مازوشية الاحتلال الوطني ..وفقه الاسلام الأوروبي
بقلم نارام سرجون
في تبرير بذيء وشيطاني لطلب المساعدة من الناتووالأمم المتحدة ينفرد المعارضون العرب دون كل معارضات العالم باختراع مصطلحات تعمل عمل ممرات اجبارية ثقافية نحو التلذذ بتقبيل يد الاستعمار وتبجيلها ..المعارضات العربية تنفرد كأول مجموعة بشرية في التاريخ تجاهر بالعمل على تحرير أوطانها بدعم ألد أعداء الوطن ..ومايلفت النظر في سلوك هذه المعارضات العربية أنها تعاني من المازوشية السياسية..فهي تتلذذ بتعذيب الذات وهي تتباكى في كل المحافل الدولية وتحضر المؤتمرات في كل العواصم وتبدع في البكائيات التلفزيونية والمقابلات الجنائزية وتتفجع على الضحايا متوسلة دموع الغرب ..ولكي تكون رواياتها عن عنف السلطات مقنعة تلجأ هذه المعارضات الى تكتيك ومنطق المحرقة "الهولوكوست" في استجرار الدموع.
وأما الاسلاميون الأوربيون أصحاب الفقه الاسلامي الجديد (الاسلام المتأورب - من أوروبي) فهم فقهاء الاسلام الامبريالي الذي يطل علينا بثياب تركية هذه الأيام ..ومثالهم الواضح هو طارق رمضان وهو -للمفارقة- حفيد الشيخ حسن البنا مؤسس تنظيم الاخوان المسلمين الذي وفي مقابلة له على البي بي سي قبل شهر رمضان كان يتفلسف عن سماحة الاسلام وجنوحه للسلم في هذا الشهر المبارك..فسأله المذيع ان كان هذا ينطبق على المقاتلين في أفغانستان الذين يقاتلون التحالف الغربي فشدد المفكر الاسلامي طارق رمضان على أن ذلك هو عين الاسلام وعلى المقالتين المسلمين في افغانستان اظهار أقصى مالديهم من التسامح والحب لأعدائهم في هذا الشهر وايقاف الجهاد!!!..وهنا وقع رمضان في الفخ اذ سأله المذيع بخبث:وهل هذا ينطبق على الثوار في سوريا؟؟!! وهنا تلكأ رمضان في الاجابة لكنه استجمع كل شجاعة التناقض الذاتي وكل طاقة النسيان والافتاء لاتلاف ماقاله قبل لحظات في السؤال السابق وقال: لا ..القضية في سورية هي ثورة على الظلم والديكتاتورية والظلم لايتوقف ولذلك فالثورة لايجب أن تهدأ!! وبالذات في رمضان..هذا ماقاله طارق رمضان عن رمضان 2011 بكونه بردا وسلاما على الناتو ونارا وجحيما على السوريين..
أحسست أن عظام حسن البنا قد طقطقت في تربته وهو يسمع حفيده يجتهد ويطلق هذه "الرذائل" الاسلامية وأحسست أن حسن البنا يتمنى من الله احياءه من جديد لدقائق ليعود الى الدنيا ليصفع هذا الحفيد الذي "يؤورب" الاسلام ويفصله كالأزياء في دار كريستيان ديور..هذا الاسلام الجديد يجب أن يسمى اسلام كريستيان ديور حسب المواسم والفصول الأوروبية ..وطارق رمضان وأمثاله يشبه عارضات الأزياء بخصورهن النحيلة الأوروبية الممشوقة وعظام أكتافهن البارزة ودلال مشيتهن أثناء العرض..طارق رمضان يفصل الاسلام على مقاس أوروبا.. وليس على مقاسنا ومقاس نبينا..
هناك اختراعات وفقه ديني وسياسي ومصطلحات لاأدري في الحقيقة من الذي اجترحها ولو أنني أعتقد بقوة أنها من منتجات معاهد الأبحاث السياسية الغربية المتخصصة في اعادة تكوين وتشكيل الثقافة للشعوب (وبالذات العربية) وخربطة المشاعر واعطاب ذاكرتها واللعب ببرمجيات الذهن العربي..هناك قناعة لدى المؤسسات الغربية بأن هذه الشعوب الشرقية تحررت بسبب تجذر فكرة الجهاد والحرية وعدم قبول الهزيمة في ثقافتها.. ولابد من قهر هذه الثقافة جينيا بتغيير مفاهيمها ومصطلحاتها ..واجراء عمليات تعديل وراثي على جيناتها الثقافية..عبرخلق قطيعة مع فكرها كما خلقت القطيعة بين الأتراك وكل تاريخهم من خلال حيلة بسيطة وهي تغيير الحروف التركية من عربية الى لاتينية فصار التركي تائها بلا ذاكرة يمر بالقصور والمدن التركية ولايفهم ماكتب جده على جدرانها..فكان تغيير الحروف عملية استئصال واخصاء للثقافة وتطعيما لها لقبول المنتج الفكري الغربي ..أي القطيعة مع التاريخ بمثابة عملية "أيدزة" للثقافة مثل فيروس الايدز الذي يدمر ذاكرة جهاز المناعة البشري فلا يتعرف على أي عدو فيروسا كان أم جرثوما..ساركوزيا كان أم أردوغانا..كاميرونا كان أم أوباما ..
من هذه المصطلحات الدخيلة التي تكررها المعارضات العربية –وفقهاء المعارضة السورية تحديدا- مصطلح (الاحتلال الوطني الذي حل محل الأجنبي) أي ان الأنظمة الحاكمة تحولت الى احتلال آخر يجب النظر اليه على أنه احتلال يستدعي اعلان الجهاد ضدها بمثل سوية الجهاد ضد الاستعمار والاحتلال الأجنبي الخارجي ..كان مصطلح "الاحتلال" عبر التاريخ حكرا على الاحتلال الخارجي وصار الآن يطلق حتى على الديكتاتوريات الداخلية .. واللعبة اللفظية هنا في منتهى الخبث لأنه لايوجد احتلال وطني بل قد توجد ديكتاتورية وطنية وظلم وخلافات داخلية وطنية حدثت على مدى التاريخ البشري ضمن كل المجتمعات لكنها تعطى في معارضاتنا صفة الاحتلال والتي تضفي عليها لونا مختلفا فيه مازوشية مؤلمة.
