لعالم القديم ، ذاك العالم الزاخر بالحضارات والأمجاد ، أرض العزِّ ، أرض الأجدادْ ،
الذين تركوا لنا آثارهم الأبدية ، لتحكي لنا حكاياتهم المنسية ، آثارا ً ستبقى أبدا ً ذكرى لأنام ٍ سكنوا هناك ، عاشوا وماتوا هناك ، ومنها نقرأ سير الطغاة والنسَّاك ، تاريخ مجدٍ لا ينبغي لغيرهم ، تاريخ انتصارهم على الطبيعةِ ، وتحطيم قيدهم.
وعجائب الدنيا السبعُ خير مثال ٍ على عراقة الأجداد ، فهم زادوا بها بهاء البلاد ، وتركوها تذكرة ً للأحفاد ، علَّ ذكرياتهم تبقى ، وقبورهم بعد دهور ٍ تسقى.
فتمثال العملاق رودس ، وتمثال الإله زيوس ، وهيكل أرتميس ، وأهرام مصر ، وجنائن بابل المعلقة ، وضريح موزول ، ومنارة الإسكندرية ، هي أكثر من مجرد تحفٍ عمرانية ، بل هي ملاحم تاريخيةٍ تحكي قصة ولادة الإنسانية ، على الرغم من ضياع ستٍ منها ، والغموض الذي يلفُّ ما بقي منها ، فإنَّ ما تبقى من أطلالها كافٍ ، ليقصَّ حكايات الدول والمدائن.
وعلى أنَّ تمثال الإله زيوس ، هو الأقدس بين نظرائه ، فإني سأزيل عنه غبار التاريخ المكدَّس ، ليعود زاهيا ً ما كان ذات يوم ٍ مقدَّس ، وزيوس هو إله آلهة اليونان ، عرشه فوق الأكوانْ ، لذا كان على باني تمثاله الجليل ، أن يضع فيه كلَّ ما هو جميل ، من ذهبٍ وفضةٍ ومرجان ، وياقوتٍ ومرمر ٍ ويسر ٍ يليق بعرش إله الإنسان ، وكان باثني عشر مترا ً من الارتفاع ، جوهرة ً لم يقدر على وصفها يراع ، وقد بني في القرن الرابع قبل الميلاد ، كمحج ٍ للأتقياء والعباد.
وليفيدياس ، ذاك الفنان العظيم ، بنى مجده من الهشيم ، فاختار مدينة أولمبيا اليونانية ، التي بعد العظمة باتت منسية ، لتكون مهدا ً للإله المجسد ، إله الأساطير ، فأعاد لها أبَّهتها القديمة ، حين جعلها لعرش الإله نديمة.
وزيوس ، رجلٌ كهلٌ وقور ، في تقاسيم وجهه حزنٌ وسرور ، فشعره الأبيض المسترسل على كتفيه ، يبكي ما حلَّ ببلاده من ضياع ٍ وتيه ، والخطوط المرسومة على الجبين ، قصة ٌ للفائت من السنين ، ملؤها الحكمة ، وعلامات النعمة ، بادية ٌ على عنقه المطرز بالجواهر ، تكريما ً لإله قوي قادر ، ولو أمعنا النظر في العيون ، لرأينا أكاليل الغار ، وأشجار الزيتون ، لون عينيه الأخضر ، ولون وجنتيه الأحمر ، كأنما أرض الوطن الخضراء ، متزينة ٌ بدماء الشهداء .
ويلفُّ جسده وشاحٌ من الذهب ، وصولجانه بين يمينه والأرض انتصب ، والجوهر في رأسه ، وبيساره يمسك بكأسه ، ذي الخمر الأشهى ، وعيونه تراقب السهى.
زيوس ، الجالس على الكرسي العاجي المزخرف ، حكاية تاريخ لا تتوقف ، كأنما يقول لي :
انظر يا بنيَّ وشاهد ، قد زالت كلُّ المعابد ، وما عاد لاسمي صدى ، قد نالني الردى ، ونال كل البشر ، نال الشمس والقمر ، اللذين كانا بين يديَّ ، يشرقان من عينيَّ.
