إنّ الفلسفة هي تصورٌ ما للعالم، وهذا تعريف شائع، والأخذ به يعني أن ثمة أفكاراًنأخذ بها تدور حول الإنسان والمجتمع والتاريخ والعالم، بشرط أنْ ينتظمها تصور واحد.
والتأويل الماركسي يتناول أن البشر يعون مشاكلهم عن طريق إدراك التعارض بينالقوى المنتجة وعلاقات الإنتاج على صعيد الأيديولوجيا، لكنها أي الفلسفة الماركسيةتنوي إنجاح المشروع الإنساني بتغيير الشرط البشري، ولا تكتفي بتأويل التاريخ
وهنا يتحقق لها المشروع الديمقراطي التحرري بعد أن تتجاوز التأويل التاريخي لكيتُدخل الناس إلى ملكوت الحرية الحقيقي.
والفلسفة الماركسية تعدّ نظريةمطلقة للتأريخ مؤنسنة، لكنها ترفض كل فلسفة أخلاقية تُطلب في حياة أخرى، أي بمعنىالبحث عن مغزى لهذه الحياة الأرضية!
وحتى لا نقع في شباك النظرة الماديةالعاميّة مثل أولئك الذين نبذوا نظرية القيمة وتناسَوْا أنّ (قوة العمل) التييبذلها الإنسان هي التي تنتج (القيمة) فعلينا إدراك أن المفهوم الأساسي في الفلسفةهو (البراكسيس) الذي يجعل البنية الفوقية تولــّد منجزات جديدة، وبالتالي تشكل عصبالجدل التاريخي الذي يبحث في نمو التناقضات بين الإنسان والمادة.
ولو أنّالمـُصلح (لوثر) يظهر لنا في عصرنا هذا، فهو بلا شك سيـُدين التأويل الماركسي بوصفهميلاً أحمق يخالف الكتاب المقدس الذي يشير إلى أنّ (يوشع) قد أمر الشمس أنْ تستقر!
والماركسية كمنهجية حديثة في علم التاريخ تنفي التعالي (الترانسندنتالية)،وهي تأخذ الأحداث ضمن مشروطيتها المادية الثقيلة.
لما كانت الماركسية كعلماجتماعي يقودُنا إلى الاستبصار النقدي، تجدنا مؤمنين ومتفائلين بغدنا الاشتراكي،والطرح الديمقراطي الراديكالي، لاسيما أن المستقبل بات حقلاً مفتوحاً للاكتشافوالتجريب، وبالتالي لن يتهمنا أحد بأن تركيبنا الفكري السياسي هو واحد موحد وفريد!
ولماكانت الرؤيا والسرديات المتعددة أتت بسبب من العولمة التي يرى البعضأنها قد سفـّهت الاعتقاد بأن الحلول قائمة وأنّ مناهج البحث الاجتماعي باتت عقيمةوتعاني أزمة عميقة، فإننا نقف إلى جانب هيجل بهذا الصدد إذ نراه يقول (إن بومةمنيرفا لا تحلق إلا عند الغسق).
عليه نرى أن عقلنا الاستطلاعيالمستقبلي الذي هو عقل ما بعد الحداثة ومنهجنا العلمي لا يثير الشفقة ولا الازدراءوله القدرة على تفسير الظواهر التي نعيش.
وتأسيساً على ما جاء آنفاً تجدنالا نستجيب للفوبيا من الأنطولوجيا الشيوعية أبداً، وسنبقى مسكونين بهاجس الأفقالاشتراكي حلاً لإشكالياتنا البشرية.
والجميع يعلم أننا كمثقفين ننظر إلىالدياليكتيك من الداخل، خلافاً للنظرة البرانية لأنشتاين، إذ اتخذ في فلسفته مواقفمثالية على غرار (أرنست ماخ) وينتهي إلى ذاتية الزمان إذ لازمان قبل الإنسانوساعاته!
لكن يبقى صحيحاً أنّ زمننا البرجوازي هذا هو زمان مضطرب، والكيدالعولمي يحيق بنا ويبقى قدرنا تصحيح المسار الكوسموبوليتي الكوني اللعين!
ومعلوم أن جوهر الممارسة الإيديولوجية البرجوازية هي اعتيادها قلب السببأثراً والأثر سبباً في تحليلها للواقع الاجتماعي.. وهكذا راحت تـُخفي سيطرتهاالطبقية، وصدعت بالقول إن التراث هو الذي يحيي ويميت، لتغطي بهذه الأطروحة علىموضوعة الإنتاج الرأسمالي، وبالنتيجة تغطي على الأسباب الفعلية لمظاهر التخلف!
