التابوت
{ حضانة العقول }
خيال علمي
{ حضانة العقول }
خيال علمي
عندما دخلت تلك الفقاعة لم أكن أعلم ما سوف أشاهده وأحياه خلال سويعات قليلة قادمة , كنت أنا الوحيد المهيأ لتلك التجربة الجديدة على عالمي, بل وعلى كل من خاض أي تجارب من قبل عبر التاريخ البشري.
كنت أبحث عن دور لي على خارطة الحياة , ووجدت الطريق بانضمامي لمسابقة المسافر عبر الأجيال.
دخلت لبؤرة الجسد الحديدي الذي صمم لكي ينقلني من عالمي بكل ما فيه من كوارث وحروب ومجاعات وأوبئة تجتاح العالم من حولي
إلي عالم مستقبلي قد يكون أنقى وأعظم من هذا العالم الذي أحياه الآن.
قد يكون فيه حلول لمشاكل وكوارث الأرض
وكان المخطط لي من تلك الرحلة وهدفها الأساسي هو معرفة كيف لسكان الأرض في المستقبل قد استطاعوا التغلب على مشكلة نقص المياه في كوكبنا الأرضي ؟
تلك المشكلة التي قامت بسببها الحروب
يا له هذا الإنسان...أستطاع أن يغزو الكواكب من حوله, أستطاع أن يخترع ويبتكر ويتطور ويتقدم بقوة وسرعة لا نهائية في مختلف الأصعدة..ومع كل هذا...يعجز في سبر أغوار نفسه...يعجز في أيجاد السلام الداخلي مع ذاته ومع الآخرين !!!
كانت طريقة فرز من سيقع عليه الاختيار لتلك المهمة البشرية صعبة وطويلة استمرت شهور من الاختبارات الفيزيائية والعصبية العصيبة, بل وحتى اختبارات للعقل الباطن للمتسابق بكل الطرق العلمية وبأجهزة هي التعقيد ذاته, وها أنا الآن المسافر عبر الأجيال في اختبار نادر من نوعه على أول بشري يخطوا بأقدامه على أرض المستقبل , كما حدث منذ أكثر من مئة عام مضي عندما خطى أول بشري على أرض القمر, ولكن الاختلاف هنا رهيب بكل ما في الكلمة من معنى.
جلست داخل الفقاعة الحديدية التي أعدت خصيصاً لهذا الغرض العلمي والإنساني , وأنا كلي خوف ورهبة لم أشعر بها من قبل طوال الفترة السابقة ! لا أعلم لقد كنت أكثر الأشخاص ثقة بالنفس وقوة عزيمة واتزان عصبي
ولكن عندما دخلت لبؤرة الجسد الحديدي الذي صمم لكي ينقلني من عالمي حتى شعرت بتيار شديد من الخوف يجتاحني بشدة ويضربني بلا هوادة .
ارتعشت كل خلايا جسدي بقوة عند البدء في عمل تلك الأجهزة التي
تنتشر في كل شبر من مركبتي , مركبتي التي لم تكن من قبل غريبة علي بل أصبحت جزء مني لا ينفصل, ولكن الآن أحس بأنها وحش سيلتهمني داخلها , الخوف من المجهول القادم, هو ما أرعبني وحطم أخر جدار للتماسك داخل نفسي, فخوفي من القادم إلي أو الذاهب إليه أنا في أول رحلة مختلفة بكل المقاييس , هو ما يفزعني الآن .
استسلمت لمصيري, فأنا على الأقل أحاول أن أساهم في تغيير هذا العالم الذي تحول من عالم للبشر الأسوياء إلي عالم لا تحكمه إلا شهوة التملك بكل ما فيها من طغيان, بكل ما فيها من استعلاء على الأضعف , شهوة لم تجد من يوقفها , لم يعد الإنسان ذلك المخلوق
العاقل, لم يعد ذلك المخلوق المحب , بل أضحي في أسوء ما قد يصل إليه مخلوق من فساد في الطبائع ,
لذلك عندما سمعت عن تلك المسابقة وشيء داخلي يلح علي بكل شدة لأن أتقدم لهذه المسابقة وها أنا من وصل للنهاية فأنا أفضل من ملايين البشر بل أفضل من كل بشري يحيا الآن ذلك الكابوس المسمى حياة الأرض.
