عالم اميركي يجعل الاموات يتكلمون .. ويعطي صورة غريبة للانسان بعد 5 ملايين سنة ( 1955 ) اخبار وصحف ايام زمان
عالم يرسم صورة غريبة عن الانسان بعد 5 ملايين سنة ؟!! ، "سيتكلم بالايحاء وتختفي حبال الحنجرة ، وتنعدم قدماه ويتغذى بالحبوب الكيميائية وليس له معدة ولا أمعاء .. إنسان يستحق الرؤية بعد خمسة ملايين سنة .. !"
وكما في المجلات فقد كانت الصحف تفرد مساحات واسعة للاخبار المترجمة والمنوعات ، لتضيف شيئا من الترفيه ، بالاضافة الى المواضيع السياسية والمحلية والمقالات التي كانت تشكل قسم كبير من صفحاتها.
ومن الملاحظ في الصحف السورية التي صدرت منذ بداية القرن العشرين ، بانه لم يكن لديها عدد محدد من الصفحات ، حيث ان عدد الصفحات يحدده مدى توفر الاخبار ، ولكن معظم الصحف كانت تصدر في 4 صفحات ومنها في 8 صفحات واحيانا كانت تصدر الصحيفة في صفحتين اثنتين!
ننقل لكم اليوم موضوع مترجم نشرته صحيفة الجمهور في العام 1955 ، عن عالم اميركي خبير في علم العظام ، وبعض القصص عن انجازاته في تحديد هوية بعض القتلى في عالم الجريمة ، بالاضافة الى مقطع يروي فيه تصوراته حول تطور هيئة الانسان بعد 5 ملايين عام.
استناداً إلى علمه الكامل بالجثث وبالعظام البشرية ...
فقد جعل الموتى يتكلمون
الدكتور كروجمان يقول : إنسان المستقبل سيسبق الأدمغة الالكترونية .!
جريدة الجمهور - 28 حزيران - 1955
سيتكلم بالايحاء وتختفي حبال الحنجرة ، وتنعدم قدماه ويتغذى بالحبوب الكيميائية وليس له معدة ولا أمعاء .. إنسان يستحق الرؤية بعد خمسة ملايين سنة .. !
من هو الرجل الذي أخرجت عظامه من مكان قرب الخط الحديدي في موضع مقفر ؟
هل يمكن أن يكون (( ريمون جاكسون )) شاب من المولدين ـ ( هندي زنجي ) ـ اختفى قبل ثمانية سنوات من توزيع تركة في الاوكلاهوما ، ولم يسمع أي إنسان عنه شيئاً .؟
لا شك في أن معرفته ستسوق ثروة لرجال البوليس والقضاء بعد أن اكتشف منابع للبترول التي كان يملكها السيد ريمون جاكسون بحسب التشاريع الأرثية في قبيلته ، ذلك أنه بعد ثلاثة أسابيع من اختفاء السيد ريمون ، قتل شاب هندي في (( بلوماوتن )) ( الجبل الأزرق ) لاركنساس على أثر سقوطه من قطار لنقل البضاعة حيث دفن بالقرب من الخط الحديدي .
وقد نقلت زفاته من موضع الدفن لتفحص أمام المحكمة ، وكان الأشخاص تهمهم الدعوى والذين كانوا يفتشون عن برهان يثبتون به أن جاكسون لم يمت كانوا يدعون بأن الهيكل العظمي الذي استخرج بالقرب من الخط الحديدي لا يمكن أن يكون جثة الشاب جاكسون بل هو هيكل شاب من العرق الأبيض في الثلاثين من عمره .
وقد دعي للتفتيش في مكان الدفن عن حقيقة الجثة الدكتور (( وليتون كروجمان )) من جامعة بنسلفانيا والمختص بعلم الجثث والعظام .
الأموات .. يتكلمون ..
