سعى الموفد الدولي _ العربي كوفي أنان، في تحرّكه غداة صدور البيان الرئاسي عن مجلس الأمن، إلى أوسع تأييد لخطته لحلّ الأزمة السورية.
الجميع من حوله مؤيدون لها. بعد سوريا، قطر وتركيا وروسيا والصين. يؤيدها النظام ويرى فيها، خلافاً للآخرين، مكسبين وعقبتين
أرضى البيان الرئاسي لمجلس الأمن النظام السوري ولم يُرضِ "المجلس الوطني" الذي تحفّظ عنه، وعدّه فرصة إضافية للرئيس بشّار الأسد. رحّبت دمشق بالبيان وبآلية التسوية التي تعد بها مبادرة الموفد الدولي _ العربي إلى سوريا كوفي أنان، بعدما حظي بدعم المجتمع الدولي. والذين تسنّى لهم، في عطلة نهاية الأسبوع، الاجتماع بمسؤولين سوريين كبار لمسوا حدود الترحيب بالبيان الرئاسي، وكذلك مقدار التنسيق بين دمشق وموسكو حيال مضمونه، وضرورة المساعدة على إنجاح تلك الآلية. إلا أن مقاربة القيادة السورية مبادرة أنان تتخطى تأييد مبادئها العامة، كي تنظر بحذر إلى الآلية والإجراءات المحيطة بتطبيقها.
وهو مغزى الاعتقاد بأن الشياطين هم الذين يقيمون في تفاصيل غامضة عندما يحين أوان وقف النار، ثم طاولة الحوار الوطني.
وتدرج دمشق موقفها من مبادرة أنان، قبل استكماله تحرّكه لدى روسيا والصين ومباشرة تطبيق خطته، في معطيات تعكس إجابتها المباشرة عنها، كالآتي:
1 _ لا تمر مبادرة أنان إلا من خلال «الدولة السورية» التي تمثّل عموداً فقرياً لتطبيق بنود التسوية، بدءاً بوقف النار وفرض الهدوء، مروراً بوصول المساعدات الإنسانية، وانتهاءً بطاولة الحوار السياسي. من دون موافقة النظام على آلية تطبيق هذه البنود، ومن دون مراعاة مقتضيات ما يصفه النظام بقواعد السيادة، لن يُكتب لأي منها الحياة.
يذهب النظام إلى أبعد من ذلك _ وهو يؤكد موافقته على التسوية وينتظر اقتراحات آليتها _ بتأكيده أن الحوار السياسي لمستقبل سوريا يجري في كنف «الدولة السورية».
2 _ تنظر دمشق بكثير من الارتياح والثقة إلى تجاوز البيان الرئاسي ما ألحّت عليه الجامعة العربية وفرنسا والولايات المتحدة وتركيا، وهو تنحّي الرئيس السوري وتأمين انتقال فوري للسلطة كي تعقد التسوية بمعزل عنه. وينطوي هذا الارتياح على فتح أبواب الحوار مجدّداً مع النظام والتسليم بمرجعيته. بيد أن القيادة السورية، تبعاً لما يُعبّر عنه المسؤولون أمام زوّارهم، لم ينظروا مرة إلى هذا الطلب على أنه هاجس أو مبعث قلق، ولم يتوهّموا بأن في وسع أي فريق داخلي أو خارجي، في ظلّ الظروف الدولية، إرغام الأسد على الاعتزال.
يصحّ ذلك على المعارضة السورية، كما على المواقف الغزيرة لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظيرها الفرنسي آلان جوبيه والمبادرة الثانية للجامعة العربية في 22 كانون الثاني، وفي مواقف المسؤولين القطريين والسعوديين والأتراك. لم تعلّق مرة على أي من تصريحات هؤلاء، ولا اعتبرت نفسها معنية بالدخول في جدل معهم حيال تنحّي الأسد. وتعتقد _ في معرض دفاعها عن وجهة نظرها _ بأن الدستور الجديد يرعى آلية انتقال السلطة أو تداولها. تدرك أيضاً ما أضحى حجّة صلبة لموسكو، وهو أن مسّ رأس النظام يؤول إلى الفوضى في البلاد.
