منذ شهور ينظر من نافذة الكرملين الى العالم ويطلق ابتسامة شامتة. سيبكي الأميركيون حنيناً الى ما سماه رونالد ريغان «امبراطورية الشر». كانت لعالم المعسكرين ضوابط وصمامات أمان. كان يكفي أن يتصل سيد البيت الأبيض بقيصر الحزب الشيوعي السوفياتي لمحاصرة اي حريق في أي مكان. بمن يتصل السيد الآن؟ خصومه يقيمون في الكهوف أو الانفاق. اسامة بن لادن لا يستخدم الهاتف. وأيمن الظواهري بلا عنوان.
في ابتسامته شيء من رائحة الثأر. تسرعوا في الاحتفال بانفجار الاتحاد السوفياتي. بكروا في الرقص على جثته. أخذتهم نشوة الانتصار. أخذتهم روح الغطرسة. ابتهجوا بالدم السوفياتي يراق في أفغانستان. ها هو الأطلسي يغرق في الوحل الأفغاني. ذهبوا مختارين الى الفخ العراقي وها هو العراق يصدر النعوش الى القوة العظمى الوحيدة. التفرد بقيادة العالم حلم مستحيل. مهمة قاتلة.
ينظر من النافذة ويبتسم. بالغوا في تطويق الاتحاد الروسي. حركوا بيادقهم الى حدوده. اخترقوا مجاله الحيوي. رابطوا في حدائقه الخلفية. راح السفير الأميركي يخاطب روسيا كأنها النمسا. يخضعها لامتحانات في الديموقراطية والاصلاح والمجتمع المدني والشفافية والتعامل في الشيشان.
فلاديمير بوتين.
حانت ساعة الثأر. إذا نصبتم الدرع الصاروخية سنعيد توجيه صواريخنا الى أهداف في أوروبا. أنا الديموقراطي الأول في العالم. لا تستطيعون اخفاء غوانتانامو. الاعتقال من دون اتهامات واضحة ومحاكمات. كلما قربتم مظلتكم من أراضينا سنجرب صاروخاً لنذكركم أنها مثقوبة. لا يمكنكم التفرد في إدارة العالم. روسيا ستناور. من المفاعلات الكورية الى المفاعلات الايرانية. وستبيع السلاح الى الدول المارقة. لن تخوض مواجهة مكشوفة معكم. لكنها لن تقبل بفتات شهادات حسن السلوك.
حين يتحلق قادة الدول الثماني الليلة لن يكون العشاء ممتعاً مهما ابتسمت انغيلا ميركل. ولن يكون المشهد بسيطاً. جورج بوش يأتي الى العشاء جريحاً. توني بلير جاء في زيارة وداعية. نيكولا ساركوزي سيحاول الايحاء بأن قامة فرنسا ليست مستعارة من قامة جاك شيراك.
ثمة ما هو أخطر من الأولويات التي وضعتها المستشارة الألمانية. لا أحد ينكر خطورة ظاهرة الاحتباس الحراري. وضرورة الاتفاق على برنامج جدي لخفض انبعاث غازات ثاني أوكسيد الكاربون. الانقسامات حول الاحتباس الحراري قابلة للعلاجات والتسويات. ولا أحد ينكر أيضاً ضرورة مساعدة الدول الافريقية. ما هو أخطر هو هذا العطب الصريح في إدارة العالم.
يمكن القول إن هذا الكولونيل السابق في الـ «كي جي بي» رجل محظوظ. دفع ولي نعمته بوريس يلتسين الى التقاعد. رمم آلة الدولة. منع الاتحاد الروسي من التفكك. أنعش ببراعة فاعلية الأجهزة. أعاد تجهيز الدولة بأظافر وأنياب تحت غلالة الديموقراطية. روّض «هوامير» الخصخصة وبددهم. ولجم وسائل الإعلام الجامحة. وأسعفته أسعار الطاقة في تسديد الديون وإرضاء الناس.
استعاد بوتين حق روسيا في الاختلاف والاعتراض والمناكفة. الشرق الأوسط واحد من ملاعب هذه الانتفاضة الروسية. لكن من المبكر التسرع في الاستنتاج ان العالم غرق مجدداً في الحرب الباردة. ومن الخطأ بناء سياسات على أن هذه الحرب صارت واقعاً ويمكن توظيفها أو الاتكاء عليها. الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن شيء واستخدام سلاح الفيتو شيء آخر. لا شيء يسمح الآن باستعادة حذاء نيكيتا خروشوف أو اصبع اندريه غروميكو وابتسامته الجليدية.
لسنا في الطريق الى مواجهة مكشوفة. قد تكون انتفاضة القيصر ضد «الامبريالية» مجرد حركة احتجاج. محاولة لتذكير سيد البيت الأبيض بضرورة الرقص مع روسيا. وضرورة دفع ثمن نزع أنياب كيم جونغ ايل. وكبح رغبة احمدي نجاد في التخصيب. وهنا على العرب التنبه. لا فائدة من تجاهل الاحتجاج. ولا جدوى من الافراط في الآمال.
