فرويد هو ذاك الرجل الذي غيرت أفكاره المتطرفة العالم من حولنا الى الأبد. وقد كان لإسهاماته في علم النفس والفلسفة الأثر البالغ في توجيه مسار المناظرات حول العقل البشري لأكثر من قرن. وأول أمس كانت ذكرى مرور 150 عاما على وفاته. الطب.. طريق البحث
ولد سيجموند فرويد في فريبج بالنمسا عام 1856، وحين بلغ الرابعة من عمره ذهب مع أسرته إلى فيينا التي عاش فيها ما يقارب ثمانين عاما. كان فرويد دائما تلميذا متفوقا، حيث احتل المرتبة الأولى في صفه عند تخرجه. وعندما بلغ السابعة عشرة من عمره التحق بمدرسة الطب التي مكث بها ثماني سنوات لكي ينهي الدراسة التي تستغرق عادة أربع سنوات فقط، ويرجع ذلك إلى متابعته وانشغاله بكثير من الاهتمامات خارج مجال الطب.
لم يكن فرويد مهتما في الحقيقة بأن يصبح طبيباً، ولكنه رأى أن دراسة الطب هي الطريق إلى الانغماس في البحث العلمي. وقد بدأت مدرسة التحليل النفسي على يد هذا العالم النمساوي الذي كان في الأصل طبيباً للأمراض العصبية ومتخصصاً، تحديداً، في تشريح الأدمغة من حيث مكوناتها وكيفية علاجها بالعقاقير الطبية.
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح ينظر إلى فرويد على أنه واحد من أعظم مكتشفي عالم داخل الإنسان نفسه، وهو ما سماه بالعقل الباطني وشبهه بالبئر العميقة المليئة بالذكريات والمشاعر. كما اكتشف أيضا "ما قبل الشعور" وأسس التحليل النفسي وله العديد من النظريات التي تتعلق بخصوصيات وطبيعة الجنس البشري. وحتى بعد مرور 150 عاماً على وفاته ما يزال هناك إقبال شديد من قبل الناس للخضوع إلى العلاج النفسي. اللبيدو طاقة
غلب على نظرية التحليل النفسي الطابع البيولوجي، فالطفل يولد وهو مزود بطاقة غريزية قوامها الجنس والميول إلى العنف. وهي ما أطلق عليها اسم "اللبيدو" أي الطاقة. وهذه الطاقة تدخل في صراع مع المجتمع، وعلى أساس طبيعة الصدام وشكله تتحدد صورة الشخصية فيما بعد.
يقول فرويد أن الطاقة الغريزية التي يولد الطفل مزودا بها تمر بأدوار محددة بحياته. كما أن النضج البيولوجي هو الذي ينقل الطفل من مرحلة إلى أخرى، ولكن نوع وطبيعة المواقف التي يمر بها هي التي تحدد النتاج السيكولوجي لهذه المراحل. شخصيتك من أسرتك
أصبح فرويد الذي علم الآخرين كيف يستخدمون طريقة "العلاج بالكلام" مشهوراً في جميع أنحاء العالم، كما أن تأثيره لم يقتصر على النواحي الطبية والنفسية فحسب، بل تعداه إلى عالم الفن والأدب. فالأشخاص الذين صاغوا القصائد والمسرحيات ورسموا اللوحات وأولئك الذين يعملون في المدارس والجامعات والمستشفيات تعلموا الكثير من هذا الرجل الذي فتح الطريق إلينا لفهم العقل الباطن.
