارب الروحي ليتك يا جبران تحدثني لم تجد ذللك كله في حديثنا؟؟ بم تهمس في اذن خيالك حين ترد رسالتي اليك.
جبران: هناك في مشارق لارض صبية ليست كالصبايا قد دخلت هيكل الادب ووقفت في قدس الاقداس ثم اتخذت بلادي بلاداً لها وقومي قوماً لها هذة هي الانشودة التي كنت اهمس بها كلما وردت رسالة منك
مي: لنعد الى الجد مابالك تعاتبني على مقال ابي الهول ! هل نسيت انك انت الذي طلبته لتنشره لي في مجلة ((الفنون))
جبران:انني لم اطلب منك الا بعد الحاح مستمر من صاحب المجلة فأن من طبعي استهجان اقتراح المواضيع على الادباءخصوصاً تلك الفئة القليلة التي لا تدوم الا ما توحيه اليهم
مي: لو قلت لك لا ميل لي في كتابة هذا المقال ماذا ستقول؟
جبران:لتعش مي طويلاً فهي ذات مزاج فني لا غش فيه, غلى اي حال سأسبقك في كتابة مقالة في ابتسامة ابو الهول! ثم سأنظم قصيدة في ابتسامة مي, ولو كانت لدي صورتك مبتسمة لفعلت اليوم
مي: بينها وبين نفسها (بدأت كلماته تهد قلاعي )
جبران :ما رأيك في كتابي (المجنون)
مي : ادخلني كهوفاً مظلمة احسست ان فيه قسوة غريبة!
جبران : انا الان لم اسمع بمثل هذا الانتقاد, مع انني قرأت الكثير مما نشر عنه في الجرائد والمجلات الامريكية والانكليزية ماذا ينفع الانسان اذا ربح استحسان العالم وخسر استحسان مي !!
مي : (بينها وبين نفسها ) بدأ يلغي لغة الالقاب والرسميات بطريقة مدهشة لا استطع رفضه
ثم تسأله : لم اجد في طتابك ملاذاً سماوياص بل اثار في الرهبة والخوف اهذه هي كهوف روحك؟؟؟
جبران: ماذا اقول عن كهوف روحي تلك الكهوف التي تخيفك انني التجئ اليها عندما اتعب من سبل الناس الواسعةة وحقولهم المزهرة وغاياتهم المتعرشة انني ادكل كهوف روحي عندما لا اجد مكاناً اخر اسند اليه رأسي ولو كان البعض من احبهم الشجاعة لدخول تلك الكهوف لما وجدو فيها سوى رجل راكع على ركبتيه وهو يصلي .
مي: كيف تريد لأحد ان يفهمك وانت القائل في ((مجنونك))( ان الذين يدركون خبايا نفوسنا يأسرون شيئاً منها)
جبران:لا لا اريد ان يفهمني بشري اذا كان فهمه اياي ضرباً من العبودية المعنوية ما اكثر الذين يتوهمون انهم يفهموننا لانهم وجدوا في بعض مظاهرنا شيئاً شبيهاً بما اختبروه مرة في حياتهم .
ها قد وصلت الى نهاية رسالتي ولم اقل كلمة واحدة مما قصدت قوله عندما بدأت ولكن من يا ترى يقدر ان يحول الضباب اللطيف الى تماثيل وأنصاب؟ انتي يا مي التي تسمع ما وراء الاصوات سترى في الضباب الصور والاشباح والسلام على روحك الجميلة ووجدانك النبيل وقلبك الكبير ولله يحرسك
مي : بينها وبين نفسها. ما هي الكلمة التي تريد ان تقولها يا ترى ؟ ولكن ما معنى هذا الكلام ؟ ما معنى هذه العلاقة؟ انها بلا حدود وبلا اطر. لن ارد عليه
تتوقف مي عن مراسلته اكثر من ثلاثة اشهر لكن تراسله حين يرسل لها كتابه (المواكب) (1919/5/10) قائلا(( هو كما تجدينه حلم لم يزل نصفه ضباباً والنصف الاخر كاد يكون جسماً محسوساً فأن استحسنت فيه شيئاً تحول الى حقيقة وان لم تستحسني عاد الى مثل ما كان عل
