عن موقع محطة أخبار سورية
http://sns.sy/sns/
لا نريد أن نهوّل الأمور ونقول: إن لدينا سوقاً سوداء لبيع الأدوية المخدرة بكل أنواعها ومسمياتها على اختلاف أشكالها وطرق تعاطيها، منتشرة في بلدنا، لكن هذا لا يعني أبداً أننا بمنأى عن خطر هذه المشكلة التي تتزايد يوماً بعد يوم في ظل غياب الرقابة الفاعلة والتشريعات التي تحاسب كل من تسول له نفسه تحويل مسار الدواء عن هدفه ليصبح سماً قاتلاً.
والظاهر أننا أدمنا عادة عقد الاجتماعات والندوات حول خطر هذه المشكلة دون أن نخرج بنتائج مطمئنة، فبقي المروجون يسرحون ويمرحون في المدن الكبرى والأحياء الفقيرة، يبيعون الأدوية بصورة غير مشروعة دون حسيب أو رقيب.
والخوف أن نرى «السيهوكودين وأوبرفال، والفاليوم، والبكتوبكت» وغيرها من الأدوية المخدرة تباع في البقاليات وعلى الأرصفة كأية سلعة يحتاجها المواطن!.
بالمختصر المفيد، نحن أمام خطر لا تنفع معه المهدئات ولا المسكنات، وإنما نحتاج إلى قرارات جريئة من العيار الثقيل تضع حداً لكل من يتحايل على القانون ويتلاعب بصحة شبابنا، مستغلاً أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الظروف التي تقودهم إلى الإدمان على الأدوية كبداية لطريق الإدمان على المخدرات بشكلها التقليدي (الهيرويين والكوكائين).
الصحة لا تعتبرها ظاهرة
في وزارة الصحة كان «العشم» أن نسمع كلاماً يضع النقاط على الحروف، علنا نمسك طرف الخيط الذي يوصلنا إلى الجهة المعنية أكثر من غيرها في ضبط عمليات بيع الأدوية المخدرة بطرق غير مشروعة، لكن الدكتورة ميساء نصر، مديرة الرقابة الدوائية فضّلت عدم الخوض في التفاصيل، وتحدثت فقط فيما يخص دور مديريتها، ومع اعترافها بداية بخطورة بيع الأدوية المخدرة (بطرق غير مشروعة) على الشباب، إلا أنها لم تعتبر هذه المشكلة، قد وصلت إلى حد الظاهرة المتفشية في المجتمع السوري لدرجة إعلان الاستنفار ضدها.
وقالت نصر: حالياً لا توجد آلية مضبوطة بشكل جيد لمراقبة الدواء المخدر الذي يصنع في سورية، وهذه ثغرة -تضيف نصر- استغلها ضعاف النفوس من الأطباء والصيادلة مقابل حفنة من المال.
ونوهت إلى أن مديرية الرقابة الدوائية بصورة ما يجري بهذا الخصوص، لذا تقدمت مؤخراً للسيد وزير الصحة بمقترح لحل المشكلة والذي يتمثل بتشكيل لجنة توكل إليها مهمة مراقبة دخول وتصنيع وتصريف الأدوية النفسية المخدرة، منذ دخولها المطار كمادة أولية، مروراً بتصنيعها في المعامل، وصولاً إلى تسويقها أو صرفها في الصيدليات.
وقلنا للدكتورة نصر: هناك من يقترح بيع الأدوية المخدرة والمؤدية للإدمان في صيدليات حكومية أو خاصة موثوق بها، فأكدت أن ذلك فكرة لا بأس بها، لكنها قد تجعل فرصة الحصول على الأدوية محدودة أمام المرضى النفسيين، الذين يحتاجون بالفعل لهذه الأدوية.. وتسأل: ما ذنب هؤلاء للبحث عن أدويتهم في أماكن بعيدة عنهم، بدلاً من الحصول عليها من أية صيدلية موجودة في حيّهم بطريقة مشروعة؟.
جهد كبير
كما توقعنا، سمعنا كلاماً جديداً في إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، بل ولمسنا جهداً كبيراً يبذل بشأن ملاحقة مروجي الأدوية المؤدية للإدمان، حيث أطلعنا المعنيون على العديد من الضبوط التي تبين مصادرة عشرات الآلاف من كبسولات الأدوية المخدرة، وكان آخرها ضبط /9000/ حبة بنزهكسول، و/1400/ حبة بروكسيمول مع مروج ذائع الصيت في محلة مخيم اليرموك.
