الشعر العامي في جبل العرب
يجمع الدارسون لهذا الشعر على تسميته بالشعر العامي لأنه يجتمع على عدة أنواع من الشعر أهمها الفنون البدوية والفنون الزجلية
وليس كل الشعر العامي هو شعر نبطي لأن تسمية الشعر النبطي تسمية ملتبسة ، قد تصح على الفنون البدوية ولكنها لا تنطبق على الفنون الزجلية .
ومن أشهر أنواع الفنون البدوية
1-الشروقي
2-الجوفية
3-الهجينة
4-الحداء
5-السحجة
أما أشهر الفنون الزجلية فهي :
1-المطلوع
2-الفن
3-العتابا
4-الهولية
والميجنة والزجل بأنواعه والموليا والسويحلي
وهذه نادرة الاستخدام في الجبل
وهذا الشعر سواء أكان من الفنون البدوية أو الزجلية ، هو شعر غنائي ، فجميع فنونه تغنى ولها أوزان وإيقاعات ورقصات خاصة بكل فن من هذه الفنون ، وهذه الأوزان تتطابق مع بحور الشعر المعروفة عند العرب حيث لكل فن وزنه الخاص
أولا : عن الفنون البدوية
هنالك من يصر على تسمية هذا النوع بالشعر النبطي ويرجع في تفسير هذه الكلمة إلى مصدرين
مصدر ينسبها إلى العرب الأنباط
ومصدر ينسبها إلى كلمة استنباط من استنباط الكلام حيث يستنبط الفن من الكلام المحكي
وإن المصدر الأول أكثر توثيقا ولكن كلمة الأنباط تعود إلى نوعين من الأنباط
نبط العراق وهم من غير العرب نزلوا الكوفة والبصرة وهم من الأعاجم عملوا في استنباط الماء وإلى ذلك تعود هذه التسمية
والأنباط العرب وهم قبائل عربية هاجرت من مكة والحجاز إلى الشمال واحتلوا البتراء عاصمة الأدوميين وينسبون إلى نابت بن إسماعيل بن إبراهيم
والفارق بين أنباط العراق والأنباط العرب فعندما تقول نبطي بفتح النون والباء يعني النسبة لأنباط العراق وعندما تقول نبطي بفتح النون وتسكين الباء فهي نسبة للأنباط العرب.
والتسمية المقصودة هنا تنسب إلى العرب الأنباط رغم عدم وجود أي توثيق أو مصدر مكتوب يشير إلى ذلك
نبدأ بأنواع الفنون البدوية
وأولها وأشهرها الشروقي
الشروقي فن شعري غنائي وهو نوعان
الأول له قافيتان داخلية وخارجية وهو بدوي الرائحة واللسان يغنى على عدة ألحان على الربابة وآلات موسيقية أخرى
والثاني مربعا أو مخمسا من أربعة أو خمسة أشطر
ففي المربع حيث تكون القوافي الثلاث الأولى متغيرة والرابعة ثابتة
وفي المخمس تكون القوافي الثلاث الأولى متغيرة ولكن الرابعة والخامسة ثابتتان حيث تكون القفلة الخامسة هي عمود القصيدة
وكلمة الشروقي تنسب إلى الشرق أي شرق الأردن ويقال إلى شرق الجزيرة وليس هنالك من توثيق لهذه التسمية
ويأتي وزنه على البحر الخفيف فاعلاتن مستفعلن فعلن
مثال على النوع الأول
قصيدة الشاعر زيد الأطرش
نهاري عجاج وزاد بالليل دخان ... وعيني على الحالين كثرت وجاعه
إن نومت نومي يا خلق نوم وجعان....الليل كله بالهجس والمراعه
أو قصيدة الشاعر جاد الله سلام
ما لوم عيني لو بكت دمعها دم .....ما لومها لو طولت بسهرها
تبكي على اللي فارقوا الدار يا عم .....ومن البكا كان زاغ عنها نظرها
ومثال على الشعر المربع
قول الشاعرة تركية غبره
يا مسندي شديتلك رعبوبة ....برق لعج وحسابها محسوبة
ماتختشي من حرها والشوبة ...تدوي دوي النحل بالوديان
خزيتها صنع الشرق ماعجبا .... صربة نشامى ثورون العجبا
برق لعج قبل الندى والعجبا...... قبت كما طيرن صفق جنحان
وفي المخمس قول الشاعر نايف العبد الله
مسباحتي بالعد ست وثلاثين ....وشهودها الثنين مثل السلاطين
خردا بفردا جالسة بين صفين .... وعمود مرمر عالي العنق مدقوق
وخيطن من بلاتين ما الدهر يفنيه
مسباحتي من جوهر الكنز وهاج..... أغلى من الياقوت والتبر والعاج
أسرت مع البراق بليل معراج ...... تحميه من شهب النيازك وبروق
واليا ضمي من زمزم المي تسقيه
الجوفية
وهي فن شعري من الفنون البدوية له طبيعة غنائية خاصة متعدد الأوزان وهو شبيه جدا بالشروقي لكن يختلف عن من حيث الوزن ، فالشروقي لايأتي إلى على
البحر الخفيف بينما تتعد أوزان الجوفية ،كما أنه ليس شرطا في الجوفية أن يأتي البيت على قافيتين مكررتين فالشطر الأول قد يكون حر القافية ، بينما تبقى قافية الشطر الثاني ثابتة كما الشعر العامودي الفصيح
وينسب هذا الفن إلى منطقة الجوف في السعودية وقد انتقل إلى الجبل بواسطة العلاقات التجارية والرعوية بينهما.
أوزانه
يأتي على بحر الرجز مستفعلن مستفعلن مستفعلن
والبحر المديد ... فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
ومجزوء البسيط مستفعلن فاعلن مستفعلن
والوسيم (وهو من البحور المهملة) فاعلاتن فعولن فاعلاتن فعولن
والمتدارك فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن
وقد تأتي الجوفي ثلاثية الأشطر أو مخمسة
ففي الثلاثة تتفق القافية الأولى والثالثة ، أو أن يكرر الشطر الأول في الثالثة وتكون قافية الشطر الثاني مخالفة
والمخمسة تكون من خمسة أشطر وثلاثة قافي يتفق فيهل الأولى مع الثالثة والثانية مع الرابعة وتنفرد الخامسة بقافية تسمى القفلة.