مي: رائعة قصائدك في ((المواكب)) سأتظهر ابيات ذات الصور الاخاذة
جبران: ان استحسانك ((المواكب)) قد جعلها عزيزة لدي
مي : ليتني اسمع كل ما يقوله الغريبون عنك
جبران: الف شكر على هذه الغيرة والاهتمام القوي , لقد قالو الشيئ الكثير وكانوا مبالغين في اقوالهم متوهمين وجود الجمل في وكر الارنب ان الغربيين قد ولت اشباح ارواحهم وضجروا من ذواتهم فأصبحو يتمسكون بالغريب المألوف وخصوصاً اذا كان شرقياً
مي: ترى كيف تتلقى رسائلي ؟
كتب لها جبران في (1919/7/10) قائلاً ( رجعت اليوم من سفري فوجدت رسائلك الثلاث بل هذه الثروة الجليلة قد وصلت فأنصرفت عن كل ما وجدته بأنتظاري في هذا المكتب لاصرف نهاري مصغياً الى حديثك الذي يتمايل بين العذوبة والتعنيف لانني وجدت في رسالتك بعض الملاحظات التي لو سمحت لنفسي الفرحة ان تتألم لتألمت منها ولكن كيف اسمح لنفسي النظر الى شبه سحابة في سماء صافية مرصعة بالنجوم
مي: الا تلاحظ معي اننا نختلف في امور كثيرة ماذا نفعل بهذه الخلافات ؟
جبران : لنضع خلافاتنا واكثرها لفظية في صندوق من ذهب لنرم بها في بحر من الابتسامات
مي: بعد ان وضعت خلافاتنا في صندوقك الذهبي كيف رأيت رسائلي؟
جبران:ما اجمل رائلك يا مي وما اشهاها فهي كنهر من الرحيق يتدفق مترنحاً في وادي احلامي بل هي كقيثارة (اورفيوس) تقرب البعيد وتبعد القريب
مي: لم لا تهرب الى الشرق الا تشتاق للوطن؟
جبران:سوف يجيئ يوم اهرب به الى الشرق
مي: تحدث نفسها , وماذا بعد الصداقة يا جبران ؟كلماتك تؤجج في قلبي عواطف عميقة بت تعيش معي لحظة بلحظة
جبران: منذ كتبت لكي وانتي في خاطري وقد صرفت الساعات الطوال مفكراً بك مخاطباً اياك مستجوباً خفاياك مستقصياً اسرارك والعجيب انني شعرت مرات عديدة بوجود ذاتك الاثيرة في هذا المكتب ترقب حركاتي وتكلمني وتحاورني وتبدي رأيها في اعمالي
مي: لن استغرب كلامك هذا الم اقل لك(ان بين العقول مساجلة وبين الافكار تبادلاً قد لا يتناوله الادراك الحسي
جبران : في الاونة الاخيرة قد تحقق لي وجود رابطة معنوية دقيقة قوية غريبة تختلف بطبيعتها ومزاياها وتأثيرها عن كل رابطة اخرى فهي اشد وابقى بما لا يقاس من الروابط الدموية والجنينية وحتى الاخلاقية
مي:تحدث نفسها هاهو يعرض عواطفه بطريقة سحرية ان مشاعره هي مشاعري ولكن افكاره عن هذه الرابطة يا ترى أهي نفس افكاري؟ انك تعرض علي علاقة اشبه بالحلم اذن ماهذا التفاهم الذي تكتنفه الاحلام والغرابة؟
جبران: في هذا التفاهم يا مي اغنية عميقة هادئة نسمعها في سكينة الليل فتنتقل بنا الى ما وراء الليل الى ما وراء النهار الى ما وراء الزمن الى ما وراء الابدية.استعطفك ان تكتبي الي بالروح المطلقة المجردة المجنحة التي تعلو فوق سبل البشر
مي: لن استطيع الاستجابة لك لا يمكنني ان اكتب بتلك الروح المجنحة التي تعلو فوق سبل البشر انك يا جبران تجردني من بشريتي حيث تسبغ علي علاقتك السماويةاريد علاقة ارضية اعيش فيها انسانيتي يا جبران
