نشأت الهندوسيةنتيجة تراكم معرفي ديني للتراث الهندي، وتبلورت من خلاله عبر آلاف السنين، ماجعلالهندوسية تجسِّد الشخصية القومية للمجتمع الهندي، في حين أن البوذية نشأت بفعلشخصٍ معيّن في إطار الرفض الصارخ للممارسات الهندوسية، وبتعبير آخر جاءت كحركةإصلاح اجتماعي ينطلق من مبادىء روحية وميتافيزيقية وسياسية ترفض نظام الطبقات الذيأعطى امتيازات واضحة للطبقتين الحاكمتين، البراهمة والكشتريا، وجعل البوذية تعتمدعلى الفئات الاجتماعية الأقل شأناً، وهي تتشبث بوجوب تخفيف سلطة البراهمةاللامحدودة إن لـم يكن القضاء عليها، وتعتقد البوذية القديمة بحقيقة التقمص والحياةالأخرى، وتسند مبادئها الروحية إلى وجود الكارمن (الفعل) والمصير الذي يخضع لهالإنسان، ولكنَّها تؤكّد مع هذا بأنَّ الاحتفال الطقسي الدقيق كما تقرّره القوانينلن يوقف مجرى وعدد الولادات بل يؤثّر عليهما الخضوع للفضائل التي تنتج عن المسؤوليةالشخصية.
وهكذا تحاول البوذية القضاء قضاءً تاماً على امتيازات الحسب والنسبالاجتماعية والوراثة الطبقية التي هي أسس المجتمع البراهماني، لذا ترحب البوذية دونتفرقة بجميع الذين يودون نقض سلطة البراهمة وتغدو من ثُمَّ ثورة اجتماعية.
وتستند البوذيةفي تعاليمها الروحية ـ كما جاء في موسوعة تاريخ الحضارات العام ـ إلى مبدأ صراعالخير والشر، وتصف كدواء لداء التقمص ممارسة فضيلة المحبة نحو جميع المخلوقاتوالتواضع والكفر بالذات، وعلاوة على ذلك فهي تؤمن بنظرية الفداء: إذ دون مخلّصسيخضع الأفراد إلى نتائج أعمالهم، وهذا المخلّص هو بوذا شاكيمني للطور الكونيالحالي، يليه يوذا ميتريا الذي سيغدو سيِّد العهد المقبل والذي سيسبق مجيئه زوالالعالـم، ويشير البستاني في دائرة معارفه إلى أنَّ المذهب البوذي المقبول عموماًباتجاه المعبودات البرهمية يجعلها أدنى درجة من بوذة ومن الكهنة المحترميـن أيضاًجاعلاً بذلك النّاس أعلى درجة من المعبودات.
ثُمَّ يتابع البستاني قوله إنَّ بوذةليس هو تجسيد لكائن أسمى بل هو كامل بالذات، وقد ذكر في الفيداس أيضاً أنَّ القداسةوالتَّقوى والتأمّل والحكمة هي أقدس جميع المعبودات، وفضيلة الهنود تقوم بنكرانالنفس وقمع الشهوات وقهر الإرادة والشفقة على جميع الكائنات واستئصال الخطيئة، الذييكون بعده معرفة غير متناهية، وكانت البوذية في الأصل بسيطة أدبية عقلية مضادةللميثولوجيا والفلسفة والاحتفالات وحرفة الكهنة، وكانت في أعلى درجة من الجودةوالشفقة، وسهلة المراس تدعو جميع النّاس إلى الدخول فيها من دون تمييز بينهمباعتبار حالتهم ومركزهم مسهلة للجميع طريق الخلاص ومعلنة بأنَّه يمكن نوالها بطهارةالسيرة، إلاَّ أنَّها لـم تنهَ صريحاً عن قسمة النّاس إلى أصناف ولا حرصت بالتسليمبها.
تأسيس البوذية:
بوذة أو بوذا اسم هندي معناه عالـم أوحكيم أو عاقل وهو جنس لمعلمين من البوذيين اتخذوهم معبودات ونسبوا إليهم، وهميعتقدون أنَّه ظهر عدد لا يُحصى من البوذات ليخلّصوا العالـم وأنَّه في العصرالحالي يوجد واحد منهم، ويُعرف أيضاً بسقياموني أي القديس أو الناسك سقياً الذييعتقد البعض أنَّه تجسَّد تاسع لوشنو وأنَّه أصلح البرهمية بإدخاله فيها قانونإيمان بسيطاً وإبداله شرائعها وعاداتها القاسية بشرائع أدبية ذات لين ورفق، كما ذكرالبستاني في دائرة معارفه،.
ويتابع البستاني روايته بالقول، ويسمىبوذا سرقاتاسيذا ومعناه قد تـمّ كلّ المطلوب، وتوفيت أمّه في اليوم السابع منولادته، فحضنته خالته براجا باتي غوتامي، ومعنى اسمها مالكة العالـم من قبيلةغوتامي ومن ثُمَّ دعي غوتامي.
