• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

Announcement

Collapse

قوانين المنتدى " التعديل الاخير 17/03/2018 "

فيكم تضلو على تواصل معنا عن طريق اللينك: www.ch-g.org

قواعد المنتدى:
التسجيل في هذا المنتدى مجاني , نحن نصر على إلتزامك بالقواعد والسياسات المفصلة أدناه.
إن مشرفي وإداريي منتدى الشباب المسيحي - سوريا بالرغم من محاولتهم منع جميع المشاركات المخالفة ، فإنه ليس
... See more
See more
See less

الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

Collapse
This is a sticky topic.
X
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • #41
    جمبليخا أو جمبليخوس (242 م. – 325 م.)

    جمبليخا أو جمبليخوس (242 م. – 325 م.)



    جمبليخوس أو جمبليخا (بالسريانية) فيلسوف من المدرسة الأفلاطونية الجديدة، وابن أسرة نبيلة من حمص. ولد في بلدة خاليس[1] في سورية عام 242 م، والتحق حوالي العام 275 م بالمدرسة الأفلاطونية الجديدة التي كان يترأسها، حينذاك، في روما بورفيريوس تلميذ أفلوطين وأمونيوس ساكاس، وذلك قبل أن يعود إلى أفاميا (عند قلعة المضيق) في سورية ليؤسس، في العام 313 م، مدرسةً أفلاطونية جديدة قضى على رأسها ما تبقى من حياته قبل أن يتوفى حوالي عام 325 م.

    فلسفته: انطلاقًا من أسطورة الأرواح الساقطة لأفلاطون[2]، كان جمبليخوس يعتقد بأن الآلهة أرسلت حكماءً ذوي أرواح طاهرة لإنارة طريق الإنسانية. من بين هؤلاء الحكماء، الذين كانوا على تواصل مستمر مع الكائنات العليا، بوسعنا أن نعدد أورفيوس، فيثاغوراس، أفلاطون، وخوليانوس الكلداني. أمّا أرسطو فقد شوّه، من منظور جمبليخوس، المنقول الإلهي[3]، لأنه، وعلى عكس بورفيريوس الذي كان يفضل أفلاطون ويفسر فيثاغوراس من منظور أفلاطوني؛ كان جمبليخوس يفسر أفلاطون من منطلق فلسفة فيثاغوراس الذي كان يعتبره مثالاً ومرشدًا إلهيًا[4]. وهذا ما نراه بوضوح في شرحه لكتاب أفلاطون تيميوس الذي فسره تفسيرًا فيثاغوريًا.

    وفق جمبليخوس، تنقسم العلوم الرياضية (تصاعديًا) إلى أربعة فروع هي: الحساب، الهندسة، الموسيقى، وعلم الفلك. ولها ثلاث تطبيقات هي: القيم، الفيزياء، والعلم التطبيقي. وللحصول على هذه العلوم هناك طريقان أولهما هو طريق الوحي أو الإشراق المباشر، والثاني هو طريق الاستطراد المنطقي. كما ويلحظ جمبليخوس وجود طرق عدة للتعبير الفلسفي، وهذه كانت، عند السقراطيين، المنطق والرياضيات؛ ولدى الفيثاغوريين الصور والرموز والمطابقات[5].

    ورغم أن جمبليخوس كان، بالدرجة الأولى، جامعًا ينقل ما يعجبه من عقائد، إلى حدٍّ جعل بعض نقاّده يعتقدون أن كتابه دعوة إلى الفلسفة، منقول بالكامل عن أرسطو؛ إلاّ أنه بوسعنا أن نميز في فلسفته موضوعتان تتناولان بشكل مباشر عقيدته المتعلقة بالروح، والمستوحاة من كتاب تيميوس لأفلاطون. فجمبليخوس يعتبر الروح وسيطًا بين المدرك غير القابل للقسمة - أي الفكرة - وبين المحسوس القابل للتقسيم وللتكاثر. فالروح تؤمن الانسجام الداخلي للكون (وهي موضوعة شبيهة بوظيفة الإيروس، كما عبّر عنها في وليمة أفلاطون). أمّا كيف يفسِّر فيلسوفنا وظيفة الروح؟ وما هي الأدوات التي تستعملها لعقلنة المحسوس المتعدد وتغييره (أي تجسيد الملموس في شكل تعبر عنه الفكرة) ولتجسيد هذه الفكرة؟ هنا يعتقد جمبليخوس أن الرياضيات تمتلك تلك الخاصّية التي تعطي المتعدد روحه ووحدته، ما يجعلها قادرةً على عقلنة نظام ذلك المحسوس.

    ونصل أخيرًا إلى نقطة الخلاف الرئيسة بين بورفيريوس وجمبليخوس، والتي تشكل الخاصية الرئيسة لهذا الأخير، ألا وهي الثيورجيا (ιερατική (أي الفعل الإلهي) التي كان يؤمن بها هو وتلاميذه سيريانوس وبروكلوس ويرفضها بورفيريوس وأفلوطين الذي كان يشكك في منطقيتها.

    والثيورجيا التي هي تلك المنظومة من الممارسات والطقوس الروحانية، التي ما زلنا نتلمسها إلى يومنا هذا لدى بعض أتباع الطرائق الصوفية الإسلامية، والتي تتمكن الروح بموجبها من التوحّد مع "الكائنات العلوية" من أبطال وشياطين وملائكة وصولاً إلى الله الواحد الأحد؛ (الثيورجيا) لم تكن بالنسبة لجمبليخوس مجرّد أوهامٍ أو خزعبلات إنما كانت طريقًا ووسيلةً تتمكن الروح بواسطتها من الارتقاء التدريجي لتصل إلى الحالة المنشودة من الغبطة الروحية.

