فيروز هي الشيء المشترك بين جميع من يعيش بين جنباتنا ...
بعضهم مع قهوة الصباح ...
وبعضهم عند الذهاب للعمل ...
وبعضهم صبح ومسا ... وشي ما بيتنسى ...
...
سأترك هنا بعضاً من نكهة فيروز فييَّ ...
------------------------------------------------------------------------------------------------------
ترانيم متراقصة …
أنصح الجميع بتذوقها في الفترة القابعة بين ظهور النجم الأول … والنجم ماقبل الأخير …
بنسمات هادئة …
أصوات متصاعدة …
تبدأ …
كمانٌ حزين …
لطالما عشقت صوته … أشعر به , يأنُّ , ينضح ألماً , مشاعراً لا فرق … يوصل ألمه لي …
بعد ارتفاع طفيف …
يعاود الهدوء يسكنك …
ثم يبدأ الرحباني بعظمة إبداعه الموسيقي تحويل الهدوء الحزين لحيويةٍ راقصة …تتخللها بعض التهليلات من جمهور (مشدوه أحسبه) .
لا صوت بشري هنا … فقط تصفيق في النهاية … تجد نفسك معهم تصفق , تغمرك الحماسة بل ستفيض عيناك … قد يكون فِعلاً مجرداً من الرجولة وأوسمتها … ولكن الموسيقا , تستحق …
من وحي : مسرحية ميس الريم , مقدمة ميس الريم للأخوين الرحباني … أنصح بشدّة بها …
__________________________________________________ _____
ظلال … هذا ما نستطيع إطلاقه على العابرين بين جنبات ذاكرتنا البشرية …
ظل أتى … لم يبقَ إلا حفنة من زمن … عاد وغادر … بقي أثراً بين الجنبات …
أصبحت عند لقاء كل جديد … أحاول ألا أتمادى بحواسي … خوفاً من الفقد القابع خلف زاوية القدر …
أتلمس الجديد … أحاول أن أشبع إنسانيتي بمتعة اللمس ,بعبير الرائحة … وأيضاً أحاول حفظ التفاصيل الصغيرة … أرسمها في الفضاء المحيط … تحاول أصابعي بضربات عشوائية أن ترسم ذات الجديد … بلا ألوان … بروح فقط … بلا جسد …
تشاؤم ؟ ربما …
واقعية ؟ شي مؤكد …
بشريتنا تفرض علينا أن نتحفز لمقابلته … نبني قصور الرمل على شاطئ هادر …
بين اللحظة والأخرى … موجة خاطفة قد تنتزع القصر وتنتزعنا ربما …
ولكن متعة البناء … مخلوطة بسحر الأمل … قد تكفي …
عندما يغمرني الرمل … أحاول دخول التوازن ما بين استمتاعي بالبناء وتفاصيله وبين خططي لقصر آخر على شاطئ آخر …
ربما …
جملتي الأخيرة اختصر بها حصيلة تجارب مريرة …
عند الوقوف على أطلال قصر مسفوح … ربما الأفضل أن تبدأ بقصر جديد …
من الأفضل …
من وحي ” وينن؟ وين صواتهون , وين وجوههن؟ وينن؟ صار في وادي بيني وبينهن … ” لسيدتي فيروز …
__________________________________________________ ______________
--------------------------------------------------------------------------------------------------
فيروزتي اليوم , سياسية ... أو بقليل من السياسة ...
بما لا يتجاوز حد الباب ...
كتبتها لبيروت , عند الحرب الناشبة بين الأشقاء , عند التدمير ... وعند نقطة انعدام الإنسانية ...
بتاريخ 30 يوليو ... كتبت :
ادت الكرّة بصوت أعلى …
وعادت المشاهد ذاتها … ما تغير هو الأشخاص , وذات الحقد بنكهة الأرواح والصرخات …
سأوجهها … للجميع …
وسأعيد الكرّة وأعيدها مثنى وثلاث ورباع أيضاً…
عيشوا كبيروتيين حقيقين …
عيشوا كلبنانيين …
وإن لم تستطيعوا …
حاولوا … وفقط حاولوا أن تعيشوا كأشخاص … يعود أصلهم للإنسان …
__________________________________________________ ____________
أُطلقَ الحُكم …
تعلّقتُ بين القضبان … نظرت … حاولت قراءة الشفاه لأعرف الحكم , لم أفلح لصخب الموجودين والشامتين أغلبهم … وبعض الأصدقاء الذين يحاولون جاهدين الوقوف معي في هكذا موقف …
من صرختها , عرفت الحكم دون سماعه …
حكم عليَّ بالموت … حكم جديد …من محكمة القدر …
أعلن القاضي بضربات متتالية على طاولته , محاولاً التهدئة … ولم يفلح , فالشامتون علت قهقهاتهم … والأصدقاء علا نحيبهم … وأنا بينهم صامت … فالصمت أبلغ …
نظرت إليها … حركت شفاهها دون صوت …الشفاه قالت “أنت جوهرة!” … “أنا آسفة , لم أستطع …” “أرجو أن تفهمني” …
لم أتابع بقية الكلمات المشلولة صوتاً…
ابتسمت …
وحاولت أن أنشر بعض الدعابة في جو الموت الذي انتشر بسرعة … والغربان تنتظر عند القوس … تنتظرني لكي تبدأ وليمتها …
دعابة انتزعت الضحكة من قلوب الأصدقاء … وانتزعت الضحكة من قلبها الحزين … في تلك اللحظات لم أفكر بما فعلت هي , ولم أفكر بما سأفعله فيما بعد … فكرت فقط في وداع سريع يبقى في الذاكرة … للأبد …
لذا كان وداعي بضحكة من بين الرماد … فتلك الضحكة من الصعب أن تُنتسى …
باغتني الجلاد بنصل اخترق القلب …
الثواني توقفت …
صوت تنفسي يعلو ويهبط …
القلب يناشد الحياة بضرباته الاخيرة …
صرخات لم تصل منها إلا البداية … وأنا في الأرض …أغمضت العينين … وأسلمت الروح …
الروح بقيت … لم ترد الذهاب …
تمردت , صرخت … لم يسمعها أحد …
لذا : قامت تدندن في الزاوية , فيروزيات :
“الله معك يا هوانا …
يامفارقنا …
حكم الهوى يا هوانا وتفارقنا …
يا أهل السهر يا اللي نطرونا … بكرا إذا ذكروا العشاق , ضلوا تذكرونا … تذكرونا … ضلوا تذكرونا …”
__________________________________________________ _____________
رفع قبعته بحركة دائرية ليزيل تدفقات الغبار المتناثر … من الحضور الكثيف , من بشر قدموا من الأنحاء المتفرقة للقرية الصغيرة …
ومن ثم بدا منه رأسه عاكساً بطريقة مسرحية آثار امتعاض …
ابن القرية الآن , لم يعد يستطيع تحمّل الغبار …
ابن القرية , أصبح يمتعض من أقربائه , أخوانه وأصدقاءه (القرويين) …
مدّت رأسها … لتنظر للقادم من بلاد ما وراء البحار …
وعدٌ قديم … عقدٌ مضى تحت تلك الشجرة … شجرة الجوز … التي كانت تخفيهم عن عيون الأقارب الباحثة , وعن عيون الغرباء أيضاً …
حملت تلك الشجرة ذكرياتهم في طيّاتها وفي كل ثمرة جوزٍ كانت … لهم قصة …
يومٌ ماطر … بشدة …
الرؤوس منحنية بين الأكتاف , تحاول حماية الوجه من سيول السماء …
لمسات باردة تخترق العظام … ولكن الرعشة أكبر وأدفء …
