الشنتو - الديانة الأقدم في اليابان
اليابانيون كانوا دوماً مثيرين للفضول بالنسبة لي، هذا الشعب الذي تطور بسرعة رهيبة
ما الذي يضبط حياة هؤلاء الناس ويدفعهم إلى العمل بهذا الإخلاص والتفاني مع أنهم بالنسبة لنا بدون عقيدة وشعب لا يعبد الله
هذا ما دفعني إلى البحث في ديانة هذا الشعب فما نعرفه نحن أنهم بوذيون ولكن هذا دين موجود في اليابان ولكنه ليس الدين الأساسي أو بتعبير آخر ليس الأكثر انتشاراً.
الشنتو هو الدين التقليدي لليابانيين والذي يرجع إلى أصول مغرقة في القدم غائبة في ضباب عصور ما قبل الكتابة، وهو لا يعرفون له مؤسساً أو شخصية روحية بارزة وضعت أسسه وتقاليده. ولم يكونوا يطلقون عليه اسماً معيناً لأنه الدين الوحيد الذي عرفوه في جزرهم المنعزلة.
أما بعد الانتشار التدريجي للبوذية وتبني اليابانيين لغة شبيهة بالكتابة الصينية مع مطالع القرن الخامس الميلادي، فقد شعروا بالحاجة إلى تمييز معتقدهم التقليدي فدعوه الشنتو (= شن تاو ) أي طريق المبدأ الأقدس الكلي، مستخدمين الكلمة الصينية (تاو) التي تعني الطريق، والتي تدل في التاوية الصينية ( فلسفة تعتمد على كتاب التاو تي- تشينغ والذي وضعه الحكيم الصيني لاو-تسو في القرن السادس قبل الميلاد، وتعتبر الأساس للديانة البوذية)على المبدأ الكلي الناظم للوجود، وهو المبدأ الذي أشار إليه اليابانيون تحت اسم ( كامي ). فالكامي هو في بؤرة إيمان الشنتو، وحوله تدور كل الطقوس والعبادات الشنتوية.
على الرغم من أن مصطلح الكامي يترجم إلى إله أو جمع الآلهة، لكن يفضل أن يستعمل كما هو لعدم وجود ترجمة دقيقة له، فالكامي : هو كل ما يقع خارج المألوف، ويثير في النفس الروع والرهبة لما يمتلكه من قوى غير اعتيادية. وبكلمات أخرى هو القوة الشمولية التي تقع خارج نطاق عالم الظواهر, وتتخلله في الوقت نفسه. هذه القوة ليست كياناً مفارقاً للعالم ومتعالياً عليه، بل هو الخميرة الفاعلة في الوجود وسر كل حركة وحياة فيه. ويقول الباحث G.Parindar في الشنتو: "إن اليابانيين أنفسهم لايملكون فكرة دقيقة عن الكامي، بل إنهم يختبرونه بشكل حدسي في أعماق وعيهم، ويتواصلون معه من غير أن يشكلوا حوله مفاهيم ذهنية أو لاهوتية. من هنا فإنه من غير المتيسر إيضاح فكرة تقوم في أصلها على الخفاء والغموض".
اليابانيون كانوا دوماً مثيرين للفضول بالنسبة لي، هذا الشعب الذي تطور بسرعة رهيبة
ما الذي يضبط حياة هؤلاء الناس ويدفعهم إلى العمل بهذا الإخلاص والتفاني مع أنهم بالنسبة لنا بدون عقيدة وشعب لا يعبد الله
هذا ما دفعني إلى البحث في ديانة هذا الشعب فما نعرفه نحن أنهم بوذيون ولكن هذا دين موجود في اليابان ولكنه ليس الدين الأساسي أو بتعبير آخر ليس الأكثر انتشاراً.
الشنتو هو الدين التقليدي لليابانيين والذي يرجع إلى أصول مغرقة في القدم غائبة في ضباب عصور ما قبل الكتابة، وهو لا يعرفون له مؤسساً أو شخصية روحية بارزة وضعت أسسه وتقاليده. ولم يكونوا يطلقون عليه اسماً معيناً لأنه الدين الوحيد الذي عرفوه في جزرهم المنعزلة.
