وزراء أرمن في تاريخ الحكومات السورية .. لمحة تاريخية .. بقلم :د. نورا أريسيان
من خلال البحث التوثيقي الذي قمت به لدراسة الحياة النيابية للأرمن في سورية، حيث تم التركيز على مشاركة النواب الأرمن في الحياة السياسية من خلال وجودهم في المجالس النيابية والتعرف على إسهاماتهم في المجالات النيابية والسياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية في سورية، وذلك استناداً الى الأرشيف الرسمي وكذلك العديد من المصادر التاريخية بلغات مختلفة، بحيث تكون محاولة أولى لتغطية الفترة التي تبدأ من تشكل المجلس التأسيسي عام 1928 وحتى نهاية الدور التشريعي التاسع في نيسان 2011، تبين أن إثنين من النواب الأرمن في تلك الحقبة الزمنية تم تعيينهما وزراء في الحكومات السورية المتعاقبة.
وكان أولهما هنري هندية (بالابانيان) الذي تم تعيينه وزيراً للمالية عام 1934، وقد كان أحد النواب الأرمن الأربعة في المجلس النيابي لعام 1932 عن مقعد الأرمن الكاثوليك، والذي أصبح نائباً للرئيس في الجلسة بتاريخ 29/10/1932. وقد جرت الانتخابات بتاريخ 6/4/1932 ففازت قوائم المرشحين الوطنيين. وفي 11/6/1932 انتخب محمد علي العابد رئيساً للجمهورية وكلف حقي العظم بتأليف الوزارة. واشترك الوطنيون في وزارة العظم بناء على الوعد الذي قطعه المفوض السامي لرجال الكتلة الوطنية بعقد معاهدة مع سورية وإنهاء حالة الانتداب.
والنائب هنري هندية (بالابانيان) من مواليد حلب، وهو من عائلة للأرمن الكاثوليك (بالابانيان). كان والده نقولا طبيب الأسنان في قصر السلطان. كان يتقن عدة لغات. دخل مجال التجارة وعرف في حلب من خلالها. مثّل طائفة الأرمن الكاثوليك بحلب في المجلس النيابي عام 1932، وأصبح نائباً للرئيس. تم تعيينه وزيراً للمالية عام 1934 في حكومة تاج الدين الحسيني (1934-1936) بعد استقالة وزارة حقي العظم في 17/3/1934 .
أما الوزير الأرمني الثاني فهو النائب فتح الله آسيون الذي أعيد انتخابه نائباً عن حلب على التوالي في الأعوام 1936 و1943 و1949. وهو من مواليد حلب عام 1897 من عائلة للأرمن الكاثوليك. والده إدوار، من كبار المفتشين في شركة "ريجي" الفرنسية، وهو شقيق لكاهنين. والدته أسما غضبان ابنة الشاعرة مريانا مراش (1848-1919) وصاحبة "الصالون الأدبي" في حلب. تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة "الأخوة المريميين" الفرنسية في حلب. انتقل عام 1915 إلى مصر مع والدته وخاله. عمل في السفارة الفرنسية، واستكمل دراسته ليدخل كلية الحقوق في القاهرة حيث نال شهادة الحقوق بتفوق عام 1922 ومارس المحاماة في مصر. ثم عاد إلى حلب عام 1925 ليتدرب في مكتب المحامي كوستاكي سابا ثم أصبح شريكاً معه. يعد من أوائل المحامين الذين دخلوا في تشكيلة المحاكم الفرنسية المختلطة ورافعوا أمام هيئتها نظراً لإتقانه اللغة الفرنسية. أعجب به إبراهيم هنانو بعد سماعه إحدى مرافعاته، فاقترح عليه أن يرشح نفسه لانتخابات المجلس التأسيسي لعام 1928. وهكذا ترك آسيون المحاماة ودخل الحياة السياسية باكراً. فقد تم انتخابه ممثلاً لحلب في المجلس التأسيسي في 9 حزيران 1928 المكلف بوضع دستور للبلاد. وفي الجلسة الأولى انتخب فتح الله آسيون نائباً ثانياً للرئيس.
وكان قد انتخب خلال تلك الدورات (1936 و1943 و1949) ضمن عدة لجان: القوانين المالية والقضائية والدستور والدفاع الوطني. تم انتخابه نقيباً للمحامين في حلب عام 1950.
أسندت إليه مناصب وزارية نبينها على النحو الآتي:
8 كانون الثاني 1946 – 27 نيسان 1946 وزيراً للأشغال العامة.
