فرحت ندى -الفتاة التي لم تتم السادسة عشر بعد- بالرجل الذي تقدم لخطبتها، لم تشاهده بعد ولكنهم قالوا لها بأنه من عائلة كبيرة ومحترمة.
بهي الطلعة، مكتمل المواصفات وفي الثلاثين من العمر، ولأنها الأخيرة من تسع بنات، لم تشأ أن تبقى بمفردها بعد أن سبقها الثمانية الأخريات إلى عش الزوجية، بنفس الطريقة... خطبة قصيرة برتيبات عائلية... تفاهم على النفقات... لقاءات عدة بين الخطيبين خلال أشهر تحت اسم الخطبة... ثم الدخلة.
وكان أخر من يستشار في الأمر هي صاحبة العلاقة.... حيث كانت تجري الأمور بطريقة روتينية .؟؟؟
فندى تنتمي إلى عائلة محافظة كثرت البنات فيها وكانت كلمة الفصل للأم ولو انه لا يبدو كذلك... حيث كانت ترتب جميع صفقاتها بعد أن تدل الطالبين ليد ابنتها على مواضع الضعف لدى زوجها حتى يتم الوفاق والاتفاق بأسرع ما يمكن.؟
وهذه ليست خيانة كما يمكن للبعض أن يسميها.!... لا... لأن الأم لم تكن سهلة بتاتا... ولا تسهل الأمر بالعادة إلا للخاطبين الذين يحملون صفة الزوج الذي يستحق ابنتها ويكون قادرا على الانضمام إلى عائلتها كفرد منها يملك كل المواصفات المطلوبة.
ولأنها كانت صغيرة جداً ولا تستطيع أن تميز بين رجل بالأربعين أو الثلاثين.!... ولا تعرف عن الرجال شيئا، ظنت بأنها محظوظة به، فتركت أحلامها الوردية بلقاء فارس أحلامها جانبا وبدأت تعد عدتها للتأقلم معه كزوجة وست بيت لا أكثر.؟! فشؤون القلب لم يحن أوانها بعد؟!
لم يخبروها شيئا عن ليلة دخلتها إلا في ليلة زفافها.؟!... فلم تأخذ كلمات النصح والتوجيه من اهتمامها الكثير، فلقد كانت ملهية مسحورة ببذلتها البيضاء ومجوهراتها وزينتها وبالضيوف الذين كانوا يحيطونها بالأهازيج والتهاني والهدايا وهم مبتهجون وفرحون بها.!.... ولم تفطن بعد هذه الليلة الصاخبة إلى أنها ستغادر بيت ذويها إلى بيت آخر، وبأنها ستشارك زوجها -هذا الرجل الجديدة العهد به- منزله وطعامه وشرابه وحتى فراشه.؟!
هي لم تدرك بان المرحلة التالية لحياة أي فتاة تريد أن تنتقل من مرحلة حضانتها من قبل عائلتها إلى مرحلة تأسيس عائلتها الخاصة وتكون هي الحاضنة لها، تشبه إلى حد بعيد الولادة الجديدة؟!.
إنها انعتاق من ثوب لتحل في ثوب آخر... وانتقال من عالم إلى عالم آخر... تتعرف فيه ولأول مرة على عالم لا تعرفه إلا من خلال أحلامها... وقد لا تجد من كل ما كانت تحلم إلا اليسير.
وقد تجد أكثر من حلمها... لان هذا العالم هو عالم يعتمد عليها كليا في رسم ملامحه من كل جوانبها... ويعتمد على مدى تقبلها أو رفضها أو انسجامها مع محيطها.
عالم ينجلي الحلم فيه عن الواقع وينقلها من موقع المشاهد للحدث إلى موقع الفاعل فيه، تشعر فيه ولأول مرة بأنها تملك مصيرها بيديها... بان لها شريك في كل شيء.
في الصالون، في المطبخ، في الحمام، وفي غرفة النوم والفراش.!؟
وبأنه سيشاركها حتى الهواء وفنجان القهوة والوجبة الساخنة... أمالها...أحلامها... طموحاتها... وبأنه أكثر من هذا سيكون الشريك الوحيد الذي سيمنح وجوده وحبه وعطائه ثمرة تحملها في أحشائها وتنبض بالحياة،.