في نظر النظام، يمثّل الرئيس وحدة الجيش وتماسكه ووحدة الدولة. واقترن الموقف السوري بآخر روسي وصيني مشابه، هو رفض أي تدخّل عسكري خارجي لفرض التنحّي على الأسد، أو إسقاطه بالقوة، أو تسليح المعارضة حتى.
في حصيلة متدرّجة للمواقف الدولية منذ سقط التصويت على قرار مجلس الأمن في 4 شباط، صُرف النظر عن تهديد الأسد لحمله على التنحّي، وإن لا يزال بعض العرب والغرب يتحدّث عن أيام معدودة للنظام وليس للأسد فحسب. وذهب الجميع إلى تسوية سياسية في ظلّه. ثبّت ذلك اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالوزراء العرب أعضاء اللجنة المكلفة الملف السوري في 10 آذار، ثم تعيين أنان، ثم الآلية التي اقترحها ووافق عليها مجلس الأمن الأربعاء الفائت.
3 _ تعتقد دمشق بأن المكسب الفعلي الذي حصلت عليه من البيان الرئاسي هو اعترافه بالعنف المزدوج الذي يرافق الأزمة السورية، وتخطّي الفكرة التي تسلّح بها العرب والغرب حتى زيارة لافروف للقاهرة، وهي أن العنف أحادي وعشوائي ويمارسه النظام فقط. أما المسلحون الآخرون فيترجّح الموقف منهم بين إنكار وجودهم وتبرير تسلّحهم دفاعاً عن النفس. إلا أن البيان الرئاسي أقرّ بوجود فريق آخر يمارس العنف، وبحصول مواجهة بين طرفين مسلحين عندما ناشدهما وقف القتل. ومع أن البيان لا يتحدّث عن هوية الفريق الآخر المسلّح، الموزّع على سلفيين وإخوان مسلمين ومنشقين، إلا أن اعترافه بوجودهم ضَاعَفَ مضي النظام في حسم عسكري ضدهم في حمص وإدلب ودير الزور لإلغاء المناطق العازلة أو شبه العازلة.
وتدين دمشق بدعم وجهة نظرها لروسيا والصين، فدفعا مجلس الأمن في وجهة معاكسة لخطة الجامعة العربية التي أصرّت، بلا تردّد، على عنف أحادي، وتجاهلت تقرير رئيس فريق المراقبين العرب محمد أحمد مصطفى الدابي، ثم ألغت مهمة الفريق نهائياً بالتزامن مع مبادرة 22 كانون الثاني بدعوة الأسد إلى التنحّي والانتقال بملف سوريا من الجامعة إلى مجلس الأمن. سرعان ما تقاطع حذر واشنطن مع وجهة النظر الروسية بتحفظهما عن تسليح المعارضة، وخشية الأميركيين من اختراق تنظيم «القاعدة» المعارضة السورية، والخوف من انتقال تسليحها إلى التنظيم الإرهابي.
4 _ ترى دمشق أن أنان مدرك تماماً أن أكثر من صعوبة تحوط مهمته لإحلال تسوية سياسية، أبرزها اثنتان: إحداهما من فوق تتصل بطاولة الحوار السياسي، وأخرى من تحت تتصل بوقف العنف في الشارع.
تكمن العقبة الأولى في تحديد الطرف المقابل للنظام إلى طاولة الحوار في ظلّ تعدّد أفرقاء المعارضة في الداخل والخارج، وفي ظلّ فريق آخر من المعارضة هم المسلحون تمثلهم التنظيمات السلفية و"الجيش الحر"ّ والإخوان المسلمون (المنخرطون في المجلس الوطني)، فضلاً عن تباعد بين الجيش السوري الحرّ والمجلس الوطني حمل كلاً منهما على إطلاق بنية عسكرية كالمكتب العسكري للمجلس الوطني والمجلس العسكري للجيش السوري الحرّ الموزّع بدوره بين العقيد رياض الأسعد والعميد مصطفى الشيخ.