ويتم غنائها في الجبل من قبل مجموعتين من الرجال على شكل صفين متقابلين تتولى المجموعة الأولى الغناء
وتقوم المجموعة الثانية بدور الردادة ، وقد يترجل بين المجموعتين رجلين متقابلين يقومان برقصة تسمة (الحوشي) تترافق مع التصفيق يتباريان فيها لإثارة الحماس بين الجميع وقد تنزل بعض النسوة إلى هذه الرقصة أيضا ، ويغنى هذا النوع على الربابة أيضا.
من الأمثلة عليها:
قول الشاعر صالح عمار
يالله ويلي حاجز موج البحر ....يا خالقي إليا دعينا تسمعي
تجعل سعدنا عاليا فوق البشر .... قدومنا يشبه شبيب التبعي
لاحظوا كيف أن هذه القصيدة جاء بناؤها شبيه بالشروقي حيث تتكرر القافية الأولى في الشطر الأول من كل بيت وتختلف عنها القافية الثانية في البيت نفسه
وقول الشاعر عيسى عصفور
علمن لفاني من السويدا وراعني....فزيتلو من مرقدي بكير
بالعون ربعك عالقاوفي تطاولو.... والقاف حنا نسوسها وندير
وهنا ليس هنالك من قافية موحدة للشطر الأول بينما تتكرر القافية في الأشطر الثانية من كل بيت
الثلاثية
مثالها قول الشاعر علي نفاع
ذلول ويلي نشده ...بكرة من خاص الركايب
ذلول ويلي نشده
لاملح ودي توده .....يا رسل ودي كتابي
لاملح ودي توده
ومن المخمسات قول الشاعر محمد أبو خير
راعي الموق الأدعج ... شد سيفه وسله
صاح برق تلعج ...خال دوني وهله
وارتوت به بطاحي
صار هرجي وهرجه ... بين شب وعوده
وكل منا بحرجه .... ما يميح سدوده
عند علم الصراحي
الهجينة
وهي نوع من الشعر البدوي الغنائي
وهي مأخوذة من كلمة الهجن أي الإبل ويقال أن هذا الفن أول ما قيل على ظهور الإبل وجاء هذا الفن تناسبا مع خطى الإبل ، حيث يغنيه الهجان (راكب الإبل ) ليروح عن نفسه ويؤنس وحدته ويأتي وزنها على عدة بحور
1-البحر المديد فاعلاتن فاعلن فعلن
2-بحر الرمل فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
3-البسيط مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن
ولها قافيتان كالجوفية أو الشروقي
وقد تكون قصيرة أو طويلة
تغنى إفراد يا أو جماعيا وعلى الربابة
فالقصيرة مثالها
قول الشاعر علي عبيد
طريت على بالي الديرة..... نذكر زمان لنا فاتي
مانريد حنا وطن غيره ..... لن الموطن كثيرات
أو قول الشاعرة تركية غبره
طيري غدا والقلب مكمود....ياعلتي من يداويها
الطير المربى غلاتو بزود ..ياعالم العلة تشفيها
ياربي نسمة هوا وبرود ...عالديرة اللي الغضي فيها
ومثال على الهجينة الطويلة
قول الشاعر نعمة العاقل
يا خوارد عا موارد بير زمزم ....دالعات دراع والمجول شفوف
لعن ابوهن كلهن من دون محزم ...خامصات وساطهن ضخم الردوف
أو قول الشاعر جاد الله سلام
هيه يلي راكبين على السلايل ....فوق ضمر يم طربا ناحرينه
سلموا عاربوعنا وقولو لهايل ....بالسويدا بثارنا حنا خذينا
الحداء
وهو فن شعري غنائي طربي حماسي يمتاز بالمد الصوتي
ومعناه : حدا الإبل أي زجرها وساقها ويقال سوق الإبل والغناء لها
وزنه:
1-البحر السريع : مستفعلن مستفعلن فعلن
2-مجزوء الرجز : مستفعلن مستفعلن
له قافيتان وهو نوعان
الحداء الطويل ويسمى حداء الهجن
الحداء القصير ويسمى حداء الخيل وهذا الأخير هو الأكثر استعمالا.
يقوم بغنائه شخص أو أكثر ويردد معه الآخرون
من أمثلته
في الحداء القصير
قول الشاعر فندي المتني
ياأم الوحيد وابكي عليه....والموت
ما يرحم حدا
عدونا راحت عليه .... ووراه حادينا حدا
وقول الشاعر معذى المغوش
يامير ماودها سكوت....لازم تزور بلادنا
لابد عاجلق نفوت ...وتشوف عج طرادنا
وفي الحداء الطويل
قول الشاعر صياح الأطرش
ياديرتي مالك علينا لوم ...لاتعتبي لومك على من خان
حنا روينا سيوفنا من القوم ...مانرخصك مثل العفن باثمان
السحجة
فن شعري بدوي قصصي سريع ورشيق له طابع تمثيلي
والسحجة مشتقة من الفعل سحج أي خدش أو قشر أو حك
ومصدرها من سحج الكف بالكف
تتألف قصيدة السحجة من عدة مقاطع شعرية ، وكل مقطع يتكون من بيتين ، والبيتان من أربعة أشطر وقافيتين ، للأشطر الثلاثة قافية واحدة لاتتغير وتكون الثالثة مخالفة
وزنها : على مجزوء الرجز مستفعلن مستفعلن
وقد تأتي على فاعلاتن
يغنى هذا النوع من الشعر في الأعراس
حيث تؤديه مجموعة كبيرة من الرجال يصطفون بشكل دائري ، ويقومون بالتصفيق وقاماتهم منحنية إلى الأمام ، ويتم التصفيق بطريقة السح إلى الأمام يترافق مع كلمة دحيو وهي لإثارة الحماس بينهم ثم ينزل إلى الحلقة مجموعة صغيرة من الرجال يؤدون حركات مع التصفيق السريع لتحميس الآخرين وتسمى (الدحة(
بعدها يقوم رجل أو أكثر بإنشاد السحجة ويردد الباقون بيتا واحدا معهم بقولهم
هلا هلابك يا هلا ....لا يا حليفي يا هلا
ثم ينزل رجلان أو رجل وامرأة ويؤديان حركات راقصة بطيئة تسمى الحوشي حيث يحاول كل واحد منهم أن يحوش الأخر ويبدأ التناوب بالنزول إلى الرقص .
