الفهرست
المقالة الأولى:
الفصل الأول:فيابتداء طلب موضوع الفلسفة الأولى لتبيين أبنيته في العلوم.
الفصل الثاني:في تحصيل موضوع هذا العلم.
الفصل الثالث:في منفعة هذا العلم ومرتبته واسمه.
الفصل الرابع: في جملة ما يتكلم فيه في هذا العلم.
الفصل الخامس: فصل في جملة ما يتكلم فيه في هذا العلم.
الفصل السادس:في ابتداء القول في الواجب الوجود والممكن الوجود...
الفصل السابع:فصل في أن واجب الوجود واحد.
الفصل الثامن: في بيان الحق والصدق والذب عن أول الأقاويل.
الفصل الأول:فيابتداء طلب موضوع الفلسفة الأولى لتبيين أبنيته في العلوم.
الفصل الثاني:في تحصيل موضوع هذا العلم.
الفصل الثالث:في منفعة هذا العلم ومرتبته واسمه.
الفصل الرابع: في جملة ما يتكلم فيه في هذا العلم.
الفصل الخامس: فصل في جملة ما يتكلم فيه في هذا العلم.
الفصل السادس:في ابتداء القول في الواجب الوجود والممكن الوجود...
الفصل السابع:فصل في أن واجب الوجود واحد.
الفصل الثامن: في بيان الحق والصدق والذب عن أول الأقاويل.
المقالة الثانية:
الفصل الأول:في تعريف الجوهر وأقسامهبقول كلي.
الفصل الثاني:في تحقيق الجوهر الجسماني وما يتركب منه وأول ذلك معرفة الجسم وتحقيق ماهيته.
الفصل الثالث:في أن المادة الجسمانية لا تتعرى عن الصورة.
الفصل الرابع: في تقديم الصورة على المادة في مرتبة الوجود.
الفصل الأول:في تعريف الجوهر وأقسامهبقول كلي.
الفصل الثاني:في تحقيق الجوهر الجسماني وما يتركب منه وأول ذلك معرفة الجسم وتحقيق ماهيته.
الفصل الثالث:في أن المادة الجسمانية لا تتعرى عن الصورة.
الفصل الرابع: في تقديم الصورة على المادة في مرتبة الوجود.
المقالة الثالثة:
الفصل الأول:حال المقولات التسع في الإشارة إلى ما ينبغي أن يبحث عنه من حال المقولات التسع وفي عرضيتها.
الفصل الثاني: في الكلام في الواحد.
الفصل الثالث:في تحقيق الواحد والكثير وإبانة أن العدد عرض والذي يصعبعلينا تحقيقه الآن ماهية الواحد.
الفصل الرابع:في أن المقادير أعراض وأما الكميات المتصلة فهي مقاديرالمتصلات.
الفصل الخامس:في تحقيق ماهية العدد وتحديد أنواعه، وبيان أوائله.
الفصل السادس: في تقابل الواحدوالكثير.
الفصل السابع:في أنالكيفيات أعراض.
الفصل الثامن:فيالعلم وأنه عرض.
الفصل التاسع:في الكيفيات التي في الكميات وإثباتها.
الفصل العاشر: في المضاف.
الفصل الأول:حال المقولات التسع في الإشارة إلى ما ينبغي أن يبحث عنه من حال المقولات التسع وفي عرضيتها.
الفصل الثاني: في الكلام في الواحد.
الفصل الثالث:في تحقيق الواحد والكثير وإبانة أن العدد عرض والذي يصعبعلينا تحقيقه الآن ماهية الواحد.
الفصل الرابع:في أن المقادير أعراض وأما الكميات المتصلة فهي مقاديرالمتصلات.
الفصل الخامس:في تحقيق ماهية العدد وتحديد أنواعه، وبيان أوائله.
الفصل السادس: في تقابل الواحدوالكثير.
الفصل السابع:في أنالكيفيات أعراض.
الفصل الثامن:فيالعلم وأنه عرض.
الفصل التاسع:في الكيفيات التي في الكميات وإثباتها.
