معزوفة بالوتر الأسود
شادي حلاق
سَكبَ الوقتُ العتْمةَ في كأسِ الآفاقِ
فأغرَقَنا في وحلِ الليلْ
نَسَلَ النورَ الأبيضَ منْ عينينا
و رمى نوراً أسودَ في العينينْ .
و ليالي شَعركِ تمتصُّ الليلَ
لتَنْقُلَني
مع هذا الليلِ فأغرقُ في ليلينْ .
تتوترُ أعصابُ الليلْ
تتشعَّبُ في جسدِ العَتْمَةِ أمواساً
تزحَفُ ... تَزْحَفُ فيهْ
تَجْرَحُ جلدَ الليلِ فَتَقْطُرُ زخاتٌ
منْ دَمِهِ
المصنوعِ منَ التاريخِ و تهطلُ فوقَ
شراشِفِ روحي
توخِزُ أحزاني توقِظُها
تَسري في ذاكرتي برقاً
حتى تقسمَها وجهينْ
يَلبسُني وجهُ التاريخِ و ألبسُ وجهَ
المستقبلِ
أمشي نهراً ضوئياً بينَ الوجهينِ
فَيَشْطُرُني سيفُ الليلِ
و تَعبُرُني قافلةٌ منْ رائحَةِ الدمعِ
و قافلةٌ منْ رائحةِ الدمْ
((تَرْسُمُني مخلوقاً (( دَمـْدَمْعِيّاً
أمسكُ بالوترِ الليليِّ و أعزفُ أغنيتي
فَتسيلُ الموسيقى زخاتٍ زخاتْ ،
أمواجاً أمواجاً ،
أنهارَ دموعٍ سوداءْ
أطرقُ بابَ الليلِ و أطرقُ ، أطرقُ ،
أطرقُ ،
لا أحدٌ يسمعني
فألملمُ منْ أذنِ الليلِ ، ألملمُ جثَثَ
الطَّرْقاتِ
و أدفُنُها في مقبرةِ الشهداءْ
أصطادُ منَ الآفاقِ رنينَ الطَّرْقاتِ
و أسكُبُها في كأسٍ منْ حزنٍ
أشرَبُها حتى السكْرِ فألمحُ وجهَكِ في
قعرِ الكأسِ كئيباً و يُناديني بالصمتِ
و يَبكي دونَ دموعٍ فأُغني :
ضُميني يا عاصمةَ الأحزانِ و يا قلبَ
الجسدِ الكرويّْ
يا منْ ضخَّتْ دَمَها حُبّا حتى آخرِ
أطرافِ شعيراتٍ بشريَّة ْ
ضخَّتْ دَمَها أسراباً أسرابْ
يا منْ تَرضعُ منْ ثديِ الأيامِ حليبَ
الموتِ
و تُرضِعُ أبناءَ الأرضِ حليبَ حياةْ
تعصرُ منْ عينيها وطناً ليَعودَ
الغُيَّابْ
يا منْ تَدخلُ كالآتي ، المسنونِ ،
بخاصرةِ التاريخِ
و تبني مستقبلََها بيديها
ليصيرَ المستقبلُ بيتاً مفتوحَ
الأبوابْ
يا منْ لبستْ كلَّ الليلِ
و ما خلَّتْ للحزنِ ثيابْ
* * *
نرسم وجه الأيام علينا باللون الليليِّ
عساها تغدو ـ يوما ـ صبحاْ
نغمس بالأسودِ أوجاعَ الأرضِ
لكي تتبخرَ ، تصبح غيماتٍ
تهطل فوقَ التربةِ قمحاْ
نَفْرُشُ فوقَ الليلِ عباءتنا السوداءَ
، نغطيهِ .
نحن الليل ، وهذا الليل الـ نعرفه
يُوحَى
و أنا أنتِ ، و أنتِ أنا
من دمعاتك ـ تلك ـ تَكوّنَ جسمي
و من العينين أخذت الرّوحاْ .