لم يكن الأموات بالنسبة لهذا العالم سراً ، فهو منذ عشرين عاما من المساعدين الكبار لشركات التأمين ولرجال البوليس بشتى الظروف اعطه جمجماً وهيكلا عظمياً أو عظمة واحدة فحسب ، فهو على الغالب يستطيع أن يقول لك على وجه التأكيد ، عمر الميت وجنسه وعرقه ووزنه وطول قامته والحالة الصحية للشخص قبل موته .
فقد كان علم العظام حقيقياً يدرسه الدكتور كروجمان . أما في دعوى السيد (( ريمون جاكسون )) فقد صرح الدكتور كروجمان بعد أن فحص مجموعة العظام المعروضة أمامه بغية اعطاء أوصاف دقيقة للإنسان الميت بقوله : أن أنه ذكر ، ومن العرق المولد . هندي زنجي ، وطول قامته 1.66 وله من العمر ثمانية عشر عاماً ونصف العام .
حتى الديكة يعرف أعمارها
وفي أثناء فترة الاستراحة في جلسة المحاكمة كان المحامون والخبراء يتناولون معاً طعام الغذاء فتقدم أحد رجال القانون من الدكتور كروجمان قائلا :
ــ لو تعمقنا لوجدنا أن خبراء العظام جميعاً ليسوا على درجة كبرى من المعرفة كما يزعمون ...!
وجواباً على ذلك هز العالم الديك الذي كان يأكله وقال :
ــ هل تراهن على أن أعطيك عمر هذا الديك دون أن أخطئ تقدير ذلك أكثر من أسبوع ؟
فأجابه رجل القانون :
ــ لقد اتفقا على ذلك ــ
وأخذ كروجمان يفحص العظم بضع دقائق ثم صرح عن التاريخ الذي يعتقد فيه بأن الديك كان في القن ثم صرح الطاهي عن المرضح الذي اشترى منه الدجاج وبادر أحد المدعوين بالذهاب إلى المرضح فوراً وبعد بحث قصير في سجلات المزرعة ، تبين أن ما قاله الدكتور كروجمان كان صحيحاً وقد حكمت المحكمة بأن العظام التي استخرجت كانت عظام ( ريمون جاكسون ) .
كيف كان الجسم البشري
إن نشاط المختص بعلم العظام يهدف إلى تحديد ما كان عليه الجسم البشري في السابق وما هو عليه في أيامنا هذه وماذا سيكون مستقبل الهيكل العظمي على الرغم من أن المختصين بهذا العلم ليسوا أطباء فقد كان كروجمان دكتوراً في الفلسفة وهو كبقية زملائه من المختصين في هذا الفرع من العلوم يجب عليهم ألا يتجاهلوا غيره من العلوم كعلم التشريح وعلم الحياة ، وعلم الاحصاء .
هذه الصناديق والعظام
فكما أن بعض الأشخاص يستطيعون حل رموز برقية أرسلتها العظام فإن عدداً قليلاً من هؤلاء يضعون مواهبهم في خدمة التحريات الشرطية ..
وأعظم المشكلات يمكن أن تحلها هذه الصناديق التي تنقل إلى مكتب الدكتور ( كروجمان ) وكان أحد الصناديق يحوي على مجموعة من العظام التي أرسلها إليه ( بوليس ميشجان ) بصورة مستعجلة ، وكان الصندوق الأخر المرسل يحوي على جمجمة وجدت في مكان بعيد عن موضع الجرم الأول ، وسئل الدكتور عما إذا كان البوليس أمام جريمة أو اثنتين ؟ فأجاب رجل العلم ، نحن أمام جريمة واحدة فالعظام والجمجمة هي لهيكل عظمي واحد .
وكان صندوق ثالث يحوي على مجموعة من العظام المتفحمة وقد جمعت من جثة وجدت في سيارة محترقة .
وقد تساءلت شركة التأمين عما إذا كانت العظام الموجودة هي لنفس الشخص المؤمن بعد أن نفي الأطباء أن تكون لنفس المؤمن ، إذ تبين لهم أنها لشخص ذو قدم واحدة .
