حارة اليهود.. من دون يهود.. فهل يعودون
كتبت- دعاء جمال البادى الأثنين , 07 يناير 2013 22:55
بخفة أوصدوا الباب..أحاطوا خطواتهم بالصمت، هبطوا الطابق الثانى فالأول، ثم إلى الزقاق الضيق.كثرة الأحمال والأزقة تُربكهم، ويزيد الأمر تعقيداً مع الاقتراب من قنديل قديم يتدلى من واجهة أحد المحلات المصطفة بالحارة.. الريح الخفيف يأخذ نور القنديل ذهاباً وإيابًا ليكشف عن الوجوه الخائفة من افتضاح أمرها، فيختلط الخوف مع تخيلات تحقق حلمهم ليكون لا مفر من مواصلة سيرهم.لعل جميع جيرانهم يغطون فى ثُبات عميق، أما هم فلا نوم قبل الخروج من تلك البقعة التى ضاقت بهم، فما جدوى العيش فى بلد آخر مهما كانت درجة ارتباطهم به طالما أرض الميعاد تنتظر مجيئهم ليبدأوا حياة أخرى على جثث عربية.وكالعادة تستيقظ الحارة ذات الأزقة المتعددة صباحاً لتكتشف اختفاء أسرة يهودية أخرى، فيتحسر الجيران على طول العشرة ويهرولون طامحين لشراء ممتلكاتها من مسئولى الطائفة اليهودية، فتبدأ السيطرة اليهودية على المنطقة فى التآكل حتى النسيان.قبل نحو ستين عاماً كانت الأسر اليهودية تهرب من حارة اليهود ومن مناطق عدة تمركزوا بها بتلك الطريقة، فيجمعون كل مايستطيعون حمله من ملابس وأموال ثم يتخفون فى عتمة الليل ليرحلوا بحراً إلى اسرائيل تاركين خلفهم وطناً يسمى عدو الآن فى كتب أولادهم وأحفادهم المدرسية.
كانت الأمور عادية قبل انتهاء الأسبوع الماضى، فاليهود الإسرائيليون بالنسبة للمصريين فى الألفية الثانية هم أعداء يحتلون قطعًا من الأرض العربية، ويقتلون الفلسطينيين بغية القضاء على أصحاب الأرض، مع عدم تغافل كونهم عدوًا يطل برأسه كل حين لانتهاز فرصة انتزاع منطقة سيناء مرة أخرى، لكن ما بدا فى الأفق من تصريحات الدكتور عصام العريان مستشار رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الإخوان المسلمين، التى تدعو اليهود المصريين الذين هاجروا إلى اسرائيل للعودة إلى مصر واسترجاع ممتلكاتهم، يبث تخوفات من امكانية تلبية الدعوة بالفعل ومطالبة الدولة المصرية بتعويضات عن الممتلكات سواء التى تم بيعها أو تركها دون بيع أو ما تم تأميمه.
حارة اليهود .. بدون يهود
ضجيج الباعة وضيق الأزقة المتداخلة التىتفضى نهاياتها إلى لا شىء، يجعل السير داخل حارة اليهود ليس بالأمر اليسير.. البنايات قليلة الطوابق وذات الجدران المتآكلة تتوه وسط زحام المارة والسلع المعروضة للبيع.