لفظة "الاحتلال" بحد ذاتها تكفي للوصول لتبرير السعي للتحالف مع ألد الأعداء لالحاق الهزيمة بالقوة المحتلة (كما تحالف الشيوعيون الحمر مع الامبرياليين الأمريكيين ضد النازي المحتل) وهنا يبدو ادخال مصطلح "الاحتلال الوطني" من قبل المعارضات العربية توطئة خسيسة لتبرير تحالفات غير منطقية لتحقيق نصر في المعركة ضد هذا الذي صنّف احتلالا .. وهذا يوصل الى تبرير –يراد اظهاره أخلاقيا- للتحالف مع ألد أعداء الوطن حتى لو كان هذا العدو هو حكومات سايكس بيكو التي باعتنا بالمفرق في سوق الأمم كما يبيع النخّاس عبيده ..وحتى لو كان هذا العدو هو الأمريكي الذي احتل العراق وأرسل القنابل العملاقة لقصف المدن والقرى العربية على مدى نصف قرن، والذي اخترع فظائع (أبو غريب) وغوانتامو واليورانيوم المنضب في ترابنا.. بل وحتى لو كان هذا العدو هو الاسرائيلي نفسه..تحالف بعيد عن المنطق ومخالف للتاريخ والجغرافيا والأخلاق..والعقل..تحالف لايبرره حتى السكارى والمقامرون في لاس فيغاس
من المفاهيم المطروحة في سوق المصطلحات الجديدة مفهوم أن الاسرائيليين لم يقتلوا من العرب خلال فترة الصراع العربي الاسرائيلي كما قتلت منهم أنظمتهم الديكتاتورية وأن مايفعله الديكتاتور العربي أكثر بشاعة مما تفعله اسرائيل .. وفي هذا تقريب للعدو الأبدي وتحبيب به، وزيادة الفجوة والجفاء بين الفرقاء في الوطن..ولكن في هذا تجاهل سخيف لحقيقة أن الصراعات الداخلية في أي بلد وفي أي تاريخ لأي مجموعة بشرية وفي ظل أنظمة الحكم الديكتاتورية وربما غير الديكتاتورية أو الحروب الأهلية قد يقتل من الناس أكثر مما تقتله الحروب الخارجية.. ولكن تبقى هذه النزاعات الدموية والممارسات القمعية جزءا من تاريخ الشعوب التي تعلمها الدروس وتعلمها الوطنية ولاتعلمها الخيانة..ولاأدري ان كان مثلا من قتل على يد الحجاج بن يوسف الثقفي في العراق أقل ممن قتل في معركة اليرموك أو القادسية..فالتاريخ يقول ان سجون العراق أيام الحجاج كانت مكتظة وكانت تسمع أصواتهم الى البعيد في كل مكان وكان عدد القتلى العرب بسبب الخلاف الداخلي والتسلط في الحكم ابان تلك الفترة الأموية الحرجة كثيرا جدا ..ومع هذا بقي الحجاج عربيا وبقي خلافنا مع نهجه ضمن ثقافتنا العربية ولم أسمع أن المعارضات العربية آنذاك طلبت النصرة من الروم أو أهل بيزنطة وهم على مرمى حجر وفي توق للتدخل ونصرة "المظلوم" للعودة الى ديارنا..بل على العكس استعان العرب المعارضون بالعنصر الفارسي لأنه دخل في الاسلام وصار ضمن الدولة العربية فحدث انقلاب داخل الدولة العربية قاده أبو مسلم الخراساني برعاية الحركة العباسية التي تولت السلطة فورا وتخلصت من أبي مسلم الخراساني نفسه..ولم يذهب معارضو البيت الأموي الى قصور بيزنطة وعرضوا ببكائياتهم كيف يتم التنكيل بالمعارضين ولم يطلبوا الغوث ..بل ان التاريخ لايزال يعاتب بمرارة هارون الرشيد العباسي لأنه تصادق مع الملك الفرنسي شارلمان وأرسل له (ساعة تدق) كهدية اشتهرت قصتها عندما خافت منها حاشية الملك الفرنسي .. فيما كان شارلمان هو الذي يحارب المسلمين في اسبانيا وهو الذي قتل جيش عبد الرحمن الغافقي في معركة بلاط الشهداء في بواتييه..
الدور التركي الذي تم الترحيب به (كدور مسلم) يبقى خارجيا وليس اسلاميا ولا داخليا لأنه ليس من ضمن الدولة العربية كي يقال انه استغاثة بعنصر مسلم ..والعنصر التركي اليوم ليس مسلما مستقلا ليقال ان أردوغان يمكن أن يكون أبا مسلم الخراساني، لأن تركيا حلف في الناتو "العدو" وليس في المحور الاسلامي الذي كان يتشكل بين الأسد ونجاد وحزب الله وحماس، وكانت تركيا مدعوة بقوة للانضمام لهذا التحالف فخذلته لصالح تحالفها مع الناتو، وأردوغان لم يستطع أن يكون أبا مسلم الخراساني أو أبا جعفر المنصور فهو تابع وليس متبوعا فهو لم يسمح له بزيارة ليبيا الا بعد زيارة ساركوزي وكاميرون فبدا كابن آوى ينتظر النمور الضارية حتى تنتهي من التهام ألذ مافي الفريسة قبل أن تترك له البقايا ....
ومن المصطلحات والمفاهيم التي يروّج لها أن 40 أو 50 سنة من حكم "الحزب الواحد" كافية وآن أن يتم تغيير سياسي ولو بالقوة..ولكن الأهم من مفهوم ضرورة التغيير السياسي هو ثمن وتوقيت التغيير السياسي الذي قد يفضي الى لااستقرار لن يفيد فيه بعد اليوم أي تغيير سياسي .. ولم أسمع أن التغيير يطلب بسبب طول مقام نظام حكم أو نهج في السياسة بل بسبب فشل سياسي ذريع..ومايطلب عادة اصلاح سياسي ...والمضحك أن الديمقراطية الأمريكية تنقل الشعب الأمريكي من كتف الحمار (الحزب الديمقراطي) الى كتف الفيل (الحزب الجمهوري) منذ عشرات السنين وليس هناك كبير فرق بين الحزبين الا بسياسة الانفاق والرفاهية ولكن ليس في الاستراتيجيات الكبرى ولافي تغيير الأعداء..ولم يقل أحد ان عقودا طويلة من هذا النظام كافية وآن لنا أن نغيرها لأن الحاكم الرئيسي هو مجموعة الكارتيلات والشركات الضخمة والاحتكارات الكبرى..وهذه الديمقراطية الأمريكية التي يتغنى بها العرب المعارضون الصغار تصرفت ببربرية تجاه مواطنيها الأمريكيين ذوي الأصول اليابانية بعد هجوم اليابان على بيرل هاربر حيث احتجز المواطنون الأمريكيون من أصول يابانية في معسكرات اعتقال ضخمة خوفا من انفجار ولائهم لليابان ..وهنا لم تنفع الدساتير الديمقراطية وحقوق المواطنة في حماية المواطنين من خطأ وسلوك الحكومة الأمريكية..ومع هذا لم يطلب هؤلاء المواطنون نصرة اليابان ولاتحريرهم من قبل النازيين لأن نظام الحكم الأمريكي هدر كرامتهم..