وعموماً فالمنطق المثالي يرى في الفكر عامل النهضة، وأيضاً عامل التخلف،وهو المبدأ التفسيري لحركة التأريخ الاجتماعي والعقل العربي كلما حاول الوثوب إلىالعلمية سقط في الجدلية الهيجلية المغلقة، في حين أن الماركسية ترى أنه ما من واقعينفصل عن النمو الجدلي للتناقضات بين الإنسان ووسطه المادي.
والوسط الماديهنا هو الطبيعة، كما يراها (غرامشي)، وقد أنسنها الإنسان وسيطر عليها بالقوىالمنتجة.
وهنا نجد مناسباً التطرق إلى رؤية علي الوردي (بإصلاح الأذهان قبلالبدء بإصلاح البلاد). وهو يرى أن البشر سيديمون النزاع حتى بتوفر الموارد، وهيمحاولة للتفلسف خارج نطاق كل علم!
وقبل الوردي وفي عالمنا الإسلامي كانالفقهاء والكتاب والصوفيون يؤكدون نزعات دائمة وثابتة للفكر الإسلامي، مع أنها حلولخادعة ولكنها فعـّالة بشكل مدهش، بُغية إغراق معالم المأسوي في حياتنا وطمسه!
إنهم كما أسلفنا ينظرون إلى الدياليكتيك الاجتماعي من الخارج بصورة تجريديةولا يريدون الخروج من التخلف برفض الرأسمالية طريقاً للحياة!
وفي مجتمعاتناالعربية يقف العقائديون الجُدد من الماركسية موقف (ديكارت) ومنهجه (الكوجيتو): (أناأفكر إذا أنا موجود) فقد عرضه لكي يشد من أزر الديانة المسيحية غداة تحريم الكنيسةلمؤلفات غاليليه!
وعندما ثار المصلح كالفن ضد الذين أيّدوا كوبرنيكوس بالضدمن الكتاب المقدس، كان لابد للعلم الحديث أنْ يصطدم بسلطة الدين.
وهكذاسادت النزعة النقدية عصر التنوير كرد فعل لسلطة الدين، وأخضعت الوقائع التاريخيةالمذكورة في الكتاب المقدس للنقد التاريخي.
وكان مونتيسكيو يقول: من السخفأن تُرد وقائع التاريخ إلى المصادفة العمياء , فسلوك البشر تحكمه مبادئ مشتقة منطبيعة الأشياء. وصار بإمكان المؤرخ أن يفسر اغتيال القيصر على غرار الجيولوجي إزاءالزلازل!
وحينما قال سقراط: إن تحطم القيثارة لا يعني فناء النغم، قالفقهاء برجوازيون: ربما كان للماركسية حظوظ ومستقبل في الدول النامية، إنّ الشيوعيةقد خسرت المعركة الفكرية مع الغرب!
وهاجم ريمون آرون الماركسية وقالبـ(نهاية عصر الإيديولوجيا).
وكان ثمة أصوات في أوربا والولايات المتحدةتشير إلى أنّ الحقائق الاقتصادية والسياسية الجديدة تقدمت على طروح آدم سمث وكارلماركس!
لكن ثمة أصواتاً أخرى صريحة قالت: إن موت الشيوعية المزعوم قد انتزعالقوة من الراديكالية وأضعف الليبرالية!
وحتى فوكوياما راح يناقض نفسه إذأنهى مقالته بلون من الحنين، بهذه الكلمات: ستكون نهاية التاريخ حدثاً جد حزين.
وهنا في ساحتنا الساخنة ينسى المتأسلمون أنّ الإسلام ليس كياناً جوهرانياًلا يتغير ولا يتبدل على مدار التاريخ، ويصبح جديراً بالتفحص والتعرف إلى كيفيةإنتاج (المعنى) في المجتمعات البشرية في التراث ذاته، وأنه ليس أزلياً بل يتعرضللتحول والتجدد بفعل العوامل التاريخية.
وتجدر الإشارة إلى أن الفكر العربيالمعاصر المكتوب باللغة العربية ظل لاهوتياً حتى عندما كان يستخدم ألفاظ الثورةوالاشتراكية والتقدم (مثلاً فكر حزب البعث)، إذ الواقع أن النقد الجذري للبنيةاللاهوتية المسيطرة على الفكر العربي منذ مئات السنين لم يحصل، وبالتالي لم يدخلهذا الفكر إلى دائرة الحداثة الفعلية!