وقد أجاب كروجمان ، أن مجموعة العظام ينقصها عظم الساق ، ولكن حالة عظم الساق الأخرى تنبيئ أن صاحب الجثة كان ممن يمشون على قدميه لا على قدم واحدة .
وقدم تفصيلات أخرى عن قامة الشخص ووزنه وعمره وكانت بأجمعها موافقة لمواصفات المؤمن على حياته .
العظام تحكي قصة الجريمة
إن بإمكان العظام أن تقص علينا حكاية الجريمة .. وخلال التحريات التي جرت للعثور على مزارع من مقاطعة ( الأوهايو ) كان قد اختفى منذ زمن غير بعيد ، حولت أنظار البوليس إلى شقيق المقتول وقد اعترف أخيراً بأنه هو الذي قتل أخاه المزارع ببندقية صيد قبل تسعة أشهر وأنه دفن جثته بالقرب من المزرعة وادعى أنه كان في حالة دفاع عن النفس .
وقد طلب البوليس إلى كروجمان فيما إذا كان بوسعه أن يوضح معالم الجريمة بفحص العظام والضحية . وبعد دراسة طويلة دقيقة نجح العالم في وصف الطريقة التي حدث بها ارتكاب الجريمة .
فقد قام بحساب الزاوية التي دخل منها الرصاص ، وقرر أن الطلق الناري جرى من أسفل إلى أعلى من قبل شخص جاثم على قدميه بينما المجني عليه واقف على قدميه رافعاً ذراعه اليمنى .
ولقد جمعت هذه المعلومات إلى اعترافات القاتل التي كانت تنصب على أنه كان في حال دفاع عن نفسه من هجمات أخيه عليه بسكين رفعها في يده اليمنى وقد حولت دعوى القتل إلى دعوى القتل الخطأ .
من هو القتيل
وقد تلقى كروجمان مؤخراً هاتفاً من حاكم بنسلفانيا :
ــ لقد وجدنا هيكلا عظمياً في الغابات فهل تتفضلون بفحصه .
طبعاً ولا شك أرسلوه وسأفحصه في هذا المساء . وقام الطبيب كروجمان في مخبره ينزع غطاء التابوت ووجد نفسه أمام كتلة من العظام من جميع الأصناف ابتدأ بتركيبها ليعطيها قدر المستطاع شكل هيكل بشري إذ يجب بأن تؤلف 206 عظمات هيكلا تاما .
ووطد كروجمان نفسه للإجابة على الاسئلة التي تطرح عادة :
قبل كل شيء ما هو جنس المقتول . إن نقاط التقاط العضلات واضحة كما أن المفاصل قوية والجمجمة كبيرة ثم ان المنطقة الراسية تبين من زواياها البارزة أن عضلات الرقبة كانت قوية وينتج عن ذلك أن هذا الهيكل هو لإنسان ذكر (( من الولاة حتى الوفاة يلعب الهيكل العظمي دور الساعة المسجلة )) وقد أطال كروجمان بحثه وهو يحاول معرفة عدد السنوات التي سجلتها ساعة هذا الهيكل فلعظام طويلة وقد تم تركيبها واجراس العقل في مواضعها من الفك اذن فهذا الإنسان كان له من العمر أكثر من عشرين عاما ثم أن عظام الجمجمة بعيدة عن بعضها ومفصولة بخطوط الهولاندية وهي لا تتعظم إلا عند ما يقارب الإنسان سن الثلاثين .
وقد تبين أن أكثر من ثلاثة أرباع الجمجمة أصبحت خطوطها مغلقة مما يدل على أن عمر هذا الإنسان حوالي الأربعين من عمره .
ولكن ما هو عرق هذا الإنسان ؟
وهذا سؤال محير إذ لا يمكن أن يجاب عليه بكل سهولة ، فمن حيث المبدأ تتشابه جميع الجثث مهما كان نوع عرقها .
