مخالفة وقوف وحذاء بدون بويا ...
بقلم آرا سوفاليان
وصل الى جرمانا مسرعاً كهزيم الرعد بدراجته النارية بعد ظهر الاثنين 10/1/2011 واستل دفتر المخالفات وبسرعة البرق كتب خمسون مخالفة لأول خمسون سيارة متوقفة بشكل عرضي في الدوار الشمالي من حي الوحدة في جرمانا وهو أعرض شارع في كل جرمانا على الاطلاق... ونزل المطر فغسل وتشتش كل المخالفات التي كانت تقبع بخجل تحت مسّاحات البللور الأمامي جهة السائق تلك المساحات التي تنقل لنا الأذى والتبللي دوماً.
كانت المخالفات تقبع بخجل لأن المخالفة نفسها تعرف أنها ظالمة ... جرمانا التي لم يعد يتوفر فيها ميلي واحد لإستيعاب اصبع عصفور يحاول التوقف فيها، والتي لا تحوي إلاّ الشحيح الشحيح من اللافتات وكانها ضيعة ضايعة تلاصق عاصمة الأمويين بمكابرة وترف!!!
لا يخفى ان خمسة سيارات متوقفة بشكل طولي مع مسافات الأمان المتعلقة تحجز مسافة تكفي لوضع عشر سيارات بشكل عرضي أو أكثر، وهناك اتفاق بين السكان مشفوع بألف رجاء يفيد بأنه يرجى وضع السيارات عرضياً لكسب مسافة جديدة، ولوحظ في الأشهر الأخيرة أن الذي يخالف هذا العرف في جرمانا يضعون في موازاة سيارته سيارة أخرى رتل ثاني تترك في نصف الشارع ويصعد صاحبها الى بيته لينام فتحل مصيبة جديدة في صباح اليوم التالي وخاصة عندما يكون صاحب السيارة العالقة موظفاً أو زوجته موظفة فيتم الاستغناء عن خدماته او خدماتها أو خدماتهما معاً (لأنو طقطقة البراغي على ابو موزة وغريمك ورا الباب ناطر).
وهكذا (فلا برحمك ولا بخلي رحمة الله تنزل عليك)، فبعد ان توقفت مخالفات السرعة الزائدة بسبب الرادارات وتوقفت مخالفات الشارة الضوئية بسبب التعداد الرقمي التنازلي، وبعد ان توقفت مخالفة حزام الأمان فلم يعد امام الشرطة إلاّ مخالفة واحدة لملئ دفتر المخالفات والمخالفة الواحدة هذه تبدأ بكلمة وقوف مثل: وقوف عرضي ووقوف على الرصيف ووقوف على الرغيف ووقوف على المنعطف ووقوف تحت الشجرة ووقوف لجني الثمرة ووقوف لقتل الحشرة !!!
الخلاصة: لم يعد هناك مكان للوقوف، أما البنزين الذي يهدر للبحث عن مكان للوقوف فهو اكبر من البنزين المستهلك أصلاً لقضاء المشوار الحاجة، وكل مشاويرنا تحولت الى قضاء حاجة..
هذه المخالفة فقدت معناها ولم تعد شرعية لأنه لا يمكن مخالفة انسان لم يتم تأمين موقف له يستطيع صف سيارته فيه، هذه المخالفة ليست شرعية وخاصة هنا في جرمانا لعدم وجود لافتة تمنع الوقوف العرضي للسيارات ولا يمكن بالقانون مخالفة انسان مخالفة مرورية بدون وجود شاخصة فهذا ظلم له مبرر واحد وهو على صعيد الفرد ملئ دفتر مخالفات بسرعة البرق وعلى صعيد الدولة ملئ الخزانة في المركزي بأي طريقة ممكنة حتى ولو كانت غير مشروعة... وَوَضَعْتُ (فعل ماضي بعلامة كسر الخاطر) المخالفة في التابلو ونزلت الى الشام للبحث عن الرزق الذي شحّ في هذه المواسم العجاف، وكانت المفاجأة التالية: نصف سيارات الشام تقف بشكل عرضي بسبب ندرة الأماكن وفكرتُ لو ان المرور تنشط وتستنفر كل دراجاتها ليلاً وتمشط أحياء دمشق فإنها ستكتب مليون مخالفة نصفها وقوف على الرصيف والنصف الآخر وقوف بشكل عرضي أو استعراضي... وبعد شهر على الأكثر سيتحول سكان دمشق الى مفلسين ومتسولين بسبب المخالفات المروعة المشار اليها!!!