بل ان النظام السياسي البريطاني وهو أعرق ديمقراطيات العالم يعاني من خلل فظيع وعيب لايزال مصدر نقاش منذ عقود حتى الآن ولم يطلب أحد من قادة المعارضة البريطانية الثورة أوتدخل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي. فبحسب النظام الانتخابي البريطاني يفوز بأغلبية مقاعد البرلمان البريطاني اما حزب العمال أو المحافظين حسب عدد الدوائر الانتخابية لكل حزب .. فمثلا ان فاز أحدهما بمئة دائرة انتخابية وفاز الآخر بمئة وعشرة دوائر، حسم أمر الحكم لصالح الدوائر الأكثر..لكن الحزب الديمقراطي الليبرالي (الحزب الثالث) وجد منذ عقود أن عدد السكان في الدوائر الانتخابية ليس متساويا فهناك دائرة فيها عشرة آلاف مواطن لها مقعد واحد وصوت واحد في البرلمان فيما دائرة أخرى فيها 300 ألف مواطن لها مقعد واحد وصوت واحد أيضا ...واذا أريد الأخذ بعدد الناخبين في الدوائر لحصل الحزب الثالث (الذي لم يفز بحياته) بأغلبية أصوات الناخبين البريطانيين لأن دوائره الانتخابية هي ذات الكثافة السكانية الكبرى فيما الحزبان الرئيسيان يمثلان الدوائر ذات الكثافة السكانية الضعيفة .. ولكن دهاقنة السياسة في أعرق الديمقراطيات تعللوا أن النظام الانتخابي لايمكن تغييره الا بتصويت برلماني، أي بتصويت البرلمان الذي غالبيته من حزبي العمال والمحافظين وهو مارفض النواب عمله لسنوات كثيرة..ولذلك اشترط (نك كليغ) رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي البريطاني في انتخابات عام 2010 التي أطاحت بحكومة حزب العمال أن يناقش هذا القانون الانتخابي مقابل انضمامه الى تحالف مع حزب المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون..ومع هذا فقد التف كاميرون وحزبه على هذا الشرط بعد أن تشكل التحالف ونسيه (كليغ) في الكواليس لأن هذا النقاش قد يهدد الاقتصاد البريطاني الذي يعاني من أزمة هذه الأيام ..وفضلت المعارضة استقرار العملة والجنيه الاسترليني والاقتصاد والرفاهية للمجتمع على المطلب المزمن باصلاح الدستور والقانون الانتخابي الذي فيه غبن لغالبية الشعب البريطاني الذي بأكثريته يصوت للديمقراطيين الأحرار فيما معظم المقاعد تذهب للحزبين المنافسين..ولم يطالب البريطانيون بتدخل أحد ولم يتباكوا على شاشات السي ان ان..بل هم يناقشون هذه المسألة مئات المرات في دوراتهم البرلمانية..
والتاريخ مليء بالديكتاتوريات ومليء بالنزاعات الداخلية وتبادل الظلم الداخلي لكن لم نسمع بالفصل السابع مطلوبا الا من قبل المعارضين العرب الكسالى الذين يثرثرون في زواريب باريس وأحياء لندن وواشنطن من أمثال رضوان زيادة وبسام جعارة ورزان زيتونة وغيرهم..ففي اسبانيا حكم الجنرال فرانكو هذا البلد كديكتاتور منذ الحرب العالمية الثانية وحتى وفاته عام 1974 (لعدة عقود) ولم تطلب المعارضة الاسبانية تدخل الأمم المتحدة ضد الديكتاتورية ولم يطلب أحد قصف المدن أو الجيش الاسباني..ولاطلب اسباني واحد حظرا جويا ولابحريا على اسبانيا لاسقاط فرانكو..
مايؤلم أن من يطلب التدخل الدولي يعرف أن التدخل الدولي الغربي لايفكر بنا بل يفكر بمنتهى الأنانية بمصالحه وسلامة أرضه، فمثلا الهجوم على الترسانة العسكرية السورية يعني استخدام أسلحة شديدة التدمير وخاصة ضد آلاف المدرعات والخرسانات الهائلة لمخازن الصواريخ ومنصات اطلاقها ..والسلاح المتاح بهذه الفاعلية لدى الغرب هو قذائف اليورانيوم المنضب الذي سيلوث التراب والهواء لآلاف السنين وسيسبب تشوهات في الجينات ومواليد مشوهة لآلاف السنين كما هو الحال في الفلوجة العراقية وجنوب العراق حيث تحلق مستويات السرطانات العجيبة والتشوهات الى أرقام خيالية مذهلة (عشرات الأضعاف) والعارفون بالتفاصيل المرعبة يعرفون ماذا أعني..
ولنعرف حكمة الشعوب الواعية نمر على درس من دروس الحرب العالمية الثانية ففي نهايتها تجادل الحلفاء حول: على أي من الدولتين يجب القاء القنبلة الذرية ألمانيا أم اليابان ..كانت الرغبة عارمة لدى الحلفاء في احراق المدن الألمانية بالقنبلة الذرية الأولى ليكون الألمان درسا لغيرهم من الشعوب ..لكن الأوروبيين اعترضوا على ذلك بسبب أن ذلك سيلحق أضرارا بيئية بأوروبا ولذلك تقرر القاء الدرس على العالم بمعاقبة اليابان بالقنبلة الذرية الأولى لبعدها عن أوروبا بدلا من ألمانيا..انتصرت الرغبة بسلامة بلدانهم على الرغبة العارمة بالانتقام من الألمان..