ثم يقوم رجل ذو مكانة بين الرجال ويدخل بينهم ويمسك بيديهم لتهدأ الرقصة وتسمى هذه الحركة ربطة الحاشية
وربط الحاشية هو حالة استنكار من هذا الرجل احتجاجا على الشاعر الذي لم يذكر اسمه بالقصيدة
وهنا يتوجب على الشاعر أن يجدد الإنشاد ويبدأ بمسائلته لماذا فعل ذلك بقوله:
لا يا رباط حوشينا ...علمنا وشلك علينا
فلا يستجيب ، فيبدأ الشاعر بالإطراء عليه ثم يصل إلى المساومة ودفع مبالغ ثمنا لإطلاق أسر الحاشية .ثم يستجير بوجهاء القوم أو الشيخ ، وعندما يستجيب يطلق الحاشية ليعودا إلى الرقص، فينقلب المنشد بإنشاده ويتلو أبيات فيها سخرية وحنث بالضمانات وأنه ضحك عليه بالحيلة .
ونظرا لأن قصيدة السحجة كل متكامل يجب أن تقال كاملة حتى يتوضح معناها ، لكننا نكتفي ببعض الأبيات لعرض أمثلة عليها
قول الشيخ حسين طربيه:
قم شد الهجن الركايب ....عرامس عشرة نجايب
مثل النعام السوايب .... يرتعن بدوّ الخليانة
أصايل عليها وسامي ....من ضرب فحول ذوامي
من ساس حرار منسامي ....والحادي مبخون رسانه
أو قول الشاعر عبد الكريم الهادي
يا خويه خشف لقاني ....ضيع الفكر وذهاني
الصبح يوم اللي شفته ....عنود و قايد غزلاني
عنود و قايد الخشوفي .... ع المنهل وردون صفوفي
يا ولد قم لهن حوفي ....وأردف الأول والثاني
وقول الشاعر حمود صلاح الحناوي
يسألونك عن الفن
من الفنون الزجلية الشهيرة في الجبل ، ويكاد أن يكون أشهرها ، ويتفرد به أهل الجبل ، إذ لا ذكر له عند غيرهم.
الفن مصدر تسميته من التفنن حيث تفنن به الشعراء من حيث المبنى والمغنى والمعنى
إذا هو فن زجلي شبيه بالموشح له قفل وأغصان وقد يكون ثنائيا أو رباعيا أو أكثر وطرأ عليه بعض التعديل حيث أدخلوا عليه المخمس المردوف .
أوزانه:
يأتي على بحر الرجز : مستفعلن مستفعلن مستفعلن
وبحر الرمل: فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن.
والبحر المضارع : مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن
مجزوء المتدارك : فاعلن فاعلن فاعلن
ولهذه الأوزان جوازات كثيرة .
بنائيته : غالبا ما يأتي مربعا من بيتين في أربعة أشطر . ويتألف من مطلع وغصون فالمطلع يتألف من بيت أو بيتين وتكون قافيته هي قافية القصيدة ، حيث تعود إليها أخر قافية من كل غصن ثم تليه الأغصان وهي غير محددة العدد كما أنها غير محددة الأبيات ويجوز أن يكون القفل من بيت واحد من المطلع لا غير يكرر بعد الغصون.
والصفة الغالبة أن يكون القفل أو المطلع من أربعة أشطر تتفق قافية الشطر الأول مع الثاني مع الرابع ، ولا مانع إذا كانت القوافي الأربعة متفقة في المطلع.
ولكن في الأغصان تتوافق الأشطر الأولى المتتالية في القافية مهما كان عددها لتختم كل غصن بقافية تتوافق مع قافية المطلع أو القفل.
وقد تختلف بنائيته فتتفق القافية الأولى مع الثالثة والثانية مع الرابعة ويسمى هذا النوع المربع
وهذا النوع من الفنون يغنى على الربابة وآلات موسيقية أخرى ويؤدى جماعيا في الأعراس والأفراح حيث تصطف مجموعة من الرجال وقد تماسكت الأيادي المسبلة والكتف على الكتف بدوران بطيء عكس عقارب الساعة ويقوم واحد أو اثنان بالغناء بينما الباقون يرددون المطلع دائما بعد كل غصن .
أمثلة على الفن
الفن الشهير للشاعر عيسى عصفور (خايف ولا كنت بزماني خايف)
خايف ولا كنت بزماني خايف ....دهري فتل كيف العمل يا نايف
قلبي انكوى بنار الجوى وحر النوى .... وعمري لوى و اشوف زرعي هايف
خايف من الستين كشر نابه .... والنفس ما تدري غدت وش نابه
خطو الولد راعي البصيرة النابه ... عيونه على عشرة وما هو شايف
تعتبر بنائية هذا الفن هي الغالبة فالمطلع حدد نوعية القافية وإن اختلفت في الشطر الثالث
وجاء الغصن بعدها بقافية ثابتة في الأشطر الثلاث الأولى ليعود الشطر الرابع ويقفل الغصن بنفس قافية المطلع.
وهذا فن أخر للشاعرة سمرة الحناوي:
طاب جرحي بي لقا المحبوب طاب
...زارعٍ عا كل خدٍ ورد طاب
طاب جرحي بي لقاكم يا نديم .....قد هجرت النوح لأجلك والنديم
يوم جينا لوداعك بالنديم .............طار ريفي وانتحى عني الصواب
طار ريفي و اقبلت غبر السنين .....احظيت على الحلو بي ديم السنين
كان سني واني من فرض السنين .... أدهشتني وأوقعتني بالعذاب
يلاحظ أن المطلع هنا اكتفى ببيت واحد من شطرين ثم جاءت الأغصان بأربعة أشطر حيث تقفل القافية الرابعة على نفس قافية المطلع
وهذا فن يختلف ببنائيته للشاعر سلمان النجم
وابتديت بيوت من نظم القصود .....بي قوافي مسطرة فوق الوراج
من غبون الويل وامزاج الحقود ...... هاج بحري قام يلطم بالأمواج
بعد ذايا معتلي فوق القعود ... وليا ذومل ما توكد له عجاج
يا رسل ودي كتابي لا تنود .... لابني معروف حيدان الهياج
هذا الفن شبيه ببنائيته لقصيدة الشروقي حيث يلتزم فيه الشاعر بقافيتين طوال القصيدة ويختلف عن الشروقي من حيث الوزن ومن حيث وجوب ترديد البيت الأول وراء كل غصن عند غناءه.