فهل كانت حقا مستعدة لهذا الميلاد الجديد والانتقال من الشرنقة التي كانت فيها فاردة جناحيها بكل زهو وكبرياء تصفق بهم نحو الحياة الجديدة التي تنتظرها؟.
هل كانت حقا قادرة على خوض هذه التجربة الفريدة بان تكون مع زوجها شريكة في عش واحد ... تبنيه... تزينه وتحميه!؟.
لا يبدو ذلك، لأن ولادتها كانت عسيرة وليلتها الأولى معه لم تنجح!.
ولأنها اكتشفت فجأة بأنه اقترب منها أكثر من اللازم... وبأنه لامس من جسدها وروحها بعض مما حفظته لحبيبها وفارس أحلامها الموعود.
ولم تكن تعرف بان هذا الزوج الذي تسكن معه هو آخر المطاف من الحلم الذي عشش في خيالها سنين طويلة وبان زوجها هو حلمها... عشقها... حبها الذي يجب أن تسكنه فؤادها وقلبها وروحها بعد إن تفرغهم من كل أحلامها!.
فلا شريكا للجسد ولا مكان في القلب لأثنين؟!.
وككل الزيجات التقليدية أخذت الحياة مجراها، فمضت السنوات العشر الأولى من حياة ندى كلمح البصر، ولم تدري إلا وقد أصبحت أم لستة من البنين والبنات، فملئوا عليها حياتها واخذوا منها جل وقتها وكانوا بالنسبة لها كل شيء، وقد راق لها أن تصبح أما لها وزنها وقرارها وكلمتها... وبأنها أضحت لهم الملاذ الآمن من كل مكروه ومصدرا للحنان ولا يعيبها -وقد نضجت واكتملت خبرتها- من أن تمارس دور الطبيبة والممرضة والمعلمة، وقد امتلكت في جعبتها السحرية الدواء لكل داء والحلول لكل المشاكل، فوق ما كانت تمتلكه من اهتمام وحب من زوجها وعائلته... ولم لا فلقد كانت بالنسبة للجميع زوجة مثالية.
فجأة وبعد أول وعكة صحية خطرة ألزمت زوجها الفراش اكتشفت ندى بان زوجها أصبح مسنا في حين هي لازالت في ريعان الشباب... وبان السنوات الخمس والعشرون التي تفصلها عنه هي أكثر بكثير مما ادعاه عند الاقتران بها؟!... وهكذا بدأت تطفو على سطح حياتها سيئات وعيوب لم تكن لتراها!... وأضحت تشعر بوجوده ثقيلا عليها، فلم تعد تحتمل صوت تنفسه يلج أذنيها كأزيز النحل!؟... ورغم افتراقها عنه في فراش خاص بها إلا أن وجوده إلى قربها في غرفة واحدة أصبح لا يطاق؟!.
حتى رائحته الذكية التي كانت تتغنى بها إلى حين أضحت نتنه، ولم تنفع كل محاولاتها باستخدام شتى أنواع المنظفات والعطور في إزالتها... ويديه الناعمتين المدربتين على استثارة مشاعرها وأنوثتها في جلب أقصى ما كانت تتمناه من الحنان والمتعة بدتا وكأنهما أزرع إخطبوط تحيط بها وتطبق على أنفاسها!، فلم تعد تحتمل أن يضع يده الوحيدة القادرة على الحركة فوق كتفها أو على شعرها مستأنسا مداعبا كما جرت عليه العادة؟؟؟.
خاصة بعد أن أدركت بان ما أصيب به سيلزمه فراشه وبيته وستصبح ممرضته التي تسهر على راحته وصحة بدنه، بعد إن كانت ولأكثر من عشر سنوات جاريته ومربية لأولاده... تذعن لكل مطالبه ورغباته ونزواته التي تحبها والتي لا تحبها فيه!.
فأخذت تقسو عليه وتتمهل في تلبية حوائجه، وتتصنع عدم سماع توسلاته في استدراك أولادها يعبثون بالأدوية أو المدفأة أو أدوات المطبخ!؟... وكأنها أرادت أن تنتقم لنفسها من هذا الشر الذي وقع عليها وألزمها به كل هذه السنين دون موافقة أو اتفاق أو إرادة أو حب!.... وشعرت ولأول مرة في حياتها بأنها تكرهه وتتمنى موته؟!.
