لم أكن أنوي الاشارة الى موضوع هذا المقال ولاالتطرق اليه لكنني وجدت وفيما نحن نحلل مواقف هيئة التنسيق الوطنية واجتماعاتها ونصل الى قاع نواياها لنكتب مايجب عنها أن يقال دون مجاملة لها أو للدولة،
.وجدت أن من المفيد أن نضيف الى فصول كتاب (الامتاع والمؤانسة) لأبي حيان التوحيدي فصلا ترفيهيا سريعا يختلف عن الليالي الثمانية والثلاثين التي أوردها التوحيدي في كتابه الشهير .. ليكون بمثابة استراحة في أمتع الفصول وأظرفها مؤانسة في مقال عن فيصل القاسم الذي فاجأ الجميع بوصف الشاعر السوري أدونيس بأنه "شويعر" كما انتشر مؤخرا نقلا عن احدى حلقات برنامجه الرديء الذي لم أره منذ عدة سنوات .. بل وتصنّع القاسم الاشارة الى أدونيس كأنه يتحدث عن شاعر مغمور بالكاد يتذكر اسمه أو يعرف كيف ينطق .. في طريقة مثيرة للسخرية .. وجعل فيصل يقلّب في الاسم وحروفه .. ويعيد تذكيرنا بالشويعر أدونيس الذي انتقد خروج الثورة السورية من الجامع لا من الجامعة ..ولايخفى على اللبيب أن القاسم تعمد اهانة اسم أدونيس وهو العارف بقامة أدونيس .. لكنه فعل ذلك لغاية في نفس حمد ولغاية في جيب فيصل.. هذه التهريجة (التمثيلية) ستبقى خالدة في سجله ولن يقدر على محوها حتى بقرار من مجلس الأمن وفق الفصل السابع
يعني ان كوميدية المشهد الذي ابتدعه فيصل لاتبزها كوميدية المايسترو الشيخ العرعور في العزف على الطناجر .. ولا اعلان رياض الأسعد عن الانسحاب التكتيكي .. ولا اتهام عبد الرزاق طلاس للصين كلها بالتآمر عليه .. ولا حتى رغبة القرضاوي بالزواج من ميديا الداغستاني بعد كشف مستورها الذي سال له لعاب الشيخ الذي سيطلب من عبد الرزاق طلاس السفر حالا الى الدوحة لامداد القرضاوي العريس بخبرته الجهادية على السكايب ..
هذه المقالة قطعا ليست دفاعا عن أدونيس .. وأدونيس لايحتاج مساعدة أحد ولادفاع أحد .. فهو من لديه كروم اللغة وعناقيدها وهو من لديه أعنّة الكلام .. وهو من لديه ترسانة هائلة من كلمات التدمير الشامل التي ان وجهها على فيصل القاسم لتقلّب القاسم كما لو كان ورقة شجر يابسة سقطت في تنور ... وربما تبخر القاسم كما في ضحايا الضربات النووية .. ولاأعتقد أن أدونيس سيسعد بمقالات غيره في شأن له .. ولكن هذه المقالة هي انتصار للشعر وانتصار للفكر مهما كان موقفنا مع صاحبه مختلفا..
ياراجووول يافيصل .. أدونيس معروف للقاصي والداني .. وهو ليس بشويعر .. بل من صروح الشعر العربي الحديث .. وأبحاثه الأدبية نالت اعجاب مبغضيه وخصومه .. ولاأنسى أبدا ماذا قال لي أحد الشعراء العرب الكبار (وأعتذر عن ذكر اسمه لتجنب الحساسيات بسبب خصوصية الحديث) الذين سألتهم عن رأيهم بأدونيس وكان مختلفا معه بشدة في مواقفه السياسية (موقف اعلان كوبنهاجن) اذ قال لي بالحرف: يخرب بيته شو ها الأبحاث البديعة اللي عاملها .. بصراحة أعماله البحثية تستحق الثناء والاعجاب رغم كل شيء..
