قلَّما استخدم تعابير دارجة، عند الكتابة، وكم بالحريِّ
في العنوان. إلا أنَّ هذه الكلمة (بركي صار شي)، قد أصبجت تتردد على مسمعيَّ كثيراً،
فأردت أن تكون عنواناً، لكلمة يسطِّرها قلبي قبل مدواتي، وعقلي قبل يراعي. لذا
أسأل مع السائلين، وأتعجب متسائلاً مع المتسائلين، وأقول: (بركي صار شي).
منذ العام (1971) حين استلم سدة الرئاسة
والحكم في البلاد، القائد الخالد حافظ الأسد، وإلى اليوم، تعدُّ على أصابع اليد
الواحدة، الحوادث الأمنية التي عكَّرت صفوى استقرارنا الأمني. لذا فإن هذه الحركات
الإرهابية، والتي قاومت عيون شعبنا العربي السوري بمخرزيتها، لا بدَّ أن تنتهي.
ولكن كيف ومتى لا أعرف، لكن ماذا ينفع الخوف؟. وماذا ينفع التوجس؟. وماذا ينفع
الرعب؟. الرئيسان حافظ وبشار قد عمَّا البلد، بالأمن والإستقرار، ونحن نُحسَد من
قبل دول كثيرة، على هذه النعمة التي ينتفع منها جميع المواطنين. ولكن هذا التوجه
الغير مستند إلى دليل حسي، أو واقع ملموس، أو خبر يقيني، أو حفاصة تحليل، ليس له
أي مبرر، لا بل أشعر أنه نكران جميل، لواقع سالم وآمن نعيشه ونعايشه منذ أربعة
عقود، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن الأمن في سوريا عام، وليس ذاتي ولا خاص. لا
يوجد شركات خاصة، لنشر الأمن بالعصى، بل يوجد سياسة أمنية، تعتمد آليات وأسس
متكاملة ومحترفة، تستحق برأي أن تُدرَّس.
إذ أنَّ الأمن والإستقرار على أرض الواقع،
وسيلة لتحقيق الأمن والإستقرار الأقتصادي، والسياسي، والمعيشي من جهة. وغاية بحد
ذاتها، لما يحمل من هاجسبة لدى أجهزة الدولة من جهة آخرى.
من المعلوم أن أعظم قوى ودول العالم، قد حشدت
قواها وقوتها، وعدادها، وعتادها؛ كي تتمكن من خرق هذه المنظومة الأمنية الآمنة
والسالمة. تمكنوا لهنيهات، في بعض
المحافظات كحلب، ولدقائق كما في طرطوس ربما، ولساعات كما في بعض المناطق، ولأيام
في أخرى... إلا أنهم ينحلُّون، وسيذوبون، وستزول جاهليتهم نهائياً، في بعض المناطق
كما في بانياس، وربما حمص ودرعا، كما زالت عن مدينتي اللاذقية. هم إن خرجوا من
بلادنا، سيحققون غايتهم، إن استمرينا في القول: (بركي صار شي). لن يصير شيء، سوى
أن تعود المياه إلى مجاريها.
وسأعرض في الأسطر التالية لأربع آليات
تُمارس؛ كي يتمنع أيٍ منا عن أي شيء بذريعة (بركي صار شي).
أولاً: الإشاعات: يقول ميخائيل نعيمة: (ناموس الحكيم في
قلبه، وناموس الجاهل في عقل القاضي). أي أنَّ المعايير، والإستنباطات، والإستنتاجات،
تعود إلى قلب الحكيم. أمَّا الجاهل فناموسه، أي معاييره، وأسسه، واستنباطاته ربما
واستنتاجاته، ترتكز على عقل القاضي، أي تعتمد على ما يقول و يشرعن، مَن يجلس وراء
مكتب، ويحمل المطرقة، ويلبس رداء، ويدير جلسات. فالقاضي يحيك ما يريد، ويحكي ما يشاء،
بحسب هواه، ومعتقده، ومصالحه. وإن كان حكيماً، فحسب القانون يحكم. وربما شعوره
الذي يرقى إلى مرتبة السلطة (وليس التسلطية) التقديرية، هو أسس تمكنه من العمل
الراهن بحسب العلم السابق. أمَّا عقل القاضي، الذي يسيِّر الجهلة، في حوادثنا
فبعيد كل البعد، عن عقل القاضي. فالعقل الذي يحرِّكنا: هو الإشاعات التي تبث حديث،
بصورة قصدية، وأحيانا صدفة بصورة عشوائية، ولكن الإشاعات، بكافة أنواعها، وبصرف
النظر عن منشأها، لا بدَّ أن تدمر، وليس لها أن تعمِّر. فقد قال (حسب اعتقادي) تقي
الدين الصلح: (إن أردت القضاء على شخص ما، فابتدع عنه إشاعة). فكم بالحري إن كان
المقصود هو المجتمع. الإشاعات تفعل لمجرد أن يحتذر الإنسان، مما تحذِّر منه. فإن
دعت الإشاعة، الى أي أمر فهي موجهة، وموجهة جواً، وترقى لتكون ثورة إجتماعية،
موازية لثورة السلاح على الأرض، فإن دعت لعدم الخروج ليلاً، وسمعنا لها بذريعة
(بركي صار شي)، نصبح بهذه الصورة، طووعين لرب نعبده ولا نعرفه وحسب، بل يجهلنا،
ويريد أن ينكِّل بنا، وفوق كل ذلك يسعى لئلا تنكىء جراحنا.