أقول وقد ناحت بقربي حمامة ---أيا جارتا لو تعلمين بحالي
أياجارتا ماأنصف الدهر بيننا --- تعالي أقاسمك الهموم تعالي
تعالي تري روحا لدي حزينة ---تردد في جسم يعذب بالي
أيضحك مأسور وتبكي طليقة ----- ويسكت محزون ويندب سالي
قد كنت أولى منك بالدمع مقلة ------لكن دمعي في الحوادث غال
كانت الصورة الأولى التي حملتها له الحمامة هي صورة الاخونجي مصطفى عبد الجليل في طرابلس يتوسط ديفيد كاميرون ونيكولا ساركوزي وهو يرفع يديهما في حبور وفرح طاغيين في اعلان انتصار التحالف المخجل ...وكانت الصورة الثانية صورة أردوغان في طرابلس يلقي محاضرة الحرية والدم والشعوب ..والصورة الثالثة صورة عزمي بشارة يخاطب السوريين من أنقرة محرضا على الثورة وقد نسي كل فلسطين ..ولما نظر أبو فراس في الصورة الأخيرة توقف مليا يتأملها ..
توقف أبو فراس عند الصورة الأخيرة ثم ابتسم ..وابتسم ..ثم لم يملك نفسه أن ضحك ..وضحك حتى سمعت ضحكته الصحارى والفيافي الشرقية ..فاستغربت الحمامة سبب هذا الضحك حتى أن أبا فراس انقلب على ظهره في زنزانته من شدة الضحك..وأطلت الحمامة من بين قضبان النافذة ثم نظرت بفضول الى الصورة التي غيرت مزاج أبي فراس من الحزن الى الضحك الصاخب والقهقهة فماذا وجدت ياشباب؟؟
وجدت في الصورة وجها غريبا .. فهو وجه برهان غليون وقد ارتدى كوفية العرعور ولحيته فيما وقف على جانبه الأيمن الثائر رضوان زيادة .. وكتب تحت الصورة:
أجاز العرعوري فعال شيء ------- وقال أبو أركيلة* لايجوز
فضلّ الشيب والشبان منا ------- ومااهتدت الفتاة ولاالعجوز
(* أبو أركيلة) هو اللقب الذي تم ترفيع الغليون اليه بعد تنصيبه رئيسا للمجلس السوري الانتقالي..
وبالطبع سئل الشيخ القرضاوي عن حلال الفكرة فما كان منه الا أن قال : ومالو !! لكن أعتقد (من غير رموز وشيفرات ياعطوان) أن الشيخ حمد هو من يجب أن يتناول (الدالوب) الأزرق على سنة الله ورسوله (سنّة الله وليس سوناتا ياعطوان) في تلك الليلة المقمرة ليلة 14 فبراير وهو في ذلك البيت الغامض السري الذي تسميه رمزيا (بيت هوّ فين)؟) ..
فسأله عطوان ماذا تقصد ؟؟ فقال القرضاوي: الدولاب الأزرق يأخذه الرجال عادة في مناسبات كهذه في ذلك البيت الرومانسي الذي لايعرفه أحد (بيت هوّ فين) ..فلم يفهم عبد الباري مقصد الرجل فقال القرضاوي محتجا: الله هو انت فاكرني مش فاهم ..ولا انت بتستعبط ..الدولاب الأزرق هو الحبة الزرقاء ياراجل ..الفياغرا ياراجل .. لكن أنا والأمير لأسباب خاصة يكون القرص ضخما كالدولاب لأن الأقراص الصغيرة لاتكفينا..هذا هو الاسم الذي نطلقه على الفياغرا الأميرية (الدولاب الأزرق) وليس الدالوب الازرق
ياعطوان قل للأميربصريح العبارة: خذ حبة زرقاء على سنة الله ورسوله في ليلة 14 فبرايرالمقمرة في بيت –لامواخذة- الحب..من غير لف ولادوران ..حرام عليك أن تمتحن ذكاء الأمير وأنت عارف انه محدود لامواخذةصل النقاش لذروته وعطوان يكاد يخرج من ثيابه وهو منفعل ويجحظ عينيه فتنطح برهان غليون لحل المعضلة واقترح أن يخصص المجلس الانتقالي السوري دورته القادمة لمناقشة الهدية الأميرية في الفالانتاين واقترح مساعده بسام جعارة أن يتم تأليف أوبرا شبيهة بأوبرا (دايدو واينياز) الشهيرة للحبيبين القطريين على ان يتم تسميتها أوبرا (حمايدو وأمواز) في يوم الفالانتاين
عندما سمع أردوغان بمعضلة صديقه الأمير بعث له مقترحا أن ينسى مسرح البولشوي وفلسفات عطوان وغليون والتي لاتناسب تراثنا واقترح عليه أن يبعث له بمسرح (كركوز وعواظ) في تلك الليلة الرومانسية فهو من التراث التركي الشرقي وكراكوز وعواظ جاهزان للانطلاق في الحال ..وبالفعل فقد وصل كركوز وعواظ الى الدوحة للتسرية عن موزة في يوم الفالانتاين ..أما كاراكوز فكان المعارض السوري رضوان زيادة وأما عواظ فكان المعارض السوري حازم النهار ..لكن مفاجأة الفالانتاين التي حدثت هي أن الأمير ارتدى تحت جلابيته ثياب راقص الباليه الضيقة التي قدمها له مسرح البولشوي كهدية فاقشعر وجه موزة واصفر وهي ترى راقص الباليه الكركدن القطري وهو يغني لها بصوته الأوبرالي نشيدا كتبه له صديقه الصدوق عزمي بشارة تقول:
اني أحبك فاعلمي ---- ان لم تكوني تعلمين......حبا أقل قليله ...كجميع موز العالمين
بقلم نارام سرجون
في تبرير بذيء وشيطاني لطلب المساعدة من الناتووالأمم المتحدة ينفرد المعارضون العرب دون كل معارضات العالم باختراع مصطلحات تعمل عمل ممرات اجبارية ثقافية نحو التلذذ بتقبيل يد الاستعمار وتبجيلها ..المعارضات العربية تنفرد كأول مجموعة بشرية في التاريخ تجاهر بالعمل على تحرير أوطانها بدعم ألد أعداء الوطن ..ومايلفت النظر في سلوك هذه المعارضات العربية أنها تعاني من المازوشية السياسية..فهي تتلذذ بتعذيب الذات وهي تتباكى في كل المحافل الدولية وتحضر المؤتمرات في كل العواصم وتبدع في البكائيات التلفزيونية والمقابلات الجنائزية وتتفجع على الضحايا متوسلة دموع الغرب ..ولكي تكون رواياتها عن عنف السلطات مقنعة تلجأ هذه المعارضات الى تكتيك ومنطق المحرقة "الهولوكوست" في استجرار الدموع.
