الهدف الرئيسي للثورة هو تحرير الإنسان، وليس تفسير أوْ تطبيق بعض الأيدلوجيات المتطرفة، والثورة تُعتبر مستحيلة ما لم يكن هناك حالة ثوريّة، وليست كل حالة ثوريّة تقود إلى ثورة
زهير أندراوس
لا نشك للحظة واحدة في نزاهة المعارض، د. هيثم منّاع، الذي استشهد شقيقه برصاص الأمن السوريّ، خلال الاحتجاجات التي يشهدها هذا البلد العربيّ، من حقّه، لا بلْ من واجبه، كعروبيّ سوريّ أنْ يُطالب بإسقاط نظام الرئيس الدكتور بشّار الأسد، من ناحية أخرى، علينا الإقرار بأننّا لا نتفق في الكثير من المواقف مع منّاع، وهو المُدافع الصنديد عن حقوق الإنسان، ولكنّ هذا التباين في المواقف لا يُفسد للودّ قضيةً، ذلك أنّ النقاش الحضاريّ بين المؤيد والمعارض يجب أنْ يكون على مستوى راقٍ يتسم بالحضاريّة، ويبتعد عن الشوشرة والشخصنة والمزايدة، وكاتب هذه السطور كان قد أجرى لقاءً صحافيًا مع منّاع قبل ثلاثة أعوام، لم يُخف خلاله معارضته لنظام البعث في دمشق، ولكنّ تصريحاته تميّزت بالتهذيب والأدب ولم يتجنّ على أحدٍ، إنّما وجّه سهام نقده اللاذعة في إطار اللباقة السياسيّة، بناءً على ما تقدّم، أُصبت حقيقةً بنوع من الصدمة غير العابرة عندما استمعت إليه يقول لفضائيّة (LBC) اللبنانيّة إنّ مجلس اسطنبول، أيْ ما يُطلق عليه المجلس الوطنيّ السوريّ، هو وليمة شحادين وعش دبابير، وعندما تصفحت أقواله الأخيرة لصحيفة (الأخبار) اللبنانيّة قرأت مرّة، ومرّة أخرى، بسبب حدّة الأقوال: الثورة السورية إذا تسلحت ماتت، وإذا تأسلمت ماتت، وإذا تدولت ماتت، جزم المُعارض، وفي معرض ردّه على سؤال حول أسباب تحفظه على مؤتمر إسطنبول الأخير ورفضه الانضمام إلى المجلس الوطنيّ المنبثق عنه، قال: هذا المجلس جاء بمبادرةٍ من مجموعةٍ محدودةٍ ذات هويّة مرتبطة بإيديولوجيّة واحدة، وهي لم تكن مُفَوَّضة من القوى السياسيّة المعارضة، ولا من الحركة الشبابيّة في الداخل، وقد بدأت هذه المجموعة في الترويج طوال 55 يومًا لضرورة تأسيس مجلس كهذا، على أساس أنّه مجلس سيُخرج شباب الثورة من الأزمة، ويحلّ كل مشاكلهم، ويمدّهم بالمساعدات الماديّة وبالاعتراف الدوليّ والحظر الجويّ. وتابع د. منّاع: الإدارة الأمريكيّة خسرت معركتها مع (حزب الله) في لبنان، وخسرت معركتها مع إيران بخصوص النووي، وهي تعوّل الآن على تحويل الثورة السوريّة إلى نوع من الحرب بالوكالة ضد الدور الإيرانيّ في المنطقة، ولا يُخفى على أحد أن أمريكا لا تريد على الإطلاق دعم ثورة تهدف إلى التغيير الديمقراطيّ المدنيّ في المنطقة العربية. الثورة الديمقراطيّة السوريّة ثورة بالأصالة لا حرب بالوكالة. كان هناك بشكلٍ مؤكدٍ تمويل أمريكيّ، رسميّ وغير رسميّ، لمجموعة إسطنبول. وكان هناك أيضاً تمويل خليجيّ.
