مرحبا .. هي القصة من كتابتي .. < هلق هي ما بتجنن > .. بس بتمنا تعجبكن ..
هي عبارة عن مزج بين الفيلم العالمي ..twilight .. والقصة اللي كلنا منعرفا .. سنيسل و رباب ..
سوري عالخطئ اللي صار بالاول .. و شكرا للادارة ..< dodi >.. عالتصحيح
جميع الحقوق محفوظة ل www.sandypel.com الكاتب .. طارق بركات
Twilight سنيسل و رباب
{{ كان ياما كان في حديث الزمان و حاضر العصر و الأوان لحتى كان نحكي و لا ننام }}
{ ... نحكي اكيد ... }
الفصل الاول ــ العائلة
في بيت صغير هادئ في احدى ضواحي نقلسونيا , كانت تعيش عائلة العنز المكونة من ثلاثة أشخاص , أم تدعى مولي و لديها ولدان سنيسل و رباب , و كانت هذه العائلة مثالا للحب و العطاء تعيش بسعادة و هناء .
كانت الأم مولي إمراة أنيقة جذابة في الثلاثينيات من عمرها , و بالرغم من عروض الزواج الكثيرة التي قدمت لها و بالرغم من الرجال الأغنياء و الوسماء اللذين أغرمو بجمالها الساحر فقد بقت أرملة و حافظت على وعودها لزوجها و لم تفكر قط باحد غيره , و كان أولادها بالأضافة الى الموضة كل ما يشغل تفكيرها ,
أما سنيسل , الشاب الصغير ذو الإثني عشر عاما فكان قصير القامة و لكن رشاقته و وسامته كانت دوما ملفتة للنظر و كان شعره رماديا مائلا للأبيض و طويلا حريريا يغطي رسغيه و عيناه الواسعتين السوداوين لم تكونان الشيء الأغرب و الأجمل في وجهه الطفولي البريء فقد كان انفه الصغير الناعم و المغطى بشعر أبيض ناصع دوما هو محط التعليقات و المدح , فنادرا ما كان يتمتع ذكور العنز بهذه الصفة ,
بينما الأناث فكانت غالبيتها تتمتع بأنف صغير , و هكذا كانت رباب , الفتاة الوديعة المرحة , كانت قد احرزت لقب أجمل فتاة في المدينة رغم صغر سنها , فلم تكن قد أكملت عامها الرابع عشر , و لكن قامتها و رشاقتها كانتا تساعدانها بالإضافة إلى شعرها المجعد الناعم ناصع البياض و عيناها المدورتين الكبيرتين و شفتاها الصغيرتين و أما صوتها العذب فكان حديث المدينة بأسرها فهي كانت المغنية الرئيسية في فرقة الغناء الأولى في نقلسونيا و الأجمل في المنطقة .
و في إحدى ليالي الخريف الباردة و بينما كانت الأم تحضر وجبة العشاء , دخلت نسمة خريفية باردة جعلتها تشعر بالقشعريرة , فقررت أن تعد طبق من شوربة ماجي بالأعشاب , و ذلك لأنه طبق غني بالأياف و البروتين و لا يحتوي على الدسم و الزيوت المشبعة , فهو يحافظ على الرشاقة إلى جانب أنه يشعر بالدفئ ,
و بينما وضعت الماء على النار اتجهت إلى خزانة الخضر لجلب الحشيش اللازم للطبق , و لكنها لم تجد ما يكفي فقررت الذهاب إلى السوق لتبتاع بعضا من الحشيش ,
و قبل أن تذهب ـ و ككل أمهات العنز ـ أخذت مولي تحذر ولديها من الذئب
ــ مامي حبيباتي أنا واصلي مشوار عالسوق نص ساعة و برجع إذا حدا إجا ما تفتحولو الباب
سنيسل و رباب و بغاية الادب ــ ok mom
ـــ بتذكر ستي دولي كانت دايما تحذرني و تقلي < يا تيتة ديري بالك متل ما استنسخونا نحنا العنز رح يجي يوم و يستنسخو ديب الأيام اللي جاي بتخوف > و تنهدت ثم تابعت الكلام
متل ما بتعرفو هالشي صار حقيقة , و أوبرا و ينفري استقبلت زارلوس أول ديب مستنسخ بالعالم و هدد بانو رح يقضي علينا .
عم السكوت المكان و دخلت نسمات الخوف الى القلوب و ارتعشت الابدان و لكن مولي ضحكت و قالت : ما تخافو يامامي انتو بس لا تفتحو الباب لحدا أنا وقت اللي بجي رح قلكن < يا سنيسل يا رباب فتحو لأمكن الباب الحشيش عالقرين و البزيز مليان > وقتا بتعرفو انو انا و بتفتحولي
سنيسل و رباب و بصوت واثق مطمئن ــ ok mom
لبست مولي معطفها و اخذت حقيبتها الكبيرة و ذهبت مودعة اولادها بحرارة
ـــgood buy sweety ما تحرو .