عندما بدأت تلك الأجهزة في العمل حتى رفعت بصري لمشاهدة سماء الليل
ونجومها التي تنتشر على صفحتها الحالكة ...نظرت لها وكأنني أودعها وداعي الأخير..فربما لا أستطيع العودة ثانياً .
وبدأت الرحلة, وها أنا أقترب من تلك الهالة النورانية التي ظهرت فجأة حول فقعتي التي أرقد داخلها, وكل تفكيري تساؤلات , هل سأصل ؟
هل تلك الرحلة ستنقذ البشر والأرض من الكوارث التي ظهرت بيننا ؟..هل في مقدوري أن أصبح ذلك البطل الذي يظهر دائماً في الأساطير القديمة ليهزم الشر وينقذ الأرض , هل ؟
وبدأت الفقاعة تدور بي دورات متلاحقة تتسارع وتيرتها كلما اقتربت من تلك الهالة النورانية .
أحسست بأنني تحولت لتمثال من الرمال قد هبت عليه عاصفة شديدة حولته لجزيئات متباعدة , متنافرة , فلا أشعر بأطرافي ولا رأسي ولا أي منطقة من مناطق جسدي.فكل شيء داخلي وحولي قد تحول لهباء متناثر.
و رحت في دوامة من الإغماء , لم أعلم كم لبثت هكذا, ولكن ما أعلمه هو أنني أفقت فجأة لأجد نفسي راقد داخل مركبتي الفقاعية الشكل...لا لم تكن مركبتي التي كنت نائم بها منذ قليل!!
بل هو تابوت !...تابوت زجاجي شفاف...هناك شيء خطأ...نعم بالتأكيد أنا لم أفق حتى الآن من غيبوبتي ..بالتأكيد أنا أحلم داخل فقاعتي ...ولكن؟
وقبل أن يسترسل الرحال في أفكاره إلا و فتح باب التابوت ..وخرج هذا الرحال عبر الزمن منه ...خرج خائر القوة من شدة الرعب الضارب في نفسه
خرج ناظراً حوله في خوف ...محدقاً في تلك الساحة الشاسعة التي لا نهاية لها
التي وجد نفسه فيها .
ساحة بطول الكون...وكأن العالم كله أصبح لا يحتوي إلا على ساحة فقط...أغلق الرحال عيناه رافضا لذلك المشهد الذي أمامه.
ثوان وفتح عيناه ثانياً..فوجد المشهد كما هو لم يتغير..أو لم يفق من
كابوسه هذا...فما أمامه كابوس بكل ما في الكلمة من معني .
ملايين من التوابيت الزجاجية....تحتوي على بشر مثله...نائمين...أو موتى
لا يعرف...شعور بالغثيان قد أنتابه من هذا المشهد الهائل... من هؤلاء!
من أين جاءوا!...ولماذا كلهم نائمين هكذا!!! أو لعلهم جثث هامدة لا حياة فيها.
وقبل أن يفيق من هول تلك المفاجأة الغير متوقعة إلا وسمع صوت نحيف...يتحدث إليه من مكان ما قائلا له :
أهلاً بك يا ع 1 في العالم الحقيقي .
تلفت حوله مرتبكا ثم صرخ في رعب :
من أنت ! من أنت !!
سمع الصوت يضحك في هدوء قائلاً :
أنا لا شيء ...أنا صوت الترحاب بك فقط .
بلع الرحال ريقه في صعوبة بالغة ثم أردف هاتفاً وهو يتلفت حوله باحثاً عن مصدر هذا الصوت :
أنا لا أفهم شيء... أين أنا؟ وفي أي زمن من أزمنة الأرض قد طوحتني فقعتي ؟
رد ذلك الصوت في نعومة مرعبة قائلاً :
أنت في أللأ زمان.
