عودة الخلافة الإسلامية
نضال نعيسة - كاتب ومحلل سياسي
نستطيع اليوم أن نقول لكل السوريين ألف مبروك، فلجنة صياغة الدستور المصونة قد "أطبقت" على صياغته، وعلى رقابنا، بنفس الوقت، وها هي تكرس سوريا الحضارات وأرض الأمجاد وكنوز التاريخ الحافلة والزاخرة بالعطاءات كدولة دينية ثيوقراطية من الطراز الممتاز إذ تتضمن المواد الأولى من الدستور المقترح، في رسائل هجومية رمزية قوية فقرتين: الفقرة الأولى تنصّ على أن دين رئيس الدولة هو الإسلام، أما الفقرة الثانية من المادة الثالثة فتنصّ على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر أساسي للتشريع. وكانت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من الدستور قد أضيفت ضمن التعديلات الدستورية والتي تم إقرارها لأول مرة في عام 1950، أما الفقرة الثانية فقد تمّ إقرارها في دستور عام 1973، حيث لم تكن موجودة في الدستور السوري الأول الذي كتب في عام 1928 وأقر في عام 1930 . (مصادر عدة).
ونحن، وبالمطلق، لسنا ضد أي دين من الأديان، ولطالما نادينا بحرية الاعتقاد، كما بحرية اللا اعتقاد، ولسنا ضد أن يكون مواطن مسلم(1) رئيساً حتى في دولة غير مسلمة، كما هو حال المسلم "المرتد" باراك أوباما، حين فرخنا وهللنا لفوزه الرئاسي. ولكنا، بالمطلق، أيضاً، ضد أن يحرم أي مواطن من أي حق من حقوقه المنصوص عنها في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وعنوانه العريض، العدالة، والأخوة، والمساواة، وبهده الحال، يجب ألا يكون دين أي إنسان ميزة له، كما يجب ألا يكون نقمة ووبالاً عليه، كما هو الحال في الدول المسماة عربية وإسلامية. وأيضاً نحن لسنا ضد هذه المواد في بلدان كالسعودية، واليمن، والمغرب، وليبيا وباقي منظومة الشموليات الدينية والثيوقراطيات المعروفة، حيث لا تشكل تلكم المواد أية أزمة، ولا تثير أية إشكاليات، وسيكون التوافق عليها جماعياً، وقد تمر دساتيرها مرور الكرام عند مناقشتها، أو طرحها في البرلمان. لكن السؤال ماذا بشأن دولة كسوريا، فيها أكثر من أربعين طائفة، وإثنية، وعرق، ودين، ومذهب، وعشيرة....؟ ماذا سيكون حال المواطن كيف سيبلع "المواطن" الذي سيصلح "ذمياً" على نحو "مدستر" (دستورياً)، ومقونن وسيقبل بعبوديته، وبشهادة التمييز العنصري الرسمي والقانوني والدستوري المبين؟ وكيف سيتعايش مع هذا التمييز الذي فرض عليه من أشاوس صياغة الدستور القندهاريين؟ وعليه أن يقول لا حول ولا قوة، فقط لأن الصدفة الجينية الصرفة ألبسته ثوب هذه الطائفة، أو ذاك العرق. ولماذا يجب أن يكون المسلم تحديداً سيداً ويتمتع بحقوق دستورية زائدة عن الآخرين، لا يتمتع بها المسيحي بكل طوائفه، والصابئي، واليزيدي، والسرياني، والاشوري والأرمني، والكلداني وبقية "الطوائف" والعشائر والمذاهب الأخرى "المريبة" والمغضوب عليها، والمشكوك بأمرها؟
والسؤال الأهم، لماذا نطلب من السوري غير المسلم أن ينصاع لقوانين "الجاذبية" الدينية السلفية، والقبول بها، والتسليّم بعبوديته في أرض أجداده وآبائه(2)، ولا نطلب من المسلم السوري "الضيف" الوافد على سوريا بعد "الفتوحات" أو الغزوات الإسلامية أن يرتقي بتفكيره، ويتطور ويتمدن، وينصاع ويقبل بفكرة المواطنة ويتبناها، كفكرة عادلة وتوافقية وكحل نهائي وحتمي وعادل في دولة المواطنة، وشرط من شروط التعايش المجتمعي البنـّاء والسليم.
