لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

[كريستين ويسوع ربي]

لمحة تاريخية عن مغاور كييف




يرجع تأسيس دير مغاور كييف (Kiev Pechersk Lavra)

إلى عهد الأمير ياروسلاف الحكيم ابن الأمير القديس فلاديمير.

في سنة 1051 جاء إلى كييف عائدا من الجبل المقدس الراهب

أنطونيوس الذي كان قد باركه رئيس دير Esphigmenou

لتأسيس الحياة الرهبانية في وطنه قائلا:

"ارجع إلى روسيا ولتكن معها بركة الجبل المقدس".




واختار القديس أنطونيوس مغارة ليعيش فيها حياة الصلاة والصوم،

وأصبح الناس يأتون إليه للبركة والإرشاد الروحي ويطلقون عليه

"أنطونيوس الكبير".



واجتمع حوله إخوة رهبان طلبوا البقاء معه فحفروا في المغارة

قلالي جديدة وربطوا بينها بأنفاق طويلة تحت الأرض وأنشؤوا كنيسة هناك.



وبعد قليل قرر القديس أنطونيوس الذي كان يحبّ الوحدة والهدوء الانتقال إلى مكان آخر

فأقام الراهب برلعام رئيسا على الدير وحفر مغارة أخرى في التلة المجاورة



وضعت أساسا لمجموعة مغاور يطلق عليها حاليا

"المغاور القريبة".

أما المكان الأول فمعروف باسم "المغاور البعيدة"،

وهذه التسمية أصبحت متداولة نظرا للمسافة التي تفصل بين المغاور والكنيسة الرئيسية للدير كنيسة رقاد والدة الإله.






لم يقبل القديس أنطونيوس رئاسة الدير بسبب اتضاعه

وإنما بقي أبا ومرشدا روحيا للإخوة.

في نفس الفترة جاء إلى كييف القديس ثيودوسيوس وكان في ذلك الوقت شابا تقيا يطلب حياة الرهبنة

وكان قد هرب من بيته ومن أمه التي كانت تمنعه من الرهبنة بالتوسل وبالضرب على حد سواء.

ودخل الرهبنة على يد القديس أنطونيوس وأصبح مؤسسا لحياة الشركة الرهبانية في روسيا،

وبناء على قراره تم إدخال نظام دير الستوديون من القسطنطينية ليصبح فيما بعد نظاما متّبعا في كل الأديرة الروسية.

وقد وضعت حياة القديسين أنطونيوس وثيودوسيوس أساسا لنوعين من الحياة الرهبانية في روسيا:

التوحد في المغاور والغابات وحياة الشركة في الأديرة.






عندما ازداد عدد الرهبان إلى درجة أن الدير الأول تحت الأرض

لم يعد يتّسع لهم حان الوقت لإنشاء دير فوق الأرض.

في ستينات القرن الحادي عشر أصبح الإخوة ينتقلون إلى الأرض المحيطة بالمغاور البعيدة،


أما المغاور الأصلية فأصبحت تستخدم كمكان الصلاة ولدفن الراقدين.



يبلغ عدد القديسين الذين ترقد أجسادهم حاليا في مغاور لافرا كييف أكثر من 120 ويعتبر هذا المكان أكبر مجموعة من رفات القديسين في العالم.




لا نجد من بين الرفات الموجودة بالدير رفات القديسين أنطونيوس وثيودوسيوس.

مصير جسد القديس أنطونيوس كان عجيبا لأنه بعد انتقاله عن هذا العالم

أراد الإخوة استخراج جسده ولكن كلما بدأوا يحفرون في مكان دفنه اندلع عامود النار من تحت الأرض وطردهم

وإذا أصبحوا يحفرون من طرف آخر تدفق الماء وغمر المكان،

وهكذا بقي جسد القديس أنطونيوس تحت الأرض في مكان لا يعرفه أحد بالضبط،

لأنه كما كان يهرب من مجد العالم أثناء حياته الأرضية هكذا لم يرد أن ينال جسده تكريما بعد انتقاله.