انظر بنيَّ وراقب ، أرضا ً ترد كل طالب ، انظر إلى مجدي ، أين هو؟ أ تراه الآن يجدي؟
شهدت حروب الأرض ، حروب الشرف والعرض ، كفارس وقائد ، بين الناس أنا الرائد ، قد كنت ملك الجميع ، أهب لهم الشتاء ، وأهديهم الربيع ، واليوم أنا قابع في مكاني ، كأحقر الأوثان ِ ، لا حول لي ولا قوة ، بيني وبين الحياة ألف هوة ، صنم محطم من الحجارة ، ذكرى قديمة لتلك الحضارة.
الحياة يا بني لعبة ، أوراقها الرابحة القوة والمحبة ، وقوتي زالت ، والمحبة باتت ، للملوك الرعاع ، وما عاد يصل الأسماع ، إلا الأكاذيب ، عن حبيبة ٍ خرقاء ، وعن حبيب ، عن ملاحم شعرية أسطورية ، أوديسَّا وإلياذة وطروادة غبية ، متى كانت الملاحم تسطر دوني؟ متى نسي الناس أفضالي ونسوني؟
ارحل يا بنيَّ عني ، دعك مني ، انسَ ترهات الفنِّ ، فحتى الإله بات ينسى ، وبات مرقده للذباب مرسى.
زيوس ، سيد العالم القديم ، البهي ، الإله والنبي ، فقد التبجيل والتكريم ، فضريحه منسيُّ ، لا يزوره إنسيُّ ، وتداعت أعمدة الضريح ، وسقط أخيرا ً يوم ولد المسيح.
تلك هي حكاية العالم باختصار ، رواها صنمٌ كان ذا هيبةٍ ووقار ، كان إله الناس ، وبيع اليوم على يد نخاس ، تلك حكاية التاريخ ، من خلق آدم وإلى أن يأتي المسيح ، فدهر للمجد ِ ، ودهور للهزيمة ، يومٌ للعزِّ ، وقرونٌ بائسة ٌ ، نحكي فيها حكايات الآثار القديمة.
الذين تركوا لنا آثارهم الأبدية ، لتحكي لنا حكاياتهم المنسية ، آثارا ً ستبقى أبدا ً ذكرى لأنام ٍ سكنوا هناك ، عاشوا وماتوا هناك ، ومنها نقرأ سير الطغاة والنسَّاك ، تاريخ مجدٍ لا ينبغي لغيرهم ، تاريخ انتصارهم على الطبيعةِ ، وتحطيم قيدهم.
وعجائب الدنيا السبعُ خير مثال ٍ على عراقة الأجداد ، فهم زادوا بها بهاء البلاد ، وتركوها تذكرة ً للأحفاد ، علَّ ذكرياتهم تبقى ، وقبورهم بعد دهور ٍ تسقى.
فتمثال العملاق رودس ، وتمثال الإله زيوس ، وهيكل أرتميس ، وأهرام مصر ، وجنائن بابل المعلقة ، وضريح موزول ، ومنارة الإسكندرية ، هي أكثر من مجرد تحفٍ عمرانية ، بل هي ملاحم تاريخيةٍ تحكي قصة ولادة الإنسانية ، على الرغم من ضياع ستٍ منها ، والغموض الذي يلفُّ ما بقي منها ، فإنَّ ما تبقى من أطلالها كافٍ ، ليقصَّ حكايات الدول والمدائن.
وعلى أنَّ تمثال الإله زيوس ، هو الأقدس بين نظرائه ، فإني سأزيل عنه غبار التاريخ المكدَّس ، ليعود زاهيا ً ما كان ذات يوم ٍ مقدَّس ، وزيوس هو إله آلهة اليونان ، عرشه فوق الأكوانْ ، لذا كان على باني تمثاله الجليل ، أن يضع فيه كلَّ ما هو جميل ، من ذهبٍ وفضةٍ ومرجان ، وياقوتٍ ومرمر ٍ ويسر ٍ يليق بعرش إله الإنسان ، وكان باثني عشر مترا ً من الارتفاع ، جوهرة ً لم يقدر على وصفها يراع ، وقد بني في القرن الرابع قبل الميلاد ، كمحج ٍ للأتقياء والعباد.