خرجت من الباب و نظرت الى الوراء و الخوف في عينيها و كأن قلبها ينذرها بأن شيئا مريبا سيحدث ,
ركبت مولي سيارتها و اتجهت الى المول المجاور , و لكن الزحمة كانت شديدة , فقد إقترب الشتاء و بدأ أهالي المدينة بتجهيز أنفسهم و بيوتهم لاستقبال شتاء بارد , و عندما وصلت إلى المول و بينما هي متجهة إلى قسم الخضار شاهدت لافتة كبيرة على الواجهة الزجاجية لاحدى ماركات الثياب العالمية كتب عليها < أي قطعة صيفية بنصف السعر >
و كحال جميع النساء , لم تستطع مولي مقاومة رغبتها في تجربة بعض القطع , فدخلت البوتيك و أخذت تجرب القطعة تلو الأخرى , و هكذا كلما قررت الذهاب وقعت عينها على قطعة أخرى أ فقد كانت الألوان بغاية الجمال يغلبها الأحمر و الزهر , و كان الوقت يمر و يمر .
الفصل الثاني ــ كارلوس
في ذلك الحي الهادئ كان الذئب كارلوس متخفيا يراقب من بعيد دونما ملل , مترقبا خروج إحدى العناز الصغيرة لوحدها حتى يتمكن منها و يملئ معدته الخالية التي لم تعرف الطعام في الأيام القليلة الماضية ,
و عندما غابت الشمس الناعسة و حل ليل الخريف الطويل , قرر كارلوس الإقتراب أكثر و الدخول بين منازل الحي , و بينما هو يقترب بحذر شاهد إحدى العنزات تخرج من بيتها تاركة أطفالها لوحدهم في المنزل , و كان قد استطاع رؤيا وجهها عندما إقتربت سيارتها ببطئ من مكان اختبائه , و يال هذه الصدفة , فقد كانت .. مولي .. حفيدة العنزة دولي الشهيرة و في الحال إشتعلت نيران الغضب في صدره و امتلأ قلبه بالحقد , و اختفت من عيونه كل الاحاسيس , لتظهر رغبته بالإنتقام جلية في عينيه , فقرر الذهاب إلى المنزل و اقتحامه و قتل كل من بداخله لينتقم لمقتل والده , الذي قتل في معركة ضارية بين بيتر زوج مولي و والده زارلوس , و اللتي انتهت بمقتل كل منهما .
لم يكن كارلوس الشاب ذو ال ستة عشر عاما ذئبا كبيرا و لكنه كان قويا و صلبا كالحياة التي عاشها , فقد كان يتيما منذ سن ال الثامنة , و اختفت ملامح و جهه الجميل خلف مشاعر الكره و الغضب , و لكن و بالرغم من ذلك كان جماله دوما يجد مكانا للظهور فقد كان جسده الطويل و عضلاته القوية المفتولة و أسنانه البيضاء المدببة و شعرة الأسود القاتم اللذي يلمع كلما مررت الشمس أناملها عليه , كل هذا كان ينبئ بظهور ذئب في غاية الجمال و القوة .
كان قد فر من منزل أخته كارلا و زوجها لويس منذ ثلاثة أيام , لم يذق الطعام خلالها أبدا , و بالرغم من أنه كان يعامل معاملة حسنة , و بالرغم من أن لويس كان يعتبره كشقيقه الصغير و يؤمن له سكنه و طعامه , فقد كان إحساسا غريبا يوقظه دائما كل ليلة و ياخذه إلى الغابة القريبة ليبقى بها الليل كله وهو يبكي و يصرخ , كان يشعره دائما بأنه منبوذ من الجميع , و لكنه ما أن تلوح خيوط الشمس الأولى لترفرف فوق جسده المنهك و تعيد اليه الحياة و الأمل حتى يعود إلى طبيعته الهادئة و يبدأ بالغناء , لقد كان يعشق الغناء , إنه الشيء الوحيد الذي كان ينسيه كل همومه و يشعره بأنه مميز عن كل أقرانه , و كانت كارلا كل ليلة تتبعه إلى الغابة , و تنصت إلى صوته الرائع ثم تتقدم نحوه لتحضنه و تعيده إلى المنزل .
و لكنها في تلك الليلة لم تجده فقد هرب و الله وحده يعلم الى متى .