الفصل العاشر: في المضاف.
المقالة الرابعة:
الفصل الأول: فيالمتقدم والمتأخر وفي الحدوث.
الفصل الثاني:في القوة والفعل والقدرة والعجز وإثباتالمادة لكل متكون.
الفصل الثالث:في التام والناقص وما فوق التمام، وفي الكل، وفيالجميع التام.
الفصل الأول: فيالمتقدم والمتأخر وفي الحدوث.
الفصل الثاني:في القوة والفعل والقدرة والعجز وإثباتالمادة لكل متكون.
الفصل الثالث:في التام والناقص وما فوق التمام، وفي الكل، وفيالجميع التام.
المقالة الخامسة:
الفصل الأول:في الأمور العامة وكيفيةوجودها.
الفصل الثاني:في كيفية كون الكلية للطبائع الكلية وإتمام القول في ذلك، وفي الفرق بي الكلوالجزء، والكلي والجزئي.
الفصل الثالث:في الفصل بين الجنسوالمادة.
الفصل الرابع:دخول المعاني الخارجة عن الجنس على طبيعة الجنس في كيفية دخول المعاني الخارجة عنالجنس على طبيعة الجنس.
الفصل الخامس:في النوع وأما النوع فإنه الطبيعة المتحصلة في الوجود وفيالعقل جميعاً.
الفصل السادس:في تعريف الفصل وتحقيقه.
الفصل السابع:في تعريفمناسبة الحد والمحدود.
الفصل الثامن:في الحد
الفصل التاسع: في مناسبة الحد وأجزائه
الفصل الأول:في الأمور العامة وكيفيةوجودها.
الفصل الثاني:في كيفية كون الكلية للطبائع الكلية وإتمام القول في ذلك، وفي الفرق بي الكلوالجزء، والكلي والجزئي.
الفصل الثالث:في الفصل بين الجنسوالمادة.
الفصل الرابع:دخول المعاني الخارجة عن الجنس على طبيعة الجنس في كيفية دخول المعاني الخارجة عنالجنس على طبيعة الجنس.
الفصل الخامس:في النوع وأما النوع فإنه الطبيعة المتحصلة في الوجود وفيالعقل جميعاً.
الفصل السادس:في تعريف الفصل وتحقيقه.
الفصل السابع:في تعريفمناسبة الحد والمحدود.
الفصل الثامن:في الحد
الفصل التاسع: في مناسبة الحد وأجزائه
المقالة السادسة:
الفصل الأول:في أقسام العلل وأحوالها.
الفصل الثاني: في كل علة هي مع معلولها في حل ما يتشكك به على ما يذهب إليه أهل الحق من أن كل علة هي مع معلولها...
الفصل الثالث:في مناسبة ما بين العلل الفاعليةومعلولاتها.
الفصل الرابع:في العلل الأخرى العنصرية والصورية والغائبة.
الفصل الخامس:في إثبات الغاية وحل شكوك قيلت في إبطالها...
الفصل الأول:في أقسام العلل وأحوالها.
الفصل الثاني: في كل علة هي مع معلولها في حل ما يتشكك به على ما يذهب إليه أهل الحق من أن كل علة هي مع معلولها...
الفصل الثالث:في مناسبة ما بين العلل الفاعليةومعلولاتها.
الفصل الرابع:في العلل الأخرى العنصرية والصورية والغائبة.
الفصل الخامس:في إثبات الغاية وحل شكوك قيلت في إبطالها...
المقالة السابعة:
الفصل الأول: في لواحق الوحدة من الهوية وأقسامها ولواحق الكثرة من الغيرية والخلاف وأصناف التقابل المعروفة.
الفصل الثاني:في مذاهب الحكماء الأقدمين...
الفصل الثالث:في إبطال القول بالتعليميات والمثل.
الفصل الأول: في لواحق الوحدة من الهوية وأقسامها ولواحق الكثرة من الغيرية والخلاف وأصناف التقابل المعروفة.
الفصل الثاني:في مذاهب الحكماء الأقدمين...
