كل عام وأنت حبيبتي
------------------
كل عام وأنت حبيبتي..
أقولها لك،
عندما تدق الساعة منتصف الليل
وتغرق السنة الماضية في مياه أحزاني
كسفينة مصنوعة من الورق..
أقولها لك على طريقتي..
متجاوزاً كل الطقوس الاحتفالية
التي يمارسها العالم منذ 1975 سنة..
وكاسراً كل تقاليد الفرح الكاذب
التي يتمسك بها الناس منذ 1975 سنة..
ورافضاً..
كل العبارات الكلاسيكية..
التي يرددها الرجال على مسامع النساء..
منذ 1975 سنة..
===
كل عام وأنت حبيبتي..
أقولها لك بكل بساطة..
كما يقرأ طفل صلاته قبل النوم
وكما يقف عصفور على سنبلة قمح..
فتزداد الأزاهير المشغولة على ثوبك الأبيض
زهرة..
وتزداد المراكب المنتظرة في مياه عينيك..
مركباً..
أقولها لك بحرارة ونزق
كما يضرب الراقص الإسباني قدمه بالأرض
فتتشكل ألوف الدوائر
حول محيط الكرة الأرضية..
===
كل عام وأنت حبيبتي
هذه هي الكلمات الأربع
التي سألفها بشريط من القصب
وأرسلها إليك ليلة رأس السنة
كل البطاقات التي يبيعونها في المكتبات
لا تقول ما أريده..
وكل الرسوم التي عليها..
من شموع.. وأجراس.. وأشجار.. وكرات ثلج..
وأطفال.. وملائكة..
لا تناسبني..
إنني لا أرتاح للبطاقات الجاهزة..
ولا للقصائد الجاهزة..
ولا للتمنيات التي برسم التصدير
فهي كلها مطبوعة في باريس،أو لندن،أوأمستردام..
ومكتوبة بالفرنسية،أو الانكليزية..
لتصلح لكل المناسبات
وأنت لست امرأة المناسبات..
بل أنت المرأة التي أحبها..
أنت هذا الوجع اليومي..
الذي لا يقال ببطاقات المعايدة..
ولا يقال بالحروف اللاتينية...
ولا يقال بالمراسلة..
وإنما يقال عندما تدق الساعة منتصف الليل..
وتدخلين كالسمكة إلى مياهي الدافئة..
وتستحمين هناك..
ويسافر فمي في غابات شعرك الغجري
ويستوطن هناك..
===
لأنني أحبك..
تدخل السنة الجديدة علينا..
دخول الملوك..
ولأنني أحبك..
أحمل تصريحاً خاصاً من الله..
بالتجول بين ملايين النجوم..
===
لن نشتري هذا العيد شجرة
ستكونين أنت الشجرة
وسأعلق عليك..
أمنياتي.. وصلواتي..
وقناديل دموعي..
===
كل عام وأنت حبيبتي..
أمنية أخاف أن أتمناها
حتى لا أتهم بالطمع أو بالغرور
فكرة أخاف أن أفكر بها..
حتى لا يسرقها الناس مني..
ويزعموا أنهم أول من اخترع الشعر..
===
كل عام وأنت حبيبتي..
كل عام وأنا حبيبك..
أنا أعرف أنني أتمنى أكثر مما ينبغي..
وأحلم أكثر من الحد المسموح به..
ولكن..
من له الحق أن يحاسبني على أحلامي؟
من يحاسب الفقراء؟
إذا حلموا أنهم جلسوا على العرش
لمدة خمس دقائق؟
من يحاسب الصحراء إذا توحمت على جدول ماء؟
هناك ثلاث حالات يصبح فيها الحلم شرعياً:
حالة الجنون..
وحالة الشعر..
وحالة التعرف على امرأة مدهشة مثلك..
وأنا أعاني-لحسن الحظ-
من الحالات الثلاث..
===
اتركي عشيرتك..
واتبعيني إلى مغائري الداخلية
اتركي قبعة الورق..
وموسيقى الجيرك..
والملابس التنكرية..
واجلسي معي تحت شجر البرق..
وعباءة الشعر الزرقاء..
سأغطيك بمعطفي من مطر بيروت
وسأسقيك نبيذاًأحمر..
من أقبية الرهبان..
وسأصنع لك طبقاً اٍسبانياً..
من قواقع البحر..
اتبعيني-يا سيدتي-إلى شوارع الحلم الخفية..
فلسوف أطلعك على قصائد لم أقرأها لأحد..