أما بعد الانتشار التدريجي للبوذية وتبني اليابانيين لغة شبيهة بالكتابة الصينية مع مطالع القرن الخامس الميلادي، فقد شعروا بالحاجة إلى تمييز معتقدهم التقليدي فدعوه الشنتو (= شن تاو ) أي طريق المبدأ الأقدس الكلي، مستخدمين الكلمة الصينية (تاو) التي تعني الطريق، والتي تدل في التاوية الصينية ( فلسفة تعتمد على كتاب التاو تي- تشينغ والذي وضعه الحكيم الصيني لاو-تسو في القرن السادس قبل الميلاد، وتعتبر الأساس للديانة البوذية)على المبدأ الكلي الناظم للوجود، وهو المبدأ الذي أشار إليه اليابانيون تحت اسم ( كامي ). فالكامي هو في بؤرة إيمان الشنتو، وحوله تدور كل الطقوس والعبادات الشنتوية.
على الرغم من أن مصطلح الكامي يترجم إلى إله أو جمع الآلهة، لكن يفضل أن يستعمل كما هو لعدم وجود ترجمة دقيقة له، فالكامي : هو كل ما يقع خارج المألوف، ويثير في النفس الروع والرهبة لما يمتلكه من قوى غير اعتيادية. وبكلمات أخرى هو القوة الشمولية التي تقع خارج نطاق عالم الظواهر, وتتخلله في الوقت نفسه. هذه القوة ليست كياناً مفارقاً للعالم ومتعالياً عليه، بل هو الخميرة الفاعلة في الوجود وسر كل حركة وحياة فيه. ويقول الباحث G.Parindar في الشنتو: "إن اليابانيين أنفسهم لايملكون فكرة دقيقة عن الكامي، بل إنهم يختبرونه بشكل حدسي في أعماق وعيهم، ويتواصلون معه من غير أن يشكلوا حوله مفاهيم ذهنية أو لاهوتية. من هنا فإنه من غير المتيسر إيضاح فكرة تقوم في أصلها على الخفاء والغموض".
إن ما يميز الشنتو بشكل رئيسي هو الموقف الحدسي والاعتماد على الخبرة الدينية المباشرة من دون المبادئ اللاهوتية ، وأتباع هذه الديانة نادراً ما يطرحون أسئلة تتعلق بالوجود لأنهم يشعرون بحقيقة الكامي عن طريق التماس المباشر معها والإدراك المرهف لكل ما هو خفي وسري، ويرون في ذلك فضلا على المقاربات الذهنية للاهوت والعقائد المحكمة. ولقد ساعد احتكاك الشنتو بالبوذية والكونفوشية القادمتان من الصين على توضيح أفكارها باستخدام مصطلحاتهما، فالكامي هو القاع الكلي للوجود والجوهر الخفي للحقيقة إذا أردنا استخدام تعابير بوذية، وهو المبدأ الخلقي الناظم للعالم ولعلاقات البشر إذا أردنا استخدام تعابير كونفوشية.
كانت طقوس الشنتو في الماضي بسيطة إلى حد بعيد وتجري في أحضان الطبيعة، ثم ظهرت المقامات الدينية التي يبنيها الإنسان واتخذت لها أنماطاً معمارية متنوعة مع حفاظها على أماكنها التقليدية في أحضان الطبيعة. ومع ظهور المقامات الدينية تأسس سلك منظم للكهنوت يرعى ويقود الاحتفالات الدينية .
إن تعامل الإنسان الياباني مع الكامي كقوة شمولية تتخلل مظاهر الطبيعة يجري من خلال النظر إلى هذه القوة على أنها على وحدتها تتوزع في عدد من الكائنات القدسية الماورائية التي تنتظم في هيكلية مراتبية يتربع على قمتها الإلهة الشمسية أماتيراسو Amaterasu، وغالباً ما تجري الإشارة إلى هؤلاء جميعاً تحت اسم كامي وينظر إليهم على أنهم مجموعة متماسكة متناغمة واحدة. وإلى جانب العبادة التي يوجهها اليابانيون إلى هذه الآلهة فإنهم يعبدون أيضاً كل مظهر من مظاهر الطبيعة لأنها تشف عن الروح المقدسة التي تسكن فيها، فهم يعبدون الشمس والقمر والنجوم البرق والصاعقة والأنهار والينابيع والصخور والأشجار- ولا شك أن هناك من سمع بجبل فوجي- ، يضاف إلى ذلك بعض الرجال والنساء ممن أدوا خدمات جلّى للمجتمع يمكن أن يؤلهوا وتقدم لهم فروض العبادة في المقامات الدينية، ومثلهم الأسلاف المؤلهون الذين يتخذون مكانة رفيعة في العبادة الشنتوية. كما يعتبر الامبراطور ابناً للسماء لأنه من سلالة أسسها الحفيد المباشر للشمس في الأزمان الأولى، وقد جرت عبادته كواحد من الآلهة العظام.