وليفيدياس ، ذاك الفنان العظيم ، بنى مجده من الهشيم ، فاختار مدينة أولمبيا اليونانية ، التي بعد العظمة باتت منسية ، لتكون مهدا ً للإله المجسد ، إله الأساطير ، فأعاد لها أبَّهتها القديمة ، حين جعلها لعرش الإله نديمة.
وزيوس ، رجلٌ كهلٌ وقور ، في تقاسيم وجهه حزنٌ وسرور ، فشعره الأبيض المسترسل على كتفيه ، يبكي ما حلَّ ببلاده من ضياع ٍ وتيه ، والخطوط المرسومة على الجبين ، قصة ٌ للفائت من السنين ، ملؤها الحكمة ، وعلامات النعمة ، بادية ٌ على عنقه المطرز بالجواهر ، تكريما ً لإله قوي قادر ، ولو أمعنا النظر في العيون ، لرأينا أكاليل الغار ، وأشجار الزيتون ، لون عينيه الأخضر ، ولون وجنتيه الأحمر ، كأنما أرض الوطن الخضراء ، متزينة ٌ بدماء الشهداء .
ويلفُّ جسده وشاحٌ من الذهب ، وصولجانه بين يمينه والأرض انتصب ، والجوهر في رأسه ، وبيساره يمسك بكأسه ، ذي الخمر الأشهى ، وعيونه تراقب السهى.
زيوس ، الجالس على الكرسي العاجي المزخرف ، حكاية تاريخ لا تتوقف ، كأنما يقول لي :
انظر يا بنيَّ وشاهد ، قد زالت كلُّ المعابد ، وما عاد لاسمي صدى ، قد نالني الردى ، ونال كل البشر ، نال الشمس والقمر ، اللذين كانا بين يديَّ ، يشرقان من عينيَّ.
انظر بنيَّ وراقب ، أرضا ً ترد كل طالب ، انظر إلى مجدي ، أين هو؟ أ تراه الآن يجدي؟
شهدت حروب الأرض ، حروب الشرف والعرض ، كفارس وقائد ، بين الناس أنا الرائد ، قد كنت ملك الجميع ، أهب لهم الشتاء ، وأهديهم الربيع ، واليوم أنا قابع في مكاني ، كأحقر الأوثان ِ ، لا حول لي ولا قوة ، بيني وبين الحياة ألف هوة ، صنم محطم من الحجارة ، ذكرى قديمة لتلك الحضارة.
الحياة يا بني لعبة ، أوراقها الرابحة القوة والمحبة ، وقوتي زالت ، والمحبة باتت ، للملوك الرعاع ، وما عاد يصل الأسماع ، إلا الأكاذيب ، عن حبيبة ٍ خرقاء ، وعن حبيب ، عن ملاحم شعرية أسطورية ، أوديسَّا وإلياذة وطروادة غبية ، متى كانت الملاحم تسطر دوني؟ متى نسي الناس أفضالي ونسوني؟
ارحل يا بنيَّ عني ، دعك مني ، انسَ ترهات الفنِّ ، فحتى الإله بات ينسى ، وبات مرقده للذباب مرسى.
زيوس ، سيد العالم القديم ، البهي ، الإله والنبي ، فقد التبجيل والتكريم ، فضريحه منسيُّ ، لا يزوره إنسيُّ ، وتداعت أعمدة الضريح ، وسقط أخيرا ً يوم ولد المسيح.
تلك هي حكاية العالم باختصار ، رواها صنمٌ كان ذا هيبةٍ ووقار ، كان إله الناس ، وبيع اليوم على يد نخاس ، تلك حكاية التاريخ ، من خلق آدم وإلى أن يأتي المسيح ، فدهر للمجد ِ ، ودهور للهزيمة ، يومٌ للعزِّ ، وقرونٌ بائسة ٌ ، نحكي فيها حكايات الآثار القديمة.