همس لها من بين القطرات السابقة واللاحقة … “مسافرٌ أنا” “لأجلنا , لأجل حبنا الذي لن يعيش (إن لم) أسافر”
لم تترك لنفسها أن تؤخذ برد الفعل المتعارف عليه في هذا الموقف (بأن تترك نفسها فريسة الأرض وأن تجهش بكاءاً ومن ثم تحاول ثنيه عن مراده , لأنه سيتركها لعيون الأقارب وشفاه الغرباء … ومادة دسمة لحديث ما بعد المساء”
قالت بصوت شبه حزين ” الله معك … وناطرتك …”
افترقا … تحت المطر …
حاولت أن تلفت نظره ولكن لا فائدة , نظره كان في السماء …
دخان يتصاعد منه؟
أنه السيجار …
ابن القرية أصبح لا يدخن إلا سيجاراً …
وصل لسمعها أحدهم يقول “أيه , الله يرحم أيام الأرض وأيام الشغل … لما كان ابن القرية ما يترك (الكاروكة) من ايدو , صار صاحب سيجار”
أحد آخر “قرّب يوم القيامة , قرّب”
رغم أن الصلة غير واضحة بين السيجار ويوم القيامة ,إلا أن البسطاء يربطون كل حدث (خارق للطبيعة بنظرهم) بالقيامة وقربها …
بدأت الأيدي تصافح … لم تتلاقى الأوجه في مراسم الاحتفال بالعودة إلا قليلاً … لسبب أن ابن القرية لم يعتاد (هناك) على هذه المراسم …
وصل الدور لها …
برودة المصافحة مع برودة يده , ماثلت البرودة في يوم من عقود مضت … لكن الرعشة والدفء لم يكونا حاضرين في المصافحة …
لم تتلاقى عينه مع عينها المثبتة على وجهه … الذي كان قد تغير قليلاً …
فخط الموضة الواضح على جوانب ذقنه …
شعره الأسود … بطريقة غربية …
سلسال من الذهب يزين عنقه …
اوه على ابن القرية …
توجهت الأنظار فجأة لرائحة بدأت تنتشر … بسرعة … عطر نسائي …
وصوت رفيع … و…
ساق …
من ثم أنثى في آخر الساق …
صرخة باسم ابن القرية … وتذمر لم تكلف نفسها إخفاءه …
“ما خلصت حبيبي … بدنا نرجع”
تعالى اللغط والأصوات المتداخلة من الحضور …
“ابن القرية !!!!” “قرّب يوم القيامة , قرّب …”
سارعت للملمة ما بقي من كرامتها التي هدرت في أبشع طريقة …
“الخائن ” صرخت روحها من الداخل …
لكم تمنت أن تصرخ به .. أن تجعله يعاني القليل من جروح قلبها , كرامتها وإنسانيتها التي أبقتها على الوعد والعهد بضعاً من عقد …
ابتسمت وفقط …
بهدوء قدومها , انسحبت …
لتشكي ألمها للكائن الوحيد الذي سيتفهم ماكان ويكون … وينصح بما سيكون …
إلى الشجرة توجهت …
من وحي كان غير شكل الزيتون … لسيدتي فيروز …
” كان غير شكل الزيتون كان غير شكل الصابون
و حتى إنتا يا حبيبي مش كاين هيك تكون
كان غير شكل الليمون كان غير شكل اليانسون
و كاين إنتا يا حبيبي مش كاين هيك تكون
يا ضيعانن راحوا شو ما صار لكن راحوا مش سامع غنية راحوا؟
كان أوسع هالصالون كان أشرح هالبلكون
و طبعاً أنتا يا حبيبي حبك كان قد الكون
شو كان أهدى الكميون طالع دوغري و موزون
و حتى عيونك يا حبيبي كان عندك غير عيون
يا ضيعانن راحوا شو ما صار لكن راحوا مش سامع غنية راحوا؟
كان يبقى الحب جنون يخلص بحرف النون
و مش كل إنساني تمرق تفرق و تصير تمون
كاين رق و حنون أو مايل عالغصون
و إذا هلق حبك غير ريتو عمرو ما يكون
ريتو عمرو ما يكون ريتو عمرو ما يكون “
__________________________________________________ __________
لا أعلم مدى تأثير هذه الأغنية عليّ …
كلما سمعتها تراودني الضحكة وابتسامة تطغى على ملامحي …
عند نعت الصبي بتسبيبه للجو العصبي الذي (يديئ الخلق) …
لا أعلم لم يخطر لي على الفور , حبنا كيف يقلبنا أطفالاً …
صبي وبنت … يلعبون في ساحة ما …
هي بعروستها وهو بجنوده … يحاولان الاندماج ليصلان إلى نقطة التمازج …
يأتي ابن الجيران , لعبته أحلى … والبنت تبدأ باستلطافه وبتدخله في مجال اللعب الجديد … الساحة تتسع …
وهو تبدأ الغيرة تتملكه … يحاول (بصبينته) أن يبعد المنافس الجديد …
حركات صبيانية …
تنتهي بزعل طفولي …ما بين الصبي والبنت …
وتحطيم لأحد اللعبتان أو كلاهما …وأحياناً بكدمة زرقاء تغطي أحد العينين …
ربما هذه حالة كل محبين , وربما حالتي فقط … وحالتك ربما …
ألا أنني متأكد من حالة الجميع , أنهم أطفال حين يحبّون …
من وحي “داق خلقي ياصبي من هالجو العصبي … داق خلقي داق خلقي …
يا صبي اللي ما بتفهم من نظرة ولا بحتى حكي
مانعني أفعل أو أأتي أي حركة”
__________________________________________________ _____________
يضعنا الحب على مفارق كنا نجهلها ...فنقع في شركه فجأة ...ننسى انفسنا وننسى من نحن تصير عينا من نحب هويتنا...لكننا لانجد الامان هناك ...نكتشف باننا أخطانا الطريق او ان الطريق قادنا الى حيث لا نريد...ذلك الوطن في عيني الحبيب ينقصه السلام لكي يكتمل ...هو وطن مهدد بالزوال ..وطن تسلب منا الارادة فيه ونقف في مكان لا نستطيع فيه العودة او المضي الى الامام
لان في الحب موتنا ونجاتنا ....حريتنا واسرنا لا نعرف ماذا نختار ونبقى حبيسي وطن بارد يعذبنا البقاء قيه لكننا لا نتقن العيش خارجه ذلك هو الحب متناقض دائما......
مستوحاة من :
حبسي انت انت حبسي وحريتي انت
وانت اللي بكرهو واللي بحبو انت...
اذا رجعت بجن وان تركتك بشقى لا قدراني فل ولا قدراني ابقى
شو بكره حياتي لما بشوفا عندك يا بتحرمني منها يا بسرقها سرقة
__________________________________________________ _____________-
منقول
بعضهم مع قهوة الصباح ...
وبعضهم عند الذهاب للعمل ...
وبعضهم صبح ومسا ... وشي ما بيتنسى ...
...
سأترك هنا بعضاً من نكهة فيروز فييَّ ...
------------------------------------------------------------------------------------------------------
ميس الريم
ترانيم متراقصة …
أنصح الجميع بتذوقها في الفترة القابعة بين ظهور النجم الأول … والنجم ماقبل الأخير …
بنسمات هادئة …
أصوات متصاعدة …
تبدأ …
كمانٌ حزين …
لطالما عشقت صوته … أشعر به , يأنُّ , ينضح ألماً , مشاعراً لا فرق … يوصل ألمه لي …
بعد ارتفاع طفيف …
يعاود الهدوء يسكنك …
ثم يبدأ الرحباني بعظمة إبداعه الموسيقي تحويل الهدوء الحزين لحيويةٍ راقصة …تتخللها بعض التهليلات من جمهور (مشدوه أحسبه) .