بذلك لا يسع الحوار السياسي استثناء المعارضة المسلحة غير الممثلة في المجلس الوطني، ومن دون أن تفصح هذه بعد عن مرجعيتها، ولا يعرف أنان، حتى الآن على الأقل، مَن يحاور فيها. على نحو كهذا، يمسي الحوار الداخلي بين طرف معلوم هو النظام، وآخر غامض نصفه سرّي والنصف الآخر يتباين بعضه مع البعض الآخر.
أما العقبة الأخرى، فتتمثل بدورها في الإجراءات الميدانية لوقف النار وسحب المسلحين والجيش وإيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان. وبحسب القيادة السورية، تكمن هذه العقبة في الآلية التي سيقرّرها أنان ومعاونوه لوضع ترتيبات وقف النار ونشر مراقبين دوليين وسحب المسلحين.
بيد أن موقف دمشق لا يكتفي بالتفرّج على طريقة إخراج أنان الإجراءات الميدانية وسبل تفاوضه مع المسلحين لوقف النار والانسحاب، بل يتركز خصوصاً على مسألة بالغة الدقة تضعها القيادة السورية في رأس سلم إعادة الحياة الطبيعية إلى البلاد، وهي رفضها تثبيت خطوط التماس في المدن والقرى بين الجيش السوري والمسلحين، أو بينه وبين المنشقين، ونشر مراقبين دوليين عند خطوط تماس تكرّس وجود أمر واقع يسبق الجلوس إلى الطاولة.
أبلغت دمشق إلى المعنيين المباشرين بالتسوية أنها لن توافق على إجراءات تستعيد خطوط التماس التي خبرتها الحرب اللبنانية عندما كرّست مواقع الطرفين المتنازعين وجهاً لوجه، وفتحت الباب على حرب أهلية.
أبلغت إليهم أيضاً:
وقف النار لا يعني رسم خطوط تماس داخل سوريا، بل اختفاء المسلحين تماماً من الطرق، وكذلك أسلحتهم وكل نشاط مسلح غير شرعي، وإعادة وصل المناطق بعضها ببعض من أجل تبرير انسحاب الجيش إلى ثكنه.
ليست مهمة المراقبين الدوليين مراقبة وقف النار وعودة الهدوء والسهر على خطوط التماس، ولا الفصل بين طرفي النزاع، بل أن يكونوا شهوداً على استعادة الحياة الطبيعية في البلاد، واحترام الأطراف جميعاً هذا البند الرئيسي في مبادرة أنان.
أرضى البيان الرئاسي لمجلس الأمن النظام السوري ولم يُرضِ "المجلس الوطني" الذي تحفّظ عنه، وعدّه فرصة إضافية للرئيس بشّار الأسد. رحّبت دمشق بالبيان وبآلية التسوية التي تعد بها مبادرة الموفد الدولي _ العربي إلى سوريا كوفي أنان، بعدما حظي بدعم المجتمع الدولي. والذين تسنّى لهم، في عطلة نهاية الأسبوع، الاجتماع بمسؤولين سوريين كبار لمسوا حدود الترحيب بالبيان الرئاسي، وكذلك مقدار التنسيق بين دمشق وموسكو حيال مضمونه، وضرورة المساعدة على إنجاح تلك الآلية. إلا أن مقاربة القيادة السورية مبادرة أنان تتخطى تأييد مبادئها العامة، كي تنظر بحذر إلى الآلية والإجراءات المحيطة بتطبيقها.
وهو مغزى الاعتقاد بأن الشياطين هم الذين يقيمون في تفاصيل غامضة عندما يحين أوان وقف النار، ثم طاولة الحوار الوطني.
وتدرج دمشق موقفها من مبادرة أنان، قبل استكماله تحرّكه لدى روسيا والصين ومباشرة تطبيق خطته، في معطيات تعكس إجابتها المباشرة عنها، كالآتي:
1 _ لا تمر مبادرة أنان إلا من خلال «الدولة السورية» التي تمثّل عموداً فقرياً لتطبيق بنود التسوية، بدءاً بوقف النار وفرض الهدوء، مروراً بوصول المساعدات الإنسانية، وانتهاءً بطاولة الحوار السياسي. من دون موافقة النظام على آلية تطبيق هذه البنود، ومن دون مراعاة مقتضيات ما يصفه النظام بقواعد السيادة، لن يُكتب لأي منها الحياة.