وقد نزل حسب الرِّواية البوذية بصورةفيل أبيض والحبل به كشعاع من النور ذي خمسة ألوان، ووقعت عجائب عظيمة عند ولادته منجنب أمه الأيمن وإعلانه إرساليته حال ولادته.
وتروي قصة إنجابه تحت شجرة المالبيني،كما جاء في انجيل بوذا «انتشرنوره، وملأ العالـم، ففتحت عيون المكفوفين وشاهدواالمجد الآتي من العلاء، وحلّت عقدة ألسنة الخرس، وسمعت آذان الصم».
ومن جملة مانسج الخيال الهندي حول مولد بوذا أنَّ أيدي البراهمة تلقته وأنَّه قام لتوه ونطق،يقولون عن أمّه حين وضعته ما نصه: «ولما أرادت النهوض مدّت يدها إلى غصن الشجرةفانحنى من تلقاء نفسه حتّى قارب كفها، ولـم تكد تنهض حتّى كان تحتها طفل تلقتهأربعة من البراهمة في شبكة نسجت خيوطها من أسلاك الذهب، ووقف المولود فجأة، وتقدّمإلى الأمام سبع خطوات ثُمَّ صاح في صوتٍ عذب: أنا سيِّد هذا العالـم... وهذه الحياةهي آخر حياة لي» حسبما ذكر سليمان مظهر في استطلاعه المنشور في مجلة العربي.
عاش غوتاما فيقصر والده ومن ثُمَّ زوجه، وبعد أن أنجب مولوداً، بدأ يشعر بالقلق على مصيرالإنسان، وكان قد ما شاهده وراقبه من واقع الآلام التي تُعيب النّاس من الفقيرالجائع إلى من ارتدى ثياباً رثة إلى من غلبه المرض... ما جعله ينفر من نظام حياتهوقصر والده، ويذهب هائماً في البراري مع رهبان الهندوسية، وتمسك بالزهد والاعتزالتمسكاً شديداً صارماً، ومارس أشدّ التقشفات وذهب إلى البوذ غيدا أي عرش المعرفة فيغايا وجلس تحت البوذ يدروماآي التينة المقدسة وهي شجرة البنيان حيث كلّ بوذيستقا (معرفة الحقّ) يصير بوذة.
لقد أعطى البوذيون لبوذا ـ كما جاء فيانجيل بوذا ـ موقعاً فيها حال التأله، وأصبح بوذا هو الرسالة عندهم، وتقليده والأخذبسلوكه ومنهجه هو المطلب، إنَّ الخلود المنشود يتحقّق بالاتحاد وبوذا من خلال «النيرفانا». «هلموا إلى بوذا الذي وجد الخلود في الفناء، هلموا إلى بوذا الذي لايتبدد، إلى ذلك الذي لا يغيّر وجودنا، هلموا إليه، إلى الحقيقة المنبثقة مناثورة»،ولذلك نسبوا لخليفة بوذا «أنورودا» أنَّه قال لأتباع البوذية: «إنَّ غوتاماشودهارانا كان الحقيقة المنظورة بيننا، إنَّه الواحد المقدس الكامل، وهو الواحدالمبارك، وقد حلّت فيه الحقيقة العليا وصارت إنساناً وأعلنها لنا».
وهكذا يُصبحبوذا عند البوذيين، هو الخالد المتأله، هو الكامل، هو الشريعة، ولا حياة بدون اتحادفيه.
ويبدوأن البوذية ـ كما قال البستاني ـ قد أعطت تفسيرات مختلفة لمعنى الإله، وفي هذاالصدد يقول البستاني "إن الله عند الشيع البوذية المعروفة بـ "أيس فاريكا" ومعناهالذات الأصلية السابقة كل الكائنات ويسمونه أيضاً سقايام بو أي الذات القائمةبنفسها، ويوجد بين هذه الشيع من يجعل من أديبوذة مبدأ مادياً يعادله في القوة وهومثله سرمدي ومشارك له في خلق العالم ، إلا أن الباقين يعتبرون أديبوذة المبدأالإلهي المفرد والسبب الوحيد لكل الكائنات ومقامه في أعلى اقاليم الكون وهو إقليمالنار (أغنختا بوفانا) ووجود كل شيء في الكون نشأ عن رغبته الشديدة في التخلص منوحدته لتكثير ذاته، فانبعث من تلك الرغبة المسماة عندهم برجنا ومعناها العقل المعلنذاته خمس معبودات أخرى يسمون بوذة كل واحد منهم أنشأ بذاته وبالتوسط السماوي المسمىعندهم ذيان ابناً روحياً يعرف عندهم ببوذيستفا، وكان للإله أميتابا ابن روحي اسمهبادماباني وهو الخالق الحقيقي للكون وذلك لأنه خلق الآلهة الثلاثة المعروفين عندهمبالقوات السامية وهم براهما وفيخنو وسيفا.