وأذكر أننا في هذه الأزمة السياسية اختلفنا مع أدونيس كثيرا ورشقناه بمنجنيق النقد اللاذع عشرات المرات عندما أبدى نوعا من التبريرية لفوضى المظاهرات وبدا أنه يتحدث حديثا رومانسيا ولم يتسن له الاطلاع على كل التفاصيل الحاسمة .. بل أذكر أنني مع انطلاق الأحداث السورية وصفت موقفه الذي أبدى فيه تفهما للثورة وألقى عظاته المتعالية، وصفته بموقف ابن خلدون الذي نافق تيمورلنك وأنزله الدماشقة بالقفة من على أسوار دمشق ليفاوض الملك الغازي .. فوجدها ابن خلدون فرصة ليتملقه وليتقرب منه ويقول فيه مالايقال من المدائح والثناء .. وأنا في تلك المقالة قارنت أدونيس بابن خلدون كمجدد ومفكر وعبقري لكنني لم أرحمه من سياط النقد اللاذع والتقريع والتأثيم ماأمكنني ..ومع ذلك لم أستطيع وصفه اطلاقا الا بالشاعر والمفكر وان كانت كتبه ومؤلفاته تجتذب المترفين فكريا وليس العامة .. ولاأقدر الا أن أضعه - رغم اختلافي الشديد أحيانا مع مواقفه - بين مصاف الأيقونات الأدبية العربية .. شئت أم أبيت .. ولايمكنني أن أنسى تلك المخطوطة التي حققها عن حلب والمتنبي والتي أعدت قراءتها مرارا لامتصاص كل معانيها وتفكيكها لشدة ثرائها وغناها بالبروتينات التي لاتهضمها الا العقول المثقفة بقوة ولايقوى عليها الا ذوو الجلد الفكري .. مخطوطة مرهقة للعقول التي اعتادت المعلبات الثقافية والأدب مسبق الصنع ولافاشكيري النثر وكنتاكي الشعر والشعراء .. وماكدونالد فيصل القاسم ..
ياراجوووول يافيصل .. اذا لم تسمع بأدونيس فبمن سمعت اذا؟ ربما بزكي جمعة الذي سأل عنه عادل امام بقوله: الله يرحمك ياطهطاوي .. فين أيامك ياطهطاوي .. وفين فلان وفلان .. وزكي جمعة !! مين زكي جمعة ده؟؟ !!
أنا أجزم أن فيصل يعرف زكي جمعة؟ وربما كان فيصل القاسم هو نفسه زكي جمعة ..
ياراجووول .. أخشى ان كنت لم تسمع بنزار قباني أيضا .. وربما قلت انه بائع العرقسوس في حي مئذنة الشحم .. وربما تسمي شعر الحب عنده بأنه شعر الزعران والمراهقين .. وستسميه بدل شاعر المرأة (شاعر النسوان) وتلحقه بمعسكر صديقك المزواج المطلاق يوسف القرضاوي.
بعد تلك اللحظة التي قرر فيها فيصل أن أدونيس شويعر ارتجفت كتب الشعر العربي الحديث والقديم وتقصفت ركبها .. وعلا عويل القصائد هلعا وهرب الشعر الجاهلي حافيا على الرمال الى ملاذ آمن قبل أن يسميه فيصل القاسم بأنه شعر البدائيين وأحاسيس الهمج ..
أما كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني فقد أصابه الوجل الشديد والقلق من غزوة بني القاسم لأن فيصل كان بالتأكيد سيقدمه لجمهور الجزيرة على أنه ألبوم دويتو لمغني الوهابية فضل بن شاكر العبسي مع هيفاء وهبة .. وستكون ذروة كتاب (الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني) هي أغنية (بوس الواوا) لهيفا .. التي سيبوس فيها فضل شاكر العبسي واواها ..وكما يبوس أحمد الأسير واوا بيت الحريري .. وعبد الرزاق طلاس واوا الحرائر ..
وقد رأيت بأم عيني كتاب (طوق الحمامة في الألفة والألّاف) لابن حزم الأندلسي يلوذ بأعلى رفوف المكتبات هلعا من مصير قاس على فم القاسم كأن يمنحه القاسم وصف كتاب عن تربية الحمام والطيور والعناية بالدواجن ... ولاأستبعد أن الخنساء ستصبح الخنفساء في قواميس بني القاسم وأن أخاها صخرا هو الشبيح "أبو صخر" قاطع الطريق.. .