    ويقال بهذا الخصوص، أن جمبليخوس لم يتمكن من الجمع بين روحانيته وبين فلسفته، وأنه كان يتوجب في هذا المضمار انتظار من سيأتي من بعده كبروكلوس وداماسكيوس ممن حقق وطور تلك الثيولوجيا السلبية التي وضع (هو) أسسها، والتي ستنعكس آثارها لاحقًا على الباطنية والعقلانية الثيولوجية للقديس أوغوستينوس. لكن هذا موضوع آخر يتجاوز نطاق تعريفنا.

    من مؤلفاته وأعماله:

    - في الأسرار أو الأسرار المصرية.

    - حول السيرة الفيثاغورية.

    - تعليقات حول أفلاطون.

    - دعوة إلى الفلسفة.

    - في النظرية الرياضية العامة.

    *** *** ***

    ملاحظة: تمت ترجمة وإعداد هذا النص استنادًا إلى موسوعة ويكبيديا الفرنسية على الإنترنت.

    تعريب: أكرم أنطاكي



    horizontal rule

    [1] هي تلك المدينة الواقعة شمال سورية، والتي كانت تعرف بقنسرين. وهي الآن بلدة الحاضر الواقعة على نهر قويق شمال حلب.

    [2] راجع فيدرا وتيميوس.

    [3] راجع التعليق على تصنيفات أرسطو الفقرة 109.

    [4] فيما بعد، وفي مؤلفه أسرار مصر، أصبح يفضل هرمس والمصريين.

    [5] راجع التعليق على تيميوس لأفلاطون، الفقرة 5.

    في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
    أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
    وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

    Comment


    • #42
      البراغماتية

      الپراغماتية

      ما من فكرة هددت الطبيعة ومصير الإنسانية مثل فكرة الپراغماتية Pragmatism (الذرائعية أو النفعية)؛ ما من منهجية تفكير وحياة اتخذت طابعًا عالميًّا بقدر ما اتخذت؛ ما من نظرية أحكمت السيطرة على العالم مثلها؛ – حتى بات الصراعُ في العالم يدور ضمنها وليس ضدها.

      لا يبدو الصراع الذي يشهده العالم اليوم صراعًا متكافئًا، كما لا يبدو صراعًا بمعنى وجود أطراف كبرى صاحبة مصالح متضاربة، بل يبدو الأمر وكأن هناك سيطرةً عالميةً "مُعولَمة" تقابلُها اعتراضاتٌ "مناطقية" صغيرة، وإنْ عنيفة، هنا وثمة. وقد تبدو أشكال المقاومة كذبابة على ظهر ثور: مزعجة، مؤذية، معيقة، لكنها لا تبدل في حركة الثور أيَّ تبديل يُذكَر أو يُعتَد به. ولكن السؤال غير البديهي المطروح هنا هو: ما طبيعة هذه النظرية التي تسيطر على العالم؟

      لم تكن نظرية صموئيل هنتنغتون في صِدام الحضارات مقنعةً للكثيرين من حيث كونُها محرِّكة للتاريخ ومفسِّرة لديناميَّته؛ كما لا يبدو مقنعًا كثيرًا الاعتقادُ بأن مَن يُسمَّون اليوم "المحافظون الجدد" هم وحدهم الممسكون بأعنَّة السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي العالم بالتالي. ومع أن فرانسيس فوكوياما نفسه تراجع، بشكل أو بآخر، عن نظريته في نهاية التاريخ وانتصار الليبرالية، إلا أن ذلك كلَّه لم يحجب انتصار الفلسفة الپراغماتية وسيطرتها على الفكر العالمي، بما هي وليدة الفكر الليبرالي.

      ولعل "أخطر" ما في هذه النظرية أنها، بشكل أو بآخر، باتت نظرية محاربيها أيضًا، كونها تعتمد منهجية معينة في التفكير والعمل. أجل، ما من نظرية أو فلسفة أو مذهب أو عقيدة أو طريقة تفكير وتدبير إلخ هددت البشرية ومصيرها والأرض – ما عليها ومَن عليها – مثل الپراغماتية، وذلك لكونها نظرية في الحقيقة والمعرفة والسياسة والقيم.

      ارتكزت الفلسفة الپراغماتية على مذهب المنفعة، بوصفها غايةً لتحقيق السعادة للبشرية ووسيلتَه، معتبرةً أن الحقيقة – حقيقة أيِّ شيء – هي في مدى منفعتها للإنسان، في مدى فعاليتها وفعلها ونجاحها وتأمينها للشبع البشري؛ كما اعتبرت أن المعرفة هي وسيلة في خدمة العمل ليس إلا: لا قيمة للمعرفة إلا في مدى فعاليتها ومنفعتها.

      و"نفعية" المعرفة هذه اجتاحت الجامعات والمدارس والبرامج والمختبرات والسوق والمنافسة والربح وسلَّم القيم الاجتماعي والعالمي. لم تعد هناك أية قيمة لأيِّ شيء بذاته. واعتبار أن القيمة هي ما "ينفع" الإنسان، وإلغاء أية قيمة لباقي الكائنات، هو في الأصل من الأزمة البيئية اليوم، التي تهدد بدورها النوع البشري نفسه أيضًا.

      وفي السياسة الپراغماتية أن المعيار الأساسي الذي تُقاس به السياسة هو المنفعة، أي جملة ما ينتج عن العمل السياسي من مصالح. وهكذا تنجح السياسة بقدر ما تتهرب من قيود الأخلاق وتتحرر من أعباء القيم. بذا صارت الپراغماتية "أخلاق السياسة التي لا أخلاق لها". وإذ تعتمد السياسة الپراغماتية مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" (ماكياڤيللي)، تبيح استعمال أبشع الوسائل، التي باتت تهدد أسُس الحياة على هذا الكوكب – مع العلم أنه ما من غاية أسمى من الحياة.