إتجه كارلوس مسرعا إلى منزل الصغيران , و لم تكن تجول في فكره سوى أحقاده المزمنة و جوعه الشديد ,
و بدون أن ينتظر طويلا إختبا وراء الباب و قرع الجرس ــ كان بمقدوره ان يكسر الباب بضربة واحدة لشدة غضبه , و لكنه لم يكن ينوي اصدار جلبة كبيرة و الدخول في معركة مع أحد الجيران المتطفلين اللذي سيكون قد أتى ليرى ما مشكلة هذا الصوت ــ
و بدون أن تتذكر رباب ما قالته امها ــ و كعادتها المرحة ــ نزلت الدرج المؤدي إلى غرفتها و اقتربت من الباب و بدأت تغني بصوت قوي < مين مين مين دا اللي ياخدني منك .. ولَى ولَى يبعدني عنك .. مين هو مين .. مين بس مين .. >
و قبل أن تصل يدها إلى مقبض الباب كان صوتها قد وصل إلى قلب كارلوس مباشرة , كان أرق من قطرات الندى النائمة على أوراق الياسمينة الجالسة أمام المنزل , و أشد تاثيرا من العطر الباريسي الذي تضعه بنعومة على رقبتها الطويلة ,
كان كل شيء في عقله قد انمحى أو بالاصح قد دخل في غيبوبة موقتة , و لم يتذكر عندها سوى بيت من الشعر, كان قد مر معه في المدرسة
< يا ناس اذني لبعض الحي عاشقة و الاذن تعشق قبل العين احيانا >
و بدأت تدور في رأسه أغنية كان قد سمعها في إحدى الإذاعات
< ناي ناي .. في صوتها ناي .. نـــاي نـــاي .. في صوتها ناي .. غنى و جرح بالشجن .. دقات قلبي وقفت .. و خطاي .. و خطاي >
و انزلقت من حنجرته وعلى الفور و بدون أي تردد أو خوف و بصوت عال
< انا اللي بحلم كل ليلة بيك .. كل ليلة .. كل ليلة .. واحشني واحشني منك .. كل حاجة فيك >
كانت رباب قد فتحت الباب , و وقفت متعجبة في مكانها " أهذا حقا صوت هذا المخلوق الغريب " لم تكن خائفة أبدا , كانت عيناها قد فتحتا بدهشة غريبة , كانتا تلمعان بشدة و تتأملان المخلوق الغريب اللذي أمامها و كأنهما تاكلانه , لقد كان جميلا جدا , بل إنه أجمل مخلوق رأته عيناها , و مدت يدها الصغيرة مصافحة ,
و كان هو ايضا ينظر اليها بدهشة شديدة كانت عيناه تجولان عليها و تتاملان كل التفاصيل الصغيرة في جسدها , لقد اشعلت في قلبه شعورا غريبا لم يشعر به من قبل كانت بوداعتها و بياضها كالملائكة اللتي يقراء عنها في القصص ,
فأمسك يدها برفق و إنحنى ليقبلها , و ما إن وصلت يدها إلى شفتيه حتى دخلت رائحتا في أنفه , و لم يستطع منع معدته الخاوية من الصراخ فرحا , لقد أيقظت رائحتها الشهية جوعه , و أحسس للحظة بأنها وليمة شهية , و لكن و قبل أن يسيطر عليه هذا الشعور , أفلت يدها و جرى بعيدا بسرعة الريح , كانت دموعه المتساقطة تروي الأعشاب على الطريق المؤدي الى ملجأه في الغابة .
لم تمل كارلا من البحث عنه , و كانت كل ليلة تذهب إلى نفس المكان في الغابة اللذي اعاتدت أن تجد فيه كارلوس , كانت متاكدة من انه سيعود يوما ما و لكنها لم تكن تعلم بأنها ستجده محطما كما وجدته اليوم , كان يبكي بمرارة أكثر من أي مرة , و رغم أن الشمس كانت قد أشرقت , فهو لم يكن يكترث بها , لقد أحست بأن شيئا في داخله قد تحطم ,
اقتربت منه ببطئ و وضعت يدها على كتفه و أخذت تمررها على ظهره
ــ شو في كارلوس , خبرني , انت منيح , شو صاير معك , انا أختك الوحيدة و بتعرف إني ما رح قول لحدا , شو ما كان اتأكد إني رح ساعدك
و رغم أنه بقي صامتا و لم يتفوه بأي كلمة , بل اكتفى بالنظر إلى عينيها الحنونتين اللتين تذكراه بعني أمه , فقد أحست كارلا بأنه ذهب إلى منزل مولي , فقد كان الأنتقام هاجسه الوحيد و قد علمت من بكائه بأنه عاد خائبا و لم يستطع أن يشبع رغبته في قتلهم ,
و صدم كارلوس عندما سألته كارلا
ــ رحت على بيت مولي
و نظر إلى عينيها مباشرة و اكتفى بهز رأسه موافقا
ــ بس ما قتلت حدا ما هيك
لم يكن ينوي بأن يكذب عليها , و هو يعلم جيدا بأنه لا يستطيع
ــ لاء ما قتلت حدا , بالعكس , وقت فتحتلي رباب , ما بعرف شو صرلي , حتى إني نسيت ليش أنا كنت هنيك
ــ و الحقد اللي كان بقلبك
صمت قليلا ثم أجابها مغنيا
ــ < و نســـــيــت حقدي كله في لحظة ... من قـــــال إني قد حقدت عليه >
ابتسمت كارلا ابتسامة خفيفة و كأنها فرحة بما جرا له , إنه أخيرا قد عرف الحب و لكن يال قدره الأحمق لقد أحب رباب الأبنة الوحيدة لقاتل أبيه ,
مسحت كارلا دموعه بيديها و أعادته إلى البيت .
