التحريض الإعلامي الذي تمارسه فضائيات عربية تابعة للمملكة السعودية وقطر ضد سورية لم يعد قادرا على التأثير في الرأي العام العربي الذي بات يدرك تماما الأهداف التي تبغيها مثل هذه الفضائيات لضرب الاستقرار في سورية وتعريض أمن السوريين للخطر . ولم يعد يقتصر دور هذه الفضائيات على التحريض الإعلامي بل باتت تلعب حتى أدوارا أمنية على الأرض .
علي هاشم مراسل الجزيرة في لبنان انضم إلى قائمة المستقيلين من القناة القطرية بسبب ما تمارسه من تحريض إعلامي وخروج عن الموضوعية ,والمهنية . وقد شرح هاشم أسباب استقالته بالتفصيل في مقابلة أجرتها معه إحدى القنوات التلفزيونية الأميركية
ما حدث هو أنا لا أقتبس من أحد، فلقد رأيت بأم عيني بعد شهر ونصف من بداية الأحداث، لقد رأيت الكثير من المسلحين بمختلف أنواع الأسلحة من أطراف خارجية يجتازون الحدود ولم يكونوا أفراداً قليلين، وسيطروا على القرية الحدودية بكاملها، إنها مسألة مصداقية عندما تتوفر لديك صور ومصادر خاصة بك في تلك المنطقة وترفض قناتك أن تبث هذه الصور، فيجب عليك أن تتساءل عن الأسباب، وأنا لم آت إلى الجزيرة كهاوٍ، أنا صحفي محترف لقد عملت للــ بي بي سي منذ قبل لخمس سنوات وهذا يناقض ما تعلمناه حول المصداقية والموضوعية وعدم الانحياز في المهنة، المشكلة تكمن عندما لا تحترمك القناة كصحفي وتطلب منك تنفيذ أجندة مالكي القناة، هذه مشكلة كبرى قد يواجهها أي صحفي، المشكلة تكمن في ممول القناة أي الحكومة القطرية التي تجر الجزيرة إلى الانتحار، لقد كانت الجزيرة قناة محترمة من مشاهديها، لأنهم كانوا يصدقون أنها قناة حرفية في العمل الصحفي، المشكلة الآن هي أنه أينما ذهبت في العالم العربي الجميع يشكك في مصداقيتها وفي الأجندة التي تتبعها..
كما كشف هاشم في حديث لصحيفة السفير عن قيام الجزيرة بعمليات تهريب لهواتف ثرية وأجهزة بيجن لاستخدام الإنترنت عبر الأقمار الصناعية إلى الداخل السوري عبر لبنان والأردن وتركيا، وأوضح أن القناة كانت تدفع 50 ألف دولار مقابل تهريب الجهاز الواحد لإيصاله إلى المعارضين في الداخل للإدلاء بشهاداتهم إلى المحطة، واعتبر هاشم أنه لا دوافع مهنية من وراء هذه الخطوة خصوصاً أنها تغيب الرأي الآخر في الداخل السوري.
المشكلة ليست في «الجزيرة» أو في طاقمها الإعلامي، بل في الحكومة القطرية التي دفعتها الى الانتحار الإعلامي».
هذا ما يقوله هاشم في حديثه لـ"السفير"، مضيفاً: "الدول بالنهاية ليست جمعيات أهلية، بل لديها أجندة سياسية".
وتأتي العبارة الأخيرة لتلمّح الى ما فرضته عليه مديرية الأخبار في "الجزيرة"، من خلال قرارها بعدم عرض صور المسلحين على الحدود اللبنانية السورية والتعتيم عليها، والذين تحدّث عنهم هاشم في تقريره مباشرة على الهواء منذ خمسة أشهر، داحضاً ما يتردد يومها عن قصف الجيش السوري لتلك المنطقة. وطلب منه أحد المسؤولين في القناة مغادرة المكان، فيما قال له آخر: «بدك تنسى إنو في مسلحين»!.. إنها الحادثة التي يرويها هاشم بمرارة، وقد فقد بعدها ثقته بالقناة.
مستقيل آخر من قناة الجزيرة هو موسى أحمد يعمل منتجا في الفضائية القطرية وقد عرض أسباب استقالته لوكالة رويترز .
فعندما يتحول الحلم إلى كابوس عليك الرحيل، أنا قلتها سابقاً نحن صورنا منطقة باب عمرو في حمص كأنها القدس، الواقع على الأرض ليس ما هو يظهر للإعلام، الواقع مختلف جداً، للأسف نحن صرنا في زمن الحقيقة وجهة نظر، بهذه الفترة الحقيقة أو إعلام الحقيقة هي وجهة نظر، أنا ممكن أكذب لتخدم خطي التحريري، وجلسوا معي لساعات وساعات، حتى أكثر من ذلك ضغطوا عليّ كي لا أستقيل، أنا كان قراري نهائي أصلاً أنا عندما أرسلت رسالة الاستقالة أنا كنت حازم خياراتي ولا مجال للتراجع.
