الأميركيون الذين أصبحوا يصفون الرئيس جورج بوش بأنه «أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة»، بسبب حربه على العراق، سيجدون ان قاموس الصفات مقصر في وصف الرئيس إذا اختار في النهاية توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.
أشعر بأن عصابة الحرب في الإدارة الأميركية ستفرض موقفها على الرئيس رغم جهود وزيري الخارجية والدفاع، كوندوليزا رايس وروبرت غيتس. وإذا هاجمت الولايات المتحدة إيران، فستصبح الحرب على العراق تلك النزهة التي وعدوا أنفسهم بها.
صدام حسين كان على رأس شعب من 20 مليوناً غالبيتهم العظمى ضده، والنتيجة أن أكبر قوة عسكرية في العالم تقف عاجزة أمام المقاومة والإرهاب، وقد خسرت إدارة بوش الحرب، ولم يبقَ سوى الاعتراف، والعمل للحد من الخسائر.
إيران في المقابل تضم 70 ملـــيوناً، غالبيتهم من الشيعة، وفيها حكومة منتـــخبة ديموقراطياً، وتحـــظى بتأيـــيد شعبي، رغم وجود معارضة نشــــطة. وســيكون الرد الإيراني على ضربة أميركية في المنطقة كلها، خصوصاً العراق، وستدفع الولايات المتحدة، والمنطقة والعالم معها، ثمــــناً يفــــوق أضعافاً ما دفــــعت في العراق، فهو سيعكس الفرق في القوة بين عراق صدام حسين وإيران محمود أحمدي نجاد.
في مثل هذا الوضع، يفترض ان يمنع المنطق المجرد إدارة بوش من التفكير في ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، أو هجوم، غير أن المنطق ليس جزءاً من السياسة الأميركية في عهد بوش الابن.
سأتجاوز هنا القضايا الدولية من نوع ان تركز الولايات المتحدة صواريخها في أوروبا الشرقية لمواجهة خطر الدول الخارجية على القانون، ثم تعترض على ان توجه روسيا صواريخها من داخل أراضيها الإقليمية لمواجهة الشبكة الأميركية.
هناك أمثلة دولية كثيرة على عوج السياسة الأميركية، غير انني سأكتفي هنا ببعض الأمثلة التي تعنينا مباشرة:
الولايات المتحدة تعرضت لإرهاب فظيع في 11/9/2001، وكانت محقة في هجومها على أفغــــانستان لإسقاط طالبان وتدمير القاعدة. غير انها خاضت نصف حرب على أفغانستان، ونجا قادة طالبان والقاعدة، وعاد رجالهما بقوة لسيطروا على أجزاء كبيرة من البلاد الآن.
الولايات المتحدة تركت حرباً مبررة لتخوض حرباً أسبابها ملفقة على العراق، والنتيجة انها خسرت الحربين، والعراق الذي لم يعرف القاعدة قبل الحرب الأميركية أصبح مركزاً أساسياً لنشاطها الإرهابي، وتدفع الولايات المتحدة الثمن كل يوم، ويدفع العراقيون ثمناً أكبر من حياتهم ومستقبل وطنهم.
أغرب من كل ما سبق ان إدارة بوش ضربت أكبر عدوين لإيران، إلى الشرق والغرب، وجعلت إيران أقوى كثيراً مما كانت، ثم قررت مواجهتها وتهديدها بضربة عسكرية إذا لم تتخل عن برنامجها النووي، ومعارفي العسكرية تقتصر على تدريب أسبوعين في الدفاع المدني، إلا انني مع ذلك أعرف ان المفروض ان تضعف خصمك قبل مهاجمته لا ان تقويه ثم تتصدى له.
إدارة بوش تعتبر حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي منظمات «إرهابية». وتتبنى أوروبا هذا التصنيف لكنها تنقسم على صفة الحزب. كيف هذا؟ مقاومة الاحتلال حق تضمنه المواثيق الدولية كافة، وليست إرهاباً حتى لو شملت عمليات انتحارية.
عارضت هذه العمليات دائماً ولا أزال أعارضها، ولكن أعارض أيضاً تجاوز الإدارة الأميركية التوافق الدولي على تعريف الإرهاب، فهو «قتل مدنيين غير مشاركين في القتال».
