مهمة أنان تبلغ “الشيخوخة” المبكرة… خطة جديدة لتخريب سورية
لم يكن إعلان الرئيس السوري بشار الأسد قبل عدة أسابيع عن ربح معركة الفضاء بعد ربح معركة الأرض من عدم، أو مجرد شعار فقط،
فقد جاءت الوقائع في الأيام الأخيرة لتؤكد حقائق هذه المعركة التي نعيش تفاصيلها الميدانية الآن، بعد إعلان جامعة نبيل العربي إثر اجتماع الدوحة المشبوه، وقف البث الفضائي عن القنوات السورية، ليُكشف عن سيناريوهات خطيرة يحضّر لها الحلف المعادي لسورية.
ووفقاً للمعلومات، فإن لقاءات سرية عُقدت في كل من باريس والدوحة واسطنبول، شارك فيها مسؤولون وضباط ومخابرات غربيون وأتراك وقطريون وسعوديون، تقرر خلالها تشكيل خلايا عمل سرية، تكون كل خلية عبارة عن غرفة عمليات سوداء، تتولى كل منها ضمن اختصاصها مهمة التخريب في سورية، وإنهاك الدولة، مع بث المزيد من الأكاذيب والفبركات الإعلامية، ومن هذه الخلايا أو الغرف السرية:
خلية الإعلام، والخلية الدبلوماسية، والخلية القانونية، والخلية الأمنية، والخلية الهندسية.
وتفيد المعلومات أن ميزانية كبرى رُصدت لكل خلية من هذه الخلايا، بحيث تتجاوز ميزانية كل واحدة في مدة 25 يوماً فقط، الـ400 مليون دولار، تعهدت قطر والسعودية بتوفيرها، كما وُضع بتصرف كل خلية خبراء واختصاصيون في مجالات عدة،
أبرزها: الحرب النفسية، والحرب الإعلامية، وبث أخبار عاجلة عن انشقاقات كبرى في الجيش والقوى النظامية السورية، وارتكاب المزيد من المجازر لاتهام القوات النظامية السورية بها.
كما استحضر لزوم هذه الخلايا عدد من المقلّدين للأصوات، وبدأت عمليات تدريبهم بإشراف اختصاصيين أميركيين وصهاينة، من أجل بث اتصالات مفبركة بين شخصيات أو ضباط سوريين كبار يتحدثون عن انهيار المعنويات وعمليات فرار كبيرة، فيما تتولى الخلية الهندسية العمل السريع على استحضار صور فوتوغرافية وأفلام فيديو لساحات عامة في العاصمة والمدن السورية الكبرى، من أجل إنشاء تصاميم لساحات وميادين تكاد تكون نسخة طبق الأصل عن تلك الموجودة في المدن السورية، وقد أُنجز بعضها فعلاً، وهي موجودة في أماكن سرية في كل من قطر والسعودية وتركيا، من أجل استعمالها حين إعلان ساعة الصفر.
العثرة الكبرى التي بقيت في وجه هذه المؤامرة المتعددة الأضلاع تمثلت في الإعلام السوري التلفزيوني، الذي وجد فيه المجتمعون أنه تطور بشكل مذهل ومخيف في الأزمة السورية، واستطاع أن يفضح الكثير من فبركات الفضائيات القطرية والسعودية والغربية، ولهذا اتُّخذ قرار منع الفضاء عنها، وكلفت الدوحة والرياض للعمل على تنفيذه، فكان القرار في اجتماع الدوحة بمنع البث الفضائي عن القنوات السورية، خصوصاً الفضائية السورية، والإخبارية السورية، وقناة الدنيا.