فالجزيرة ليست بخير بحسب صحيفة السفير فهناك حركة مهنية غير صحيّة تدور في أروقتها ويمكن اعتبار الاستقالات المتتالية أبرز ظواهرها.
وقد بدأت الاستقالات من مكتب «الجزيرة» في بيروت مع مديره غسان بن جدّو، منتقداً «لا مهنية» تغطية الملف السوري.
تلاه إلى الاستقالة أحمد نجفي، والمنتج موسى أحمد، وكبير المهندسين يونس فرحات، والمراسل علي هاشم، ثم المدير الإداري السابق لمكتب بيروت حسان شعبان.
في سياق موازٍ، تقول الصحيفة كان النقد حول سياسة شهود العيان التي تعتمدها القناة في تغطية الملف السوري يشقّ طريقه، مع منح أناس مجهولين كامل المصداقية في الإخبار. وتفجّر النقد مع فضيحة تسريب الأفلام التي تتضمن التجهيز لمقابلات في حمص وإلى الإخراج السينمائي الذي يسبق التغطية .
وقد أدّى خرق تجسسي لمراسلات الجزيرة الداخلية إلى اكتشاف فضيحة تدخّل على مستوى الخبر، في تغطية للمراسل المستقيل علي هاشم، من شمالي لبنان.
وتعيد أزمة الجزيرة النقاش الإعلامي إلى نقطته الأولى: أن «تفبرك» الصورة لا يعني أن تنتصر لثورة، وإنما أن تحوّل الموت إلى وسيلة. وأن تستبدل البث المباشر بمشاهد سينمائية روائية، لا يعني أن تخدم قضية، وإنما أن تغتالها، ومعها مصداقية الإعلام.
قصة مراسل الجزيرة المستقيل ربما تشكل نموذجا لقضية التحريف الإعلامي التي تمارس اليوم من جانب فضائيات عربية وأجنبية على السواء في تغطية الأزمة السورية . وتيري ميسان الصحفي الفرنسي الذي تابع بدقة وبشكل ميداني تغطية الأحداث الأخيرة في سورية وصل إلى استنتاج مماثل .
الواقع في سورية لا يمت بصلة للرواية الملفقة في وسائل الإعلام الغربية والخليجية . هذا ما قاله تيري ميسان الكاتب والصحفي الفرنسي ومؤسس ومدير شبكة فولتير على الإنترنت مضيفا وسائل الإعلام الغربية والخليجية تبث رواية ملفقة ومكتوبة مسبقا خدمة لمصالح الناتو ومجلس التعاون موضحا أن عددا من الصحفيين أبلغوه شخصيا أنهم رأوا أشياء مغايرة لما يحدث فعلا ولم يتمكنوا من نقل ذلك على شاشة قنواتهم لعدم توافق هذا مع سياسة حكوماتهم الأمر الذي يدل على افتقار هؤلاء للحرفية والضوابط والأخلاقيات.
وبين ميسان أن هناك عاملين في وسائل الإعلام الغربية والخليجية وظيفتهم عسكرية فعليا ويعدون برامج تلفزيونية ويكتبون مقالات ولكن وظيفتهم الرئيسية مرتبطة بأنظمتهم العسكرية.
وأعرب ميسان عن دهشته من قيام عدد من الصحفيين الأكثر عدائية لسورية ببث روايات حول وجود قمع فيها ضد متظاهرين سلميين وقال إن هذا الأمر يفاجئني حيث تبين لي أن معظم هؤلاء يحملون جنسيتين إحداهما إسرائيلية أو انهم على ارتباط وثيق بإسرائيل.
كلام الصحفي الفرنسي ثبته الإعلام الإسرائيلي الذي لم يكن أقل من بعض الفضائيات السعودية والقطرية تحريضا على سورية .
لاحظوا هنا هذا الشاهد المفترض أن يكون سوريا من درعا في تقرير بثته القناة الثانية الإسرائيلية وهو يتحدث باللهجة الفلسطينية خافيا وجهه ما يشير إلى أنه ربما كان عميلا للاحتلال الإسرائيلي.
كانوا في جماعة يساوا عليهم مثل يعني لا يدعون أحد يقرب منهم، لحى ولا يتكلموا مع أحد، بعد فترة عرفوا جيش الحر الذي كان مع الجيش السوري قبل انشقاقه، عرف أن هؤلاء إيرانيين لم يكونوا يدعون احد يقرب منهم .
وفي نفس التقرير المصور يظهر مراسل إسرائيلي يتجول في شوارع في حمص كما يقول معد التقرير
ونحن يمكننا فقط أن نتصور ما ستكون عليه تداعيات هذا المزاج.