على العشاء سيتذكر بوتين ان الدستور يلزمه هو الآخر بالمغادرة في السنة المقبلة. قبل أيام تذمر من قصر ولاية السنوات الأربع. ربما لأن السنوات الثماني تقترب من النفاد. قال انه سيغادر. ويقولون انه سيتفرغ لصناعة الرؤساء. لو يعرفون قسوة لقب الرئيس السابق. لو يعرفون لذة النوم في سرير جوزف ستالين. لذة النوم في سرير القيصر.
في ابتسامته شيء من رائحة الثأر. تسرعوا في الاحتفال بانفجار الاتحاد السوفياتي. بكروا في الرقص على جثته. أخذتهم نشوة الانتصار. أخذتهم روح الغطرسة. ابتهجوا بالدم السوفياتي يراق في أفغانستان. ها هو الأطلسي يغرق في الوحل الأفغاني. ذهبوا مختارين الى الفخ العراقي وها هو العراق يصدر النعوش الى القوة العظمى الوحيدة. التفرد بقيادة العالم حلم مستحيل. مهمة قاتلة.
ينظر من النافذة ويبتسم. بالغوا في تطويق الاتحاد الروسي. حركوا بيادقهم الى حدوده. اخترقوا مجاله الحيوي. رابطوا في حدائقه الخلفية. راح السفير الأميركي يخاطب روسيا كأنها النمسا. يخضعها لامتحانات في الديموقراطية والاصلاح والمجتمع المدني والشفافية والتعامل في الشيشان.
فلاديمير بوتين.
حانت ساعة الثأر. إذا نصبتم الدرع الصاروخية سنعيد توجيه صواريخنا الى أهداف في أوروبا. أنا الديموقراطي الأول في العالم. لا تستطيعون اخفاء غوانتانامو. الاعتقال من دون اتهامات واضحة ومحاكمات. كلما قربتم مظلتكم من أراضينا سنجرب صاروخاً لنذكركم أنها مثقوبة. لا يمكنكم التفرد في إدارة العالم. روسيا ستناور. من المفاعلات الكورية الى المفاعلات الايرانية. وستبيع السلاح الى الدول المارقة. لن تخوض مواجهة مكشوفة معكم. لكنها لن تقبل بفتات شهادات حسن السلوك.
حين يتحلق قادة الدول الثماني الليلة لن يكون العشاء ممتعاً مهما ابتسمت انغيلا ميركل. ولن يكون المشهد بسيطاً. جورج بوش يأتي الى العشاء جريحاً. توني بلير جاء في زيارة وداعية. نيكولا ساركوزي سيحاول الايحاء بأن قامة فرنسا ليست مستعارة من قامة جاك شيراك.
ثمة ما هو أخطر من الأولويات التي وضعتها المستشارة الألمانية. لا أحد ينكر خطورة ظاهرة الاحتباس الحراري. وضرورة الاتفاق على برنامج جدي لخفض انبعاث غازات ثاني أوكسيد الكاربون. الانقسامات حول الاحتباس الحراري قابلة للعلاجات والتسويات. ولا أحد ينكر أيضاً ضرورة مساعدة الدول الافريقية. ما هو أخطر هو هذا العطب الصريح في إدارة العالم.
يمكن القول إن هذا الكولونيل السابق في الـ «كي جي بي» رجل محظوظ. دفع ولي نعمته بوريس يلتسين الى التقاعد. رمم آلة الدولة. منع الاتحاد الروسي من التفكك. أنعش ببراعة فاعلية الأجهزة. أعاد تجهيز الدولة بأظافر وأنياب تحت غلالة الديموقراطية. روّض «هوامير» الخصخصة وبددهم. ولجم وسائل الإعلام الجامحة. وأسعفته أسعار الطاقة في تسديد الديون وإرضاء الناس.
استعاد بوتين حق روسيا في الاختلاف والاعتراض والمناكفة. الشرق الأوسط واحد من ملاعب هذه الانتفاضة الروسية. لكن من المبكر التسرع في الاستنتاج ان العالم غرق مجدداً في الحرب الباردة. ومن الخطأ بناء سياسات على أن هذه الحرب صارت واقعاً ويمكن توظيفها أو الاتكاء عليها. الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن شيء واستخدام سلاح الفيتو شيء آخر. لا شيء يسمح الآن باستعادة حذاء نيكيتا خروشوف أو اصبع اندريه غروميكو وابتسامته الجليدية.
لسنا في الطريق الى مواجهة مكشوفة. قد تكون انتفاضة القيصر ضد «الامبريالية» مجرد حركة احتجاج. محاولة لتذكير سيد البيت الأبيض بضرورة الرقص مع روسيا. وضرورة دفع ثمن نزع أنياب كيم جونغ ايل. وكبح رغبة احمدي نجاد في التخصيب. وهنا على العرب التنبه. لا فائدة من تجاهل الاحتجاج. ولا جدوى من الافراط في الآمال.
على العشاء سيتذكر بوتين ان الدستور يلزمه هو الآخر بالمغادرة في السنة المقبلة. قبل أيام تذمر من قصر ولاية السنوات الأربع. ربما لأن السنوات الثماني تقترب من النفاد. قال انه سيغادر. ويقولون انه سيتفرغ لصناعة الرؤساء. لو يعرفون قسوة لقب الرئيس السابق. لو يعرفون لذة النوم في سرير جوزف ستالين. لذة النوم في سرير القيصر.
غسان شربل
Comment