فغر الرحال فاه في جنون ثم نفض عنه كل ما يعتمل داخله من مشاعر قائلاً :
أللا زمان !! هل أنا قد توفاني الله ؟
سمع الصوت يرد قائلاً :
لا لم تحن نهاية برنامجك يا ع 1بعد.
رد الرحال قائلاً :
برنامجي ..أنا بشري يا رجل وليس برنامج في جهاز!!..ثم لماذا تدعوني ع 1 !!
نطق الصوت قائلاً : أولاً أنت بشري نعم , لا خلاف على ذلك...ولكنك مسير ببرنامج دقيق سرمدي , ثانيا أنت تدعي ع 1 , وهي اختصار لكلمة عقل رقم واحد .
أرتعب الرحال وكاد يغمي عليه مما يسمعه الآن , ثم تماسك قائلاً في رعب ممزوج بالحيرة :
لا...لا مستحيل أن أكون مبرمج !! أنت قلت أنني بشري, ولكنك تدفعني للجنون بقولك التالي أنني مبرمج ببرنامج سرمدي!! ما هذا الجنون المطبق
رد الصوت قائلا :
ولكنها الحقيقة ..بل هي أول حقيقة تتقابل معها وجهاً لوجه منذ مولدك .
أنفجر الرحال هاتفاً : ما هذا التدليس المقيت الذي تتفوه به يا رجل!
رد الصوت قائلاً بهدوء أرعب الرحال : لقد قلت لك أنا لست بشري , فلا تدعوني رجل أو امرأة, أنا صوت الترحاب فقط .
رد الرحال قائلاً وهو يحاول أن يتغلب على انفعاله الشديد :
الترحاب بمن ؟
سمع الرد هاتفاً :
الترحاب بكل من ينتهي برنامجه , ويدخل حيز الحياة الحقيقية .
تنفس الرحال بصعوبة وهو يقول : أنا لا أفهم شيء مما تتفوه به , أين أنا
وفي أي زمن قد ذهبت , وأين الأحياء الآخرين في هذا المكان المفزع ؟!
رد الصوت قائلاً : أسمع جيداً ما أقوله من معلومات أنا مبرمج عليها منذ قديم الأزل فهنا يلتقي الأزل والزمن.
صمت الصوت بضع ثوان وساد الهدوء الرهيب في أللا زمان
ثم أكمل ذلك الصوت النحيف بهدوء لا يشي عن أي مشاعر إنسانية قائلاً:
كنت أبحث عن دور لي على خارطة الحياة , ووجدت الطريق بانضمامي لمسابقة المسافر عبر الأجيال.
دخلت لبؤرة الجسد الحديدي الذي صمم لكي ينقلني من عالمي بكل ما فيه من كوارث وحروب ومجاعات وأوبئة تجتاح العالم من حولي
إلي عالم مستقبلي قد يكون أنقى وأعظم من هذا العالم الذي أحياه الآن.
قد يكون فيه حلول لمشاكل وكوارث الأرض
وكان المخطط لي من تلك الرحلة وهدفها الأساسي هو معرفة كيف لسكان الأرض في المستقبل قد استطاعوا التغلب على مشكلة نقص المياه في كوكبنا الأرضي ؟
تلك المشكلة التي قامت بسببها الحروب
يا له هذا الإنسان...أستطاع أن يغزو الكواكب من حوله, أستطاع أن يخترع ويبتكر ويتطور ويتقدم بقوة وسرعة لا نهائية في مختلف الأصعدة..ومع كل هذا...يعجز في سبر أغوار نفسه...يعجز في أيجاد السلام الداخلي مع ذاته ومع الآخرين !!!