وعُلم أن قرار التخريب الجديد وُضع للتنفيذ بين 15 و25 حزيران، وذلك ريثما تتحضر القنوات المعادية في قطر والسعودية وتركيا ولبنان، بالإضافة إلى قنوات تمتلكها بعض المعارضات السورية، في بعض العواصم العربية أو الأوروبية أو الإقليمية، لأن تقوم بالمهمة المرسومة لها، وهي موزعة في عدة اتجاهات، منها:
- محطات تتولى البث باسم القنوات السورية، وتحمل نفس شاراتها ورموزها وفواصلها، بحيث تبدو وكأن المحطات الأصلية قد انقلبت ضد الدولة الوطنية، وأصبحت مع ما يسمى بـ”الثورة السورية”.
- تتولى كل المحطات المنخرطة في المخطط، وفق صور بدأ العمل على تحضيرها وبعضها أُنجز فعلاً، فبركة وتزوير مظاهرات في هذه الساحة أو تلك الميادين التي حُضّرت تصاميمها ومجسماتها في قطر والسعودية.
- عرض صور لمظاهرات مفبركة وفق مجسمات جرى تحضيرها لسقوط وهمي للقصر الجمهوري ووزارتي الدفاع والداخلية، ومراكز أمنية ومراكز محافظات.
- بث أخبار كاذبة عن انشقاقات في صفوف الجيش والقوى الأمنية.
- بث أخبار كاذبة عن مغادرة مسؤولين سوريين، بدءاً من الرئيس، وانتهاء بقيادات وسطية وصغرى سورية.
ووفقاً للمعلومات، فإن الغاية المنشودة من هذا السيناريو، انهيار مهمة كوفي أنان.
وكما أجمع المخططون، فإن أنان جاهز للإعلان عن فشل مهمته، وهو إذا لم يقبل بالثمن المغري الذي توفره له قطر والسعودية، فإن هناك من الفضائح التي يمكن الكشف عنها في مسيرة الرجل، ما يجعله يرضخ، كما أن أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون جاهز للإعلان عن فشل هذه المهمة، ذلك لأن الملفات الفضائحية لهذا الرجل تجعله ألعوبة سخيفة في يد الأميركي، الذي يحركه حسب شهواته وأهوائه.
وبهذا يبدو أن مهمة أنان صارت أقرب إلى الاحتضار، ولهذا بدأت هذه المجموعة الدولية – العربية، التي بينها، كما تؤكد المعلومات، صهاينة، استحضار تجارب منها: وضع يوغوسلافيا في العام 1998، ووضع ليبيا في العام 2011.
لكن من الواضح أن سورية أدركت هذه المؤامرة الجديدة بكثير من تفاصيلها، وتفيد المعطيات المتوافرة أن الرئيس الأسد أبلغ أنان أثناء لقائه مؤخراً في دمشق رسالة واضحة تماماً لا لبس فيها، وهي أن دمشق لن تسمح للمتآمرين على سورية ودورها الوطني والقومي، أن يمرروا مشاريعهم ومخططاتهم، ولن تسمح بتوسع بؤر التوتر التي تستظل بانتشار المراقبين الدوليين، من أجل ارتكاب المزيد من الفظائع، وهي ستتخذ الخطوات المناسبة أمنياً وعسكرياً وسياسياً من أجل ضرب الإرهابيين وإجهاض مشاريعهم مع من يقف معهم ووراءهم.
بأي حال، فحسب المهلة الدولية، تنتهي مهمة المبعوث الدولي كوفي أنان في سورية في الواحد والعشرين من شهر تموز المقبل، لكن تداعيات الصراع في سورية وعليها أصابت مهمته بالشيخوخة المبكرة، فبعد زيارته الأخيرة لسورية، عاد أنان إلى مجلس الأمن وبدا مستسلماً، وبالتالي فمهمته بحاجة إلى عملية إنقاذ عاجلة، فاقترح إنشاء مجموعة اتصال حول سورية، مؤلفة من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ودول أخرى في المنطقة.