وعدت الى جرمانا خالي الوفاض بسبب الأحوال الجوية المفلسة والمتعلقة بكل الناس وتمنيت لو أني اشتغلت بقيمة هذه المخالفة لا غير ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السوفونو ... نو ... كما يقول دريد لحام في احدى مسرحياته!!! والمصيبة التي وجدتها بعد عودتي ان كافة السيارات في جرمانا حتى تلك التي تمت مخالفتها وقفت بشكل عرض لإستحالة تنفيذ مسألة الوقوف الطولي دون بناء جرمانا ثانية جديدة وشوارع جديدة!!!
اوقفوا هذه المخالفة لأنها أصبحت غير شرعية وفيها تبلّي على الناس ...
أين سنقف !!!
وكيف سنقف !!!
هل نشتري رافعات نرفع بها سياراتنا الى أسطحة البنايات لنرتاح من سطوة راكبي الدراجات !!! أوقفوا هذه المخالفة لأنها فقدت معناها بسبب منع استيراد السيارات لمدة نصف قرن من الزمان ثم فتح مليون باب على مليون مصراع ( هل يتوجب عليكم شرعاً قلع عيوننا اكراماً لتجار السيارات!!! عجبي) ... أوقفوا هذه المخالفة الظالمة لأنه لم يبق رصيف ولا مدخل بناء ولا حديقة ولا شارع ولا خرابة إلاّ وتحولت الى مكان لصف السيارات واجتهد الناس في وضع جذوع الأشجار وبراميل الاسمنت وأحواض الزريعة التي لا تحوي زريعة وأحواض الغسالات القديمة وضعوها كلها في وسط الشارع ليحجزوا أمكنة لسياراتهم دون غيرهم الذي إذا حاول وضع سيارته في هذه الأماكن فسيتم تحطيم المرآة اليمينية واليسارية الماركسية لسيارته الدخيلة، وسيتم ثقب الدواليب الأربعة للسيارة لتتم بعد ذلك تربية القمل في رأس صاحبها.
في زمن الاحتلال الفرنسي وفي ثكنة ما في هذا الوطن الذي كان واقعاً تحت الانتداب وفي تحية العلم اكتشف الضابط المناوب ان أحذية الجنود وكلهم جنود محليين متطوعين متسخة فأمر بعقوبة جماعية، فتدخل مجند يريد توضيح السبب فتلقى صفعة من الضابط أوقعته أرضاً، فتدخل مساعد أول ملم بالفرنسية وقال للضابط لا توجد مادة البويا في الندوة ونحن في استنفار و لا يمكن للعسكري مغادرة الثكنة لشراء البويا أو أي شيء آخر!!!
فأمر الضابط الفرنسي بالتوقف عن تنفيذ العقوبة الجماعية لأنها أصبحت غير ذات معنى وأعتذر من الجميع وطلب وسط دهشة الجميع إحضار الحلاّق مع كرسيه الى ساحة الاجتماع وعندما وصل الحلاق ومعه الكرسي جلس الضابط الفرنسي على الكرسي وطلب من الحلاق أن يحلق له على الصفر وأعتذر من الجندي بسبب الصفعة المتسرعة وقال للجميع الضابط الذي لا يأخذ الأمر بروية وتفكير وحكمة لا يستحق أن يكون ضابطاً ويجب أن يُعاقب (بضم الياء) ويجب أن يعتذر ... وبعد ذلك... نحن لا نريد أي اعتذار ولكن نريد ان تقتنعوا معنا ان هذه المخالفة فقدت شرعيتها بسبب عدم وجود البويا في الندوة أما استمرارها فهو عقوبة جماعية لا مبرر لها لأناس تمنوا ان تتم معاملتهم بشكل حضاري ولو لمرة واحدة قبل ان توافيهم المنية في هذا البلد الأمين فهل هذا مستحيل!!!