إن الكامي الذي يرى قيها الياباني المبدأ الكلي الأقدس المحيط بظواهر الكون جميعها ليس ألوهة مفارقة متمايزة عن خلقها بل هو "الحرارة الخلاقة" المنبثة في صميم هذا الخلق. ونظراً لكونه متخللاً في كل شيء فإن قوته تتكثف في بعض مظاهر الطبيعة أكثر من غيرها ولهذا يعلى من شأنها وتعبد. كما قد تتكثف هذه القوة في بعض الأرواح فتمتلئ قدسية وترتقي إلى رتبة الآلهة. وهذه الآلهة ليست في حقيقتها سوى المبدأ الكلي وقد تجزأت قوته وتوزعت إلى عدد من القوى الفرعية التي صارت صلة وصل طقوسية بين الكامي والإنسان، ولا أدل على الدور الثانوي الذي تلعبه الآلهة في الشنتو من كثرة عددها وامتلاء الأرض والسماء بها وبالمقدسات والمعبودات من كل نوع، والتي تقود كلها إلى الحقيقة الواحدة الجديرة بالعبادة والتقديس.
ينعكس الإيمان الشنتوي على نظرة الياباني لمكانة الإنسان ودوره في النظام الكلي للكون، فالبشر هم أبناء الكامي، منه تلقوا الحياة وبه يستمرون كل يوم. من هنا تأتي قدسية حياة الإنسان والاحترام الكبير الذي يكنه كل ياباني لحياة الفرد الآخر وشخصه حقوقه الأساسية. فكل عضو في الجنس البشري، بصرف النظر عن عرقه وقوميته ومواطنيته يحمل قبساً من القداسة استمده من الكامي، ولكن جوهر القداسة لا يظهر تلقائياً وإنما يتطلب من المرء أن يجلو قلبه ليشع منه نور حقيقته، وذلك بتطهير أفكاره وأفعاله، والإخلاص في تعامله مع عالم المقدسات وعالم الناس. كما أن الفرد رغم تمتعه بخصائص شخصية تميزه وتؤكد استقلاله، إلا أنه ليس ذاتاً منعزلة عن بقية الذوات منقطعة عن الجماعة، ولكنه حلقة في سلسلة تمتد في الماضي نحو الأسلاف وفي المستقبل نحو الأجيال القادمة. فهو والحالة هذه صلة وصل ضرورية في استمرارية حيوية لكائن واحد هو المجتمع بماضيه وحاضره ومستقبله، وعليه أن يلعب دوراً إيجابياً في ارتقاء وتقدم الحياة.
هذا الدور الذي يلعبه الفرد مرتبط بنظرة الشنتو الأشمل إلى التاريخ باعتباره مسيرة صاعدة أبداً في اتجاه تقدمي لا نكوص فيه، تصنعها حيوات وجهود كل الأفراد. من هنا فإن الكون أزلي في ذهن الياباني الذي لا يحمل أي معتقدات حول نهاية العالم وفناء البشرية، فلا قيامة ولا بعث ولا نشور. ما على الفرد إلا أن يحيا كل لحظة بكامل أبعادها ويعطيها كل ما تستحقه من قيمة باعتبارها لحظة مهمة في حياة الكون
كانت طقوس الشنتو في الماضي بسيطة إلى حد بعيد وتجري في أحضان الطبيعة، ثم ظهرت المقامات الدينية التي يبنيها الإنسان واتخذت لها أنماطاً معمارية متنوعة مع حفاظها على أماكنها التقليدية في أحضان الطبيعة. ومع ظهور المقامات الدينية تأسس سلك منظم للكهنوت يرعى ويقود الاحتفالات الدينية .