لا صوت بشري هنا … فقط تصفيق في النهاية … تجد نفسك معهم تصفق , تغمرك الحماسة بل ستفيض عيناك … قد يكون فِعلاً مجرداً من الرجولة وأوسمتها … ولكن الموسيقا , تستحق …
من وحي : مسرحية ميس الريم , مقدمة ميس الريم للأخوين الرحباني … أنصح بشدّة بها …
__________________________________________________ _____
ظل جديد ... قصر جديد ...
ظلال … هذا ما نستطيع إطلاقه على العابرين بين جنبات ذاكرتنا البشرية …
ظل أتى … لم يبقَ إلا حفنة من زمن … عاد وغادر … بقي أثراً بين الجنبات …
أصبحت عند لقاء كل جديد … أحاول ألا أتمادى بحواسي … خوفاً من الفقد القابع خلف زاوية القدر …
أتلمس الجديد … أحاول أن أشبع إنسانيتي بمتعة اللمس ,بعبير الرائحة … وأيضاً أحاول حفظ التفاصيل الصغيرة … أرسمها في الفضاء المحيط … تحاول أصابعي بضربات عشوائية أن ترسم ذات الجديد … بلا ألوان … بروح فقط … بلا جسد …
تشاؤم ؟ ربما …
واقعية ؟ شي مؤكد …
بشريتنا تفرض علينا أن نتحفز لمقابلته … نبني قصور الرمل على شاطئ هادر …
بين اللحظة والأخرى … موجة خاطفة قد تنتزع القصر وتنتزعنا ربما …
ولكن متعة البناء … مخلوطة بسحر الأمل … قد تكفي …
عندما يغمرني الرمل … أحاول دخول التوازن ما بين استمتاعي بالبناء وتفاصيله وبين خططي لقصر آخر على شاطئ آخر …
ربما …
جملتي الأخيرة اختصر بها حصيلة تجارب مريرة …
عند الوقوف على أطلال قصر مسفوح … ربما الأفضل أن تبدأ بقصر جديد …
من الأفضل …
من وحي ” وينن؟ وين صواتهون , وين وجوههن؟ وينن؟ صار في وادي بيني وبينهن … ” لسيدتي فيروز …
رغم الزمان والمكان ...
لا أعلم مصدر الغصّة التي تعتلي (حلقي) وتضيق (نفسي) … كلما عاودت تكرار ذات الأغنية …
لم أملّ منها ورغم الألم الذي تزرعه بي … إلا أنني أعاود وأعاود …
سماع تلك الخيبة التي تعتري صوت فيروز …
في تلك الدوامات التي تعتريني بذكرى البعيدين …
وطبعاً كل من يوسم بصفة القرب من قلبي … عليه أن يكون بعيدا عنه …
قدر … ودماه المفضلة , نحن …
“أنا صار لازم ودعكون …
غنينا أغاني عوراق …
غنية لواحد مشتاق …
وديما في الآخر في وقت فراق
ياجماعة لازم خبركون هالقصة عني
انا كل شي بقولوا عم حسو وعم يطلع مني”
بدأ يرتفع صوت … أتى الصوت من البعيد …
بحنين متدفق … من البعيد أيضاً …
علت وجهي فرحة جنونية … أردت أن أقفز … أن أصرخ … أن أفعل وأعمل …
بكلمات بسيطة …
بمشاعر بسيطة …
بإنسانية …
أعدنا وصل البعيد … أصبح البعيد يتراءى أمام العيون …هاهو قريب …
خيالات من ذكريات مضت …
عهود قطعت بأن لا ندخل هذا المكان إلا سويةً … وداعنا كان هناك … ولقاؤنا التالي سيكون في ذات المكان في ذات الطاولة …
مع ذات نكهة (الاركيلة) التي رافقتنا …
تتالي الصدف اليوم …
فيروز والوداع وذكريات غيابهم …
صوت صديقة بعيدة … وأبعد من التصور بحد ذاته …
عيد ميلاد ذات الصديقة …
آه من قدر … ومن زمن …
بما أنهم اتفقا على أننا دماهما المفضلة … فإذاً … فليكن …
سأهديكي في عيدكِ هدية لن تعرف مسافة أو زمن … سأهديكي كتاباتي …
يامن تخلت الشجرة عن رمزيتها في العيد لأجلكِ … فالشجرة هزيلة تصبح … أمامكِ …
يارمزنا الجديد في كل عيد … كل عام وأنت رمزٌ لكل عيد …
-------------------------------------------------------------------------------------------
وحدهون …
متفردان , عاشقان , جميلان ببساطة …
حركاتهما متناسقة …
كلماتهما , بذات الحروف تخرج للعالم , يسبقها تارةً وتسبقه تارّات أخرى …
ينطقان ذات الكلام , ذات المشاعر …
اثنان كزهرتي بيلسانٍ على جبل بعيد في السماء , بعيداً عن الصخب , بعيداً عن الضجيج البشري …
وحدهون …
بوجهين متوردين … ينظران للقمر … كلٌ منهما يرى الآخر في انعكاس ملائكي على ذات القمر … وقمر …
ليلتهما , كانت … وبصحبة سيجار فاخر …
تلاها القليل من العتاب , ووعود بعدم الاعتياد …
نفخات من فمين … صغيرين …
حلقات خاوية في الهواء …
رسم لها قلباً … أرسلت له سهماً …
ومن ثم …
احتضنها … وأكمل سيجاره … في السماء …
من وحي :”وحدهون بيبقوا متل زهر البيلسان …
وحدهون بيقطفوا وراق الزمان …
بيسكروا الغابة …
يا زمان … يا عشق داشر فوق هالحيطان …
يا ناطرين التلج … ما عاد بدكون ترجعوا؟ صرّخ عليهون بالشتي … “
لم أملّ منها ورغم الألم الذي تزرعه بي … إلا أنني أعاود وأعاود …
سماع تلك الخيبة التي تعتري صوت فيروز …
في تلك الدوامات التي تعتريني بذكرى البعيدين …
وطبعاً كل من يوسم بصفة القرب من قلبي … عليه أن يكون بعيدا عنه …
قدر … ودماه المفضلة , نحن …
“أنا صار لازم ودعكون …
غنينا أغاني عوراق …
غنية لواحد مشتاق …
وديما في الآخر في وقت فراق
ياجماعة لازم خبركون هالقصة عني
انا كل شي بقولوا عم حسو وعم يطلع مني”
بدأ يرتفع صوت … أتى الصوت من البعيد …
بحنين متدفق … من البعيد أيضاً …
علت وجهي فرحة جنونية … أردت أن أقفز … أن أصرخ … أن أفعل وأعمل …
بكلمات بسيطة …
بمشاعر بسيطة …
بإنسانية …
أعدنا وصل البعيد … أصبح البعيد يتراءى أمام العيون …هاهو قريب …
خيالات من ذكريات مضت …
عهود قطعت بأن لا ندخل هذا المكان إلا سويةً … وداعنا كان هناك … ولقاؤنا التالي سيكون في ذات المكان في ذات الطاولة …
مع ذات نكهة (الاركيلة) التي رافقتنا …
تتالي الصدف اليوم …
فيروز والوداع وذكريات غيابهم …
صوت صديقة بعيدة … وأبعد من التصور بحد ذاته …
عيد ميلاد ذات الصديقة …
آه من قدر … ومن زمن …
بما أنهم اتفقا على أننا دماهما المفضلة … فإذاً … فليكن …
سأهديكي في عيدكِ هدية لن تعرف مسافة أو زمن … سأهديكي كتاباتي …
يامن تخلت الشجرة عن رمزيتها في العيد لأجلكِ … فالشجرة هزيلة تصبح … أمامكِ …
يارمزنا الجديد في كل عيد … كل عام وأنت رمزٌ لكل عيد …
-------------------------------------------------------------------------------------------
وحدهون …
متفردان , عاشقان , جميلان ببساطة …
حركاتهما متناسقة …
كلماتهما , بذات الحروف تخرج للعالم , يسبقها تارةً وتسبقه تارّات أخرى …
ينطقان ذات الكلام , ذات المشاعر …
اثنان كزهرتي بيلسانٍ على جبل بعيد في السماء , بعيداً عن الصخب , بعيداً عن الضجيج البشري …
وحدهون …
بوجهين متوردين … ينظران للقمر … كلٌ منهما يرى الآخر في انعكاس ملائكي على ذات القمر … وقمر …
ليلتهما , كانت … وبصحبة سيجار فاخر …
تلاها القليل من العتاب , ووعود بعدم الاعتياد …
نفخات من فمين … صغيرين …
حلقات خاوية في الهواء …
رسم لها قلباً … أرسلت له سهماً …
ومن ثم …
احتضنها … وأكمل سيجاره … في السماء …
من وحي :”وحدهون بيبقوا متل زهر البيلسان …
وحدهون بيقطفوا وراق الزمان …
بيسكروا الغابة …
يا زمان … يا عشق داشر فوق هالحيطان …
يا ناطرين التلج … ما عاد بدكون ترجعوا؟ صرّخ عليهون بالشتي … “
فيروزتي اليوم , سياسية ... أو بقليل من السياسة ...