كانت طريقة فرز من سيقع عليه الاختيار لتلك المهمة البشرية صعبة وطويلة استمرت شهور من الاختبارات الفيزيائية والعصبية العصيبة, بل وحتى اختبارات للعقل الباطن للمتسابق بكل الطرق العلمية وبأجهزة هي التعقيد ذاته, وها أنا الآن المسافر عبر الأجيال في اختبار نادر من نوعه على أول بشري يخطوا بأقدامه على أرض المستقبل , كما حدث منذ أكثر من مئة عام مضي عندما خطى أول بشري على أرض القمر, ولكن الاختلاف هنا رهيب بكل ما في الكلمة من معنى.
جلست داخل الفقاعة الحديدية التي أعدت خصيصاً لهذا الغرض العلمي والإنساني , وأنا كلي خوف ورهبة لم أشعر بها من قبل طوال الفترة السابقة ! لا أعلم لقد كنت أكثر الأشخاص ثقة بالنفس وقوة عزيمة واتزان عصبي
ولكن عندما دخلت لبؤرة الجسد الحديدي الذي صمم لكي ينقلني من عالمي حتى شعرت بتيار شديد من الخوف يجتاحني بشدة ويضربني بلا هوادة .
ارتعشت كل خلايا جسدي بقوة عند البدء في عمل تلك الأجهزة التي
تنتشر في كل شبر من مركبتي , مركبتي التي لم تكن من قبل غريبة علي بل أصبحت جزء مني لا ينفصل, ولكن الآن أحس بأنها وحش سيلتهمني داخلها , الخوف من المجهول القادم, هو ما أرعبني وحطم أخر جدار للتماسك داخل نفسي, فخوفي من القادم إلي أو الذاهب إليه أنا في أول رحلة مختلفة بكل المقاييس , هو ما يفزعني الآن .
استسلمت لمصيري, فأنا على الأقل أحاول أن أساهم في تغيير هذا العالم الذي تحول من عالم للبشر الأسوياء إلي عالم لا تحكمه إلا شهوة التملك بكل ما فيها من طغيان, بكل ما فيها من استعلاء على الأضعف , شهوة لم تجد من يوقفها , لم يعد الإنسان ذلك المخلوق
العاقل, لم يعد ذلك المخلوق المحب , بل أضحي في أسوء ما قد يصل إليه مخلوق من فساد في الطبائع ,
لذلك عندما سمعت عن تلك المسابقة وشيء داخلي يلح علي بكل شدة لأن أتقدم لهذه المسابقة وها أنا من وصل للنهاية فأنا أفضل من ملايين البشر بل أفضل من كل بشري يحيا الآن ذلك الكابوس المسمى حياة الأرض.
عندما بدأت تلك الأجهزة في العمل حتى رفعت بصري لمشاهدة سماء الليل
ونجومها التي تنتشر على صفحتها الحالكة ...نظرت لها وكأنني أودعها وداعي الأخير..فربما لا أستطيع العودة ثانياً .
وبدأت الرحلة, وها أنا أقترب من تلك الهالة النورانية التي ظهرت فجأة حول فقعتي التي أرقد داخلها, وكل تفكيري تساؤلات , هل سأصل ؟
هل تلك الرحلة ستنقذ البشر والأرض من الكوارث التي ظهرت بيننا ؟..هل في مقدوري أن أصبح ذلك البطل الذي يظهر دائماً في الأساطير القديمة ليهزم الشر وينقذ الأرض , هل ؟
وبدأت الفقاعة تدور بي دورات متلاحقة تتسارع وتيرتها كلما اقتربت من تلك الهالة النورانية .
أحسست بأنني تحولت لتمثال من الرمال قد هبت عليه عاصفة شديدة حولته لجزيئات متباعدة , متنافرة , فلا أشعر بأطرافي ولا رأسي ولا أي منطقة من مناطق جسدي.فكل شيء داخلي وحولي قد تحول لهباء متناثر.
و رحت في دوامة من الإغماء , لم أعلم كم لبثت هكذا, ولكن ما أعلمه هو أنني أفقت فجأة لأجد نفسي راقد داخل مركبتي الفقاعية الشكل...لا لم تكن مركبتي التي كنت نائم بها منذ قليل!!