انتشارالبوذية:
يعتبر تاريخ البوذية منذ تأسيسها حتّىأصبحت ديناً لمملكة فارس وما وراء النهر تاريخاً غامضاً، ولكنَّ المعروف ـ كما يقولالبستاني ـ هو أنَّه عصفت بها المشاكل وحدثت بها انشقاقات وصلت إلى حوالي ثمانيةعشر طائفة، كان أشهرها اثنتان: الأولى الفيبها شيكا أي المنشقون وفروعهم كثيرة،والثانية هي السوتونيتكا أي المحافظون على القواعد الأصلية.
وتجدر الإشارةهنا إلى أنَّ انتشار البوذية يعود الفضل فيه لشخص عاش في مرحلة متأخرة على ظهوربوذا بحوالي قرنين ونصف هو آشوكا.
ويعود السبب في انتشارها ـ كما ورد فيدائرة معارف البستاني ـ إلى غزو الاسكندر المقدوني لبلاد الهند حيثُ سيطر علىمعظمها، وكان من آثار ذلك أن نهض الأمير الهندي شاندار غوتبا، سنة 321ق.م. وجمع حولقبائل عديدة وتمكن من إجلاء الإغريق عن بلاده، وجعل الهند بأسرها تحت مملكة واحدةخاضعة لسلطانه، واتخذ من أصله السودري وهو من أدنى أصناف الهنود وغزو المكدونيينللهند وسيلة لسحق قوّة البراهمة.
وتولى الحكم من بعده ابنه «بندو سارا» الذي قبل في بلاطه «ميغشينس» المؤرخ اليوناني ليشبع له فضوله.
وخلف "بندوسارا" في الحكم ابنه «ذارماسوكا» أو «شوكا» كما في بعض المصادر في حكم الدولةالمورية، فوسع مملكته ومارس العنف والتسلّط على الآخرين من خلال العمل العسكري،ولكنَّه كما يقول ديورانت لـم يلبث أن اشمأز من الحرب والقوّة، ومال إلى البوذيةووجد ضالته فيها، فاعتنقها وعمل على نشرها، وأعلن أنَّ فتوحه من ذلك الوقت ستكون فيسبيل الدين،ويشير البستاني إلى أنه نشر تحت لقب بياداسي (المحب التّقي) قوانين ذاتحلم وشفقة وجدت محفورة على أعمدة من دلهي، والله آباد، وعلى صخور بالقرب من بشاورفي غزارة وأوريسا وغيرها ولكنَّها كتبت باللغة البركليتية أي الدراجة وليست باللغةالسنسكريتية لغة البراهمة، وتلك القوانين تأمر بممارسة الفضائل وحفر الآبار وزرعالأشجار، وبناء الطرق والمستشفيات والحدائق العامة والبساتين، وتنهى عن القصاصبالقتل، وأرسل البعثات الدينية إلى كشمير وسيلان والإمبراطورية اليونانية وجبالهملايا، فتحوّلت بذلك البوذية من مذهب من المذاهب الهندية إلى دين عالمي، وهذا ماأكده البستاني وشلبي.
البوذية …ديانةوضعية:
لقد أحدث أشوكا نقلة نوعية في البوذية ،ولعل هذا الذي دعا لأن يعتبر أشوكا المؤسس الثاني للبوذية بحيث تحوّلت مع انتشارهاعلى يديه من فلسفة أخلاقية إلى ديانة وضعية لها معابدها ومفهومها للألوهية ولهانظامها الطقسي.
ويمكن أن نصنف البوذية اليوم ـ كما ذكر فوزي محمد حميد في كتابه عالمالأديان بين الأسطرة والحقيقة ـ إلى نوعين هما:
1 ـ هنيايانا Hinaianaأو العجلة الصغيرة... ويرتديكهنتها ثوباً أصفر اللون ويحلقون رؤوسهم، وعليهم الالتزام بعددٍ من القواعدالكهنوتية شديدة التعقيد، مثلاً: لا يسمح لهم تناول أي طعام بعد منتصف النهار، ولايسمح لهم بحمل أيّ نقود أو ملكية، وهي أصغر أشكال البوذية، وأتباعها يعتبرون أنَّبوذا ليس إلاَّ مجرّد رجل وضع بعض القواعد للسلوك، وهو ليس إلهاً يُعبد، ولا تزالتوجد في سيريلانكا أشهر آثار بوذا وهي إحدى أسنانه.
2 ـ ماهيانا Mahianaأو العجلة الكبيرة... وهي شكلمنحرف للبوذية، وأتباعها يعتبرون بوذا إلهاً، ويعبدون الروح التي ألهمت بوذا، وهميؤمنون بالملائكة والشياطين، وتؤمن بعض طوائفهم بوجود الجنّة والجحيم، وأنَّه لابُدَّ من مرور الروح بهما قبل أن تصل مرتبة الينرفانا.
