الطب النفسي والعلاج بالفن
البحث عن وسائل تساعد في تطوير انواع العلاج السائدة في مجال الأمراض النفسية والعقلية، المزمنة منها والمستعصية، لا يزال قائماً حتى لا يقتصر العلاج على الوسائل الكيميائية والسلوكية.
ومن ذلك العلاج بالفن الذي أثبت جدواه وفعاليته في مساعدة الكثيرين على التخلص مما يعانون من اضطرابات نفسية دون أن يكون هناك إهمال للعلاجات الأخرى ولا يلغيها، لكن يواكبها في منظومةٍ تعود بالنفع على الإنسانية.
أتى العلاج بالفن وهو جزء من العلاج بالعمل، بالتنوع في الألوان الذي أصبح سمة من هذا العصر، فالألوان تحقق التوازن في عمل الأعضاء التي اعتراها الخلل. وهناك ألوان تبعث البهجة في النفوس وتسر الناظر إليها، وكذلك العكس الوان تقود الى إثارة مشاعر السأم والتبلد والاكتئاب.
ومثلاً ضوء الشمس ليس مصدرا للنور فقط بل غذاء ومولد للنشاط والحيوية.
وعن تعريف العلاج بالفن يقول أيمن ياسين اختصاصي العلاج بالفن بقسم الطب النفسي بمستشفى الدكتور عرفان بجده،
ان هناك تعريفات عدة بالعلاج بالفن، منها:
ـ تعريف هاري وتدسون (1987): العلاج بالفن طريقة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية لدى الفرد الذي يعبر سلوكياً بالفن أكثر من تعبيره لفظياً.
ـ تعريف كرامز (1958):
التعبير بالفن فرصة كبيرة للابتكار والإبداع والسعي نحو الإتقان، إن خبرة مراجعة ما يعمل الإنسان بيده خبرة عظيمة، خاصة عندما يستطيع أن يعبر بيده عما في يده في عقله.
ـ إنه التعبير عن الذات وإسقاط صورة الذات وعالم الفرد.
ـ إن المريض النفسي عندما يعبر فإنه يعبر عن العالم الداخلي له أو العالم من حوله، أو عالم جديد برؤية خاصة ذاتية للمريض.
وهناك ما يسمى بالتعريف الشامل للعلاج بالفن، كما يقول أيمن ياسين.. وهو يعتبر أحد أفرع العلاج النفسي، ويستعمل المهارات مع بذل الجهد مع التأكيد على استخدام الفن بما فيه الخطوط والألوان وجميع أنواع الفنون التشكيلية بحيث لا يأخذ طابعاً لقتل الوقت أو تأكيد نمطية معينة على أن يكون عملية لعبور هوة الاغتراب من خلال مشاركة علاجية مباشرة تستعمل العمل اليدوي ولا تستبعد العمل العقلي كوسيلة لتحقيق البصيرة. ويضيف أيمن ياسين، أن وضع الخطة العلاجية يتم من خلال علاقة خاصة بالمعالج، ويحتاج إلى فترة تطول أو تقصر حسب الحالة ثم حسب قدرة المعالج. ويتم ذلك من خلال علاقة تعاقدية لا تلغي العلاجات السابقة ولكن تواكب العلاجات الأخرى للوصول بالمريض لما هو أفضل. ويعتمد ذلك على قدرة المعالج وصبره حتى ينجح في عبور هذه المرحلة من المرض. وفي حالة الرفض يؤخذ بالبدائل الأخرى، التي تستغرق من ثلاث إلى أربع جلسات في الأسبوع.
كيف يتم العلاج بالفن؟
لقد أصبح متوفراً في أقسام ووحدات الطب النفسي تقنيات علمية حديثة بقسم العلاج بالعمل، سواء للرجال أو النساء ويشرف عليها متخصصون في هذا المجال.
وهناك نوعان لاستقبال الحالات ـ
حالات داخلية للمرضى المقيمين وحالات تتابع من خارج المستشفى، وتتم عن طريق عقد جلسات للعلاج بالفن من خلال العلاج الجمعي بالفن بواقع ثلاث إلى أربع جلسات في الأسبوع ومدة الجلسة ساعة ونصف الساعة.
يقوم المريض فيها بمزاولة الفنون التشكيلية بشتى أنواعها مثل الرسم باستخدام الألوان الشمعية والمائية والزيتية، كذلك الحفر على النحاس والقصدير والخزف وغير ذلك، ويقوم المشرف على الفنون بتلك الوحدة بتحليل تلك الرسومات ومدى ما وصلت إليه حالة المريض النفسي.
إن هذا النوع من العلاج ليس شكلاً لقتل الوقت، أو تأكيداً لنمطية الرتابة أو إنتاجاً لمعارض أو إعادة الثقة بالمعنى السائد أو ملء الوقت أو استغلال الطاقة الإنتاجية المكفوفة. هذا كله قليل، لكن الهدف من العلاج الأكبر هو التعرف على الجسد والنفس من خلال العمل، أما الإنجاز فهو إنتاج جانبي، فالبصيرة لا العقلنة هي الهدف الأول والتعديل السلوكي من خلال التعليم والبصيرة معاً هو النتاج الجانبي.
إن ما يُستخدم في العلاج بالفن من خلال رسومات المريض وخطوطه وألوانه حديث غير ناطق يقدمه المريض النفسي لإيصال رسالة أحيانا تكون موجهة إلينا كمعالجين وأحيانا تكون ضائعة المعالم. وأن هذا العلاج يضيف بعداً جديداً بضرورة التغلب على الاغتراب عن الجسد في حياتنا المعاصرة.