وأفتح لك حقائب دموعي.
التي لم أفتحها لأحد..
ولسوف أحبك..
كما لا أحبك أحد..
===
عندما تدق الساعة الثانية عشرة
وتفقد الكرة الأرضية توازنها
ويبدأ الراقصون يفكرون بأقدامهم..
سأنسحب إلى داخل نفسي..
وأسحبك معي..
فأنت امرأة لا ترتبط بالفرح العام
ولا بالزمن العام..
ولا بهذا السيرك الكبير الذي يمر أمامنا..
ولا بتلك الطبول الوثنية التي تقرع حولنا..
ولا بأقنعة الورق التي لا يبقى منها في آخر الليل
سوى رجال من ورق..
ونساء من ورق..
===
آه.. يا سيدتي
لو كان الأمر بيدي..
إذن لصنعت سنة لك وحدك
تفصلين أيامها كما تريدين..
وتسندين ظهرك على أسابيعها كما تريدين
وتتشمسين..
وتستحمين..
وتركضين على رمال شهورها..
كما تريدين...
آه.. يا سيدتي..
لو كان الأمر بيدي..
لأقمت عاصمة لك في ضاحية الوقت
لا تأخذ بنظام الساعات الشمسية والرملية
ولا يبدأ فيها الزمن الحقيقي
إلا..
عندما تأخذ يدك الصغيرة قيلولتها..
داخل يدي..
===
كل عام وعيناك أيقونتان بيزنطيتان..
ونهداك طفلان أشقران..
يتدحرجان على الثلج..
كل عام.. وأنا متورط بك..
وملاحق بتهمة حبك..
كما السماء متهمة بالزرقة
والعصافير متهمة بالسفر
والشفة متهمة بالاستدارة...
كل عام وأنا مضروب بزلزالك..
ومبلل بأمطارك..
ومحفور-كالإناء الصيني-بتضاريس جسمك
كل عام وأنت.. لا أدري ماذا أسميك..
اختاري أنت أسماءك..
كما تختار النقطة مكانها على السطر
وكما يختار المشط مكانه في طيات الشعر
وإلى أن تختاري اسمك الجديد
اسمحي لي أن أناديك
يا حبيبتي...
-------------------------------------------
نزار قباني
------------------
كل عام وأنت حبيبتي..
أقولها لك،
عندما تدق الساعة منتصف الليل
وتغرق السنة الماضية في مياه أحزاني
كسفينة مصنوعة من الورق..
أقولها لك على طريقتي..
متجاوزاً كل الطقوس الاحتفالية
التي يمارسها العالم منذ 1975 سنة..
وكاسراً كل تقاليد الفرح الكاذب
التي يتمسك بها الناس منذ 1975 سنة..
ورافضاً..
كل العبارات الكلاسيكية..
التي يرددها الرجال على مسامع النساء..
منذ 1975 سنة..
===
كل عام وأنت حبيبتي..
أقولها لك بكل بساطة..
كما يقرأ طفل صلاته قبل النوم
وكما يقف عصفور على سنبلة قمح..
فتزداد الأزاهير المشغولة على ثوبك الأبيض
زهرة..
وتزداد المراكب المنتظرة في مياه عينيك..
مركباً..
أقولها لك بحرارة ونزق
كما يضرب الراقص الإسباني قدمه بالأرض
فتتشكل ألوف الدوائر
حول محيط الكرة الأرضية..
===
كل عام وأنت حبيبتي
هذه هي الكلمات الأربع
التي سألفها بشريط من القصب
وأرسلها إليك ليلة رأس السنة
كل البطاقات التي يبيعونها في المكتبات
لا تقول ما أريده..
وكل الرسوم التي عليها..
من شموع.. وأجراس.. وأشجار.. وكرات ثلج..
وأطفال.. وملائكة..
لا تناسبني..
إنني لا أرتاح للبطاقات الجاهزة..
ولا للقصائد الجاهزة..
ولا للتمنيات التي برسم التصدير
فهي كلها مطبوعة في باريس،أو لندن،أوأمستردام..
ومكتوبة بالفرنسية،أو الانكليزية..
لتصلح لكل المناسبات
وأنت لست امرأة المناسبات..
بل أنت المرأة التي أحبها..
أنت هذا الوجع اليومي..
الذي لا يقال ببطاقات المعايدة..
ولا يقال بالحروف اللاتينية...
ولا يقال بالمراسلة..
وإنما يقال عندما تدق الساعة منتصف الليل..