وأما الاسلاميون الأوربيون أصحاب الفقه الاسلامي الجديد (الاسلام المتأورب - من أوروبي) فهم فقهاء الاسلام الامبريالي الذي يطل علينا بثياب تركية هذه الأيام ..ومثالهم الواضح هو طارق رمضان وهو -للمفارقة- حفيد الشيخ حسن البنا مؤسس تنظيم الاخوان المسلمين الذي وفي مقابلة له على البي بي سي قبل شهر رمضان كان يتفلسف عن سماحة الاسلام وجنوحه للسلم في هذا الشهر المبارك..فسأله المذيع ان كان هذا ينطبق على المقاتلين في أفغانستان الذين يقاتلون التحالف الغربي فشدد المفكر الاسلامي طارق رمضان على أن ذلك هو عين الاسلام وعلى المقالتين المسلمين في افغانستان اظهار أقصى مالديهم من التسامح والحب لأعدائهم في هذا الشهر وايقاف الجهاد!!!..وهنا وقع رمضان في الفخ اذ سأله المذيع بخبث:وهل هذا ينطبق على الثوار في سوريا؟؟!! وهنا تلكأ رمضان في الاجابة لكنه استجمع كل شجاعة التناقض الذاتي وكل طاقة النسيان والافتاء لاتلاف ماقاله قبل لحظات في السؤال السابق وقال: لا ..القضية في سورية هي ثورة على الظلم والديكتاتورية والظلم لايتوقف ولذلك فالثورة لايجب أن تهدأ!! وبالذات في رمضان..هذا ماقاله طارق رمضان عن رمضان 2011 بكونه بردا وسلاما على الناتو ونارا وجحيما على السوريين..
أحسست أن عظام حسن البنا قد طقطقت في تربته وهو يسمع حفيده يجتهد ويطلق هذه "الرذائل" الاسلامية وأحسست أن حسن البنا يتمنى من الله احياءه من جديد لدقائق ليعود الى الدنيا ليصفع هذا الحفيد الذي "يؤورب" الاسلام ويفصله كالأزياء في دار كريستيان ديور..هذا الاسلام الجديد يجب أن يسمى اسلام كريستيان ديور حسب المواسم والفصول الأوروبية ..وطارق رمضان وأمثاله يشبه عارضات الأزياء بخصورهن النحيلة الأوروبية الممشوقة وعظام أكتافهن البارزة ودلال مشيتهن أثناء العرض..طارق رمضان يفصل الاسلام على مقاس أوروبا.. وليس على مقاسنا ومقاس نبينا..
هناك اختراعات وفقه ديني وسياسي ومصطلحات لاأدري في الحقيقة من الذي اجترحها ولو أنني أعتقد بقوة أنها من منتجات معاهد الأبحاث السياسية الغربية المتخصصة في اعادة تكوين وتشكيل الثقافة للشعوب (وبالذات العربية) وخربطة المشاعر واعطاب ذاكرتها واللعب ببرمجيات الذهن العربي..هناك قناعة لدى المؤسسات الغربية بأن هذه الشعوب الشرقية تحررت بسبب تجذر فكرة الجهاد والحرية وعدم قبول الهزيمة في ثقافتها.. ولابد من قهر هذه الثقافة جينيا بتغيير مفاهيمها ومصطلحاتها ..واجراء عمليات تعديل وراثي على جيناتها الثقافية..عبرخلق قطيعة مع فكرها كما خلقت القطيعة بين الأتراك وكل تاريخهم من خلال حيلة بسيطة وهي تغيير الحروف التركية من عربية الى لاتينية فصار التركي تائها بلا ذاكرة يمر بالقصور والمدن التركية ولايفهم ماكتب جده على جدرانها..فكان تغيير الحروف عملية استئصال واخصاء للثقافة وتطعيما لها لقبول المنتج الفكري الغربي ..أي القطيعة مع التاريخ بمثابة عملية "أيدزة" للثقافة مثل فيروس الايدز الذي يدمر ذاكرة جهاز المناعة البشري فلا يتعرف على أي عدو فيروسا كان أم جرثوما..ساركوزيا كان أم أردوغانا..كاميرونا كان أم أوباما ..
من هذه المصطلحات الدخيلة التي تكررها المعارضات العربية –وفقهاء المعارضة السورية تحديدا- مصطلح (الاحتلال الوطني الذي حل محل الأجنبي) أي ان الأنظمة الحاكمة تحولت الى احتلال آخر يجب النظر اليه على أنه احتلال يستدعي اعلان الجهاد ضدها بمثل سوية الجهاد ضد الاستعمار والاحتلال الأجنبي الخارجي ..كان مصطلح "الاحتلال" عبر التاريخ حكرا على الاحتلال الخارجي وصار الآن يطلق حتى على الديكتاتوريات الداخلية .. واللعبة اللفظية هنا في منتهى الخبث لأنه لايوجد احتلال وطني بل قد توجد ديكتاتورية وطنية وظلم وخلافات داخلية وطنية حدثت على مدى التاريخ البشري ضمن كل المجتمعات لكنها تعطى في معارضاتنا صفة الاحتلال والتي تضفي عليها لونا مختلفا فيه مازوشية مؤلمة.