السؤال هو: لماذا تمّ الحكم دولياً على مهمة أنان على أنها وصلت إلى لحظة الشيخوخة المبكرة، حتى قبل أن تستنفد وقتها الممنوح لها دولياً؟
الإجابة الدولية، وضمنها إجابة أنان عينه، تعزو ذلك إلى فشله في وقف العنف، لكن الروس لديهم وجهة نظر مختلفة، وهي أن مجموعة ما يسمى “أصدقاء سورية” شجعت عبر تسليح المعارضة على استدامة العنف وتصعيده، خصوصاً في ظل مهمة أنان، والهدف من ذلك دفع الحدث السوري ليصل إلى نقطة تشبه الوضع في يوغوسلافيا بعد مجزرتي البوسنة وسربرينيتشا ما بين 1995 و1998، حيث تمّ حينها تدخل الأطلسي عسكرياً من خارج مجلس الأمن.
ولذلك، وحسب المعلومات، ارتكبت العصابات الإرهابية مجزرتي الحولا والقنيبر، وربما سيفتعلون غيرها من أجل توفير أرضية التدخل الأطلسي، لكن الروس، سواء في لقاء الرئيس فلاديمير بوتين مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أو وزير الخارجية سيرغي لافروف مع نظيرته هيلاري كلينتون، أكدوا أن الوضع في سورية مختلف، نظراً إلى إمكانات الجيش السوري العسكرية المهمة، في وقت سافر لافروف إلى طهران، لبحث المؤتمر الدولي حول سورية، والذي قالت وزارة الخارجية إنه «من دون المشاركة الإيرانية لن تستغل فرصة التأثير الدولي البنّاء بشأن القضية السورية بالشكل الأمثل».
ويجري الإصغاء بعناية في الغرب، حسب مسؤول في الخارجية الفرنسية، إلى كلام الروس حينما يتحدثون عن نوعية تسلح الجيش السوري وحجمه، لأن روسيا تعرف تماماً قدرات الجيش العربي السوري وإمكانياته.. ثم إن أي تدخل أطلسي في سورية المقاومة والممانعة لن يكون بأي حال من الأحوال نزهة.. ألم يقل الرئيس الأسد يوماً إن المنطقة كلها ستكون في المخاض الكبير الذي قد يغير وجهها.. ربما أيضاً وجه العالم؟
أخيراً، قد يكون ما تحمله المعلومات عن انشقاقات المعارضين والمسلحين والحروب الصغيرة والكبيرة التي بدأت تدور بينهم، فيها الكثير من الدروس والعبر التي يفترض أن يعيها كل من يحمل بين كتفيه رأساً.
هل ينفع حديث الدبلوماسية السعودية المهزوزة والدبلوماسية القطرية المأزومة، ومعهما بالطبع كل هذه الدبلوماسية العربية المترجرجة عن ميثاق الأمم المتحدة والفصل السابع؟
لو عاد كل هؤلاء قليلاً إلى نتائج اجتماعات شنغهاي، ولو استمعوا إلى الصين بأن اجتماع مجموعة العشرين في المكسيك بعد أيام، لن تأتي على ذكر سورية، ربما فهموا دور ومكانة سورية.
قد يكون اللقاء الأخير للمعارضات السورية في الخارج، والذي انتهى إلى انتخاب المخابراتي الكردي “السيدا”، الذي لم يعرف سورية منذ ربع قرن، بدلاً من عنصر المخابرات الفرنسية من أصل سوري برهان غليون، فيه بعض الإجابة، لأن المجتمعين في جلساتهم المقفلة اشتبكوا كما تؤكد المعلومات بالكؤوس والصحون، وصار كل واحد يطالب بتعويضات “نهاية الخدمة، لأنهم تأكدوا أن مليارات الدولارات التي رُصدت لإسقاط النظام، ذهبت هباء، فالنظام السوري أقوى مما يتصوره هؤلاء البلهاء الذي استطيبوا الإقامة في فنادق باريس واسطنبول والدوحة، أو استلذوا بحرق الدواليب في وادي خالد وطرابلس وعرسال، أو انتشوا بحرق مكتب شاكر البرجاوي في الطريق الجديدة.
أحمد زين الدين