بما لا يتجاوز حد الباب ...
كتبتها لبيروت , عند الحرب الناشبة بين الأشقاء , عند التدمير ... وعند نقطة انعدام الإنسانية ...
بتاريخ 30 يوليو ... كتبت :
كيف للبيروتيين (إن صح التعبير) أن يختلفوا …
قد لا أفضل الدخول في معتركات السياسة فالخسارة دوماً سمتها الأبرز … ومبرراتها تبيح لنا العودة للخلف وأينما خلف … عودة لزمن إنسان الغابات بنكهة التوحش…
لنعود لذات الموضوع …
للبيروتيين , رسالتي …
“لبيروت … من قلبي سلام لبيروت …
وقبلٌ للبحر وللبيوت …
لصخرة كأنها … وجه بحار قديم …
هي من روح الشعب خمر , هي من … عرقه خبز وياسمين …
فكيف صار طعمها , طعم نار ودخان …”
بعد هذه الكلمات … أسألهم … بأي آلهة … وبأي سياسة وحتى أي منطق … ترفعون أسلحتكم …
دمعات الأمهات التي تحفر طريقها في الوجوه المتعبة من سنين الحرب الطويلة …
أذكر تلك المشاهد …
ما بين البناطيل المميزة لتلك الحقبة الزمنية … الشعر الكثيف … المشهد مألوف , فهو سمةُ الثمانينات …
الغريب هو صوت الرصاص يخترق صمت اللحظات …
صوت صراخ هنا وهناك …
صوت دم يتفجر … وصوت أم تنتحب …
أرواح تصرخ , تناجي التوقف … ماسبق من أصوات أعاد آلام موتها …
انتهت الحرب …
لم تنته الصرخات ولم تهدأ الأصوات … وبقيت الأرواح في الأجواء …
قد لا أفضل الدخول في معتركات السياسة فالخسارة دوماً سمتها الأبرز … ومبرراتها تبيح لنا العودة للخلف وأينما خلف … عودة لزمن إنسان الغابات بنكهة التوحش…
لنعود لذات الموضوع …
للبيروتيين , رسالتي …
“لبيروت … من قلبي سلام لبيروت …
وقبلٌ للبحر وللبيوت …
لصخرة كأنها … وجه بحار قديم …
هي من روح الشعب خمر , هي من … عرقه خبز وياسمين …
فكيف صار طعمها , طعم نار ودخان …”
بعد هذه الكلمات … أسألهم … بأي آلهة … وبأي سياسة وحتى أي منطق … ترفعون أسلحتكم …
دمعات الأمهات التي تحفر طريقها في الوجوه المتعبة من سنين الحرب الطويلة …
أذكر تلك المشاهد …
ما بين البناطيل المميزة لتلك الحقبة الزمنية … الشعر الكثيف … المشهد مألوف , فهو سمةُ الثمانينات …
الغريب هو صوت الرصاص يخترق صمت اللحظات …
صوت صراخ هنا وهناك …
صوت دم يتفجر … وصوت أم تنتحب …
أرواح تصرخ , تناجي التوقف … ماسبق من أصوات أعاد آلام موتها …
انتهت الحرب …
لم تنته الصرخات ولم تهدأ الأصوات … وبقيت الأرواح في الأجواء …
ادت الكرّة بصوت أعلى …
وعادت المشاهد ذاتها … ما تغير هو الأشخاص , وذات الحقد بنكهة الأرواح والصرخات …
سأوجهها … للجميع …
وسأعيد الكرّة وأعيدها مثنى وثلاث ورباع أيضاً…
عيشوا كبيروتيين حقيقين …
عيشوا كلبنانيين …
وإن لم تستطيعوا …
حاولوا … وفقط حاولوا أن تعيشوا كأشخاص … يعود أصلهم للإنسان …
__________________________________________________ ____________
أُطلقَ الحُكم …
تعلّقتُ بين القضبان … نظرت … حاولت قراءة الشفاه لأعرف الحكم , لم أفلح لصخب الموجودين والشامتين أغلبهم … وبعض الأصدقاء الذين يحاولون جاهدين الوقوف معي في هكذا موقف …
من صرختها , عرفت الحكم دون سماعه …
حكم عليَّ بالموت … حكم جديد …من محكمة القدر …
أعلن القاضي بضربات متتالية على طاولته , محاولاً التهدئة … ولم يفلح , فالشامتون علت قهقهاتهم … والأصدقاء علا نحيبهم … وأنا بينهم صامت … فالصمت أبلغ …
نظرت إليها … حركت شفاهها دون صوت …الشفاه قالت “أنت جوهرة!” … “أنا آسفة , لم أستطع …” “أرجو أن تفهمني” …
لم أتابع بقية الكلمات المشلولة صوتاً…
ابتسمت …
وحاولت أن أنشر بعض الدعابة في جو الموت الذي انتشر بسرعة … والغربان تنتظر عند القوس … تنتظرني لكي تبدأ وليمتها …
دعابة انتزعت الضحكة من قلوب الأصدقاء … وانتزعت الضحكة من قلبها الحزين … في تلك اللحظات لم أفكر بما فعلت هي , ولم أفكر بما سأفعله فيما بعد … فكرت فقط في وداع سريع يبقى في الذاكرة … للأبد …
لذا كان وداعي بضحكة من بين الرماد … فتلك الضحكة من الصعب أن تُنتسى …
باغتني الجلاد بنصل اخترق القلب …
الثواني توقفت …
صوت تنفسي يعلو ويهبط …
القلب يناشد الحياة بضرباته الاخيرة …
صرخات لم تصل منها إلا البداية … وأنا في الأرض …أغمضت العينين … وأسلمت الروح …
الروح بقيت … لم ترد الذهاب …
تمردت , صرخت … لم يسمعها أحد …
لذا : قامت تدندن في الزاوية , فيروزيات :
“الله معك يا هوانا …
يامفارقنا …
حكم الهوى يا هوانا وتفارقنا …
يا أهل السهر يا اللي نطرونا … بكرا إذا ذكروا العشاق , ضلوا تذكرونا … تذكرونا … ضلوا تذكرونا …”
__________________________________________________ _____________
رفع قبعته بحركة دائرية ليزيل تدفقات الغبار المتناثر … من الحضور الكثيف , من بشر قدموا من الأنحاء المتفرقة للقرية الصغيرة …
ومن ثم بدا منه رأسه عاكساً بطريقة مسرحية آثار امتعاض …
ابن القرية الآن , لم يعد يستطيع تحمّل الغبار …
ابن القرية , أصبح يمتعض من أقربائه , أخوانه وأصدقاءه (القرويين) …
مدّت رأسها … لتنظر للقادم من بلاد ما وراء البحار …
وعدٌ قديم … عقدٌ مضى تحت تلك الشجرة … شجرة الجوز … التي كانت تخفيهم عن عيون الأقارب الباحثة , وعن عيون الغرباء أيضاً …