وتدخلين كالسمكة إلى مياهي الدافئة..
وتستحمين هناك..
ويسافر فمي في غابات شعرك الغجري
ويستوطن هناك..
===
لأنني أحبك..
تدخل السنة الجديدة علينا..
دخول الملوك..
ولأنني أحبك..
أحمل تصريحاً خاصاً من الله..
بالتجول بين ملايين النجوم..
===
لن نشتري هذا العيد شجرة
ستكونين أنت الشجرة
وسأعلق عليك..
أمنياتي.. وصلواتي..
وقناديل دموعي..
===
كل عام وأنت حبيبتي..
أمنية أخاف أن أتمناها
حتى لا أتهم بالطمع أو بالغرور
فكرة أخاف أن أفكر بها..
حتى لا يسرقها الناس مني..
ويزعموا أنهم أول من اخترع الشعر..
===
كل عام وأنت حبيبتي..
كل عام وأنا حبيبك..
أنا أعرف أنني أتمنى أكثر مما ينبغي..
وأحلم أكثر من الحد المسموح به..
ولكن..
من له الحق أن يحاسبني على أحلامي؟
من يحاسب الفقراء؟
إذا حلموا أنهم جلسوا على العرش
لمدة خمس دقائق؟
من يحاسب الصحراء إذا توحمت على جدول ماء؟
هناك ثلاث حالات يصبح فيها الحلم شرعياً:
حالة الجنون..
وحالة الشعر..
وحالة التعرف على امرأة مدهشة مثلك..
وأنا أعاني-لحسن الحظ-
من الحالات الثلاث..
===
اتركي عشيرتك..
واتبعيني إلى مغائري الداخلية
اتركي قبعة الورق..
وموسيقى الجيرك..
والملابس التنكرية..
واجلسي معي تحت شجر البرق..
وعباءة الشعر الزرقاء..
سأغطيك بمعطفي من مطر بيروت
وسأسقيك نبيذاًأحمر..
من أقبية الرهبان..
وسأصنع لك طبقاً اٍسبانياً..
من قواقع البحر..
اتبعيني-يا سيدتي-إلى شوارع الحلم الخفية..
فلسوف أطلعك على قصائد لم أقرأها لأحد..
وأفتح لك حقائب دموعي.
التي لم أفتحها لأحد..
ولسوف أحبك..
كما لا أحبك أحد..
===
عندما تدق الساعة الثانية عشرة
وتفقد الكرة الأرضية توازنها
ويبدأ الراقصون يفكرون بأقدامهم..
سأنسحب إلى داخل نفسي..
وأسحبك معي..
فأنت امرأة لا ترتبط بالفرح العام
ولا بالزمن العام..
ولا بهذا السيرك الكبير الذي يمر أمامنا..
ولا بتلك الطبول الوثنية التي تقرع حولنا..
ولا بأقنعة الورق التي لا يبقى منها في آخر الليل
سوى رجال من ورق..
ونساء من ورق..
===
آه.. يا سيدتي
لو كان الأمر بيدي..
إذن لصنعت سنة لك وحدك
تفصلين أيامها كما تريدين..
وتسندين ظهرك على أسابيعها كما تريدين
وتتشمسين..
وتستحمين..
وتركضين على رمال شهورها..
كما تريدين...
آه.. يا سيدتي..
لو كان الأمر بيدي..
لأقمت عاصمة لك في ضاحية الوقت
لا تأخذ بنظام الساعات الشمسية والرملية
ولا يبدأ فيها الزمن الحقيقي
إلا..
عندما تأخذ يدك الصغيرة قيلولتها..
داخل يدي..
===
كل عام وعيناك أيقونتان بيزنطيتان..
ونهداك طفلان أشقران..
يتدحرجان على الثلج..
كل عام.. وأنا متورط بك..
وملاحق بتهمة حبك..
كما السماء متهمة بالزرقة
والعصافير متهمة بالسفر
والشفة متهمة بالاستدارة...
كل عام وأنا مضروب بزلزالك..
ومبلل بأمطارك..
ومحفور-كالإناء الصيني-بتضاريس جسمك
كل عام وأنت.. لا أدري ماذا أسميك..
اختاري أنت أسماءك..
كما تختار النقطة مكانها على السطر
وكما يختار المشط مكانه في طيات الشعر
وإلى أن تختاري اسمك الجديد
اسمحي لي أن أناديك
يا حبيبتي...
-------------------------------------------
نزار قباني
Comment