جبران:هل تظنين حقيقة وانت ابعد الناس فكراً ان التهكم الدقيق ينبت في حقل يفلحه الالم وتزرعه الوحشة ويحصده الجوع والعطش
مي:سيبقى زمن الصمت ممتداً بيني وبينك مادام عقلي لم يستوعب عنصرك الشفاف هذا
وبعد اسبوعين تلقت مي دعوة من نادي(ماكدويل) في نيويورك لحضور امسية فنية ادبية في 1991/2/كانون الاول يقرأفيها جبران بعضا من حكاياته وامثاله وقد كتب جبران على هامش البطاقة بالانكليزية((حبذا لو كنتِ هنا لتعيري اجنحة الى صوتي وتحيلي همهماتها الى تراتيل ومع ذلك فسوف اقرأ وانا واثق ان لي بن ((الغرباء))صديقاً لايرى يسمعني ويبتسم لي بعذوبة وحنان )
مي: يبدو انك قد نسيت انني امرأة شرقية انني وحيدة ابواي قد لا يكون في العائلة لغربية الا ولد واحد فيقذفون به من انكلترا الى الهند او فتاة واحدة فترحل من فرنسا الى الصين بلا جلبة او ضوضاء ولكن اين نحن من هؤلاء ونحن شرقون
جبران: انني اكره التهكم والتكلف والتصنيع والسبب ما اراه حولي في كل دقيقة من مظاهر هذه المدينة الالية ونتائج هذا المجتمع السائر على دواليب لانه دون اجنحة
مي: كم انا اسفة اعدم استطاعتي حضور الوليمة الفنية التي دعوتني اليها يا سيدي
جبران: نعم كان بقصدي ان اسألك الف سؤال وسؤال ها قد صاح الديك ولم اسألك شياً كان بقصدي ان اسألكي مثلاً :ما أذا كانت لفظة سيدي موجودة في قاموس الصداقة ؟فتشت عن هذه اللفظة في النسخة الموجودة لدي من قاموس الصداقة ولم اجدها فأحترت في امري
مي: وانا ايضاً لا اجدها في قاموسي ولكن ماذا افعل في يدي التي لا تطاوع قلبي انها اسيرة عقلي
ثم سكت جبران فكتبت له مي في تشرين الاول1920
مي: لم هذا الصمت ليتني اعرف سبب سكوتك تراي اسأت اليك عندما طلبت منك ان نقف عند هذا الحد ! ظلمتني يا صديقي فأنا لست من اولئك الذين يجدون لذة في تعذيب الاخرين وخير دلل انني ارسلت اليك رسالتي التي بين يديك
جبران: ان هذه الرسالة قد حولت حيرتي الى خجل انا خجل من سكوتي من المي من الكبرياء التي جعلتني اضع اصابعي على شفتي وأصمت كنت بالامس احسبك المذنبة اما اليوم وقد رأيت حلمك وعطفك يتعانقان كملاكين فقد صرت احاسب نفسي على ذنبي
مي: تحدث نفسها ما اشد صدقك ووضوحك استمر في حديث الاعماق يا صديقي ما اروعه من حديث
جبران:ماذا اقول عن رجل اوقفه الله بين امرأتين امرأة تحوك من احلامه اليقظة وامرأة تحوك من يقظته الاحلام ماذا اقول عن قلب وضعة الله بين سراجين
مي: من هي تلك المرأة التي استكاعت ان تحيل احلامك الى يقظة ليتني اعرفها يبدو انني ساعدتك على تحقيق طموحاتك الفنية
جبران: كيف تكون غريبا عني وانا كلما اجلس للكتابة اليك انسى من واين انت ؟ وكثيراً ما انسى ان هناك شخصاً ان هناك رجلاً اخاطبه فأكلمك كما اكلم نفسي
مي: انت فنان وشاعر الست مقتنعاً بفنك وشعرك بعيداً عني ؟
جبران:لست بفنان ولا بشاعر في ايامي وليالي انا ضباب يا مي... انا ضباب وفي الضباب وحدتي وفيه وحشت وانفرادي وجوعي وعطشي ومصيبتي ان هذذا الضباب حقيقي.