و يشير السحمراني إلى أن «المهايانا» التي انتشرت في الشمال توزعت إلى مذاهب، منها «زن» في اليابان الذي يهتم بالتأمّلومذهب اللامية في منغوليا ومناطق التيبت، وهو مذهب مفتوح للجميع ويركز على الفضائلكالرحمة والإحسان والصدق والاعتدال ويحذر من الخطايا.
هذا بالإضافة إلى أشكال متعدّدة منالبوذية التي تأثّرت بثقافات البلدان التي انتشرت فيها، ففي الهند، بوذية مطعمةبالهندوسية، وفي الصين بوذية متأثرة بالكنفوشيوسية، وفي اليابان بالشنتوية، كماتسربت إلى بعض مذاهب البوذية مفاهيم من أتباع الرسالات السَّماوية كالمسيحيةوالإسلام، ولا يخلو الأمر من مفاهيم بوذية دخلت في مذاهب غير البوذيين.
ويذكرالسحمراني وكولر أن عدد البوذيين اليوم يتجاوز الأربعمائة مليون نسمة، وهم يتواجدونفي الهند ونيبال والصين واليابان وأندونيسيا وماليزيا، ولكنَّهم يشكلون الأغلبيةالسكانية في الدول التالية: بورما، بوتان، تايلند، تايوان، سريلانكا، سنغافورة،فيتنام، كمبوديا، كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، لاوس ومنغوليا.
وإذا كانتالأمم قد شهدت وتشهد صراعات وحروباً فإنَّ مناطق انتشار البوذية نعمت بقسط من عدموجود العنف، أو أنَّها خففت من العنف والحروب على الأقل.
تعاليم البوذية وفروعها:
إنَّ البوذيين يقولون قبل كلّ شيء بفراغالطبيعة وبكونها وهمية خداعة وأنَّ العدم يوجد في كلّ مكان وكلّ زمان وهو مملوءبالغش ونفس هذا العدم يزيل كلّ الحواجز بين أصناف النّاس وجنسياتهم وأحوالهمالدنيوية ويجعل أحقر الديدان أخوة للبوذيين، وهم يعتقدون أنَّ آخر عبارة نطق بهاسقياموني هي «كلّ مركّب فان» والغاية القصوى عندهم هي نجاة النفس من كلِّ ألـموغرور وإنَّ دور التناسخ الذي لا نهاية له ينتهي أو ينقطع بمنع النفس عن أن تولدثانية ويتوصل إلى ذلك بتطهيرها حتّى من رغبة الوجود، كما ذكر البستاني في دائرةمعارفه، وهذا ما يجعل البوذي يؤمن بدورة النفس تناسخاً في الأبدان في مسعى للتطهرحتّى تصل إلى حالة الاستنارة والصفاء، وبذلك تستحق التسامي والرحيل من دورتها فيالأبدان لتتحقّق لها النيرفانا، وهي الاندماج الكامل والاتحاد بالمخلّص بوذا. وهكذا تحاول البوذية القضاء قضاءً تاماً على امتيازات الحسب والنسبالاجتماعية والوراثة الطبقية التي هي أسس المجتمع البراهماني، لذا ترحب البوذية دونتفرقة بجميع الذين يودون نقض سلطة البراهمة وتغدو من ثُمَّ ثورة اجتماعية.
وتستند البوذيةفي تعاليمها الروحية ـ كما جاء في موسوعة تاريخ الحضارات العام ـ إلى مبدأ صراعالخير والشر، وتصف كدواء لداء التقمص ممارسة فضيلة المحبة نحو جميع المخلوقاتوالتواضع والكفر بالذات، وعلاوة على ذلك فهي تؤمن بنظرية الفداء: إذ دون مخلّصسيخضع الأفراد إلى نتائج أعمالهم، وهذا المخلّص هو بوذا شاكيمني للطور الكونيالحالي، يليه يوذا ميتريا الذي سيغدو سيِّد العهد المقبل والذي سيسبق مجيئه زوالالعالـم، ويشير البستاني في دائرة معارفه إلى أنَّ المذهب البوذي المقبول عموماًباتجاه المعبودات البرهمية يجعلها أدنى درجة من بوذة ومن الكهنة المحترميـن أيضاًجاعلاً بذلك النّاس أعلى درجة من المعبودات.
ثُمَّ يتابع البستاني قوله إنَّ بوذةليس هو تجسيد لكائن أسمى بل هو كامل بالذات، وقد ذكر في الفيداس أيضاً أنَّ القداسةوالتَّقوى والتأمّل والحكمة هي أقدس جميع المعبودات، وفضيلة الهنود تقوم بنكرانالنفس وقمع الشهوات وقهر الإرادة والشفقة على جميع الكائنات واستئصال الخطيئة، الذييكون بعده معرفة غير متناهية، وكانت البوذية في الأصل بسيطة أدبية عقلية مضادةللميثولوجيا والفلسفة والاحتفالات وحرفة الكهنة، وكانت في أعلى درجة من الجودةوالشفقة، وسهلة المراس تدعو جميع النّاس إلى الدخول فيها من دون تمييز بينهمباعتبار حالتهم ومركزهم مسهلة للجميع طريق الخلاص ومعلنة بأنَّه يمكن نوالها بطهارةالسيرة، إلاَّ أنَّها لـم تنهَ صريحاً عن قسمة النّاس إلى أصناف ولا حرصت بالتسليمبها.