الفصل الثالث:في إبطال القول بالتعليميات والمثل.
المقالة الثامنة: في معرفة المبدأالأول للوجود كله ومعرفة صفاته:
الفصل الأول:في تناهي العطل الفاعلية والقابلية.
الفصل الثاني:في شكوك تلزم ما قيل وحلها.
الفصل الثالث: في إبانة تناهي العلل الغائية والصورية وإثبات المبدأ الأول مطلقا...
الفصل الرابع:في الصفات الأولى للمبدأ الواجب الوجود.
الفصل الخامس: في توحيد واجب الوجود كأنه توكيد وتكرار لما سلف من توحيد واجب الوجود وجميع صفاتهالسلبية على سبيل الإنتاج.
الفصل السادس:في إنه تام بل فوق التام وخير، ومفيد كل شيء بعده، وأنه حق، وأنه عقل محض...
الفصل السابع:في نسبة المعقولات إليه وفي إيضاح أن صفاته الإيجابية والسلبية لا توجب في ذاته كثرة...
الفصل الأول:في تناهي العطل الفاعلية والقابلية.
الفصل الثاني:في شكوك تلزم ما قيل وحلها.
الفصل الثالث: في إبانة تناهي العلل الغائية والصورية وإثبات المبدأ الأول مطلقا...
الفصل الرابع:في الصفات الأولى للمبدأ الواجب الوجود.
الفصل الخامس: في توحيد واجب الوجود كأنه توكيد وتكرار لما سلف من توحيد واجب الوجود وجميع صفاتهالسلبية على سبيل الإنتاج.
الفصل السادس:في إنه تام بل فوق التام وخير، ومفيد كل شيء بعده، وأنه حق، وأنه عقل محض...
الفصل السابع:في نسبة المعقولات إليه وفي إيضاح أن صفاته الإيجابية والسلبية لا توجب في ذاته كثرة...
المقالة التاسعة: في صدور الأشياء عن التدبير الأول والمعاد إليه:
الفصل الأول:في صفة فاعلية المبدأ الأول.
الفصل الثاني:في أن المحرك القريب للسماويات لا طبيعة ولا عقل، بل نفس، والمبدأ الأ بعد عقل.
الفصل الثالث: في كيفية صدور الأفعال من المبادئ العالية.
الفصل الرابع:في ترتيب وجود العقل والنفوس السماوية والأجرام العلوية عنالمبدأ الأول.
الفصل الخامس:في حال تكون الإسطقسات عن العلل الأوائل.
الفصل السادس:في العناية وبيان كيفية دخول الشر في القضاءالإلهي.
الفصل السابع:في المعاد.
الفصل الأول:في صفة فاعلية المبدأ الأول.
الفصل الثاني:في أن المحرك القريب للسماويات لا طبيعة ولا عقل، بل نفس، والمبدأ الأ بعد عقل.
الفصل الثالث: في كيفية صدور الأفعال من المبادئ العالية.
الفصل الرابع:في ترتيب وجود العقل والنفوس السماوية والأجرام العلوية عنالمبدأ الأول.
الفصل الخامس:في حال تكون الإسطقسات عن العلل الأوائل.
الفصل السادس:في العناية وبيان كيفية دخول الشر في القضاءالإلهي.
الفصل السابع:في المعاد.
المقالة العاشرة:
الفصل الأول:في المبدأ والمعاد.
الفصل الثاني:في إثبات النبوة وكيفية دعوة النبي إلى اللهتعالى، والمعاد إليه.
الفصل الثالث:في العبادات ومنفعتها في الدنيا والآخرة.
الفصل الرابع: في عقد المدينة وعقد البيت وهو نكاح والسنن الكليةفي ذلك.
الفصل الخامس:في الخليفة والإمام ووجوب طاعتهما، والإشارة إلىالسياسات والمعاملات والأخلاق.
الفصل الأول:في المبدأ والمعاد.
الفصل الثاني:في إثبات النبوة وكيفية دعوة النبي إلى اللهتعالى، والمعاد إليه.