أما القديس ثيودوسيوس فكان جسده غير القابل للفساد يحفظ في كنيسة الدير وقتا طويلا

ولكن تم تخبئته تحت الأرض أثناء هجوم المغول على روسيا ومكان دفنه لا يزال غير معروف أيضا.






مغاور لافرا اليوم هي عبارة عن مجموعة من المتاهات المحفورة تحت الأرض

داخل التلال التي ترتفع قرب نهر الدنيبر، يتراوح عمقها بين 5 – 20 متر ويبلغ طولها الإجمالي 800 متر.

تتكون كل المجموعة من المغاور القريبة

(مركزها التاريخي والروحي هو مكان دفن القديس أنطونيوس كما يحدده التقليد)

والمغاور البعيدة (مركزها هو مكان كانت فيه قلاية القديس ثيودوسيوس بحسب الخرائط القديمة)

ولذلك تسمى المغاور القريبة مغاور أنطونيوس أما البعيدة فمغاور ثيودوسيوس.





كانت مغاور كييف مع أجساد القديسين الكثيرين غير القابلة للفساد
سببا في شهرة هذا المكان كأحد أهم المراكز الروحية لروسيا المقدسة على مدى قرون،

وكان كثير من الناس المؤمنين يعتبرون من واجبهم زيارة كييف ولو مرة واحدة في حياتهم وأخذ بركة قديسيها، وكان كثيرون يأتون إليها

وخاصة في الأعياد الكبيرة من كل أنحاء روسيا ماشيين على الأقدام.

وحتى القديس سيرافيم زار كييف قبل أن يتوجه إلى ساروف وكانت كييف مكانا وحيدا زاره للحج وأخذ فيه البركة لحياة الرهبنة.

يتبع

[رامي الشمالي]

رد: لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

شكراً كريستين

موضوع جميل جداً

كما تعودنا

[طحبوش]

رد: لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

الله حيو اوكرانيا

[كريستين ويسوع ربي]

رد: لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

توابيت تحتوي على رفات آباء المغاور وجماجم يسيل منها الطيب من بينها جمجمة القديس إكليمنضس أسقف رومية:

[كريستين ويسوع ربي]

رد: لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

كنيسة رقاد السيدة لدير المغاور

ساعرض عليكم صورقديمة لكنيسة الرقاد وبعد تفجيرها عام 1941

وشكلها الحالي وصورة الإيقونة العجائبية لوالدة الإله:

عندما ازداد عدد رهبان الدير إلى درجة ان المكان الأول تحت الأرض لم يعد يتسع لهم قرر القديس ثيودوسيوس رئيس الدير إنشاء كنيسة حجرية كبيرة مكرسة لوالدة الإله.




فاجتمع الناس وأصبحوا يتناقشون فيما بينهم حول اختيار مكان مناسب لبناء الكنيسة وفي ذلك الوقت كان يمرّ هناك الأمير

سفياتوسلاف الذي سمع كلامهم وأشار لهم إلى مكان مناسب يقع في حقل تابع له وصلّى وبدأ يحفر شخصيا في ذلك المكان.

في تلك الفترة حدثت معجزة كبيرة دوّنها القديس نسطور صاحب المدونة التاريخية لدير المغاور.



جاء إلى القديسين أنطونيوس وثيودوسيوس أربعة رجال أغنياء متخصصين في فن العمارة من القسطنطينية وسألوهما:

"أين تريدون إنشاء الكنيسة؟" فأجابا: "حيث يشاء الرب".



فاستغرب الضيوف: "قد أعطيتما لنا كثيرا من الذهب وحتى الآن لم تختارا المكان خاصة أنه تم إخباركما باقتراب أجلكما!

" فدعا القديسان جميع الإخوة وسألوا الضيوف البيزنطيين عن معنى هذا الكلام.




فحدّثهم المعماريون القصة التالية:

"كان كل واحد منا يستريح في بيته عند الفجر وفجأة ظهر أمامنا شبان أشكالهم منيرة قائلين:



الملكة تدعوكم إلى فلاخيرنا! فجئنا إلى هناك مع أقربائنا وأصدقائنا ورأينا الملكة وحولها جنودا كثيرين فسجدنا لها.

