قراءة في بعض مواد مشروع الدستور المقترح مقارنة بدستور 1950
المحامي ميشال شماس
دمشق 21/2/2012
تبدو قراءة مشروع الدستور الجديد للوهلة الأولى طبيعية، لولا ما أتاحه لي بعد مقارنته بالدستور الصادر 1950من إدراك ما قُصد من وراء هكذا مشروع .
فمثلاً عندما يحدد البند السادس من المادة العاشرة من دستور 1950مستوجبات توقيف أي مواطن بكل وضوح عندما لا يحق للسلطات الإدارية توقيف أحد احتياطياً إلا بموجب قانون في حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية أو الحرب .
وكذلك البند السابع " كل شخص يقبض عليه يجب أن يبلغ خطياً خلال أربع وعشرين ساعة أسباب توقيفه والنص القانوني الذي أوقف بموجبه. ويجب أن يسلم إلى السلطات القضائية خلال ثمان وأربعين ساعة على الأكثر من توقيفه".
تُصاغ مثيلتها المادة 53 البند الثالث من مشروع الدستور على الشكل التالي " - كل شخص يُقبض عليه يجب أن يُبلغ أسباب توقيفه وحقوقه، ولا يجوز الاستمرار في توقيفه أمام السلطة الإدارية إلا بأمر من السلطة القضائية المختصة."
أي دون تحديد لمدة التوقيف الاحتياطي لدى الشرطة والأمن وهو ما يعتبر خطراً على الحريات العامة.
وعندما تنص المادة 12 من دستور 1950 بأن " المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا في حالة الجرم المشهود أو بأذن صاحبها أو بأمر قضائي" محددة بوضوح مستوجبات دخول وتفتيش البيوت تتبع مثيلتها المادة 36 من مشروع الدستور الأسلوب السابق ولكن دون تحديد " المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر من الجهة القضائية المختصة وفي الأحوال المبينة في القانون "
وعندما تحدد المادة 18 من دستور 1950 أن "للسوريين الحق في تأليف أحزاب سياسية على أن تكون غاياتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم ديمقراطية وينظم القانون طريقة إخبار السلطة الإدارية بتأليف الأحزاب ومراقبة مواردها "
فإن المادة 8 من مشروع الدستور نصت على - يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع.
2- تسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية.
3- ينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين الأحزاب السياسية.
4- لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون.
5- لا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية. " وكذلك الأمر بالنسبة لحرية الرأي والصحافة والطباعة فبينما تحدد المادة 15 من دستور 1950 الحقوق بوضوح ( الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون.لا يجوز تعطيل الصحف ولا إلغاء امتيازها إلا وفقاً لأحكام القانون .يجوز في حالة إعلان الأحكام العرفية أو الطوارئ أن يفرض القانون على الصحف والنشرات والمؤلفات والإذاعة رقابة محدودة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة وأغراض الدفاع الوطني) نجد أن المادة 43 من مشروع الدستور جاءت مبهمة وعامة تحدد حسب القانون (تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام واستقلاليتها وفقاً للقانون).
إن المقارنة بين المشروع الحالي للدستور السوري المقترح لسوريا، وبين الدستور الذي أقر قبل اثنين وستين عاماً تبين بوضوح أن هناك تراجعاً في مسألة الحريات العامة وحرية العمل السياسي والنقابي وحرية الصحافة والإعلام.. إذ تكفي نظرة سريعة على المادتين التاسعة والعاشرة من دستور 1950 ليدرك أي منا كم خسر من قوة حقوقه القضائية حين تم تغيبت هذه الحقوق عن أن تكون كمواد دستورية ذات قدسية خاصة في مشروع الدستور الجديد , في حين أدرجت هذه الحقوق كمواد دستورية في صلب دستور 1950 أي منذ اثنين وستين وعاماً عبر مادتيه المذكورتين وحددت بوضوح فيهما وجوب علنية المحاكمات, وأصول التوقيف القضائي ,ومنع التعذيب, ومنع التوقيف الاحتياطي, والحق في أن يبلغ المواطن خطيا عن سبب توقيفه خلال24 ساعة, وحقه في أن يسلم للقضاء خلال 48 ساعة على الأكثر من توقيفه, وحقه في الاعتراض, وعدم جواز إحداث محاكم جزائية استثنائية, وعدم محاكمة احد أمام المحاكم العسكرية غير أفراد الجيش إلا ما استثني منهم بقانون إزاء كل ذلك يبقى مشروع الدستور الجديد صامتاً.