      نظرت الپراغماتية نظرة ازدراء إلى الفلسفات التقليدية التي تنطلق من نظرة معينة إلى الكون وموقع الإنسان فيه والتي لا تخلو من مناحٍ ميتافيزيقية لتصل إلى التجريد. فعلى ذلك بنت الپراغماتية شهرتها، كونها الفلسفة التي لا تهتم إلا بالإنسان، محور الكون وغايته. ولكن هذا الاهتمام الاستثنائي بالإنسان وحياته لم يؤدِّ إلى إلغاء القلق الإنساني حيال الموت، الذي طالما اعتُبِرَ المحرك الأساسي للميتافيزيقا.

      وهكذا اعتبر أحد الظرفاء أن "نجاح" الپراغماتية في الجواب على الأسئلة الوجودية بتجنب إشكالية الموت هو بمثابة دعوة إلى تركيب مكيفات في جهنم!

      تبدو الپراغماتية نظرية پسيكولوجية أكثر منها فلسفة جديدة: فهي تدعو إلى اتباع نمط سلوكي نفعي دون ربطه بنظرية عامة في الوجود والحياة. إنها تركز على الموجود، لا على أسئلة الوجود، فتبحث عن سعادة الفرد وإشباع رغباته المعيشية اليومية، الآنية والفورية، من دون فتح أيِّ أفق آخر. وهذا ما يفسِّر انتشار ظاهرة استخدام المخدرات على مستوى عالمي، من حيث إنها تؤمن الرضا النفسي الآني، السريع في مفعوله، لكن السريع أيضًا في انتهاء مفعوله؛ كما يفسِّر انتشار الجريمة المنظمة (و"الإرهاب" اسم آخر لها) التي تكفل الانتقام النفسي الآني السريع، وإنْ على قاعدة إزعاج الذبابة الثورية–الجهادية للنظام الثوري (من "ثور" لا من "ثورة"!).

      حبيب معلوف

      * * *
      في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
      أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
      وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