يقول اللواء أحمد الحوري، مدير إدارة مكافحة المخدرات: إن المشكلة التي تواجهنا في قمع الاتجار بالأدوية المؤدية للإدمان أن هذه الأدوية لا تعتبر من المخدرات وحيازتها لا تعتبر جريمة، وبالتالي لا يستطيع القضاء ملاحقة المتعاطي أو المدمن على هذا النوع من الأدوية وكذلك المروج، والسبب عدم وجود النص القانوني الذي يُجرّم الشخص الذي يروج ويسوّق ويتعاطى هذه الأدوية.
وأضاف: ما يزيد من تعقيد المشكلة أن بعض الصيدليات المستأجرة وحتى بعض النظامية، تحوّلت إلى دكاكين لبيع هذه الأدوية بطرق غير مشروعة، وبات أصحابها عالة على مهنة الصيدلة لا هم لهم إلا الربح، لذلك لا عجب أن يتحول الدواء إلى داء قاتل في يد شخص هو تاجر أكثر مما هو صيدلي!.
وبرأي اللواء الحوري أن قمع مشكلة ترويج الأدوية المخدرة بكل أنواعها «نفسية ومهدئات» والتي يُساء استعمالها، يكمن في توفر النص القانوني الذي يجرم الفاعل.. «نحن في وزارة الداخلية كنا سبّاقين لتقديم هذا الاقتراح من خلال اللجنة الوطنية العليا لمكافحة المخدرات التي يرأسها السيد وزير الداخلية».
وذكر مدير إدارة مكافحة المخدرات أن الإدمان على الأدوية المخدرة يكثر في دمشق وحلب، وفي المناطق الفقيرة وذات الكثافة السكانية.. ركن الدين وجرمانا ومخيم اليرموك وخان الشيح وغيرها من المناطق المكتظة بالسكان.
وسألنا اللواء الحوري: ما الذي يدفع الشباب للإدمان عن طريق الأدوية المخدرة؟.
فأجاب: رخصها وسهولة الحصول عليها، بالإضافة إلى إساءة استعمالها من قبل المريض، حيث يأخذ جرعات زائدة عن الحد المسموح به، ونتيجة تكرارها يجد نفسه أسيراً لها ولا يستطيع العيش دونها.
وهنا تمنى الحوري على نقابة الصيادلة أن تراقب جيداً سجلات الصيادلة وتفتيشها باستمرار، وأن تفرض عقوبات قاسية بحق من يخالف «العلة بالصيادلة.. والدواء بالنص القانوني».
وأمل اللواء الحوري أن يزداد التنسيق بين وزارتي الداخلية والصحة ونقابة الصيادلة، واقترح تشكيل لجنة مشتركة تعمل على وضع خطة محكمة لملاحقة المخالفين والمتاجرين بالأدوية المؤدية للإدمان، وأن تعمل هذه اللجنة على إعداد قائمة بأسماء الأدوية التي تسبب الإدمان، والتأكيد على عدم صرفها إلا بموجب وصفة طبية، وأن يكون هناك جدية بمسك السجلات الخاصة بصرف هذه الأدوية، بحيث يدوّن الصيدلي اسم المريض، واسم طبيبه، واسم الدواء، وعدد مرات صرفه، وتاريخها، ومهر الوصفة بختم الصيدلي حتى لايعاد صرفها من جديد، مع ضرورة تنظيم وضبط طلبات الشراء من مستودعات الأدوية بموجب وصول مستقلة عن الأدوية الأخرى.
ولفت إلى أن إدارة مكافحة المخدرات خاطبت نقابة الصيادلة أكثر من مرة بوجوب التبادل الفوري للمعلومات حول الأدوية الجديدة التي يظهر إساءة استعمالها من خلال العمل.
والتأكيد من قبل النقابة على عدم استخدام أي شخص غير مؤهل علمياً لبيع الأدوية، وخاصة المهدئة والنفسية منها.