وقد كانت الجمجمة المفحوصة طويلة وضيقة وكان ارتفاع التجويف الجمجمي ( أي المسافة التي تقع بين مجرى السمع وذروة الجمجمة ) متوسطة وكانت فوهتا المنخرين واسعتين .. وقد تسلح الدكتور ( كروجمان ) بشريط فولاذي للقياس وبفرجار دقيق وقاس جميع الأطوال الدقيقة وحسب النسب المختلفة بمجمل أقسام هذه الجمجمة ، وأطلق في النهاية حكمه أنها جمجمة ( زنجي أميركي ) .
بعد خمسة ملايين سنة يصبح الإنسان
عديم القدمين والمعدة والأمعاء وحبال الحنجرة
في خلال أوقات فراغ الدكتور ( كروجان ) يقوم هذا العالم بتخمين ما سيكون عليه إنسان المستقبل ، وهو يرى أن الجسم البشري تبع منذ مائة ألف عام تطورات كثيرة ستتبع بمثيلاتها . فالإنسان الذي سيعيش في الخمس ملايين سنة القادمة يستحق اسما جديدا ، وقد اسماه الدكتور (( كروجمان )) ( الإنسان ذو الدماغ المتفوق ) وقال : إننا نعجب في أيامنا هذه من الأدمغة الالكترونية ، التي تحل ملايين المعضلات الرياضية ، إن دماغ المستقبل سيسبقها بعيدا .. فستختفي المحاورة ـ بمعنى تبادل الكلمات ـ إذ إن الإنسان سيستخدم مبادئ الإيحاء أي أن ذلك يعني اختفاء الحبال الصوتية ، وسوف لا تكون له قدمان ولا يعني ذلك اختفاؤهما تماما إذ ستحل محلهما في نهاية عظام الفخذ نهايات مستديرة تستخدم في سبيل دعم ساقيه . وسوف يتغذى من الحبوب الكيمائية وسوف لا تكون له معدة أو أمعاء إنه إنسان يستحق الرؤية .
قال الدكتور كروجمان بلهجة حزينة ، إن من المؤسف أني لا أستطيع أن أعيش حتى ذلك الوقت لأفحص عظامه !!
عالم يرسم صورة غريبة عن الانسان بعد 5 ملايين سنة ؟!! ، "سيتكلم بالايحاء وتختفي حبال الحنجرة ، وتنعدم قدماه ويتغذى بالحبوب الكيميائية وليس له معدة ولا أمعاء .. إنسان يستحق الرؤية بعد خمسة ملايين سنة .. !"
وكما في المجلات فقد كانت الصحف تفرد مساحات واسعة للاخبار المترجمة والمنوعات ، لتضيف شيئا من الترفيه ، بالاضافة الى المواضيع السياسية والمحلية والمقالات التي كانت تشكل قسم كبير من صفحاتها.
ومن الملاحظ في الصحف السورية التي صدرت منذ بداية القرن العشرين ، بانه لم يكن لديها عدد محدد من الصفحات ، حيث ان عدد الصفحات يحدده مدى توفر الاخبار ، ولكن معظم الصحف كانت تصدر في 4 صفحات ومنها في 8 صفحات واحيانا كانت تصدر الصحيفة في صفحتين اثنتين!
ننقل لكم اليوم موضوع مترجم نشرته صحيفة الجمهور في العام 1955 ، عن عالم اميركي خبير في علم العظام ، وبعض القصص عن انجازاته في تحديد هوية بعض القتلى في عالم الجريمة ، بالاضافة الى مقطع يروي فيه تصوراته حول تطور هيئة الانسان بعد 5 ملايين عام.
استناداً إلى علمه الكامل بالجثث وبالعظام البشرية ...
فقد جعل الموتى يتكلمون
الدكتور كروجمان يقول : إنسان المستقبل سيسبق الأدمغة الالكترونية .!
جريدة الجمهور - 28 حزيران - 1955
سيتكلم بالايحاء وتختفي حبال الحنجرة ، وتنعدم قدماه ويتغذى بالحبوب الكيميائية وليس له معدة ولا أمعاء .. إنسان يستحق الرؤية بعد خمسة ملايين سنة .. !