هذا التلفيق الإعلامي في تناول الأزمة السورية سقط في النهاية فلم يعد قادرا على تزييف الحقائق التي بدأت تتكشف شيئا فشيئا وحتى الإعلام الإسرائيلي بات يعترف بفشله كما جاء على لسان هذا المحلل الإسرائيلي للقناة العاشرة .
أعتق أننا منذ سنة كنا أسرى ما اسميه نظام الإعلام، في العموم أنا لا أصدق كثيراً الإعلام ولذلك قمت بمتابعة وسائل الإعلام المضادة وحاولت موازنة الصورة، ما حصل على الأرض هو أن السوريين أنفسهم لا يصدقون نظام الإعلام العالمي، كيف لديهم قنوات خاصة بهم، لا يشاهدها أحد ولا يعرضها أحد، حتى هنا في هذه القناة، لكنها نجحت على مدى عشرة أشهر، لديها برنامج يومي تعرض فيه ما تعرضه القنوات الأخرى، ولا سيما الجزيرة والعربية وغيرها، الداعمة للمتمردين، وتقوم بتحليلها وبحسب رأي جزء كبير منها مقنع، حتى في الفترة الأخيرة عندما دخلوا باب عمر وقعت أيديهم على تسجيلات كانت ترسل إلى الجزيرة والسي أن أن وعرضوا هذه التسجيلات بصورتين، الأولى كما عرضت على السي أن أن والجزيرة، والثانية عرضوا التسجيل الأساس وكيف قاموا بقتل الأشخاص، وكيف ألقوا بهم، وكان الواحد منهم يقول للآخر خذ هذا الخاروف، ثم بعد يعرض على الجزيرة بأن هذا من فعل الجيش السوري، الآن قد تكون هناك الكثير من المشاكل على الرأي العام في الداخل السوري، لكن ليس مهما ما يحصل في العالم بالنسبة إلى الرأي العام في الداخل السوري أعتق أن 70% من السوريين على قناعة بأن كل ما يعرض في وسائل الإعلام العالمية هو ضدهم وهو نوع من مؤامرة.
وعن التحريض الاعلامي على سوريا قال مدير مركز الارتكاز العالمي الأستاذ سالم زهران: أولاً لم يعد سراً يذاع أن هذا الإعلام دخل في الحرب الكونية على سوريا، فيمكن لأي مضطلع أو حتى مواطن أو مشاهد بسيط وعادي أن يدرك بعد مشاهدة قناة الجزيرة أو العربية أو فرانس 24 أو البي بي سي وسواها من المحطات أنها موجهة بشكل كثيف وناري على الداخل السورية من أجل تفتيته، أما الحديث كيف كشفت، هذا الكشف جاء جزء منه وكشف تلقائي من خلال تجربة الناس ومشاهدة الناس الميدانية، ومقارنة هناك بين المشهدين وجزء منه له علاقة بالإعلام وهذا البرنامج الذي نحن فيه انقلاب الصورة هو جزء من عملية الكشف عن عملية الزيف والتضليل للمشهد السوري.
وعن نشاط صحفيين اسرائيليين في سوريا قال أستاذ زهران : نعم عندما يستقبل عضو الكنيسة عن حزب العمل الصهيوني إسحاق هردزوق المعارضين السوريين بسمة قضماني وخالد دقوجا علانية وعدما يظهر برهان غليون على قناة العاشرة الصهيونية ويقول للإسرائيليين، عدونا عدوكم وصديقنا صديقكم، وعندما يظهر عبد الحليم خدام على القناة الإسرائيلية الثانية، كل تلك الإشارات وفي السياسة وعلى مستوى العالي لا بد أن تنعكس على الواقع ولا بد أن تترجم بعملاء يتلاقون مع عملاء ميدانياً.
وعن تحول بعض الفضائيات إلى أجهزة أمن وعسكر في دعم مسلحين في سوريا قال أستاذ زهران: هل تحولت كلمة تحولت تحتاج على بعض التدقيق هي في الأساس مؤسسات عبرية تحمل شعاراً ولغة عربية وتنطق بالعربية، علانية قال سعود الفيصل وحمد بن جاسم أن علينا تسليح المعارضة، وقبل أن يسلحوا المعارضة بالسلاح، سلحوا العربية وسلحوا الجزيرة بالفتنة، نعم هذه المحطات متورطة أكثر من ذلك وأنا لي تجربة شخصية كنت موجود في حماة مع وفد إعلامي روسي وغربي وكان بيننا السفير الأميركي السابق إدوارد بيج، بثت الجزيرة خبر مفاده إطلاق نيران على البعثة من قبل الجيش السوري بعد حوالي الخمس دقائق نعم تم إطلاق النار علينا من قبل المعارضين، إذا تلك المحطات تحولت إلى آمر عمليات وإلى موجه ميداني أكثر منها ناقلة للحدث.