وقد فرّ الشعر الأندلسي والموشحات وابن زيدون وولادة بنت المستكفي من قرطبة وغرناطة الى عند اسياس أفورقي في اريتيرية أو الى عند ميليس زيناوي في الحبشة لأن فيصل القاسم لن يتورع كما يبدو عن اطلاق صفة الشعر الغجري أو النّوري (بفتح الواو) على ذلك التراث الجميل والتحف النفيسة الأندلسية... .
وسنصلي لله ونتضرع اليه أن يبعد عين فيصل القاسم وانتباهه عن شعر عنترة العبسي وعبلة وشعر "المعلقات" العربية وسوق عكاظ وزهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني فقد يجندل القاسم الجميع في ضربة واحدة ويقول ان ما يسمى معلقات هو شعر "المعلبات" الصحراوية التي لايساوي خطبة من خطب سعدو الحريري العصماء .. وان لاميّة الشنفرى وشعر عروة بن الورد وصعاليكه لاتساوي تأتأة خادم الحرمين الشريفين..
وقد صرت أخشى أن يستولي فيصل على شعر مليكنا المتنبي ويهديه الى آل ثاني ويقول لنا ان علاقة حمد بن خليفة وعزمي بشارة هي أعظم من قصة الصداقة بين سيف الدولة والمتنبي .. وان الخيل والليل والبيداء التي غطاها المتنبي بعباءته الواسعة طوال التاريخ وطوّبت باسمه قد يهينها شخص مثل القاسم ويقول انها صفات اللصوص الهاربين المطاردين والفارين من العدالة...
لم يبق لأصحاب الربيع العربي مثل القاسم وجماعته الا اتلاف ذائقتنا الشعرية بعدما أتلفوا دماغ الناس وخربوا مدننا وحدائقنا وصفاء الحارات الشعبية وتسامحها وبراءة القرى والأرياف .. سرقوا منا أحاديث المقاهي الشعبية ودخان الأراكيل وسرقوا منا المساجد وسرقوا الله أكبر .. ونقلوا الناس من (حق لايموت في فلسطين) لغسان كنفاني الى (هلكتونا بفلسطين) لفيصل القاسم ..في عبارة شهيرة لاتمحى..
يبدو أن الهدف القادم للربيع العربي ليس عاصمة أخرى تتوق للحرية مثل الدوحة أو الرياض بل عواصم التراث والشعر وديوان العرب نفسه .. وقد استهل فيصل القاسم ربيع الأدب العربي بشعار (الشعب يريد اسقاط الأدب واسقاط الشعر والشعراء) بمسخ قامة أدونيس الى شويعر ضئيل هزيل لأنه فقط أبدى بعض التحفظات على مايسمى بالثورة السورية .. فوصل الربيع العربي حتى الى شعرنا وكلامنا وحروفنا لنتوقع أن يسحل النابغة الذبياني يوما من خيمته في سوق عكاظ ليؤخذ الى قطر .. مثلما سحل القذافي من خيمته الليبية .. وليذبح عمرو بن كلثوم مثلما ذبح رجال الشرطة السوريون المخطوفون على يد من يسمون ثوار سورية...
ويبدو أن الغاز القطري صار يدخل الرؤوس فتمتلئ بالفقاعات ويخف وزنها ..دخل الغاز القطري رأس حمد فصار قابلا للطيران لخفته .. وهاهو يدخل رأس فيصل القاسم ..الذي انتشى بالغاز وثمل ..