أكثرالمدمنين من الشباب
وفي زيارة للمرصد الوطني لرعاية الشباب، أخبرنا الدكتور ناظم هارون مدير المرصد أن عدد مرضى الإدمان الذين دخلوا المرصد من أجل العلاج في عام 2009 كان 200 مريض من أصل 875، وهو مايشكل حوالي 23٪ من العدد الكلي لمرضى الإدمان المقبولين للعلاج، وبحسب الدكتور هارون، تتوزع هذه النسبة على الشكل التالي:
*18٪ إدمان على مشتقات أفيونية.
*2٪ إدمان على الأدوية المهدئة.
*3٪ إدمان على البنزهكسول.
وكانت نسبة الإدمان الدوائي عند النساء 2٪، أي خمس مريضات من العدد الكلي، وتتراوح أعمار هؤلاء (رجالاً ونساء) مابين 27-30 سنة، بعضهم يدرس في الجامعة والمعاهد المتوسطة.
أما في العام 2010 ولغاية نهاية الشهر السادس منه، فقد بلغ عدد مرضى الإدمان الدوائي 70 مريضاً، يشكلون نسبة 14٪ من عدد المرضى الكلي، وأغلبهم من مدمني المشتقات الأفيونية.
الشاهد الضحية
خلال وجودنا في المرصد الوطني لرعاية الشباب، سُمح لنا بالتحدث إلى عدد من الشباب الذين يعالجون من الإدمان وتحديداً الأدوية المهدئة والنفسية، وكان القاسم المشترك بين هؤلاء الشباب الضحايا أنهم كانوا يحصلون على ما يريدونه من الأدوية دون وصفات مقابل مبالغ مالية، يسيل لها لعاب من يتاجر بمهنة الصيدلة.
يقول /س.أ/: قبل الإدمان كنت أعاني من القلق والتوتر الزائد لدرجة أن النوم كان يجافيني ليومين متتاليين ، ويضيف : أحد أصدقائي أشار عليّ بأخذ (أوبرفال والزولام) على الرغم من أني ترددت في البداية لعلمي بخطورة ذلك، لكن سوء حالتي وفضولي الزائد جعلني أجرب، وبالفعل شعرت بالراحة والنشوة، ومرة بعد مرة زاد تعلقي وطلبي للمزيد، حتى أنني كنت أتعاطى باليوم حوالي /10-12/ حبة، كنت أفقد الوعي خلالها وأغط في نوم عميق.
واعترف هذا الشاب أنه فكّر أكثر من مرة بالانتحار، وفي يوم تجرأ وأخبر والدته بما يحصل له، فسارعت إلى إحضاره للمرصد للعلاج، كما اعترف أنه يعرف عدداً كبيراً من الشباب الذين يدمنون على الأدوية التي يحضرها لهم صاحب بقالية لبيع الخضار.
*ومأساة الشاب/م.د/ قد تبدو أصعب، فهو طالب جامعي على أبواب التخرج، قاده حظه العاثر ورفاق السوء إلى هذا المصير، وقبل أن نتحدث معه أظهر رغبة كبيرة بالحديث وقول الكثير من الكلام، وكانت الدمعة ظاهرة في عينه، وهو يتمنى أن تكون قصته عبرةً للشباب كي لا ينجرفوا لهذه الطريق التي تخرب عقل وفكر وجسم الإنسان، وتجعله عالة على أسرته ومجتمعه على حد قوله.
هذا الشاب كان يعاني من حالة اكتئاب، وعند زيارته لطبيب نفسي وصف له عدة أدوية من نوع(انفرانيل، لاميك، سبيري تكس ودامتيل)، ولكنه لم يستفد عليها، كما قال، فنصحه أحد رفاقه بتجريب دواء(O)، وعندما جربه شعر بالنشوة والفرفشة ونسيان الألم، ووصل الحال به إلى تناول /40/ حبة باليوم.. «كل يوم كنت أزيد هذه الجرعة حتى وصلت لحدود الـ 65 حبة، حتى شعرت في غيبوبة أفقدتني عقلي ولم أجد نفسي إلا هنا..».