الفصل الثالث:في العبادات ومنفعتها في الدنيا والآخرة.
الفصل الرابع: في عقد المدينة وعقد البيت وهو نكاح والسنن الكليةفي ذلك.
الفصل الخامس:في الخليفة والإمام ووجوب طاعتهما، والإشارة إلىالسياسات والمعاملات والأخلاق.
الصفحة : 1
المقالةالأولى
وفيها ثمانية فصول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّالعالمينوصلاته على النبي المصطفى محمد وآله الإكرمين أجمعين.
الفن الثالث عشر منكتابالشفاء في الإلهيات.
المقالة الأولى وهي ثمانية فصول
الفن الثالث عشر منكتابالشفاء في الإلهيات.
المقالة الأولى وهي ثمانية فصول
الفصل الأول:
فيابتداء طلب موضوع الفلسفة الأولى لتبيين أبنيته في العلوم.
وإذا قد وفقنا اللهولي الرحمة والتوفيق، فأوردنا ما وجب إيراده من معاني العلوم المنطقيةوالطبيعيةوالرياضية، فبالحري أن نشرع في تعريف المعاني الحكمية، ونبتدئمستعينين باللهفنقول: إن العلوم الفلسفية، كما قد أشير إليه في مواضع أخرى منالكتب، تنقسم إلىالنظرية وإلى العملية، قد أشير إلى الفرق بينهما وذُكر أنالنظرية هي التي نطلبفيها استكمال القوة النظرية من النفس بحصول العقل بالفعل،وذلك بحصول العلمالتصوّري والتصديقي بأمور ليست هي هي بأنها من أعمالناوأحوالنا، فتكون الغايةفيها حصول رأي واعتقاد ليس رأياً واعتقاداً في كيفيةعمل أو كيفية مبدأ عمل من حيثهو مبدأ عمل. وأن العملية هي التي يتطلب فيهاأولاً استكمال القوة النظرية بحصولالعلم التصوّري والتصديقي بأمور هي هي بأنهاأعمالنا، ليحصل منها ثانياً استكمالالقوة العملية بالأخلاق. وذكر أن النظريةتنحصر في أقسام ثلاثة هي: الطبيعية،والتعليمية، والإلهية. وأن الطبيعيةموضوعها الأجسام من جهة ما هي متحركة وساكنة،وبحثها عن العوارض التي تعرض لهابالذات من هذه الجهة. وأن التعليمية موضوعها إماما هو كم مجرد عن المادةبالذات، وإما هو ذو كم. والمبحوث عنه فيها أحوال تعرضللكم بما هو كم. ولا يؤخذفي حدودها نوع مادة، ولا قوة حركة. وأن الإلهية تبحث عنالأمور المفارقة للمادةبالقوام والحد. وقد سمعت أيضاً أن الإلهي هو الذي يبحث فيالأسباب الأولىللوجود الطبيعي والتعليمي وما يتعلق بهما، وعن مسبب الأسباب ومبدأالمبادئ وهو
الصفحة : 2
الإله تعالى جده. فهذا هو قدر ما يكون قد وقفت عليه فيما سلفلك من الكتب. ولميتبين لك من ذلك الموضوع للعلم افلهي ما هو بالحقيقة إلاّإشارة جرت في كتابالبرهان من المنطق إن تذكرتها. وذلك أن في سائر العلوم قدكان يكون لك شيء هوموضوع، وأشياء هي المطلوبة، ومبادئ مسلمة منها تؤلفالبراهين. والآن، فلست تحقق حقالتحقيق ما الموضوع لهذا العلم، وهل هو ذاتالعلة الأولى حتى يكون المراد معرفةصفاته وأفعاله أو معنى آخر. وأيضاً قد كنتتسمع أن ههنا فلسفة بالحقيقة، وفلسفةأولى، وأنها تفيد تصحيح مبادئ سائرالعلوم، وأنها هي الحكمة بالحقيقة. وقد كنتتسمع تارة أن الحكمة هي أفضل