حملت تلك الشجرة ذكرياتهم في طيّاتها وفي كل ثمرة جوزٍ كانت … لهم قصة …
يومٌ ماطر … بشدة …
الرؤوس منحنية بين الأكتاف , تحاول حماية الوجه من سيول السماء …
لمسات باردة تخترق العظام … ولكن الرعشة أكبر وأدفء …
همس لها من بين القطرات السابقة واللاحقة … “مسافرٌ أنا” “لأجلنا , لأجل حبنا الذي لن يعيش (إن لم) أسافر”
لم تترك لنفسها أن تؤخذ برد الفعل المتعارف عليه في هذا الموقف (بأن تترك نفسها فريسة الأرض وأن تجهش بكاءاً ومن ثم تحاول ثنيه عن مراده , لأنه سيتركها لعيون الأقارب وشفاه الغرباء … ومادة دسمة لحديث ما بعد المساء”
قالت بصوت شبه حزين ” الله معك … وناطرتك …”
افترقا … تحت المطر …
حاولت أن تلفت نظره ولكن لا فائدة , نظره كان في السماء …
دخان يتصاعد منه؟
أنه السيجار …
ابن القرية أصبح لا يدخن إلا سيجاراً …
وصل لسمعها أحدهم يقول “أيه , الله يرحم أيام الأرض وأيام الشغل … لما كان ابن القرية ما يترك (الكاروكة) من ايدو , صار صاحب سيجار”
أحد آخر “قرّب يوم القيامة , قرّب”
رغم أن الصلة غير واضحة بين السيجار ويوم القيامة ,إلا أن البسطاء يربطون كل حدث (خارق للطبيعة بنظرهم) بالقيامة وقربها …
بدأت الأيدي تصافح … لم تتلاقى الأوجه في مراسم الاحتفال بالعودة إلا قليلاً … لسبب أن ابن القرية لم يعتاد (هناك) على هذه المراسم …
وصل الدور لها …
برودة المصافحة مع برودة يده , ماثلت البرودة في يوم من عقود مضت … لكن الرعشة والدفء لم يكونا حاضرين في المصافحة …
لم تتلاقى عينه مع عينها المثبتة على وجهه … الذي كان قد تغير قليلاً …
فخط الموضة الواضح على جوانب ذقنه …
شعره الأسود … بطريقة غربية …
سلسال من الذهب يزين عنقه …
اوه على ابن القرية …
توجهت الأنظار فجأة لرائحة بدأت تنتشر … بسرعة … عطر نسائي …
وصوت رفيع … و…
ساق …
من ثم أنثى في آخر الساق …
صرخة باسم ابن القرية … وتذمر لم تكلف نفسها إخفاءه …
“ما خلصت حبيبي … بدنا نرجع”
تعالى اللغط والأصوات المتداخلة من الحضور …
“ابن القرية !!!!” “قرّب يوم القيامة , قرّب …”
سارعت للملمة ما بقي من كرامتها التي هدرت في أبشع طريقة …
“الخائن ” صرخت روحها من الداخل …
لكم تمنت أن تصرخ به .. أن تجعله يعاني القليل من جروح قلبها , كرامتها وإنسانيتها التي أبقتها على الوعد والعهد بضعاً من عقد …
ابتسمت وفقط …
بهدوء قدومها , انسحبت …
لتشكي ألمها للكائن الوحيد الذي سيتفهم ماكان ويكون … وينصح بما سيكون …
إلى الشجرة توجهت …
من وحي كان غير شكل الزيتون … لسيدتي فيروز …
” كان غير شكل الزيتون كان غير شكل الصابون
و حتى إنتا يا حبيبي مش كاين هيك تكون
كان غير شكل الليمون كان غير شكل اليانسون
و كاين إنتا يا حبيبي مش كاين هيك تكون
يا ضيعانن راحوا شو ما صار لكن راحوا مش سامع غنية راحوا؟
كان أوسع هالصالون كان أشرح هالبلكون
و طبعاً أنتا يا حبيبي حبك كان قد الكون
شو كان أهدى الكميون طالع دوغري و موزون
و حتى عيونك يا حبيبي كان عندك غير عيون
يا ضيعانن راحوا شو ما صار لكن راحوا مش سامع غنية راحوا؟
كان يبقى الحب جنون يخلص بحرف النون
و مش كل إنساني تمرق تفرق و تصير تمون
كاين رق و حنون أو مايل عالغصون
و إذا هلق حبك غير ريتو عمرو ما يكون
ريتو عمرو ما يكون ريتو عمرو ما يكون “
__________________________________________________ __________
لا أعلم مدى تأثير هذه الأغنية عليّ …
كلما سمعتها تراودني الضحكة وابتسامة تطغى على ملامحي …
عند نعت الصبي بتسبيبه للجو العصبي الذي (يديئ الخلق) …
لا أعلم لم يخطر لي على الفور , حبنا كيف يقلبنا أطفالاً …
صبي وبنت … يلعبون في ساحة ما …
هي بعروستها وهو بجنوده … يحاولان الاندماج ليصلان إلى نقطة التمازج …
يأتي ابن الجيران , لعبته أحلى … والبنت تبدأ باستلطافه وبتدخله في مجال اللعب الجديد … الساحة تتسع …
وهو تبدأ الغيرة تتملكه … يحاول (بصبينته) أن يبعد المنافس الجديد …
حركات صبيانية …
تنتهي بزعل طفولي …ما بين الصبي والبنت …
وتحطيم لأحد اللعبتان أو كلاهما …وأحياناً بكدمة زرقاء تغطي أحد العينين …
ربما هذه حالة كل محبين , وربما حالتي فقط … وحالتك ربما …
ألا أنني متأكد من حالة الجميع , أنهم أطفال حين يحبّون …
من وحي “داق خلقي ياصبي من هالجو العصبي … داق خلقي داق خلقي …
يا صبي اللي ما بتفهم من نظرة ولا بحتى حكي
مانعني أفعل أو أأتي أي حركة”
__________________________________________________ _____________
يضعنا الحب على مفارق كنا نجهلها ...فنقع في شركه فجأة ...ننسى انفسنا وننسى من نحن تصير عينا من نحب هويتنا...لكننا لانجد الامان هناك ...نكتشف باننا أخطانا الطريق او ان الطريق قادنا الى حيث لا نريد...ذلك الوطن في عيني الحبيب ينقصه السلام لكي يكتمل ...هو وطن مهدد بالزوال ..وطن تسلب منا الارادة فيه ونقف في مكان لا نستطيع فيه العودة او المضي الى الامام
لان في الحب موتنا ونجاتنا ....حريتنا واسرنا لا نعرف ماذا نختار ونبقى حبيسي وطن بارد يعذبنا البقاء قيه لكننا لا نتقن العيش خارجه ذلك هو الحب متناقض دائما......
مستوحاة من :
حبسي انت انت حبسي وحريتي انت
وانت اللي بكرهو واللي بحبو انت...