حالة هذين الشابين هي من بين 70 حالة موجودة حالياً في المرصد، وغيرهم الكثير خارج أسواره، جميعهم من ضحايا تجار الدواء، الذين يسرحون ويمرحون في ظل عدم وجود الرقابة الصارمة وغياب التشريعات والقوانين الرادعة التي حوّلت الدواء إلى داء وسم قاتل يجري في عروق شباب، يعول عليهم الكثير!!.
http://sns.sy/sns/
..
http://sns.sy/sns/
لا نريد أن نهوّل الأمور ونقول: إن لدينا سوقاً سوداء لبيع الأدوية المخدرة بكل أنواعها ومسمياتها على اختلاف أشكالها وطرق تعاطيها، منتشرة في بلدنا، لكن هذا لا يعني أبداً أننا بمنأى عن خطر هذه المشكلة التي تتزايد يوماً بعد يوم في ظل غياب الرقابة الفاعلة والتشريعات التي تحاسب كل من تسول له نفسه تحويل مسار الدواء عن هدفه ليصبح سماً قاتلاً.
والظاهر أننا أدمنا عادة عقد الاجتماعات والندوات حول خطر هذه المشكلة دون أن نخرج بنتائج مطمئنة، فبقي المروجون يسرحون ويمرحون في المدن الكبرى والأحياء الفقيرة، يبيعون الأدوية بصورة غير مشروعة دون حسيب أو رقيب.
والخوف أن نرى «السيهوكودين وأوبرفال، والفاليوم، والبكتوبكت» وغيرها من الأدوية المخدرة تباع في البقاليات وعلى الأرصفة كأية سلعة يحتاجها المواطن!.
بالمختصر المفيد، نحن أمام خطر لا تنفع معه المهدئات ولا المسكنات، وإنما نحتاج إلى قرارات جريئة من العيار الثقيل تضع حداً لكل من يتحايل على القانون ويتلاعب بصحة شبابنا، مستغلاً أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الظروف التي تقودهم إلى الإدمان على الأدوية كبداية لطريق الإدمان على المخدرات بشكلها التقليدي (الهيرويين والكوكائين).
الصحة لا تعتبرها ظاهرة
في وزارة الصحة كان «العشم» أن نسمع كلاماً يضع النقاط على الحروف، علنا نمسك طرف الخيط الذي يوصلنا إلى الجهة المعنية أكثر من غيرها في ضبط عمليات بيع الأدوية المخدرة بطرق غير مشروعة، لكن الدكتورة ميساء نصر، مديرة الرقابة الدوائية فضّلت عدم الخوض في التفاصيل، وتحدثت فقط فيما يخص دور مديريتها، ومع اعترافها بداية بخطورة بيع الأدوية المخدرة (بطرق غير مشروعة) على الشباب، إلا أنها لم تعتبر هذه المشكلة، قد وصلت إلى حد الظاهرة المتفشية في المجتمع السوري لدرجة إعلان الاستنفار ضدها.
وقالت نصر: حالياً لا توجد آلية مضبوطة بشكل جيد لمراقبة الدواء المخدر الذي يصنع في سورية، وهذه ثغرة -تضيف نصر- استغلها ضعاف النفوس من الأطباء والصيادلة مقابل حفنة من المال.
ونوهت إلى أن مديرية الرقابة الدوائية بصورة ما يجري بهذا الخصوص، لذا تقدمت مؤخراً للسيد وزير الصحة بمقترح لحل المشكلة والذي يتمثل بتشكيل لجنة توكل إليها مهمة مراقبة دخول وتصنيع وتصريف الأدوية النفسية المخدرة، منذ دخولها المطار كمادة أولية، مروراً بتصنيعها في المعامل، وصولاً إلى تسويقها أو صرفها في الصيدليات.
وقلنا للدكتورة نصر: هناك من يقترح بيع الأدوية المخدرة والمؤدية للإدمان في صيدليات حكومية أو خاصة موثوق بها، فأكدت أن ذلك فكرة لا بأس بها، لكنها قد تجعل فرصة الحصول على الأدوية محدودة أمام المرضى النفسيين، الذين يحتاجون بالفعل لهذه الأدوية.. وتسأل: ما ذنب هؤلاء للبحث عن أدويتهم في أماكن بعيدة عنهم، بدلاً من الحصول عليها من أية صيدلية موجودة في حيّهم بطريقة مشروعة؟.
جهد كبير
كما توقعنا، سمعنا كلاماً جديداً في إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، بل ولمسنا جهداً كبيراً يبذل بشأن ملاحقة مروجي الأدوية المؤدية للإدمان، حيث أطلعنا المعنيون على العديد من الضبوط التي تبين مصادرة عشرات الآلاف من كبسولات الأدوية المخدرة، وكان آخرها ضبط /9000/ حبة بنزهكسول، و/1400/ حبة بروكسيمول مع مروج ذائع الصيت في محلة مخيم اليرموك.