وشجعها على ذلك زيارات ابن خالتها بحكم إشرافه على تطبيب زوجها... ففهمت إطراءه لها على هذه التضحية النبيلة في العناية ببيتها وزوجها، على انه تقرب منها وطلب للمودة وعربون وفاء لذكريات طفولتهم البريئة التي لطالما شاركته بها.
فأخذت تعلل نفسها بالآمال...وترسم لنفسها حياة أخرى تمنتها... وحب آخر لفارس أحلامها القابع ها هنا في مكان ما من قلبها وعقلها ينتظر متحفزا ومتشوقا لمساتها الناعمة السحرية لتوقظه من ثباته وتخرجه كالمارد من قمقمه؟!.
فأصبحت تتعمد الإخلال بموازين الدواء ومواقيتها ترجو نهاية قريبة له وبداية لحياة أخرى لها.... ولم تدرك فداحة ما ترتكبه من إثم وخيانة، إلا عندما وقعت الكارثة وقضي الأمر وفارق الحياة.
فوقعت عليها كلمات طبيبه الجارحة الثقيلة والمؤلمة كالصاعقة، لتثخن الجراح الغضة فيها... والتي لم تندمل رغم بلوغها الثمانين من العمر!؟... فهي لازالت تلاحقها... ولم تشفع لها توبتها ولا صلواتها ولا التضحية العظيمة التي قدمتها لثلاثة أجيال من عائلتها!؟.
بضع كلمات لا أكثر تقبع هنا في عقلها وقلبها ووجدانها... وتعود لتطن في أذنيها تذكرها بإثمها وموت زوجها وحلمها (كنت معجب بك واحترمك وأجلّك لأنك امرأة تتمتعين بجمال وفتنة وعفة الملائكة... ولكن سرعان ما أدركت بان الهالة الإلهية التي كانت تحيط بك قد انطفأت بانطفاء من أشعلها بحبه ووفاءه!... وقريبا ستدركين حجم الخسارة بفقدانك الرجل الوحيد القادر على حبك وحمايتك ودفع الأذى عنك حتى وان كان مقعدا!؟.) وتساءلت في سرها رغم كل ما حل بها من الم: ( ألا يحق لي أن احلم وأتنفس وأحب وأعيش كامرأة؟... كأنثى!؟... – بكل بساطة– كامرأة أنثى؟!.)
بهي الطلعة، مكتمل المواصفات وفي الثلاثين من العمر، ولأنها الأخيرة من تسع بنات، لم تشأ أن تبقى بمفردها بعد أن سبقها الثمانية الأخريات إلى عش الزوجية، بنفس الطريقة... خطبة قصيرة برتيبات عائلية... تفاهم على النفقات... لقاءات عدة بين الخطيبين خلال أشهر تحت اسم الخطبة... ثم الدخلة.
وكان أخر من يستشار في الأمر هي صاحبة العلاقة.... حيث كانت تجري الأمور بطريقة روتينية .؟؟؟
فندى تنتمي إلى عائلة محافظة كثرت البنات فيها وكانت كلمة الفصل للأم ولو انه لا يبدو كذلك... حيث كانت ترتب جميع صفقاتها بعد أن تدل الطالبين ليد ابنتها على مواضع الضعف لدى زوجها حتى يتم الوفاق والاتفاق بأسرع ما يمكن.؟
وهذه ليست خيانة كما يمكن للبعض أن يسميها.!... لا... لأن الأم لم تكن سهلة بتاتا... ولا تسهل الأمر بالعادة إلا للخاطبين الذين يحملون صفة الزوج الذي يستحق ابنتها ويكون قادرا على الانضمام إلى عائلتها كفرد منها يملك كل المواصفات المطلوبة.
ولأنها كانت صغيرة جداً ولا تستطيع أن تميز بين رجل بالأربعين أو الثلاثين.!... ولا تعرف عن الرجال شيئا، ظنت بأنها محظوظة به، فتركت أحلامها الوردية بلقاء فارس أحلامها جانبا وبدأت تعد عدتها للتأقلم معه كزوجة وست بيت لا أكثر.؟! فشؤون القلب لم يحن أوانها بعد؟!
