في كل حملة لانتخابات مجلس الشعب تشهدها سورية، يبقى التساؤل عن المصادر المالية للمرشحين اللذين يغذون حملاتهم الانتخابية من خلالها، يطرح نفسه بقوة دون الحصول على أجوبة مقنعة أو ردود شافية، بفعل قوة الطوق الذي يضربه المرشحون على مصادر تمويلهم وحجم نفقاتهم الانتخابية.
لا يخلو من الشبهة
فمن يراقب الحملات الدعائية للانتخابات في سورية والتي انطلقت قبل نحو أسبوع يلاحظ بوضوح حجم الأموال التي أنفقها مرشحون للترويج لبياناتهم الانتخابية ، فدعايات بعضهم كبيرة جداً ، وهو ما نراه جلياً من خلال الملصقات والصور والظهور المكثف في وسائل الإعلام وإقامة الندوات والمؤتمرات التي تروج لهم في قاعات وصالات الفنادق الفاخرة، فضلاً عن الولائم الدسمة، وهذه الأعمال تتطلب من المرشحين أموالاً طائلة ، مقابل ذلك نرى فقر الحملة الانتخابية لبعض المرشحين بادٍ بوضوح ، فتكاد تقتصر على قطع من القماش يُكتَب عليها اسم المرشح وقائمته و بعض الملصقات المتواضعة والأوراق المنسوخة ، أما الدعايات في الفضائيات والإذاعات فقد ضلت حملاتهم الطريق إليها.
وتشي هذه المقارنة الخاطفة بين حملات الطرفين الأغنياء والفقراء إلى وجود فروقات شاسعة في إمكانات الطرفين المالية، بحسب مراقبون لا يعني ذلك بالضرورة وجود مصدر مالي مشبوه يمول أحد الطرفين، كون أن بعض مرشحون الطرف الأول يتمتعون بمواقع كبيرة في الجسم الاقتصادي للدولة يتيح لهم إنفاق أموال طائلة على حملاتهم الانتخابية.
لكن الأمر الذي لا يخلو من شبهة حسب مراقبون هو ما يتعلق بإيجاد قنوات قانونية لتبرير البذخ في الحملة خصوصاً وأن المشرع السوري قد حدد في المادة 28 من القانون 101 العام 2011 المتعلقة بتحديد الإنفاق المالي على الدعاية الانتخابية في كل دورة انتخابية سقف 3 ملايين ليرة سورية، وفق أحكام القانون رقم 66 لعام 2006 الناظم للدعاية الانتخابية.
قنوات قانونية
و يلزم القانون رقم /66/ المرشح بتقديم مبررات مكتوبة لعملية صرف المبالغ المالية عن طريق المفوض المالي الذي يقدم إلى اللجنة الفرعية للانتخابات كشفاً حسابياً وتقريراً بأعماله ويسلم المرشح نسخة عنهما، حيث تقوم اللجنة الفرعية في الدائرة الانتخابية بتدقيق الكشوف والتقارير المقدمة إليها ولها أن تستعين بالخبرة، وإذا تبين لها مخالفة أحد المرشحين الفائزين لأحكام سقف الإنفاق المالي عليها عندئذ الطعن بصحة انتخابه.
ويظهر واضحاً أن خضوع مصاريف المرشحين للتدقيق من قبل اللجنة الفرعية في الدائرة الانتخابية لا يساهم في وضع حد لبذخ الراغبين في الظفر بمقعد برلماني داخل المؤسسة التشريعية والذي قد يصل إلى حد شراء الأصوات، والتملص من سقف الدعاية الانتخابية عبر تقدمة الإعلانات مرفقة بعبارة أصدقاء المرشح أو الجهة التي يتبع لها أو يعمل من خلالها سواء كانت رسمية أم خاصة، وهذا ما يدفع للتساؤل هل اللجنة غافلة عما يتم إنفاقه من أموال على الدعاية الانتخابية ؟.
فعشرات وربما مئات الملايين التي تنفق بسخاء غير محدود في الحملات الانتخابية باتت تثير مخاوف كثيرين من المرشحين الذين لا يملكون الملاءة المالية الكافية للمنافسة، ويخشون من سطوة المال وتغلبه على الكفاءة في نهاية المطاف وهو غالباً ما يحدث بحسب مراقبين محليين، مؤكدين أنه رغم ارتفاع مصاريف الحملات الانتخابية ووسائل الدعاية، تكلف الحملات الانتخابية مبالغ مالية، قد تدفع المرشحين إلى صرف مئات الملايين في سبيل الوصول إلى قبة البرلمان، لكن المثير لدى هؤلاء المرشحين هو غض النظر عن هذه الأموال التي تستخدم في الانتخابات.