.................................................. .......................
و بينما كانت مولي تتامل احدى التنانيرالمعلقة برتابة على الحائط ,وقعت عيناها على الساعة المدورة اللتي كانت بجانب التنورة , و كانت تشير إلى الساعة التاسعة , لقد تاخرت كثيرا يجب أن تعود إلى المنزل لا بد أن سنيسل و رباب خائفين , و أخذت أغراضها بسرعة و اتجهت إلى سيارتها و عادت مسرعة إلى المنزل , لقد سرت كثيرا عندما عادت و رأت بأن الباب لا يزال مغلقا و الأضواء منارة و الحي حادئ , وأتى سنيسل مسرعا يفتح الباب لأمه عندما سمعها تغني < ياسنيسل يارباب فتحو لأمكن الباب .. الحشيش عالقرين و البزيز مليان >
و لكنها لم تجد رباب في استقبالها , و شعرت فورا بأن شيئا قد حصل , أعطت أغراضها إلى سنيسل ليضعها في المنزل وصعدت الدرج إلى غرفة رباب ,
كان الباب مغلقا , و عندما فتحته وجدت رباب تجلس إلى شرفتها و تنظر من النافذة و في عينيها بريق جميل و لكنه مؤلم , كانت تبكي وحيدة ,
اقتربت منها و أخذت تسرح خصلات شعرها
ــ شو بك مامي , لا تخافي حبيبتي , شو في خبريني
لم تحاول رباب المراوغة , و أخبرتها على الفور بكل ما حدث لها , فقد اعتادت رباب بان تخبر والدتها أسرارها , فقد كانت صديقتها المقربة , إن لم أقل الوحيدة , و توقفت عن الكلام فجاة , فسألتها مولي
ــ و شو صار , سلم عليكي ,
و قد احست مولي بألمها عندما جاوبتها مغنية
< و بدون أن أدري .. تركت له يدي .. تركت له يدي .. لتنام كالعصفور بين يديــــه >
تنهدت مولي و ألقت بذراعيها حول رباب و حضنتها بشدة , لم تكن قد تمنت أن يحصل هذا مع ابنتها , ليس في هذه السن .
الفصل الثالث ــ اللقاء
عاد كارلوس الى بيت شقيقته , و كان قد عرف أخيرا معنى الهدوء , و عرف الأن أحاسيس أخرى مختلفة جدا عن ما كان يحس قبل لقاءه برباب , بدأ الحب يعمل في داخله , بدأ يلملم النفايات و يمسح الغبارعن جدران روحه المشققة , لم يعد ينظر الأن إلى نفسه على أنه منبوذ أو غير مرغوب به , و علم مقدار الحب اللذي يكنه له لويس , وبدأ يجد فيه ملامح والده اللتي أوشك الزمن على محوها , و لكنه رغم هذا فما يزال يغادر غرفته كل ليلة ليعود في الصباح , ولكن هذه المرة لم تكن كارلا تجده , يبدو أنه كان يذهب الى مكان اخر ,
وعاد إلى مدرسته و في عينيه بريق أخر , لم يره أحد من قبل , لقد بدأ يكبر , و انمحت فجأة كل ملامح الكره و الحقد عن وجهه , فبدا أجمل بكثير , و لكنه لم يكف يوما واحدا عن التفكير برباب ,
ولاهي أيضا نسيت ما حدث , كان حبها له يكبر يوما بعد يوم و لم تكن تعلم السبب , إنها لم تره منذ حوالي الثلاثة أشهر , و لكنه لا يفارق خيالها كانت تحلم به كل ليلة و كأنه يجلس معها في غرفتها , وكانت في بعض الأيام عندما تصحو تقسم بأنها راته , لكنها وفي أعماقها كانت متأكدة بأنه لايستطيع الدخول و الخروج دون أن يراه أحد ودون أن يترك أثر حتى لو كان صغيرا, فقد كانت تفتش غرفتها شبرا شبرا كل صباح , دون أن تجد أي شيئ ,و رغم ذلك فلا زالت متاكدة من أنه سياتي يوما ما , ولكن الشك بدأ يجول و يصول في رأسها فلو أنه أحبها حقا كما أحبته لكان أتى ليخبرها , و لكنه تأخر كثيرا و بدأت تحس بأنه لن ياتي ابدا .