لفظة "الاحتلال" بحد ذاتها تكفي للوصول لتبرير السعي للتحالف مع ألد الأعداء لالحاق الهزيمة بالقوة المحتلة (كما تحالف الشيوعيون الحمر مع الامبرياليين الأمريكيين ضد النازي المحتل) وهنا يبدو ادخال مصطلح "الاحتلال الوطني" من قبل المعارضات العربية توطئة خسيسة لتبرير تحالفات غير منطقية لتحقيق نصر في المعركة ضد هذا الذي صنّف احتلالا .. وهذا يوصل الى تبرير –يراد اظهاره أخلاقيا- للتحالف مع ألد أعداء الوطن حتى لو كان هذا العدو هو حكومات سايكس بيكو التي باعتنا بالمفرق في سوق الأمم كما يبيع النخّاس عبيده ..وحتى لو كان هذا العدو هو الأمريكي الذي احتل العراق وأرسل القنابل العملاقة لقصف المدن والقرى العربية على مدى نصف قرن، والذي اخترع فظائع (أبو غريب) وغوانتامو واليورانيوم المنضب في ترابنا.. بل وحتى لو كان هذا العدو هو الاسرائيلي نفسه..تحالف بعيد عن المنطق ومخالف للتاريخ والجغرافيا والأخلاق..والعقل..تحالف لايبرره حتى السكارى والمقامرون في لاس فيغاس
من المفاهيم المطروحة في سوق المصطلحات الجديدة مفهوم أن الاسرائيليين لم يقتلوا من العرب خلال فترة الصراع العربي الاسرائيلي كما قتلت منهم أنظمتهم الديكتاتورية وأن مايفعله الديكتاتور العربي أكثر بشاعة مما تفعله اسرائيل .. وفي هذا تقريب للعدو الأبدي وتحبيب به، وزيادة الفجوة والجفاء بين الفرقاء في الوطن..ولكن في هذا تجاهل سخيف لحقيقة أن الصراعات الداخلية في أي بلد وفي أي تاريخ لأي مجموعة بشرية وفي ظل أنظمة الحكم الديكتاتورية وربما غير الديكتاتورية أو الحروب الأهلية قد يقتل من الناس أكثر مما تقتله الحروب الخارجية.. ولكن تبقى هذه النزاعات الدموية والممارسات القمعية جزءا من تاريخ الشعوب التي تعلمها الدروس وتعلمها الوطنية ولاتعلمها الخيانة..ولاأدري ان كان مثلا من قتل على يد الحجاج بن يوسف الثقفي في العراق أقل ممن قتل في معركة اليرموك أو القادسية..فالتاريخ يقول ان سجون العراق أيام الحجاج كانت مكتظة وكانت تسمع أصواتهم الى البعيد في كل مكان وكان عدد القتلى العرب بسبب الخلاف الداخلي والتسلط في الحكم ابان تلك الفترة الأموية الحرجة كثيرا جدا ..ومع هذا بقي الحجاج عربيا وبقي خلافنا مع نهجه ضمن ثقافتنا العربية ولم أسمع أن المعارضات العربية آنذاك طلبت النصرة من الروم أو أهل بيزنطة وهم على مرمى حجر وفي توق للتدخل ونصرة "المظلوم" للعودة الى ديارنا..بل على العكس استعان العرب المعارضون بالعنصر الفارسي لأنه دخل في الاسلام وصار ضمن الدولة العربية فحدث انقلاب داخل الدولة العربية قاده أبو مسلم الخراساني برعاية الحركة العباسية التي تولت السلطة فورا وتخلصت من أبي مسلم الخراساني نفسه..ولم يذهب معارضو البيت الأموي الى قصور بيزنطة وعرضوا ببكائياتهم كيف يتم التنكيل بالمعارضين ولم يطلبوا الغوث ..بل ان التاريخ لايزال يعاتب بمرارة هارون الرشيد العباسي لأنه تصادق مع الملك الفرنسي شارلمان وأرسل له (ساعة تدق) كهدية اشتهرت قصتها عندما خافت منها حاشية الملك الفرنسي .. فيما كان شارلمان هو الذي يحارب المسلمين في اسبانيا وهو الذي قتل جيش عبد الرحمن الغافقي في معركة بلاط الشهداء في بواتييه..
الدور التركي الذي تم الترحيب به (كدور مسلم) يبقى خارجيا وليس اسلاميا ولا داخليا لأنه ليس من ضمن الدولة العربية كي يقال انه استغاثة بعنصر مسلم ..والعنصر التركي اليوم ليس مسلما مستقلا ليقال ان أردوغان يمكن أن يكون أبا مسلم الخراساني، لأن تركيا حلف في الناتو "العدو" وليس في المحور الاسلامي الذي كان يتشكل بين الأسد ونجاد وحزب الله وحماس، وكانت تركيا مدعوة بقوة للانضمام لهذا التحالف فخذلته لصالح تحالفها مع الناتو، وأردوغان لم يستطع أن يكون أبا مسلم الخراساني أو أبا جعفر المنصور فهو تابع وليس متبوعا فهو لم يسمح له بزيارة ليبيا الا بعد زيارة ساركوزي وكاميرون فبدا كابن آوى ينتظر النمور الضارية حتى تنتهي من التهام ألذ مافي الفريسة قبل أن تترك له البقايا ....
ومن المصطلحات والمفاهيم التي يروّج لها أن 40 أو 50 سنة من حكم "الحزب الواحد" كافية وآن أن يتم تغيير سياسي ولو بالقوة..ولكن الأهم من مفهوم ضرورة التغيير السياسي هو ثمن وتوقيت التغيير السياسي الذي قد يفضي الى لااستقرار لن يفيد فيه بعد اليوم أي تغيير سياسي .. ولم أسمع أن التغيير يطلب بسبب طول مقام نظام حكم أو نهج في السياسة بل بسبب فشل سياسي ذريع..ومايطلب عادة اصلاح سياسي ...والمضحك أن الديمقراطية الأمريكية تنقل الشعب الأمريكي من كتف الحمار (الحزب الديمقراطي) الى كتف الفيل (الحزب الجمهوري) منذ عشرات السنين وليس هناك كبير فرق بين الحزبين الا بسياسة الانفاق والرفاهية ولكن ليس في الاستراتيجيات الكبرى ولافي تغيير الأعداء..ولم يقل أحد ان عقودا طويلة من هذا النظام كافية وآن لنا أن نغيرها لأن الحاكم الرئيسي هو مجموعة الكارتيلات والشركات الضخمة والاحتكارات الكبرى..وهذه الديمقراطية الأمريكية التي يتغنى بها العرب المعارضون الصغار تصرفت ببربرية تجاه مواطنيها الأمريكيين ذوي الأصول اليابانية بعد هجوم اليابان على بيرل هاربر حيث احتجز المواطنون الأمريكيون من أصول يابانية في معسكرات اعتقال ضخمة خوفا من انفجار ولائهم لليابان ..وهنا لم تنفع الدساتير الديمقراطية وحقوق المواطنة في حماية المواطنين من خطأ وسلوك الحكومة الأمريكية..ومع هذا لم يطلب هؤلاء المواطنون نصرة اليابان ولاتحريرهم من قبل النازيين لأن نظام الحكم الأمريكي هدر كرامتهم..