يجمع الدارسون لهذا الشعر على تسميته بالشعر العامي لأنه يجتمع على عدة أنواع من الشعر أهمها الفنون البدوية والفنون الزجلية
وليس كل الشعر العامي هو شعر نبطي لأن تسمية الشعر النبطي تسمية ملتبسة ، قد تصح على الفنون البدوية ولكنها لا تنطبق على الفنون الزجلية .
ومن أشهر أنواع الفنون البدوية
1-الشروقي
2-الجوفية
3-الهجينة
4-الحداء
5-السحجة
أما أشهر الفنون الزجلية فهي :
1-المطلوع
2-الفن
3-العتابا
4-الهولية
والميجنة والزجل بأنواعه والموليا والسويحلي
وهذه نادرة الاستخدام في الجبل
وهذا الشعر سواء أكان من الفنون البدوية أو الزجلية ، هو شعر غنائي ، فجميع فنونه تغنى ولها أوزان وإيقاعات ورقصات خاصة بكل فن من هذه الفنون ، وهذه الأوزان تتطابق مع بحور الشعر المعروفة عند العرب حيث لكل فن وزنه الخاص
أولا : عن الفنون البدوية
هنالك من يصر على تسمية هذا النوع بالشعر النبطي ويرجع في تفسير هذه الكلمة إلى مصدرين
مصدر ينسبها إلى العرب الأنباط
ومصدر ينسبها إلى كلمة استنباط من استنباط الكلام حيث يستنبط الفن من الكلام المحكي
وإن المصدر الأول أكثر توثيقا ولكن كلمة الأنباط تعود إلى نوعين من الأنباط
نبط العراق وهم من غير العرب نزلوا الكوفة والبصرة وهم من الأعاجم عملوا في استنباط الماء وإلى ذلك تعود هذه التسمية
والأنباط العرب وهم قبائل عربية هاجرت من مكة والحجاز إلى الشمال واحتلوا البتراء عاصمة الأدوميين وينسبون إلى نابت بن إسماعيل بن إبراهيم
والفارق بين أنباط العراق والأنباط العرب فعندما تقول نبطي بفتح النون والباء يعني النسبة لأنباط العراق وعندما تقول نبطي بفتح النون وتسكين الباء فهي نسبة للأنباط العرب.
والتسمية المقصودة هنا تنسب إلى العرب الأنباط رغم عدم وجود أي توثيق أو مصدر مكتوب يشير إلى ذلك
نبدأ بأنواع الفنون البدوية
وأولها وأشهرها الشروقي
الشروقي فن شعري غنائي وهو نوعان
الأول له قافيتان داخلية وخارجية وهو بدوي الرائحة واللسان يغنى على عدة ألحان على الربابة وآلات موسيقية أخرى
والثاني مربعا أو مخمسا من أربعة أو خمسة أشطر
ففي المربع حيث تكون القوافي الثلاث الأولى متغيرة والرابعة ثابتة
وفي المخمس تكون القوافي الثلاث الأولى متغيرة ولكن الرابعة والخامسة ثابتتان حيث تكون القفلة الخامسة هي عمود القصيدة
وكلمة الشروقي تنسب إلى الشرق أي شرق الأردن ويقال إلى شرق الجزيرة وليس هنالك من توثيق لهذه التسمية
ويأتي وزنه على البحر الخفيف فاعلاتن مستفعلن فعلن
مثال على النوع الأول
قصيدة الشاعر زيد الأطرش
نهاري عجاج وزاد بالليل دخان ... وعيني على الحالين كثرت وجاعه
إن نومت نومي يا خلق نوم وجعان....الليل كله بالهجس والمراعه
أو قصيدة الشاعر جاد الله سلام
ما لوم عيني لو بكت دمعها دم .....ما لومها لو طولت بسهرها
تبكي على اللي فارقوا الدار يا عم .....ومن البكا كان زاغ عنها نظرها
ومثال على الشعر المربع
قول الشاعرة تركية غبره
يا مسندي شديتلك رعبوبة ....برق لعج وحسابها محسوبة
ماتختشي من حرها والشوبة ...تدوي دوي النحل بالوديان
خزيتها صنع الشرق ماعجبا .... صربة نشامى ثورون العجبا
برق لعج قبل الندى والعجبا...... قبت كما طيرن صفق جنحان
وفي المخمس قول الشاعر نايف العبد الله
مسباحتي بالعد ست وثلاثين ....وشهودها الثنين مثل السلاطين
خردا بفردا جالسة بين صفين .... وعمود مرمر عالي العنق مدقوق
وخيطن من بلاتين ما الدهر يفنيه
مسباحتي من جوهر الكنز وهاج..... أغلى من الياقوت والتبر والعاج
أسرت مع البراق بليل معراج ...... تحميه من شهب النيازك وبروق
واليا ضمي من زمزم المي تسقيه
الجوفية
وهي فن شعري من الفنون البدوية له طبيعة غنائية خاصة متعدد الأوزان وهو شبيه جدا بالشروقي لكن يختلف عن من حيث الوزن ، فالشروقي لايأتي إلى على
البحر الخفيف بينما تتعد أوزان الجوفية ،كما أنه ليس شرطا في الجوفية أن يأتي البيت على قافيتين مكررتين فالشطر الأول قد يكون حر القافية ، بينما تبقى قافية الشطر الثاني ثابتة كما الشعر العامودي الفصيح
وينسب هذا الفن إلى منطقة الجوف في السعودية وقد انتقل إلى الجبل بواسطة العلاقات التجارية والرعوية بينهما.
أوزانه
يأتي على بحر الرجز مستفعلن مستفعلن مستفعلن
والبحر المديد ... فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
ومجزوء البسيط مستفعلن فاعلن مستفعلن
والوسيم (وهو من البحور المهملة) فاعلاتن فعولن فاعلاتن فعولن
والمتدارك فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن
وقد تأتي الجوفي ثلاثية الأشطر أو مخمسة
ففي الثلاثة تتفق القافية الأولى والثالثة ، أو أن يكرر الشطر الأول في الثالثة وتكون قافية الشطر الثاني مخالفة
والمخمسة تكون من خمسة أشطر وثلاثة قافي يتفق فيهل الأولى مع الثالثة والثانية مع الرابعة وتنفرد الخامسة بقافية تسمى القفلة.