      Comment


      • #43
        اللاعنف

        اللاَّعنف
        إن مبدأ اللاعنف[1]، الذي بشَّر به، منذ قديم الزمان، ومارسَه حكماءٌ من نحو البوذا ومو تسُه والمسيح وبعض الرواقيين، وفي العصر الحديث، جمهرةٌ من مؤسِّسي المذاهب أو الفلاسفة، قد مَنْهَجَه غاندي في القرن العشرين لتحقيق غايات سياسية واجتماعية (تحرير الهند من السيطرة الإنكليزية، إلغاء نظام المراتب الاجتماعية castes، المصالحة بين الهندوس والمسلمين). فبحسب تعبير القس الأمريكي مارتن لوثر كنغ: "المسيح أعطى الروح، وغاندي بيَّن كيفية استعماله." وبذا فإن الفنون التي استُكمِلَ إتقانُها قد ثبتتْ فعاليتُها في الهند، فأصبح اللاعنف، بدلاً من أن يظل مثالية غير قابلة للتطبيق في الظاهر، أداةَ نضال ذات قوة هائلة. وقد مورِسَ منذئذٍ في بلدان عديدة، وبالأخص في أيرلندا في الكفاح من أجل الاستقلال، في الولايات المتحدة في مطالبة السود بحقوقهم المدنية وبالمساواة العرقية، في إيطاليا ضد البؤس في صقلية، وفي فرنسا ضد حرب الجزائر.
        اللاعنف هو قوة الضعيف وملاذه الأخير. ونقطةُ ارتكازه هو الضمير الأخلاقي لدى الخصم، أو على الأقل، لدى الجمهور الذي يحيط به: إذ إن انفضاح الظلم في وضح النهار يوقظ القلوب ويفتح الأبصار ويحيِّر الجائر ويُزري به. اللاعنف يكسر تسلسُل العنف بأن يبيِّن للمعتدي ضلالَه ويفرض عليه نوعًا من الهداية فيها شفاء نفسه.
        ولقد التبس اللاعنف على الأذهان بالسلبية والإذعان. لكن المقصود منه شيء آخر تمامًا: الفعل اللاعنفي غالبًا ما يكون بطوليًّا، وهو يتطلب ضبطًا للنفس عظيمًا. فالعصيان المدني واللاَّتعاون والإضراب إلخ هي، في الواقع، "اعتداءات". اللاعنف يُنزِل بالخصم القصاص، لكنه قصاص من رتبة معنوية؛ إنه "سلاح"، لكنه السلاح الإنساني بامتياز، لأنه يسمو بإنسانية مستعمليه وإنسانية متكبِّدي صدمته في آنٍ معًا. هذا ولا بدَّ أيضًا من تمييز اللاعنف من الابتزاز العاطفي، الذي هو حيلة الضعفاء، ومن التأثير المسمَّى بـ"النفساني"، ومن ضروب المخاتلة غير المؤلمة التي تقنَّع بها الحقيقة و"تُغسَل الأدمغة" وتُفرَض الإيديولوجيا. فاللاَّعنف – وهاهنا نُبله كله – لا يفلح إلا في "القضايا العادلة"، ولا يصح استعمالُه إلا في سبيلها. فهو ما إنْ يهدف إلى نيل منفعة أنانية، وليس إلى هداية الخصم الحقيقية، فإنه ينحط من الروحانية إلى السياسة.
        فهل اللاعنف هو الحل المثالي للنزاعات كافة؟ هذا يفترض عند البشر وجود ضمير أخلاقي ليس موجودًا عند غالبيتهم إلا في الحالة الجنينية. فالعمل اللاعنفي يقتضي ألا يكون المرءُ في مواجهة وحوش ضارية أو همج أو أشخاص مسلوبي الإرادة، بل بشر حقيقون بهذا الاسم.
        1. "قديم قِدَمَ الجبال"
        قال غاندي: "اللاعنف قديم قِدَمَ الجبال." ولعلنا واجدون أول صياغة له عند عند ريشي rishi ["الراؤون" الحكماء] الهند (يشار إليه في السنسكريتية بكلمة أهمسا ahims?: "كف الأذى"). وقد كَرَزَ به البوذا الذي كان كلُّ عنف في نظره يكافئ زيادة الـكرمى karma [ما يقدِّره المرءُ بأفعاله على نفسه من ثواب أو عقاب]. وفي ذلك العصر نفسه، أعلن مو تسُه في الصين: "قتل إنسان في سبيل خير العالم ليس فعل خير للعالم؛ أما التضحية بالنفس من أجل العالم فهي عملٌ خيِّر." وفي روح إحسان ومحبة شاملة، أوصى المسيح باللاعنف: "أحبوا أعداءكم وأحسِنوا وأقرِضُوا غير راجين عوضًا" (إنجيل لوقا 6: 35)؛ وعبارات الموعظة على الجبل معروفة: "[...] أما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشرير، بل مَن لطمك على خدِّك الأيمن فاعرضْ له الآخر. [...] أحبوا أعداءكم وصلُّوا من أجل مضطهديكم" (إنجيل متى 5: 39، 44). وهذا بالفعل ما عمل به الشهداء المسيحيون الأوائل. وفيما بعد، تُذكَر بادرةُ البابا ليون يواجِهُ منتصرًا عند أبواب روما هجومًا شنَّه أتيلا بمعونة موكب من الكهنة والنساء. وهناك حادثة مشابهة جرت في طروا [عاصمة شمپانيا]: أتيلا، مشدوهًا إذ يجد أسوار المدينة من غير مدافعين والسكان جميعًا يصلون في الكنائس، يغادرها من غير قتال. وهناك عدد من الفِرَق المسيحية مارس اللاعنف، وبالأخص اعتراض الضمير objection de conscience في مواجهة الخدمة المسلحة (مثل الكويكرز والمنونيين والأميش والمورمون في أوروبا والولايات المتحدة والدخوبور في روسيا والهتريين في مورا?يا).
        وفي الغرب، استعاد مفكرون حديثون عديدون هذا الموضوع. وبوسعنا أن نذكر منهم، نظرًا للتأثير الذي مارسوه على غاندي، الفيلسوف والناقد الفني الإنكليزي جون رَسْكِن (1819-1900)؛ الكونت لي? تولستوي في روسيا، الذي انعقدت في نهاية حياته، بين العامين 1909 و1910، صلةُ مراسلة بينه وبين غاندي، حين كان هذا الأخير يناضل سلميًّا في سبيل حقوق الهنود المدنية في الترانس?ال؛ وهناك أيضًا الشاعر وكاتب المقالات الفلسفية الأمريكي هنري دي?يد ثورو (1817-1862) الذي ألهمتْ مقالتُه في العصيان المدني (1849) غاندي ومارتن لوثر كنغ إلهامًا مباشرًا. إن ثورو يؤسِّس مسلكَه على الفحص عن الضمير وعلى حُكْمِه الحر: ليس القانون ملزِمًا ما لم يبدُ للنظر العقلي عادلاً، وإلا فمن الواجب خرقُه: "إن الواجب الوحيد الذي يحق لي قبولُه هو أن أفعل في كلِّ لحظة ما أراه عادلاً. فالسلوك العادل أشرف من طاعة القانون." وعلى هذا الغرار، انحاز ضد العبودية والحرب ورفض دفع الضريبة وقبل السجن طوعًا. وإن مثال ثورو قد أراح ضمير كلٍّ من غاندي وكنغ عندما خرجا قصدًا على الشرعية. ففي الهند، جاءت تَقَويَّة piétisme ثورو الفردانية الأبية، في نهاية القرن التاسع عشر، لتنعش، في مزاوجة عجيبة، المفاهيم الهندوسية الموروثة للطيبة الشاملة والعمل الزاهد ونكران النفس وبذلها. ذلك أن غاندي، الذي غذَّاه في آنٍ معًا المذهبُ الجَيْني الهندي، الممعن في إجلال الحياة، والإنجيليةُ البريطانية، ابتكر تحت وطأة الأحداث فلسفةً في اللاعنف تتزاوج فيها تزاوجًا وثيقًا قداسةُ الريشي وقداسةُ تلميذ المسيح.
        غير أن اللاعنف الذي كان بنظر ملهِميه، قبل كلِّ شيء، مبدأً للكمال الشخصي، أصبح مع غاندي أداةً للعمل التطبيقي والسياسي والاجتماعي. فهذا النهج في التقدُّس والعمل استعمله غاندي في بداية القرن العشرين في جنوب أفريقيا حيث، بوصفه محاميًا، انتصر للهنود المهاجرين، ضحايا التمييز العنصري، ثم في الهند، بين الحربين العالميتين حتى وافتْه المنية في العام 1948، في سبيل العدالة والسلام، ضد الحكم البريطاني أولاً، ثم ضد الاقتتال الدموي بين الهندوس والمسلمين، الذي لم تستطع منزلتُه العالية أن تحول دونه على كلِّ حال.