أمَّا الأمر الثاني، فهو الإعلام: ذاك الوسيلة التي
تنقل، المعرفة إلى النشر، بقطع النظر عن ماهية المصدر، ونوعية المتلقي. فالإعلام
هو الذي، يشكِّل السلطة الرابعة، بعد السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية،
في أي دولة، هذا من الناحية الفعلية. سلطته يستمدها من كونه يوجِّه من خلال الضخ
المعلوماتي والبياناتي الذي ينشره بين المتلقين، وكثيراً ما يُستَخدم كحرب باردة، تشكل
وقود حروب الدول والمعسكرات المتصارعة، والمتمرمغة بأحقاد الواقع والماضي،
والمستقبل. وفي واقعنا الحالي، الإعلام بمجمله، او بصورة أدق بسواده الأعظم، أصبح
إعلاناً، وليس صاحب رسالة بل قضية، هذا إن لم نقل حربة تزرع، وتنمى،
ومن ثم تحصد. لكن الإعلام، لمن يمارس الإعلام بحقيقته لا يمكن له تخويفنا كسوريين؛
لأنه ينقل الواقع إلى البشر، والبشر إلى الواقع. لذا لا يمكنه التلاعب، ولا من باب
أولى التغلب على الوطن. لذا لا خوف منه، وإنما عليه لئلا يحل به، ما يحل بغيره من
القطاعات من تسيس.
أمَّا
الأسلوب الثالث، فهو الإعلان: ذا المصالح و المآرب التي يسعى جاهداً لتحقيقها. وقد
أجاز (غوبلز) وزير إعلام (هيتلر)، والذي يقال عنه، بأنه قد كان يرسم السياسة
العامة، لألمانيا في حينه، فقد كان يقول: (نكذب فنكذب إلى أن يعلق شيئا في
الأذهان)، وأيضاً يقول: (نكذب فنكذب إلى أن يصبح الكذب حقيقة، والحقيقة كذب).
الكذب حقيقة: نعم لقد أصبح الكذب حقيقة، ليس لأن (لا تقل شئنا فإن الحظ شاء) كما
تقول (أم كلثوم) في أطلالها. بل لأن سياسات الدول، تقرر الحرب، والمنظمات الإعلانية
المنتشرة وراء ستار الإعلام، تنفذ. فالمملكة البريطانية المتحدة، مثلاً تقرر حرباً
على سوريا، والمنظمات الإعلامية التابعة لها تنفذ هذه السياسة، على أرض الواقع.
وأقول المنظمات؛ لأنها توزِّع فيما بينها، قميص عثمان الذي تتشارك به، ولا ترتدع
عن بث الأكاذيب، ولكن بأسلوب ممنهج، واكاديمي؛ لأن الأهداف والسبل، والغايات
واضحة. بهذا يتحول الإعلام إلى إعلان، وتستحيل الرسالة إلى قضية، ويصبح بحق (حامي
سرير الأميرة)، ولكن هذه الأميرة نائمة، ولا تعرف أن الشعب يقظ، ومترقب، ويعرف
الواقع. لكنها بالوقت عينه، لا تهتم بالمواطن السوري، بل بمواطن الدولة الذي تبرر
له، سبب دعمها، وسياستها، ومواقفها، هذا من جهة، ولتعرض للرأي العام العالمي،
الواقع ليس من وجهة نظرها، بل مجتزًأً. فهم يقولون بأن: (لا تقربوا الصلاة)، لكنهم
لا يكملوا لتصبح: (لا تقربوا الصلاة، وأنتم سكارى). فالإعلان هو الطُعم الذي
يصطادون به، مواقفهم البعيدة، ورضا وموافقة مواطني دولهم، والرأي العام الدولي.