اذا رجعت بجن وان تركتك بشقى لا قدراني فل ولا قدراني ابقى
شو بكره حياتي لما بشوفا عندك يا بتحرمني منها يا بسرقها سرقة
__________________________________________________ _____________-
جلست ترقب تكوّن قطرة العرق , تتسلل مابين التجاعيد … تصل لحافة الذقن …
تترك ذلك الوجه المكتسي بأخاديد زمان لم يرحم …
تستقر على قطعة من ورق …
تلا صوت سقوط القطرة , صوت تنهيدة وصوت مسح بطرف قميص شبه مهترء أثر القطرة …
الورقة تكتلت من آثار القطرات المتساقطة …
بعد جهدٍ , استطاعت دمعة أن تحرر نفسها من قضبان اليأس , أعلنت أن الروح ما تزال تعيش … والأمل ما زال ينبض …
ختمت الورقة بعبارات الأشواق وتمنيات العودة …
وقطع حبل الغربة …
الاماكن كلها تشتاق لضحكته , لسخريته , له …
طوت الورقة بكل ترتيب …
وضعتها في مغلف رسالة … كتبت آخر عنوان عرفته منه منذ - لم تعد تذكر - ربما منذ أن تركهم …
أوصت ابنتها , بألّا تنسى وضع الرسالة في البريد … أومأت برأسها …
تركت ذات الوجه الجعد الصالة … لتعيد ترتيب الرسائل العائدة مع عدم الرد … كلها …
بصوت خفيض … ترتّل :
بعدك على بالي … يا حلو يا مغروم … يا حبق ومنتوف على سطح العالي …
مرق الصيف بمواعيدو … والهوا لملم على ايدو …
ولاعرفنا خبر عنك يا قمر … ولا حدا لوحلنا بأيدو …
وبتطل الليالي وبتروح الليالي … وبعدك على بالي …
__________________________________________________ _______
نطرونا ..
نطرونا كتير عَ موقف دارينا
لا عرفنا اساميهون لا عرفوا اسامينا
ع موقف دارينا
عالموقف ركاب وليل وبنية مهيوبة
وشبّ يقللها صيف وليل وتقلله مخطوبة
يانسمة خدينا يانسمة جيبينا
ع موقف دارينا ع موقف دارينا
سيارة صغيرة والليل والغيرة
والعشاق اتنين اتنين
ماحدا عارف لوين
نطرونا كتير كتير عموقف دارينا
لا عرفنا اساميهون لا عرفوا اسامينا
ع موقف دارينا ع موقف دارينا
نطرونا ...
------------------------------------------------------------------------
خريشات تعلو ... وصوّت مطربة مشوّه ... يبدأ بالوضوح تدريجياً ...
ومن ثم تعاود الخربشات ...
برأس مثقل بهموم الأمس ... ومشاكل اليوم ... يحرّك يده يمنة ويسرة , يعتمد على حسّه النائم ليجد (الانتين - الهوائي) دونما توجيهات بصرية ...
تضرب يده تارةً بساعة التنبيه وتارةً بجمع من العطور ... يرفع مستوى تحليق يديه ... لقد وجده ... يمنة ويسرة علّ الصوت يتوضح ومعالم الأغنية تبدأ بالتكشف ... لا فائدة ...
يسحب نفسه من سريره , رجلاه تسبقه ... لا يشعر إلا والمياه تلطمه ...
يعاود الثِقَل ... ولطمة أخرى , أقلّ رحمة وأشدّ برودة ... لقد استيقظ ...
(إنه يوم الجمعة) قالها لنفسه ...
أكمل الطريق للمطبخ ليعدّ لنفسه وجبة شهية من قهوة الصباح ...
يراقب فورات المياه ... بطء ... وبطء ...
يمزجها ببنٍ طازج , يستنشقه وللثمالة يصل ... (يكفي) (ثمالة من الصباح!) ...
يضع فنجانه على حافة (شرفته) ويحضُرُ (الراديو ذو الصوت المشوّه) ...
يجلس في مقابل الياسمينة ذات السنتين عمراً ...
يتأملها , كم أهملها , تحتاج للعناية ...
يعود للراديو و يبحث بين القنوات على شيء يماثل صباحه ...
تعلو فيروز , "يسعد صباحك يا حلو يسعد مكان بتنزلو
لما النسيم بيزورنا عنك يا ولف منسألو
يسعد صباحك يا حلو بيتي بورد بجملو
يمكن لنا يوم الهوى و القلب يلقى منزلو
طل يا محبوب و احملنا الأنغام
طل يا محبوب غنيتك أحلام
يسعد صباحك يا حلو وعدك لنا لا تبدلو
نبقى سوى و يبقى الهوى بقلوبنا صافي و حلو"
هذا وكان ...
صباحٌ , من صباحاتي المتعثرة ...
__________________________________________________ ____
شعور الحنين الذي تبنيه هذه الأغنية فيني ... لكل شيء ...
لمكتبتي القديمة ...
لسيارة كنت ألعب بها عندما كنت طفلاً ... بلونها الأحمر والأسود و(جنزيرها) المحرِّك ...
لمساعدة جدتي في (المونة) و(الكبّة) ...
لمواقفي المضحكة والكثيرة ... كنت طفلاً ... بما في الكلمة من معنى ...
أحدها (كنت عند جدتي أساعدها بتحضير (مربى الكرز) ... بلباسي الأبيض الناصع ...
أتحدث كثيراً وعادتي من الصغر ... هيَ ...
أحرّك يدايَ ... أتراجع لأصف لجدتي هولَ ما حدث ...
سقوط ...
في قدرٍ كبير من مربى الكرز ...
سارعت جدتي ... حملتني ... وهي تضحك ... أنا أبكي واقول "جدتي , أصبحت مصاصةً كبيرة" ...)
هذه إحداها ... والكثير يبقى بين طيّات ذاكرتي ...
أستاذي يوبّخني من مقالبي الكثيرة و(شيطنتي) ... أحنّ ... له ...
أحنّ لجامع حارتنا القديمة ...وتدليل شيخ الجامع لي ... أشعر بنفسي , بفخرٍ ... شيخ الجامع يحبّني ويناديني باسمي ...
أحنّ للعائلة الكبيرة التي فرقتها (مادة) و (كلام كثير) و (حسد) ...
أحنّ لعيدي ... فرحي بعيديةٍ يعطيني إياها جدّي وهي الأكبر بين كلّ العيديات ... وانزعاجي من أعمامي لأنهم لم يعطونني يوماً ... (عيدية)
أحنّ لقهوة أمّي ... لترانيم فيروز في بيتنا ... كلّ صباح ... عطر والدتي يملأ البيت ...
وحركتها منذ الصباح قبل (مداواة مرضاها) في (المستشفى) ...
أحنّ لأشخاص ... مرّوا ...
لا أعلم أين هم وكيف هم ... ولكنني أشتهي أن أتلمس وجوههم ... أحضنهم ...
أمارس إنسانيتي الكاملة ... معهم ...
...
أحنّ ...
"سنرجع يوماً ... إلى حيّنا ..."