علمبأفضل معلوم، وأخرى أن الحكمة هي المعرفة التي هيأصح معرفة واتقنها، وأخرىأنها العلم بالأسباب الأولى للكل. وكنت لا تعرف ما هذهالفلسفة الأولى، وما هذهالحكمة، وهل الحدود والصفات الثلاث لصناعة واحدة، أولصناعات مختلفة كل واحدةمنها تسمى حكمة. ونحن نبين لك الآن أن هذا العلم الذي نحنبسبيله هو الفلسفةالأولى، وأنه الحكمة المطلقة، وأن الصفات الثلاث التي رُسم بهاالحكمة هي صفاتصناعة واحدة، وهذه هي الصناعة. وقد علم أن لكل علم موضوعاً يخصه،فلنبحث الأنعن الموضوع لهذا العلم، ما هو؟ ولننظر هل الموضوع لهذا العلم هو إنيةاللهتعالى جده، أو ليس كذلك، بل هو شيء من مطالب هذا العلم؟ فنقول: أنه لا يجوزأنيكون ذلك هو الموضوع، وذلك لأن موضوع كل علم هو أمر مسلّم الوجود في ذلك العلم،وإنما يبحث عن أحواله. وقد عُلم هذا في مواضع أخرى. ووجود الإله تعالى جده لايجوزأن يكون مسلّماً في هذا العلم كالموضوع، بل هو مطلوب فيه. وذلك لإنه إن لميكنكذلك لم يخل إما أن يكون مسلّماً في هذا العلم أو مطلوباً في علم آخر، وإماأن يكونمسلّماً في هذا العلم وغير مطلوب في علم آخر. وكلا الوجهين باطلان.وذلك لأنه لايجوز أن يكون مطلوباً في علم آخر، لأن العلوم الأخرى إما خلقية أوسياسية، وإماطبيعية، ومارياضية، وإما منطقية. وليس في العلوم الحكمية علم خارجعن هذه القسمة،وليس ولا في شيء منها يُبحث عن إثبات الأله تعالى جده، ولا يجوزأن يكون ذلك، وأنتتعرف هذا بأدنى تأمل لأصول كررت عليك. ولا يجوز أيضاً أنيكون غير مطلوب في علمآخر لأنه يكون حينئذ غير مطلوب في علك البتّة. فيكون إمابيّناً بنفسه، وإمامأيوساً عن بيانه بالنظر، وليس بيّناً بنفسه ولا مأيوساً عنبيانه، فإن عليه دليلاً.ثم المأيوس عن بيانه كيف يصح تسليم وجوده؟ فبقي أننبحث عنه إنما هو
الصفحة : 3
في هذا العلم. ويكون البحث عنه على وجهين: أحدهما البحث عنهمن جهة وجوده، والآخرمن جهة صفاته. وإذا كان البحث عن وجوده في هذا العلم، لميجز أن يكون موضوع هذاالعلم، فإنه ليس على علم من العلوم إثبات موضوعه، وسنبينلك عن قريب أيضاً، أنالبحث عن وجوده لا يجوز ان يكون إلاّ في هذا العلم، إذ قدتبين لك من حال هذاالعلم أنه بحث عن المفارقات للمادة أصلاً. وقد لاح لك فيالطبيعيات أن الإله غيرجسم، ولا قوة جسم، بل هو واحد بريئ عن المادة، وعنمخالطة الحركة من كل جهة. فيجبأن يكون البحث عنه لهذا العلم. والذي لاح لك منذلك في الطبيعيات كان غريباً عنالطبيعيات، ومستعملاً فيها، منه ما ليس منها،إلاّ أنه أريد بذلك أن يُعجَّلللإنسان وقوف على إنية المبدأ الأول فتتمكن منهالرغبة في اقتباس العلوم،والإنسياق إلى المقام الذي هناك ليتوصل إلى معرفتهبالحقيقة. ولما لك يكن بد من أنيكون لهذا العلم موضوع وتبين لك أن الذي يُظنأنه هو موضوعه ليس بموضوعه، فلننظر:هل موضوعه الأسباب القصوى للموجودات كلهاأربعتها إلاّ واحداً منها الذي لم يكنالقول به. فإن هذا أيضاً قد يظنه قوم.