هناك أرقام إسرائيلية المصدر، مفصلة وموثقة، وسأتجاوز أكثرها لاختار ممارسة إرهابية أكيدة، هي قتل القاصرين، أي الذين هم دون الخامسة عشرة، فالأرقام هنا تظهر ان إسرائيل قتلت منذ 29/9/2000 وحتى نهاية الشهر الماضي حوالى 850 قاصراً فلسطينياً مقابل حوالى 120 قاصراً إسرائيلياً، فتكون إسرائيل إرهابية سبع مرات أكثر من جميع الفصائل الفلسطينية مجتمعة. مع ذلك، الولايات المتحدة تؤيد إسرائيل بالسلاح والمال، ما يجعلها شريكة في إرهابها ضد المدنيين.
إذا انتقلنا إلى سورية، نجد ان الإدارة الأميركية تريد من النظام هناك ان يغير سياسته. هذا حسن، وكثيرون منا يريدون ان تغيّر سورية سياستها، إلا ان المشكلة في الموقف الأميركي هي المطالبة بتغيير أسس السياسة السورية من دون تقديم شيء في المقابل، بل من دون التفاوض مع سورية. فإدارة بوش تريد ان يقنع وسطاء، أو أي طرف ثالث، سورية بالانصياع للطلبات الأميركية مجاناً.
هذه ليست سياسة منطقية أو عاقلة، ولا يمكن أن تنجح، بغض النظر عن أي رأي في سورية وسياستها.
وإذا كان الموقف من سورية ليس غريباً بما يكفي فإنني أعود إلى إيران التي بدأت بها، فالسياسة الأميركية المعروفة المعلنة إزاءها هي ان إيران دولة من «محور الشر»، والإدارة الأميركية ترفع شعار تغيير النظام في طهران.
هي تريد علناً تغيير النظام في طهران، ثم تطلب من هذه مساعدتها على «النجاح» في العراق، أي انها تهدد طرفاً بالموت وتطلب منه مساعدتها على إماتته، وطالما ان هذه هي سياسة جورج بوش الابن فهو لن ينجح في حياته.
أشعر بأن عصابة الحرب في الإدارة الأميركية ستفرض موقفها على الرئيس رغم جهود وزيري الخارجية والدفاع، كوندوليزا رايس وروبرت غيتس. وإذا هاجمت الولايات المتحدة إيران، فستصبح الحرب على العراق تلك النزهة التي وعدوا أنفسهم بها.
صدام حسين كان على رأس شعب من 20 مليوناً غالبيتهم العظمى ضده، والنتيجة أن أكبر قوة عسكرية في العالم تقف عاجزة أمام المقاومة والإرهاب، وقد خسرت إدارة بوش الحرب، ولم يبقَ سوى الاعتراف، والعمل للحد من الخسائر.
إيران في المقابل تضم 70 ملـــيوناً، غالبيتهم من الشيعة، وفيها حكومة منتـــخبة ديموقراطياً، وتحـــظى بتأيـــيد شعبي، رغم وجود معارضة نشــــطة. وســيكون الرد الإيراني على ضربة أميركية في المنطقة كلها، خصوصاً العراق، وستدفع الولايات المتحدة، والمنطقة والعالم معها، ثمــــناً يفــــوق أضعافاً ما دفــــعت في العراق، فهو سيعكس الفرق في القوة بين عراق صدام حسين وإيران محمود أحمدي نجاد.
في مثل هذا الوضع، يفترض ان يمنع المنطق المجرد إدارة بوش من التفكير في ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، أو هجوم، غير أن المنطق ليس جزءاً من السياسة الأميركية في عهد بوش الابن.
سأتجاوز هنا القضايا الدولية من نوع ان تركز الولايات المتحدة صواريخها في أوروبا الشرقية لمواجهة خطر الدول الخارجية على القانون، ثم تعترض على ان توجه روسيا صواريخها من داخل أراضيها الإقليمية لمواجهة الشبكة الأميركية.