هذه الدساتير هي صكوك عبودية، و"عهدة" بعثية جديدة في الألفية الثالثة، وهي أحكام إعدام جماعية على مكونات سورية بعينها تفقدها أي حق، أو أمل أو طموح مشروع لها بحق لا ينازع، ولا يجب أن يكون موضوعاً لأية مساومة أو مقايضة وتحت أية راية، ويافطة، وبند ومسوغ ومبرر. ولن تستثني شرورها، وبطشها، وإقصائيتها، أيضاً، حتى المسلمين "السنة" العلمانيين(3)، وربما غير الملتزمين" دينياُ بالشعائر والطقوس الدينية(4)، وأصحاب التيارات التنويرية والأفكار الحداثية الذين لن يكونوا موضوع ترحيب وثناء من سدنة وحراس الفضيلة الفكرية. وإن طرح مواد بالغة العنصرية وفاقعة التمييز والعدوانية، وتبنيها من قبل لجنة صياغة الدستور السوري، ما هو إلا محض عمل غير دستوري وغير قانوني بذاته، وهو تنكر لأدنى مبادئ دولة المواطنة المدنية العصرية الإنسانية، التي تعلـّي من قيمة الفرد كفرد مواطن في دولة مواطنة بغض النظر عن عرقه، ودينه. ناهيكم عن أن هذه المواد تتناقض ، تماماً، وتنتهك الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على وجوب عدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين الأصل والفصل وخاصة في المادتين الأولى والثانية منه إذ جاء فيهما حرفياً:
المادة 1
. يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
المادة 2.
لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
ها هو، إذن، لغم آخر تزرعه لجنة صياغة الدستور، غير الموفقة، في مسيرة هذا الشعب العظيم ابن الحضارات العظيمة، ومسمار في نعش مبدأ المواطنة، إذ تميز وتفاضل بين المواطنين السوريين، وتعرقل مسيرتهم نحو آفاق حضارية وإنسانية أكثر رحابة كنا نتمناها لسوريا، لا عودة للمربع القديم، و"تيتي تيتي" إلى دولة الخلافة الإسلامية وقوانيها الجائرة العنصرية والتمييزية بين البشر. وأعتقد أن من ألغى المادة الثامنة وأطبق العنان لهذه المواد لم يحقق أي شيء نوعي بقدر ما أعادنا للقرون الغابرة، عقود الدولة الثيوقراطية التي يتربع على عرشها رجل أول وآخر صفاته أنه يحمل هوية دينية تؤهله ولا تؤهل غيره بلوغ هذا العرش. أنه لغم، وعبوة دستورية، ناسفة ستنفجر، ولا شك في يوم من الأيام، في وجه الجميع، ولن يكون أحد بمنأى عن تأثيراتها التي قد تطال بنية، وهيكلية ووجود هذا الوطن العظيم. آن الأوان للثورات الحقيقية التي تواكب قيم العصر الجديدة، وترفع عالياً قيم المساواة، والعدالة، والإخاء بين الجميع، لا زرع عبوة "دستورية" ناسفة تقتل مواطنين بعينهم دستورياً ومعنوياً، ولا تختلف كثيراً، من حيث "بنيتها" الإيديولوجية على الأقل، عن العبوات الناسفة الحقيقية التي يزرعها الإرهابيون اليوم والتي تقتلهم، جسدياً ومادياً وتفنيهم من هذا الوجود.