***
وبما أنّ د. منّاع جاء على ذكر التمويل الخليجيّ لمجموعة برهان غليون، نرى أنّه من الأهميّة بمكان أنْ نتطرق إلى اقتراح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وهو الذي وصل إلى السلطة في حزيران (يونيو) من العام 1995 بعد أنْ انقلب على والده، وهو الاقتراح القاضي بإرسال قوات عربيّة لوقف ما أسماه إراقة الدماء في سوريّة، لا يوجد لدينا أدنى شك بأنّ هذا التصريح هو أخطر من الخطير، ذلك أنّه لأوّل مرّة يُقدم فيها زعيم عربيّ على مثل هذه الخطوة التصعيدية تجاه النظام السوريّ. وقد جاء اقتراح الشيخ حمد في معرض ردِّه على سؤال حول ما إذا كان يحبِّذ تدخُّلا عربيَّا في سوريّة طُرح عليه في مقابلة ضمن برنامج (60 دقيقة) (60Minutes) على قناة CBS التلفزيونيّة الأمريكيّة. يُشار إلى أنّ "جمهوريّة قطر العظمى" كانت أوََّل دولة عربيّة تنضمُّ إلى الحملة العسكريّة التي شنََّها حلف شمال الأطلسيّ (الناتو) على ليبيا العام الماضي وانتهت بالإطاحة بنظام الزعيم الليبيّ السابق معمَّر القذافي ومقتله لاحقًا، كما قادت قطر الجهود العربيّة الداعية لمواجهة النظامين السوريّ واليمنيّ اللذين يواجهان انتفاضتين شعبيتين منذ أوائل العام الماضي، وكانت تقارير قد تحدَّثت مؤخََّرا عن قيام قطر بسحب بعض الأسلحة التي كانت قد أرسلتها إلى الثوار في ليبيا، وأرسلتها إلى مسلَّحين مناوئين للنظام في سوريّة، اللافت أوْ بالأحرى اللافت جدًا أنّ تصريحات الشيخ حمد جاءت بعد يومٍ واحدٍ فقط من إعلان "المجلس الوطنيّ السوريّ" المعارض و"الجيش السوريّ الحر"، المنشقِّ عن الجيش السوريّ، عن توصُّلهما إلى اتفاق للتنسيق بينهما للإطاحة بنظام الأسد، وبما أنّ قانون نيوتن الثالث ينص على أنّه لكل فعلٍ ردّ فعلٍ مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه يعملان في نفس الخط، فإننّا نميل إلى الترجيح بأنّ هذا التصريح لا يدور في فراغ ولم يأت من فراغ، بلْ أنّه نتيجة اتفاق مع إدارة أوّل رئيس أسود يدخل إلى لبيت الأبيض وقطر، خصوصًا وأنّ الأمير المُبجّل زار بلاد العم سام الأسبوع المنصرم واجتمع إلى كبار صنّاع القرار في واشنطن، بمعنى أو بأخر، إذا جمعنا ما ذُكر أنفًا فإنّه من الطبيعيّ أنْ نصل إلى النتيجة الحتميّة بأنّ الأمير الذي انقلب على والده يقوم بتنفيذ خيوط المؤامرة الأمريكيّة-الصهيونيّة ضدّ سوريّة العروبة، ولا نستهجن هذا الدور بالمرّة، لأننّا لا نستطيع أنْ نُطالب كائنًا منْ كان أنْ يحترم شقيقه في الانتماء القوميّ، إذا كان هذا الكائن لا يكّن الاحترام لوالده. بقي أنْ نذكر أنّ العلاقات القطريّة الإسرائيليّة جيّدة جدًا، وتل أبيب تُدير مكتب "مصالح" في الدوحة من منطلق المقاطعة العربيّة للـكيان الصهيونيّ!