لم يخبروها شيئا عن ليلة دخلتها إلا في ليلة زفافها.؟!... فلم تأخذ كلمات النصح والتوجيه من اهتمامها الكثير، فلقد كانت ملهية مسحورة ببذلتها البيضاء ومجوهراتها وزينتها وبالضيوف الذين كانوا يحيطونها بالأهازيج والتهاني والهدايا وهم مبتهجون وفرحون بها.!.... ولم تفطن بعد هذه الليلة الصاخبة إلى أنها ستغادر بيت ذويها إلى بيت آخر، وبأنها ستشارك زوجها -هذا الرجل الجديدة العهد به- منزله وطعامه وشرابه وحتى فراشه.؟!
هي لم تدرك بان المرحلة التالية لحياة أي فتاة تريد أن تنتقل من مرحلة حضانتها من قبل عائلتها إلى مرحلة تأسيس عائلتها الخاصة وتكون هي الحاضنة لها، تشبه إلى حد بعيد الولادة الجديدة؟!.
إنها انعتاق من ثوب لتحل في ثوب آخر... وانتقال من عالم إلى عالم آخر... تتعرف فيه ولأول مرة على عالم لا تعرفه إلا من خلال أحلامها... وقد لا تجد من كل ما كانت تحلم إلا اليسير.
وقد تجد أكثر من حلمها... لان هذا العالم هو عالم يعتمد عليها كليا في رسم ملامحه من كل جوانبها... ويعتمد على مدى تقبلها أو رفضها أو انسجامها مع محيطها.
عالم ينجلي الحلم فيه عن الواقع وينقلها من موقع المشاهد للحدث إلى موقع الفاعل فيه، تشعر فيه ولأول مرة بأنها تملك مصيرها بيديها... بان لها شريك في كل شيء.
في الصالون، في المطبخ، في الحمام، وفي غرفة النوم والفراش.!؟
وبأنه سيشاركها حتى الهواء وفنجان القهوة والوجبة الساخنة... أمالها...أحلامها... طموحاتها... وبأنه أكثر من هذا سيكون الشريك الوحيد الذي سيمنح وجوده وحبه وعطائه ثمرة تحملها في أحشائها وتنبض بالحياة،.
فهل كانت حقا مستعدة لهذا الميلاد الجديد والانتقال من الشرنقة التي كانت فيها فاردة جناحيها بكل زهو وكبرياء تصفق بهم نحو الحياة الجديدة التي تنتظرها؟.
هل كانت حقا قادرة على خوض هذه التجربة الفريدة بان تكون مع زوجها شريكة في عش واحد ... تبنيه... تزينه وتحميه!؟.
لا يبدو ذلك، لأن ولادتها كانت عسيرة وليلتها الأولى معه لم تنجح!.
ولأنها اكتشفت فجأة بأنه اقترب منها أكثر من اللازم... وبأنه لامس من جسدها وروحها بعض مما حفظته لحبيبها وفارس أحلامها الموعود.
ولم تكن تعرف بان هذا الزوج الذي تسكن معه هو آخر المطاف من الحلم الذي عشش في خيالها سنين طويلة وبان زوجها هو حلمها... عشقها... حبها الذي يجب أن تسكنه فؤادها وقلبها وروحها بعد إن تفرغهم من كل أحلامها!.
فلا شريكا للجسد ولا مكان في القلب لأثنين؟!.
وككل الزيجات التقليدية أخذت الحياة مجراها، فمضت السنوات العشر الأولى من حياة ندى كلمح البصر، ولم تدري إلا وقد أصبحت أم لستة من البنين والبنات، فملئوا عليها حياتها واخذوا منها جل وقتها وكانوا بالنسبة لها كل شيء، وقد راق لها أن تصبح أما لها وزنها وقرارها وكلمتها... وبأنها أضحت لهم الملاذ الآمن من كل مكروه ومصدرا للحنان ولا يعيبها -وقد نضجت واكتملت خبرتها- من أن تمارس دور الطبيبة والممرضة والمعلمة، وقد امتلكت في جعبتها السحرية الدواء لكل داء والحلول لكل المشاكل، فوق ما كانت تمتلكه من اهتمام وحب من زوجها وعائلته... ولم لا فلقد كانت بالنسبة للجميع زوجة مثالية.