لا أدري، والحال، ومع عودة دولة الخلافة الإسلامية إلى سوريا، ماذا سأقول لكل مواطن سوري زميل وأخ عزيز، غير مسلم، وهم كثر، ويا "خجلتي" منكم، ويا "شحاري" ويا ويلي ويا ظلام ليلي، ما العمل أعيتنا الحيلة، والوسيلة وطفح بنا الكيل، ما عليكم أيها السوريون العظام "سابقاُ" أصحاب الأرض السورية الحقيقيون، إلا "ضبضبة بقجاتكم" والرحيل إلى بلاد تحلمون فيه بأن تصبحوا مواطنين حقيقيين وتتمتعون فيها بكل حقوق المواطنة التي لا تنقص ولا مليم، ولا تعايركم، وتهضم حقكم الإنساني لمجرد انتمائكم الديني.
هوامش
(1)- بكل أسف هناك إشكالية، حتى، في تحديد من هو المسلم، ولا داعي للخوض في المزيد من التفاصيل، لكن القصد أن ليس كل مسلم يحق له أن يكون رئيساً للجمهورية وفهمكم كاف.
(2)- من المعلوم أن تلكم الأقليات الدينية والقومية والعرقية هم أصحاب سوريا الأصليون من أبناء الحضارات التي تعاقبت عليها، والعرب أتوا لاحقاً، ومن الإجحاف هضم أي حق من حقوقهم، بل من الإنصاف أن يتشارك الجميع في كل الحقوق التي تقتضيها دولة المواطنة ولا إقصاء لأحد.
(3)-إلى صديقي العزيز نبيل فياض: أبشرك أيها "العلماني" ففي عمرك كله لن تحلم ولا تفكر بمنصب رئيس الجمهورية.
(4)- أستغرب لماذا لم تكمل لجنة الصياغة المصونة معروفها معنا وتقول لنا أن على الرئيس المسلم أن يكون بلحية وشارب محفوف وزبيية وجبة قفطان ومسبحة يعني استكمالاً للمواصفات المطلوبة، ولا مانع من فرض شرط أخير أن يكون قد استطاع إليه سبيلاً.
نضال نعيسة - كاتب ومحلل سياسي
نستطيع اليوم أن نقول لكل السوريين ألف مبروك، فلجنة صياغة الدستور المصونة قد "أطبقت" على صياغته، وعلى رقابنا، بنفس الوقت، وها هي تكرس سوريا الحضارات وأرض الأمجاد وكنوز التاريخ الحافلة والزاخرة بالعطاءات كدولة دينية ثيوقراطية من الطراز الممتاز إذ تتضمن المواد الأولى من الدستور المقترح، في رسائل هجومية رمزية قوية فقرتين: الفقرة الأولى تنصّ على أن دين رئيس الدولة هو الإسلام، أما الفقرة الثانية من المادة الثالثة فتنصّ على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر أساسي للتشريع. وكانت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من الدستور قد أضيفت ضمن التعديلات الدستورية والتي تم إقرارها لأول مرة في عام 1950، أما الفقرة الثانية فقد تمّ إقرارها في دستور عام 1973، حيث لم تكن موجودة في الدستور السوري الأول الذي كتب في عام 1928 وأقر في عام 1930 . (مصادر عدة).