ويذكرني فيصل بقصة لبشار بن برد الشاعر الضرير وسأرويها له لأنها مفصلة على مقاسه .. فقد كان بشار بن برد في بلاط الخليفة المهدي في أحد الأيام ينشده شعرا مدّاحا .. فدخل عليه يزيد بن منصور الحميري (وهو خال المهدي) وماان انتهى بشار من قصيدته حتى سأله يزيد بن منصور الحميري وكان معروفا أن فيه غفلة (أي جدبة وعقله على البركة) : كلامك جميل ياهذا فما هي صنعتك؟؟ فقال له بشار بن برد ساخرا بخبث: أثقب اللؤلؤ وأنظمه!! فضحك الخليفة وقال لبشار: ويحك أتتندر بخالي ؟؟!! فقال له الشاعر: ياأمير المؤمنين .. "انه يرى رجلا ضريرا ينشد الخليفة شعرا ومع هذا لايعرف ماذا صنعتي".. أي ان سؤال خال الخليفة كان غبيا وبليدا ولزجا .. بالضبط مثل تساؤل فيصل القاسم عن أدونيس واستخفافه به وتصنعه تجاهله مع أن أدونيس رشح عدة مرات لجائزة نوبل .. ولاأستبعد صلة وراثية ما بين خال الخليفة وبين فيصل القاسم ..فهذه البلادة من تلك البلاهة التي تريدنا أن نصدق أن تساؤله بريء وأنه لم يقبض ثمنه بالدولار..
وبما أننا ذكرنا بشار بن برد الذي بالتأكيد لم يسمع به فيصل وربما اعتقد أنه احدى الصفات التي يطلقها الثورجيون على الرئيس بشار الأسد، فهذا شرح مبسط عن قصة (ربابة) خادمة بشار بن برد .. وهي مثال على قدّ وحجم ملكات فيصل القاسم الشعرية وأدبه وذائقته الاعلامية .. لأنه ربما بنى ثقافته التهريجية من مسلسل افتح ياسمسم للأطفال وتأثر بطريقة الضفدع كامل في اذاعة افتح ياسمسم .. ولانبالغ ان قلنا بأن برنامج الاتجاه المعاكس هو نسخة من البث المباشر للضفدع كامل من اذاعة افتح ياسمسم .. لكن الضفدع كامل الآن صارت له فضائية اسمها الجزيرة !!وبرنامج اسمه (الاتجاه المعاكس) ..
وقصة بشار بن برد مع خادمته التي اشتكت من أنه لايقول لها شعرا تفهمه ففصل على مقاسها هذه الأبيات وداعبها بها ممازحا:
ربابة ربة البيت ------ تصب الخل في الزيت
لها عشر دجاجات ------ وديك حسن الصوت
وكي يفهمها فيصل سنقربها له حسب مصطلحات محيطه الثقافي:
فموزة ربة البيت ----- تصب المال في البيت
لها عشر مذيعات ---- وديك حسن الصوت
وكي لايعتقد فيصل أنه ذلك الديك .. فهو أقل من ديك في مقاييس موزة وهو من بين الدجاجات العشر .. لذلك فاننا سنقرّبها له قليلا وآمل أن يفك شيفرتها ... فمن لايعرف أدونيس سيعاني في تفكيك شيفرة هذه الأحجية ... ذلك الديك يافيصل يلقب بالمفكر العربي .. وأول حرف منه ع .. وأول حرف من كنيته ب .. وهو عضو كنيست اسرائيلي سابقا..وجاسوس حاليا
يعني ان كوميدية المشهد الذي ابتدعه فيصل لاتبزها كوميدية المايسترو الشيخ العرعور في العزف على الطناجر .. ولا اعلان رياض الأسعد عن الانسحاب التكتيكي .. ولا اتهام عبد الرزاق طلاس للصين كلها بالتآمر عليه .. ولا حتى رغبة القرضاوي بالزواج من ميديا الداغستاني بعد كشف مستورها الذي سال له لعاب الشيخ الذي سيطلب من عبد الرزاق طلاس السفر حالا الى الدوحة لامداد القرضاوي العريس بخبرته الجهادية على السكايب ..
هذه المقالة قطعا ليست دفاعا عن أدونيس .. وأدونيس لايحتاج مساعدة أحد ولادفاع أحد .. فهو من لديه كروم اللغة وعناقيدها وهو من لديه أعنّة الكلام .. وهو من لديه ترسانة هائلة من كلمات التدمير الشامل التي ان وجهها على فيصل القاسم لتقلّب القاسم كما لو كان ورقة شجر يابسة سقطت في تنور ... وربما تبخر القاسم كما في ضحايا الضربات النووية .. ولاأعتقد أن أدونيس سيسعد بمقالات غيره في شأن له .. ولكن هذه المقالة هي انتصار للشعر وانتصار للفكر مهما كان موقفنا مع صاحبه مختلفا..