وقالت لنا: "أريد إنشاء كنيستي في روسيا ، وآمركم أن تأخذوا الذهب بحيث يكفيكم لمدة ثلاث سنوات.



" فسجدنا لها قائلين: "أيتها السيدة الملكة، ترسليننا إلى بلاد غريبة فإلى من نتوجه هناك؟

" فأجابت مشيرة إليكما: "إلى أنطونيوس وثيودوسيوس هذين".

فقلنا: "لماذا نأخذ الذهب لمدة ثلاث سنوات؟ ليستضفنا

أنطونيوس وثيودوسيوس عندهم، أما مكافأتنا فتحددينها بنفسك."


ولكن الملكة قالت: "إن أنطونيوس بعد أن يبارك بدء هذا العمل سينتقل إلى الحياة الأبدية، أما ثيودوسيوس فبعده في السنة القادمة.

وأنا سآتي بنفسي لأرى تلك الكنيسة وسأسكن فيها".

فأعطتنا أجزاء من رفات القديسين وأرتنا شكل الكنيسة في الهواء وسألناها عن اسم الكنيسة فأجابت:

"أريد تسميتها باسمي".

ونحن لم نتجرأ أن نسألها عن اسمها

فقالت: "هي كنيسة والدة الإله".




وكذلك أعطتنا إيقونتها لتكون إيقونة الكنيسة.

فسجدنا لها وذهبنا إلى بيوتنا حاملين هذه الإيقونة."



ومجّد الجميع الله،

وقال القديس أنطونيوس: "يا أبنائي، إننا لم نترك هذا المكان".


ولكن البيزنطيين أصرّوا وهم يحلفون: "إننا أخذنا هذا الذهب من أيديكما
في حضور شهود كثيرين، ورافقناكما إلى السفينة وبعد شهر انطلقنا متوجهين إلى هذا المكان".


فقال أنطونيوس: "يا أبنائي، إن المسيح وهبكم نعمة كبيرة وأنتم منفذو إرادته.

إن أولئك الشبان الذين رأيتموهم هم ملائكة قديسون، والملكة في فلاخيرنا هي سيدتنا الكلية الطهارة والدة الإله.

مبارك هو مجيئكم!"


فانحنى البيزنطيون أمام القديسين وسألوا أين هو المكان المناسب لبناء الكنيسة.

فأجاب أنطونيوس: "نصلي ثلاثة أيام والرب يشير لنا إليه.

" وفي الليل عندما كان أنطونيوس يصلي

ظهر له الرب قائلا: "إنك وجدت نعمة عندي"

فقال أنطونيوس: "يا رب، إذا كنت قد أرضيتك فأرجو أن يسقط الندى على كل الأرض

إلا المكان الذي تقدّسه لبناء الكنيسة".

وفي الصباح وجدوا مكانا جافا في الحقل وباقي الأرض قد غطّاها الندى.

وفي الليلة التالية كان القديس أنطونيوس يصلي:

"لتكن كل الأرض جافة وليغطّ الندى مكان الكنيسة".

فصار هكذا.

وفي اليوم الثالث وقف القديس أنطونيوس في المكان المشار إليه وصلى وباركه ورفع يديه إلى السماء

قائلا بصوت عال: "اسمعني يا رب! استجب لي بنارك ليعرف الجميع أن هذه هي إرادتك!"

فنزلت النار من السماء وأحرقت كل الأشجار والعشب في المكان وظهرت في الأرض حفرة فبدأوا يحفرون هناك.

وسقط الجميع على الأرض من الخوف.

كل ذلك كان في عام 1073 وبعد ذلك بقليل انتقل القديس أنطونيوس عن هذا العالم بحسب قول والدة الإله وعمره 90 سنة، أما القديس ثيودوسيوس ففي سنة 1074.




هذه القصة تعكس صلة روحية عميقة كانت تربط بين روسيا وبيزنطا،

وبعد الانتهاء من بناء الكنيسة في سنة 1078 بقي البناؤون البيزنطيون في دير المغاور كرهبان ليقضوا فيه بقية حياتهم وأسسوا بالدير ورشة كتابة الإيقونات

التي اشتهرت بتزيين كنائس مختلفة في كييف، ولا تزال رفاتهم تحفظ بالمغاور القريبة للدير.