ويتم غنائها في الجبل من قبل مجموعتين من الرجال على شكل صفين متقابلين تتولى المجموعة الأولى الغناء
وتقوم المجموعة الثانية بدور الردادة ، وقد يترجل بين المجموعتين رجلين متقابلين يقومان برقصة تسمة (الحوشي) تترافق مع التصفيق يتباريان فيها لإثارة الحماس بين الجميع وقد تنزل بعض النسوة إلى هذه الرقصة أيضا ، ويغنى هذا النوع على الربابة أيضا.
من الأمثلة عليها:
قول الشاعر صالح عمار
يالله ويلي حاجز موج البحر ....يا خالقي إليا دعينا تسمعي
تجعل سعدنا عاليا فوق البشر .... قدومنا يشبه شبيب التبعي
لاحظوا كيف أن هذه القصيدة جاء بناؤها شبيه بالشروقي حيث تتكرر القافية الأولى في الشطر الأول من كل بيت وتختلف عنها القافية الثانية في البيت نفسه
وقول الشاعر عيسى عصفور
علمن لفاني من السويدا وراعني....فزيتلو من مرقدي بكير
بالعون ربعك عالقاوفي تطاولو.... والقاف حنا نسوسها وندير
وهنا ليس هنالك من قافية موحدة للشطر الأول بينما تتكرر القافية في الأشطر الثانية من كل بيت
الثلاثية
مثالها قول الشاعر علي نفاع
ذلول ويلي نشده ...بكرة من خاص الركايب
ذلول ويلي نشده
لاملح ودي توده .....يا رسل ودي كتابي
لاملح ودي توده
ومن المخمسات قول الشاعر محمد أبو خير
راعي الموق الأدعج ... شد سيفه وسله
صاح برق تلعج ...خال دوني وهله
وارتوت به بطاحي
صار هرجي وهرجه ... بين شب وعوده
وكل منا بحرجه .... ما يميح سدوده
عند علم الصراحي
الهجينة
وهي نوع من الشعر البدوي الغنائي
وهي مأخوذة من كلمة الهجن أي الإبل ويقال أن هذا الفن أول ما قيل على ظهور الإبل وجاء هذا الفن تناسبا مع خطى الإبل ، حيث يغنيه الهجان (راكب الإبل ) ليروح عن نفسه ويؤنس وحدته ويأتي وزنها على عدة بحور
1-البحر المديد فاعلاتن فاعلن فعلن
2-بحر الرمل فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
3-البسيط مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن
ولها قافيتان كالجوفية أو الشروقي
وقد تكون قصيرة أو طويلة
تغنى إفراد يا أو جماعيا وعلى الربابة
فالقصيرة مثالها
قول الشاعر علي عبيد
طريت على بالي الديرة..... نذكر زمان لنا فاتي
مانريد حنا وطن غيره ..... لن الموطن كثيرات
أو قول الشاعرة تركية غبره
طيري غدا والقلب مكمود....ياعلتي من يداويها
الطير المربى غلاتو بزود ..ياعالم العلة تشفيها
ياربي نسمة هوا وبرود ...عالديرة اللي الغضي فيها
ومثال على الهجينة الطويلة
قول الشاعر نعمة العاقل
يا خوارد عا موارد بير زمزم ....دالعات دراع والمجول شفوف
لعن ابوهن كلهن من دون محزم ...خامصات وساطهن ضخم الردوف
أو قول الشاعر جاد الله سلام
هيه يلي راكبين على السلايل ....فوق ضمر يم طربا ناحرينه
سلموا عاربوعنا وقولو لهايل ....بالسويدا بثارنا حنا خذينا
الحداء
وهو فن شعري غنائي طربي حماسي يمتاز بالمد الصوتي
ومعناه : حدا الإبل أي زجرها وساقها ويقال سوق الإبل والغناء لها
وزنه:
1-البحر السريع : مستفعلن مستفعلن فعلن
2-مجزوء الرجز : مستفعلن مستفعلن
له قافيتان وهو نوعان
الحداء الطويل ويسمى حداء الهجن
الحداء القصير ويسمى حداء الخيل وهذا الأخير هو الأكثر استعمالا.
يقوم بغنائه شخص أو أكثر ويردد معه الآخرون
من أمثلته
في الحداء القصير
قول الشاعر فندي المتني
ياأم الوحيد وابكي عليه....والموت
ما يرحم حدا
عدونا راحت عليه .... ووراه حادينا حدا
وقول الشاعر معذى المغوش
يامير ماودها سكوت....لازم تزور بلادنا
لابد عاجلق نفوت ...وتشوف عج طرادنا
وفي الحداء الطويل
قول الشاعر صياح الأطرش
ياديرتي مالك علينا لوم ...لاتعتبي لومك على من خان
حنا روينا سيوفنا من القوم ...مانرخصك مثل العفن باثمان
السحجة
فن شعري بدوي قصصي سريع ورشيق له طابع تمثيلي
والسحجة مشتقة من الفعل سحج أي خدش أو قشر أو حك
ومصدرها من سحج الكف بالكف
تتألف قصيدة السحجة من عدة مقاطع شعرية ، وكل مقطع يتكون من بيتين ، والبيتان من أربعة أشطر وقافيتين ، للأشطر الثلاثة قافية واحدة لاتتغير وتكون الثالثة مخالفة
وزنها : على مجزوء الرجز مستفعلن مستفعلن
وقد تأتي على فاعلاتن
يغنى هذا النوع من الشعر في الأعراس
حيث تؤديه مجموعة كبيرة من الرجال يصطفون بشكل دائري ، ويقومون بالتصفيق وقاماتهم منحنية إلى الأمام ، ويتم التصفيق بطريقة السح إلى الأمام يترافق مع كلمة دحيو وهي لإثارة الحماس بينهم ثم ينزل إلى الحلقة مجموعة صغيرة من الرجال يؤدون حركات مع التصفيق السريع لتحميس الآخرين وتسمى (الدحة(
بعدها يقوم رجل أو أكثر بإنشاد السحجة ويردد الباقون بيتا واحدا معهم بقولهم
هلا هلابك يا هلا ....لا يا حليفي يا هلا
ثم ينزل رجلان أو رجل وامرأة ويؤديان حركات راقصة بطيئة تسمى الحوشي حيث يحاول كل واحد منهم أن يحوش الأخر ويبدأ التناوب بالنزول إلى الرقص .
