عماق البحر الأبيض المتوسط «حامل» بجزيرة أكبر من رام الله
غواصون يرفعون العلم الإيطالي على «فردينانديا» خشية أن تطالب بها ليبيا أو تونس حين تطفو في أي لحظة فوق الماء
لندن: كمال قبيسي
أعماق البحر عند «الحذاء الايطالي» في المياه الدولية لجزيرة صقلية، تتمخض وهي «حامل» في شهرها الثاني بمولود قادم على الطريق ليطفو في أي لحظة كجزيرة مساحتها أكبر من مدينة رام الله بالضفة الغربية، وفق ما يتوقعه جيولوجيون يراقبون النشاط البركاني والزلزالي الذي يشهده الجنوب الايطالي منذ بدأ بركان إتنا، الأكبر والأكثر نشاطا بأوروبا، ثورته قبل شهر، قاصفا المنطقة عشوائيا بحمم وغازات، نشطت معها براكين صغيرة في الأعماق، ومنها الجزيرة التي أصبحت على عمق 6 أمتار فقط من مياه المتوسط. وأسرع غواصون ايطاليون بتثبيت علم بلادهم هناك، خشية أن تطالب بالجزيرة 5 دول، منها ليبيا وتونس بشكل خاص.
جزيرة «فردينانديا» كما تسميها ايطاليا، أو «غراهام» كما سماها البريطانيون، أو «جوليا» كما يحلو للفرنسيين تسميتها، تبعد في المياه الدولية 50 كيلومترا عن صقلية الايطالية «ومن يسيطر عليها قبل سواه، يمكنه امتلاكها أو الحاقها بوطن ينتمي اليه، بل اعلانها دولة مستقلة اذا أراد، وفقا للقوانين البحرية الدولية والمعاهدات. لكن السيطرة لا تتم الا على أرض خرجت من تحت الماء، لا التي ما زالت تحته، لذلك فان على الراغب الانتظار لتبدو للنظر، وهي قد تظهر للعيان في أي وقت، لأن نشاطها البركاني مستمر، والحمم تزيد من ارتفاع قمتها، وقريبا سنرى مشهدا فريدا من نوعه ورائعا، ومعه أزمة دبلوماسية بين عدد من الدول، وفي مقدمتها بريطانيا» على حد ما قاله سيلفيو باتشينو، رئيس الجمعية الايطالية الجيولوجية قبل أيام في مؤتمر صحافي عنها بروما.
وقصة الجزيرة معقدة وطويلة بعض الشيء، لكنها مثيرة للفضول وفيها رموز، فالأرشيف المعلوماتي عنها يقول إنها ظهرت فوق الماء من النشاط البركاني فيها لأول مرة قبل الميلاد، ثم عادت وانهارت بطبقاتها وصفائحها الى الأعماق بفعل الأمواج العاتية والرياح وما بدأ يتمخض فيها من قصف بركاني ـ حممي داخلي فيها، فاختفى لها كل أثر طوال أكثر من ألف و800 عام، الى أن عادت وتمخض فيها البركان ثانية عن ثورة نارية وغازات في منتصف عام 1830 فتراكمت على قمتها الحمم، وتضخمت وارتفعت وبرزت من الماء للعيان كجزيرة مساحتها 5 كيلومترات مربعة، ومرتفعة عن سطح البحر 70 مترا تقريبا، فسال لها لعاب الدول العظمى في ذلك الوقت، وكادت تشتعل أول حرب عالمية بسببها.
يكتبون ويقولون إن بريطانيا وجدت فيها منطقة استراتيجية لمراقبة التنقل البحري التجاري والعسكري في المتوسط، أفضل حتى من مالطا، فأسرعت وأرسلت سفينة حربية، نزل رجالها عليها وسموها «غراهام» على اسم السير جيمس غراهام، الأدميرال في البحرية البريطانية.. هناك وجدوا أيضا أن الطليان سبقوهم اليها ورفعوا علم «المملكة الصقلية» وأطلقوا عليها اسم «فردينانديا» المشتق من اسم فرديناند الثاني، عاهل «مملكة نابولي وصقلية» ذلك الوقت، فاغتاظ الفرنسيون وردوا بالمثل، وأرسلوا أيضا حامية بحرية سموها «جزيرة جوليا» المستمد من اسم شهر «يوليو» لأنها ظهرت فوق الماء فجأة في منتصف ذلك الشهر من عام 1830 وبدت لصيادين رأوها تخرج الى السطح «وكأنها مولود يخرج من الرحم.. خرجت مزمجرة كبركان صغير تخرج من فوهته حمم سالت الى سفحها وعلى الماء كشآبيب من النار» على حد ما يذكره الطليان في وثائقهم عنها.