بل هو تابوت !...تابوت زجاجي شفاف...هناك شيء خطأ...نعم بالتأكيد أنا لم أفق حتى الآن من غيبوبتي ..بالتأكيد أنا أحلم داخل فقاعتي ...ولكن؟
وقبل أن يسترسل الرحال في أفكاره إلا و فتح باب التابوت ..وخرج هذا الرحال عبر الزمن منه ...خرج خائر القوة من شدة الرعب الضارب في نفسه
خرج ناظراً حوله في خوف ...محدقاً في تلك الساحة الشاسعة التي لا نهاية لها
التي وجد نفسه فيها .
ساحة بطول الكون...وكأن العالم كله أصبح لا يحتوي إلا على ساحة فقط...أغلق الرحال عيناه رافضا لذلك المشهد الذي أمامه.
ثوان وفتح عيناه ثانياً..فوجد المشهد كما هو لم يتغير..أو لم يفق من
كابوسه هذا...فما أمامه كابوس بكل ما في الكلمة من معني .
ملايين من التوابيت الزجاجية....تحتوي على بشر مثله...نائمين...أو موتى
لا يعرف...شعور بالغثيان قد أنتابه من هذا المشهد الهائل... من هؤلاء!
من أين جاءوا!...ولماذا كلهم نائمين هكذا!!! أو لعلهم جثث هامدة لا حياة فيها.
وقبل أن يفيق من هول تلك المفاجأة الغير متوقعة إلا وسمع صوت نحيف...يتحدث إليه من مكان ما قائلا له :
أهلاً بك يا ع 1 في العالم الحقيقي .
تلفت حوله مرتبكا ثم صرخ في رعب :
من أنت ! من أنت !!
سمع الصوت يضحك في هدوء قائلاً :
أنا لا شيء ...أنا صوت الترحاب بك فقط .
بلع الرحال ريقه في صعوبة بالغة ثم أردف هاتفاً وهو يتلفت حوله باحثاً عن مصدر هذا الصوت :
أنا لا أفهم شيء... أين أنا؟ وفي أي زمن من أزمنة الأرض قد طوحتني فقعتي ؟
رد ذلك الصوت في نعومة مرعبة قائلاً :
أنت في أللأ زمان.
فغر الرحال فاه في جنون ثم نفض عنه كل ما يعتمل داخله من مشاعر قائلاً :
أللا زمان !! هل أنا قد توفاني الله ؟
سمع الصوت يرد قائلاً :
لا لم تحن نهاية برنامجك يا ع 1بعد.
رد الرحال قائلاً :
برنامجي ..أنا بشري يا رجل وليس برنامج في جهاز!!..ثم لماذا تدعوني ع 1 !!
نطق الصوت قائلاً : أولاً أنت بشري نعم , لا خلاف على ذلك...ولكنك مسير ببرنامج دقيق سرمدي , ثانيا أنت تدعي ع 1 , وهي اختصار لكلمة عقل رقم واحد .
أرتعب الرحال وكاد يغمي عليه مما يسمعه الآن , ثم تماسك قائلاً في رعب ممزوج بالحيرة :
لا...لا مستحيل أن أكون مبرمج !! أنت قلت أنني بشري, ولكنك تدفعني للجنون بقولك التالي أنني مبرمج ببرنامج سرمدي!! ما هذا الجنون المطبق
رد الصوت قائلا :
ولكنها الحقيقة ..بل هي أول حقيقة تتقابل معها وجهاً لوجه منذ مولدك .
أنفجر الرحال هاتفاً : ما هذا التدليس المقيت الذي تتفوه به يا رجل!
رد الصوت قائلاً بهدوء أرعب الرحال : لقد قلت لك أنا لست بشري , فلا تدعوني رجل أو امرأة, أنا صوت الترحاب فقط .
رد الرحال قائلاً وهو يحاول أن يتغلب على انفعاله الشديد :
الترحاب بمن ؟
سمع الرد هاتفاً :
الترحاب بكل من ينتهي برنامجه , ويدخل حيز الحياة الحقيقية .