        ثم ما لبث اللاعنف أن عرف انطلاقةً جديدة في العام 1955 في مونتغومري ألاباما (الولايات المتحدة)، حين نظَّم القس مارتن لوثر كنغ، راميًا إلى الظفر بالمساواة للسود في وسائل النقل العام، مقاطعةَ boycott حافلات المدينة. والنجاحُ الذي أحرزه كنغ، ووقْعُ هذا النجاح على سائر الأمَّة، وجَّهاه وأنصاره نهائيًّا في طريق التظاهرات اللاعنفية، على الرغم من معارضة زعماء "القوة السوداء" Black Power، أنصار العمل العنفي. وفي العام 1968، اغتيل القس كنغ في ممفيس عشية مسيرة لاعنفية تأييدًا لعمال التنظيفات السود في المدينة.
        ما انفكت المناهج التي وضعها غاندي تمارَس في مختلف البلدان. ففي فرنسا، إبان حرب الجزائر، نهض عددٌ من "أصحاب الفُلْك" compagnons de l'Arche، بإيعاز من لانزا دِلْ ?استو، لعدد من التظاهرات من أجل السلام (مسيرات صامتة، إضرابات عن الطعام، محاصرات مديدة لمعسكرات السجناء الجزائريين، إلخ). وفي صقلية، تابع دانيلو دولتشي، منذ العام 1952، عملاً لاعنفيًّا لتوعية الرأي العام بالبؤس المستشري في أحياء پاليرمو المعدمة. وفي الهند، لم يألُ تلميذ غاندي أتشاريا ?ينوبا بها?ِه جهدًا، بواسطة الصوم والوعظ، لإقناع كبار مُلاَّك الأراضي بالتبرع بجزء من أراضيهم لصالح الفلاحين الفقراء. وفي البرازيل، سعى دون هِلدر كامارا في العام 1968 في تأسيس "رابطة للعدالة والسلام"، الغاية منها استنهاض الوعي لدى الأغنياء والفقراء على حدٍّ سواء. وفي تشيكوسلو?اكيا، ظهرت أشكالٌ قصوى من العمل اللاعنفي (كالانتحار حرقًا، مثل انتحار إيان پالاش). وكذلك كان الأمر في ?ييتنام. وفي الولايات المتحدة، أتاحت ثورةُ الشباب على المجتمع وعلى الحرب أحيانًا انعقاد اجتماعات واسعة النطاق للاحتجاج السلمي. زبدة القول إن الأقليات المقموعة باتت، منذ غاندي، مسلَّحة بوسيلة لرفع أصواتها وإحقاق العدل. وقد كتب لانزا دِلْ ?استو: "مع اللاعنف، دخلتْ تاريخَ الشعوب قوةٌ ثوريةٌ ومجدِّدة." وفي المقدمة التي عقدها رومان رولان على مقالات الهند الفتاة Young India، شبَّه الكاتب الفرنسي الكبير اللاعنف بموجة عارمة ارتفعت من أعماق الشرق، وأضاف: "وهي لن تسكن حتى تطغى على العالم بأسره."
        2. طاقة روحية
        يطلق اللاعنف طاقةً روحيةً ترغم الخصم على التفكُّر، على العودة إلى الذات، على مساءلة النفس. وبالتالي، لا يجوز استعمالُه إلا في سبيل قضية عادلة. إنه يستمد قوَّته برمَّتها من سلطان الحق والعدل على البشر. ولهذا أطلق عليه غاندي تسمية ستياگراها saty?graha (من ستيا saty?: الحق أو الحقيقة، وأگراها agraha: قوة). وإن عنوان مذكراته لذو مغزى: قصة اختباراتي مع الحقيقة[2].
        اللاعنفي لا يرتكز إلا على القيمة الموضوعية للقضية التي ينتصر لها؛ غايته الوحيدة هي جعلها بديهية، وإذا جاز القول، جعل هذه البداهة صارخة. الخصم، في نظره، ليس أبدًا "عدوًّا" ينبغي صرعُه، بل إنسان ضلَّ سبيله لا بدَّ من تكبيده (بوسائل، وإنْ لم تكن عنيفة، فهي شديدة الإصابة) صدمةً حتى تنفتح عيناه. ليس المطلوب هزيمته بقدر ما هي هدايته. لا مجال هنا أبدًا لكراهية العدو: الأصح أن يُشفَق على ضلاله. ليس مراد اللاعنفي إلا إنقاذ خصمه من ضلاله وتحطيم راحة ضميره الزائفة. يقول غاندي: "الإنسان الذي يجد نفسه مرغَمًا على الاعتراف أمام نفسه بأنه على غلط لا يستطيع مواصلة الصراع." ذلك أن عنفه كان يقنِّع ضعفًا حقيقيًّا فيه، وإنْ كان لا يعيه: وبذا فإنه يجرِّد نفسه بنفسه من سلاحه. العنف يتكئ على عنف مضاد يبرِّره؛ أما إذا لم يلاقِ سوى الفراغ فإنه يهوي إلى الأمام، مثله كمثل خصم مصارع الجودو الذي يرتمي أرضًا بدفع من زخمه هو. يقول ?ينوبا بها?ِه: "ميدان معركة اللاعنف هو قلب الإنسان." القصد، إذن، هو إحكام الضرب، بل إحكامه في شدة، لكن الضربات تستهدف أكثر ما في الإنسان إنسانية: ضميره. لذا فإن اللاعنف شكل إنساني حصرًا من أشكال الصراع: إنه يعدم أيَّ تأثير على الحيوان أو الآلة. وهو يتطلب ممَّن يضعونه موضع التطبيق نوعًا من التفاؤل. فبالفعل، إذا أخذنا برأي توماس هوبز الذاهب إلى أن "الإنسان ذئب بالإنسان"، فلا حلَّ طبعًا غير القضاء على الذئب الذي يهددك بكلِّ الوسائل الممكنة. أما اللاعنفي فهو، على العكس، يثق بالمبدأ الأخلاقي الموجود قطعًا في قلب الخصم، وإن يكُ مطمورًا، بل معطَّل. مذ ذاك فإن الصراع لا يقع، ماديًّا، بين فريقين متناوئين، بل ينشب في صميم الخصم، حتى اللحظة التي يتمكَّن فيها هذا الأخير من التحرر من نوازعه البدائية أو من المنظومة الجائرة التي تسجنه. من هنا ليس المطلوب قهر الأشخاص، بل قهر الشر الذين هم ضحاياه والذي يحول بينهم وبين أن يكونوا أنفسهم. فالبشر، إذ هم مسخَّرون جميعًا للشرِّ كثيرًا أو قليلاً، يسعى اللاعنفي، واعيًا هذا الواقع، في تطهير نفسه في اللحظة نفسها التي يحرِّض فيها اهتداءَ عدوِّه. تلكم هي الوسيلة الوحيدة لكسر "سلسلة العنف"؛ إذ إن الردَّ على الضربة بمثلها يطيل أمد النزاعات إلى أجل غير مسمَّى. الرد على الشر بالشر ليس مقاومةً للشر، بل هو على العكس دخول في منظومته وإضافة المزيد من المُكْر إليه. بذا، إذا كان العنف يقيِّد الخصوم إلى شرِّهم، فإن اللاعنف يطلق سراحهم بالطاقة الروحية المخلِّصة التي يُعمِلُها في الجانبين. لقد سبق للبوذا أن قال: "ليس بالشر يوقَف الشر، بل بالخير."
        3. الإعداد الدقيق للعمل اللاعنفي