صبّي حزنك بين الناس ِ
يَنبت من عينيهم عيدُ
دوري من عزف الكاس ِ
كي نُنْشدَ :
دو ري مي فا صول لا سي
* * *
ما زلنا نحنُ الاثنان وحيدين
نسيرُ على حبلِ وريدٍ ـ منّا ـ منفردٍ
عينانا وَسعتْ كلَّ الدنيا ,
و الدنيا نهرٌ عذبٌ يُسكبُ في تابوتْ
ضمّيني أكثر، أكثر، أكثرَ
فالأرضُ اهتزّتْ
و الجوُّ بداخلنا رعدٌ و رصاصٌ
صرنا الآن غشاءَ الصمتِ الـ يخرُقُهُ
سيفُ الصوتْ .
تعدو الأفراحُ على أرصفةِ و هامشِ
شارعنا
وبقينا في منتصفِ الشارعِ حزناً
مجروحاً ،
يتّكئُ ـ الآن ـ على صبرِهْ
و يُضمِّدُ جرحَهُ ـ هذا ـ بلفافةِ صمتْ
، ـ
يغمرنا بالوحلِ الأسودِ ، يشعرنا
بالموتِ الضاحكِ ,
نضحكُ ، نضحكُ ، نضحكُ ...
حتى اهتزَّتْ خاصرةُ الموتْ
فارتعشتْ كلُّ زوايا الآفاقْ .
أجملُ منْ كلِّ الأشياءِ و أصعبْ
وجهٌ رُسمتْ فيه البسمةَُ و هو يموتْ .
أحتاجكِ يا وطناً من أنثى
يا امرأةً كاملةً تحضنني بينَ ذراعيها
تغرسُ في صدري خنجرَ نهديها
تقتلني ، تقتلني
ثمَّ تثورُ و تبكي ، تحملني بالدّمعِ
و تقبرني في العينينْ
أحتاجكِ يا امرأةً
لا تَصنَعُ بينَ القلبين إشاراتِ مرورٍ
أو قانونْ
أحتاجكِ يا امرأةً
تَدْخُلُ روحاً فيَّ و أَدخلُ روحاً
فيها
أصبِحُها ، تُصبِحُني ,
نغدو ماءً مصبوبا في ماءٍ ، لا نَعرفُ
منْ منا الآخرَ ؛
أحتاجُ ، و أحتاجُ ، و أحتاجْ ...
من مالِ الله يا محسنُ
يا ناسُ أعينوا هذا المجنونْ .
تَعِبَتْ روحي , تعبتْ أجزائي و بقايا
عمري
تعبتْ ، تعبتْ ، تعبتْ
من شدَّةِ هذا الصّدق ِ ،
فإن الصدقَ كما الوقت إذا يكثُرُ قلَّ
العمرُ ،
فيا كلماتِ الصّدقِ لقد حرَّضتِ على
ألمي ، ألمي .
كلماتُ الصّدق تعرّشُ أشجارَ سيوفٍ
في عينيَّ و في قلبي و فميْ
فتسيلُ الكلماتُ ، من الثغر، مضمَّخةً
بالدَّمِّ
فرفقاً بي يا صدقُ
فإنكَ تسحبُ منْ جسدي كلَّ دميْ .
* * *
هل ، لبحارِ الدمع ِ، لدينا ساحلْ ..؟
هل لطريقِ المنفى ، منزلْ ؟
هل ، لمدادِ الحزن ِ، لدينا سُورْ ؟
كانت أسئلةٌ تعبُرُني
تُلْصَقُ في وجهي منها بصماتُ بقايا
أجوبةٍ
و ذهولٌ
فأدورُ ... أدورُ ... أدورْ
أسقطُ في منفايَ وحيداً مع ذاكرتي
أصرخُ ، تصرخُ روحي
صرخت كلُّ عروقي و عظامي ، لحمي و دمي
صرخت سائلةً ريحَ الأفراح
بأنْ تأتي و تمشِّطَ فيَّ ضفائرَ حزني
راحتْ تجري ريحُ الأفراح و تركضُ ،
تلهَثُ ،
تمشي و تُهروِلُ ، تزحفُ
حتى عبَرتْ ـ منْ بعض ضفائر أحزاني تلك ـ
ضفيرةْ .
قالتْ مُرهقة ً:
إنكَ تطلبُ مني أنْ أحيا وأموتَ وأحيا و
أموتَ وأحيا وأموت ...
لا أقدرُ أنْ أنهي تمشيطَ ضفائرِ حزنِكَ
في هذا العمرِ
فإنَّ ضفائرَ حزنِكَ أطولُ ، أطولُ ،
أطولُ
منْ عُمْري بعصورْ .