***
الشيخ حمد عينه قال في المقابلة مع التلفزيون الأمريكيّ، وبالمناسبة فإنّ العرب يبتدعون لغةً تملق، نفاق ورياء، بعيدة ألف سنة ضوئيّة عن الصدق، لدى مخاطبتهم الرأي العام الأمريكيّ أوْ الإسرائيليّ، إذ أنّهم يتحوّلون إلى كاثوليك أكثر من قداسة البابا، قال إنّ فضائية الجزيرة التي يملكها سببت له العديد من المشاكل مع قادةٍ عرب، بسبب تغطيتها، الشيخ لم يكشف لنا لماذا توقفت الفضائيّة المذكورة عن تزويد المشاهد العربيّ بما يجري في ليبيا بعد القضاء على الطاغيّة القذافي؟ لماذا هذا التكتم على ما يدور في طرابلس تحت كنف مجلس الحكم الانتقاليّ برئاسة مصطفى عبد الجليل؟ هل ذلك ينبع في ما ينبع من أنّ تغطية الأحداث في ليبيا لا يتماشى ولا يتماهى مع الدور القطريّ؟ فلماذا مثلاً لم نسمع عن تصريحات السيد ناصر المقاتل، رئيس غرفة العمليات سابقاً بطرابلس، لموقع ليبيا اليوم، والذي أكد فيها على أنّ هناك تحرك استخباراتيّ ـ أمريكيّ، فرنسيّ ـ بالربط مع النيجر والجزائر وليبيا، لسرقة حقول النفط، حيث هناك أموال كثيرة تُهرّب من هذا المثلث، ومفاوضات تحدث هناك لفرض سياسة جديدة على الدولة. مضافًا إلى ذلك، أفادت وكالات الأنباء أنّ الميليشيات المسلحة الهاجس تُمثّل الهاجس الأكبر لسكان العاصمة طرابلس خاصة، وعموم الأراضي الليبية، حيث أصبح السكان يخشون على حياتهم وحياة أبنائهم من هذه الظاهرة التي ما زالت تملأ الشوارع في جميع أنحاء ليبيا.
***
هذا ما يُريده أعداء الأمّة العربيّة لسوريّة، تفتيت هذا البلد النابض بالعروبة إلى دويلات طائفيّة ومذهبيّة وإثنية، توطئة لحرب أهليّة، إنّها ثورات أمريكيّة-إسرائيليّة بالوكالة لإعادة ترسيم الوطن العربيّ برمته، ويقوم بهذه المهمة الخبيثة بامتياز العديد من أعداء الأمّة والمتواطئين والمتخاذلين والمتآمرين من أبناء جلدتنا، وفي مقدمتهم ما يُطلقون على دولهم لقب مجلس التعاون الخليجيّ، ولكن عليهم أنْ يتذكروا بأنّ المال لا يصنع الثورات، المال يمكن أنْ يؤثر سلبًا في الثورة، ويعزز الوصوليّة والتآمر في طريقها، ويُضعِف دور المناضلين الفعليين في مراحل معينة، لكنّ المال لا يمكنه أن يُغيِّر مجرى التاريخ، والقوة تُعاني أيضًا من الضعف.
http://www.youtube.com/watch?v=ac2kHjCPNCI
زهير أندراوس
لا نشك للحظة واحدة في نزاهة المعارض، د. هيثم منّاع، الذي استشهد شقيقه برصاص الأمن السوريّ، خلال الاحتجاجات التي يشهدها هذا البلد العربيّ، من حقّه، لا بلْ من واجبه، كعروبيّ سوريّ أنْ يُطالب بإسقاط نظام الرئيس الدكتور بشّار الأسد، من ناحية أخرى، علينا الإقرار بأننّا لا نتفق في الكثير من المواقف مع منّاع، وهو المُدافع الصنديد عن حقوق الإنسان، ولكنّ هذا التباين في المواقف لا يُفسد للودّ قضيةً، ذلك أنّ النقاش الحضاريّ بين المؤيد والمعارض يجب أنْ يكون على مستوى راقٍ يتسم بالحضاريّة، ويبتعد عن الشوشرة والشخصنة والمزايدة، وكاتب هذه السطور كان قد أجرى لقاءً صحافيًا مع منّاع قبل ثلاثة أعوام، لم يُخف خلاله معارضته لنظام البعث في دمشق، ولكنّ تصريحاته تميّزت بالتهذيب والأدب ولم يتجنّ على أحدٍ، إنّما وجّه سهام نقده اللاذعة في إطار اللباقة السياسيّة، بناءً على ما تقدّم، أُصبت حقيقةً بنوع من الصدمة غير العابرة عندما استمعت إليه يقول لفضائيّة (LBC) اللبنانيّة إنّ مجلس اسطنبول، أيْ ما يُطلق عليه المجلس الوطنيّ السوريّ، هو وليمة شحادين وعش دبابير، وعندما تصفحت أقواله الأخيرة لصحيفة (الأخبار) اللبنانيّة قرأت مرّة، ومرّة أخرى، بسبب حدّة الأقوال: الثورة السورية إذا تسلحت ماتت، وإذا تأسلمت ماتت، وإذا تدولت ماتت، جزم المُعارض، وفي معرض ردّه على سؤال حول أسباب تحفظه على مؤتمر إسطنبول الأخير ورفضه الانضمام إلى المجلس الوطنيّ المنبثق