وكأن الحارة شقت لنصفين، السفلى منها يعيش حياة الألفية الثانية وسط بهجة محلات سكنت الأدوار الأرضية للبنايات لتبيع معظمها لعب الأطفال والإكسسوارات النسائى، والعلوى منها يحيا هناك وسط ذكريات تراكمت عليها الأتربة فتلاشت عن غير مدققى الرؤية.أصوات تتلقفنى لدخول المحلات ورؤية المنتجات.."لن أشترى" بحزم أرد على الباعة، فى البداية تخيلت أن تصميم حارة اليهود كباقى الحارات لكنها مختلفة فهى تضم نحو 350 زقاقا، أى أن غير الدارس لطبيعة المكان يحمل لقب تائهة من الدرجة
الأولى، فلا أمل فى الوصول إلى المبتغى دون السؤال كل عشرة أمتار من السير.ذهب اليهود ومعهم كل شىء إلا اسم حارتهم تركوه؛ ليجعلوا كل من يمر بها يسأل عن سر التسمية فيجيبه متطوعون غالباً يكونون من الباعة، وحتى اليهود القلائل الذين رفضوا الهجرة إلى اسرائيل وترك وطنهم تُوفوا تباعاً ولم يبق منهم أحد، وبحسب الاحصاءات فيعيش أربعون يهوديًا فقط فى مصر كلها منهم ثلاثون فى الاسكندرية وجميعهم طاعنون فى السن.وتتبع حارة اليهود حى الجمالية وكان بها 13معبدًا للطائفة اليهودية، لكن لم يتبق منهم سوى ثلاثة فقط وهم "موسى بن ميمون" و"بار يوحاى" و"أبو حاييم كابوسى".
أسطورة بن ميمون
سور حديدى منخفض يسهل اجتيازه لأى راغب يحيط بالمعبد ذو الطابق الواحد، لا شىء يبدو نشازاً فى المشهد سوى تلك المئذنة الملاصقة له، فمسجد الرحمن لا يفصله عن موسى بن ميمون سوى متر ونصف.يقابل الزائر لوحا رخاميا مكتوبا عليه باللغة العبرية ما معناه "معبد ومقام السيد موسى بن ميمون"، ولم تسلم واجهته الخارجية من أيادى صبيان الحارة فكتبوا بخطوط مهتزة "شياطين الجمالية".
"موسى بن ميمون" أهم معبد فى الحارة خاصة بعد ترميمه قبل أربعة أعوام، ويتداول أهالى حارة اليهود أسطورة أن المقام يخلو من رفات صاحبه فقد أُخذ بعد نكسة 1967 ليستقر فى إسرائيل، كما يروون لصغارهم أن بن ميمون كان الطبيب الخاص لصلاح الدين الأيوبى محرر القدس من سطوة الصليبين، وتستمر الأسطورة لتشمل اعتناق بن ميمون الإسلام قبل وفاته.بلحية بدأ البياض يكسوها وأسنان آخذة فى الضياع، يجلس الحاج سيد حسن أمام ورشته، ينظر حيناً للمعبد اليهودى الذى يبرز فى خلفيته مئذنة المسجد ثم يباشر عمله.
تردد قبل الحديث معى عن ذكريات تمتد لأكثر من ستين عاماً، مبرراً ذلك بكون حديثه لن يعجب الكثيرين، أجابته "طالما رأيك واقعاً عشته فلتروى دون تردد".أبداً لا يمكن أن ينسى طفولته فى الأزقة حيث اللعب مع أطفال اليهود، كانوا يأكلون سراً فى رمضان خشية إزاء مشاعر المسلمين، كما كان عادياً أن يتزوج المسلم من اليهودية ويترك لها زوجها الحرية فى أن تظل على ديانتها أو اعتناق الإسلام.
ثلاث عائلات مسلمة فقط كانت تقتطن الحارة والباقى من اليهود، كانت نظيفة تملأ شوارعها الزهور والعطور يوم السبت، لم يكن هناك ما يميز المسلم عن اليهودى، فالعيش فى سلام كان رغبة أصحاب الديانتين، كما يروى الحاج سيد.
يرتكن على الحائط المقابل للمعبد بعدما أحس بتعب الوقوف، ليؤكد أنه اشترى منزله المجاور لموسى بن ميمون من مسئولى الطائفة اليهودية، ثم قال :" فاتورة الكهرباء والمياه تأتينى حتى الآن باسم إليهوى شالوم وهو الشخص الذى كلف الطائفة قبل هجرته إلى اسرائيل ببيع أرضه التى بنيت عليها بيتى"، ونفى ذو الأسنان الآخذة فى الضياع الادعاءات القائلة إن المصريين استغلوا هروب اليهود ليشتروا ممتلكاتهم بأثمان باخسة، متابعاً حديثه:" اشتريت متر الأرض بنفس سعر السوق وهو 2,70جنيه"، لكن ذلك لا ينفى بحسب قوله إن هناك مَن احتلوا بعض البنايات دون شراء.