        الإعداد للفعل اللاعنفي الجماعي لا بدَّ أن يكون دقيقًا، وإتقانه يقتضي إعمال الفطنة والحنكة والكثير من الخيال. والفعل، وإن يكُ غير شرعي، يجب أن يكون سليم النوايا من حيث الأساس. كما يجب أن يكون معروفًا لدى الجمهور على نطاق واسع حتى يكون مدوِّيًا إلى أقصى حد. وعلى منفِّذيه أن يكونوا مستعدين لقبول عواقبه كلِّها، مهما كانت قاسية. المثال النمطي على ذلك هي "مسيرة الملح" في العام 1930: غاندي، يواكبه أنصارُه الخُلَّص، يمضي في مهابة إلى شاطئ البحر، دون أن يتكهَّن أحدٌ بنواياه. يتبعه الصحافيون إبَّان مسيرة طويلة مدتها 26 يومًا (من 12 آذار إلى 6 نيسان). الهند كلها مستنفَرة. وإذ يصل غاندي إلى الشاطئ، يلتقط حفنة من الملح ويطلق بهذه الحركة المسرحية مقاطعةَ الملح الذي تحتكر الدولةُ بيعه. إن عمل المهاتما محفوف بسلسلة من الضربات الموفَّقة من هذا النوع. كذلك فإن مقاطعة القس كنغ ورفاقه لحافلات مونتغومري في العام 1955 كانت نقطة انطلاق لسياسة متكاملة من اللاتعاون والتوعية للرأي العام الأمريكي. يعبِّر اللاعنف عن نفسه، إذن، بحركة رفض درامية مهيبة، هي "لاشرعية شريفة"، بطولية أحيانًا. إنه سلوك أنتيغوني اللائذة بالعدالة غير المكتوبة، لكنه قد يكون أيضًا سلوك عامل يُضرِبُ عن عمل جائر. لقد كتب غاندي: "رفضت الانصياع للأمر الذي أوعِزَ به إليَّ، لا عن قلة احترام للسلطة الشرعية، بل عن طاعة للقانون الأسمى للكائن: قانون الضمير."
        غاندي لحظة أوج "مسيرة الملح" (1930) يلتقط حفنة الملح الشهيرة. لقد شجعت المسيرة فقراء
        الهند، باحتجاجها على ضريبة البريطانيين على الملح، على إنتاج ملحهم من ماء البحر.
        أمام عصيان أو عدم تعاون جماعيين غالبًا ما يكون ارتباكُ السلطات كبيرًا. فحين يشارك الشعب مشاركةً حاشدةً في العمل اللاعنفي قد ينجم عنه شللٌ تام في البلاد. في الهند، على سبيل المثال، اجتهد القوم في الاستغناء عن الإدارة الإنكليزية استغناءً تامًّا. من ناحية أخرى، ما حيلة السلطات ضد أناس يهرعون إلى الهراوات ويتطوعون لملء السجون؟ إذا ذاك فإن السلطات، وقد عيل صبرُها وفقدت رباطة جأشها، تعرِّض نفسها لمُراكَمة كمٍّ من أعمال عنف هو من الفداحة بحيث يُفقِدُها نفوذَها فتصير محطَّ استهجان عالمي. وتشمل مناهج اللاعنف أيضًا الصوم الفردي أو الجماعي، الذي قد يصل إلى حدِّ الموت، والمسيرات الكبرى الصامتة، وفي اختصار، كلَّ مبادرة قادرة على استنفار الضمائر وتوعية الرأي من دون أيِّ استعمال للهمجية لبلوغ هذه الغاية.
        4. صفات اللاعنفي
        لا يصير المرءُ مقاوِمًا لاعنفيًّا (ستياگراهي saty?grahi) ارتجالاً: فالعمل اللاعنفي مرتبط بالتكامل الداخلي، وهو على كلِّ حال ثمرته. اللاعنف لا يُختزَل إلى تكتيك ولا إلى فنٍّ قتالي؛ إنه بالأحرى نهج وجودي، ضرب بعينه من ضروب الحياة الروحية والعملية. وهو أبعد ما يكون عن العفوية؛ إذ هو يتطلب سلوكًا رصينًا ومتسقًا يجري الاستعدادُ له مطولاً.
        كل عدوان فهو يحرِّض توترًا (شدة stress)؛ وفي الأحوال العادية، لا يستطيع المرءُ عند ذاك مقاومة النوازع إلى العدوان المضاد؛ وإذا كان هذا الأمر يصح على الأفراد، فهو يصح أكثر على الجماعات أو الطبقات الاجتماعية أو الأمم. إن كظم هذه النوازع يتطلب ضبطًا كبيرًا للنفس. ويجب هنا الاحتراس من غلط شائع: اللاعنفي ليس مذعنًا سلبيًّا؛ إنه، على العكس تمامًا، مناضل ملتزم يبادر، يخلق الحدث، يبحث عن الفضيحة، يستفز الجائر. ولذلك فهو يحتاج إلى شجاعة الشهيد وزهده في حياته. يميز لانزا دِلْ ?استو بطل القتال من بطل الكفَّارة؛ وحده هذا الأخير يتصدى للشرِّ حقًّا: فهو بدلاً من أن يذود عن العدالة بالعنف، يذود عنها بالقوة التي تكمن فيها. وإذا اتفق له أن يموت مصلوبًا، فهو يعي أنه يأخذ على عاتقه، على البدلية، إثم جلاديه ويكفِّر عنه. البطل اللاعنفي هو الحامل الوقتي، الشاهد، وربما الشهيد على هذه الطاقة الحَرام المسماة بالعدالة: تضحيته تمجِّدها حتى في العذاب الأقصى الذي يدين فيه العنفُ، من فرط غلوِّه، نفسَه بنفسه. إن السلبية التي تنطوي عليها كلمة "لاعنف" non-violence هي فخ من فخاخ اللغة. أما في الواقع، فكل شيء إيجابي عند مَن يفضح الظلم، يقدم نفسه شهيدًا، يغفر لمضطهده، ويعزِّز ملكوت الخير بالقوة وحدها التي يطلقها في القلوب العذابُ غير المستحَق. للاَّعنف، في الحقيقة، قوة تربوية، وإذا جاز القول، فدائية: إنه يوقظ الضمائر الأكثر تعنتًا ويربِّيها ويحملها على التفكر.
        أما الابتزاز العاطفي فهو شكل منحط من أشكال اللاعنف. فهذا يعدم قيمتَه كلَّها إذا كفَّ عن أن يكون حالةً روحيةً ليصير حيلةً من حيل الضعيف إذ يطلب منفعةً أنانية. فالحق أن اللاعنف لا يرمي أبدًا سوى إلى إنهاء الظلم وهداية الظالم. لذا فهو لا يصح إلا في القضايا الكريمة. يقول غاندي: "بوسعي أن أصوم ضد أبي كي أشفيه من رذيلة، لكن لا يجوز لي أن أصوم كي أقنعه بأن يجعلني وريثه." القصاص المعنوي لا يعود عندئذٍ غير سلاح شائن، أداة تُستعمَل للإكراه، وليس للتحرير. وعلى نحو أدق، فإن الذهنية العقائدية والمذهبية تتربصان باللاعنف للمُكْر به؛ ولا مناص له من التعرض للمخاطر كلما ابتكر إستراتيجية بمقتضى وضع اجتماعي أو سياسي بعينه: إنه عرضة إذ ذاك لفقدان مداه الفلسفي والأخلاقي العالي ولأن يصير مجرد وسيلة، في حين أنه لا يستطيع أن يكون، تحت طائلة الانحطاط، غير غاية مطلقة.
        قد يتفق للاَّعنف أن يخفق أيضًا، لا بجريرة اللاعنفي نفسه، بل بجريرة خصمه. فإذا كان هذا الأخير مسلَّحًا بقوى ساحقة وإذا كان مجرَّدًا تمامًا من الضمير، فإن اللاعنفي ذاهب إلى حتفه لا محالة من غير طائل. فهل يجب عليه عندئذٍ أن يذعن؟ لا! عليه أن يتسلح، وبعد استنفاد السبل كافة، أن يقاتل: "إذا لم يكن ثمة خيار إلا بين العنف والجبن فإني أنصح بالعنف" (غاندي، الهند الفتاة، 11 آب 1920). غير أن غاندي، حتى في مواجهة أسوأ الهمجيات الحديثة، كان يعقد الثقة على قوة الروح. قال: "هتلر قتل خمسة ملايين يهودي. لكن كان على اليهود أن يقدموا أنفسهم زُرافات لسكين الجزار. كان عليهم أن يلقوا بأنفسهم من تلقاء أنفسهم في البحر من أعالي الجروف. [...] فمن شأن هذه البادرة أن ينتفض لها الكونُ والشعبُ الألماني. [...] لقد رضخوا في الواقع، بالملايين، في صورة أو في أخرى" (أورده لويس فيشر، حياة المهاتما غاندي). هذه العبارات تطرح المسألة طرحًا بديعًا. وعلى كلِّ أحد أن يحلَّها بحسب علوِّ مفهومه عن ضمير الإنسانية الأخلاقي.
        * * *
        جان أونيموس[3]
        عن Encyclop?dia Universalis
        ترجمة: ديمتري أ?ييرينوس
        في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
        أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
        وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