يذهب النظام إلى أبعد من ذلك _ وهو يؤكد موافقته على التسوية وينتظر اقتراحات آليتها _ بتأكيده أن الحوار السياسي لمستقبل سوريا يجري في كنف «الدولة السورية».
2 _ تنظر دمشق بكثير من الارتياح والثقة إلى تجاوز البيان الرئاسي ما ألحّت عليه الجامعة العربية وفرنسا والولايات المتحدة وتركيا، وهو تنحّي الرئيس السوري وتأمين انتقال فوري للسلطة كي تعقد التسوية بمعزل عنه. وينطوي هذا الارتياح على فتح أبواب الحوار مجدّداً مع النظام والتسليم بمرجعيته. بيد أن القيادة السورية، تبعاً لما يُعبّر عنه المسؤولون أمام زوّارهم، لم ينظروا مرة إلى هذا الطلب على أنه هاجس أو مبعث قلق، ولم يتوهّموا بأن في وسع أي فريق داخلي أو خارجي، في ظلّ الظروف الدولية، إرغام الأسد على الاعتزال.
يصحّ ذلك على المعارضة السورية، كما على المواقف الغزيرة لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظيرها الفرنسي آلان جوبيه والمبادرة الثانية للجامعة العربية في 22 كانون الثاني، وفي مواقف المسؤولين القطريين والسعوديين والأتراك. لم تعلّق مرة على أي من تصريحات هؤلاء، ولا اعتبرت نفسها معنية بالدخول في جدل معهم حيال تنحّي الأسد. وتعتقد _ في معرض دفاعها عن وجهة نظرها _ بأن الدستور الجديد يرعى آلية انتقال السلطة أو تداولها. تدرك أيضاً ما أضحى حجّة صلبة لموسكو، وهو أن مسّ رأس النظام يؤول إلى الفوضى في البلاد.
في نظر النظام، يمثّل الرئيس وحدة الجيش وتماسكه ووحدة الدولة. واقترن الموقف السوري بآخر روسي وصيني مشابه، هو رفض أي تدخّل عسكري خارجي لفرض التنحّي على الأسد، أو إسقاطه بالقوة، أو تسليح المعارضة حتى.
في حصيلة متدرّجة للمواقف الدولية منذ سقط التصويت على قرار مجلس الأمن في 4 شباط، صُرف النظر عن تهديد الأسد لحمله على التنحّي، وإن لا يزال بعض العرب والغرب يتحدّث عن أيام معدودة للنظام وليس للأسد فحسب. وذهب الجميع إلى تسوية سياسية في ظلّه. ثبّت ذلك اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالوزراء العرب أعضاء اللجنة المكلفة الملف السوري في 10 آذار، ثم تعيين أنان، ثم الآلية التي اقترحها ووافق عليها مجلس الأمن الأربعاء الفائت.
3 _ تعتقد دمشق بأن المكسب الفعلي الذي حصلت عليه من البيان الرئاسي هو اعترافه بالعنف المزدوج الذي يرافق الأزمة السورية، وتخطّي الفكرة التي تسلّح بها العرب والغرب حتى زيارة لافروف للقاهرة، وهي أن العنف أحادي وعشوائي ويمارسه النظام فقط. أما المسلحون الآخرون فيترجّح الموقف منهم بين إنكار وجودهم وتبرير تسلّحهم دفاعاً عن النفس. إلا أن البيان الرئاسي أقرّ بوجود فريق آخر يمارس العنف، وبحصول مواجهة بين طرفين مسلحين عندما ناشدهما وقف القتل. ومع أن البيان لا يتحدّث عن هوية الفريق الآخر المسلّح، الموزّع على سلفيين وإخوان مسلمين ومنشقين، إلا أن اعترافه بوجودهم ضَاعَفَ مضي النظام في حسم عسكري ضدهم في حمص وإدلب ودير الزور لإلغاء المناطق العازلة أو شبه العازلة.