ثم يقوم رجل ذو مكانة بين الرجال ويدخل بينهم ويمسك بيديهم لتهدأ الرقصة وتسمى هذه الحركة ربطة الحاشية
وربط الحاشية هو حالة استنكار من هذا الرجل احتجاجا على الشاعر الذي لم يذكر اسمه بالقصيدة
وهنا يتوجب على الشاعر أن يجدد الإنشاد ويبدأ بمسائلته لماذا فعل ذلك بقوله:
لا يا رباط حوشينا ...علمنا وشلك علينا
فلا يستجيب ، فيبدأ الشاعر بالإطراء عليه ثم يصل إلى المساومة ودفع مبالغ ثمنا لإطلاق أسر الحاشية .ثم يستجير بوجهاء القوم أو الشيخ ، وعندما يستجيب يطلق الحاشية ليعودا إلى الرقص، فينقلب المنشد بإنشاده ويتلو أبيات فيها سخرية وحنث بالضمانات وأنه ضحك عليه بالحيلة .
ونظرا لأن قصيدة السحجة كل متكامل يجب أن تقال كاملة حتى يتوضح معناها ، لكننا نكتفي ببعض الأبيات لعرض أمثلة عليها
قول الشيخ حسين طربيه:
قم شد الهجن الركايب ....عرامس عشرة نجايب
مثل النعام السوايب .... يرتعن بدوّ الخليانة
أصايل عليها وسامي ....من ضرب فحول ذوامي
من ساس حرار منسامي ....والحادي مبخون رسانه
أو قول الشاعر عبد الكريم الهادي
يا خويه خشف لقاني ....ضيع الفكر وذهاني
الصبح يوم اللي شفته ....عنود و قايد غزلاني
عنود و قايد الخشوفي .... ع المنهل وردون صفوفي
يا ولد قم لهن حوفي ....وأردف الأول والثاني
وقول الشاعر حمود صلاح الحناوي
يا للي ربطت حويشية ...علمني وشلك عليه
حنا عليك بوجاها ..... ترد الحاشي عليه
حنا عليك بوجاها ...يا ولد واقبل الجاها
افرش عباتك نملاها...فضة من عملة سورية
لاحظوا الفرق في بنائية القصيدة في الأمثلة السابقة
ففي قصيدة الشيخ طربيه جاءت القافية مكررة في الأشطر الثلاث الأولى واختلفت في الرابعة
بينما نرى في قصيدتي الشاعرين الحناوي والهادي مزج في طريقة القافية حيث تتكرر القافية في الشطر الأول والثاني والرابع في مطلع القصيدة ثم يعود إلى توحيد الأشطر الثلاثة الأولى في قافيتها ويختلف الرابع
حنا عليك بوجاها ..... ترد الحاشي عليه
حنا عليك بوجاها ...يا ولد واقبل الجاها
افرش عباتك نملاها...فضة من عملة سورية
لاحظوا الفرق في بنائية القصيدة في الأمثلة السابقة
ففي قصيدة الشيخ طربيه جاءت القافية مكررة في الأشطر الثلاث الأولى واختلفت في الرابعة
بينما نرى في قصيدتي الشاعرين الحناوي والهادي مزج في طريقة القافية حيث تتكرر القافية في الشطر الأول والثاني والرابع في مطلع القصيدة ثم يعود إلى توحيد الأشطر الثلاثة الأولى في قافيتها ويختلف الرابع
المطلوع
هو فن زجلي شبيه بالموشح له مطلع ثم القفل والأغصان والخرجة .
وجاءت تسمية المطلوع من الفعل طلع ، مطلع ، ، لأنه مطلع القصيدة الزجلية ،وغلبت عليه تسمية مطلوع حسب اللهجة الدارجة ، ثم أطلق الاسم على كامل القصيدة.
يأتي وزنه على البحر السريع : مستفعلن مستفعلن فعلن ، وقد تطرأ عليه زيادات وزحافات عديدة
ويشبهه البعض بالموشحات الأندلسية ، بل يقولون أن الموشحات هي مصدر جميع الفنون الزجلية .
بنائيته
يبدأ المطلوع بالقفل ويتكون من بيتين أو أكثر يجوز فيها تعدد القوافي ومثال على القفل:
يا بو خدود ظراف ورديات .....ونهود طلع التين والرمان
ونهود طلع التين والتفاح ...... معشوقهم قديش جاح وناح
ثم تأتي القفلة وهي شطر واحد يأتي بعد القفل ويمكن الاستغناء عنها وهي خاتمة القفل وقد تتكرر قافيتها حتى النهاية لتشكل عمود القصيدة ومثالها الشطر التالي من نفس القصيدة:
يا ما هفي بالهجر يا ما راح
بعدها تأتي الأغصان وهي عبارة عن أبيات قصيرة مجزوءة يجوز أن تكون الأشطر الأولى مقفاة ويجوز ألا تقفى كما يجوز أن تتعدد القوافي وهذه الأبيات غير محددة ومثالها من نفس القصيدة:
منقبل ناس كثير ....ماتوا بحسرتهم
من الهم والتشحير ....كبرت مصيبتهم
يشدا رفيف الطير...قلبي بغيبتهم
يا ناس ما التدبير ...تنشوف طلعتهم
ثم تأتي الخرجة وهي أخر بيت في القصيدة و تجوز القصيدة بدونها ومثاله من نفس القصيدة :
و نشاهدو ونشرب معاه الراح ...ونبوس فمو خاتم سليمان
والمطلوع لاتحكمه قاعدة ثابتة أزلية فالقفل فيه قد تتعدد فيه الأبيات والقوافي والقفلة قد تكون أو لاتكون ، والأغصان قد تقل وتكثر ، والخرجة أيضا قد تكون أو لاتكون. وقد ترد فيه بعض الكلمات الفصيحة حيث يجب أن تقرأ بالفصحى.
يلحن هذا النوع من القصائد على الربابة أو آلات موسيقية أخرى ويغنى إفراديا.