بل ان النظام السياسي البريطاني وهو أعرق ديمقراطيات العالم يعاني من خلل فظيع وعيب لايزال مصدر نقاش منذ عقود حتى الآن ولم يطلب أحد من قادة المعارضة البريطانية الثورة أوتدخل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي. فبحسب النظام الانتخابي البريطاني يفوز بأغلبية مقاعد البرلمان البريطاني اما حزب العمال أو المحافظين حسب عدد الدوائر الانتخابية لكل حزب .. فمثلا ان فاز أحدهما بمئة دائرة انتخابية وفاز الآخر بمئة وعشرة دوائر، حسم أمر الحكم لصالح الدوائر الأكثر..لكن الحزب الديمقراطي الليبرالي (الحزب الثالث) وجد منذ عقود أن عدد السكان في الدوائر الانتخابية ليس متساويا فهناك دائرة فيها عشرة آلاف مواطن لها مقعد واحد وصوت واحد في البرلمان فيما دائرة أخرى فيها 300 ألف مواطن لها مقعد واحد وصوت واحد أيضا ...واذا أريد الأخذ بعدد الناخبين في الدوائر لحصل الحزب الثالث (الذي لم يفز بحياته) بأغلبية أصوات الناخبين البريطانيين لأن دوائره الانتخابية هي ذات الكثافة السكانية الكبرى فيما الحزبان الرئيسيان يمثلان الدوائر ذات الكثافة السكانية الضعيفة .. ولكن دهاقنة السياسة في أعرق الديمقراطيات تعللوا أن النظام الانتخابي لايمكن تغييره الا بتصويت برلماني، أي بتصويت البرلمان الذي غالبيته من حزبي العمال والمحافظين وهو مارفض النواب عمله لسنوات كثيرة..ولذلك اشترط (نك كليغ) رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي البريطاني في انتخابات عام 2010 التي أطاحت بحكومة حزب العمال أن يناقش هذا القانون الانتخابي مقابل انضمامه الى تحالف مع حزب المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون..ومع هذا فقد التف كاميرون وحزبه على هذا الشرط بعد أن تشكل التحالف ونسيه (كليغ) في الكواليس لأن هذا النقاش قد يهدد الاقتصاد البريطاني الذي يعاني من أزمة هذه الأيام ..وفضلت المعارضة استقرار العملة والجنيه الاسترليني والاقتصاد والرفاهية للمجتمع على المطلب المزمن باصلاح الدستور والقانون الانتخابي الذي فيه غبن لغالبية الشعب البريطاني الذي بأكثريته يصوت للديمقراطيين الأحرار فيما معظم المقاعد تذهب للحزبين المنافسين..ولم يطالب البريطانيون بتدخل أحد ولم يتباكوا على شاشات السي ان ان..بل هم يناقشون هذه المسألة مئات المرات في دوراتهم البرلمانية..
والتاريخ مليء بالديكتاتوريات ومليء بالنزاعات الداخلية وتبادل الظلم الداخلي لكن لم نسمع بالفصل السابع مطلوبا الا من قبل المعارضين العرب الكسالى الذين يثرثرون في زواريب باريس وأحياء لندن وواشنطن من أمثال رضوان زيادة وبسام جعارة ورزان زيتونة وغيرهم..ففي اسبانيا حكم الجنرال فرانكو هذا البلد كديكتاتور منذ الحرب العالمية الثانية وحتى وفاته عام 1974 (لعدة عقود) ولم تطلب المعارضة الاسبانية تدخل الأمم المتحدة ضد الديكتاتورية ولم يطلب أحد قصف المدن أو الجيش الاسباني..ولاطلب اسباني واحد حظرا جويا ولابحريا على اسبانيا لاسقاط فرانكو..
مايؤلم أن من يطلب التدخل الدولي يعرف أن التدخل الدولي الغربي لايفكر بنا بل يفكر بمنتهى الأنانية بمصالحه وسلامة أرضه، فمثلا الهجوم على الترسانة العسكرية السورية يعني استخدام أسلحة شديدة التدمير وخاصة ضد آلاف المدرعات والخرسانات الهائلة لمخازن الصواريخ ومنصات اطلاقها ..والسلاح المتاح بهذه الفاعلية لدى الغرب هو قذائف اليورانيوم المنضب الذي سيلوث التراب والهواء لآلاف السنين وسيسبب تشوهات في الجينات ومواليد مشوهة لآلاف السنين كما هو الحال في الفلوجة العراقية وجنوب العراق حيث تحلق مستويات السرطانات العجيبة والتشوهات الى أرقام خيالية مذهلة (عشرات الأضعاف) والعارفون بالتفاصيل المرعبة يعرفون ماذا أعني..
ولنعرف حكمة الشعوب الواعية نمر على درس من دروس الحرب العالمية الثانية ففي نهايتها تجادل الحلفاء حول: على أي من الدولتين يجب القاء القنبلة الذرية ألمانيا أم اليابان ..كانت الرغبة عارمة لدى الحلفاء في احراق المدن الألمانية بالقنبلة الذرية الأولى ليكون الألمان درسا لغيرهم من الشعوب ..لكن الأوروبيين اعترضوا على ذلك بسبب أن ذلك سيلحق أضرارا بيئية بأوروبا ولذلك تقرر القاء الدرس على العالم بمعاقبة اليابان بالقنبلة الذرية الأولى لبعدها عن أوروبا بدلا من ألمانيا..انتصرت الرغبة بسلامة بلدانهم على الرغبة العارمة بالانتقام من الألمان..
أبو فراس وحمامة الثوار العرب
كان أبو فراس الحمداني يطل من نافذة زنزانته عندما أطلت حمامة زاجلة باكية حملت له مجموعة صور من صور الثورات العربية التي ماان تأملها أبو فراس حتى اغرورقت عيناه بالدمع لكن فروسية أبي فراس ردعت الدمعتين من الانحدار على وجنتيه .. وأنشد قصيدته الشهيرة: :أقول وقد ناحت بقربي حمامة ---أيا جارتا لو تعلمين بحالي
أياجارتا ماأنصف الدهر بيننا --- تعالي أقاسمك الهموم تعالي
تعالي تري روحا لدي حزينة ---تردد في جسم يعذب بالي
أيضحك مأسور وتبكي طليقة ----- ويسكت محزون ويندب سالي
قد كنت أولى منك بالدمع مقلة ------لكن دمعي في الحوادث غال
كانت الصورة الأولى التي حملتها له الحمامة هي صورة الاخونجي مصطفى عبد الجليل في طرابلس يتوسط ديفيد كاميرون ونيكولا ساركوزي وهو يرفع يديهما في حبور وفرح طاغيين في اعلان انتصار التحالف المخجل ...وكانت الصورة الثانية صورة أردوغان في طرابلس يلقي محاضرة الحرية والدم والشعوب ..والصورة الثالثة صورة عزمي بشارة يخاطب السوريين من أنقرة محرضا على الثورة وقد نسي كل فلسطين ..ولما نظر أبو فراس في الصورة الأخيرة توقف مليا يتأملها ..