إن تعامل الإنسان الياباني مع الكامي كقوة شمولية تتخلل مظاهر الطبيعة يجري من خلال النظر إلى هذه القوة على أنها على وحدتها تتوزع في عدد من الكائنات القدسية الماورائية التي تنتظم في هيكلية مراتبية يتربع على قمتها الإلهة الشمسية أماتيراسو Amaterasu، وغالباً ما تجري الإشارة إلى هؤلاء جميعاً تحت اسم كامي وينظر إليهم على أنهم مجموعة متماسكة متناغمة واحدة. وإلى جانب العبادة التي يوجهها اليابانيون إلى هذه الآلهة فإنهم يعبدون أيضاً كل مظهر من مظاهر الطبيعة لأنها تشف عن الروح المقدسة التي تسكن فيها، فهم يعبدون الشمس والقمر والنجوم البرق والصاعقة والأنهار والينابيع والصخور والأشجار- ولا شك أن هناك من سمع بجبل فوجي- ، يضاف إلى ذلك بعض الرجال والنساء ممن أدوا خدمات جلّى للمجتمع يمكن أن يؤلهوا وتقدم لهم فروض العبادة في المقامات الدينية، ومثلهم الأسلاف المؤلهون الذين يتخذون مكانة رفيعة في العبادة الشنتوية. كما يعتبر الامبراطور ابناً للسماء لأنه من سلالة أسسها الحفيد المباشر للشمس في الأزمان الأولى، وقد جرت عبادته كواحد من الآلهة العظام.
إن الكامي الذي يرى قيها الياباني المبدأ الكلي الأقدس المحيط بظواهر الكون جميعها ليس ألوهة مفارقة متمايزة عن خلقها بل هو "الحرارة الخلاقة" المنبثة في صميم هذا الخلق. ونظراً لكونه متخللاً في كل شيء فإن قوته تتكثف في بعض مظاهر الطبيعة أكثر من غيرها ولهذا يعلى من شأنها وتعبد. كما قد تتكثف هذه القوة في بعض الأرواح فتمتلئ قدسية وترتقي إلى رتبة الآلهة. وهذه الآلهة ليست في حقيقتها سوى المبدأ الكلي وقد تجزأت قوته وتوزعت إلى عدد من القوى الفرعية التي صارت صلة وصل طقوسية بين الكامي والإنسان، ولا أدل على الدور الثانوي الذي تلعبه الآلهة في الشنتو من كثرة عددها وامتلاء الأرض والسماء بها وبالمقدسات والمعبودات من كل نوع، والتي تقود كلها إلى الحقيقة الواحدة الجديرة بالعبادة والتقديس.
ينعكس الإيمان الشنتوي على نظرة الياباني لمكانة الإنسان ودوره في النظام الكلي للكون، فالبشر هم أبناء الكامي، منه تلقوا الحياة وبه يستمرون كل يوم. من هنا تأتي قدسية حياة الإنسان والاحترام الكبير الذي يكنه كل ياباني لحياة الفرد الآخر وشخصه حقوقه الأساسية. فكل عضو في الجنس البشري، بصرف النظر عن عرقه وقوميته ومواطنيته يحمل قبساً من القداسة استمده من الكامي، ولكن جوهر القداسة لا يظهر تلقائياً وإنما يتطلب من المرء أن يجلو قلبه ليشع منه نور حقيقته، وذلك بتطهير أفكاره وأفعاله، والإخلاص في تعامله مع عالم المقدسات وعالم الناس. كما أن الفرد رغم تمتعه بخصائص شخصية تميزه وتؤكد استقلاله، إلا أنه ليس ذاتاً منعزلة عن بقية الذوات منقطعة عن الجماعة، ولكنه حلقة في سلسلة تمتد في الماضي نحو الأسلاف وفي المستقبل نحو الأجيال القادمة. فهو والحالة هذه صلة وصل ضرورية في استمرارية حيوية لكائن واحد هو المجتمع بماضيه وحاضره ومستقبله، وعليه أن يلعب دوراً إيجابياً في ارتقاء وتقدم الحياة.
هذا الدور الذي يلعبه الفرد مرتبط بنظرة الشنتو الأشمل إلى التاريخ باعتباره مسيرة صاعدة أبداً في اتجاه تقدمي لا نكوص فيه، تصنعها حيوات وجهود كل الأفراد. من هنا فإن الكون أزلي في ذهن الياباني الذي لا يحمل أي معتقدات حول نهاية العالم وفناء البشرية، فلا قيامة ولا بعث ولا نشور. ما على الفرد إلا أن يحيا كل لحظة بكامل أبعادها ويعطيها كل ما تستحقه من قيمة باعتبارها لحظة مهمة في حياة الكون
Comment