مي:انك تريد علاقة من نوع فريد علاقة ملائكية انت تريد ان انتزع روحي من جسدي واطلقعا نحو روحك لا شك انها علاقة رائعة ولكنها مؤلمة قاسيا
جبران:ما اعذب هذا السؤال يا مي وما اصعب الجواب عليه
مي: كم تمزقني كلماتك بعذوبتها كم تجذبني اليه ان نفسه الشفافة التي استطاعت ان تنأى عن واقع البشر انها صادقة تحفر عميقاً في قلبي علي ان اعيش الواقع لا الحلو
فتكتب له
(( انت قيدتني مذنبة في دفترك وقمت تشكو لاني كلما حدقت في شيئ اخفيه وراء قناع وكلما مددت يداً اثقبتها بمسمار))
جبران:لا يا مي لسنا بغنى عما يضع في النفس خميرة قدسية لسنا بغنى عن القافلة التي تسير بنا الى مدينة الله ولسنا بغنى عما يقربنا من ذاتنا الكبرى فنحن نستطيع ان نجد السعادة الفكرية في اصغر منظر من مظاهر الروح
مي:تحدث نفسها , ها انذا اعترف له بحبي دون ان ادري هانذا اكشف اعماقي امامه عمري الان ارعة وثلاثون سنة ويريدني ان اعيش متعته بأعلان اسرار روحي دون غاية سوى المثول في حضرة الحب قلبي وعواطفي تتبع كلماته لكن عقلي يتمرد على ضبابه باحثاً عن شيئ محدد ليتني استطيع الاستسلام هكذا امام معجزات ارواحنا مثلك يا جبران
يكتب جبران في 6نيسان 1921مخاطباً مي
(( ما زلت امرأة شرقية تحمل من عواطفها فتحجب قلبهاونفسها عن بصر الناس وبصيرتهم))
ان حياة الرجل تظل كصحراء خالية الا من الرمل حتى يمن الله عليه بأبنة مثلك اقول يا سيدتي من ليش له ابنة ان يتبني ابنة لان اسرار الايام ومعانيها تختبء في قلوب الصغيرات
مي : تحدث نفسها سأتحرر قليلاً من مسار العيب وأحدثه قليلاً على سجيتي فتقول له :
بالامس في سن العفرتة كنت احلم اني احب رجلاً دون ان اعرف مقدار هذا الحب لذلك كنت استشير وردة تخبرني وريقاتها بمقدار هذا الحب وريقة تقول احبه قليلاً واخرى تقول احبة كثيراً وبجنون واخرى تقول قليلاً وهكذا واليوم اخبرتني الوردة انني احبه كثيراً وبجنون
انزع يا صديقي اوراق وردتك وأخبرني ماذا تقول الوريقة الاخيرة
جبران: سأذهب الى البرية فأسكن بيتاً منتصباً كالحلم بين البحر والغابة, كنت في الاعوام الغابرة اسير وحيداً منفرادً في تلك الغابة كأيباً اما هذا الصيف فسأسير في الغابة واجلس امام البحر وفي روحي ما ينسيني الوحدة وفي قلبي ما يشغلني عن الكأبة
مي: بينها وبين نفسها لا استطيع السير معك في عالمك الضبابي يا جبران رغم ما في من رحلتك تلك من جمال ومتعة من حقي ان اعيش حياة عادية ان يكون لي زوج وأطفال عمري الان خمس وثلاثون سنة هذا العمر يحتم علي استخدام العقل
تنقطع الكتابة حوالي السنةمن(شهر حزيران1921- الى ايار1922)
مي تحدث نفسها : ماذا افادني صمتي لم استطيع الحياة بشكلها العادي بات اي رجل موضع مقارنة مع جبران يبدو لي انني سأخسر الحياة وأخسر الحلم معاً اعطيت نفسي فرصة ان اكون انسانة واقعية عملية ما استطعت سأكتب له لاشك انه متألم لصمتي ام تراه وجد من تنسيه مي سأحاول استخدام لهجة رسمية في مخاطبته فأنا لا ارد اكثر من سماع كلماته ترى هل انت وحيد الفكر والقلب والروح
جبران: شعرت بأن وحدتي ليست اشد ولا اعمق من وحدة غيري من الناس كلنا وحيد منفرد كلنا سر خفي كلنا محجوب بألف نقاب ونقاب وما الفرق بين مستوحد ومستوحد سوى ان الاول يتكلم عن وحدته والثاني يظل صامتاً قد يكون في الكلام بعض الراحة وقد يكون في الصمت بعض الفضيلة
مي : ما ارق عتابك ما انبلك يا جبران لذت بالصمت منزوياً في وحدتك رأيت فيه ملاذ كبرياك مضحياً بما يريحك