يفرك العجوز جبهته فى حركة دلالية على صعوبة استرجاع الذكريات، صمت قليلاً ثم أكمل :" لم يعد هناك أى يهود فى الحارة وآخر ما بقى منهم كانت الست سوسو وتوفيت منذ خمس سنوات"، ولم تكن سوسو التى توفت بعد سن الثمانين امرأة عادية فكانت تجوب محلات الحارة؛ لتغنى أغانى ليلى مراد ومحمد فوزى مقابل قليل من المال.
يشير بيد مرتعشة إلى المدرسة المقابلة للمعبد، مؤكداً أن مسئولى الطائفة اليهودية قد أجروها إلى وزراة التربية والتعليم.
رغم كل الذكريات التى تخلو من أى مشكلات مع اليهود، إلا أن العجوز يرفض عودتهم مرة أخرى، مستنكراً دعوة الدكتور عصام العريان.ويبرر رفضه بكون اليهود مغتصبين لأرض الفلسطنيين قائلا:" كل اليهود الموجودين بإسرائيل عنصريون ولا
يمكن عودتهم واذا كان لهم حق فى أى ممتلكات فهو يسقط بالتقادم"، مؤكداً أن من سيعودون هم أبناء وحفدة يهود مصر وكلهم مجندون فى الجيش الاسرائيلى أى أعداء.
حديقة معبد تتحول إلى محل إكسسوارات
واضعاً ساقاً فوق أخرى، مدققاً فى جريدة يمسكاً براحتيه، يجلس مجاهد إبراهيم الذى اغتال البياض سواد شعره، أمام محلاكسسوارات نسائى يديره ابنه الذى لم ياخذ كثيراً من قسمات وجه والده.تكشف ضحكته التى قابلنى بها تلاشى الصف السفلى من أسنانه، لا شىء يؤثر طالما الضحكة باقية.. المعبد الملاصق للمحل تماماً مثل أسنان العجوز تلاشت ملامحه مع طول الهجرة.أدخلنى المحل وجلس قبالتى واضعاً ساقاً فوق أخرى، مستمراً فى ضحكته التى اتخذت فى الاتساع مع بدء الحديث.
"المحل الذى نجلس فيه الآن هو حديقة معبد بار يوحاى الملاصق لنا" بذلك بدء حديثه، ليوضحه بكون صاحب البيت اشترى أرض الحديقة بعد هجرة اليهود من الطائفة اليهودية.لا مجال للمقارنة بين الحارة قديماً والآن كما يؤكد ابراهيم، فالهدوء والنظافة كانوا سمة الماضى مرجعاً ذلك لاقتصار الحارة على السكن فقط فلم تكن هناك أى محلات إلى جانب قلة عدد الساكنين،" بعد الخامسة مساءً لم يكن أحد يمر بالشارع إلا فيما ندر"، أما مع تحول كل أدوار البنايات الأرضية إلى محلات ذاعت الضوضاء.
هاجر اليهود وابراهيم فى الثانية عشرة من عمره، ولم يبادل خروجهم فرحاً أو حزناً، لا يتذكر كثير من الأحداث لكنه يؤكد فى أكثر من جملة اهتمام الطائفة اليهودية بملابسهم وأنواع الأطعمة التى يأكلوها"، كما أنه يوضح أن المسلمين كان عددهم قليل جدا فى الحارة وتقتصر أعمالهم على خدمة اليهود فاشتغلوا بالسباكة وتربية الطيور والبقالة.قبل الرحيل باع أكثرهم ممتلكاتهم إلى العاملين لديهم مكتفين بأخذ ما يملك العامل من أموال على أن يتم تسديد الباقى فيما بعد، ويتدخل ابنه خالد ليقول ساخراً " لا نعتقد أن العمال أرسلوا باقى مستحقات اليهود".