آرا سوفاليان
Ara Souvalian
arasouvalian@gmail.com
بقلم آرا سوفاليان
وصل الى جرمانا مسرعاً كهزيم الرعد بدراجته النارية بعد ظهر الاثنين 10/1/2011 واستل دفتر المخالفات وبسرعة البرق كتب خمسون مخالفة لأول خمسون سيارة متوقفة بشكل عرضي في الدوار الشمالي من حي الوحدة في جرمانا وهو أعرض شارع في كل جرمانا على الاطلاق... ونزل المطر فغسل وتشتش كل المخالفات التي كانت تقبع بخجل تحت مسّاحات البللور الأمامي جهة السائق تلك المساحات التي تنقل لنا الأذى والتبللي دوماً.
كانت المخالفات تقبع بخجل لأن المخالفة نفسها تعرف أنها ظالمة ... جرمانا التي لم يعد يتوفر فيها ميلي واحد لإستيعاب اصبع عصفور يحاول التوقف فيها، والتي لا تحوي إلاّ الشحيح الشحيح من اللافتات وكانها ضيعة ضايعة تلاصق عاصمة الأمويين بمكابرة وترف!!!
لا يخفى ان خمسة سيارات متوقفة بشكل طولي مع مسافات الأمان المتعلقة تحجز مسافة تكفي لوضع عشر سيارات بشكل عرضي أو أكثر، وهناك اتفاق بين السكان مشفوع بألف رجاء يفيد بأنه يرجى وضع السيارات عرضياً لكسب مسافة جديدة، ولوحظ في الأشهر الأخيرة أن الذي يخالف هذا العرف في جرمانا يضعون في موازاة سيارته سيارة أخرى رتل ثاني تترك في نصف الشارع ويصعد صاحبها الى بيته لينام فتحل مصيبة جديدة في صباح اليوم التالي وخاصة عندما يكون صاحب السيارة العالقة موظفاً أو زوجته موظفة فيتم الاستغناء عن خدماته او خدماتها أو خدماتهما معاً (لأنو طقطقة البراغي على ابو موزة وغريمك ورا الباب ناطر).
وهكذا (فلا برحمك ولا بخلي رحمة الله تنزل عليك)، فبعد ان توقفت مخالفات السرعة الزائدة بسبب الرادارات وتوقفت مخالفات الشارة الضوئية بسبب التعداد الرقمي التنازلي، وبعد ان توقفت مخالفة حزام الأمان فلم يعد امام الشرطة إلاّ مخالفة واحدة لملئ دفتر المخالفات والمخالفة الواحدة هذه تبدأ بكلمة وقوف مثل: وقوف عرضي ووقوف على الرصيف ووقوف على الرغيف ووقوف على المنعطف ووقوف تحت الشجرة ووقوف لجني الثمرة ووقوف لقتل الحشرة !!!
الخلاصة: لم يعد هناك مكان للوقوف، أما البنزين الذي يهدر للبحث عن مكان للوقوف فهو اكبر من البنزين المستهلك أصلاً لقضاء المشوار الحاجة، وكل مشاويرنا تحولت الى قضاء حاجة..
هذه المخالفة فقدت معناها ولم تعد شرعية لأنه لا يمكن مخالفة انسان لم يتم تأمين موقف له يستطيع صف سيارته فيه، هذه المخالفة ليست شرعية وخاصة هنا في جرمانا لعدم وجود لافتة تمنع الوقوف العرضي للسيارات ولا يمكن بالقانون مخالفة انسان مخالفة مرورية بدون وجود شاخصة فهذا ظلم له مبرر واحد وهو على صعيد الفرد ملئ دفتر مخالفات بسرعة البرق وعلى صعيد الدولة ملئ الخزانة في المركزي بأي طريقة ممكنة حتى ولو كانت غير مشروعة... وَوَضَعْتُ (فعل ماضي بعلامة كسر الخاطر) المخالفة في التابلو ونزلت الى الشام للبحث عن الرزق الذي شحّ في هذه المواسم العجاف، وكانت المفاجأة التالية: نصف سيارات الشام تقف بشكل عرضي بسبب ندرة الأماكن وفكرتُ لو ان المرور تنشط وتستنفر كل دراجاتها ليلاً وتمشط أحياء دمشق فإنها ستكتب مليون مخالفة نصفها وقوف على الرصيف والنصف الآخر وقوف بشكل عرضي أو استعراضي... وبعد شهر على الأكثر سيتحول سكان دمشق الى مفلسين ومتسولين بسبب المخالفات المروعة المشار اليها!!!