بدون قروض
ورفضت الحكومة السورية منح المرشحين لمجلس الشعب أي معونات مالية بذريعة توقف البنوك عن منح القروض، ولم تزود المصارف بأي تعليمات حتى الآن تشير إلى أحقية المرشحين بالحصول على قروض خاصة بالحملات الانتخابية، رغم أن المصارف كانت تمنح بالدورات السابقة مثل هذه القروض لانتخابات مجلس الشعب وفقاً لصحيفة محلية.
ويجمع بعض المتتبعين لسير الحملات الانتخابية على أن طرق هذه الحملات تختلف من مدينة إلى أخرى، وذلك انطلاقا من الخصوصيات الاجتماعية والظروف الجغرافية لكل مدينة ومنطقة.
ويظهر أن تدبير الغلاف المالي قبل أيام من تنظيم الحملة الانتخابية لبعض المرشحين غير المدعومين كفاية بالمال، يتطلب حسب تجارب مرشحين سابقين الالتجاء لتوفير دعم مالي إضافي من قبيل الاقتراض لتسديد مصاريف الحملة الانتخابية ومتطلباتها، أو رهن العقارات وغيرها من الإمكانيات التي تتيح فرص التوفر على الموارد المالية وما تتطلبه هذه الحملات من استئجار للسيارات ومحلات الاجتماع، ووسائل الدعاية التي تعرف بالمرشحين وبرامجهم الانتخابية ومصاريف الأكل والشرب والنقل وغيرها من الوسائل مع قرب الانتخابات.
الاعتماد على المتطوعين
وهذا ما حدا ببعض المرشحين الشباب ممن لا يملكون الملاءات المالية الكافية للاعتماد على المتطوعين من معارفهم وأصدقائهم والذين سيلعبون دور الوكلاء والمفوضين الماليين ،ورصد مبالغ صغيرة جداً للقيام بحملاتهم الانتخابية، بينما لجأ آخرون إلى الانخراط بتحالفات وتكتلات بين المرشحين المستقلين بما يعينهم على تكاليف الحملة الانتخابية .
مقابل ذلك يرى بعض المراقبين أن الدعاية الانتخابية تسربت إليها أموال مشبوهة، بينما اللجنة العليا للانتخابات لم تستطع إحكام قبضتها وفق القوانين المقررة سيما القانون /66/ الذي من شأنه تحقيق العدالة بين المرشحين وكذلك بين التيارات السياسية المختلفة وضمان عدم استغلال سلاح المال في التأثير على الناخبين، محذرين بنفس الوقت من أزمة قوية قد تعصف باستقرار العملية الانتخابية في حال لم تتخذ اللجنة جميع السبل التي تعينها على تحقيق رقابة فاعلة تحول دون دخول تيارات سياسية، أو أفراد غير جديرين بالمشاركة في مجلس شعب يتطلع إليه المجتمع بأسره في بناء كيان دولة عصرية.
لا يخلو من الشبهة
فمن يراقب الحملات الدعائية للانتخابات في سورية والتي انطلقت قبل نحو أسبوع يلاحظ بوضوح حجم الأموال التي أنفقها مرشحون للترويج لبياناتهم الانتخابية ، فدعايات بعضهم كبيرة جداً ، وهو ما نراه جلياً من خلال الملصقات والصور والظهور المكثف في وسائل الإعلام وإقامة الندوات والمؤتمرات التي تروج لهم في قاعات وصالات الفنادق الفاخرة، فضلاً عن الولائم الدسمة، وهذه الأعمال تتطلب من المرشحين أموالاً طائلة ، مقابل ذلك نرى فقر الحملة الانتخابية لبعض المرشحين بادٍ بوضوح ، فتكاد تقتصر على قطع من القماش يُكتَب عليها اسم المرشح وقائمته و بعض الملصقات المتواضعة والأوراق المنسوخة ، أما الدعايات في الفضائيات والإذاعات فقد ضلت حملاتهم الطريق إليها.
وتشي هذه المقارنة الخاطفة بين حملات الطرفين الأغنياء والفقراء إلى وجود فروقات شاسعة في إمكانات الطرفين المالية، بحسب مراقبون لا يعني ذلك بالضرورة وجود مصدر مالي مشبوه يمول أحد الطرفين، كون أن بعض مرشحون الطرف الأول يتمتعون بمواقع كبيرة في الجسم الاقتصادي للدولة يتيح لهم إنفاق أموال طائلة على حملاتهم الانتخابية.
لكن الأمر الذي لا يخلو من شبهة حسب مراقبون هو ما يتعلق بإيجاد قنوات قانونية لتبرير البذخ في الحملة خصوصاً وأن المشرع السوري قد حدد في المادة 28 من القانون 101 العام 2011 المتعلقة بتحديد الإنفاق المالي على الدعاية الانتخابية في كل دورة انتخابية سقف 3 ملايين ليرة سورية، وفق أحكام القانون رقم 66 لعام 2006 الناظم للدعاية الانتخابية.