أمَّا
الأسلوب الرابع، فهو الناشطين الحقوقيين وما لفَّ لفُّهم: فهؤلاء جماعة، تسعى لخلق
الأزمات، أو ربما يُستَغَل وجودها؛ كي تظهر في نظرها، ونظر أربابها، وتصغر في عيون الوطن والمواطنين. هم تجار
مواقف، ومقامرون. يزدادون، ويتناقصون حسب العرض، والطلب، ويتناقضون، ويناقضون
أنفسهم، والواقع. لن أعرِّفهم؛ لأني لم أعثر على تفسير، ولا لشرح عنهم، يشبع ظمآي
لمعرفة حقيقتهم. وهم خطابيون، ولكن ليس من سامع لهم، سوى قلة قليلة ممن يتأثر
بالإنفعال، أكثر من الفعل.
هذا العرض
البسيط، لأساليب أربع انتقيتها، تعمل كي يقول أيَّاً منَّا: (بركي صار شي).
فليخسؤا وليصمتوا، هؤلاء. أنا وغيري من الناس، لن نسمع،
ولن نسمح لهم. آذاننا، لن تصغي لهم، فأنا لن أنتظر الأستاذ رفيق نصر الله؛ كي يقول
لي: (أنزل إلى الشارع، ومارس حياتك الطبيعية، واستئنفها كما كنت)، بل عليَّ من ملء
نفسي أن أبدأ. على شجوني ألا تشغلتي عن شؤوني. فالإمام علي يقول: (الفارق بين الحق
والباطل أربع أصابيع. فهي الفارق بين العين والأذن). ليس مقصد الكلام أن يعتكف
المرء عن تصديق مَا يسمع، بل عليه أن يصادق على السامع ومن ثم ينتقل إلى الشيء
المسموع.
انقلها بامانة
في العنوان. إلا أنَّ هذه الكلمة (بركي صار شي)، قد أصبجت تتردد على مسمعيَّ كثيراً،
فأردت أن تكون عنواناً، لكلمة يسطِّرها قلبي قبل مدواتي، وعقلي قبل يراعي. لذا
أسأل مع السائلين، وأتعجب متسائلاً مع المتسائلين، وأقول: (بركي صار شي).
منذ العام (1971) حين استلم سدة الرئاسة
والحكم في البلاد، القائد الخالد حافظ الأسد، وإلى اليوم، تعدُّ على أصابع اليد
الواحدة، الحوادث الأمنية التي عكَّرت صفوى استقرارنا الأمني. لذا فإن هذه الحركات
الإرهابية، والتي قاومت عيون شعبنا العربي السوري بمخرزيتها، لا بدَّ أن تنتهي.
ولكن كيف ومتى لا أعرف، لكن ماذا ينفع الخوف؟. وماذا ينفع التوجس؟. وماذا ينفع
الرعب؟. الرئيسان حافظ وبشار قد عمَّا البلد، بالأمن والإستقرار، ونحن نُحسَد من
قبل دول كثيرة، على هذه النعمة التي ينتفع منها جميع المواطنين. ولكن هذا التوجه
الغير مستند إلى دليل حسي، أو واقع ملموس، أو خبر يقيني، أو حفاصة تحليل، ليس له
أي مبرر، لا بل أشعر أنه نكران جميل، لواقع سالم وآمن نعيشه ونعايشه منذ أربعة
عقود، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن الأمن في سوريا عام، وليس ذاتي ولا خاص. لا
يوجد شركات خاصة، لنشر الأمن بالعصى، بل يوجد سياسة أمنية، تعتمد آليات وأسس
متكاملة ومحترفة، تستحق برأي أن تُدرَّس.
إذ أنَّ الأمن والإستقرار على أرض الواقع،
وسيلة لتحقيق الأمن والإستقرار الأقتصادي، والسياسي، والمعيشي من جهة. وغاية بحد
ذاتها، لما يحمل من هاجسبة لدى أجهزة الدولة من جهة آخرى.