ونحن، وبالمطلق، لسنا ضد أي دين من الأديان، ولطالما نادينا بحرية الاعتقاد، كما بحرية اللا اعتقاد، ولسنا ضد أن يكون مواطن مسلم(1) رئيساً حتى في دولة غير مسلمة، كما هو حال المسلم "المرتد" باراك أوباما، حين فرخنا وهللنا لفوزه الرئاسي. ولكنا، بالمطلق، أيضاً، ضد أن يحرم أي مواطن من أي حق من حقوقه المنصوص عنها في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وعنوانه العريض، العدالة، والأخوة، والمساواة، وبهده الحال، يجب ألا يكون دين أي إنسان ميزة له، كما يجب ألا يكون نقمة ووبالاً عليه، كما هو الحال في الدول المسماة عربية وإسلامية. وأيضاً نحن لسنا ضد هذه المواد في بلدان كالسعودية، واليمن، والمغرب، وليبيا وباقي منظومة الشموليات الدينية والثيوقراطيات المعروفة، حيث لا تشكل تلكم المواد أية أزمة، ولا تثير أية إشكاليات، وسيكون التوافق عليها جماعياً، وقد تمر دساتيرها مرور الكرام عند مناقشتها، أو طرحها في البرلمان. لكن السؤال ماذا بشأن دولة كسوريا، فيها أكثر من أربعين طائفة، وإثنية، وعرق، ودين، ومذهب، وعشيرة....؟ ماذا سيكون حال المواطن كيف سيبلع "المواطن" الذي سيصلح "ذمياً" على نحو "مدستر" (دستورياً)، ومقونن وسيقبل بعبوديته، وبشهادة التمييز العنصري الرسمي والقانوني والدستوري المبين؟ وكيف سيتعايش مع هذا التمييز الذي فرض عليه من أشاوس صياغة الدستور القندهاريين؟ وعليه أن يقول لا حول ولا قوة، فقط لأن الصدفة الجينية الصرفة ألبسته ثوب هذه الطائفة، أو ذاك العرق. ولماذا يجب أن يكون المسلم تحديداً سيداً ويتمتع بحقوق دستورية زائدة عن الآخرين، لا يتمتع بها المسيحي بكل طوائفه، والصابئي، واليزيدي، والسرياني، والاشوري والأرمني، والكلداني وبقية "الطوائف" والعشائر والمذاهب الأخرى "المريبة" والمغضوب عليها، والمشكوك بأمرها؟
والسؤال الأهم، لماذا نطلب من السوري غير المسلم أن ينصاع لقوانين "الجاذبية" الدينية السلفية، والقبول بها، والتسليّم بعبوديته في أرض أجداده وآبائه(2)، ولا نطلب من المسلم السوري "الضيف" الوافد على سوريا بعد "الفتوحات" أو الغزوات الإسلامية أن يرتقي بتفكيره، ويتطور ويتمدن، وينصاع ويقبل بفكرة المواطنة ويتبناها، كفكرة عادلة وتوافقية وكحل نهائي وحتمي وعادل في دولة المواطنة، وشرط من شروط التعايش المجتمعي البنـّاء والسليم.
هذه الدساتير هي صكوك عبودية، و"عهدة" بعثية جديدة في الألفية الثالثة، وهي أحكام إعدام جماعية على مكونات سورية بعينها تفقدها أي حق، أو أمل أو طموح مشروع لها بحق لا ينازع، ولا يجب أن يكون موضوعاً لأية مساومة أو مقايضة وتحت أية راية، ويافطة، وبند ومسوغ ومبرر. ولن تستثني شرورها، وبطشها، وإقصائيتها، أيضاً، حتى المسلمين "السنة" العلمانيين(3)، وربما غير الملتزمين" دينياُ بالشعائر والطقوس الدينية(4)، وأصحاب التيارات التنويرية والأفكار الحداثية الذين لن يكونوا موضوع ترحيب وثناء من سدنة وحراس الفضيلة الفكرية. وإن طرح مواد بالغة العنصرية وفاقعة التمييز والعدوانية، وتبنيها من قبل لجنة صياغة الدستور السوري، ما هو إلا محض عمل غير دستوري وغير قانوني بذاته، وهو تنكر لأدنى مبادئ دولة المواطنة المدنية العصرية الإنسانية، التي تعلـّي من قيمة الفرد كفرد مواطن في دولة مواطنة بغض النظر عن عرقه، ودينه. ناهيكم عن أن هذه المواد تتناقض ، تماماً، وتنتهك الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على وجوب عدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين الأصل والفصل وخاصة في المادتين الأولى والثانية منه إذ جاء فيهما حرفياً:
المادة 1
. يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
المادة 2.
لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
ها هو، إذن، لغم آخر تزرعه لجنة صياغة الدستور، غير الموفقة، في مسيرة هذا الشعب العظيم ابن الحضارات العظيمة، ومسمار في نعش مبدأ المواطنة، إذ تميز وتفاضل بين المواطنين السوريين، وتعرقل مسيرتهم نحو آفاق حضارية وإنسانية أكثر رحابة كنا نتمناها لسوريا، لا عودة للمربع القديم، و"تيتي تيتي" إلى دولة الخلافة الإسلامية وقوانيها الجائرة العنصرية والتمييزية بين البشر. وأعتقد أن من ألغى المادة الثامنة وأطبق العنان لهذه المواد لم يحقق أي شيء نوعي بقدر ما أعادنا للقرون الغابرة، عقود الدولة الثيوقراطية التي يتربع على عرشها رجل أول وآخر صفاته أنه يحمل هوية دينية تؤهله ولا تؤهل غيره بلوغ هذا العرش. أنه لغم، وعبوة دستورية، ناسفة ستنفجر، ولا شك في يوم من الأيام، في وجه الجميع، ولن يكون أحد بمنأى عن تأثيراتها التي قد تطال بنية، وهيكلية ووجود هذا الوطن العظيم. آن الأوان للثورات الحقيقية التي تواكب قيم العصر الجديدة، وترفع عالياً قيم المساواة، والعدالة، والإخاء بين الجميع، لا زرع عبوة "دستورية" ناسفة تقتل مواطنين بعينهم دستورياً ومعنوياً، ولا تختلف كثيراً، من حيث "بنيتها" الإيديولوجية على الأقل، عن العبوات الناسفة الحقيقية التي يزرعها الإرهابيون اليوم والتي تقتلهم، جسدياً ومادياً وتفنيهم من هذا الوجود.
لا أدري، والحال، ومع عودة دولة الخلافة الإسلامية إلى سوريا، ماذا سأقول لكل مواطن سوري زميل وأخ عزيز، غير مسلم، وهم كثر، ويا "خجلتي" منكم، ويا "شحاري" ويا ويلي ويا ظلام ليلي، ما العمل أعيتنا الحيلة، والوسيلة وطفح بنا الكيل، ما عليكم أيها السوريون العظام "سابقاُ" أصحاب الأرض السورية الحقيقيون، إلا "ضبضبة بقجاتكم" والرحيل إلى بلاد تحلمون فيه بأن تصبحوا مواطنين حقيقيين وتتمتعون فيها بكل حقوق المواطنة التي لا تنقص ولا مليم، ولا تعايركم، وتهضم حقكم الإنساني لمجرد انتمائكم الديني.
هوامش
(1)- بكل أسف هناك إشكالية، حتى، في تحديد من هو المسلم، ولا داعي للخوض في المزيد من التفاصيل، لكن القصد أن ليس كل مسلم يحق له أن يكون رئيساً للجمهورية وفهمكم كاف.
(2)- من المعلوم أن تلكم الأقليات الدينية والقومية والعرقية هم أصحاب سوريا الأصليون من أبناء الحضارات التي تعاقبت عليها، والعرب أتوا لاحقاً، ومن الإجحاف هضم أي حق من حقوقهم، بل من الإنصاف أن يتشارك الجميع في كل الحقوق التي تقتضيها دولة المواطنة ولا إقصاء لأحد.
(3)-إلى صديقي العزيز نبيل فياض: أبشرك أيها "العلماني" ففي عمرك كله لن تحلم ولا تفكر بمنصب رئيس الجمهورية.
(4)- أستغرب لماذا لم تكمل لجنة الصياغة المصونة معروفها معنا وتقول لنا أن على الرئيس المسلم أن يكون بلحية وشارب محفوف وزبيية وجبة قفطان ومسبحة يعني استكمالاً للمواصفات المطلوبة، ولا مانع من فرض شرط أخير أن يكون قد استطاع إليه سبيلاً.
Comment