و في أحد الأيام عندما كان المطر قد هطل بغزارة في الليل , استيقظت رباب وأخذت تتفحص الغرفة بعيونها الناعسة علها تجد شيا , ولكن و ككل صباح لم تجد أي شيء غريب , و عندما نزلت من السرير و اتجحت خارج الغرفة أحست ببرودة في قدمها و نظرت إلى الأرض , فوجدت بقع صغيرة من الماء الموحل , و عندما تبعتها بنظرها وجدتها تعبر النافذة إلى الشرفة من ثم تختفي , ابتسمت رباب وكأنها اصبحت متاكدة أنها لم تكن تحلم , لقد أتى إلي أخيرا إنه يحبني , يحبني حقا , و غادرت غرفتها وكان وجهها مشرقا مبتسما و عيناها تبرقان بشدة ,
و عندما حل المساء , نزلت رباب إلى حديقتها و قطفت أجمل الأزهار و زينت بها غرفتها , كانت متاكدة من أنه سياتي , و بدأت تنتظر مجيئه بفارغ الصبر , و عندما حل الليل و بينما كانت رباب تنتظر و تنتظر و تحاول منع عيونها من الاستسلام للنوم , سمعت حركة غريبة في الخارج و على الفور اتجهت إلى نافذتها و رأته بجسده الجميل الرشيق و هو يقفز قفزة واحدة طويلة و يصل إلى شرفتها فخرجت مسرعة و ارتمت في أحضانه و أحاطته يداها الصغيرتان بقوة و التفت حوله كالحبال تقيده من كل جانب حتى لا لوذ بالفرار , و دون أن تشعر تساقطت دموعها الدافئة على كتفه الصلب , فاخرج منديله و بدأ يلملم قطرات دموعها اللامعة كاللألئ , ومن ثم جلس , وقد بقيت مرتمية في حضنه فأخذ يداعب خصلات شعرها , وبقيا هكذا صامتين , و الأن علمت رباب لماذا تحبه , و إنها رغم كل شيئ تشعر معه بالأمان , إنه يذكرها بوالدها , وأغمضت عينيها بهدوء , لكنها عندما استيقظت وجدت نفسها في سريرها وكان باب الشرفة مغلقا , و كل شيئ كما كان ليلة أمس عندما جلست تنتظر قدومه , لابد أنها تحلم و لكنه كان حلما شديد الواقعية , حتى أنها لازالت تحس بيديه تركض في خصلات شعرها , وقبل أن يدخل اليأس إلى قلبها و يحطم كل أحلامها , وجدت أخيرا منديله بالقرب منها , فأخذته بلهفة شديدة و ضمته إليها و شمته و عندما فتحته وجدت بداخله رساله < انتظريني ساعود غدا >
إنه سايتي ألي اليوم أيضا , كنت متأكدة من أنه يحبني , و بدات ترقص من شدة فرحها .
و هكذا , كل ليلة كانت رباب تتعلق بكارلوس شيئا فشيئا حتى وجدت نفسها لا تفعل أي شيء سوى انتظار عودته .
الفصل الرابع ــ الإنتقام
في أحد الأيام كان جرس التيلفون يرن بصوت مزعج شديد الإلحاح , وعندما أجابت مولي سمعت بالخبر الحزين < لقد توفيت صديقتك جوليا > جهزت الأم حقيبتها و استعدت للذهاب إلى الجناز الذي سيقام في المدينة المجاورة , و كانت مجبرة أن تقضي الليل بطوله هناك و تعود في الصباح , و عندما غادرت مولي و بعد أن أوصت أولادها باتخاذ الحذر , شعرت رباب بسعادة كبيرة , كانت تستطيع أن تخرج مع كارلوس الليلة دون أن تخاف من اكتشاف والدتها الامر .