وعدت الى جرمانا خالي الوفاض بسبب الأحوال الجوية المفلسة والمتعلقة بكل الناس وتمنيت لو أني اشتغلت بقيمة هذه المخالفة لا غير ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السوفونو ... نو ... كما يقول دريد لحام في احدى مسرحياته!!! والمصيبة التي وجدتها بعد عودتي ان كافة السيارات في جرمانا حتى تلك التي تمت مخالفتها وقفت بشكل عرض لإستحالة تنفيذ مسألة الوقوف الطولي دون بناء جرمانا ثانية جديدة وشوارع جديدة!!!
اوقفوا هذه المخالفة لأنها أصبحت غير شرعية وفيها تبلّي على الناس ...
أين سنقف !!!
وكيف سنقف !!!
هل نشتري رافعات نرفع بها سياراتنا الى أسطحة البنايات لنرتاح من سطوة راكبي الدراجات !!! أوقفوا هذه المخالفة لأنها فقدت معناها بسبب منع استيراد السيارات لمدة نصف قرن من الزمان ثم فتح مليون باب على مليون مصراع ( هل يتوجب عليكم شرعاً قلع عيوننا اكراماً لتجار السيارات!!! عجبي) ... أوقفوا هذه المخالفة الظالمة لأنه لم يبق رصيف ولا مدخل بناء ولا حديقة ولا شارع ولا خرابة إلاّ وتحولت الى مكان لصف السيارات واجتهد الناس في وضع جذوع الأشجار وبراميل الاسمنت وأحواض الزريعة التي لا تحوي زريعة وأحواض الغسالات القديمة وضعوها كلها في وسط الشارع ليحجزوا أمكنة لسياراتهم دون غيرهم الذي إذا حاول وضع سيارته في هذه الأماكن فسيتم تحطيم المرآة اليمينية واليسارية الماركسية لسيارته الدخيلة، وسيتم ثقب الدواليب الأربعة للسيارة لتتم بعد ذلك تربية القمل في رأس صاحبها.
في زمن الاحتلال الفرنسي وفي ثكنة ما في هذا الوطن الذي كان واقعاً تحت الانتداب وفي تحية العلم اكتشف الضابط المناوب ان أحذية الجنود وكلهم جنود محليين متطوعين متسخة فأمر بعقوبة جماعية، فتدخل مجند يريد توضيح السبب فتلقى صفعة من الضابط أوقعته أرضاً، فتدخل مساعد أول ملم بالفرنسية وقال للضابط لا توجد مادة البويا في الندوة ونحن في استنفار و لا يمكن للعسكري مغادرة الثكنة لشراء البويا أو أي شيء آخر!!!
فأمر الضابط الفرنسي بالتوقف عن تنفيذ العقوبة الجماعية لأنها أصبحت غير ذات معنى وأعتذر من الجميع وطلب وسط دهشة الجميع إحضار الحلاّق مع كرسيه الى ساحة الاجتماع وعندما وصل الحلاق ومعه الكرسي جلس الضابط الفرنسي على الكرسي وطلب من الحلاق أن يحلق له على الصفر وأعتذر من الجندي بسبب الصفعة المتسرعة وقال للجميع الضابط الذي لا يأخذ الأمر بروية وتفكير وحكمة لا يستحق أن يكون ضابطاً ويجب أن يُعاقب (بضم الياء) ويجب أن يعتذر ... وبعد ذلك... نحن لا نريد أي اعتذار ولكن نريد ان تقتنعوا معنا ان هذه المخالفة فقدت شرعيتها بسبب عدم وجود البويا في الندوة أما استمرارها فهو عقوبة جماعية لا مبرر لها لأناس تمنوا ان تتم معاملتهم بشكل حضاري ولو لمرة واحدة قبل ان توافيهم المنية في هذا البلد الأمين فهل هذا مستحيل!!!
آرا سوفاليان
Ara Souvalian
arasouvalian@gmail.com
Comment