الاسكندر طوسي
خلال الايام القليلة الماضية لم يبق هناك شائعة في الدنيا لم تتناول سورية. كثر الحديث يمنة و شمالاً و جاءت التسريبات من كل حدب و صوب عن مبادرات من هنا و أخرى من هناك و تنازلات هنا و ليست هناك. بات كل طرف يسوّق ما شاء الهوى من أفكار يقول أنه قد حدثت و انتهى الأمر. فكان لا بد من تصحيح المشهد كله و اعادته الى سياقه الطبيعي. لن نتحدث هنا كبقية المحللين. نحن لسنا بمحللين. نحن محققين فقط. فلنرى ..
جاء خطاب الاسد اليوم ليرفع السقف السوري أولاً على أعمدة القوة التي أثبتها الجيش العربي السوري و انتصاراته الساحقة التي حققها خلال الاسبوعين الاخيرين على المجموعات المسلحة في ريف دمشق و حمص و حماه و ادلب. و جاء ثانياً ليعيد ضبط العزف وفقاً للنوطة الوطنية السورية محدداً درجاتها و مواقع علاماتها ماحياً كل نشاذ منها.
جاء خطاب الأسد اليوم ليكون أقوى خطاب يطلقه الأسد منذ سنين. فبعيداً عن الغوص في التحليل النفسي الذي شغل المراهقين على بعض الشاشات العربية حين عجزوا عن الرد على كلامه، و بعيداً عن الهيستيريا التي انتابت جحافل المعارضة السورية والتي جعلت منها خلال لحظات دمى متحركة مثيرة للسخرية، حوّل الأسد حكومات خصومه الى نمر من ورق.
تركيا نمر من ورق ..
رسائل ضمنية كثيرة تخللت كلمات الاسد، فكيف يمكننا أن نفهم تحيته لشباب قرية رأس العين في أقصى شمال سورية على الحدود التركية بمعزل عن الصدام مع تركيا؟ .. يجب وضع الأمر في سياقه الصحيح حتى نفهمه .. لقد أراد الأسد ايصال رسالة بسيطة لكنها بالغة القوة لحكومة الثعلب اردوغان تقول : ان شباب قرية بسيطة هزموا ثلاثة آلاف مقاتل مسلح ارسلتهم حكومتك اليها لتحتلها .. تلك قرية .. فما بالك بدولة يا رجب؟ ان كان مقاتلوك قد نجحوا بسرقة القمح فهم فشلوا في احتلال قرية و تحويلها لمنطقة عازلة. اذاً، بتحية بسيطة .. حوّل الأسد خصمه التركي الى نمر من ورق .. و كشف مسلحي خصمه التركي كلصوص قمح ..
تلك التحية التي أوضحت أن الاسد يعلم تفاصيل ما يجري من شمال البلاد الى جنوبها حملت كذلك الأمر رسالة الى الداخل : شباب رأس العين تسلحوا بالقوة و انتفضوا بوجه المخربين فكونوا مثلهم و كونوا الى جانب الجيش العربي السوري كلٌ بما يملك و كلٌ بما يستطيع الدفاع عن أرضه. هكذا هي .. بكل اختصار ..
نحن نحاور السيد لا العبد ..
هذه الجملة أصابت المعارضة بموجة من الهيستيريا. فهذه المعارضة التي لم توافق يوماً على الحوار تعلم أن ما يعنيه الأسد حرفياً هو أن سورية تلقت طلبات حوار من دول و حكومات غربية تمثل أطرافاً أساسية في النزاع. و هذا المر ان حدث فهو يعني ان كل المعارضة السورية الخارجية قد تحولت الى اوراق سيتم حرقها من قبل الغربيين على طاولة مفاوضاتهم مع الاسد الذي يملك من اوراق القوة ما يكفي لحرق كل المعارضة من اول جولة قبل ان يكسب الرهان.
أعاد الأسد ضبط السيمفونية وفقاً للنوطة السورية. فلا مبادرات مقبولة الا تلك التي يوافق عيلها الاسد. بكل اختصار كانت مطالب الغرب بداية تتمثل في تنحي الاسد و اليوم يفرض الاسد الحل السوري كما يجده مناسباً. متسلحاً بتأييد شعبي واسع لم تستطع كل وسائل اعلام الصهيونية تحريفه و تزويره او تخفيضه و تقليله لا بل المؤكد انه قد بدأ يستعيد ثقة الشارع العربي به كذلك خاصة بعدما ثبت للمصريين و التونسيين أن ثورات الربيع العربي لم تجلب لهم سوى المصائب.
تحت سقف الاسد ..