نقلاً عن جريدة "الشرق الاوسط"
البحث عن وسائل تساعد في تطوير انواع العلاج السائدة في مجال الأمراض النفسية والعقلية، المزمنة منها والمستعصية، لا يزال قائماً حتى لا يقتصر العلاج على الوسائل الكيميائية والسلوكية.
ومن ذلك العلاج بالفن الذي أثبت جدواه وفعاليته في مساعدة الكثيرين على التخلص مما يعانون من اضطرابات نفسية دون أن يكون هناك إهمال للعلاجات الأخرى ولا يلغيها، لكن يواكبها في منظومةٍ تعود بالنفع على الإنسانية.
أتى العلاج بالفن وهو جزء من العلاج بالعمل، بالتنوع في الألوان الذي أصبح سمة من هذا العصر، فالألوان تحقق التوازن في عمل الأعضاء التي اعتراها الخلل. وهناك ألوان تبعث البهجة في النفوس وتسر الناظر إليها، وكذلك العكس الوان تقود الى إثارة مشاعر السأم والتبلد والاكتئاب.
ومثلاً ضوء الشمس ليس مصدرا للنور فقط بل غذاء ومولد للنشاط والحيوية.
وعن تعريف العلاج بالفن يقول أيمن ياسين اختصاصي العلاج بالفن بقسم الطب النفسي بمستشفى الدكتور عرفان بجده،
ان هناك تعريفات عدة بالعلاج بالفن، منها:
ـ تعريف هاري وتدسون (1987): العلاج بالفن طريقة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية لدى الفرد الذي يعبر سلوكياً بالفن أكثر من تعبيره لفظياً.
ـ تعريف كرامز (1958):
التعبير بالفن فرصة كبيرة للابتكار والإبداع والسعي نحو الإتقان، إن خبرة مراجعة ما يعمل الإنسان بيده خبرة عظيمة، خاصة عندما يستطيع أن يعبر بيده عما في يده في عقله.
ـ إنه التعبير عن الذات وإسقاط صورة الذات وعالم الفرد.
ـ إن المريض النفسي عندما يعبر فإنه يعبر عن العالم الداخلي له أو العالم من حوله، أو عالم جديد برؤية خاصة ذاتية للمريض.
وهناك ما يسمى بالتعريف الشامل للعلاج بالفن، كما يقول أيمن ياسين.. وهو يعتبر أحد أفرع العلاج النفسي، ويستعمل المهارات مع بذل الجهد مع التأكيد على استخدام الفن بما فيه الخطوط والألوان وجميع أنواع الفنون التشكيلية بحيث لا يأخذ طابعاً لقتل الوقت أو تأكيد نمطية معينة على أن يكون عملية لعبور هوة الاغتراب من خلال مشاركة علاجية مباشرة تستعمل العمل اليدوي ولا تستبعد العمل العقلي كوسيلة لتحقيق البصيرة. ويضيف أيمن ياسين، أن وضع الخطة العلاجية يتم من خلال علاقة خاصة بالمعالج، ويحتاج إلى فترة تطول أو تقصر حسب الحالة ثم حسب قدرة المعالج. ويتم ذلك من خلال علاقة تعاقدية لا تلغي العلاجات السابقة ولكن تواكب العلاجات الأخرى للوصول بالمريض لما هو أفضل. ويعتمد ذلك على قدرة المعالج وصبره حتى ينجح في عبور هذه المرحلة من المرض. وفي حالة الرفض يؤخذ بالبدائل الأخرى، التي تستغرق من ثلاث إلى أربع جلسات في الأسبوع.
كيف يتم العلاج بالفن؟
لقد أصبح متوفراً في أقسام ووحدات الطب النفسي تقنيات علمية حديثة بقسم العلاج بالعمل، سواء للرجال أو النساء ويشرف عليها متخصصون في هذا المجال.
وهناك نوعان لاستقبال الحالات ـ
حالات داخلية للمرضى المقيمين وحالات تتابع من خارج المستشفى، وتتم عن طريق عقد جلسات للعلاج بالفن من خلال العلاج الجمعي بالفن بواقع ثلاث إلى أربع جلسات في الأسبوع ومدة الجلسة ساعة ونصف الساعة.
يقوم المريض فيها بمزاولة الفنون التشكيلية بشتى أنواعها مثل الرسم باستخدام الألوان الشمعية والمائية والزيتية، كذلك الحفر على النحاس والقصدير والخزف وغير ذلك، ويقوم المشرف على الفنون بتلك الوحدة بتحليل تلك الرسومات ومدى ما وصلت إليه حالة المريض النفسي.
إن هذا النوع من العلاج ليس شكلاً لقتل الوقت، أو تأكيداً لنمطية الرتابة أو إنتاجاً لمعارض أو إعادة الثقة بالمعنى السائد أو ملء الوقت أو استغلال الطاقة الإنتاجية المكفوفة. هذا كله قليل، لكن الهدف من العلاج الأكبر هو التعرف على الجسد والنفس من خلال العمل، أما الإنجاز فهو إنتاج جانبي، فالبصيرة لا العقلنة هي الهدف الأول والتعديل السلوكي من خلال التعليم والبصيرة معاً هو النتاج الجانبي.
إن ما يُستخدم في العلاج بالفن من خلال رسومات المريض وخطوطه وألوانه حديث غير ناطق يقدمه المريض النفسي لإيصال رسالة أحيانا تكون موجهة إلينا كمعالجين وأحيانا تكون ضائعة المعالم. وأن هذا العلاج يضيف بعداً جديداً بضرورة التغلب على الاغتراب عن الجسد في حياتنا المعاصرة.
نقلاً عن جريدة "الشرق الاوسط"
Comment