توقف أبو فراس عند الصورة الأخيرة ثم ابتسم ..وابتسم ..ثم لم يملك نفسه أن ضحك ..وضحك حتى سمعت ضحكته الصحارى والفيافي الشرقية ..فاستغربت الحمامة سبب هذا الضحك حتى أن أبا فراس انقلب على ظهره في زنزانته من شدة الضحك..وأطلت الحمامة من بين قضبان النافذة ثم نظرت بفضول الى الصورة التي غيرت مزاج أبي فراس من الحزن الى الضحك الصاخب والقهقهة فماذا وجدت ياشباب؟؟
وجدت في الصورة وجها غريبا .. فهو وجه برهان غليون وقد ارتدى كوفية العرعور ولحيته فيما وقف على جانبه الأيمن الثائر رضوان زيادة .. وكتب تحت الصورة:
أجاز العرعوري فعال شيء ------- وقال أبو أركيلة* لايجوز
فضلّ الشيب والشبان منا ------- ومااهتدت الفتاة ولاالعجوز
(* أبو أركيلة) هو اللقب الذي تم ترفيع الغليون اليه بعد تنصيبه رئيسا للمجلس السوري الانتقالي..
فالانتاين حمد وموزة
يقال ان حمد أمير قطر في عيد الفالانتاين أراد أن يقدم لموزة بنت مسند هدية (عيد الحب) فاستشار أخلص مستشاريه وهو عزمي بشارة الذي طلب منه 45 دقيقة ليفكر لأنه يحل الأشياء الصعبة في 45 دقيقة ..وبعد مرور 45 دقيقة ارتأى عزمي أنه بعد فوز قطر بموندال 2022 فلا هدية لموزة في عيد الحب تعادل في رومانسيتها أن يشتري الأمير مسرح البولشوي الروسي الشهير لرقص الباليه ويقدمه لها في عيد الحب..وعلل ذلك بالقول (أنت تعرف موزة تحب أن تخرج الصحراء من حياتها).. واقتنع الأمير بالفكرة غيرأن الروس لم يقبلوا ببيع أحد رموزهم الثقافية لهذا الكركدن العربي لكنهم اقترحوا عليه أن يؤسسوا له مسرح باليه يكون بمثابة البولشوي القطري.. وعندما شكا الأمير لعبد الباري عطوان ماحدث وبحضور الشيخ القرضاوي قال له عطوان متفذلكا: ان عزمي لايزال متأثرا بأيام كان شيوعيا اسرائيليا ويحب كل شيء روسي ..وأضاف متحذلقا: أعتقد من الأفضل أن تقدم للأميرة موزة في يوم الفالانتاين الدانوب الأزرق على سوناتا "ضوء القمر" لبيتهوفن ..هذا أرقى وأكثر تعبيراوبالطبع سئل الشيخ القرضاوي عن حلال الفكرة فما كان منه الا أن قال : ومالو !! لكن أعتقد (من غير رموز وشيفرات ياعطوان) أن الشيخ حمد هو من يجب أن يتناول (الدالوب) الأزرق على سنة الله ورسوله (سنّة الله وليس سوناتا ياعطوان) في تلك الليلة المقمرة ليلة 14 فبراير وهو في ذلك البيت الغامض السري الذي تسميه رمزيا (بيت هوّ فين)؟) ..
فسأله عطوان ماذا تقصد ؟؟ فقال القرضاوي: الدولاب الأزرق يأخذه الرجال عادة في مناسبات كهذه في ذلك البيت الرومانسي الذي لايعرفه أحد (بيت هوّ فين) ..فلم يفهم عبد الباري مقصد الرجل فقال القرضاوي محتجا: الله هو انت فاكرني مش فاهم ..ولا انت بتستعبط ..الدولاب الأزرق هو الحبة الزرقاء ياراجل ..الفياغرا ياراجل .. لكن أنا والأمير لأسباب خاصة يكون القرص ضخما كالدولاب لأن الأقراص الصغيرة لاتكفينا..هذا هو الاسم الذي نطلقه على الفياغرا الأميرية (الدولاب الأزرق) وليس الدالوب الازرق
ياعطوان قل للأميربصريح العبارة: خذ حبة زرقاء على سنة الله ورسوله في ليلة 14 فبرايرالمقمرة في بيت –لامواخذة- الحب..من غير لف ولادوران ..حرام عليك أن تمتحن ذكاء الأمير وأنت عارف انه محدود لامواخذةصل النقاش لذروته وعطوان يكاد يخرج من ثيابه وهو منفعل ويجحظ عينيه فتنطح برهان غليون لحل المعضلة واقترح أن يخصص المجلس الانتقالي السوري دورته القادمة لمناقشة الهدية الأميرية في الفالانتاين واقترح مساعده بسام جعارة أن يتم تأليف أوبرا شبيهة بأوبرا (دايدو واينياز) الشهيرة للحبيبين القطريين على ان يتم تسميتها أوبرا (حمايدو وأمواز) في يوم الفالانتاين
عندما سمع أردوغان بمعضلة صديقه الأمير بعث له مقترحا أن ينسى مسرح البولشوي وفلسفات عطوان وغليون والتي لاتناسب تراثنا واقترح عليه أن يبعث له بمسرح (كركوز وعواظ) في تلك الليلة الرومانسية فهو من التراث التركي الشرقي وكراكوز وعواظ جاهزان للانطلاق في الحال ..وبالفعل فقد وصل كركوز وعواظ الى الدوحة للتسرية عن موزة في يوم الفالانتاين ..أما كاراكوز فكان المعارض السوري رضوان زيادة وأما عواظ فكان المعارض السوري حازم النهار ..لكن مفاجأة الفالانتاين التي حدثت هي أن الأمير ارتدى تحت جلابيته ثياب راقص الباليه الضيقة التي قدمها له مسرح البولشوي كهدية فاقشعر وجه موزة واصفر وهي ترى راقص الباليه الكركدن القطري وهو يغني لها بصوته الأوبرالي نشيدا كتبه له صديقه الصدوق عزمي بشارة تقول:
اني أحبك فاعلمي ---- ان لم تكوني تعلمين......حبا أقل قليله ...كجميع موز العالمين