جبران: لا ادري ولكن اذا كانت الوحدة عنوان الضعف فأنا دون شك اضعف انسان
مي: انك تراني انسانة عادية تميل الى السهل والمألوف لا تريد ان تتعب نفسها بتحطيم قيود العادة يبدو لي انك نادم لانك مزقت قلبك وأطلعتني على مكوناته نعم كنت ابحث عن ذريعة تبيح لي التوقف عن الكتابة اليك اتعبني حبك الضامي اتعبتني نظرتك المجنحة لي انك نسيت انني انسانة من لحم ودم وروح وأنت تريدني روحاً فقط
جبران: كنت اتوهم واتوهم وأجد الراحة في اوهامي حتى اذا ما طلع الفجر وأستيقظت وجدتني جلساً على رابية من رماد وفي يدي قصبة مرضوضة وعلى رأسي اكليل من الشوك لا بأس انا المخطئ... انا المخطء يامي
مي :لست مخطأ يا جبران ولست انا مخطأة المشكلة انك من عالم سماوي وانا مازلت على الارض مازلت انتمي الى عالم الارض مازالت الحياة تشدني اليها ومازال الزمن يجلدني كل يوم بسياط الشرق مازال يأسرني بخيوطه الحريرية ما اسهل فكها لو يقتنع عقلي هذا العقل الذي يرفض ان يترك الشرق من اجل علاقة ضبابية
وأنت لم لا تأتي الينا؟
جبران: كان بقصدي الرجوع الى الشرق في الخريف الاتي ولكن بعد قليل من التفكير وجدت ان الغربة بين الغرباء اهون من الغربة بين ابناء وبنات امي وانا لست الى من يميلون الى الهين ولكن القنوط فنون كالجنون
مي: ليتك تستطيع ان تأتي الى الشرق رجلاً لا ضبابياً ما فائدة مجيئك الى الشرق متلفحاً بالضباب ستكون بعيد عني رغم قربك انا لا اريدك سائحاً يا جبران اريدك وطناً وسكناً وسكينة
يعود جبران للصمت حوالي السنة والنصف بسبب لهجة مي الرسمية في الكتابة
مي: ليتك تعرف يا جبران كم اقاوم رغبتي في الكتابة اليك كيف اخمد نداء المشاعر وخفق القلب ؟ بت اتعلم منك الفناء بالعمل لم يعد لي لذة في الحياة سوى العمل احاول به نسيانك عساي انسى
اعلم انني لن اجد وأنني سأضيعك بصمتي فأنا اعرف مقدار كبريائك انت الذي ترى في التراسل لقاء الروح بروح وحوار عقل بعقل لن يرضيك حوار نفسك او ان تتحول كلماتك الى صدى...
جبران : ما اجتمعنا بين سواد الحبر وبياض الورق الا رأيتك ورأيتيني ارغب الناس في الخصام والمبارزة العقلية بالقياسات المحدةدة والنتائج المحدودة
مي : اه كم اتعبتك بحيرتي وترددي بين استماعي لصوت العقل اونبض القلب
جبران : سامحك الله لقد سلبتني راحة القلب ولولا تصلبي وعنادي لسلبتني ايماني من الغريب ان يكون احب الناس الينا اقدرهم على تشويش حياتنا
مي: الهذا الحد اتعبتك يا صديقي ما اشد المرارة التي اضيفهاعلى حياتك وانا التي تريد اضفاء الفرح والجمال عليها ولكن لا تظن انني كنت مرتاحة طيلة تلك الفترة فقد كنت ايضاً مصدر بؤسي وشقائي اختزلت في هذه الجملة حياتي ووضعت يدك على فرحي وبؤسي((اجل نت تحيا فيٌ وأنا احيا فيك))
جبران : يا ترى ماذا كان يمنعنا من التلفظ بهذه الكلمات في العام الغابر اهو الخجل ام الكبرياء ام الاصطلاحات الاجتماعية منذ البدء عرفنا هذه الحقيقة الاولية فلماذا لم نظهرها بصراحة المؤمنين المخلين المتجردين
مي:مازلت لااجرؤ على التعبير عن نفسي الا تعرف انني ما زلت لا اجرؤ على البوح عما يعتريني من مشاعر هل نسيت كيف تربى البنت الشرقية؟ ثم لا تنسى عقلي الذي يأبي هذه العلاقة كيف اعترف بحب لشخص لن يكون زوجاً لي ان كبريائي يعلن رفض علاقة تعلو فوق سبل البشر
جبران: هذه المعاكسات التي تحول عسل القلب الى مرارة وخبز القلب الى تراب .. الله يسامحك ويسامحني .