و عندما أتى كارلوس , أخبرته فورا بأنهم يستطيان أن يخرجا لأول مرة إلى خارج جدران غرفتها الضيقة
ــ كارلوس هي أول مرة فينا نسهر أنا و إنت برى البيت , و نقضي الليل كلو مع بعض , قديش متشوقة لنطلع أنا وإنت و ندور بكل الشوارع
ــ رباب , حبيبتي , أنا متشوق أكتر منك , بس ما تنسي يا بيبي , شو العالم رح تعمل وقت تشوفنا مع بعض , أخذ نفسا عميقا و تابع و صوته يغص أكثر فأكثر , أنا ديب و إنت عنزة صغيرة و حلوة أكيد بس شافونا رح يخبرو البوليس
ــ ما تعتل هم بيب , أنا عندي .. .costume .. عنزة , فيك تلبسه و منتطلع مع بعض , و ما تخاف من شي إذا كشفونا رح قلن كلشي , رح قلن إنو منحب بعض, و إنك .. وإنك إنت .. vegetarian .. , بتعرف هلق في مليون أخصائي تغذية عم يشجعو على تناول الخضر , و أكيد رح يصدقوك
ــ طيب بيبي جيبيلي ال ..costume .. و خليني جربه
أحضرت رباب الزي التنكري و أعطته لكارلوس , لقد كان يناسبه تماما , فقد كان لوالدها عندما كان شابا و كان يتمتع بنفس بنية كارلوس الأن
و خرجا من المنزل و بدأا يتجولان في كل مكان و يغنيان
< حاجة غريبة .. حاجة غريبة .. على شان إحنا مع بعضينا .. و لأول مرة لوحدينا .. و لا حدش ببص علينا .. غير فرحة قلبنا و عنينا .. حاجة غريبة .. حاغة غريبة >
و من ثم وجدا نفسيهما أمام إحدى دور العرض في المدينة , و كان الفيلم المعروض < twilight >
و نظرا بدهشة إلى أبطال الفيلم فقد كانا < مصاص دماء و فتاة من البشر > لقد شدتهما اللوحات الإعلانية الكثيرة الموجودة في الخارج , و في كل أنحاء المدينة
ــ بيبي شو رأيك نفوت نحضر الفيلم , منتسلا شوي
ــ أوكي بيبي , بس , الفيلم رح يطول بلكي حس سنيسل إني ماني بالبيت
ــ ما تخافي يا بيبي , أنا بعد الفيلم برجعك فورا , و أنا متاكد انو سنيسل مارح ينتبه لشي بالعالم , طول ما .. البلاي ستيشن .. شغال
و دخلا إلى صالة العرض , و أحاط كارلوس رباب بذراعه و شدها إلى صدره , و أخذا يتأملان الفيلم بسعادة و دهشة كبيرين .
لقد كان الفيلم يتحدث عن قصة تشبه ــ إلى حد ما ــ ما يعيشانه الأن , فهو يتحدث عن الشاب مصاص الدماء , اللذي يقع في غرام شابة بشرية , و تقع هي إيضا في حبه , و مع أنها كانت تشكل له وجبة شهية , إلا أن حبه لها كان أكبر بكثير من رغبته في عضها و امتصاص كل دمائها .
و عندما انتهى الفيلم , كان الليل قد أصبح قاتما , و خلت الشوارع من السكان , فخلع كارلوس ردائه التنكري , و وضع رباب على ظهره و جرى بها بأقصى استطاعته ,
و عندما وصلا إلى البيت , قفز قفزة عالية و صعدا إلى الشرفة , أنزلها بهدوء و قبلها مودعا ثم غادر غرفتها وهو يشعر بفرح كبير جدا , و اتجه إلى مقره السري في الغابة , فقد أراد أن يختلي بنفسه , ليعيد ما حدث معه , أكبر عدد ممكن من المرات في ذاكرته .
دخلت رباب غرفتها و من ثم اتجهت إلى غرفة سنيسل لتطمئن عليه , و لكنها لم تجده , بل وجدت ذئبا شرسا كبيرة يلتهم ما تبقى من فتات اللحم و قطع العظم المتناثرة في كل ارجاء الغرفة ,
لقد صعقت من رؤيتها لذلك المشهد الدموي المرعب , حتى أنها جمدت في مكانها و عجزت عن الصراخ , ثم وقعت أرضا إثر ضربة قوية من يد ذلك الذئب الكبيرة , و أحست فجاة بسخونة في خدها , و عندما لامسته بيدها , أحست بثلاثة خوط عميقة تجتاز وجهها عرضيا , لتصبغ يدها بلون قرمزي ساخن مؤلم , فأخذت تزحف محاولة الخروج , ولكن ذلك الوحش كان قد رمى بثقله فوق ظهرها , و أحست جيدا هذه المرة بقوة مخالبه وهي تعبر ظهرها الصغير , ذهابا و ايابا , لم يكن في قلبه أي شيى من الرحمة ,
أمسك رأسها بقوة و أعاده إلى الخلف , و نظر مباشرة في عينها المرتجفتين , و ضحك بصوت عال , ثم رمى براسها بقوة على الارض , فبدا كل شيئ حولها يبدو أبيضا ناصعا , و أغمضت عينيها مستريحة , ورأت نفسها في مكان أبيض كبير هادئ , وضوء جميل يناديها ,و كان سنيسل يركض فرحا نحو ذلك الضوء , وأحست بأن هذا أجمل ما عرفته ,و إن كان هذا هو الموت فما أجمله و ما أهدئه .