تأسيس البوذية:
بوذة أو بوذا اسم هندي معناه عالـم أوحكيم أو عاقل وهو جنس لمعلمين من البوذيين اتخذوهم معبودات ونسبوا إليهم، وهميعتقدون أنَّه ظهر عدد لا يُحصى من البوذات ليخلّصوا العالـم وأنَّه في العصرالحالي يوجد واحد منهم، ويُعرف أيضاً بسقياموني أي القديس أو الناسك سقياً الذييعتقد البعض أنَّه تجسَّد تاسع لوشنو وأنَّه أصلح البرهمية بإدخاله فيها قانونإيمان بسيطاً وإبداله شرائعها وعاداتها القاسية بشرائع أدبية ذات لين ورفق، كما ذكرالبستاني في دائرة معارفه،.
ويتابع البستاني روايته بالقول، ويسمىبوذا سرقاتاسيذا ومعناه قد تـمّ كلّ المطلوب، وتوفيت أمّه في اليوم السابع منولادته، فحضنته خالته براجا باتي غوتامي، ومعنى اسمها مالكة العالـم من قبيلةغوتامي ومن ثُمَّ دعي غوتامي.
وقد نزل حسب الرِّواية البوذية بصورةفيل أبيض والحبل به كشعاع من النور ذي خمسة ألوان، ووقعت عجائب عظيمة عند ولادته منجنب أمه الأيمن وإعلانه إرساليته حال ولادته.
وتروي قصة إنجابه تحت شجرة المالبيني،كما جاء في انجيل بوذا «انتشرنوره، وملأ العالـم، ففتحت عيون المكفوفين وشاهدواالمجد الآتي من العلاء، وحلّت عقدة ألسنة الخرس، وسمعت آذان الصم».
ومن جملة مانسج الخيال الهندي حول مولد بوذا أنَّ أيدي البراهمة تلقته وأنَّه قام لتوه ونطق،يقولون عن أمّه حين وضعته ما نصه: «ولما أرادت النهوض مدّت يدها إلى غصن الشجرةفانحنى من تلقاء نفسه حتّى قارب كفها، ولـم تكد تنهض حتّى كان تحتها طفل تلقتهأربعة من البراهمة في شبكة نسجت خيوطها من أسلاك الذهب، ووقف المولود فجأة، وتقدّمإلى الأمام سبع خطوات ثُمَّ صاح في صوتٍ عذب: أنا سيِّد هذا العالـم... وهذه الحياةهي آخر حياة لي» حسبما ذكر سليمان مظهر في استطلاعه المنشور في مجلة العربي.
عاش غوتاما فيقصر والده ومن ثُمَّ زوجه، وبعد أن أنجب مولوداً، بدأ يشعر بالقلق على مصيرالإنسان، وكان قد ما شاهده وراقبه من واقع الآلام التي تُعيب النّاس من الفقيرالجائع إلى من ارتدى ثياباً رثة إلى من غلبه المرض... ما جعله ينفر من نظام حياتهوقصر والده، ويذهب هائماً في البراري مع رهبان الهندوسية، وتمسك بالزهد والاعتزالتمسكاً شديداً صارماً، ومارس أشدّ التقشفات وذهب إلى البوذ غيدا أي عرش المعرفة فيغايا وجلس تحت البوذ يدروماآي التينة المقدسة وهي شجرة البنيان حيث كلّ بوذيستقا (معرفة الحقّ) يصير بوذة.
لقد أعطى البوذيون لبوذا ـ كما جاء فيانجيل بوذا ـ موقعاً فيها حال التأله، وأصبح بوذا هو الرسالة عندهم، وتقليده والأخذبسلوكه ومنهجه هو المطلب، إنَّ الخلود المنشود يتحقّق بالاتحاد وبوذا من خلال «النيرفانا». «هلموا إلى بوذا الذي وجد الخلود في الفناء، هلموا إلى بوذا الذي لايتبدد، إلى ذلك الذي لا يغيّر وجودنا، هلموا إليه، إلى الحقيقة المنبثقة مناثورة»،ولذلك نسبوا لخليفة بوذا «أنورودا» أنَّه قال لأتباع البوذية: «إنَّ غوتاماشودهارانا كان الحقيقة المنظورة بيننا، إنَّه الواحد المقدس الكامل، وهو الواحدالمبارك، وقد حلّت فيه الحقيقة العليا وصارت إنساناً وأعلنها لنا».
وهكذا يُصبحبوذا عند البوذيين، هو الخالد المتأله، هو الكامل، هو الشريعة، ولا حياة بدون اتحادفيه.