يقول اللواء أحمد الحوري، مدير إدارة مكافحة المخدرات: إن المشكلة التي تواجهنا في قمع الاتجار بالأدوية المؤدية للإدمان أن هذه الأدوية لا تعتبر من المخدرات وحيازتها لا تعتبر جريمة، وبالتالي لا يستطيع القضاء ملاحقة المتعاطي أو المدمن على هذا النوع من الأدوية وكذلك المروج، والسبب عدم وجود النص القانوني الذي يُجرّم الشخص الذي يروج ويسوّق ويتعاطى هذه الأدوية.
وأضاف: ما يزيد من تعقيد المشكلة أن بعض الصيدليات المستأجرة وحتى بعض النظامية، تحوّلت إلى دكاكين لبيع هذه الأدوية بطرق غير مشروعة، وبات أصحابها عالة على مهنة الصيدلة لا هم لهم إلا الربح، لذلك لا عجب أن يتحول الدواء إلى داء قاتل في يد شخص هو تاجر أكثر مما هو صيدلي!.
وبرأي اللواء الحوري أن قمع مشكلة ترويج الأدوية المخدرة بكل أنواعها «نفسية ومهدئات» والتي يُساء استعمالها، يكمن في توفر النص القانوني الذي يجرم الفاعل.. «نحن في وزارة الداخلية كنا سبّاقين لتقديم هذا الاقتراح من خلال اللجنة الوطنية العليا لمكافحة المخدرات التي يرأسها السيد وزير الداخلية».
وذكر مدير إدارة مكافحة المخدرات أن الإدمان على الأدوية المخدرة يكثر في دمشق وحلب، وفي المناطق الفقيرة وذات الكثافة السكانية.. ركن الدين وجرمانا ومخيم اليرموك وخان الشيح وغيرها من المناطق المكتظة بالسكان.
وسألنا اللواء الحوري: ما الذي يدفع الشباب للإدمان عن طريق الأدوية المخدرة؟.
فأجاب: رخصها وسهولة الحصول عليها، بالإضافة إلى إساءة استعمالها من قبل المريض، حيث يأخذ جرعات زائدة عن الحد المسموح به، ونتيجة تكرارها يجد نفسه أسيراً لها ولا يستطيع العيش دونها.
وهنا تمنى الحوري على نقابة الصيادلة أن تراقب جيداً سجلات الصيادلة وتفتيشها باستمرار، وأن تفرض عقوبات قاسية بحق من يخالف «العلة بالصيادلة.. والدواء بالنص القانوني».
وأمل اللواء الحوري أن يزداد التنسيق بين وزارتي الداخلية والصحة ونقابة الصيادلة، واقترح تشكيل لجنة مشتركة تعمل على وضع خطة محكمة لملاحقة المخالفين والمتاجرين بالأدوية المؤدية للإدمان، وأن تعمل هذه اللجنة على إعداد قائمة بأسماء الأدوية التي تسبب الإدمان، والتأكيد على عدم صرفها إلا بموجب وصفة طبية، وأن يكون هناك جدية بمسك السجلات الخاصة بصرف هذه الأدوية، بحيث يدوّن الصيدلي اسم المريض، واسم طبيبه، واسم الدواء، وعدد مرات صرفه، وتاريخها، ومهر الوصفة بختم الصيدلي حتى لايعاد صرفها من جديد، مع ضرورة تنظيم وضبط طلبات الشراء من مستودعات الأدوية بموجب وصول مستقلة عن الأدوية الأخرى.
ولفت إلى أن إدارة مكافحة المخدرات خاطبت نقابة الصيادلة أكثر من مرة بوجوب التبادل الفوري للمعلومات حول الأدوية الجديدة التي يظهر إساءة استعمالها من خلال العمل.
والتأكيد من قبل النقابة على عدم استخدام أي شخص غير مؤهل علمياً لبيع الأدوية، وخاصة المهدئة والنفسية منها.