ويتابع الوالد أن مسئولى الطائفة اليهودية تكفلت ببيع كثير من ممتلكات اليهود إلى المصريين، وقد تم الاحتفاظ ببعض الأسماء كما هى حتى الان مثل بقالة اليهودى بيساح التى أصبح اسمها "سيد بيساح".
لا يمكن أن يتصور العجوز فكرة عودة اليهود مرة أخرى، لأن الحقد والكراهية تمكنت من قلوبهم كما يصف، ثم يكمل " لقد تشبعوا بالصهيونية لذا فرجعوهم خطر"، متوقعاً أن يكون الرجوع خطة لتكرار ما حدث فى فلسطين حيث شراء ممتلكات المصريين لتصبح أرضهم.
الأودش... مساكن الفقراء
تتفحصنى بنظرة متوجسة، فأبتسم لتبديد التوجس دون فائدة، هى عجوز يبدو أنها فارقت الثمانين عاماً، لا تصدق مطلقاً رغم محاولات إقناعها أنى لست يهودية، "أنتى صحفية يهودية ستأخذنى أخبارنا لتبثيها فى إسرائيل" هكذا أقنعت نفسها وتحاول اقناعى، ثم تلقى العجوز بمياه ملوثة أمامى لتدفعنى إلى الانصراف.
ترفض الحديث أو السماح لى بالتجول داخل "الأودش" وهو مبنى يتكون من طابقين به حجرات متعددة، وقد بناه اليهود ليسكن به فقراؤهم من الطائفة غير القادرين على بناء بيوت وكان الأغنياء يوفرون لساكنى "الأودش" الطعام والشراب وكل ما يحتاجونه.
الرفض يبدو منطقياً مع اكتشاف أن وجودهم فى "الأودش" غير قانونى فلا أوراق تثبت ملكيتهم للحجرات.
يمر رجل عجوز فاستوقفته طالبة منه التجول بالداخل لكنه أيضاً يرفض، فأسأله عن رأيه فى دعوة العريان لكنه لا يعرف مستشار الرئيس، فاشرح له الموقف ليبدو عليه الانزعاج ثم بعد تفكير يقول: "أوافق على العودة ولكن ليدفعوا لنا ثمن الرحيل من هنا".
استئذنتها فقط فى النظر داخل حجرتها التى تقع فى مقدمة الأودش فوافقت، طول الغرفة حوالى ثلاثة أمتار وعرضها متران، مرفقة بحمام، متهالكة كباقى المبنى، حتماً تُذكر بالعشوائيات.قريباً من الأودش يجلس الحاج سمير محمود وشهرته "عنتر بلالا" أمام صندوق يطلى عبره المعادن، يؤكد لى أن فقراء اليهود كانوا ينعمون بحياة مرفهة داخل "الأودش" التى أسماها المسلمون "التكية".
الحاج سمير رغم اندهاشه من فكرة عودة اليهود لكنه عرض مساومة رآها عادلة وهى دفع
إسرائيل تعويضات عن شهداء وجرحى حروب 1948و1956و1967و1973، مؤكداً أن اليهود قبل هجرتهم باعوا ممتلكاتهم وحصلوا على أثمان البيع وسمحنا لهم بذلك رغم أن كان بينهم جواسيس يعملون ضد مصر.
يهود مصر منذ القدم
أرسل ابنه الصغير مع إخوته بعد إلحاح ليساعدهم فى رعى الأغنام، فلم يعد الصغير، قالوا لآباهم سقط فى غيابات البئر، لم يصدقهم وقد صدق فكان ولده هناك داخل قصر الفرعون بعدما تأمرت نفوس الأخوة عليه، عاش هناك ونمى فكره حتى أمره الله ببدء الدعوة داخل سجنه، ليفك كربه ويعينه أميناً على خزائن الطعام.