اسبانيا أيضا اغتاظت من مطالبة الفرنسيين والطليان والبريطانيين بالجزيرة، وأرسلت بدورها حامية بحرية رفعت العلم الاسباني عليها. كذلك بدأت الامبراطورية العثمانية تلمح الى أن أحدا لا يحق له السيطرة على أرض خرجت من العدم الى المياه الدولية، وبدأت في الكواليس الدبلوماسية نقاشات استمرت 6 أشهر، وكادت كل دولة توعز لجهات الاختصاص فيها لحل المشكلة على طريقتها، ووضع الناس أياديهم على قلوبهم في 4 قارات، الى أن جاء الحل من حيث لم يكن أحد ينتظر.. جاء من الجزيرة الصغيرة نفسها، فكما خرجت فجأة من الأعماق، عادت بعد 6 أشهر اليها فجأة، انهارت واختفى لها كل أثر.
ومضت 170 سنة على اختفائها الآن. الا أن النشاط البركاني عاد الى الجزيرة ثانية بعد ثورة بركان إتنا الايطالي قبل أكثر من شهر، وبدأت الحمم تخرج من فوهة بركانها تحت الماء وتتراكم عليها، فتضخمت الجزيرة من جديد وتضاعفت مساحتها وارتفاعها، وباتت تظهر من شبابيك الطائرات للمسافرين عبر المتوسط وللمسافرين بالسفن وللبواخر الحربية ولمن يصطاد السمك بالأساطيل هناك، وكان رد الفعل الأول يوم الجمعة الماضي من الخارجية الفرنسية التي ذكر متحدث باسمها بأن «جزيرة جوليا لم تعد لها الأهمية الاستراتيجية التي كانت عليها قبل 170 سنة، لكن كل شيء بأوانه»، وهو تصريح مماثل لمتحدث آخر باسم الخارجية البريطانية أوردته صحيفة «تايمز» اللندنية في عددها قبل يومين، وفيه «ان الحكومة البريطانية ستنظر بأمر الجزيرة متى ولدت من جديد بعد شهر كما يتوقعون، الا أننا لن نحدث عاصفة منذ الآن ولا أنواء ولا أمواج، دعوا البحار تتصرف وشأنها بخصوص جزيرة غراهام»، كما قال.
الا أن السلطات البحرية الايطالية ذكرت في بيان «أن جزيرة فردينانديا ستعود من جديد الى البر الايطالي، وستصبح منتجعا سياحيا هو الأرقى في المتوسط، ولن يتم استخدامها لأي أغراض عسكرية» في اشارة تطمين واشارة انذار مبكر لسلطات ليبيا وتونس القريبة مياههما الاقليمية من الجزيرة التي لا اسم عربيا لها حتى الآن. ويقولون ويكتبون أيضا أن طيارا أميركيا لمحها تحت الماء وهو يتوجه بطائرته في 1986 الى ليبيا للمشاركة في سلسلة غارات شنتها الولايات المتحدة على ليبيا في ذلك العام، فظنها غواصة ليبية معادية تناور هناك، فأنزل عليها معظم ما كانت تحمله طائرته الحربية من مضادات، وظن أنه دمرها تحت الماء، لأنها لم تعد تظهر للعيان الا بعد أشهر من الحادثة. يقولون أيضا إن خرائط العالم كله ستتغير اذا ما ظهرت الجزيرة ـ البركان فوق الماء وثبتت عليه لأمد طويل، ومعظمها سيحمل أسماء مختلفة لها، حتى تنتهي أزمة مرتقبة بين دول كثيرة ستطالب بالسيطرة عليها، وهناك من يقترح أيضا أن تتبع الجزيرة دولة صغيرة في المتوسط، هي جزيرة مالطا، وفقا لما تنادي به السلطات الاسبانية.