        Comment


        • #44
          المادة

          المادة
          كانت المادة، التي التبست عند المفكِّرين الإغريق الأوائل بالطبيعة phusis، تعني بشكل أولي ما يجب تحويله بفعل العمل الإنساني. لكننا نلاحظ هنا أن أرسطو قد جعل منها، بشكل أكثر تحديدًا، مفهومًا مجردًا عارَضَ به الصورة (الشكل) من أجل التأكيد على ذلك الكمون في موضوع الجسم الذي تجسِّده تلك الصورة.
          أما ديكارت فكان يطابق بينها وبين الامتداد الذي، بغضِّ النظر عن صفاتها السطحية (كالطعم واللون إلخ) غير القابلة للقياس، يجعل من واقعها ذلك الشيء الذي يمكن قياسه رياضيًّا.
          أما إن أخذنا الصورة من خلال مفهوماتها الخاصة، فإن المادة تعني، وفق الأخلاق الكانطية (نسبة إلى كانط)، مضمون فعل لا يكفي أخذه بعين الاعتبار لضمان أخلاقيَّته؛ وهو، وفق المنطق الصرف، ما يُعلَن عنه كحكم أو كقضية.
          ***
          ملاحظة: تم تعريب هذا النص عن قاموس ناثان الفلسفي، تأليف جيرار دوروزوي وأندريه روسيل.
          تعريب: أكرم أنطاكي.
          مراجعة: ديمتري أفييرينوس.
          في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
          أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
          وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

          Comment


          • #45
            رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

            أكيد لسا ما أريتون كلون

            بس شو فيني قول

            315518562265*55262854 ميرسي بالثانية

            والله اكيد تعبك جمع كل هل داتا


            بس مين انا غيرك ميرسي ديمة
            حمــاة الديــــــار عــلــيكــم ســـلام

            سأجعل الصلبان في كل مكان وأبني كنيسة.
            لا يدع قدمك تزلُ لا ينعس ولا ينام حافظك.
            سامحني أبتي لأنني أخطأت.
            الإيمان يجمع البشرية قاطبة أما الدين فيفرقها.