وقد أشار الباحث محمد جابر إلى التشابه بين المطلوع والفن من جهة وبين أحد المنظومات الزجلية الأندلسية للشاعر الأندلسي أبي الحسن الششتري والتي تقول:
شويخ من أرض مكناس .....وسط الاسواق يغني
إش علي من الناس.......وش على الناس مني
إش علي يا صاحب من جميع الخلايق
افعل الخير تنجو واتبع أهل الحقايق
لا تقل يا بني كلمة إلا إذا كنت صادق
خذ كلامي في قرطاس ....واكتبو حرز عني
إش علي من الناس ...وش على الناس مني
ثم قول مبين ....ولا يحتاج عباره
إش على حد من حد ...إفهمو ذي الإشارة
وانظروا كبر سني ...والعصا والغراره
هكذا عشت في فاس ............وكذا هون هني
إش علي من الناس ...وش على الناس مني
لاحظوا كيف جاءت بنائيته ووزنه متشابهة جدا مع المطلوع عندنا وقارنوه مع القصيدة التالية للشاعر منصور عزام
مال الشقي أثنى الطريق وتاه ........يا ليته ما رد لا مأواه
إذا ثبت أو ما ثبت عبدِ ............في الحالتين أولى به مولاه
إذا ثبت أو ما ثبت عبدِ
واليوم عني شد منفرد
عني تنحى ماله رد
يا ليته ما رد ........ مالي ومال الناس
إذا بني ينهد .........بعداً عن الأساس
من قبل أن يرتد ...عكر صفاء الكاس
لاقيت كل الضد ....والشك والوسواس
لعلاع قال وقيل ..رفيقه خسران
إذا صنعت جميل ...من طبعه النكران
مع كل ميل يميل...يستاهل الهجران
ويسوس بالتعطيل ...ليس له غفران
لو يبلغ الإنجيل والتوراة
لو يبلغ الإنجيل والأسفار
الدين درهم ربه الدينار
مسياره من دار إلى دار
متجول ويروح ...لغيرها ويدور
كالسنبل الملفوح .... على الثرى منثور
ظننته ملفوح .......لكن طلع في البور
لاقيته مجروح ....لا طب للمذكور
لما بدا طموح طلقناه
لما بدا طموح باق وراح
فيا ترى كيف انتحى وزاح
لكننا بفراقه نرتاح
والقصيدة طويلة
وجاءت تسمية المطلوع من الفعل طلع ، مطلع ، ، لأنه مطلع القصيدة الزجلية ،وغلبت عليه تسمية مطلوع حسب اللهجة الدارجة ، ثم أطلق الاسم على كامل القصيدة.
يأتي وزنه على البحر السريع : مستفعلن مستفعلن فعلن ، وقد تطرأ عليه زيادات وزحافات عديدة
ويشبهه البعض بالموشحات الأندلسية ، بل يقولون أن الموشحات هي مصدر جميع الفنون الزجلية .
بنائيته
يبدأ المطلوع بالقفل ويتكون من بيتين أو أكثر يجوز فيها تعدد القوافي ومثال على القفل:
يا بو خدود ظراف ورديات .....ونهود طلع التين والرمان
ونهود طلع التين والتفاح ...... معشوقهم قديش جاح وناح
ثم تأتي القفلة وهي شطر واحد يأتي بعد القفل ويمكن الاستغناء عنها وهي خاتمة القفل وقد تتكرر قافيتها حتى النهاية لتشكل عمود القصيدة ومثالها الشطر التالي من نفس القصيدة:
يا ما هفي بالهجر يا ما راح
بعدها تأتي الأغصان وهي عبارة عن أبيات قصيرة مجزوءة يجوز أن تكون الأشطر الأولى مقفاة ويجوز ألا تقفى كما يجوز أن تتعدد القوافي وهذه الأبيات غير محددة ومثالها من نفس القصيدة:
منقبل ناس كثير ....ماتوا بحسرتهم
من الهم والتشحير ....كبرت مصيبتهم
يشدا رفيف الطير...قلبي بغيبتهم
يا ناس ما التدبير ...تنشوف طلعتهم
ثم تأتي الخرجة وهي أخر بيت في القصيدة و تجوز القصيدة بدونها ومثاله من نفس القصيدة :
و نشاهدو ونشرب معاه الراح ...ونبوس فمو خاتم سليمان
والمطلوع لاتحكمه قاعدة ثابتة أزلية فالقفل فيه قد تتعدد فيه الأبيات والقوافي والقفلة قد تكون أو لاتكون ، والأغصان قد تقل وتكثر ، والخرجة أيضا قد تكون أو لاتكون. وقد ترد فيه بعض الكلمات الفصيحة حيث يجب أن تقرأ بالفصحى.
يلحن هذا النوع من القصائد على الربابة أو آلات موسيقية أخرى ويغنى إفراديا.
وقد أشار الباحث محمد جابر إلى التشابه بين المطلوع والفن من جهة وبين أحد المنظومات الزجلية الأندلسية للشاعر الأندلسي أبي الحسن الششتري والتي تقول:
شويخ من أرض مكناس .....وسط الاسواق يغني
إش علي من الناس.......وش على الناس مني
إش علي يا صاحب من جميع الخلايق
افعل الخير تنجو واتبع أهل الحقايق
لا تقل يا بني كلمة إلا إذا كنت صادق
خذ كلامي في قرطاس ....واكتبو حرز عني
إش علي من الناس ...وش على الناس مني
ثم قول مبين ....ولا يحتاج عباره
إش على حد من حد ...إفهمو ذي الإشارة
وانظروا كبر سني ...والعصا والغراره
هكذا عشت في فاس ............وكذا هون هني
إش علي من الناس ...وش على الناس مني
لاحظوا كيف جاءت بنائيته ووزنه متشابهة جدا مع المطلوع عندنا وقارنوه مع القصيدة التالية للشاعر منصور عزام
مال الشقي أثنى الطريق وتاه ........يا ليته ما رد لا مأواه
إذا ثبت أو ما ثبت عبدِ ............في الحالتين أولى به مولاه
إذا ثبت أو ما ثبت عبدِ
واليوم عني شد منفرد
عني تنحى ماله رد
يا ليته ما رد ........ مالي ومال الناس
إذا بني ينهد .........بعداً عن الأساس
من قبل أن يرتد ...عكر صفاء الكاس
لاقيت كل الضد ....والشك والوسواس
لعلاع قال وقيل ..رفيقه خسران
إذا صنعت جميل ...من طبعه النكران
مع كل ميل يميل...يستاهل الهجران
ويسوس بالتعطيل ...ليس له غفران
لو يبلغ الإنجيل والتوراة
لو يبلغ الإنجيل والأسفار
الدين درهم ربه الدينار
مسياره من دار إلى دار
متجول ويروح ...لغيرها ويدور
كالسنبل الملفوح .... على الثرى منثور
ظننته ملفوح .......لكن طلع في البور
لاقيته مجروح ....لا طب للمذكور
لما بدا طموح طلقناه
لما بدا طموح باق وراح
فيا ترى كيف انتحى وزاح
لكننا بفراقه نرتاح
والقصيدة طويلة
من الفنون الزجلية الشهيرة في الجبل ، ويكاد أن يكون أشهرها ، ويتفرد به أهل الجبل ، إذ لا ذكر له عند غيرهم.