فالحضارة البشرية، وكما أكد فرويد من قبل، هي تلك الحضارة التي أنشأناها بأنفسنا والقائمة على التفكير المنطقي الذي جاء أساساً كحالة تحول في العقل البشري أو كحالة إبداعية ثانوية تعتمد على الفن كمنبع رئيسي وتقتبس الكثير منه. ومن خلال نظرياته في التحليل النفسي واستكشافه للأسباب الكامنة وراء ظهور اضطرابات عصبية لدى الفرد، أوضح فرويد أن الشخص المضطرب هو نتاج لأسرة مضطربة وأن الأسرة هي البيئة التي ينشأ فيها الفرد ويكتسب منها مميزات شخصيته في المستقبل. زلة لسان
من خلال تقسيمه لدوافع سلوك الانسان، أشار فرويد إلى ظاهرة زلة اللسان (Slip of the tongue)، وهي الخطأ الذي يقع فيه الإنسان بسبب مفاهيم راسخة في عالم اللاشعور. وقال أن هناك جملة من المفاهيم لدى الإنسان مغروسة في أعماقه، موجِهة لميوله ومؤثرة في سلوكه تظهر من حين إلى آخر في مواقف معينة عبر أقوال وأفعال.
هذه المفاهيم هي التي يطلق عليها "مفاهيم الأعماق". والذي يجري في داخل الإنسان هو أنّ الفكر الذي يحمله ويريد أن يطبقه قد يصطدم بمفهوم من مفاهيم أعماقه فيناقضه ويرفضه كما يصعب في هذه الحالة تصديقه أو الاقتناع به. لم يعالج نفسه!
كان فرويد يعاني من مشاكل عاطفية وغيرها، فلجأ إلى التدخين بالرغم من وعيه التام الى أن تدخينه لنحو عشرين سيجاراً يومياً من شأنه أن يضعف قلبه ويعرضه للإصابة بالسرطان. ورغم محاولاته المتكررة للإقلاع عن التدخين إلا أنه كان في كل مرة يعود إليه من جديد حتى أنه اعترف بأنه عاجز نفسياً عن مواصلة عمله دون أن يدخن.
حتى بعد إصابته بالسرطان واستئصال فكه وإحلال فك اصطناعي مكانه استمر فرويد بالتدخين. ويتذكر المرء قوله: "لن اتوقف عن التدخين طالما كان فمي قادراً على حمل السيجار". النتيجة هي أن فرويد توفي بالسرطان بعد أن استشرى المرض في فمه كله. وقد كان عمره آنذاك يراوح الثالثة والثمانين.
الغريب في الأمر أن فرويد، ذالك العالم الذي حاول سبر أعماق الإنسان وتحليل شخصيته وميوله، لم يستطع تفسير حالة الإدمان التي كانت سبباً في وفاته
والتكملة قادمة............
ولد سيجموند فرويد في فريبج بالنمسا عام 1856، وحين بلغ الرابعة من عمره ذهب مع أسرته إلى فيينا التي عاش فيها ما يقارب ثمانين عاما. كان فرويد دائما تلميذا متفوقا، حيث احتل المرتبة الأولى في صفه عند تخرجه. وعندما بلغ السابعة عشرة من عمره التحق بمدرسة الطب التي مكث بها ثماني سنوات لكي ينهي الدراسة التي تستغرق عادة أربع سنوات فقط، ويرجع ذلك إلى متابعته وانشغاله بكثير من الاهتمامات خارج مجال الطب.
لم يكن فرويد مهتما في الحقيقة بأن يصبح طبيباً، ولكنه رأى أن دراسة الطب هي الطريق إلى الانغماس في البحث العلمي. وقد بدأت مدرسة التحليل النفسي على يد هذا العالم النمساوي الذي كان في الأصل طبيباً للأمراض العصبية ومتخصصاً، تحديداً، في تشريح الأدمغة من حيث مكوناتها وكيفية علاجها بالعقاقير الطبية.
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح ينظر إلى فرويد على أنه واحد من أعظم مكتشفي عالم داخل الإنسان نفسه، وهو ما سماه بالعقل الباطني وشبهه بالبئر العميقة المليئة بالذكريات والمشاعر. كما اكتشف أيضا "ما قبل الشعور" وأسس التحليل النفسي وله العديد من النظريات التي تتعلق بخصوصيات وطبيعة الجنس البشري. وحتى بعد مرور 150 عاماً على وفاته ما يزال هناك إقبال شديد من قبل الناس للخضوع إلى العلاج النفسي. اللبيدو طاقة
غلب على نظرية التحليل النفسي الطابع البيولوجي، فالطفل يولد وهو مزود بطاقة غريزية قوامها الجنس والميول إلى العنف. وهي ما أطلق عليها اسم "اللبيدو" أي الطاقة. وهذه الطاقة تدخل في صراع مع المجتمع، وعلى أساس طبيعة الصدام وشكله تتحدد صورة الشخصية فيما بعد.