14 آب 1949 – 27 كانون الأول 1949 وزيراً للأشغال العامة ووزيراً للدولة ووزيراً للمواصالات.
27 كانون الأول 1949 – 4 حزيران 1950 وزيراً للصحة والإسعاف العام.
9 آب 1951 – 29 تشرين الثاني 1951 وزيراً للصحة والإسعاف العام.
15 تموز 1953 – 28 شباط 1954 وزيراً للأشغال العامة ووزيراً للمواصلات.
20 تشرين الثاني 1961 – 22 كانون الأول 1961 وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل ووزيراً للأشغال العامة ووزيراً للصناعة.
وتقديراً من الحكومة السورية، تم تقليده وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة لخدماته تجاه سورية وخاصة في مشروع جر مياه الفرات إلى حلب وتحويلها إلى مياه للشرب. كما شغل مناصب رفيعة في لجان طائفته الأرمنية الكاثوليكية وكان مستشاراً للأساقفة في إدارة الأبرشية. وتم تقليده من قبل البابا بوسام القديس (سيلفستروس) من درجة فارس لـ"خدماته تجاه الطائفة المسيحية في حلب عامة وطائفة الأرمن الكاثوليك في حلب خاصة". توفي فتح الله آسيون في حلب في 2 تموز عام 1990، وأقيم مأتم كبير في كاتدرائية الأرمن الكاثوليك بحلب*.
وفي 23 حزيران 2012 أصدر الرئيس بشار الأسد المرسوم رقم 210 القاضي بتشكيل الحكومة السورية الجديدة برئاسة الدكتور رياض حجاب وتم تعيين الدكتورة نظيرة فرح سركيس وزير دولة لشؤون البيئة. وهي من مواليد حلب عام 1962 حاصلة على إجازة في العلوم الكيميائية ودبلوم وماجستير في الكيمياء التحليلية ودكتوراه في العلوم الكيميائية من جامعة حلب وهي عضو الهيئة التدريسية في كلية الصيدلة بجامعة حلب وشغلت منصب رئيس قسم الكيمياء التحليلية والغذائية في جامعة حلب من عام 2001 وحتى 2006 ورئيس وحدة نقابة المعلمين في كلية الصيدلة بالجامعة بين عامي 1999 و2001. * المصدر: من كتاب (النواب الأرمن في المجالس النيابية السورية 1928-2011)، د. نورا أريسيان، دمشق، 2011.
من خلال البحث التوثيقي الذي قمت به لدراسة الحياة النيابية للأرمن في سورية، حيث تم التركيز على مشاركة النواب الأرمن في الحياة السياسية من خلال وجودهم في المجالس النيابية والتعرف على إسهاماتهم في المجالات النيابية والسياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية في سورية، وذلك استناداً الى الأرشيف الرسمي وكذلك العديد من المصادر التاريخية بلغات مختلفة، بحيث تكون محاولة أولى لتغطية الفترة التي تبدأ من تشكل المجلس التأسيسي عام 1928 وحتى نهاية الدور التشريعي التاسع في نيسان 2011، تبين أن إثنين من النواب الأرمن في تلك الحقبة الزمنية تم تعيينهما وزراء في الحكومات السورية المتعاقبة.
وكان أولهما هنري هندية (بالابانيان) الذي تم تعيينه وزيراً للمالية عام 1934، وقد كان أحد النواب الأرمن الأربعة في المجلس النيابي لعام 1932 عن مقعد الأرمن الكاثوليك، والذي أصبح نائباً للرئيس في الجلسة بتاريخ 29/10/1932. وقد جرت الانتخابات بتاريخ 6/4/1932 ففازت قوائم المرشحين الوطنيين. وفي 11/6/1932 انتخب محمد علي العابد رئيساً للجمهورية وكلف حقي العظم بتأليف الوزارة. واشترك الوطنيون في وزارة العظم بناء على الوعد الذي قطعه المفوض السامي لرجال الكتلة الوطنية بعقد معاهدة مع سورية وإنهاء حالة الانتداب.
والنائب هنري هندية (بالابانيان) من مواليد حلب، وهو من عائلة للأرمن الكاثوليك (بالابانيان). كان والده نقولا طبيب الأسنان في قصر السلطان. كان يتقن عدة لغات. دخل مجال التجارة وعرف في حلب من خلالها. مثّل طائفة الأرمن الكاثوليك بحلب في المجلس النيابي عام 1932، وأصبح نائباً للرئيس. تم تعيينه وزيراً للمالية عام 1934 في حكومة تاج الدين الحسيني (1934-1936) بعد استقالة وزارة حقي العظم في 17/3/1934 .