تنفس الرحال بصعوبة وهو يقول : أنا لا أفهم شيء مما تتفوه به , أين أنا
وفي أي زمن قد ذهبت , وأين الأحياء الآخرين في هذا المكان المفزع ؟!
رد الصوت قائلاً : أسمع جيداً ما أقوله من معلومات أنا مبرمج عليها منذ قديم الأزل فهنا يلتقي الأزل والزمن.
صمت الصوت بضع ثوان وساد الهدوء الرهيب في أللا زمان
ثم أكمل ذلك الصوت النحيف بهدوء لا يشي عن أي مشاعر إنسانية قائلاً:
منذ سنوات هي قرون كثيراً أوجد أحد الكائنات بشرية كانت أو غير بشرية هذا النظام وهذا البرنامج الهائل الذي يعيش فيه البشر, كل البشر منذ القدم.
ونحن لا نعلم منذ متي وجد هذا البرنامج وذلك النظام ألعنكبوتي شديد التعقيد.
ولكن ما نعلمه نحن خدام هذا البرنامج , أنكم أنتم البشر تقبعون داخل توابيت متصلة بنظام كامل معقد من الإحداثيات والمعلومات متناهية الكثرة وتعيشون داخل توابيتكم فترة الحضانة أو التأهل قبل الصحو والصعود لمرتبة أعلى للعيش كبشر أسوياء في عالم حقيقي لا زيف فيه ولا برمجيات.
صمت الصوت ثوان قليلة ثم أكمل :
فمع مولد أي بشري هنا في العالم الحقيقي يأخذ من أبويه ويوضع في الحضانة
ويعيش حياة العقول , يشاهد ويتفاعل , ويفكر ويجري ويمرح ويحزن ويتعلم ويسقط ويقوم ويتزوج وينجب , كل هذا في حياة وهمية هي أقرب للحلم منها للحقيقة.
رد الرحال في صوت خرج ضعيف وكأنه منوم :
هل معني هذا أنني كنت في حياة زائفة ! حياة خادعة! برنامج للحياة الوهمية؟
رد الصوت :
نعم
أكمل الرحال قائلاً : ولكن أنا جئت من عالمي لأجد حل لمشكلة تناحر البشر على المياه ؟ هل هذا كله وهم ؟!
رد الصوت قائلاً :
عندما بدأت مشكلة تناحر العقول الراقدة أمامك على مشكلة وهمية وهي المياه
كان يجب على النظام هنا أن يبث أفكار لكم لتبعثوا أحد منكم لهنا , حتى يرجع بحل لعقولكم تقنعكم .
رد الرحال قائلاً : ولكن إذا كان كل شيء وهم ...خدعة , برنامج لا أكثر , فما الداعي لإيجاد حل لمشكلة وهمية؟
رد الصوت هاتفاً :
الذي لا تعلمه يا ع1 أن ما يحدث بين عقولكم أو في عالم العقول بينكم يكون له تأثير حقيقي ليس وهمي, أن تناحر فرد أو أكثر على شيء ما لا يجعل النظام الدفاعي في هذا المشروع يعمل بل تكتمل فصول رواية هذا العقل أما بموته العقلي أو بخروجه سالمة منها , ولكن لان هذه المشكلة قد حركت ملايين العقول فتم تفعيل البرنامج الدفاعي ليجد مخرج وحل لكم حتى تستمر دورة حياة العقول السرمدية.
هز الرحال رأسه محاولاً أن ينفض عنه هول تلك المعلومات التي يتلقاها
ثم صرخ في قوة منفعلاً : أنا لا أصدق, الحياة خدعة! كل تلك الأحقاب لم تكن غير فترة حضانة للإنسان !
حتى حياتي ذاتها لم تكن غير فيلم وهمي أشاهد لقطاته وأنا هكذا راقد منذ مولدي في تابوت زجاجي مثلي مثل ملايين ومليارات البشر العاجزين على الحركة الحقيقية ! حروب و معارك , انتصارات وهزائم , كل هذا كان وهم!