الاسد اليوم تحول من شخص يطالبه الغرب بالتنحي الى شخص يقود المرحلة القادمة من مستقبل سورية. الى شخص يطلب الغرب التفاوض معه. الى شخص أثبت أنه يعرف جيداً كيف تدار الأزمات. فرض خطة للحل لم تتضمن حتى حكومة انتقالية. لقد رفع الاسد السقف عالياً. و يبدو أنه سيرفعه أكثر في الايام المقبلة في حال لم تنتهز المعارضة الفرصة التي منحها اياها.
خطة الحل التي قدمها الاسد تتضمن ثلاث مراحل. مرسومة بعناية. عصية على الحياد. تقول لكل من يرغب بالحل تفضل. ألق سلاحك و تفضل. التفاصيل متروكة لاهل الاختصاص. لكل الحدود موضوعة بعناية. تحت سقف الدستور الوطني للجمهورية العربية السورية.
فلسطين تبقى اولاً ..
لم ينس الاسد يوماً القضية الفلسطينية. فتطرق اليها في خطابه. موجهاً التحية لكل فلسطيني شريف لم يعتبر سورية فندقاً يغادره حين تشتد الظروف. و مؤكدا على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة لسورية. في اشارة للداخل السوري المؤيد الذي ضاق ذرعا بممارسات بعض الفلسطينيين و خاصة من حركة حماس التي بصقت في الصحن التي أكلت منه أن اهدؤوا قليلاً و فكروا أبعد بقليل و ستجدون الصواب. كلام ربما لن يعجب كثيرين لكنه بالتأكيد ليس عبثياً.
باختصار ..
الخطاب كان خطاب المنتصر المتواضع على عكس جنون المهزومين من خصومه الذين انتابتهم حمى قلة الاخلاق و انعدام الحياء. كان متوازناً شاملاً. يمتلك القدرة كالسحر ليحرك السوريين المؤيدين للاسد من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب. لو رأيت صفحاتهم على مواقع التواصل لذهلت. حين شرب الاسد الماء كانت كلمة (صحة) على صفحات اغلبهم. ما بعد خطاب الفصل لن يكون كما قبله. تلك كانت لسان حالهم حين خرج سيد القوم وهم يهتفون فرحين و التفاؤل يغسل ارواحهم المتعبة من غدر الجيران الذين نأى الاسد بنفسه عن النزول الى مستواهم.
باختصار : لقد أراد الغرب لعبة البقاء للأقوى .. و بقي الأسد
مركز العرين
خلال الايام القليلة الماضية لم يبق هناك شائعة في الدنيا لم تتناول سورية. كثر الحديث يمنة و شمالاً و جاءت التسريبات من كل حدب و صوب عن مبادرات من هنا و أخرى من هناك و تنازلات هنا و ليست هناك. بات كل طرف يسوّق ما شاء الهوى من أفكار يقول أنه قد حدثت و انتهى الأمر. فكان لا بد من تصحيح المشهد كله و اعادته الى سياقه الطبيعي. لن نتحدث هنا كبقية المحللين. نحن لسنا بمحللين. نحن محققين فقط. فلنرى ..
جاء خطاب الاسد اليوم ليرفع السقف السوري أولاً على أعمدة القوة التي أثبتها الجيش العربي السوري و انتصاراته الساحقة التي حققها خلال الاسبوعين الاخيرين على المجموعات المسلحة في ريف دمشق و حمص و حماه و ادلب. و جاء ثانياً ليعيد ضبط العزف وفقاً للنوطة الوطنية السورية محدداً درجاتها و مواقع علاماتها ماحياً كل نشاذ منها.
جاء خطاب الأسد اليوم ليكون أقوى خطاب يطلقه الأسد منذ سنين. فبعيداً عن الغوص في التحليل النفسي الذي شغل المراهقين على بعض الشاشات العربية حين عجزوا عن الرد على كلامه، و بعيداً عن الهيستيريا التي انتابت جحافل المعارضة السورية والتي جعلت منها خلال لحظات دمى متحركة مثيرة للسخرية، حوّل الأسد حكومات خصومه الى نمر من ورق.
تركيا نمر من ورق ..
رسائل ضمنية كثيرة تخللت كلمات الاسد، فكيف يمكننا أن نفهم تحيته لشباب قرية رأس العين في أقصى شمال سورية على الحدود التركية بمعزل عن الصدام مع تركيا؟ .. يجب وضع الأمر في سياقه الصحيح حتى نفهمه .. لقد أراد الأسد ايصال رسالة بسيطة لكنها بالغة القوة لحكومة الثعلب اردوغان تقول : ان شباب قرية بسيطة هزموا ثلاثة آلاف مقاتل مسلح ارسلتهم حكومتك اليها لتحتلها .. تلك قرية .. فما بالك بدولة يا رجب؟ ان كان مقاتلوك قد نجحوا بسرقة القمح فهم فشلوا في احتلال قرية و تحويلها لمنطقة عازلة. اذاً، بتحية بسيطة .. حوّل الأسد خصمه التركي الى نمر من ورق .. و كشف مسلحي خصمه التركي كلصوص قمح ..