مي :كم كنت راغبة في هجران هذه الحقيقة المتعبة ان تقتصر رسائلنا على تبادل الافكار والكتب بمعزل عن العواطف لهذا حاولت الحذر والحياد كي احولك عن هذه الحقيقة وأجعلك تندم على اظهارها , اتراك نادم ؟؟
جبران:لا لم اندم بل بقيت متمسكاً بحقيقتي راغب في اظهارها لك فكتبت اليك مرات عديدة وكنت احصل بعد كل مرة على الجواب اللطيف ولكن من غير مي التي اعرفها كنت احصل على الجواب اللطيف من كاتمة اسراري وهي صبية ذكية ثم ناديت وناجيت وكنت احصل على الجواب ولكن ليس من تلك التي ((احيا فيها وتحيا فيٌ)) بل من امرأة متشائمة متحذرة تأخذ وتعطي معي كأنها المدعي العمومي وكأنني المدعي عليه
مي: حدثني عن رأيك بكاتمة اسرارك؟؟
جبران: انها كلما جلسنا لنتحدث تدخل علينا حضرتها وتجلس قبالتنا كمن يستعد لتدوين وقائع جلسة من جلسات مؤتمر سياسي اسألك يا صديقتي :هل نحن بحاجة الى كاتمة الاسرار؟ فعلي اذاً ان استدعي كاتم اسراري لانني انا ايضاً اريد تسيير اشغالي على الطراز الاول اتريدين كاتم اسرارنا ان يكون معنا؟
مي: لسنا بحاجة الة كتمة الاسرار يا جبران منذ فترة طويلة ولكن كنت اتحاول على ذاتي حين اتحدث معك ها انت ذا تضعني في مواجهة مع ذاتي انت تريد روحي خالصة لك من كل تردد ودون خوف او قلق وهي لك منذ زمن طويل ولكن مشكلتي حين اكتب اليك لا استطيع استبعاد الاخرين او استبعاد كاتمة اسراري احس احياناً انني ارتكب اثماً بسبب بعض الكلمات التي تبوح فيها نفسي اليك انها تمزق ذاتي تربكها ويمنعها من الطمأنينة ليتني استطيع الهروب من كاتمة اسراري تلك التي تملك عقلاً ومنطقاً لا يقاوم
جبران:اه لو كنت تعلمين تعبي بما لا لزوم له لو كنت تعلمين مقدار حاجتي الى البساطةلو كنت تعلمين مقدار حاجتي الى المجرد الابيض المجرد من العاصفة المجرد على الصليب المجرد الذي يبكي ولا يسترد دموعه المجرد الذي يضحك ولا يخجل من ضحكه اه لو كنت تعلمين
مي: سأجرد ذاتي امامك من خجلها سأحرر روحي من ترددها سأنزع شوك الحذر وأرتدي ثوب الثقة سأمزق شباك القلق وأزرع في نفسي السكينة اجل تحولت على يدك الى طفلة لن تفكر بالمستقبل سأنسى الزمن الذي بات ثقيل الوطء على جسدي تطعن وجهي بصماته, تسلب سواد شعري انامله سأحاول الهرب من الهموم وأتحول الى طفلة تفرح بما لديها فلا تأسى على ما فاتها تنظر الى المستقبل بعيون عابثة ولا تعبأ بزمن يسرق ايامها سأعيش احظتي وسأنسى ما كان وسيكون
جبران:ما اعذب رسالتك في قلبي وما احلاها يا مي
ذهبت الى البرية منذذ خمسة ايام رجعت مثلجاً مجمداً فوجدت رسالتك فوقرابية من الرسائل وانت تعلمين ان جميع الرسائل تضمحل امام عيني عندما اتناول رسالة من صغيرتي المحبوبة فجلست مستدفئاً بها ثم ابدلت اثوابي ثم قرأتها ثانية ثو ثالثة ولم اقرأ شيئاً سواها ( وأنا يا مريم لا امزج الشراب القدسي بعصير اخر)
مي : بدأ يناديني بأسم انبل القديسات يريدني ان ارتقي الى مستوى رفيع لذلك يناديني بأسم العذراءكأنه يؤطر علاقتنا بالطهر والنبل
جبران: انتي معي يا مي وأنا احدثك بلغة اكبر من هذه اللغة وأنا اعلم انك تسمعين اعلم اننا نتفاهم بجلا ووضوح وأعلم اننا اقرب من عرش الله في هذه الليلة منا في اي وقت من ماضينا