أكثرالمدمنين من الشباب
وفي زيارة للمرصد الوطني لرعاية الشباب، أخبرنا الدكتور ناظم هارون مدير المرصد أن عدد مرضى الإدمان الذين دخلوا المرصد من أجل العلاج في عام 2009 كان 200 مريض من أصل 875، وهو مايشكل حوالي 23٪ من العدد الكلي لمرضى الإدمان المقبولين للعلاج، وبحسب الدكتور هارون، تتوزع هذه النسبة على الشكل التالي:
*18٪ إدمان على مشتقات أفيونية.
*2٪ إدمان على الأدوية المهدئة.
*3٪ إدمان على البنزهكسول.
وكانت نسبة الإدمان الدوائي عند النساء 2٪، أي خمس مريضات من العدد الكلي، وتتراوح أعمار هؤلاء (رجالاً ونساء) مابين 27-30 سنة، بعضهم يدرس في الجامعة والمعاهد المتوسطة.
أما في العام 2010 ولغاية نهاية الشهر السادس منه، فقد بلغ عدد مرضى الإدمان الدوائي 70 مريضاً، يشكلون نسبة 14٪ من عدد المرضى الكلي، وأغلبهم من مدمني المشتقات الأفيونية.
الشاهد الضحية
خلال وجودنا في المرصد الوطني لرعاية الشباب، سُمح لنا بالتحدث إلى عدد من الشباب الذين يعالجون من الإدمان وتحديداً الأدوية المهدئة والنفسية، وكان القاسم المشترك بين هؤلاء الشباب الضحايا أنهم كانوا يحصلون على ما يريدونه من الأدوية دون وصفات مقابل مبالغ مالية، يسيل لها لعاب من يتاجر بمهنة الصيدلة.
يقول /س.أ/: قبل الإدمان كنت أعاني من القلق والتوتر الزائد لدرجة أن النوم كان يجافيني ليومين متتاليين ، ويضيف : أحد أصدقائي أشار عليّ بأخذ (أوبرفال والزولام) على الرغم من أني ترددت في البداية لعلمي بخطورة ذلك، لكن سوء حالتي وفضولي الزائد جعلني أجرب، وبالفعل شعرت بالراحة والنشوة، ومرة بعد مرة زاد تعلقي وطلبي للمزيد، حتى أنني كنت أتعاطى باليوم حوالي /10-12/ حبة، كنت أفقد الوعي خلالها وأغط في نوم عميق.
واعترف هذا الشاب أنه فكّر أكثر من مرة بالانتحار، وفي يوم تجرأ وأخبر والدته بما يحصل له، فسارعت إلى إحضاره للمرصد للعلاج، كما اعترف أنه يعرف عدداً كبيراً من الشباب الذين يدمنون على الأدوية التي يحضرها لهم صاحب بقالية لبيع الخضار.
*ومأساة الشاب/م.د/ قد تبدو أصعب، فهو طالب جامعي على أبواب التخرج، قاده حظه العاثر ورفاق السوء إلى هذا المصير، وقبل أن نتحدث معه أظهر رغبة كبيرة بالحديث وقول الكثير من الكلام، وكانت الدمعة ظاهرة في عينه، وهو يتمنى أن تكون قصته عبرةً للشباب كي لا ينجرفوا لهذه الطريق التي تخرب عقل وفكر وجسم الإنسان، وتجعله عالة على أسرته ومجتمعه على حد قوله.
هذا الشاب كان يعاني من حالة اكتئاب، وعند زيارته لطبيب نفسي وصف له عدة أدوية من نوع(انفرانيل، لاميك، سبيري تكس ودامتيل)، ولكنه لم يستفد عليها، كما قال، فنصحه أحد رفاقه بتجريب دواء(O)، وعندما جربه شعر بالنشوة والفرفشة ونسيان الألم، ووصل الحال به إلى تناول /40/ حبة باليوم.. «كل يوم كنت أزيد هذه الجرعة حتى وصلت لحدود الـ 65 حبة، حتى شعرت في غيبوبة أفقدتني عقلي ولم أجد نفسي إلا هنا..».
حالة هذين الشابين هي من بين 70 حالة موجودة حالياً في المرصد، وغيرهم الكثير خارج أسواره، جميعهم من ضحايا تجار الدواء، الذين يسرحون ويمرحون في ظل عدم وجود الرقابة الصارمة وغياب التشريعات والقوانين الرادعة التي حوّلت الدواء إلى داء وسم قاتل يجري في عروق شباب، يعول عليهم الكثير!!.
http://sns.sy/sns/
..
Comment