__________________________________________________ ___
رشفات متتالية مسرعة لتنهي الفنجان السادس …
تكومّه بعدها في الزاوية التي بدأت تئن تحت الفناجين الفارغة … والتي تزداد كل قليل …
تراقب تحركات الساعة التي تستفزّ الساهرين بصوتها العقيم …كأنها تحاول أن تثبت لهم حقيقة مرعبة … بأن من ننتظر لن يأتي …
بحركات سريعة بيديها … تطرد ذلك الوهم الذي لطالما آمنت أنه وهم … سيأتي … وبتأكيد …
تبحلق في الفراغ المتواجد أمامها …
يسارع جفناها للالتقاء … ولكنها تقوم مسرعة وطاردة آثار نوم يودّ أن يلقي بنفسه عليها …
أمام التلفاز … يومض بسرعة … القنوات خاوية … لا شيء يستدعي الاهتمام أو المتابعة …
تعود لإقفاله … ويعود الهدوء البارد …
تقوم للمطبخ … أكوام من آثار الفناجين المهدورة على الوقت الضائع …
حان وقت الشاي …
ترشف الدفء الموجود فيه علّه يطرد برد الانتظار المخيف … الذي بدأ يأكلها من الداخل …
“جايي حبيبي …” رأتها ومضة أمام عينيها …
وسمعت صوتاً عند الباب …
سارعت لترى من بالباب …
من خلال تلك الفتحة الضيقة التي يدعونها (العين السحرية) … رأت أحد المشردين يبحث في القمامة عن لقمة أو فائدة ملقاة …
صوت سيارة مسرعة وتوقفت بعنف … “أتى … “
سارعت لنافذة مطلة على الشارع … جارهم (سكراناً) ويحاول أن يحافظ على توازنه المفقود تحت وطأة كحوليات ما بعد منتصف الليل …
“ليس هو …”
يعلو الموبايل باهتزاز … معلناً قدوم رسالة من أحدٍ لم يتعب نفسه بكلمات صوتية … اكتفى بكلمات مقروءة …
“لن أستطيع القدوم اليوم … العمل لم ينته … سأحاول أن أأتي في الليلة التالية … “
عندها … وفقط …
امتلأت أرض الغرفة ببقايا زجاج كوب الشاي … الذي انتفض …
حملت دموعها … وسارعت لسريرها …
ذهبت تسرّ له بكل ما مرّ … ويمرّ … وتسأل “أأستطيع البقاء أكثر؟”
من وحي أنا وسهرانة لسيدتي فيروز …
“أنا و سهرانة
أنا و سهرانة وحدي بالبيت
على السكيت و متل الضجرانة
مشية قريبة طقت عالدرب
قلت يا قلب جايي حبيبي
قمت و ضويت زحت البرداية
تيشوفا الجايي و شعشعت البيت
رتبت المزهرية هييت قلوب السكر
حطيت الشال عليي و لبست العقد الأحمر
و نطرت الباب تالباب يدق
و القلب يدق و ما دق الباب
و المشية بعدت بعدت بالليل
محاها الليل بعدت و بعدت
أنا سهرانة و طفيت الضو
و طلع الضو أنا و سهرانة”
__________________________________________________ ________
أفاقت من نومها مذعورة ...
شادي ...
...
أين هو ذلك المشاكس الصغير ...
الذي كان يشاطرني حلواه التي تصنعها له أمه العجوز ...
نخرج لساحة القرية ... نتبادل مشاكسات ... وضحكات ...
نتشاطر احزان طفولة وغيرة صغيرة ... شادي يلعب مع أصدقاء جدد ...
ذلك اليوم...
لم يكن هناك شمس ...
لم يكن هناك سماء ...
لم يكن هناك هواء ...
كان الصوت سيد الموقف ...
لم نكن نستطيع أن نفتح أعيننا ... ولا آذاننا ...
كانت أصابعنا الصغيرة تحاول حمايتنا من صوت وحشي ...
فتحت الصغيرة عيناها ...
رأت شادي يسارع للصعود لما وراء الجبل ...
يريد أن يرى ... يريد أن يكتشف ماهوالصوت...
يريد أن يواجه ذلك المرعب ... الذي أخاف صديقته ...
بطولة بمعنى الطفولة ...
صرخت ... نادت ... ترجت ...
لم يستمع ... ربما لأن الصوت وقف بينهما ...
خفت الأصوات ...
اختفت الأصوات ...
اختفى معها شادي ...
نطرت اليوم والغد ...
لم يأتي شادي ...
كل يوم في ذات الساحة ...
تحمل ألعابها ... وتنتظر ...
لم يأتي شادي ...
لم تعد السماء كما هي ...
لم تعد الشمس كما هي ...
لم تعد الدنيا كما هي , منذ أن واجه شادي الصوت المرعب ...
كتبت الصغيرة ... في آخر الصفحة التي تتحدث فيها عن ذلك الصغير الذي يعيش في الذاكرة...
"أين أنت؟ ما زلت أنتظر ... مازلت تلك الصغيرة التي تحمل ألعابها وتنتظر في الساحة ..."
__________________________________________________ _____
تترك ذلك الوجه المكتسي بأخاديد زمان لم يرحم …
تستقر على قطعة من ورق …
تلا صوت سقوط القطرة , صوت تنهيدة وصوت مسح بطرف قميص شبه مهترء أثر القطرة …
الورقة تكتلت من آثار القطرات المتساقطة …
بعد جهدٍ , استطاعت دمعة أن تحرر نفسها من قضبان اليأس , أعلنت أن الروح ما تزال تعيش … والأمل ما زال ينبض …
ختمت الورقة بعبارات الأشواق وتمنيات العودة …
وقطع حبل الغربة …
الاماكن كلها تشتاق لضحكته , لسخريته , له …
طوت الورقة بكل ترتيب …
وضعتها في مغلف رسالة … كتبت آخر عنوان عرفته منه منذ - لم تعد تذكر - ربما منذ أن تركهم …
أوصت ابنتها , بألّا تنسى وضع الرسالة في البريد … أومأت برأسها …
تركت ذات الوجه الجعد الصالة … لتعيد ترتيب الرسائل العائدة مع عدم الرد … كلها …
بصوت خفيض … ترتّل :
بعدك على بالي … يا حلو يا مغروم … يا حبق ومنتوف على سطح العالي …
مرق الصيف بمواعيدو … والهوا لملم على ايدو …
ولاعرفنا خبر عنك يا قمر … ولا حدا لوحلنا بأيدو …
وبتطل الليالي وبتروح الليالي … وبعدك على بالي …
__________________________________________________ _______
نطرونا ..
نطرونا كتير عَ موقف دارينا
لا عرفنا اساميهون لا عرفوا اسامينا
ع موقف دارينا
عالموقف ركاب وليل وبنية مهيوبة
وشبّ يقللها صيف وليل وتقلله مخطوبة
يانسمة خدينا يانسمة جيبينا
ع موقف دارينا ع موقف دارينا
سيارة صغيرة والليل والغيرة
والعشاق اتنين اتنين
ماحدا عارف لوين
نطرونا كتير كتير عموقف دارينا
لا عرفنا اساميهون لا عرفوا اسامينا
ع موقف دارينا ع موقف دارينا
نطرونا ...
------------------------------------------------------------------------
خريشات تعلو ... وصوّت مطربة مشوّه ... يبدأ بالوضوح تدريجياً ...
ومن ثم تعاود الخربشات ...
برأس مثقل بهموم الأمس ... ومشاكل اليوم ... يحرّك يده يمنة ويسرة , يعتمد على حسّه النائم ليجد (الانتين - الهوائي) دونما توجيهات بصرية ...
تضرب يده تارةً بساعة التنبيه وتارةً بجمع من العطور ... يرفع مستوى تحليق يديه ... لقد وجده ... يمنة ويسرة علّ الصوت يتوضح ومعالم الأغنية تبدأ بالتكشف ... لا فائدة ...
يسحب نفسه من سريره , رجلاه تسبقه ... لا يشعر إلا والمياه تلطمه ...
يعاود الثِقَل ... ولطمة أخرى , أقلّ رحمة وأشدّ برودة ... لقد استيقظ ...
(إنه يوم الجمعة) قالها لنفسه ...
أكمل الطريق للمطبخ ليعدّ لنفسه وجبة شهية من قهوة الصباح ...
يراقب فورات المياه ... بطء ... وبطء ...
يمزجها ببنٍ طازج , يستنشقه وللثمالة يصل ... (يكفي) (ثمالة من الصباح!) ...
يضع فنجانه على حافة (شرفته) ويحضُرُ (الراديو ذو الصوت المشوّه) ...
يجلس في مقابل الياسمينة ذات السنتين عمراً ...
يتأملها , كم أهملها , تحتاج للعناية ...
يعود للراديو و يبحث بين القنوات على شيء يماثل صباحه ...