ظل يعقوب بن اسحاق منتظراً ابنه، ولما أطاحت المجاعة ببطون الجائعين سافر باقى أبنائه إلى مصر التى عرفت بأمر الجفاف قبل قدومه؛ لعلهم يستطيعون الحصول على حبوب، وكان يمكنهم تخيل العودة دون الطعام ومن ثم الهلاك لكنهم أبداً لم يأتِ فى بالهم أن الشخص الذى سيطعم بطونهم الجائعة هو نفسه أخوهم الذى ألقوه فى البئر ليتخلصوا من حب أبيهم الزائد له.
كان مجىء أخوة سيدنا يوسف بن يعقوب إلى مصر هو أول دخول لليهود إلى أرض نهر النيل، ثم بعد ذلك بدأت نبوة سيدنا موسى فكلمه الله فى جبل الطور بسيناء وأنزل التوراة عليه قبل هروبه مع بنى اسرائيل من بطش فرعون بعدما آمن سحرته برسالة نبى الله.
وظلت العلاقة التجارية بين اليهود ومصر بعد استقرارهم فى فلسطين، لكن بدأ النزوح مرة أخرى إلي أرض الوادى فى عهد إرميا النبى رغم تحذيراته بعدم الذهاب، وكان ذلك متزامناً مع حكم ابريس من ملوك الأسرة السادسة والعشرين الفرعونية.
وعاشت الطائفة اليهودية على مر العصور داخل مصر بين ازدهار لتجارتها كما فى العهد الرومانى والطولونى والأيوبى، وسوء معاملتها مثلما حدث فى عهد الحاكم بأمر الله أحد حكام الدولة الفاطمية وكذلك فى عصر المماليك .
وفى القرنين الماضيين تغلغل اليهود داخل الاقتصاد المصرى وكان عددهم يقدر بمئات الآلاف، وعاش كثير مهم فى حارة اليهود ولكن من تزيد ثروته فكان ينتقل إلى أحياء عابدي وباب اللوق ومصر الجديدة.
وأمسك اليهود بزمام أهم الصناعات فامتلكوا محلات الذهب والنسيج والحلويات والحديد مثل صيدناوى وهانو، وأسسوا دور العرض السينمائى ومنها ريفولى، والبنوك كالبنك العقارى المصرى.
وجاءت بداية هجرتهم إلى اسرائيل بعد حرب 1948 عقب اعلان الدولة العبرية، ثم زاد الأمر بعد ثورة يوليو 1952، لكن اتضاح الصورة فى شكل هجرة كان مع العدوان الثلاثى على مصر واحتلال سيناء فى عام 1956، ومع عام النكسة 1967 أصبح لا يتعدى عدد اليهود الموجودين فى مصر سوى المئات إلى أن تقلصوا إلى عشرات.
تهريب وثائق ممتلكات اليهود
وأمام التخوفات من عودة اليهود ومطالبتهم بتعويضات عن أملاكهم سواء التى تم بيعها أو لم يتم، فتستوقفنا عدة حوادث منها ما نشر فى الصحف حول محاولة سيدة تهريب مستندات إلى الأردن ثم اسرائيل تضم أوراق ملكية بعض اليهود لممتلكات وأراضى دخل مصر.