ياراجووول يافيصل .. أدونيس معروف للقاصي والداني .. وهو ليس بشويعر .. بل من صروح الشعر العربي الحديث .. وأبحاثه الأدبية نالت اعجاب مبغضيه وخصومه .. ولاأنسى أبدا ماذا قال لي أحد الشعراء العرب الكبار (وأعتذر عن ذكر اسمه لتجنب الحساسيات بسبب خصوصية الحديث) الذين سألتهم عن رأيهم بأدونيس وكان مختلفا معه بشدة في مواقفه السياسية (موقف اعلان كوبنهاجن) اذ قال لي بالحرف: يخرب بيته شو ها الأبحاث البديعة اللي عاملها .. بصراحة أعماله البحثية تستحق الثناء والاعجاب رغم كل شيء..
وأذكر أننا في هذه الأزمة السياسية اختلفنا مع أدونيس كثيرا ورشقناه بمنجنيق النقد اللاذع عشرات المرات عندما أبدى نوعا من التبريرية لفوضى المظاهرات وبدا أنه يتحدث حديثا رومانسيا ولم يتسن له الاطلاع على كل التفاصيل الحاسمة .. بل أذكر أنني مع انطلاق الأحداث السورية وصفت موقفه الذي أبدى فيه تفهما للثورة وألقى عظاته المتعالية، وصفته بموقف ابن خلدون الذي نافق تيمورلنك وأنزله الدماشقة بالقفة من على أسوار دمشق ليفاوض الملك الغازي .. فوجدها ابن خلدون فرصة ليتملقه وليتقرب منه ويقول فيه مالايقال من المدائح والثناء .. وأنا في تلك المقالة قارنت أدونيس بابن خلدون كمجدد ومفكر وعبقري لكنني لم أرحمه من سياط النقد اللاذع والتقريع والتأثيم ماأمكنني ..ومع ذلك لم أستطيع وصفه اطلاقا الا بالشاعر والمفكر وان كانت كتبه ومؤلفاته تجتذب المترفين فكريا وليس العامة .. ولاأقدر الا أن أضعه - رغم اختلافي الشديد أحيانا مع مواقفه - بين مصاف الأيقونات الأدبية العربية .. شئت أم أبيت .. ولايمكنني أن أنسى تلك المخطوطة التي حققها عن حلب والمتنبي والتي أعدت قراءتها مرارا لامتصاص كل معانيها وتفكيكها لشدة ثرائها وغناها بالبروتينات التي لاتهضمها الا العقول المثقفة بقوة ولايقوى عليها الا ذوو الجلد الفكري .. مخطوطة مرهقة للعقول التي اعتادت المعلبات الثقافية والأدب مسبق الصنع ولافاشكيري النثر وكنتاكي الشعر والشعراء .. وماكدونالد فيصل القاسم ..
ياراجوووول يافيصل .. اذا لم تسمع بأدونيس فبمن سمعت اذا؟ ربما بزكي جمعة الذي سأل عنه عادل امام بقوله: الله يرحمك ياطهطاوي .. فين أيامك ياطهطاوي .. وفين فلان وفلان .. وزكي جمعة !! مين زكي جمعة ده؟؟ !!
أنا أجزم أن فيصل يعرف زكي جمعة؟ وربما كان فيصل القاسم هو نفسه زكي جمعة ..
ياراجووول .. أخشى ان كنت لم تسمع بنزار قباني أيضا .. وربما قلت انه بائع العرقسوس في حي مئذنة الشحم .. وربما تسمي شعر الحب عنده بأنه شعر الزعران والمراهقين .. وستسميه بدل شاعر المرأة (شاعر النسوان) وتلحقه بمعسكر صديقك المزواج المطلاق يوسف القرضاوي.