ويبدوأن البوذية ـ كما قال البستاني ـ قد أعطت تفسيرات مختلفة لمعنى الإله، وفي هذاالصدد يقول البستاني "إن الله عند الشيع البوذية المعروفة بـ "أيس فاريكا" ومعناهالذات الأصلية السابقة كل الكائنات ويسمونه أيضاً سقايام بو أي الذات القائمةبنفسها، ويوجد بين هذه الشيع من يجعل من أديبوذة مبدأ مادياً يعادله في القوة وهومثله سرمدي ومشارك له في خلق العالم ، إلا أن الباقين يعتبرون أديبوذة المبدأالإلهي المفرد والسبب الوحيد لكل الكائنات ومقامه في أعلى اقاليم الكون وهو إقليمالنار (أغنختا بوفانا) ووجود كل شيء في الكون نشأ عن رغبته الشديدة في التخلص منوحدته لتكثير ذاته، فانبعث من تلك الرغبة المسماة عندهم برجنا ومعناها العقل المعلنذاته خمس معبودات أخرى يسمون بوذة كل واحد منهم أنشأ بذاته وبالتوسط السماوي المسمىعندهم ذيان ابناً روحياً يعرف عندهم ببوذيستفا، وكان للإله أميتابا ابن روحي اسمهبادماباني وهو الخالق الحقيقي للكون وذلك لأنه خلق الآلهة الثلاثة المعروفين عندهمبالقوات السامية وهم براهما وفيخنو وسيفا.
انتشارالبوذية:
يعتبر تاريخ البوذية منذ تأسيسها حتّىأصبحت ديناً لمملكة فارس وما وراء النهر تاريخاً غامضاً، ولكنَّ المعروف ـ كما يقولالبستاني ـ هو أنَّه عصفت بها المشاكل وحدثت بها انشقاقات وصلت إلى حوالي ثمانيةعشر طائفة، كان أشهرها اثنتان: الأولى الفيبها شيكا أي المنشقون وفروعهم كثيرة،والثانية هي السوتونيتكا أي المحافظون على القواعد الأصلية.
وتجدر الإشارةهنا إلى أنَّ انتشار البوذية يعود الفضل فيه لشخص عاش في مرحلة متأخرة على ظهوربوذا بحوالي قرنين ونصف هو آشوكا.
ويعود السبب في انتشارها ـ كما ورد فيدائرة معارف البستاني ـ إلى غزو الاسكندر المقدوني لبلاد الهند حيثُ سيطر علىمعظمها، وكان من آثار ذلك أن نهض الأمير الهندي شاندار غوتبا، سنة 321ق.م. وجمع حولقبائل عديدة وتمكن من إجلاء الإغريق عن بلاده، وجعل الهند بأسرها تحت مملكة واحدةخاضعة لسلطانه، واتخذ من أصله السودري وهو من أدنى أصناف الهنود وغزو المكدونيينللهند وسيلة لسحق قوّة البراهمة.
وتولى الحكم من بعده ابنه «بندو سارا» الذي قبل في بلاطه «ميغشينس» المؤرخ اليوناني ليشبع له فضوله.
وخلف "بندوسارا" في الحكم ابنه «ذارماسوكا» أو «شوكا» كما في بعض المصادر في حكم الدولةالمورية، فوسع مملكته ومارس العنف والتسلّط على الآخرين من خلال العمل العسكري،ولكنَّه كما يقول ديورانت لـم يلبث أن اشمأز من الحرب والقوّة، ومال إلى البوذيةووجد ضالته فيها، فاعتنقها وعمل على نشرها، وأعلن أنَّ فتوحه من ذلك الوقت ستكون فيسبيل الدين،ويشير البستاني إلى أنه نشر تحت لقب بياداسي (المحب التّقي) قوانين ذاتحلم وشفقة وجدت محفورة على أعمدة من دلهي، والله آباد، وعلى صخور بالقرب من بشاورفي غزارة وأوريسا وغيرها ولكنَّها كتبت باللغة البركليتية أي الدراجة وليست باللغةالسنسكريتية لغة البراهمة، وتلك القوانين تأمر بممارسة الفضائل وحفر الآبار وزرعالأشجار، وبناء الطرق والمستشفيات والحدائق العامة والبساتين، وتنهى عن القصاصبالقتل، وأرسل البعثات الدينية إلى كشمير وسيلان والإمبراطورية اليونانية وجبالهملايا، فتحوّلت بذلك البوذية من مذهب من المذاهب الهندية إلى دين عالمي، وهذا ماأكده البستاني وشلبي.
البوذية …ديانةوضعية:
لقد أحدث أشوكا نقلة نوعية في البوذية ،ولعل هذا الذي دعا لأن يعتبر أشوكا المؤسس الثاني للبوذية بحيث تحوّلت مع انتشارهاعلى يديه من فلسفة أخلاقية إلى ديانة وضعية لها معابدها ومفهومها للألوهية ولهانظامها الطقسي.