شادي حلاق
سَكبَ الوقتُ العتْمةَ في كأسِ الآفاقِ
فأغرَقَنا في وحلِ الليلْ
نَسَلَ النورَ الأبيضَ منْ عينينا
و رمى نوراً أسودَ في العينينْ .
و ليالي شَعركِ تمتصُّ الليلَ
لتَنْقُلَني
مع هذا الليلِ فأغرقُ في ليلينْ .
تتوترُ أعصابُ الليلْ
تتشعَّبُ في جسدِ العَتْمَةِ أمواساً
تزحَفُ ... تَزْحَفُ فيهْ
تَجْرَحُ جلدَ الليلِ فَتَقْطُرُ زخاتٌ
منْ دَمِهِ
المصنوعِ منَ التاريخِ و تهطلُ فوقَ
شراشِفِ روحي
توخِزُ أحزاني توقِظُها
تَسري في ذاكرتي برقاً
حتى تقسمَها وجهينْ
يَلبسُني وجهُ التاريخِ و ألبسُ وجهَ
المستقبلِ
أمشي نهراً ضوئياً بينَ الوجهينِ
فَيَشْطُرُني سيفُ الليلِ
و تَعبُرُني قافلةٌ منْ رائحَةِ الدمعِ
و قافلةٌ منْ رائحةِ الدمْ
((تَرْسُمُني مخلوقاً (( دَمـْدَمْعِيّاً
أمسكُ بالوترِ الليليِّ و أعزفُ أغنيتي
فَتسيلُ الموسيقى زخاتٍ زخاتْ ،
أمواجاً أمواجاً ،
أنهارَ دموعٍ سوداءْ
أطرقُ بابَ الليلِ و أطرقُ ، أطرقُ ،
أطرقُ ،
لا أحدٌ يسمعني
فألملمُ منْ أذنِ الليلِ ، ألملمُ جثَثَ
الطَّرْقاتِ
و أدفُنُها في مقبرةِ الشهداءْ
أصطادُ منَ الآفاقِ رنينَ الطَّرْقاتِ
و أسكُبُها في كأسٍ منْ حزنٍ
أشرَبُها حتى السكْرِ فألمحُ وجهَكِ في
قعرِ الكأسِ كئيباً و يُناديني بالصمتِ
و يَبكي دونَ دموعٍ فأُغني :
ضُميني يا عاصمةَ الأحزانِ و يا قلبَ
الجسدِ الكرويّْ
يا منْ ضخَّتْ دَمَها حُبّا حتى آخرِ
أطرافِ شعيراتٍ بشريَّة ْ
ضخَّتْ دَمَها أسراباً أسرابْ
يا منْ تَرضعُ منْ ثديِ الأيامِ حليبَ
الموتِ
و تُرضِعُ أبناءَ الأرضِ حليبَ حياةْ
تعصرُ منْ عينيها وطناً ليَعودَ
الغُيَّابْ
يا منْ تَدخلُ كالآتي ، المسنونِ ،
بخاصرةِ التاريخِ
و تبني مستقبلََها بيديها
ليصيرَ المستقبلُ بيتاً مفتوحَ
الأبوابْ
يا منْ لبستْ كلَّ الليلِ
و ما خلَّتْ للحزنِ ثيابْ
* * *
نرسم وجه الأيام علينا باللون الليليِّ
عساها تغدو ـ يوما ـ صبحاْ
نغمس بالأسودِ أوجاعَ الأرضِ
لكي تتبخرَ ، تصبح غيماتٍ
تهطل فوقَ التربةِ قمحاْ
نَفْرُشُ فوقَ الليلِ عباءتنا السوداءَ
، نغطيهِ .
نحن الليل ، وهذا الليل الـ نعرفه
يُوحَى
و أنا أنتِ ، و أنتِ أنا
من دمعاتك ـ تلك ـ تَكوّنَ جسمي
و من العينين أخذت الرّوحاْ .
صبّي حزنك بين الناس ِ
يَنبت من عينيهم عيدُ
دوري من عزف الكاس ِ
كي نُنْشدَ :
دو ري مي فا صول لا سي
* * *
ما زلنا نحنُ الاثنان وحيدين
نسيرُ على حبلِ وريدٍ ـ منّا ـ منفردٍ
عينانا وَسعتْ كلَّ الدنيا ,
و الدنيا نهرٌ عذبٌ يُسكبُ في تابوتْ
ضمّيني أكثر، أكثر، أكثرَ
فالأرضُ اهتزّتْ
و الجوُّ بداخلنا رعدٌ و رصاصٌ
صرنا الآن غشاءَ الصمتِ الـ يخرُقُهُ
سيفُ الصوتْ .