من المعلوم أن أعظم قوى ودول العالم، قد حشدت
قواها وقوتها، وعدادها، وعتادها؛ كي تتمكن من خرق هذه المنظومة الأمنية الآمنة
والسالمة. تمكنوا لهنيهات، في بعض
المحافظات كحلب، ولدقائق كما في طرطوس ربما، ولساعات كما في بعض المناطق، ولأيام
في أخرى... إلا أنهم ينحلُّون، وسيذوبون، وستزول جاهليتهم نهائياً، في بعض المناطق
كما في بانياس، وربما حمص ودرعا، كما زالت عن مدينتي اللاذقية. هم إن خرجوا من
بلادنا، سيحققون غايتهم، إن استمرينا في القول: (بركي صار شي). لن يصير شيء، سوى
أن تعود المياه إلى مجاريها.
وسأعرض في الأسطر التالية لأربع آليات
تُمارس؛ كي يتمنع أيٍ منا عن أي شيء بذريعة (بركي صار شي).
أولاً: الإشاعات: يقول ميخائيل نعيمة: (ناموس الحكيم في
قلبه، وناموس الجاهل في عقل القاضي). أي أنَّ المعايير، والإستنباطات، والإستنتاجات،
تعود إلى قلب الحكيم. أمَّا الجاهل فناموسه، أي معاييره، وأسسه، واستنباطاته ربما
واستنتاجاته، ترتكز على عقل القاضي، أي تعتمد على ما يقول و يشرعن، مَن يجلس وراء
مكتب، ويحمل المطرقة، ويلبس رداء، ويدير جلسات. فالقاضي يحيك ما يريد، ويحكي ما يشاء،
بحسب هواه، ومعتقده، ومصالحه. وإن كان حكيماً، فحسب القانون يحكم. وربما شعوره
الذي يرقى إلى مرتبة السلطة (وليس التسلطية) التقديرية، هو أسس تمكنه من العمل
الراهن بحسب العلم السابق. أمَّا عقل القاضي، الذي يسيِّر الجهلة، في حوادثنا
فبعيد كل البعد، عن عقل القاضي. فالعقل الذي يحرِّكنا: هو الإشاعات التي تبث حديث،
بصورة قصدية، وأحيانا صدفة بصورة عشوائية، ولكن الإشاعات، بكافة أنواعها، وبصرف
النظر عن منشأها، لا بدَّ أن تدمر، وليس لها أن تعمِّر. فقد قال (حسب اعتقادي) تقي
الدين الصلح: (إن أردت القضاء على شخص ما، فابتدع عنه إشاعة). فكم بالحري إن كان
المقصود هو المجتمع. الإشاعات تفعل لمجرد أن يحتذر الإنسان، مما تحذِّر منه. فإن
دعت الإشاعة، الى أي أمر فهي موجهة، وموجهة جواً، وترقى لتكون ثورة إجتماعية،
موازية لثورة السلاح على الأرض، فإن دعت لعدم الخروج ليلاً، وسمعنا لها بذريعة
(بركي صار شي)، نصبح بهذه الصورة، طووعين لرب نعبده ولا نعرفه وحسب، بل يجهلنا،
ويريد أن ينكِّل بنا، وفوق كل ذلك يسعى لئلا تنكىء جراحنا.
أمَّا الأمر الثاني، فهو الإعلام: ذاك الوسيلة التي
تنقل، المعرفة إلى النشر، بقطع النظر عن ماهية المصدر، ونوعية المتلقي. فالإعلام
هو الذي، يشكِّل السلطة الرابعة، بعد السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية،
في أي دولة، هذا من الناحية الفعلية. سلطته يستمدها من كونه يوجِّه من خلال الضخ
المعلوماتي والبياناتي الذي ينشره بين المتلقين، وكثيراً ما يُستَخدم كحرب باردة، تشكل
وقود حروب الدول والمعسكرات المتصارعة، والمتمرمغة بأحقاد الواقع والماضي،
والمستقبل. وفي واقعنا الحالي، الإعلام بمجمله، او بصورة أدق بسواده الأعظم، أصبح
إعلاناً، وليس صاحب رسالة بل قضية، هذا إن لم نقل حربة تزرع، وتنمى،
ومن ثم تحصد. لكن الإعلام، لمن يمارس الإعلام بحقيقته لا يمكن له تخويفنا كسوريين؛
لأنه ينقل الواقع إلى البشر، والبشر إلى الواقع. لذا لا يمكنه التلاعب، ولا من باب
أولى التغلب على الوطن. لذا لا خوف منه، وإنما عليه لئلا يحل به، ما يحل بغيره من
القطاعات من تسيس.