عنه، قال: هذا المجلس جاء بمبادرةٍ من مجموعةٍ محدودةٍ ذات هويّة مرتبطة بإيديولوجيّة واحدة، وهي لم تكن مُفَوَّضة من القوى السياسيّة المعارضة، ولا من الحركة الشبابيّة في الداخل، وقد بدأت هذه المجموعة في الترويج طوال 55 يومًا لضرورة تأسيس مجلس كهذا، على أساس أنّه مجلس سيُخرج شباب الثورة من الأزمة، ويحلّ كل مشاكلهم، ويمدّهم بالمساعدات الماديّة وبالاعتراف الدوليّ والحظر الجويّ. وتابع د. منّاع: الإدارة الأمريكيّة خسرت معركتها مع (حزب الله) في لبنان، وخسرت معركتها مع إيران بخصوص النووي، وهي تعوّل الآن على تحويل الثورة السوريّة إلى نوع من الحرب بالوكالة ضد الدور الإيرانيّ في المنطقة، ولا يُخفى على أحد أن أمريكا لا تريد على الإطلاق دعم ثورة تهدف إلى التغيير الديمقراطيّ المدنيّ في المنطقة العربية. الثورة الديمقراطيّة السوريّة ثورة بالأصالة لا حرب بالوكالة. كان هناك بشكلٍ مؤكدٍ تمويل أمريكيّ، رسميّ وغير رسميّ، لمجموعة إسطنبول. وكان هناك أيضاً تمويل خليجيّ.
***
وبما أنّ د. منّاع جاء على ذكر التمويل الخليجيّ لمجموعة برهان غليون، نرى أنّه من الأهميّة بمكان أنْ نتطرق إلى اقتراح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وهو الذي وصل إلى السلطة في حزيران (يونيو) من العام 1995 بعد أنْ انقلب على والده، وهو الاقتراح القاضي بإرسال قوات عربيّة لوقف ما أسماه إراقة الدماء في سوريّة، لا يوجد لدينا أدنى شك بأنّ هذا التصريح هو أخطر من الخطير، ذلك أنّه لأوّل مرّة يُقدم فيها زعيم عربيّ على مثل هذه الخطوة التصعيدية تجاه النظام السوريّ. وقد جاء اقتراح الشيخ حمد في معرض ردِّه على سؤال حول ما إذا كان يحبِّذ تدخُّلا عربيَّا في سوريّة طُرح عليه في مقابلة ضمن برنامج (60 دقيقة) (60Minutes) على قناة CBS التلفزيونيّة الأمريكيّة. يُشار إلى أنّ "جمهوريّة قطر العظمى" كانت أوََّل دولة عربيّة تنضمُّ إلى الحملة العسكريّة التي شنََّها حلف شمال الأطلسيّ (الناتو) على ليبيا العام الماضي وانتهت بالإطاحة بنظام الزعيم الليبيّ السابق معمَّر القذافي ومقتله لاحقًا، كما قادت قطر الجهود العربيّة الداعية لمواجهة النظامين السوريّ واليمنيّ اللذين يواجهان انتفاضتين شعبيتين منذ أوائل العام الماضي، وكانت تقارير قد تحدَّثت مؤخََّرا عن قيام قطر بسحب بعض الأسلحة التي كانت قد أرسلتها إلى الثوار في ليبيا، وأرسلتها إلى مسلَّحين مناوئين للنظام في سوريّة، اللافت أوْ بالأحرى اللافت جدًا أنّ تصريحات الشيخ حمد جاءت بعد يومٍ واحدٍ فقط من إعلان "المجلس الوطنيّ السوريّ" المعارض و"الجيش السوريّ الحر"، المنشقِّ عن الجيش السوريّ، عن توصُّلهما إلى اتفاق للتنسيق بينهما للإطاحة بنظام الأسد، وبما أنّ قانون نيوتن الثالث ينص على أنّه لكل فعلٍ ردّ فعلٍ مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه يعملان في نفس الخط، فإننّا نميل إلى الترجيح بأنّ هذا التصريح لا يدور في فراغ ولم يأت من فراغ، بلْ أنّه نتيجة اتفاق مع إدارة أوّل رئيس أسود يدخل إلى لبيت الأبيض وقطر، خصوصًا وأنّ الأمير المُبجّل زار بلاد العم سام الأسبوع المنصرم واجتمع إلى كبار صنّاع القرار في واشنطن، بمعنى أو بأخر، إذا جمعنا ما ذُكر أنفًا فإنّه من الطبيعيّ أنْ نصل إلى النتيجة الحتميّة بأنّ الأمير الذي انقلب على والده يقوم بتنفيذ خيوط المؤامرة الأمريكيّة-الصهيونيّة ضدّ سوريّة العروبة، ولا نستهجن هذا الدور بالمرّة، لأننّا لا نستطيع أنْ نُطالب كائنًا منْ كان أنْ يحترم شقيقه في الانتماء القوميّ، إذا كان هذا الكائن لا يكّن الاحترام لوالده. بقي أنْ نذكر أنّ العلاقات القطريّة الإسرائيليّة جيّدة جدًا، وتل أبيب تُدير مكتب "مصالح" في الدوحة من منطلق المقاطعة العربيّة للـكيان الصهيونيّ!