http://www.aawsat.com/details.asp?se...139599&feature=
غواصون يرفعون العلم الإيطالي على «فردينانديا» خشية أن تطالب بها ليبيا أو تونس حين تطفو في أي لحظة فوق الماء
لندن: كمال قبيسي
أعماق البحر عند «الحذاء الايطالي» في المياه الدولية لجزيرة صقلية، تتمخض وهي «حامل» في شهرها الثاني بمولود قادم على الطريق ليطفو في أي لحظة كجزيرة مساحتها أكبر من مدينة رام الله بالضفة الغربية، وفق ما يتوقعه جيولوجيون يراقبون النشاط البركاني والزلزالي الذي يشهده الجنوب الايطالي منذ بدأ بركان إتنا، الأكبر والأكثر نشاطا بأوروبا، ثورته قبل شهر، قاصفا المنطقة عشوائيا بحمم وغازات، نشطت معها براكين صغيرة في الأعماق، ومنها الجزيرة التي أصبحت على عمق 6 أمتار فقط من مياه المتوسط. وأسرع غواصون ايطاليون بتثبيت علم بلادهم هناك، خشية أن تطالب بالجزيرة 5 دول، منها ليبيا وتونس بشكل خاص.
جزيرة «فردينانديا» كما تسميها ايطاليا، أو «غراهام» كما سماها البريطانيون، أو «جوليا» كما يحلو للفرنسيين تسميتها، تبعد في المياه الدولية 50 كيلومترا عن صقلية الايطالية «ومن يسيطر عليها قبل سواه، يمكنه امتلاكها أو الحاقها بوطن ينتمي اليه، بل اعلانها دولة مستقلة اذا أراد، وفقا للقوانين البحرية الدولية والمعاهدات. لكن السيطرة لا تتم الا على أرض خرجت من تحت الماء، لا التي ما زالت تحته، لذلك فان على الراغب الانتظار لتبدو للنظر، وهي قد تظهر للعيان في أي وقت، لأن نشاطها البركاني مستمر، والحمم تزيد من ارتفاع قمتها، وقريبا سنرى مشهدا فريدا من نوعه ورائعا، ومعه أزمة دبلوماسية بين عدد من الدول، وفي مقدمتها بريطانيا» على حد ما قاله سيلفيو باتشينو، رئيس الجمعية الايطالية الجيولوجية قبل أيام في مؤتمر صحافي عنها بروما.
وقصة الجزيرة معقدة وطويلة بعض الشيء، لكنها مثيرة للفضول وفيها رموز، فالأرشيف المعلوماتي عنها يقول إنها ظهرت فوق الماء من النشاط البركاني فيها لأول مرة قبل الميلاد، ثم عادت وانهارت بطبقاتها وصفائحها الى الأعماق بفعل الأمواج العاتية والرياح وما بدأ يتمخض فيها من قصف بركاني ـ حممي داخلي فيها، فاختفى لها كل أثر طوال أكثر من ألف و800 عام، الى أن عادت وتمخض فيها البركان ثانية عن ثورة نارية وغازات في منتصف عام 1830 فتراكمت على قمتها الحمم، وتضخمت وارتفعت وبرزت من الماء للعيان كجزيرة مساحتها 5 كيلومترات مربعة، ومرتفعة عن سطح البحر 70 مترا تقريبا، فسال لها لعاب الدول العظمى في ذلك الوقت، وكادت تشتعل أول حرب عالمية بسببها.
يكتبون ويقولون إن بريطانيا وجدت فيها منطقة استراتيجية لمراقبة التنقل البحري التجاري والعسكري في المتوسط، أفضل حتى من مالطا، فأسرعت وأرسلت سفينة حربية، نزل رجالها عليها وسموها «غراهام» على اسم السير جيمس غراهام، الأدميرال في البحرية البريطانية.. هناك وجدوا أيضا أن الطليان سبقوهم اليها ورفعوا علم «المملكة الصقلية» وأطلقوا عليها اسم «فردينانديا» المشتق من اسم فرديناند الثاني، عاهل «مملكة نابولي وصقلية» ذلك الوقت، فاغتاظ الفرنسيون وردوا بالمثل، وأرسلوا أيضا حامية بحرية سموها «جزيرة جوليا» المستمد من اسم شهر «يوليو» لأنها ظهرت فوق الماء فجأة في منتصف ذلك الشهر من عام 1830 وبدت لصيادين رأوها تخرج الى السطح «وكأنها مولود يخرج من الرحم.. خرجت مزمجرة كبركان صغير تخرج من فوهته حمم سالت الى سفحها وعلى الماء كشآبيب من النار» على حد ما يذكره الطليان في وثائقهم عنها.