يقول فرويد أن الطاقة الغريزية التي يولد الطفل مزودا بها تمر بأدوار محددة بحياته. كما أن النضج البيولوجي هو الذي ينقل الطفل من مرحلة إلى أخرى، ولكن نوع وطبيعة المواقف التي يمر بها هي التي تحدد النتاج السيكولوجي لهذه المراحل. شخصيتك من أسرتك
أصبح فرويد الذي علم الآخرين كيف يستخدمون طريقة "العلاج بالكلام" مشهوراً في جميع أنحاء العالم، كما أن تأثيره لم يقتصر على النواحي الطبية والنفسية فحسب، بل تعداه إلى عالم الفن والأدب. فالأشخاص الذين صاغوا القصائد والمسرحيات ورسموا اللوحات وأولئك الذين يعملون في المدارس والجامعات والمستشفيات تعلموا الكثير من هذا الرجل الذي فتح الطريق إلينا لفهم العقل الباطن.
فالحضارة البشرية، وكما أكد فرويد من قبل، هي تلك الحضارة التي أنشأناها بأنفسنا والقائمة على التفكير المنطقي الذي جاء أساساً كحالة تحول في العقل البشري أو كحالة إبداعية ثانوية تعتمد على الفن كمنبع رئيسي وتقتبس الكثير منه. ومن خلال نظرياته في التحليل النفسي واستكشافه للأسباب الكامنة وراء ظهور اضطرابات عصبية لدى الفرد، أوضح فرويد أن الشخص المضطرب هو نتاج لأسرة مضطربة وأن الأسرة هي البيئة التي ينشأ فيها الفرد ويكتسب منها مميزات شخصيته في المستقبل. زلة لسان
من خلال تقسيمه لدوافع سلوك الانسان، أشار فرويد إلى ظاهرة زلة اللسان (Slip of the tongue)، وهي الخطأ الذي يقع فيه الإنسان بسبب مفاهيم راسخة في عالم اللاشعور. وقال أن هناك جملة من المفاهيم لدى الإنسان مغروسة في أعماقه، موجِهة لميوله ومؤثرة في سلوكه تظهر من حين إلى آخر في مواقف معينة عبر أقوال وأفعال.
هذه المفاهيم هي التي يطلق عليها "مفاهيم الأعماق". والذي يجري في داخل الإنسان هو أنّ الفكر الذي يحمله ويريد أن يطبقه قد يصطدم بمفهوم من مفاهيم أعماقه فيناقضه ويرفضه كما يصعب في هذه الحالة تصديقه أو الاقتناع به. لم يعالج نفسه!
كان فرويد يعاني من مشاكل عاطفية وغيرها، فلجأ إلى التدخين بالرغم من وعيه التام الى أن تدخينه لنحو عشرين سيجاراً يومياً من شأنه أن يضعف قلبه ويعرضه للإصابة بالسرطان. ورغم محاولاته المتكررة للإقلاع عن التدخين إلا أنه كان في كل مرة يعود إليه من جديد حتى أنه اعترف بأنه عاجز نفسياً عن مواصلة عمله دون أن يدخن.
حتى بعد إصابته بالسرطان واستئصال فكه وإحلال فك اصطناعي مكانه استمر فرويد بالتدخين. ويتذكر المرء قوله: "لن اتوقف عن التدخين طالما كان فمي قادراً على حمل السيجار". النتيجة هي أن فرويد توفي بالسرطان بعد أن استشرى المرض في فمه كله. وقد كان عمره آنذاك يراوح الثالثة والثمانين.
الغريب في الأمر أن فرويد، ذالك العالم الذي حاول سبر أعماق الإنسان وتحليل شخصيته وميوله، لم يستطع تفسير حالة الإدمان التي كانت سبباً في وفاته
والتكملة قادمة............
Comment