وتبين أن الوئاثق تزن ألف كيلو من الورق القديم تعود عمرها إلى عام 1863، منها تأسيس أسر " سوارس ورولو وقطاوى" لبنوك، وعقود تأسيس سلاسل محلات تجارية منها صيدناوى، وهانو، وعدس وبنزايون وريفولى.وقد أوضحت مصادر أمنية أن المستندات تم الحصول عليها من دار المحفوظات بشكل غير شرعى، وكشفت أن الوثائق تضمنت حسابات أمراء أقاموا فى مصر وقت حكم الخديوى اسماعيل ومنها أوراق امتلاك الأمير السورى لطف الله قصر بمنطقة الزمالك تبين أنه مكان "فندق ماريوت".ولا يمكن تغافل التنازع على عدد من عقارات حارة اليهود بين رجال أعمال مصريين، كعقارى 9 و11 بدرب الكتاب، فعائلة على حسين شبانة تؤكد شرائها للعقارين من عائلة يهودية قبل هجرتها، لكن رجل أعمال يؤكد أنه اشتراه من الطائفة اليهودية، وكذلك العقار رقم 15 بحارة الصقالبة، الذى يتنازع عليه رجل الأعمال عبد الهادى حسن سلامة والطائفة اليهودية، واختصم رجل الأعمال
الطائفة، بسبب رفضها تسليمه أرض المعبد البالغ مساحتها 462 مترا مربعا والتى قام بشرائها بعقود ابتدائية، بتاريخ 21-1-2006، مقابل مبلغ قدره مليون وتسعمائة وخمسين ألف جنيه، وأى كان الطرف الصادق فهناك كارثة فالتشكيك فى ملكية المصريين للمبانى يعنى امكانية دخول طرف ثالث فى النزاع وهو اليهود.
وتبرز الأزمة مع إلقاء الضوء على اثارة اسرائيل لقضية أملاك اليهود بين الحين والآخر، كما حدث فى عام 1979 بعد توقيع معاهدة السلام، وأيضاً فى عام 1998عقب اثارة القاهرة
قضية الأسرى المصريين.
ولم تتمكن "الوفد" من اجراء حوار مع رئيسة الطائفة اليهودية فى مصر وهى "كارمنويتشاين" لظروف سفرها خارج البلاد.
يهود يرفضون العودة
لا يمكن أن تمر تصريحات دكتور عصام العريان دون تعليق يهودى، خاصة عندما تصدر عن ممثل بارز لجماعة الاخوان المسلمين التى تبر بحكم اسلام للدولة المصرية، فوصف عازي نجار، رئيس جمعية يهود مصر في إسرائيل ورئيس جمعية مطالبي حقوق يهود الدول العربية، دعوة العريان بغير المنطقية، مؤكدا فى الوقت نفسه حب
اليهود المصريين لبلدهم الأصلى.
وأضاف نجار أن العودة أصبحت مستحيلة لاستقرارهم فى اسرائيل مهما بلغت الأوضاع مثالية فى مصر، وتساءل قائلا: "لماذا نعود إلى دول لا تحترم حقوق الأقليات ونحن ننعم بالديمقراطية فى إسرائيل؟"، وتابع: "لسنا مجانين ولا أغبياء لنعود".
القانون لا يسمح بالعودة
قال الدكتور إبراهيم أحمد، رئيس قسم القانون الدولى الخاص بكلية الحقوق جامعة عين
شمس، إن القانون الاسرائيلى يمنح أى شخص يحمل الديانة اليهودية الجنسية الاسرائيليةبمجرد دخوله الدولة العبرية، موضحاً أن يهود مصر ذهبوا إلى اسرائيل بإرادتهم وفضلوا جنسيتها على المصرية.
وأشار إلى أن القانون المصرى ينص على إسقاط الجنسية المصرية عن أى شخص يتصف فى أى وقت من الأوقات بالصهيونية لذا فلا سبيل لعودة اليهود من أصول مصرية وفقاً للقانون.
وحول إمكانية حصول يهود مصر على تعويضات أو ارجاع ممتلكاتهم، نفى إبراهيم امكانية اللجوء إلى التحكيم الدولى لكون الأمر محل النزاع ليس بين الدولة المصرية وأفراد يهود بالاضافة إلى أن ذلك يقتضى موافقة الدول أطراف النزاع، لكن يمكن رفع دعاوى قضائية داخل مصر فى حال امتلاك اليهود لعقود ملكية، لافتاً إلى أن ذلك قد يفتح الباب لمطالبة الاسرائيليين بمبالغ خيالية لارتفاع قيمة العقارات والأراضى وهو ما سيكهل عبئاً اقتصادياً على الدولة المصرية.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - حارة اليهود.. من دون يهود.. فهل يعودون
Comment