***
الشيخ حمد عينه قال في المقابلة مع التلفزيون الأمريكيّ، وبالمناسبة فإنّ العرب يبتدعون لغةً تملق، نفاق ورياء، بعيدة ألف سنة ضوئيّة عن الصدق، لدى مخاطبتهم الرأي العام الأمريكيّ أوْ الإسرائيليّ، إذ أنّهم يتحوّلون إلى كاثوليك أكثر من قداسة البابا، قال إنّ فضائية الجزيرة التي يملكها سببت له العديد من المشاكل مع قادةٍ عرب، بسبب تغطيتها، الشيخ لم يكشف لنا لماذا توقفت الفضائيّة المذكورة عن تزويد المشاهد العربيّ بما يجري في ليبيا بعد القضاء على الطاغيّة القذافي؟ لماذا هذا التكتم على ما يدور في طرابلس تحت كنف مجلس الحكم الانتقاليّ برئاسة مصطفى عبد الجليل؟ هل ذلك ينبع في ما ينبع من أنّ تغطية الأحداث في ليبيا لا يتماشى ولا يتماهى مع الدور القطريّ؟ فلماذا مثلاً لم نسمع عن تصريحات السيد ناصر المقاتل، رئيس غرفة العمليات سابقاً بطرابلس، لموقع ليبيا اليوم، والذي أكد فيها على أنّ هناك تحرك استخباراتيّ ـ أمريكيّ، فرنسيّ ـ بالربط مع النيجر والجزائر وليبيا، لسرقة حقول النفط، حيث هناك أموال كثيرة تُهرّب من هذا المثلث، ومفاوضات تحدث هناك لفرض سياسة جديدة على الدولة. مضافًا إلى ذلك، أفادت وكالات الأنباء أنّ الميليشيات المسلحة الهاجس تُمثّل الهاجس الأكبر لسكان العاصمة طرابلس خاصة، وعموم الأراضي الليبية، حيث أصبح السكان يخشون على حياتهم وحياة أبنائهم من هذه الظاهرة التي ما زالت تملأ الشوارع في جميع أنحاء ليبيا.
***
هذا ما يُريده أعداء الأمّة العربيّة لسوريّة، تفتيت هذا البلد النابض بالعروبة إلى دويلات طائفيّة ومذهبيّة وإثنية، توطئة لحرب أهليّة، إنّها ثورات أمريكيّة-إسرائيليّة بالوكالة لإعادة ترسيم الوطن العربيّ برمته، ويقوم بهذه المهمة الخبيثة بامتياز العديد من أعداء الأمّة والمتواطئين والمتخاذلين والمتآمرين من أبناء جلدتنا، وفي مقدمتهم ما يُطلقون على دولهم لقب مجلس التعاون الخليجيّ، ولكن عليهم أنْ يتذكروا بأنّ المال لا يصنع الثورات، المال يمكن أنْ يؤثر سلبًا في الثورة، ويعزز الوصوليّة والتآمر في طريقها، ويُضعِف دور المناضلين الفعليين في مراحل معينة، لكنّ المال لا يمكنه أن يُغيِّر مجرى التاريخ، والقوة تُعاني أيضًا من الضعف.
http://www.youtube.com/watch?v=ac2kHjCPNCI