قنوات قانونية
و يلزم القانون رقم /66/ المرشح بتقديم مبررات مكتوبة لعملية صرف المبالغ المالية عن طريق المفوض المالي الذي يقدم إلى اللجنة الفرعية للانتخابات كشفاً حسابياً وتقريراً بأعماله ويسلم المرشح نسخة عنهما، حيث تقوم اللجنة الفرعية في الدائرة الانتخابية بتدقيق الكشوف والتقارير المقدمة إليها ولها أن تستعين بالخبرة، وإذا تبين لها مخالفة أحد المرشحين الفائزين لأحكام سقف الإنفاق المالي عليها عندئذ الطعن بصحة انتخابه.
ويظهر واضحاً أن خضوع مصاريف المرشحين للتدقيق من قبل اللجنة الفرعية في الدائرة الانتخابية لا يساهم في وضع حد لبذخ الراغبين في الظفر بمقعد برلماني داخل المؤسسة التشريعية والذي قد يصل إلى حد شراء الأصوات، والتملص من سقف الدعاية الانتخابية عبر تقدمة الإعلانات مرفقة بعبارة أصدقاء المرشح أو الجهة التي يتبع لها أو يعمل من خلالها سواء كانت رسمية أم خاصة، وهذا ما يدفع للتساؤل هل اللجنة غافلة عما يتم إنفاقه من أموال على الدعاية الانتخابية ؟.
فعشرات وربما مئات الملايين التي تنفق بسخاء غير محدود في الحملات الانتخابية باتت تثير مخاوف كثيرين من المرشحين الذين لا يملكون الملاءة المالية الكافية للمنافسة، ويخشون من سطوة المال وتغلبه على الكفاءة في نهاية المطاف وهو غالباً ما يحدث بحسب مراقبين محليين، مؤكدين أنه رغم ارتفاع مصاريف الحملات الانتخابية ووسائل الدعاية، تكلف الحملات الانتخابية مبالغ مالية، قد تدفع المرشحين إلى صرف مئات الملايين في سبيل الوصول إلى قبة البرلمان، لكن المثير لدى هؤلاء المرشحين هو غض النظر عن هذه الأموال التي تستخدم في الانتخابات.
بدون قروض
ورفضت الحكومة السورية منح المرشحين لمجلس الشعب أي معونات مالية بذريعة توقف البنوك عن منح القروض، ولم تزود المصارف بأي تعليمات حتى الآن تشير إلى أحقية المرشحين بالحصول على قروض خاصة بالحملات الانتخابية، رغم أن المصارف كانت تمنح بالدورات السابقة مثل هذه القروض لانتخابات مجلس الشعب وفقاً لصحيفة محلية.
ويجمع بعض المتتبعين لسير الحملات الانتخابية على أن طرق هذه الحملات تختلف من مدينة إلى أخرى، وذلك انطلاقا من الخصوصيات الاجتماعية والظروف الجغرافية لكل مدينة ومنطقة.
ويظهر أن تدبير الغلاف المالي قبل أيام من تنظيم الحملة الانتخابية لبعض المرشحين غير المدعومين كفاية بالمال، يتطلب حسب تجارب مرشحين سابقين الالتجاء لتوفير دعم مالي إضافي من قبيل الاقتراض لتسديد مصاريف الحملة الانتخابية ومتطلباتها، أو رهن العقارات وغيرها من الإمكانيات التي تتيح فرص التوفر على الموارد المالية وما تتطلبه هذه الحملات من استئجار للسيارات ومحلات الاجتماع، ووسائل الدعاية التي تعرف بالمرشحين وبرامجهم الانتخابية ومصاريف الأكل والشرب والنقل وغيرها من الوسائل مع قرب الانتخابات.
الاعتماد على المتطوعين
وهذا ما حدا ببعض المرشحين الشباب ممن لا يملكون الملاءات المالية الكافية للاعتماد على المتطوعين من معارفهم وأصدقائهم والذين سيلعبون دور الوكلاء والمفوضين الماليين ،ورصد مبالغ صغيرة جداً للقيام بحملاتهم الانتخابية، بينما لجأ آخرون إلى الانخراط بتحالفات وتكتلات بين المرشحين المستقلين بما يعينهم على تكاليف الحملة الانتخابية .
مقابل ذلك يرى بعض المراقبين أن الدعاية الانتخابية تسربت إليها أموال مشبوهة، بينما اللجنة العليا للانتخابات لم تستطع إحكام قبضتها وفق القوانين المقررة سيما القانون /66/ الذي من شأنه تحقيق العدالة بين المرشحين وكذلك بين التيارات السياسية المختلفة وضمان عدم استغلال سلاح المال في التأثير على الناخبين، محذرين بنفس الوقت من أزمة قوية قد تعصف باستقرار العملية الانتخابية في حال لم تتخذ اللجنة جميع السبل التي تعينها على تحقيق رقابة فاعلة تحول دون دخول تيارات سياسية، أو أفراد غير جديرين بالمشاركة في مجلس شعب يتطلع إليه المجتمع بأسره في بناء كيان دولة عصرية.