تعلو فيروز , "يسعد صباحك يا حلو يسعد مكان بتنزلو
لما النسيم بيزورنا عنك يا ولف منسألو
يسعد صباحك يا حلو بيتي بورد بجملو
يمكن لنا يوم الهوى و القلب يلقى منزلو
طل يا محبوب و احملنا الأنغام
طل يا محبوب غنيتك أحلام
يسعد صباحك يا حلو وعدك لنا لا تبدلو
نبقى سوى و يبقى الهوى بقلوبنا صافي و حلو"
هذا وكان ...
صباحٌ , من صباحاتي المتعثرة ...
__________________________________________________ ____
شعور الحنين الذي تبنيه هذه الأغنية فيني ... لكل شيء ...
لمكتبتي القديمة ...
لسيارة كنت ألعب بها عندما كنت طفلاً ... بلونها الأحمر والأسود و(جنزيرها) المحرِّك ...
لمساعدة جدتي في (المونة) و(الكبّة) ...
لمواقفي المضحكة والكثيرة ... كنت طفلاً ... بما في الكلمة من معنى ...
أحدها (كنت عند جدتي أساعدها بتحضير (مربى الكرز) ... بلباسي الأبيض الناصع ...
أتحدث كثيراً وعادتي من الصغر ... هيَ ...
أحرّك يدايَ ... أتراجع لأصف لجدتي هولَ ما حدث ...
سقوط ...
في قدرٍ كبير من مربى الكرز ...
سارعت جدتي ... حملتني ... وهي تضحك ... أنا أبكي واقول "جدتي , أصبحت مصاصةً كبيرة" ...)
هذه إحداها ... والكثير يبقى بين طيّات ذاكرتي ...
أستاذي يوبّخني من مقالبي الكثيرة و(شيطنتي) ... أحنّ ... له ...
أحنّ لجامع حارتنا القديمة ...وتدليل شيخ الجامع لي ... أشعر بنفسي , بفخرٍ ... شيخ الجامع يحبّني ويناديني باسمي ...
أحنّ للعائلة الكبيرة التي فرقتها (مادة) و (كلام كثير) و (حسد) ...
أحنّ لعيدي ... فرحي بعيديةٍ يعطيني إياها جدّي وهي الأكبر بين كلّ العيديات ... وانزعاجي من أعمامي لأنهم لم يعطونني يوماً ... (عيدية)
أحنّ لقهوة أمّي ... لترانيم فيروز في بيتنا ... كلّ صباح ... عطر والدتي يملأ البيت ...
وحركتها منذ الصباح قبل (مداواة مرضاها) في (المستشفى) ...
أحنّ لأشخاص ... مرّوا ...
لا أعلم أين هم وكيف هم ... ولكنني أشتهي أن أتلمس وجوههم ... أحضنهم ...
أمارس إنسانيتي الكاملة ... معهم ...
...
أحنّ ...
"سنرجع يوماً ... إلى حيّنا ..."
__________________________________________________ ___
رشفات متتالية مسرعة لتنهي الفنجان السادس …
تكومّه بعدها في الزاوية التي بدأت تئن تحت الفناجين الفارغة … والتي تزداد كل قليل …
تراقب تحركات الساعة التي تستفزّ الساهرين بصوتها العقيم …كأنها تحاول أن تثبت لهم حقيقة مرعبة … بأن من ننتظر لن يأتي …
بحركات سريعة بيديها … تطرد ذلك الوهم الذي لطالما آمنت أنه وهم … سيأتي … وبتأكيد …
تبحلق في الفراغ المتواجد أمامها …
يسارع جفناها للالتقاء … ولكنها تقوم مسرعة وطاردة آثار نوم يودّ أن يلقي بنفسه عليها …
أمام التلفاز … يومض بسرعة … القنوات خاوية … لا شيء يستدعي الاهتمام أو المتابعة …
تعود لإقفاله … ويعود الهدوء البارد …
تقوم للمطبخ … أكوام من آثار الفناجين المهدورة على الوقت الضائع …
حان وقت الشاي …
ترشف الدفء الموجود فيه علّه يطرد برد الانتظار المخيف … الذي بدأ يأكلها من الداخل …
“جايي حبيبي …” رأتها ومضة أمام عينيها …
وسمعت صوتاً عند الباب …
سارعت لترى من بالباب …
من خلال تلك الفتحة الضيقة التي يدعونها (العين السحرية) … رأت أحد المشردين يبحث في القمامة عن لقمة أو فائدة ملقاة …
صوت سيارة مسرعة وتوقفت بعنف … “أتى … “
سارعت لنافذة مطلة على الشارع … جارهم (سكراناً) ويحاول أن يحافظ على توازنه المفقود تحت وطأة كحوليات ما بعد منتصف الليل …
“ليس هو …”
يعلو الموبايل باهتزاز … معلناً قدوم رسالة من أحدٍ لم يتعب نفسه بكلمات صوتية … اكتفى بكلمات مقروءة …
“لن أستطيع القدوم اليوم … العمل لم ينته … سأحاول أن أأتي في الليلة التالية … “
عندها … وفقط …
امتلأت أرض الغرفة ببقايا زجاج كوب الشاي … الذي انتفض …
حملت دموعها … وسارعت لسريرها …
ذهبت تسرّ له بكل ما مرّ … ويمرّ … وتسأل “أأستطيع البقاء أكثر؟”
من وحي أنا وسهرانة لسيدتي فيروز …
“أنا و سهرانة
أنا و سهرانة وحدي بالبيت
على السكيت و متل الضجرانة
مشية قريبة طقت عالدرب
قلت يا قلب جايي حبيبي
قمت و ضويت زحت البرداية
تيشوفا الجايي و شعشعت البيت
رتبت المزهرية هييت قلوب السكر
حطيت الشال عليي و لبست العقد الأحمر
و نطرت الباب تالباب يدق
و القلب يدق و ما دق الباب
و المشية بعدت بعدت بالليل
محاها الليل بعدت و بعدت
أنا سهرانة و طفيت الضو
و طلع الضو أنا و سهرانة”
__________________________________________________ ________
أفاقت من نومها مذعورة ...
شادي ...
...
أين هو ذلك المشاكس الصغير ...
الذي كان يشاطرني حلواه التي تصنعها له أمه العجوز ...
نخرج لساحة القرية ... نتبادل مشاكسات ... وضحكات ...
نتشاطر احزان طفولة وغيرة صغيرة ... شادي يلعب مع أصدقاء جدد ...
ذلك اليوم...
لم يكن هناك شمس ...
لم يكن هناك سماء ...
لم يكن هناك هواء ...
كان الصوت سيد الموقف ...
لم نكن نستطيع أن نفتح أعيننا ... ولا آذاننا ...
كانت أصابعنا الصغيرة تحاول حمايتنا من صوت وحشي ...
فتحت الصغيرة عيناها ...
رأت شادي يسارع للصعود لما وراء الجبل ...
يريد أن يرى ... يريد أن يكتشف ماهوالصوت...
يريد أن يواجه ذلك المرعب ... الذي أخاف صديقته ...
بطولة بمعنى الطفولة ...
صرخت ... نادت ... ترجت ...
لم يستمع ... ربما لأن الصوت وقف بينهما ...
خفت الأصوات ...
اختفت الأصوات ...
اختفى معها شادي ...
نطرت اليوم والغد ...
لم يأتي شادي ...
كل يوم في ذات الساحة ...
تحمل ألعابها ... وتنتظر ...
لم يأتي شادي ...
لم تعد السماء كما هي ...
لم تعد الشمس كما هي ...
لم تعد الدنيا كما هي , منذ أن واجه شادي الصوت المرعب ...
كتبت الصغيرة ... في آخر الصفحة التي تتحدث فيها عن ذلك الصغير الذي يعيش في الذاكرة...
"أين أنت؟ ما زلت أنتظر ... مازلت تلك الصغيرة التي تحمل ألعابها وتنتظر في الساحة ..."
__________________________________________________ _____
منقول
Comment