فجأة وبعد أول وعكة صحية خطرة ألزمت زوجها الفراش اكتشفت ندى بان زوجها أصبح مسنا في حين هي لازالت في ريعان الشباب... وبان السنوات الخمس والعشرون التي تفصلها عنه هي أكثر بكثير مما ادعاه عند الاقتران بها؟!... وهكذا بدأت تطفو على سطح حياتها سيئات وعيوب لم تكن لتراها!... وأضحت تشعر بوجوده ثقيلا عليها، فلم تعد تحتمل صوت تنفسه يلج أذنيها كأزيز النحل!؟... ورغم افتراقها عنه في فراش خاص بها إلا أن وجوده إلى قربها في غرفة واحدة أصبح لا يطاق؟!.
حتى رائحته الذكية التي كانت تتغنى بها إلى حين أضحت نتنه، ولم تنفع كل محاولاتها باستخدام شتى أنواع المنظفات والعطور في إزالتها... ويديه الناعمتين المدربتين على استثارة مشاعرها وأنوثتها في جلب أقصى ما كانت تتمناه من الحنان والمتعة بدتا وكأنهما أزرع إخطبوط تحيط بها وتطبق على أنفاسها!، فلم تعد تحتمل أن يضع يده الوحيدة القادرة على الحركة فوق كتفها أو على شعرها مستأنسا مداعبا كما جرت عليه العادة؟؟؟.
خاصة بعد أن أدركت بان ما أصيب به سيلزمه فراشه وبيته وستصبح ممرضته التي تسهر على راحته وصحة بدنه، بعد إن كانت ولأكثر من عشر سنوات جاريته ومربية لأولاده... تذعن لكل مطالبه ورغباته ونزواته التي تحبها والتي لا تحبها فيه!.
فأخذت تقسو عليه وتتمهل في تلبية حوائجه، وتتصنع عدم سماع توسلاته في استدراك أولادها يعبثون بالأدوية أو المدفأة أو أدوات المطبخ!؟... وكأنها أرادت أن تنتقم لنفسها من هذا الشر الذي وقع عليها وألزمها به كل هذه السنين دون موافقة أو اتفاق أو إرادة أو حب!.... وشعرت ولأول مرة في حياتها بأنها تكرهه وتتمنى موته؟!.
وشجعها على ذلك زيارات ابن خالتها بحكم إشرافه على تطبيب زوجها... ففهمت إطراءه لها على هذه التضحية النبيلة في العناية ببيتها وزوجها، على انه تقرب منها وطلب للمودة وعربون وفاء لذكريات طفولتهم البريئة التي لطالما شاركته بها.
فأخذت تعلل نفسها بالآمال...وترسم لنفسها حياة أخرى تمنتها... وحب آخر لفارس أحلامها القابع ها هنا في مكان ما من قلبها وعقلها ينتظر متحفزا ومتشوقا لمساتها الناعمة السحرية لتوقظه من ثباته وتخرجه كالمارد من قمقمه؟!.
فأصبحت تتعمد الإخلال بموازين الدواء ومواقيتها ترجو نهاية قريبة له وبداية لحياة أخرى لها.... ولم تدرك فداحة ما ترتكبه من إثم وخيانة، إلا عندما وقعت الكارثة وقضي الأمر وفارق الحياة.
فوقعت عليها كلمات طبيبه الجارحة الثقيلة والمؤلمة كالصاعقة، لتثخن الجراح الغضة فيها... والتي لم تندمل رغم بلوغها الثمانين من العمر!؟... فهي لازالت تلاحقها... ولم تشفع لها توبتها ولا صلواتها ولا التضحية العظيمة التي قدمتها لثلاثة أجيال من عائلتها!؟.
بضع كلمات لا أكثر تقبع هنا في عقلها وقلبها ووجدانها... وتعود لتطن في أذنيها تذكرها بإثمها وموت زوجها وحلمها (كنت معجب بك واحترمك وأجلّك لأنك امرأة تتمتعين بجمال وفتنة وعفة الملائكة... ولكن سرعان ما أدركت بان الهالة الإلهية التي كانت تحيط بك قد انطفأت بانطفاء من أشعلها بحبه ووفاءه!... وقريبا ستدركين حجم الخسارة بفقدانك الرجل الوحيد القادر على حبك وحمايتك ودفع الأذى عنك حتى وان كان مقعدا!؟.) وتساءلت في سرها رغم كل ما حل بها من الم: ( ألا يحق لي أن احلم وأتنفس وأحب وأعيش كامرأة؟... كأنثى!؟... – بكل بساطة– كامرأة أنثى؟!.)
---------------------------------
Comment