ويمكن أن نصنف البوذية اليوم ـ كما ذكر فوزي محمد حميد في كتابه عالمالأديان بين الأسطرة والحقيقة ـ إلى نوعين هما:
1 ـ هنيايانا Hinaianaأو العجلة الصغيرة... ويرتديكهنتها ثوباً أصفر اللون ويحلقون رؤوسهم، وعليهم الالتزام بعددٍ من القواعدالكهنوتية شديدة التعقيد، مثلاً: لا يسمح لهم تناول أي طعام بعد منتصف النهار، ولايسمح لهم بحمل أيّ نقود أو ملكية، وهي أصغر أشكال البوذية، وأتباعها يعتبرون أنَّبوذا ليس إلاَّ مجرّد رجل وضع بعض القواعد للسلوك، وهو ليس إلهاً يُعبد، ولا تزالتوجد في سيريلانكا أشهر آثار بوذا وهي إحدى أسنانه.
2 ـ ماهيانا Mahianaأو العجلة الكبيرة... وهي شكلمنحرف للبوذية، وأتباعها يعتبرون بوذا إلهاً، ويعبدون الروح التي ألهمت بوذا، وهميؤمنون بالملائكة والشياطين، وتؤمن بعض طوائفهم بوجود الجنّة والجحيم، وأنَّه لابُدَّ من مرور الروح بهما قبل أن تصل مرتبة الينرفانا.
و يشير السحمراني إلى أن «المهايانا» التي انتشرت في الشمال توزعت إلى مذاهب، منها «زن» في اليابان الذي يهتم بالتأمّلومذهب اللامية في منغوليا ومناطق التيبت، وهو مذهب مفتوح للجميع ويركز على الفضائلكالرحمة والإحسان والصدق والاعتدال ويحذر من الخطايا.
هذا بالإضافة إلى أشكال متعدّدة منالبوذية التي تأثّرت بثقافات البلدان التي انتشرت فيها، ففي الهند، بوذية مطعمةبالهندوسية، وفي الصين بوذية متأثرة بالكنفوشيوسية، وفي اليابان بالشنتوية، كماتسربت إلى بعض مذاهب البوذية مفاهيم من أتباع الرسالات السَّماوية كالمسيحيةوالإسلام، ولا يخلو الأمر من مفاهيم بوذية دخلت في مذاهب غير البوذيين.
ويذكرالسحمراني وكولر أن عدد البوذيين اليوم يتجاوز الأربعمائة مليون نسمة، وهم يتواجدونفي الهند ونيبال والصين واليابان وأندونيسيا وماليزيا، ولكنَّهم يشكلون الأغلبيةالسكانية في الدول التالية: بورما، بوتان، تايلند، تايوان، سريلانكا، سنغافورة،فيتنام، كمبوديا، كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، لاوس ومنغوليا.
وإذا كانتالأمم قد شهدت وتشهد صراعات وحروباً فإنَّ مناطق انتشار البوذية نعمت بقسط من عدموجود العنف، أو أنَّها خففت من العنف والحروب على الأقل.
تعاليم البوذية وفروعها:
وتجعل البوذيةـ كما يقول البستاني أيضاّ ـ الألـم هو المحرّك للاهوت بوذا فعنده الولادة والسنوالمرض، والموت ومصادفة المكروه ومفارقة المحبوب والعجز عمّا يرام كلّها أمورمؤلمة، وإذا ما أراد الخلاص من هذا الألـم ما عليه إلاَّ أن يعمل للتخلي عن شهواتهالنفسانية والجسدية والأهواء وملاشاة جميع هذه الأسباب...
وخلاصة الأدبالبوذي إنَّما هي في اجتناب كلّ شيء رديء وعمل كلّ شيء صالح وتهذيب العقل.
أمّا ما كان منالخرافات والذبائح والتأديبات والكهنوت والفلسفة والأسرار فقد أضيف إليها مع تماديالزمان في بلدان وأحوال مختلفة.
وقد نصت تعاليم البوذية على مجموعة منالوصايا يبلغ عددها 250 وصية منها عشر جوهرية وهي ـ كما جاءت في دائرة معارفالبستاني ـ : لا تقتل، لا تسرق، كن عفيفاً، لا تكذب، لا تسكر، لا تأكل بعد الظهر،لا تغنِ ولا ترقص، وتجنّب ملابس الزينة، لا تستعمل فراشاً كبيراً، لا تقبل معادنكريمة، وخمس تتعلّق بما يجب أن يقدّم من الاحترام لبوذة والشريعة والكهنوت والسيرةالجيّدة، والصحة الجيّدة، والعلم القليل صفات كافية للدخول إلى الرهبانية حتّى فيسنّ الحداثة، ويؤمر المبتدئ أن لا يأكل إلاَّ فضلات أطعمة العوام، وأن يلبس رداء منالخرق ملطخاً، وأن يسكن بالقرب من الأشجار، وأن يستعمل بول البقر دواءً، وأن لايفتخر بقوى فوق القوى البشرية.