أمّا الأنظمة السياسية التي هيمنتبعد الاستقلال فقد أكدت ضرورة تعليم الدين في مدارسها بُغية بناء الشخصية الوطنيةالتي فككها الاستعمار سابقاً (الجزائر مثلاً). وفات تلك الأنظمة إمكانية أنْ يتحولالتعليم التقليدي للدين إلى إيديولوجيا ظلامية!
وتجدر الإشارة إلى أن ثمةفريسين ممن ركبتهم روحية الإقصاء المكارثية يريدون لنا البراءة من الإرث الإنسانيالماركسي الممثل بالمادية التاريخية والمادية الجدلية، لذا رأينا مجاهد عبد المنعممجاهد يكتب: الماركسية فلسفة غير إنسانية!
وسبق لهرطقة مماثلة في عصرسلاجقة القرن الثالث عشر أنْ هدرت دم المعتزلة ببيان صادر عن الخليفة القادر آنذاك!
والكُثر منّا يعرف أن للماركسية إغراءآت متعددة، لكن الأرأس من بينها ربمايكمن في أنها تعبر عن منظومة من القيم وتجيب عن السؤال: ماالذي يجعل الحياة جديرةبأن تعاش؟
أما قوة الماركسية فتكمن في تأكيدها استشراف الإمكانية السياسيةباعتبارها متجذرة في تطور قوى وعلاقات الإنتاج.
لكن ينبغي عدم إغفال أنّثمة (شك أكال) ينتاب مثقفين كـُثراً محسوبين على اليسار الاشتراكي وهم غير منخرطينفي العملية السياسية، ويرون أنفسهم خوارج محاصرين بالأصولية البائسة التي يرفعشعارها الظواهري عن أن الإرهاب عقيدة إسلامية دونها الكفر!
وأصبح أولئكالمثقفون عدمييّ النزعة مثل أقرانهم من أصحاب النظرة (الكلبية) اليونانية القديمة،التي قوامها أن الأفكار تستخدم لمصلحة القوة والقهر، وهي التي تقود العمل الثقافي،فالحقيقة كانت دوماً غائبة مهجورة!
ومع ذلك ورغم الأقاويل المتعددة ترانانهزج بحدوس أنْ: ليس ثمة مستقبل دون ماركس.
والتأويل الماركسي يتناول أن البشر يعون مشاكلهم عن طريق إدراك التعارض بينالقوى المنتجة وعلاقات الإنتاج على صعيد الأيديولوجيا، لكنها أي الفلسفة الماركسيةتنوي إنجاح المشروع الإنساني بتغيير الشرط البشري، ولا تكتفي بتأويل التاريخ
وهنا يتحقق لها المشروع الديمقراطي التحرري بعد أن تتجاوز التأويل التاريخي لكيتُدخل الناس إلى ملكوت الحرية الحقيقي.
والفلسفة الماركسية تعدّ نظريةمطلقة للتأريخ مؤنسنة، لكنها ترفض كل فلسفة أخلاقية تُطلب في حياة أخرى، أي بمعنىالبحث عن مغزى لهذه الحياة الأرضية!
وحتى لا نقع في شباك النظرة الماديةالعاميّة مثل أولئك الذين نبذوا نظرية القيمة وتناسَوْا أنّ (قوة العمل) التييبذلها الإنسان هي التي تنتج (القيمة) فعلينا إدراك أن المفهوم الأساسي في الفلسفةهو (البراكسيس) الذي يجعل البنية الفوقية تولــّد منجزات جديدة، وبالتالي تشكل عصبالجدل التاريخي الذي يبحث في نمو التناقضات بين الإنسان والمادة.
ولو أنّالمـُصلح (لوثر) يظهر لنا في عصرنا هذا، فهو بلا شك سيـُدين التأويل الماركسي بوصفهميلاً أحمق يخالف الكتاب المقدس الذي يشير إلى أنّ (يوشع) قد أمر الشمس أنْ تستقر!
والماركسية كمنهجية حديثة في علم التاريخ تنفي التعالي (الترانسندنتالية)،وهي تأخذ الأحداث ضمن مشروطيتها المادية الثقيلة.
لما كانت الماركسية كعلماجتماعي يقودُنا إلى الاستبصار النقدي، تجدنا مؤمنين ومتفائلين بغدنا الاشتراكي،والطرح الديمقراطي الراديكالي، لاسيما أن المستقبل بات حقلاً مفتوحاً للاكتشافوالتجريب، وبالتالي لن يتهمنا أحد بأن تركيبنا الفكري السياسي هو واحد موحد وفريد!