من هو الرجل الذي أخرجت عظامه من مكان قرب الخط الحديدي في موضع مقفر ؟
هل يمكن أن يكون (( ريمون جاكسون )) شاب من المولدين ـ ( هندي زنجي ) ـ اختفى قبل ثمانية سنوات من توزيع تركة في الاوكلاهوما ، ولم يسمع أي إنسان عنه شيئاً .؟
لا شك في أن معرفته ستسوق ثروة لرجال البوليس والقضاء بعد أن اكتشف منابع للبترول التي كان يملكها السيد ريمون جاكسون بحسب التشاريع الأرثية في قبيلته ، ذلك أنه بعد ثلاثة أسابيع من اختفاء السيد ريمون ، قتل شاب هندي في (( بلوماوتن )) ( الجبل الأزرق ) لاركنساس على أثر سقوطه من قطار لنقل البضاعة حيث دفن بالقرب من الخط الحديدي .
وقد نقلت زفاته من موضع الدفن لتفحص أمام المحكمة ، وكان الأشخاص تهمهم الدعوى والذين كانوا يفتشون عن برهان يثبتون به أن جاكسون لم يمت كانوا يدعون بأن الهيكل العظمي الذي استخرج بالقرب من الخط الحديدي لا يمكن أن يكون جثة الشاب جاكسون بل هو هيكل شاب من العرق الأبيض في الثلاثين من عمره .
وقد دعي للتفتيش في مكان الدفن عن حقيقة الجثة الدكتور (( وليتون كروجمان )) من جامعة بنسلفانيا والمختص بعلم الجثث والعظام .
الأموات .. يتكلمون ..
لم يكن الأموات بالنسبة لهذا العالم سراً ، فهو منذ عشرين عاما من المساعدين الكبار لشركات التأمين ولرجال البوليس بشتى الظروف اعطه جمجماً وهيكلا عظمياً أو عظمة واحدة فحسب ، فهو على الغالب يستطيع أن يقول لك على وجه التأكيد ، عمر الميت وجنسه وعرقه ووزنه وطول قامته والحالة الصحية للشخص قبل موته .
فقد كان علم العظام حقيقياً يدرسه الدكتور كروجمان . أما في دعوى السيد (( ريمون جاكسون )) فقد صرح الدكتور كروجمان بعد أن فحص مجموعة العظام المعروضة أمامه بغية اعطاء أوصاف دقيقة للإنسان الميت بقوله : أن أنه ذكر ، ومن العرق المولد . هندي زنجي ، وطول قامته 1.66 وله من العمر ثمانية عشر عاماً ونصف العام .
حتى الديكة يعرف أعمارها
وفي أثناء فترة الاستراحة في جلسة المحاكمة كان المحامون والخبراء يتناولون معاً طعام الغذاء فتقدم أحد رجال القانون من الدكتور كروجمان قائلا :
ــ لو تعمقنا لوجدنا أن خبراء العظام جميعاً ليسوا على درجة كبرى من المعرفة كما يزعمون ...!
وجواباً على ذلك هز العالم الديك الذي كان يأكله وقال :
ــ هل تراهن على أن أعطيك عمر هذا الديك دون أن أخطئ تقدير ذلك أكثر من أسبوع ؟
فأجابه رجل القانون :
ــ لقد اتفقا على ذلك ــ
وأخذ كروجمان يفحص العظم بضع دقائق ثم صرح عن التاريخ الذي يعتقد فيه بأن الديك كان في القن ثم صرح الطاهي عن المرضح الذي اشترى منه الدجاج وبادر أحد المدعوين بالذهاب إلى المرضح فوراً وبعد بحث قصير في سجلات المزرعة ، تبين أن ما قاله الدكتور كروجمان كان صحيحاً وقد حكمت المحكمة بأن العظام التي استخرجت كانت عظام ( ريمون جاكسون ) .