لكنها سرعان ما فتحت عيناها على سعتهما , و خرجت منها صرخة ألم مرعبة , إثر اقتلاع ضفر من يدها الناعمة , وصرخت عندما أخذ يقتلع الأخرين , لقد تمنت لو أنه كان قد قتلها , وأخذت تبكي بشدة , لماذا أيقظها من نومها , لماذا في اللحظة اللتي شعرت فيها براحة الموت , أحست فيها بقسوة الحياة , بدات تصلي و تصرخ مترجية أن يقتلها بسرعة , و لكنه كان يتلذذ بصراخها و بروئيتها تتألم , و الدم يسيل عليها ليعيد طلاءها بلونه الجميل ,
و دنا منها , و أخرج لسانه القذر , و بدأ يلعق قطرات الدماء المتساقطة على خديها , و ظهرها , و لكنه عنما وصل بلسانه إلى رقبتها الطويلة , و أحس بطراوة جلدها , لم يستطع منع نفسه من غرز أنيابه الحادة بها , لتدخل فيها كسيخ نار , و تخترق أوردتها , فاندفق الدم بقوة إلى الخارج و سال فوق دماء أخيها , شيئا فشيئا , حتى اختلطا بشكل تام , و ملئا أرض الغرفة الصغيرة , وعندما فرغ جسدها من الدماء , غرز أنيابه في رقبتها و حملها و جرى بها إلى الغابة , ليستريح قليلا ثم يعود بفريسته إلى البيت .
في تلك الأثناء , كانت مولي قلقة جدا على أبنائها , حتى أنها لم تستطع إمضاء الليلة بعيدا عنهم , لماذا كل هذا القلق , سألت نفسها وهي في طريق عودتها إلى المنزل , ماهذا الشعور الغريب اللذي ينتابها , إنها خائفة و يداها ترتجفان , لكن لماذا , إنها لا تعلم , أخذت تصلي و تصلي و تدعو الله أن لايصيب ولداها أي مكروه , إنها لو فقدتهما لاتعلم ماذا سيحل بها , ربما ستجن .
و عندما وصلت إلى المنزل , نزلت من السيارة واتجهت مسرعة إلى البيت , وكاد قلبها يتوقف عندما رأت النافذة الخلفية محطمة , فتحت الباب و اتجهت فورا إلى غرفة سنيسل , و عندما نظرت , لم تشئ أن تصدق , كانت الغرفة قد طليت باللون الأحمر الغامق , و انتشرت الأشلاء في كل مكان , وكان سيل من الدماء يسيل باتجاه النافذة , و أثار أقدام متوحشة تندس طهارته , وتختفي عندها .
سقطت مولي على ركبتيها , و أخذت تلمس بأصابعها المشككة , الدماء الموجودة على أرضية الغرفة , و كأنها تريد أن تكتشف بأنها أغبى مزحة يفعلها سنيسل , بطلاء غرفته بهذا الشكل , و كانت تصلي في قلبها كي يكون كلامها صحيح , ولن تعابقه أبدا , بل ستأخذه في أحضانها , ربما لساعات طويلة , و لكن رائحة الغرفة بالتاكيد لم تكن رائحة طلاء , بل إنها رائحة دماء نقية صافية , و إنهارت مولي على الارض , و أخذت تلطم وجهها و تصرخ , لقد كان الألم عميقا , بل أعمق من أن تتحمله , و أثناء موجة ألم صارخ , أخذت تشد خصلات شعرها و تبكي , و تضرب بيديها بكل قوتها على أي شيئ أمامها , كانت دموعها تغسل وجهها من دماء سنيسل و رباب , اللذي زحف إليها مع كل لطمة من أصابعها , و وقفت و اخذت تضرب بأقدامها الأرض و تصيح << دربك دربك ..عاحويطاتي .. يا من شفلي وليداتي >> , و صمتت فجاة , و أخذت نفسا عميقا , ثم استجمعت قواها و وقفت تنظر نظرة وداع أخير , و بعد أن استوعبت ما حدث , اتجهت إلى الغابة , و هي تصرخ بقوة زللزلت المدينة بأسرها , و انتقلت صرخاتها من حي إلى حي تنشر الرعب و الأسى
<< أنا العنزة العنوزية .. إم غرون الحديدية .. يلي أكلي وليداتي .. ينزل و يقاتلني >>
كانت العصاغير تنطلق كالمجانين في كل إتجاه , عندما تسمع صوت مولي متجها نحو مساكنها في أشجار الغابة , و أخذت تتناقل الخبر فيما بينها , و تذيعه على كل مخلوقات الغابة ,