ولماكانت الرؤيا والسرديات المتعددة أتت بسبب من العولمة التي يرى البعضأنها قد سفـّهت الاعتقاد بأن الحلول قائمة وأنّ مناهج البحث الاجتماعي باتت عقيمةوتعاني أزمة عميقة، فإننا نقف إلى جانب هيجل بهذا الصدد إذ نراه يقول (إن بومةمنيرفا لا تحلق إلا عند الغسق).
عليه نرى أن عقلنا الاستطلاعيالمستقبلي الذي هو عقل ما بعد الحداثة ومنهجنا العلمي لا يثير الشفقة ولا الازدراءوله القدرة على تفسير الظواهر التي نعيش.
وتأسيساً على ما جاء آنفاً تجدنالا نستجيب للفوبيا من الأنطولوجيا الشيوعية أبداً، وسنبقى مسكونين بهاجس الأفقالاشتراكي حلاً لإشكالياتنا البشرية.
والجميع يعلم أننا كمثقفين ننظر إلىالدياليكتيك من الداخل، خلافاً للنظرة البرانية لأنشتاين، إذ اتخذ في فلسفته مواقفمثالية على غرار (أرنست ماخ) وينتهي إلى ذاتية الزمان إذ لازمان قبل الإنسانوساعاته!
لكن يبقى صحيحاً أنّ زمننا البرجوازي هذا هو زمان مضطرب، والكيدالعولمي يحيق بنا ويبقى قدرنا تصحيح المسار الكوسموبوليتي الكوني اللعين!
ومعلوم أن جوهر الممارسة الإيديولوجية البرجوازية هي اعتيادها قلب السببأثراً والأثر سبباً في تحليلها للواقع الاجتماعي.. وهكذا راحت تـُخفي سيطرتهاالطبقية، وصدعت بالقول إن التراث هو الذي يحيي ويميت، لتغطي بهذه الأطروحة علىموضوعة الإنتاج الرأسمالي، وبالنتيجة تغطي على الأسباب الفعلية لمظاهر التخلف!
وعموماً فالمنطق المثالي يرى في الفكر عامل النهضة، وأيضاً عامل التخلف،وهو المبدأ التفسيري لحركة التأريخ الاجتماعي والعقل العربي كلما حاول الوثوب إلىالعلمية سقط في الجدلية الهيجلية المغلقة، في حين أن الماركسية ترى أنه ما من واقعينفصل عن النمو الجدلي للتناقضات بين الإنسان ووسطه المادي.
والوسط الماديهنا هو الطبيعة، كما يراها (غرامشي)، وقد أنسنها الإنسان وسيطر عليها بالقوىالمنتجة.
وهنا نجد مناسباً التطرق إلى رؤية علي الوردي (بإصلاح الأذهان قبلالبدء بإصلاح البلاد). وهو يرى أن البشر سيديمون النزاع حتى بتوفر الموارد، وهيمحاولة للتفلسف خارج نطاق كل علم!
وقبل الوردي وفي عالمنا الإسلامي كانالفقهاء والكتاب والصوفيون يؤكدون نزعات دائمة وثابتة للفكر الإسلامي، مع أنها حلولخادعة ولكنها فعـّالة بشكل مدهش، بُغية إغراق معالم المأسوي في حياتنا وطمسه!
إنهم كما أسلفنا ينظرون إلى الدياليكتيك الاجتماعي من الخارج بصورة تجريديةولا يريدون الخروج من التخلف برفض الرأسمالية طريقاً للحياة!
وفي مجتمعاتناالعربية يقف العقائديون الجُدد من الماركسية موقف (ديكارت) ومنهجه (الكوجيتو): (أناأفكر إذا أنا موجود) فقد عرضه لكي يشد من أزر الديانة المسيحية غداة تحريم الكنيسةلمؤلفات غاليليه!
وعندما ثار المصلح كالفن ضد الذين أيّدوا كوبرنيكوس بالضدمن الكتاب المقدس، كان لابد للعلم الحديث أنْ يصطدم بسلطة الدين.
وهكذاسادت النزعة النقدية عصر التنوير كرد فعل لسلطة الدين، وأخضعت الوقائع التاريخيةالمذكورة في الكتاب المقدس للنقد التاريخي.