بعد تلك اللحظة التي قرر فيها فيصل أن أدونيس شويعر ارتجفت كتب الشعر العربي الحديث والقديم وتقصفت ركبها .. وعلا عويل القصائد هلعا وهرب الشعر الجاهلي حافيا على الرمال الى ملاذ آمن قبل أن يسميه فيصل القاسم بأنه شعر البدائيين وأحاسيس الهمج ..
أما كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني فقد أصابه الوجل الشديد والقلق من غزوة بني القاسم لأن فيصل كان بالتأكيد سيقدمه لجمهور الجزيرة على أنه ألبوم دويتو لمغني الوهابية فضل بن شاكر العبسي مع هيفاء وهبة .. وستكون ذروة كتاب (الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني) هي أغنية (بوس الواوا) لهيفا .. التي سيبوس فيها فضل شاكر العبسي واواها ..وكما يبوس أحمد الأسير واوا بيت الحريري .. وعبد الرزاق طلاس واوا الحرائر ..
وقد رأيت بأم عيني كتاب (طوق الحمامة في الألفة والألّاف) لابن حزم الأندلسي يلوذ بأعلى رفوف المكتبات هلعا من مصير قاس على فم القاسم كأن يمنحه القاسم وصف كتاب عن تربية الحمام والطيور والعناية بالدواجن ... ولاأستبعد أن الخنساء ستصبح الخنفساء في قواميس بني القاسم وأن أخاها صخرا هو الشبيح "أبو صخر" قاطع الطريق.. .
وقد فرّ الشعر الأندلسي والموشحات وابن زيدون وولادة بنت المستكفي من قرطبة وغرناطة الى عند اسياس أفورقي في اريتيرية أو الى عند ميليس زيناوي في الحبشة لأن فيصل القاسم لن يتورع كما يبدو عن اطلاق صفة الشعر الغجري أو النّوري (بفتح الواو) على ذلك التراث الجميل والتحف النفيسة الأندلسية... .
وسنصلي لله ونتضرع اليه أن يبعد عين فيصل القاسم وانتباهه عن شعر عنترة العبسي وعبلة وشعر "المعلقات" العربية وسوق عكاظ وزهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني فقد يجندل القاسم الجميع في ضربة واحدة ويقول ان ما يسمى معلقات هو شعر "المعلبات" الصحراوية التي لايساوي خطبة من خطب سعدو الحريري العصماء .. وان لاميّة الشنفرى وشعر عروة بن الورد وصعاليكه لاتساوي تأتأة خادم الحرمين الشريفين..
وقد صرت أخشى أن يستولي فيصل على شعر مليكنا المتنبي ويهديه الى آل ثاني ويقول لنا ان علاقة حمد بن خليفة وعزمي بشارة هي أعظم من قصة الصداقة بين سيف الدولة والمتنبي .. وان الخيل والليل والبيداء التي غطاها المتنبي بعباءته الواسعة طوال التاريخ وطوّبت باسمه قد يهينها شخص مثل القاسم ويقول انها صفات اللصوص الهاربين المطاردين والفارين من العدالة...
لم يبق لأصحاب الربيع العربي مثل القاسم وجماعته الا اتلاف ذائقتنا الشعرية بعدما أتلفوا دماغ الناس وخربوا مدننا وحدائقنا وصفاء الحارات الشعبية وتسامحها وبراءة القرى والأرياف .. سرقوا منا أحاديث المقاهي الشعبية ودخان الأراكيل وسرقوا منا المساجد وسرقوا الله أكبر .. ونقلوا الناس من (حق لايموت في فلسطين) لغسان كنفاني الى (هلكتونا بفلسطين) لفيصل القاسم ..في عبارة شهيرة لاتمحى..
يبدو أن الهدف القادم للربيع العربي ليس عاصمة أخرى تتوق للحرية مثل الدوحة أو الرياض بل عواصم التراث والشعر وديوان العرب نفسه .. وقد استهل فيصل القاسم ربيع الأدب العربي بشعار (الشعب يريد اسقاط الأدب واسقاط الشعر والشعراء) بمسخ قامة أدونيس الى شويعر ضئيل هزيل لأنه فقط أبدى بعض التحفظات على مايسمى بالثورة السورية .. فوصل الربيع العربي حتى الى شعرنا وكلامنا وحروفنا لنتوقع أن يسحل النابغة الذبياني يوما من خيمته في سوق عكاظ ليؤخذ الى قطر .. مثلما سحل القذافي من خيمته الليبية .. وليذبح عمرو بن كلثوم مثلما ذبح رجال الشرطة السوريون المخطوفون على يد من يسمون ثوار سورية...