كيف كان الجسم البشري
إن نشاط المختص بعلم العظام يهدف إلى تحديد ما كان عليه الجسم البشري في السابق وما هو عليه في أيامنا هذه وماذا سيكون مستقبل الهيكل العظمي على الرغم من أن المختصين بهذا العلم ليسوا أطباء فقد كان كروجمان دكتوراً في الفلسفة وهو كبقية زملائه من المختصين في هذا الفرع من العلوم يجب عليهم ألا يتجاهلوا غيره من العلوم كعلم التشريح وعلم الحياة ، وعلم الاحصاء .
هذه الصناديق والعظام
فكما أن بعض الأشخاص يستطيعون حل رموز برقية أرسلتها العظام فإن عدداً قليلاً من هؤلاء يضعون مواهبهم في خدمة التحريات الشرطية ..
وأعظم المشكلات يمكن أن تحلها هذه الصناديق التي تنقل إلى مكتب الدكتور ( كروجمان ) وكان أحد الصناديق يحوي على مجموعة من العظام التي أرسلها إليه ( بوليس ميشجان ) بصورة مستعجلة ، وكان الصندوق الأخر المرسل يحوي على جمجمة وجدت في مكان بعيد عن موضع الجرم الأول ، وسئل الدكتور عما إذا كان البوليس أمام جريمة أو اثنتين ؟ فأجاب رجل العلم ، نحن أمام جريمة واحدة فالعظام والجمجمة هي لهيكل عظمي واحد .
وكان صندوق ثالث يحوي على مجموعة من العظام المتفحمة وقد جمعت من جثة وجدت في سيارة محترقة .
وقد تساءلت شركة التأمين عما إذا كانت العظام الموجودة هي لنفس الشخص المؤمن بعد أن نفي الأطباء أن تكون لنفس المؤمن ، إذ تبين لهم أنها لشخص ذو قدم واحدة .
وقد أجاب كروجمان ، أن مجموعة العظام ينقصها عظم الساق ، ولكن حالة عظم الساق الأخرى تنبيئ أن صاحب الجثة كان ممن يمشون على قدميه لا على قدم واحدة .
وقدم تفصيلات أخرى عن قامة الشخص ووزنه وعمره وكانت بأجمعها موافقة لمواصفات المؤمن على حياته .
العظام تحكي قصة الجريمة
إن بإمكان العظام أن تقص علينا حكاية الجريمة .. وخلال التحريات التي جرت للعثور على مزارع من مقاطعة ( الأوهايو ) كان قد اختفى منذ زمن غير بعيد ، حولت أنظار البوليس إلى شقيق المقتول وقد اعترف أخيراً بأنه هو الذي قتل أخاه المزارع ببندقية صيد قبل تسعة أشهر وأنه دفن جثته بالقرب من المزرعة وادعى أنه كان في حالة دفاع عن النفس .
وقد طلب البوليس إلى كروجمان فيما إذا كان بوسعه أن يوضح معالم الجريمة بفحص العظام والضحية . وبعد دراسة طويلة دقيقة نجح العالم في وصف الطريقة التي حدث بها ارتكاب الجريمة .
فقد قام بحساب الزاوية التي دخل منها الرصاص ، وقرر أن الطلق الناري جرى من أسفل إلى أعلى من قبل شخص جاثم على قدميه بينما المجني عليه واقف على قدميه رافعاً ذراعه اليمنى .
ولقد جمعت هذه المعلومات إلى اعترافات القاتل التي كانت تنصب على أنه كان في حال دفاع عن نفسه من هجمات أخيه عليه بسكين رفعها في يده اليمنى وقد حولت دعوى القتل إلى دعوى القتل الخطأ .
من هو القتيل
وقد تلقى كروجمان مؤخراً هاتفاً من حاكم بنسلفانيا :
ــ لقد وجدنا هيكلا عظمياً في الغابات فهل تتفضلون بفحصه .