تلك التحية التي أوضحت أن الاسد يعلم تفاصيل ما يجري من شمال البلاد الى جنوبها حملت كذلك الأمر رسالة الى الداخل : شباب رأس العين تسلحوا بالقوة و انتفضوا بوجه المخربين فكونوا مثلهم و كونوا الى جانب الجيش العربي السوري كلٌ بما يملك و كلٌ بما يستطيع الدفاع عن أرضه. هكذا هي .. بكل اختصار ..
نحن نحاور السيد لا العبد ..
هذه الجملة أصابت المعارضة بموجة من الهيستيريا. فهذه المعارضة التي لم توافق يوماً على الحوار تعلم أن ما يعنيه الأسد حرفياً هو أن سورية تلقت طلبات حوار من دول و حكومات غربية تمثل أطرافاً أساسية في النزاع. و هذا المر ان حدث فهو يعني ان كل المعارضة السورية الخارجية قد تحولت الى اوراق سيتم حرقها من قبل الغربيين على طاولة مفاوضاتهم مع الاسد الذي يملك من اوراق القوة ما يكفي لحرق كل المعارضة من اول جولة قبل ان يكسب الرهان.
أعاد الأسد ضبط السيمفونية وفقاً للنوطة السورية. فلا مبادرات مقبولة الا تلك التي يوافق عيلها الاسد. بكل اختصار كانت مطالب الغرب بداية تتمثل في تنحي الاسد و اليوم يفرض الاسد الحل السوري كما يجده مناسباً. متسلحاً بتأييد شعبي واسع لم تستطع كل وسائل اعلام الصهيونية تحريفه و تزويره او تخفيضه و تقليله لا بل المؤكد انه قد بدأ يستعيد ثقة الشارع العربي به كذلك خاصة بعدما ثبت للمصريين و التونسيين أن ثورات الربيع العربي لم تجلب لهم سوى المصائب.
تحت سقف الاسد ..
الاسد اليوم تحول من شخص يطالبه الغرب بالتنحي الى شخص يقود المرحلة القادمة من مستقبل سورية. الى شخص يطلب الغرب التفاوض معه. الى شخص أثبت أنه يعرف جيداً كيف تدار الأزمات. فرض خطة للحل لم تتضمن حتى حكومة انتقالية. لقد رفع الاسد السقف عالياً. و يبدو أنه سيرفعه أكثر في الايام المقبلة في حال لم تنتهز المعارضة الفرصة التي منحها اياها.
خطة الحل التي قدمها الاسد تتضمن ثلاث مراحل. مرسومة بعناية. عصية على الحياد. تقول لكل من يرغب بالحل تفضل. ألق سلاحك و تفضل. التفاصيل متروكة لاهل الاختصاص. لكل الحدود موضوعة بعناية. تحت سقف الدستور الوطني للجمهورية العربية السورية.
فلسطين تبقى اولاً ..
لم ينس الاسد يوماً القضية الفلسطينية. فتطرق اليها في خطابه. موجهاً التحية لكل فلسطيني شريف لم يعتبر سورية فندقاً يغادره حين تشتد الظروف. و مؤكدا على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة لسورية. في اشارة للداخل السوري المؤيد الذي ضاق ذرعا بممارسات بعض الفلسطينيين و خاصة من حركة حماس التي بصقت في الصحن التي أكلت منه أن اهدؤوا قليلاً و فكروا أبعد بقليل و ستجدون الصواب. كلام ربما لن يعجب كثيرين لكنه بالتأكيد ليس عبثياً.
باختصار ..
الخطاب كان خطاب المنتصر المتواضع على عكس جنون المهزومين من خصومه الذين انتابتهم حمى قلة الاخلاق و انعدام الحياء. كان متوازناً شاملاً. يمتلك القدرة كالسحر ليحرك السوريين المؤيدين للاسد من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب. لو رأيت صفحاتهم على مواقع التواصل لذهلت. حين شرب الاسد الماء كانت كلمة (صحة) على صفحات اغلبهم. ما بعد خطاب الفصل لن يكون كما قبله. تلك كانت لسان حالهم حين خرج سيد القوم وهم يهتفون فرحين و التفاؤل يغسل ارواحهم المتعبة من غدر الجيران الذين نأى الاسد بنفسه عن النزول الى مستواهم.
باختصار : لقد أراد الغرب لعبة البقاء للأقوى .. و بقي الأسد
مركز العرين