            أبو ميشيل
            lord z.k
            صـــانع الأحــذية

            Comment


            • #46
              رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

              يسلمو كتير انا كمان ما اريتا كلا
              بيكفيلي كتابي الفلسفة تبع البكلوريا
              "تقرا الكتاب فيتحدث الله اليك -- وتصلي فتتحدث الى الله"

              + + + مار اغسطينوس++

              Comment


              • #47
                رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                نورتو بكل الاحوال هنن موجودين وبس تفضو بتقدرو تقروهن
                في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                Comment


                • #48
                  رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                  أنا هذا البخور الذي لا يضوع عطره ما لم يُحرق،

                  أنا هذا القنديل الذي لا يشع ضوؤه ما لم يُشعَل.

                  ربي يسلم اناملك ويبارك تعبك على المعلومات كلها يلي نورت علينا فيها
                  شكرا لك كتير على هالروعة ديمة

                  الرب راعي فلا يعوزني شيء
                  فما دام يسوع بقربي .... فمما أخاف

                  سأجعل الصلبان في كل مكان وأبني كنيسة..
                  * سامحني أبتي لأنني أخطأت.

                  أمين

                  Comment


                  • #49
                    رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                    مرورك هو الروعة كيفورك
                    في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                    أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                    وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                    Comment


                    • #50
                      رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                      مشكورة عتعبك
                      نناقش من يستحق النقاش
                      و نعاتب من يقدر قيمة العتب

                      Comment


                      • #51
                        رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                        نورتي سيلينا
                        في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                        أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                        وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                        Comment


                        • #52
                          رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة




                          مشكورة على هالتعب ....

                          الله يعطيكي العافية ...


                          Comment


                          • #53
                            رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                            مجهود رائع ... لازم نشكرك عليه بصدق ...
                            وفي قول بحبو بهل المجال وبيلخّص كل النقاط :
                            " كل شيء قد قيل وقد أتينا متأخرين جداً ..."
                            لهيك كل نتاج الحاضر "من حضارة حقيقية أينما وجدت ,ان وجدت..." مبني على ربط العناصر الأولية الثابتة المكتشفة من آلاف السنين -على كل الأصعدة -...
                            وهيدا الشي , اكتشفوا الفراعنة من كذا ألف سنة و حققوا يلي حققوه ... والغريب نحنا اليوم تايهين في بحر الظلمات بكل فخر .... وكللون عم بينظروا عملاً بالآية الكريمة: يارب تجي بعينو ...


                            هي شوية روابط كتب لخالنا ندره ... وأي كتاب بهمكون بأي مجال ... بعلم النفس - العلوم الفلسفية - المقاربات الحضارية - الباراسايكالوجي .... قولولي اسمو ... وأنا من عيوني بحطلكون رابط لتقدروا اتنزلوه .... ولعيون أحلى شباب سوري ...

                            ">
                            علم النفس اليونغي-يولاند جاكوبي-ندره اليازجي">علم النفس اليونغي-يولاند جاكوبي-ندره اليازجي
                            رسائل في حضاره البؤس-ندره اليازجي">رسائل في حضاره البؤس-ندره اليازجي
                            الاسطورة هي شرنقة غلافها اللاوعي باطنها الوعي ...
                            والفكر هو الفراشةالحاملة ثمارالوعي داخلها لتسعدنا ...
                            و أمّا الجهل فهو المتمسّك بقشورالاساطير ليشقينا ويفنينا ...

                            فالعقل هو الفيصل , والقلب هو المفصل , وصوت الله فينا دعوه يتكلم بلسان القلب و شفتي العقل ...
                            ولتذكر أيها الانسان : أنك تراب و الى التراب تعود ...

                            Comment


                            • #54
                              رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                              نورتي نكوش جورجي

                              وشكر كبير وايت بيرد على اللينكات يلي بيغنو الموضوع
                              في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                              أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                              وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                              Comment


                              • #55
                                رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                                مع الشكر والتقدير
                                كتابتك بتعبر عنك


                                Comment


                                • #56
                                  رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                                  نورت وشكرا كتير لمتابعتك مواضيعي
                                  في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                                  أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                                  وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                                  Comment


                                  • #57
                                    رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                                    كتير طويل دمدوم .....بس تم الحفظ.....
                                    أنا هو القيامة والحياة من اَمن في وان مات فسيحيا

                                    Comment


                                    • #58
                                      رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                                      معك حق لنلون لانو تم تنزيل غالبية الفلسفات

                                      نورتي
                                      في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                                      أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                                      وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                                      Comment


                                      • #59
                                        رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                                        شكرا ليكي كتير دودي على المواضيع وكمية المعلومات الجميلة هذه ..!!
                                        وانا من عشاق الفلسفة ولكن ماكنت لاقي احد بيحبها غير هنا
                                        شكرا



                                        Comment


                                        • #60
                                          رد: الفلسفة عند القدماء - المجموعة الكاملة

                                          نورت بيتك و الموضوع جون
                                          في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                                          أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                                          وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                                          Comment

                                          Working...
                                          X