وكان مونتيسكيو يقول: من السخفأن تُرد وقائع التاريخ إلى المصادفة العمياء , فسلوك البشر تحكمه مبادئ مشتقة منطبيعة الأشياء. وصار بإمكان المؤرخ أن يفسر اغتيال القيصر على غرار الجيولوجي إزاءالزلازل!
وحينما قال سقراط: إن تحطم القيثارة لا يعني فناء النغم، قالفقهاء برجوازيون: ربما كان للماركسية حظوظ ومستقبل في الدول النامية، إنّ الشيوعيةقد خسرت المعركة الفكرية مع الغرب!
وهاجم ريمون آرون الماركسية وقالبـ(نهاية عصر الإيديولوجيا).
وكان ثمة أصوات في أوربا والولايات المتحدةتشير إلى أنّ الحقائق الاقتصادية والسياسية الجديدة تقدمت على طروح آدم سمث وكارلماركس!
لكن ثمة أصواتاً أخرى صريحة قالت: إن موت الشيوعية المزعوم قد انتزعالقوة من الراديكالية وأضعف الليبرالية!
وحتى فوكوياما راح يناقض نفسه إذأنهى مقالته بلون من الحنين، بهذه الكلمات: ستكون نهاية التاريخ حدثاً جد حزين.
وهنا في ساحتنا الساخنة ينسى المتأسلمون أنّ الإسلام ليس كياناً جوهرانياًلا يتغير ولا يتبدل على مدار التاريخ، ويصبح جديراً بالتفحص والتعرف إلى كيفيةإنتاج (المعنى) في المجتمعات البشرية في التراث ذاته، وأنه ليس أزلياً بل يتعرضللتحول والتجدد بفعل العوامل التاريخية.
وتجدر الإشارة إلى أن الفكر العربيالمعاصر المكتوب باللغة العربية ظل لاهوتياً حتى عندما كان يستخدم ألفاظ الثورةوالاشتراكية والتقدم (مثلاً فكر حزب البعث)، إذ الواقع أن النقد الجذري للبنيةاللاهوتية المسيطرة على الفكر العربي منذ مئات السنين لم يحصل، وبالتالي لم يدخلهذا الفكر إلى دائرة الحداثة الفعلية!
أمّا الأنظمة السياسية التي هيمنتبعد الاستقلال فقد أكدت ضرورة تعليم الدين في مدارسها بُغية بناء الشخصية الوطنيةالتي فككها الاستعمار سابقاً (الجزائر مثلاً). وفات تلك الأنظمة إمكانية أنْ يتحولالتعليم التقليدي للدين إلى إيديولوجيا ظلامية!
وتجدر الإشارة إلى أن ثمةفريسين ممن ركبتهم روحية الإقصاء المكارثية يريدون لنا البراءة من الإرث الإنسانيالماركسي الممثل بالمادية التاريخية والمادية الجدلية، لذا رأينا مجاهد عبد المنعممجاهد يكتب: الماركسية فلسفة غير إنسانية!
وسبق لهرطقة مماثلة في عصرسلاجقة القرن الثالث عشر أنْ هدرت دم المعتزلة ببيان صادر عن الخليفة القادر آنذاك!
والكُثر منّا يعرف أن للماركسية إغراءآت متعددة، لكن الأرأس من بينها ربمايكمن في أنها تعبر عن منظومة من القيم وتجيب عن السؤال: ماالذي يجعل الحياة جديرةبأن تعاش؟
أما قوة الماركسية فتكمن في تأكيدها استشراف الإمكانية السياسيةباعتبارها متجذرة في تطور قوى وعلاقات الإنتاج.
لكن ينبغي عدم إغفال أنّثمة (شك أكال) ينتاب مثقفين كـُثراً محسوبين على اليسار الاشتراكي وهم غير منخرطينفي العملية السياسية، ويرون أنفسهم خوارج محاصرين بالأصولية البائسة التي يرفعشعارها الظواهري عن أن الإرهاب عقيدة إسلامية دونها الكفر!
وأصبح أولئكالمثقفون عدمييّ النزعة مثل أقرانهم من أصحاب النظرة (الكلبية) اليونانية القديمة،التي قوامها أن الأفكار تستخدم لمصلحة القوة والقهر، وهي التي تقود العمل الثقافي،فالحقيقة كانت دوماً غائبة مهجورة!
ومع ذلك ورغم الأقاويل المتعددة ترانانهزج بحدوس أنْ: ليس ثمة مستقبل دون ماركس.
المصدر : http://www.jocp.org/index.php?option...1329&Itemid=40
Comment