تعدو الأفراحُ على أرصفةِ و هامشِ
شارعنا
وبقينا في منتصفِ الشارعِ حزناً
مجروحاً ،
يتّكئُ ـ الآن ـ على صبرِهْ
و يُضمِّدُ جرحَهُ ـ هذا ـ بلفافةِ صمتْ
، ـ
يغمرنا بالوحلِ الأسودِ ، يشعرنا
بالموتِ الضاحكِ ,
نضحكُ ، نضحكُ ، نضحكُ ...
حتى اهتزَّتْ خاصرةُ الموتْ
فارتعشتْ كلُّ زوايا الآفاقْ .
أجملُ منْ كلِّ الأشياءِ و أصعبْ
وجهٌ رُسمتْ فيه البسمةَُ و هو يموتْ .
أحتاجكِ يا وطناً من أنثى
يا امرأةً كاملةً تحضنني بينَ ذراعيها
تغرسُ في صدري خنجرَ نهديها
تقتلني ، تقتلني
ثمَّ تثورُ و تبكي ، تحملني بالدّمعِ
و تقبرني في العينينْ
أحتاجكِ يا امرأةً
لا تَصنَعُ بينَ القلبين إشاراتِ مرورٍ
أو قانونْ
أحتاجكِ يا امرأةً
تَدْخُلُ روحاً فيَّ و أَدخلُ روحاً
فيها
أصبِحُها ، تُصبِحُني ,
نغدو ماءً مصبوبا في ماءٍ ، لا نَعرفُ
منْ منا الآخرَ ؛
أحتاجُ ، و أحتاجُ ، و أحتاجْ ...
من مالِ الله يا محسنُ
يا ناسُ أعينوا هذا المجنونْ .
تَعِبَتْ روحي , تعبتْ أجزائي و بقايا
عمري
تعبتْ ، تعبتْ ، تعبتْ
من شدَّةِ هذا الصّدق ِ ،
فإن الصدقَ كما الوقت إذا يكثُرُ قلَّ
العمرُ ،
فيا كلماتِ الصّدقِ لقد حرَّضتِ على
ألمي ، ألمي .
كلماتُ الصّدق تعرّشُ أشجارَ سيوفٍ
في عينيَّ و في قلبي و فميْ
فتسيلُ الكلماتُ ، من الثغر، مضمَّخةً
بالدَّمِّ
فرفقاً بي يا صدقُ
فإنكَ تسحبُ منْ جسدي كلَّ دميْ .
* * *
هل ، لبحارِ الدمع ِ، لدينا ساحلْ ..؟
هل لطريقِ المنفى ، منزلْ ؟
هل ، لمدادِ الحزن ِ، لدينا سُورْ ؟
كانت أسئلةٌ تعبُرُني
تُلْصَقُ في وجهي منها بصماتُ بقايا
أجوبةٍ
و ذهولٌ
فأدورُ ... أدورُ ... أدورْ
أسقطُ في منفايَ وحيداً مع ذاكرتي
أصرخُ ، تصرخُ روحي
صرخت كلُّ عروقي و عظامي ، لحمي و دمي
صرخت سائلةً ريحَ الأفراح
بأنْ تأتي و تمشِّطَ فيَّ ضفائرَ حزني
راحتْ تجري ريحُ الأفراح و تركضُ ،
تلهَثُ ،
تمشي و تُهروِلُ ، تزحفُ
حتى عبَرتْ ـ منْ بعض ضفائر أحزاني تلك ـ
ضفيرةْ .
قالتْ مُرهقة ً:
إنكَ تطلبُ مني أنْ أحيا وأموتَ وأحيا و
أموتَ وأحيا وأموت ...
لا أقدرُ أنْ أنهي تمشيطَ ضفائرِ حزنِكَ
في هذا العمرِ
فإنَّ ضفائرَ حزنِكَ أطولُ ، أطولُ ،
أطولُ
منْ عُمْري بعصورْ .
Comment