وهم! وهم رهيب , لا وجود لوطني, لا وجود لأهلي , لا وجود لسماء ولا نجوم ولا شمس ولا قمر , لا وجود لليل ولا نهار!! لا وجود لشيء حقيقي
آه وألف آه ...لقد جعلتني أشك في نفسي ذاتها, ولكن ..ولكن
ماذا بعد الآن ؟ أين سأذهب ؟
رد الصوت قائلاً : لا شيء , سترجع لعالمك ومعك خارطة لكل منابع المياه
والآبار الجوفية وأيضاً لأكثر من شريان مائي ونهر تحت طبقات الأرض.
رد الرحال في يأس وقنوط قائلاً :
وهل تتخيل أنني بعد معرفتي بكل هذا سأستمر في حياة العقول تلك !
رد الصوت قائلاً : نعم, يجب عليك العودة , حتى تنقذ بالفعل تلك العقول من التناحر والانفجار موتا .
صرخ الرحال والعرق يهطل من جبينه من شدة الانفعال هاتفاً :
كيف لي أن ارجع وأعيش تلك الحياة بعدما علمت سرها ومكنونها وتفاهتها!كيف لي ؟! لا أستطيع , لا أستطيع .
رد الصوت قائلاً : ستقدر وستستطيع لأنك وقت رجوعك لتابوت الحضانة ستفقد كل تلك المعلومات التي عرفتها الآن , إلا من مذاقها , بل وسترجع لعالمك
وأنت تأكد لهم حل المستقبل وأنك ذهبت بالفعل وشاهدت وأتيت لهم بالحل .
رد الرحال : ولكنني لا أستطيع أن أكذب في شيء لم يحدث.
رد الصوت : ومن قال لك أنه لن يحدث, أدخل الآن لتابوتك وأرجع لعالمك
أرجع لهم بالحل والخارطة .
وبالفعل ذهب الرحال متردداً في بادي الأمر ثم خطى داخل التابوت ناظرا خلفه لذلك العالم وهنا فرت دمعة ساخنة من مقلتيه ثم زفر بشدة , زفرة تنم عن أوجاع في فؤاده المصدوم مما عرفه الآن , ثم رقد نائماً, ليغلق باب التابوت الزجاجي عليه ويذهب الرحال أو ع1 في غيبوبة عن العالم الحقيقي لذهب إلي عالم الحياة الوهمية
عالم وحياة العقول.
تمت
ونحن لا نعلم منذ متي وجد هذا البرنامج وذلك النظام ألعنكبوتي شديد التعقيد.
ولكن ما نعلمه نحن خدام هذا البرنامج , أنكم أنتم البشر تقبعون داخل توابيت متصلة بنظام كامل معقد من الإحداثيات والمعلومات متناهية الكثرة وتعيشون داخل توابيتكم فترة الحضانة أو التأهل قبل الصحو والصعود لمرتبة أعلى للعيش كبشر أسوياء في عالم حقيقي لا زيف فيه ولا برمجيات.
صمت الصوت ثوان قليلة ثم أكمل :
فمع مولد أي بشري هنا في العالم الحقيقي يأخذ من أبويه ويوضع في الحضانة
ويعيش حياة العقول , يشاهد ويتفاعل , ويفكر ويجري ويمرح ويحزن ويتعلم ويسقط ويقوم ويتزوج وينجب , كل هذا في حياة وهمية هي أقرب للحلم منها للحقيقة.
رد الرحال في صوت خرج ضعيف وكأنه منوم :
هل معني هذا أنني كنت في حياة زائفة ! حياة خادعة! برنامج للحياة الوهمية؟
رد الصوت :
نعم
أكمل الرحال قائلاً : ولكن أنا جئت من عالمي لأجد حل لمشكلة تناحر البشر على المياه ؟ هل هذا كله وهم ؟!
رد الصوت قائلاً :
عندما بدأت مشكلة تناحر العقول الراقدة أمامك على مشكلة وهمية وهي المياه
كان يجب على النظام هنا أن يبث أفكار لكم لتبعثوا أحد منكم لهنا , حتى يرجع بحل لعقولكم تقنعكم .