هناك أمثلة دولية كثيرة على عوج السياسة الأميركية، غير انني سأكتفي هنا ببعض الأمثلة التي تعنينا مباشرة:
الولايات المتحدة تعرضت لإرهاب فظيع في 11/9/2001، وكانت محقة في هجومها على أفغــــانستان لإسقاط طالبان وتدمير القاعدة. غير انها خاضت نصف حرب على أفغانستان، ونجا قادة طالبان والقاعدة، وعاد رجالهما بقوة لسيطروا على أجزاء كبيرة من البلاد الآن.
الولايات المتحدة تركت حرباً مبررة لتخوض حرباً أسبابها ملفقة على العراق، والنتيجة انها خسرت الحربين، والعراق الذي لم يعرف القاعدة قبل الحرب الأميركية أصبح مركزاً أساسياً لنشاطها الإرهابي، وتدفع الولايات المتحدة الثمن كل يوم، ويدفع العراقيون ثمناً أكبر من حياتهم ومستقبل وطنهم.
أغرب من كل ما سبق ان إدارة بوش ضربت أكبر عدوين لإيران، إلى الشرق والغرب، وجعلت إيران أقوى كثيراً مما كانت، ثم قررت مواجهتها وتهديدها بضربة عسكرية إذا لم تتخل عن برنامجها النووي، ومعارفي العسكرية تقتصر على تدريب أسبوعين في الدفاع المدني، إلا انني مع ذلك أعرف ان المفروض ان تضعف خصمك قبل مهاجمته لا ان تقويه ثم تتصدى له.
إدارة بوش تعتبر حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي منظمات «إرهابية». وتتبنى أوروبا هذا التصنيف لكنها تنقسم على صفة الحزب. كيف هذا؟ مقاومة الاحتلال حق تضمنه المواثيق الدولية كافة، وليست إرهاباً حتى لو شملت عمليات انتحارية.
عارضت هذه العمليات دائماً ولا أزال أعارضها، ولكن أعارض أيضاً تجاوز الإدارة الأميركية التوافق الدولي على تعريف الإرهاب، فهو «قتل مدنيين غير مشاركين في القتال».
هناك أرقام إسرائيلية المصدر، مفصلة وموثقة، وسأتجاوز أكثرها لاختار ممارسة إرهابية أكيدة، هي قتل القاصرين، أي الذين هم دون الخامسة عشرة، فالأرقام هنا تظهر ان إسرائيل قتلت منذ 29/9/2000 وحتى نهاية الشهر الماضي حوالى 850 قاصراً فلسطينياً مقابل حوالى 120 قاصراً إسرائيلياً، فتكون إسرائيل إرهابية سبع مرات أكثر من جميع الفصائل الفلسطينية مجتمعة. مع ذلك، الولايات المتحدة تؤيد إسرائيل بالسلاح والمال، ما يجعلها شريكة في إرهابها ضد المدنيين.
إذا انتقلنا إلى سورية، نجد ان الإدارة الأميركية تريد من النظام هناك ان يغير سياسته. هذا حسن، وكثيرون منا يريدون ان تغيّر سورية سياستها، إلا ان المشكلة في الموقف الأميركي هي المطالبة بتغيير أسس السياسة السورية من دون تقديم شيء في المقابل، بل من دون التفاوض مع سورية. فإدارة بوش تريد ان يقنع وسطاء، أو أي طرف ثالث، سورية بالانصياع للطلبات الأميركية مجاناً.
هذه ليست سياسة منطقية أو عاقلة، ولا يمكن أن تنجح، بغض النظر عن أي رأي في سورية وسياستها.
وإذا كان الموقف من سورية ليس غريباً بما يكفي فإنني أعود إلى إيران التي بدأت بها، فالسياسة الأميركية المعروفة المعلنة إزاءها هي ان إيران دولة من «محور الشر»، والإدارة الأميركية ترفع شعار تغيير النظام في طهران.
هي تريد علناً تغيير النظام في طهران، ثم تطلب من هذه مساعدتها على «النجاح» في العراق، أي انها تهدد طرفاً بالموت وتطلب منه مساعدتها على إماتته، وطالما ان هذه هي سياسة جورج بوش الابن فهو لن ينجح في حياته.
جهاد الخازن
Comment