أمَّا
الأسلوب الثالث، فهو الإعلان: ذا المصالح و المآرب التي يسعى جاهداً لتحقيقها. وقد
أجاز (غوبلز) وزير إعلام (هيتلر)، والذي يقال عنه، بأنه قد كان يرسم السياسة
العامة، لألمانيا في حينه، فقد كان يقول: (نكذب فنكذب إلى أن يعلق شيئا في
الأذهان)، وأيضاً يقول: (نكذب فنكذب إلى أن يصبح الكذب حقيقة، والحقيقة كذب).
الكذب حقيقة: نعم لقد أصبح الكذب حقيقة، ليس لأن (لا تقل شئنا فإن الحظ شاء) كما
تقول (أم كلثوم) في أطلالها. بل لأن سياسات الدول، تقرر الحرب، والمنظمات الإعلانية
المنتشرة وراء ستار الإعلام، تنفذ. فالمملكة البريطانية المتحدة، مثلاً تقرر حرباً
على سوريا، والمنظمات الإعلامية التابعة لها تنفذ هذه السياسة، على أرض الواقع.
وأقول المنظمات؛ لأنها توزِّع فيما بينها، قميص عثمان الذي تتشارك به، ولا ترتدع
عن بث الأكاذيب، ولكن بأسلوب ممنهج، واكاديمي؛ لأن الأهداف والسبل، والغايات
واضحة. بهذا يتحول الإعلام إلى إعلان، وتستحيل الرسالة إلى قضية، ويصبح بحق (حامي
سرير الأميرة)، ولكن هذه الأميرة نائمة، ولا تعرف أن الشعب يقظ، ومترقب، ويعرف
الواقع. لكنها بالوقت عينه، لا تهتم بالمواطن السوري، بل بمواطن الدولة الذي تبرر
له، سبب دعمها، وسياستها، ومواقفها، هذا من جهة، ولتعرض للرأي العام العالمي،
الواقع ليس من وجهة نظرها، بل مجتزًأً. فهم يقولون بأن: (لا تقربوا الصلاة)، لكنهم
لا يكملوا لتصبح: (لا تقربوا الصلاة، وأنتم سكارى). فالإعلان هو الطُعم الذي
يصطادون به، مواقفهم البعيدة، ورضا وموافقة مواطني دولهم، والرأي العام الدولي.
أمَّا
الأسلوب الرابع، فهو الناشطين الحقوقيين وما لفَّ لفُّهم: فهؤلاء جماعة، تسعى لخلق
الأزمات، أو ربما يُستَغَل وجودها؛ كي تظهر في نظرها، ونظر أربابها، وتصغر في عيون الوطن والمواطنين. هم تجار
مواقف، ومقامرون. يزدادون، ويتناقصون حسب العرض، والطلب، ويتناقضون، ويناقضون
أنفسهم، والواقع. لن أعرِّفهم؛ لأني لم أعثر على تفسير، ولا لشرح عنهم، يشبع ظمآي
لمعرفة حقيقتهم. وهم خطابيون، ولكن ليس من سامع لهم، سوى قلة قليلة ممن يتأثر
بالإنفعال، أكثر من الفعل.
هذا العرض
البسيط، لأساليب أربع انتقيتها، تعمل كي يقول أيَّاً منَّا: (بركي صار شي).
فليخسؤا وليصمتوا، هؤلاء. أنا وغيري من الناس، لن نسمع،
ولن نسمح لهم. آذاننا، لن تصغي لهم، فأنا لن أنتظر الأستاذ رفيق نصر الله؛ كي يقول
لي: (أنزل إلى الشارع، ومارس حياتك الطبيعية، واستئنفها كما كنت)، بل عليَّ من ملء
نفسي أن أبدأ. على شجوني ألا تشغلتي عن شؤوني. فالإمام علي يقول: (الفارق بين الحق
والباطل أربع أصابيع. فهي الفارق بين العين والأذن). ليس مقصد الكلام أن يعتكف
المرء عن تصديق مَا يسمع، بل عليه أن يصادق على السامع ومن ثم ينتقل إلى الشيء
المسموع.
انقلها بامانة
Comment