لكن النظر في الأسباب كلها أيضاً لا يخلوإما أن ينظر فيها بما هي موجودات أوبما هي أسباب مطلقة، أو بما هي كل واحد منالأربعة على النحو الذي نحصه. أعنيأن يكون النظر فيها من جهة أن هذا فاعل، وذلكقابل، وذلك شيء آخر؛ أو من جهة ماهي الجملة التي تجمع منها. فنقول: لا يجوز أنيكون النظر فيها بما هي أسبابمطلقة، حتى يكون الغرض من هذا العلم هو النظر فيالأمور التي تعرض للأسباب بماهي أسباب مطلقة. ويظهر هذا من وجوه: أحدهما، من جهةأن هذا العلم يبحث عن معانليست هي من الأعراض الخاصة بالأسباب بما هي أسباب، مثلالكلي والجزئي، والقوةوالفعل، والإمكان والوجوب وغير ذلك. ثم من البين الواضح أنهذه الأمور فيأنفسها بحيث يجب أن يبحث عنها، ثم ليست من الأعراض الخاصة بالأمورالطبيعيةوالأمور التعليمية. ولا هي أيضاً واقعة في الأعراض الخاصة بالعلومالعملية.فيبقى أن يكون البحث عنها للعلم الباقي من الأقسام وهو هذا العلم. وايضاًفأنالعلم بالأسباب المطلقة حاصل بعد العلم بإثبات الأسباب للأمور ذوات الأسباب.فإنا ما لم نثبت وجود الأسباب للمسبّبات من الأمور بإثبات أن لوجودها تعلقاًبمايتقدمها في الوجود، لم يلزم عند العقل وجود السبب المطلق، وأن ههنا سبباًما. وأماالحس فلا يؤدي إلاّ إلى الموافاة. وليس إذا توافى
الصفحة : 4
شيئان، وجب أن يكون أحدهما سبباً للآخر. والإقناع الذي يقعللنفس لكثرة ما يوردهالحس والتجربة فغير متأكد، على ما علمت، إلاّ بمعرفة أنالأمور التي هي موجودة فيالأكثر هي طبيعية واختيارية. وهذا في الحقيقة مستندإلى إثبات العلل، والإقراربوجود العلل والأسباب. وهذا ليس بيّناً أولياً بل هومشهود، وقد علمت الفرق بينهما.وليس إذا كان قريباً من العقل، من البين بنفسهأن للحادثات مبدأ ما يجب أن يكونبيّناً بنفسه مثل كثير من الأمور الهندسيةالمبرهن عليها في كتاب أوقليدس. ثمالبيان البرهاني لذلك ليس في العلوم الأخرى،فإذن يجب أن يكون في هذا العلم. فكيفيمكن أن يكون الموضوع للعلم المبحوث عنأحواله في المطالب مطلوب الوجود فيه؟ وإذاكان كذلك فبيّن أيضاً أنه ليس البحثعنها من جهة الوجود الذي يخص كل واحد منها،لأن ذلك مطلوب في هذا العلم. ولاأيضاً من جهة ما هي جملة ما وكل، لست أقول جمليوكلي. فإن النظر في أجزاءالجملة أقدم من النظر في الجملة، وإن لم يكن كذلك فيالجزيئيات الكلي باعتبارقد علمته، فيجب أن يكون النظر في الأجزاء إما في هذاالعلم فتكون هي أولى بأنتكون موضوعه، أو يكون في علم آخر، وليس علم آخر يتضمنالكلام في الأسباب القصوىغير هذا العلم. وأما إن كان النظر في الأسباب من جهة ماهي موجودة وما يلحقهامن تلك الجهة فيجب إذن أن يكون الموضوع الأول هو الموجود بماهو موجود. فقد بانأيضاً بطلان هذا النظر، وهو أن هذا العلم موضوعه الأسبابالقصوى، بل يجب أنيُعلم أن هذا كماله ومطلوبه.
Comment