اسبانيا أيضا اغتاظت من مطالبة الفرنسيين والطليان والبريطانيين بالجزيرة، وأرسلت بدورها حامية بحرية رفعت العلم الاسباني عليها. كذلك بدأت الامبراطورية العثمانية تلمح الى أن أحدا لا يحق له السيطرة على أرض خرجت من العدم الى المياه الدولية، وبدأت في الكواليس الدبلوماسية نقاشات استمرت 6 أشهر، وكادت كل دولة توعز لجهات الاختصاص فيها لحل المشكلة على طريقتها، ووضع الناس أياديهم على قلوبهم في 4 قارات، الى أن جاء الحل من حيث لم يكن أحد ينتظر.. جاء من الجزيرة الصغيرة نفسها، فكما خرجت فجأة من الأعماق، عادت بعد 6 أشهر اليها فجأة، انهارت واختفى لها كل أثر.
ومضت 170 سنة على اختفائها الآن. الا أن النشاط البركاني عاد الى الجزيرة ثانية بعد ثورة بركان إتنا الايطالي قبل أكثر من شهر، وبدأت الحمم تخرج من فوهة بركانها تحت الماء وتتراكم عليها، فتضخمت الجزيرة من جديد وتضاعفت مساحتها وارتفاعها، وباتت تظهر من شبابيك الطائرات للمسافرين عبر المتوسط وللمسافرين بالسفن وللبواخر الحربية ولمن يصطاد السمك بالأساطيل هناك، وكان رد الفعل الأول يوم الجمعة الماضي من الخارجية الفرنسية التي ذكر متحدث باسمها بأن «جزيرة جوليا لم تعد لها الأهمية الاستراتيجية التي كانت عليها قبل 170 سنة، لكن كل شيء بأوانه»، وهو تصريح مماثل لمتحدث آخر باسم الخارجية البريطانية أوردته صحيفة «تايمز» اللندنية في عددها قبل يومين، وفيه «ان الحكومة البريطانية ستنظر بأمر الجزيرة متى ولدت من جديد بعد شهر كما يتوقعون، الا أننا لن نحدث عاصفة منذ الآن ولا أنواء ولا أمواج، دعوا البحار تتصرف وشأنها بخصوص جزيرة غراهام»، كما قال.
الا أن السلطات البحرية الايطالية ذكرت في بيان «أن جزيرة فردينانديا ستعود من جديد الى البر الايطالي، وستصبح منتجعا سياحيا هو الأرقى في المتوسط، ولن يتم استخدامها لأي أغراض عسكرية» في اشارة تطمين واشارة انذار مبكر لسلطات ليبيا وتونس القريبة مياههما الاقليمية من الجزيرة التي لا اسم عربيا لها حتى الآن. ويقولون ويكتبون أيضا أن طيارا أميركيا لمحها تحت الماء وهو يتوجه بطائرته في 1986 الى ليبيا للمشاركة في سلسلة غارات شنتها الولايات المتحدة على ليبيا في ذلك العام، فظنها غواصة ليبية معادية تناور هناك، فأنزل عليها معظم ما كانت تحمله طائرته الحربية من مضادات، وظن أنه دمرها تحت الماء، لأنها لم تعد تظهر للعيان الا بعد أشهر من الحادثة. يقولون أيضا إن خرائط العالم كله ستتغير اذا ما ظهرت الجزيرة ـ البركان فوق الماء وثبتت عليه لأمد طويل، ومعظمها سيحمل أسماء مختلفة لها، حتى تنتهي أزمة مرتقبة بين دول كثيرة ستطالب بالسيطرة عليها، وهناك من يقترح أيضا أن تتبع الجزيرة دولة صغيرة في المتوسط، هي جزيرة مالطا، وفقا لما تنادي به السلطات الاسبانية.
http://www.aawsat.com/details.asp?se...139599&feature=
Comment