مي: سأدعوك من الان ابي وأمي متهيبة فيك سطوة الكبير وتأثر الامرة سأدعوك قومي وعشيرتي سأدعوك اخي وصديقي انا التي لا اخ لي ولا صديق سأبين لك ضعفي وافتقاري الى العطف والحنان ثم سأبكي امامك
جبران: انت اقرب الناس الى روحي انت اقرب الناس الى قلبي ونحن لن نتخاصم بروحينا او بقلبينا وأذا تخاصما في المستقبل يجب ان لا نفترق مثلما كنا نفعل في الماضي بعد كل معركة يجب ان نبقى رغم الخصام تحت سقف بيت واحد حتى نمل الخصام فنضحك او يملنا الخصام فيذهب هازاً رأسه
مي: ترى متى يجمعنا سقف بيت واحد ان هذا المنزل الان منزلان منزل في نيويورك ومنزل في القاهرة اعرف ان الروح حرة طليقة تتجاوز البحار والمسافات الشاسعة لكن الجسد مقيد مبتور حين تنئا روحه عنه
جبران: وانتي يا مي انت يا صغيرتي الكبيرة تساعديني الان على الاصغاء الى الحرف الثاني وسوف تساعديني على لفظه وستكونين معي دائماً قربي جبهتكِ يا مريم قربيها ففي قلبي زهرة بيضاء اريد ان اضعها على جبهتك ما اعذب المحبة حين تقف مرتبكة مخجولة امام نفسها
مي:بات يكثر من ندائي ب((مريم))
انه مصر على تشبيهي بالعذراء ليرتقي بي الى نصاف تعلو فوق النساء العاديات انه يناجيني بأسم امرأة متفردة بطهرها وهبت العالم نبياً انه يريدني امرأة نقية كالعذراء
يرسل اليها جبران صورة للوادي تحمل رسالة قصيرة
جبران:لا اعرف عيشاً اهنأ من عيش الاودية واحب الاودية يا ماري في الشتاء ونحن امام الموقد ورائحة السرو المحروق تملأ اليت والسماء تنثر الثلوج خارجاً والريح تتلاعب بها وقناديل الجليد مدلاة وراء زجاج النوافذ وصوت النهر البعيد وصوت العاصفة البيضاء يتألفان في مسامعنا ولكن اذا لم تكن صغيرتي المحبوبة قريبة مني فلا اريد كل ذلك
مي :نسيت ان تعايدني يا كثير النسيان في حين ان بعض من اصحابنا يغتنمون الفرصة ليهنئوني كثيراً او على الاقل ليتحفوني بزركشة كهذه
يامي عيدك يوم وأنتِ عيد الزمان
جبران :اريد ان اعرف في اي يوم من ايام السنة ولدت صغيرتي المحبوبة اريد ان اعرف لأنني اميل الىة الاعياد والى التعييد وسيكون لعيد ماري الاهمية الكبرى عندي
مي: سيظل الخوف يرعى قلبي ما دمت بعيداً عني يا جبران
جبران : هل يستطيع اللقا وحده تبديد وحشتك يا مي ؟ لا اعتقد انه يبدد وحشتك غير الرباط المقدس وهذا ما لا استطيعه
مي : اذاً علي ان اكون اسيرة طموحاتك يا جبران لا املاً تسعى اليه علي ان ارضى بقيود قيدت نفسك فيها علي ان انسى نفسي والغي ذاتي من اجل تحقيق امالك انا الوم نفسي لكوني حرة على الورق اعترف بالحب او بالاحرى اجد الجرأة على الاعتراف امام الورق ليتك تعرف يا جبران كم تكبدت من اجل هذه الاعترافات
اتعبني سجنك وقهرتني قيودك يبدو لي من الرجل لشرقي يريد من المرأة ان تنسى ذاتها حين تحب
تتوقف مي عن الكتابة حوالي السنة فكتب لها جبران في 2/11/1924
جبران: ما اعذب صغيرتي المحبوبة تذكرني في صلاتها كل يوم ما اعذبها وما اكبر قلبها وما اجمل روحها
ولكن ما اغرب سكوت صغيرتي المحبوبة ما اغرب سكوتها ذلك السكوت الطويل كالابدية العنيق كأحلام الالهة ذلك السكوت الذي لا يترجم الى اي لغة بشرية الا تذكرين انه لما جاء دوركي في الكتابة لم تكتبي او لا تذكرين اننا تعاهدنا على معنانقة الصلح والسلام قبل ان يعانق الليل الارض