أما الوزير الأرمني الثاني فهو النائب فتح الله آسيون الذي أعيد انتخابه نائباً عن حلب على التوالي في الأعوام 1936 و1943 و1949. وهو من مواليد حلب عام 1897 من عائلة للأرمن الكاثوليك. والده إدوار، من كبار المفتشين في شركة "ريجي" الفرنسية، وهو شقيق لكاهنين. والدته أسما غضبان ابنة الشاعرة مريانا مراش (1848-1919) وصاحبة "الصالون الأدبي" في حلب. تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة "الأخوة المريميين" الفرنسية في حلب. انتقل عام 1915 إلى مصر مع والدته وخاله. عمل في السفارة الفرنسية، واستكمل دراسته ليدخل كلية الحقوق في القاهرة حيث نال شهادة الحقوق بتفوق عام 1922 ومارس المحاماة في مصر. ثم عاد إلى حلب عام 1925 ليتدرب في مكتب المحامي كوستاكي سابا ثم أصبح شريكاً معه. يعد من أوائل المحامين الذين دخلوا في تشكيلة المحاكم الفرنسية المختلطة ورافعوا أمام هيئتها نظراً لإتقانه اللغة الفرنسية. أعجب به إبراهيم هنانو بعد سماعه إحدى مرافعاته، فاقترح عليه أن يرشح نفسه لانتخابات المجلس التأسيسي لعام 1928. وهكذا ترك آسيون المحاماة ودخل الحياة السياسية باكراً. فقد تم انتخابه ممثلاً لحلب في المجلس التأسيسي في 9 حزيران 1928 المكلف بوضع دستور للبلاد. وفي الجلسة الأولى انتخب فتح الله آسيون نائباً ثانياً للرئيس.
وكان قد انتخب خلال تلك الدورات (1936 و1943 و1949) ضمن عدة لجان: القوانين المالية والقضائية والدستور والدفاع الوطني. تم انتخابه نقيباً للمحامين في حلب عام 1950.
أسندت إليه مناصب وزارية نبينها على النحو الآتي:
8 كانون الثاني 1946 – 27 نيسان 1946 وزيراً للأشغال العامة.
14 آب 1949 – 27 كانون الأول 1949 وزيراً للأشغال العامة ووزيراً للدولة ووزيراً للمواصالات.
27 كانون الأول 1949 – 4 حزيران 1950 وزيراً للصحة والإسعاف العام.
9 آب 1951 – 29 تشرين الثاني 1951 وزيراً للصحة والإسعاف العام.
15 تموز 1953 – 28 شباط 1954 وزيراً للأشغال العامة ووزيراً للمواصلات.
20 تشرين الثاني 1961 – 22 كانون الأول 1961 وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل ووزيراً للأشغال العامة ووزيراً للصناعة.
وتقديراً من الحكومة السورية، تم تقليده وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة لخدماته تجاه سورية وخاصة في مشروع جر مياه الفرات إلى حلب وتحويلها إلى مياه للشرب. كما شغل مناصب رفيعة في لجان طائفته الأرمنية الكاثوليكية وكان مستشاراً للأساقفة في إدارة الأبرشية. وتم تقليده من قبل البابا بوسام القديس (سيلفستروس) من درجة فارس لـ"خدماته تجاه الطائفة المسيحية في حلب عامة وطائفة الأرمن الكاثوليك في حلب خاصة". توفي فتح الله آسيون في حلب في 2 تموز عام 1990، وأقيم مأتم كبير في كاتدرائية الأرمن الكاثوليك بحلب*.
وفي 23 حزيران 2012 أصدر الرئيس بشار الأسد المرسوم رقم 210 القاضي بتشكيل الحكومة السورية الجديدة برئاسة الدكتور رياض حجاب وتم تعيين الدكتورة نظيرة فرح سركيس وزير دولة لشؤون البيئة. وهي من مواليد حلب عام 1962 حاصلة على إجازة في العلوم الكيميائية ودبلوم وماجستير في الكيمياء التحليلية ودكتوراه في العلوم الكيميائية من جامعة حلب وهي عضو الهيئة التدريسية في كلية الصيدلة بجامعة حلب وشغلت منصب رئيس قسم الكيمياء التحليلية والغذائية في جامعة حلب من عام 2001 وحتى 2006 ورئيس وحدة نقابة المعلمين في كلية الصيدلة بالجامعة بين عامي 1999 و2001. * المصدر: من كتاب (النواب الأرمن في المجالس النيابية السورية 1928-2011)، د. نورا أريسيان، دمشق، 2011.
Comment