ويرتدي الكهنة الثياب ذات اللون الأصفروذلك دلالة على إشراقة نفوسهم، وملبوس الكهنة مؤلف من صدرية تحتية وكساء يصل إلىالركبتين ويشدّ بمنطقة يجعل على الكتف اليسرى وجميعها صفراء تلبس دائماً حتّى فيالليل ويحسب فقدها فقد صفة كهنوتية.
وقد نشأ بسبب اختلاف البلدان والشيعوالرتب الكهنوتية بعض اختلافات في اللبس، ـ ذكرت في الدارمابادا أوردها الكتور رؤوفشلبي على شكل ملحق وقد جاء فيها ـ فإنَّ اللامة يلبسون أروية قرمزية أو بنفسجيةوالمواد الحديثة والثمينة يقطعونها إلى أجزاء ثُمَّ تخلط معاً ويرشق عليها غباراتباعاً لنص شريعتهم الحرفي...
ويشترط في من يرتدي الثياب الصفراء «أنيطهروا أبدانهم من الباطن وإلاَّ فإنَّهم لا يستحقون ارتداء هذه الثياب».
ويرى البوذيونأنَّ الأعمال بنتائجها تتبع الباعث على العمل ولما كانت الطهارة الباطنية هي الباعثكانت «نتائج الأعمال تتبع الباعث على العمل كعجلات العربة تتبع حوافر الحيوان الذييشدّها».
ومن هذا المنطلق فإنَّ الزهد والفكر السليم سلاحان قويان باستطاعتهما أنيقفا في وجه الموجات الغرائزية والتحرر من نير الشهوات، والفضيلة عند بوذا هيالغاية، وقد جاء في نصوص (الدارما): «الذين يفكّرون بمنطق الفضيلة في كلّ غاياتهمومقاصدهم يزدادون قوّة على قوّة في سلامة منطقهم فلا يتقيدون برباط دنيوي أوشهواني».
كما جعل طريق الزهد والتقشف طريقاً محبباً يسلكه الحكماء بقصد الابتعادعن الطرقات المظلمة والاتجاه صوب النور: «ليستعد الرّجل الحكيم لترك طريق مظلم،وليدخل في كلّ صوب مضيء، وعندما يترك منـزله ولا يجد له محلاً يبيت فيه يكون قدحبّب لنفسه طريق الزهد والتقشف».
وهجرانه إنَّما يكون إلى الغابات حيثُيسعد الإنسان هناك فلا يُقابل أحداً من البشر العاديين، هو في رحلة ولادته ويبتعدعن الاشتغال بالبحث عن الشهوات وفي ذلك مسلك للطريق التي سلكها بوذا نفسه وكان حيثأنجبته أمّه تحت شجرة المالبيني، وتقول الدارما بادا: «الغابات هي المحل الذي يسعدالإنسان القديس الطاهر حيث لا يقابل إنساناً من البشر العاديين، لأنَّه قد تحرر منأهواء النفس، ولهذا فإنَّه يشعر بالسعادة والراحة والطمأنينة لأنَّه لا يشتغلبالبحث عن مادية تهواها نفسه».
وهذه البوذية كما سبق وأشرنا قد أثّرتفي بعض المعتقدات، فعاشوا حياة العزلة والهروب من المواجهة، يقول البوذيون: «إذاوجدنا شخصاً سجن ألفاً، ورجلاً آخر سجن هوى نفسه فإنَّ الأخير هو أفضل الذينيسيطرون على الأمور لئن يسيطر المرء على نفسه أفضل من أن يسيطر على أناس آخرين،وكلّ من يسيطر على نفسه هو الذي يستطيع أن يغسلها دائماً ويطهرها من الآثام».
أمّا على صعيدالتعاطي مع المرأة في المجتمع البوذي، فإنَّه تعاطى معها بسلبية، ومن منطلق دوني،وكان بوذا نفسه قد دعا إلى الرهبانية واعتزال المجتمع والعيش في الغابات، كما أنَّهدعا أتباعه إلى ممارسة هذه الطقوس، وهذا ما أثر سلباً على طبيعة العلاقة بين الرّجلوالمرأة، كما أوحى بأن يكون الرّجل على حذرٍ في تعاطيه معها.
وهكذا يستنتجأنَّ البوذية التي أسسها بوذا لـم تلزم أتباعها في البداية بشعار معيّن أو تفرضعليهم عبادات خاصة، ولكنَّها لـم تلبث أن تحوّلت من بعده إلى ممارسة العباداتوأقامت المعابد كما أنَّ بوذا رفض النظام الطبقي وحاربه، وآمن بالتناسخ، واتخذ منالزهد والتقشف والعزلة مساراً له ولأتباعه، ودعا إلى رهبانية قاسية وجادّة للتخلّصمن الشهوات وهوى النفس، وجعل السبيل إلى التخلّص منها ومواجهتها بقضايا أخلاقية،وجعل الطريق إلى ذلك الفرار إلى الغابات والطبيعة للتأمّل، ما جعل بذلك منهجهسلبياً في مواجهة التحدّيات.
Comment