كانت كنيسة رقاد السيدة هذه تعتبر أهمّ كنيسة في كل روسيا القديمة

ونالت أكبر قدر من الإكرام وكانت تحفظ بها أهمّ المقدسات الأرثوذكسية

أوّلها إيقونة والدة الإله التي جاء بها المعماريون البيزنطيون.

وضعت الإيقونة فوق الباب الملوكي في إطار من الذهب

وبعد انتهاء القداس كانوا ينزلونها بالحبال الحريرية ليأخذ الجميع البركة منها.


تضرر الدير كثيرا في فترة هجوم المغول على روسيا في القرن الثالث عشر

وتشتت رهبانه ولكن الحياة الرهبانية عادت إليه في القرن الرابع عشر فذاع صيته في كل روسيا من جديد.

في القرن السادس عشر جرت المحاولات لنقل الدير إلى الروم الكاثوليك

(كان تابعا في ذلك الوقت للبطريركية المسكونية)

ولكنها فشلت لأن الرهبان قاوموا هذا التهديد مقاومة شديدة وأصبح الدير قلعة الأرثوذكسية في أوكرانيا في ظروف محاولة فرض الاتحاد مع روما.




وكانت إيقونة والدة الإله العجائبية تحمي روسيا أكثر من مرة من هجوم الأعداء،

ففي سنة 1677 عندما كان الأتراك يحصارون مدينة تشيغيرين وأحدق الخطر بكييف

كان الرهبان يطوفون حول المدينة بالإيقونة طوال يوم 27 أغسطس قبيل عيد رقاد السيدة،

كما كانت هذه الإيقونة تبارك الجنود عند انطلاقهم للحروب الدفاعية.

بعد ثورة 1917 تم تخريب الدير وتدنيس مقدساته والقضاء على جزء كبير منها ونفي وقتل معظم الرهبان.

تم إغلاق الدير نهائيا وتحويله إلى متحف تاريخي وثقافي في عام 1930.

وفي سنة 1941 أثناء الاحتلال الفاشي للمدينة تم تفجير كنيسة رقاد السيدة فضاعت أهمّ مقدساتها إيقونة والدة الإله العجائبية.


حاليا توجد صورة منها تعتبر عجائبية أيضا ويتم إنزالها من فوق الباب الملوكي بعد كل قداس بحسب العادة القديمة.


في أواخر العهد السوفييتي لما بدأت الحياة الرهبانية تعود إلى الدير

أقيم أول قداس عيد رقاد السيدة على أنقاض كنيسة الرقاد في عام 1988.

وفي عام 1998 وضع سيادة المطران فلاديمير حجر أساس للمبنى الجديد لكنيسة الرقاد

وبعد سنتين فقط في عام 2000 تم تدشين هذه الكنيسة الكبيرة الجميلة التي تم إعادة بنائها وفقا لشكلها السابق.




لا يزال دير المغاور مقسما إلى قسمين:

القسم الرهباني التابع للدير وقسم المتحف التابع للدولة

(تقع كنيسة الرقاد على أرضه).

[كريستين ويسوع ربي]

رد: لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

صور دير مغاور كييف في الشتاء:

[كريستين ويسوع ربي]

رد: لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

رامي ---- طحبوش

مشكورين عالمشاركة الحلوة

نورتوا شباب

[NermeeN]

رد: لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

موضوع حلو ومميز

يعطيكي العافية كريستين

[كريستين ويسوع ربي]

رد: لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

موضوع حلو ومميز

يعطيكي العافية كريستين

نيرمين الغالية شكرا لمشاركتك الحلوة

نورتي حبيبتي

[Dreamy Girl]

رد: لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

موضوع أكثر من رائع
الله يبارك فيكي

[كريستين ويسوع ربي]

رد: لمحة تاريخية عن دير مغاور كييف

موضوع أكثر من رائع
الله يبارك فيكي

شكرا لمشاركتك الاكثر من رائعة

ربنا يبارك حياتك

نورتي