مي: انه يحس بما اكابد من الم ليتني استطيع الرحيل اليك لاسكب همومي على صدرك ليتني استطيع الهرب منك الى ذاتي ولكن من تستطيع صم اذنيها عن مثل ندائاتك من تستطيع اغلاق قلبها عن مثل ندائاتك
جبران : من منا يا مي يستطيع ان يترجم لغة العالم الخفي الى لغة العالم الظاهر من منا يستطيع ان يقول في روحي شعلة بيضاء
ترسل مي رسالة الى جبران فتقول فيها
مي : اه يا جبران مات ابي
وامي مريضة لم يبق لي سواك مسنداً انت ايها الصامد للاحداث صمود جبار تراك تقوى على الوقوف لتبعد مارد الحزن عني ايستطيع هذا القلب ان ينأى بحزني بعيداً رغم اثقاله واماله ولكن ها انت ذا تحدثني عن مرضك وعن موتك كما تحدثني عن حياتك تراك يا ذا النفس الزكية تريد تهيئتي لأمر جلل؟؟؟
جبران: اتعلمين يا مي اني ما فكرت بالانصراف الذي يسميه الناس موتاً الا وجدت في التفكير فيه لذة غريبة وشعرت بشوق هائل الى الرحيل
مي: ايمكن لانسان ان يجد لذة في الموت لا اريد ان تفكر بالموت والايام الجميلة بأنتظارنا ليتك تبعد هذة الفكرة عنك وتعيش على امل ان الايام ستهبك القوة لطرد المرض فتنبض الحياة فيك بكل ازهارها
ارسل لها جبران برقية من نيويورك بتاريخ 26/12/1930
جبران: كنت غائباً ثم تسلمت رسالتك الكريمة العذبة لا استطيع الكتابة بيد مريضة هذه رسالة محبة وتمنيات طيبة بمناسبة عيد ميلاد مجيد ورأس سنة جديدة مفعمة بالاناشيد
مي: انه على غير عادته يرسل لي برقيا ؟؟ الى هذا الحد هو مريض ؟ يا الهي انه اكثر من مريض والا لما استطاع ان يكتب هذه الابيات
شاخت الروح بجسمي وغدت لا ترى عني غير خيالات السنين
فأذا الاميال في صدري مشت فبعكاز اصطباري حد الاربعين
والتوت مني الاماني انحنت قبل ان ابلغ حد لاربعين
تلك حالي فأذا قالت رحيل ماعسى حل به؟قولوا الجنون
وأذا قالت ايشفى ويزول مابه؟قولوا ستشفيه المنون
ثم ارسل لها في 26/3/1931(قبل وفاته بأسبوعين)
شعلته الزرقاء التى ترمز الى حبه الذي لا ينطفئ لها
في العاشر من نيسان1931 احست مي بمشاعر غريبة تتملكها انقبض صدرها انهمرت الدموع من عينيها وصرخت صرخة عجيبة ارتاعت امها لدى سماعها
مي: لقد حدث شيئ لجبران يا ربي كذب مشاعري
لكن مشاعر مي كانت صادقة فقد لفظ جبران في ذلك اليوم نفسه الاخير
تصرخ مي(مات جبران فوا حنين الدنيا الى شدوه وأنينه)
مات من اترع شبابي بالامنيات الغالية
سأذكر ابداً والغصة في حلقي لا تريم انك كنت لي اكثر من معحب واكثر من حبيب سأذكر انك بيت حينما دعوتك من سحيق الابعاد لا كتلبية الناس وانك وليت او كدت عندما سألتك بشفتي لا بقلبي فوهبتك نفسي بكل صفائها هذه النفس التي ربيتها على مثل حبك النبيل منذ كنت فتاة لعوباً ايها الحبيب لي ابدياً ازلياً لا تشيخ على الدهر لانها مستمدة من حب .. ليس كالحب ومن قلب ليس كالقلوب وانما هي اشبه بقسثارة فيها حنين طاغ وفيها لهب طاهر وفيها صوت من بعيد ات صوت حالم اخاذ
وهاهي ذي حياتي الجرداء المغبرة تعود الي بخطى سريعة متلهفة للقائي تعود الي اشوق ماتكون لتضمني اليها وتدفنني وهي تغني لي من وريقات خريفها العاصف الطويل دون ان تعوج بي فهي لم تعطني من ربيعها المعطر الا لحظات معدودات من عمري كله ذهبت سراعاً وعجالاً.....
ارجو التثبيت
Comment