وتدين دمشق بدعم وجهة نظرها لروسيا والصين، فدفعا مجلس الأمن في وجهة معاكسة لخطة الجامعة العربية التي أصرّت، بلا تردّد، على عنف أحادي، وتجاهلت تقرير رئيس فريق المراقبين العرب محمد أحمد مصطفى الدابي، ثم ألغت مهمة الفريق نهائياً بالتزامن مع مبادرة 22 كانون الثاني بدعوة الأسد إلى التنحّي والانتقال بملف سوريا من الجامعة إلى مجلس الأمن. سرعان ما تقاطع حذر واشنطن مع وجهة النظر الروسية بتحفظهما عن تسليح المعارضة، وخشية الأميركيين من اختراق تنظيم «القاعدة» المعارضة السورية، والخوف من انتقال تسليحها إلى التنظيم الإرهابي.
4 _ ترى دمشق أن أنان مدرك تماماً أن أكثر من صعوبة تحوط مهمته لإحلال تسوية سياسية، أبرزها اثنتان: إحداهما من فوق تتصل بطاولة الحوار السياسي، وأخرى من تحت تتصل بوقف العنف في الشارع.
تكمن العقبة الأولى في تحديد الطرف المقابل للنظام إلى طاولة الحوار في ظلّ تعدّد أفرقاء المعارضة في الداخل والخارج، وفي ظلّ فريق آخر من المعارضة هم المسلحون تمثلهم التنظيمات السلفية و"الجيش الحر"ّ والإخوان المسلمون (المنخرطون في المجلس الوطني)، فضلاً عن تباعد بين الجيش السوري الحرّ والمجلس الوطني حمل كلاً منهما على إطلاق بنية عسكرية كالمكتب العسكري للمجلس الوطني والمجلس العسكري للجيش السوري الحرّ الموزّع بدوره بين العقيد رياض الأسعد والعميد مصطفى الشيخ.
بذلك لا يسع الحوار السياسي استثناء المعارضة المسلحة غير الممثلة في المجلس الوطني، ومن دون أن تفصح هذه بعد عن مرجعيتها، ولا يعرف أنان، حتى الآن على الأقل، مَن يحاور فيها. على نحو كهذا، يمسي الحوار الداخلي بين طرف معلوم هو النظام، وآخر غامض نصفه سرّي والنصف الآخر يتباين بعضه مع البعض الآخر.
أما العقبة الأخرى، فتتمثل بدورها في الإجراءات الميدانية لوقف النار وسحب المسلحين والجيش وإيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان. وبحسب القيادة السورية، تكمن هذه العقبة في الآلية التي سيقرّرها أنان ومعاونوه لوضع ترتيبات وقف النار ونشر مراقبين دوليين وسحب المسلحين.
بيد أن موقف دمشق لا يكتفي بالتفرّج على طريقة إخراج أنان الإجراءات الميدانية وسبل تفاوضه مع المسلحين لوقف النار والانسحاب، بل يتركز خصوصاً على مسألة بالغة الدقة تضعها القيادة السورية في رأس سلم إعادة الحياة الطبيعية إلى البلاد، وهي رفضها تثبيت خطوط التماس في المدن والقرى بين الجيش السوري والمسلحين، أو بينه وبين المنشقين، ونشر مراقبين دوليين عند خطوط تماس تكرّس وجود أمر واقع يسبق الجلوس إلى الطاولة.
أبلغت دمشق إلى المعنيين المباشرين بالتسوية أنها لن توافق على إجراءات تستعيد خطوط التماس التي خبرتها الحرب اللبنانية عندما كرّست مواقع الطرفين المتنازعين وجهاً لوجه، وفتحت الباب على حرب أهلية.
أبلغت إليهم أيضاً:
وقف النار لا يعني رسم خطوط تماس داخل سوريا، بل اختفاء المسلحين تماماً من الطرق، وكذلك أسلحتهم وكل نشاط مسلح غير شرعي، وإعادة وصل المناطق بعضها ببعض من أجل تبرير انسحاب الجيش إلى ثكنه.
ليست مهمة المراقبين الدوليين مراقبة وقف النار وعودة الهدوء والسهر على خطوط التماس، ولا الفصل بين طرفي النزاع، بل أن يكونوا شهوداً على استعادة الحياة الطبيعية في البلاد، واحترام الأطراف جميعاً هذا البند الرئيسي في مبادرة أنان.
نقولا ناصيف -الاخبار