و عندما وصل الخبر إلى أذني ذلك الوحش , أصدر ضحكة عالية , ثم حمل فريسته و اتجه بها نحو الصوت الهادر , و عندما رأى عيني هذه العنزة ملتهبة كالنار , علم بأنها لن تكون معركة سهلة , ثم بضربة واحدة رمى ذلك الجسد ــ الذي كان قبل بضع ساعات يدعى رباب , الفتاة الوديعة , أما الأن فهي مجرد جثة هامدة و جسد ناشف ميت ــ و أصدر صرخة عظيمة , هزت الغابة بأسرها , حتى أنها وصلت إلى مخبا كارلوس , و عندما سمعها انتصب على قوائمه الرشيقة , و اتجه مسرعا نحو الصوت , لقد عرفه فورا , إنه بالتأكيد صوت لويس , و لكن صرخته الأن تنذر بأن شيئا مريبا يحدث , فهو لم يصرخ بهذه القوة و هذا التحدي من قبل , حتى أنها رغم قوتها , تحمل شيئا من الألم , و كأنه يعرف مصيره مسبقا , فلا بد لهاتان العينين المشتعلتين كالبركان أن تحملا الكثير الكثير من القوة , إنها القوة اللتي تأتي من الألم , إنها القوة التي تأتي من رغبتنا في الإنتقام ,
و انقض لويس على مولي مسرعا و قفز بقوة على ظهرها , و غرز مخالبه الحادة في جلدها الرقيق , و لكنها رمته أرضا بحركة رشيقة قوية , وصرخت بصوت عظيم و زرعت حقدها في صدره , وأحس لويس بغرنها الطويل يدخل من صدره ليخرج من ظهره , و سمعها تقول < هذه لاجل رباب > ثم سحبت غرنها بقوة وأعادته بسرعة إلى صدره الدامي , وهي تردد < هذه لاجل سنيسل .. هذه لاجل سنيسل >
كان كارلوس قد وصل إلى موقع المعركة , و لكنه لم يميز سوى لويس وهو يترامى على الارض , وجسده مغطا بالدماء , أحس بشعلة غضب صارمة , لماذا هكذا هي الحياة , لم تكتف بأخذ والده أولا , ثم الأن تأخذ لويس , الرجل اللذي لعب دور والده بكل اتقان , و انقض مسرعا و غرز أنيابه الكبيرة في عنق قاتل أبيه , و لكنه عندما أوقعه أرضا و تعرف على وجهه جيدا , هنا كانت الصدمة
ــ ليش .. ليش انت بالزات ... و أخذ يبكي
نظرت إليه مولي , و قالت قبل أن تغمض جفونها إلى الأبد
ــ < القدر شو حقير , بيتر قتل أبوك الاول , و أنا قتلت أبوك التاني , يمكن نحنا المجرمين > و صمتت قليلا بينما كانت تستجمع اخر ما تبقى بها من قوة
ــ < بس إنت اجيت , وقتلت اللي انتقمت من الوحش اللي قتل حبيبتك >
وحاولت بكل قوتها , وحركت يدها بضعة سنتي مترات وأشارت إلى ذلك الجسد المترامي تحت شجيرة الياسمين الصغيرة , ثم أنزلت يدها و أسدلت جفنيها إلى الأبد .
فنظركارلوس إليه بخوف , لكنه لم يستطع التعرف إليه , استجمع قوته , واقترب من الياسمينة , و كانت رائحتها الرائعة تملأ المكان , و نظر إلى هذا الجسد المرمي بإهمال , و أخذ يبكي قسوة الحياة , إنه عندما حصل على السعادة فقدها , يال سخرية القدر , ارتمى على محبوبته رباب , و رفع رأسها , و بقوة كبيرة , و في لحظة ضعف قصيرة , غرز غرنها الصغير في قلبه مباشرة , و تهاوى جسده فوقها , وأعادت دمائه الساخنة طلي جسدهما بلونها الأحمر اللامع , و هبت نسمات قوية هزت الياسمينة , فأخذت الياسمينة ترمي بورودها البيضاء الناصعة فوقهما , ليغلف الورد جسدهما بطهارتة , و ليمحو رائحة الدماء بعبقه .
و كأن الرياح كانت تغني
< يا دنيا شتي ياسمين .. علي بيتلاقو مش عارفين .. و من مين خايفين .. من مين .. >
لربما من الحياة .... أو أنه من الموت .. فهما كما يقال ... وجهان لعملة واحدة .
جميع الحقوق محفوظة ل www.sandypel.com الكاتب .. طارق بركات
22 \11 \ 2009 ..
قد ترد في القصة أسماء مشابهة للواقع و لكنها بكل تاكيد لاتمت لهم بأي صلة .. فهي من نسج خيال الكاتب ..
Comment