ويبدو أن الغاز القطري صار يدخل الرؤوس فتمتلئ بالفقاعات ويخف وزنها ..دخل الغاز القطري رأس حمد فصار قابلا للطيران لخفته .. وهاهو يدخل رأس فيصل القاسم ..الذي انتشى بالغاز وثمل ..
ويذكرني فيصل بقصة لبشار بن برد الشاعر الضرير وسأرويها له لأنها مفصلة على مقاسه .. فقد كان بشار بن برد في بلاط الخليفة المهدي في أحد الأيام ينشده شعرا مدّاحا .. فدخل عليه يزيد بن منصور الحميري (وهو خال المهدي) وماان انتهى بشار من قصيدته حتى سأله يزيد بن منصور الحميري وكان معروفا أن فيه غفلة (أي جدبة وعقله على البركة) : كلامك جميل ياهذا فما هي صنعتك؟؟ فقال له بشار بن برد ساخرا بخبث: أثقب اللؤلؤ وأنظمه!! فضحك الخليفة وقال لبشار: ويحك أتتندر بخالي ؟؟!! فقال له الشاعر: ياأمير المؤمنين .. "انه يرى رجلا ضريرا ينشد الخليفة شعرا ومع هذا لايعرف ماذا صنعتي".. أي ان سؤال خال الخليفة كان غبيا وبليدا ولزجا .. بالضبط مثل تساؤل فيصل القاسم عن أدونيس واستخفافه به وتصنعه تجاهله مع أن أدونيس رشح عدة مرات لجائزة نوبل .. ولاأستبعد صلة وراثية ما بين خال الخليفة وبين فيصل القاسم ..فهذه البلادة من تلك البلاهة التي تريدنا أن نصدق أن تساؤله بريء وأنه لم يقبض ثمنه بالدولار..
وبما أننا ذكرنا بشار بن برد الذي بالتأكيد لم يسمع به فيصل وربما اعتقد أنه احدى الصفات التي يطلقها الثورجيون على الرئيس بشار الأسد، فهذا شرح مبسط عن قصة (ربابة) خادمة بشار بن برد .. وهي مثال على قدّ وحجم ملكات فيصل القاسم الشعرية وأدبه وذائقته الاعلامية .. لأنه ربما بنى ثقافته التهريجية من مسلسل افتح ياسمسم للأطفال وتأثر بطريقة الضفدع كامل في اذاعة افتح ياسمسم .. ولانبالغ ان قلنا بأن برنامج الاتجاه المعاكس هو نسخة من البث المباشر للضفدع كامل من اذاعة افتح ياسمسم .. لكن الضفدع كامل الآن صارت له فضائية اسمها الجزيرة !!وبرنامج اسمه (الاتجاه المعاكس) ..
وقصة بشار بن برد مع خادمته التي اشتكت من أنه لايقول لها شعرا تفهمه ففصل على مقاسها هذه الأبيات وداعبها بها ممازحا:
ربابة ربة البيت ------ تصب الخل في الزيت
لها عشر دجاجات ------ وديك حسن الصوت
وكي يفهمها فيصل سنقربها له حسب مصطلحات محيطه الثقافي:
فموزة ربة البيت ----- تصب المال في البيت
لها عشر مذيعات ---- وديك حسن الصوت
وكي لايعتقد فيصل أنه ذلك الديك .. فهو أقل من ديك في مقاييس موزة وهو من بين الدجاجات العشر .. لذلك فاننا سنقرّبها له قليلا وآمل أن يفك شيفرتها ... فمن لايعرف أدونيس سيعاني في تفكيك شيفرة هذه الأحجية ... ذلك الديك يافيصل يلقب بالمفكر العربي .. وأول حرف منه ع .. وأول حرف من كنيته ب .. وهو عضو كنيست اسرائيلي سابقا..وجاسوس حاليا