طبعاً ولا شك أرسلوه وسأفحصه في هذا المساء . وقام الطبيب كروجمان في مخبره ينزع غطاء التابوت ووجد نفسه أمام كتلة من العظام من جميع الأصناف ابتدأ بتركيبها ليعطيها قدر المستطاع شكل هيكل بشري إذ يجب بأن تؤلف 206 عظمات هيكلا تاما .
ووطد كروجمان نفسه للإجابة على الاسئلة التي تطرح عادة :
قبل كل شيء ما هو جنس المقتول . إن نقاط التقاط العضلات واضحة كما أن المفاصل قوية والجمجمة كبيرة ثم ان المنطقة الراسية تبين من زواياها البارزة أن عضلات الرقبة كانت قوية وينتج عن ذلك أن هذا الهيكل هو لإنسان ذكر (( من الولاة حتى الوفاة يلعب الهيكل العظمي دور الساعة المسجلة )) وقد أطال كروجمان بحثه وهو يحاول معرفة عدد السنوات التي سجلتها ساعة هذا الهيكل فلعظام طويلة وقد تم تركيبها واجراس العقل في مواضعها من الفك اذن فهذا الإنسان كان له من العمر أكثر من عشرين عاما ثم أن عظام الجمجمة بعيدة عن بعضها ومفصولة بخطوط الهولاندية وهي لا تتعظم إلا عند ما يقارب الإنسان سن الثلاثين .
وقد تبين أن أكثر من ثلاثة أرباع الجمجمة أصبحت خطوطها مغلقة مما يدل على أن عمر هذا الإنسان حوالي الأربعين من عمره .
ولكن ما هو عرق هذا الإنسان ؟
وهذا سؤال محير إذ لا يمكن أن يجاب عليه بكل سهولة ، فمن حيث المبدأ تتشابه جميع الجثث مهما كان نوع عرقها .
وقد كانت الجمجمة المفحوصة طويلة وضيقة وكان ارتفاع التجويف الجمجمي ( أي المسافة التي تقع بين مجرى السمع وذروة الجمجمة ) متوسطة وكانت فوهتا المنخرين واسعتين .. وقد تسلح الدكتور ( كروجمان ) بشريط فولاذي للقياس وبفرجار دقيق وقاس جميع الأطوال الدقيقة وحسب النسب المختلفة بمجمل أقسام هذه الجمجمة ، وأطلق في النهاية حكمه أنها جمجمة ( زنجي أميركي ) .
بعد خمسة ملايين سنة يصبح الإنسان
عديم القدمين والمعدة والأمعاء وحبال الحنجرة
في خلال أوقات فراغ الدكتور ( كروجان ) يقوم هذا العالم بتخمين ما سيكون عليه إنسان المستقبل ، وهو يرى أن الجسم البشري تبع منذ مائة ألف عام تطورات كثيرة ستتبع بمثيلاتها . فالإنسان الذي سيعيش في الخمس ملايين سنة القادمة يستحق اسما جديدا ، وقد اسماه الدكتور (( كروجمان )) ( الإنسان ذو الدماغ المتفوق ) وقال : إننا نعجب في أيامنا هذه من الأدمغة الالكترونية ، التي تحل ملايين المعضلات الرياضية ، إن دماغ المستقبل سيسبقها بعيدا .. فستختفي المحاورة ـ بمعنى تبادل الكلمات ـ إذ إن الإنسان سيستخدم مبادئ الإيحاء أي أن ذلك يعني اختفاء الحبال الصوتية ، وسوف لا تكون له قدمان ولا يعني ذلك اختفاؤهما تماما إذ ستحل محلهما في نهاية عظام الفخذ نهايات مستديرة تستخدم في سبيل دعم ساقيه . وسوف يتغذى من الحبوب الكيمائية وسوف لا تكون له معدة أو أمعاء إنه إنسان يستحق الرؤية .
قال الدكتور كروجمان بلهجة حزينة ، إن من المؤسف أني لا أستطيع أن أعيش حتى ذلك الوقت لأفحص عظامه !!
Comment