الفن مصدر تسميته من التفنن حيث تفنن به الشعراء من حيث المبنى والمغنى والمعنى
إذا هو فن زجلي شبيه بالموشح له قفل وأغصان وقد يكون ثنائيا أو رباعيا أو أكثر وطرأ عليه بعض التعديل حيث أدخلوا عليه المخمس المردوف .
أوزانه:
يأتي على بحر الرجز : مستفعلن مستفعلن مستفعلن
وبحر الرمل: فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن.
والبحر المضارع : مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن
مجزوء المتدارك : فاعلن فاعلن فاعلن
ولهذه الأوزان جوازات كثيرة .
بنائيته : غالبا ما يأتي مربعا من بيتين في أربعة أشطر . ويتألف من مطلع وغصون فالمطلع يتألف من بيت أو بيتين وتكون قافيته هي قافية القصيدة ، حيث تعود إليها أخر قافية من كل غصن ثم تليه الأغصان وهي غير محددة العدد كما أنها غير محددة الأبيات ويجوز أن يكون القفل من بيت واحد من المطلع لا غير يكرر بعد الغصون.
والصفة الغالبة أن يكون القفل أو المطلع من أربعة أشطر تتفق قافية الشطر الأول مع الثاني مع الرابع ، ولا مانع إذا كانت القوافي الأربعة متفقة في المطلع.
ولكن في الأغصان تتوافق الأشطر الأولى المتتالية في القافية مهما كان عددها لتختم كل غصن بقافية تتوافق مع قافية المطلع أو القفل.
وقد تختلف بنائيته فتتفق القافية الأولى مع الثالثة والثانية مع الرابعة ويسمى هذا النوع المربع
وهذا النوع من الفنون يغنى على الربابة وآلات موسيقية أخرى ويؤدى جماعيا في الأعراس والأفراح حيث تصطف مجموعة من الرجال وقد تماسكت الأيادي المسبلة والكتف على الكتف بدوران بطيء عكس عقارب الساعة ويقوم واحد أو اثنان بالغناء بينما الباقون يرددون المطلع دائما بعد كل غصن .
أمثلة على الفن
الفن الشهير للشاعر عيسى عصفور (خايف ولا كنت بزماني خايف)
خايف ولا كنت بزماني خايف ....دهري فتل كيف العمل يا نايف
قلبي انكوى بنار الجوى وحر النوى .... وعمري لوى و اشوف زرعي هايف
خايف من الستين كشر نابه .... والنفس ما تدري غدت وش نابه
خطو الولد راعي البصيرة النابه ... عيونه على عشرة وما هو شايف
تعتبر بنائية هذا الفن هي الغالبة فالمطلع حدد نوعية القافية وإن اختلفت في الشطر الثالث
وجاء الغصن بعدها بقافية ثابتة في الأشطر الثلاث الأولى ليعود الشطر الرابع ويقفل الغصن بنفس قافية المطلع.
وهذا فن أخر للشاعرة سمرة الحناوي:
طاب جرحي بي لقا المحبوب طاب
...زارعٍ عا كل خدٍ ورد طاب
طاب جرحي بي لقاكم يا نديم .....قد هجرت النوح لأجلك والنديم
يوم جينا لوداعك بالنديم .............طار ريفي وانتحى عني الصواب
طار ريفي و اقبلت غبر السنين .....احظيت على الحلو بي ديم السنين
كان سني واني من فرض السنين .... أدهشتني وأوقعتني بالعذاب
يلاحظ أن المطلع هنا اكتفى ببيت واحد من شطرين ثم جاءت الأغصان بأربعة أشطر حيث تقفل القافية الرابعة على نفس قافية المطلع
وهذا فن يختلف ببنائيته للشاعر سلمان النجم
وابتديت بيوت من نظم القصود .....بي قوافي مسطرة فوق الوراج
من غبون الويل وامزاج الحقود ...... هاج بحري قام يلطم بالأمواج
بعد ذايا معتلي فوق القعود ... وليا ذومل ما توكد له عجاج
يا رسل ودي كتابي لا تنود .... لابني معروف حيدان الهياج
هذا الفن شبيه ببنائيته لقصيدة الشروقي حيث يلتزم فيه الشاعر بقافيتين طوال القصيدة ويختلف عن الشروقي من حيث الوزن ومن حيث وجوب ترديد البيت الأول وراء كل غصن عند غناءه.
وهذا نوع أخر من الفن للشاعر حامد العقباني
الحشم من ريقو اسقاني.... شراب الموز
حاكيتو وما نباني ...... بو ثويب الروز
حاكيتو ظلو قافي ....عيا لا يرد
مدري الزريف مجافي.... ولا ملزوز
مدري الزريف مجافي ....ولا مزعول
سالب من جسمي العافي ... زريف الطول
يا حشم الزعل كافي .... من دون أصول
كنك راضي بخلافي .... مالي بك عوز
كنك راضي بغيري .... الله يهنيك
صدقني ثوب العيري .....ما بدفيك
لولا خوفي من الجيري ...كنت بشنيك
من شهبا لشنيري ..... وخربة الغروز
يلاحظ أن بنائية هذا الفن تختلف عن الفن الدارج وهي أشبه بالمطلوع من حيث تعدد القوافي ولكن الالتزام بالقافية الأولى دائما يعود لتختم قفلة كل غصن
الحشم من ريقو اسقاني.... شراب الموز
حاكيتو وما نباني ...... بو ثويب الروز
حاكيتو ظلو قافي ....عيا لا يرد
مدري الزريف مجافي.... ولا ملزوز
مدري الزريف مجافي ....ولا مزعول
سالب من جسمي العافي ... زريف الطول
يا حشم الزعل كافي .... من دون أصول
كنك راضي بخلافي .... مالي بك عوز
كنك راضي بغيري .... الله يهنيك
صدقني ثوب العيري .....ما بدفيك
لولا خوفي من الجيري ...كنت بشنيك
من شهبا لشنيري ..... وخربة الغروز
يلاحظ أن بنائية هذا الفن تختلف عن الفن الدارج وهي أشبه بالمطلوع من حيث تعدد القوافي ولكن الالتزام بالقافية الأولى دائما يعود لتختم قفلة كل غصن
Comment