رد الرحال قائلاً : ولكن إذا كان كل شيء وهم ...خدعة , برنامج لا أكثر , فما الداعي لإيجاد حل لمشكلة وهمية؟
رد الصوت هاتفاً :
الذي لا تعلمه يا ع1 أن ما يحدث بين عقولكم أو في عالم العقول بينكم يكون له تأثير حقيقي ليس وهمي, أن تناحر فرد أو أكثر على شيء ما لا يجعل النظام الدفاعي في هذا المشروع يعمل بل تكتمل فصول رواية هذا العقل أما بموته العقلي أو بخروجه سالمة منها , ولكن لان هذه المشكلة قد حركت ملايين العقول فتم تفعيل البرنامج الدفاعي ليجد مخرج وحل لكم حتى تستمر دورة حياة العقول السرمدية.
هز الرحال رأسه محاولاً أن ينفض عنه هول تلك المعلومات التي يتلقاها
ثم صرخ في قوة منفعلاً : أنا لا أصدق, الحياة خدعة! كل تلك الأحقاب لم تكن غير فترة حضانة للإنسان !
حتى حياتي ذاتها لم تكن غير فيلم وهمي أشاهد لقطاته وأنا هكذا راقد منذ مولدي في تابوت زجاجي مثلي مثل ملايين ومليارات البشر العاجزين على الحركة الحقيقية ! حروب و معارك , انتصارات وهزائم , كل هذا كان وهم!
وهم! وهم رهيب , لا وجود لوطني, لا وجود لأهلي , لا وجود لسماء ولا نجوم ولا شمس ولا قمر , لا وجود لليل ولا نهار!! لا وجود لشيء حقيقي
آه وألف آه ...لقد جعلتني أشك في نفسي ذاتها, ولكن ..ولكن
ماذا بعد الآن ؟ أين سأذهب ؟
رد الصوت قائلاً : لا شيء , سترجع لعالمك ومعك خارطة لكل منابع المياه
والآبار الجوفية وأيضاً لأكثر من شريان مائي ونهر تحت طبقات الأرض.
رد الرحال في يأس وقنوط قائلاً :
وهل تتخيل أنني بعد معرفتي بكل هذا سأستمر في حياة العقول تلك !
رد الصوت قائلاً : نعم, يجب عليك العودة , حتى تنقذ بالفعل تلك العقول من التناحر والانفجار موتا .
صرخ الرحال والعرق يهطل من جبينه من شدة الانفعال هاتفاً :
كيف لي أن ارجع وأعيش تلك الحياة بعدما علمت سرها ومكنونها وتفاهتها!كيف لي ؟! لا أستطيع , لا أستطيع .
رد الصوت قائلاً : ستقدر وستستطيع لأنك وقت رجوعك لتابوت الحضانة ستفقد كل تلك المعلومات التي عرفتها الآن , إلا من مذاقها , بل وسترجع لعالمك
وأنت تأكد لهم حل المستقبل وأنك ذهبت بالفعل وشاهدت وأتيت لهم بالحل .
رد الرحال : ولكنني لا أستطيع أن أكذب في شيء لم يحدث.
رد الصوت : ومن قال لك أنه لن يحدث, أدخل الآن لتابوتك وأرجع لعالمك
أرجع لهم بالحل والخارطة .
وبالفعل ذهب الرحال متردداً في بادي الأمر ثم خطى داخل التابوت ناظرا خلفه لذلك العالم وهنا فرت دمعة ساخنة من مقلتيه ثم زفر بشدة , زفرة تنم عن أوجاع في فؤاده المصدوم مما عرفه الآن , ثم رقد نائماً, ليغلق باب التابوت الزجاجي عليه ويذهب الرحال أو ع1 في غيبوبة عن العالم الحقيقي لذهب إلي عالم الحياة الوهمية
عالم وحياة العقول.
تمت
Comment