وأما مسألة صلاحيات رئيس الجمهورية ووضع السلطة التشريعية والسلطة القضائية في المشروع الجديد فتحتاج إلى قراءة أخرى
المحامي ميشال شماس
دمشق 21/2/2012
تبدو قراءة مشروع الدستور الجديد للوهلة الأولى طبيعية، لولا ما أتاحه لي بعد مقارنته بالدستور الصادر 1950من إدراك ما قُصد من وراء هكذا مشروع .
فمثلاً عندما يحدد البند السادس من المادة العاشرة من دستور 1950مستوجبات توقيف أي مواطن بكل وضوح عندما لا يحق للسلطات الإدارية توقيف أحد احتياطياً إلا بموجب قانون في حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية أو الحرب .
وكذلك البند السابع " كل شخص يقبض عليه يجب أن يبلغ خطياً خلال أربع وعشرين ساعة أسباب توقيفه والنص القانوني الذي أوقف بموجبه. ويجب أن يسلم إلى السلطات القضائية خلال ثمان وأربعين ساعة على الأكثر من توقيفه".
تُصاغ مثيلتها المادة 53 البند الثالث من مشروع الدستور على الشكل التالي " - كل شخص يُقبض عليه يجب أن يُبلغ أسباب توقيفه وحقوقه، ولا يجوز الاستمرار في توقيفه أمام السلطة الإدارية إلا بأمر من السلطة القضائية المختصة."
أي دون تحديد لمدة التوقيف الاحتياطي لدى الشرطة والأمن وهو ما يعتبر خطراً على الحريات العامة.
وعندما تنص المادة 12 من دستور 1950 بأن " المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا في حالة الجرم المشهود أو بأذن صاحبها أو بأمر قضائي" محددة بوضوح مستوجبات دخول وتفتيش البيوت تتبع مثيلتها المادة 36 من مشروع الدستور الأسلوب السابق ولكن دون تحديد " المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر من الجهة القضائية المختصة وفي الأحوال المبينة في القانون "
وعندما تحدد المادة 18 من دستور 1950 أن "للسوريين الحق في تأليف أحزاب سياسية على أن تكون غاياتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم ديمقراطية وينظم القانون طريقة إخبار السلطة الإدارية بتأليف الأحزاب ومراقبة مواردها "
فإن المادة 8 من مشروع الدستور نصت على - يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع.
2- تسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية.
3- ينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين الأحزاب السياسية.
4- لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون.
5- لا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية. " وكذلك الأمر بالنسبة لحرية الرأي والصحافة والطباعة فبينما تحدد المادة 15 من دستور 1950 الحقوق بوضوح ( الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون.لا يجوز تعطيل الصحف ولا إلغاء امتيازها إلا وفقاً لأحكام القانون .يجوز في حالة إعلان الأحكام العرفية أو الطوارئ أن يفرض القانون على الصحف والنشرات والمؤلفات والإذاعة رقابة محدودة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة وأغراض الدفاع الوطني) نجد أن المادة 43 من مشروع الدستور جاءت مبهمة وعامة تحدد حسب القانون (تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام واستقلاليتها وفقاً للقانون).
إن المقارنة بين المشروع الحالي للدستور السوري المقترح لسوريا، وبين الدستور الذي أقر قبل اثنين وستين عاماً تبين بوضوح أن هناك تراجعاً في مسألة الحريات العامة وحرية العمل السياسي والنقابي وحرية الصحافة والإعلام.. إذ تكفي نظرة سريعة على المادتين التاسعة والعاشرة من دستور 1950 ليدرك أي منا كم خسر من قوة حقوقه القضائية حين تم تغيبت هذه الحقوق عن أن تكون كمواد دستورية ذات قدسية خاصة في مشروع الدستور الجديد , في حين أدرجت هذه الحقوق كمواد دستورية في صلب دستور 1950 أي منذ اثنين وستين وعاماً عبر مادتيه المذكورتين وحددت بوضوح فيهما وجوب علنية المحاكمات, وأصول التوقيف القضائي ,ومنع التعذيب, ومنع التوقيف الاحتياطي, والحق في أن يبلغ المواطن خطيا عن سبب توقيفه خلال24 ساعة, وحقه في أن يسلم للقضاء خلال 48 ساعة على الأكثر من توقيفه, وحقه في الاعتراض, وعدم جواز إحداث محاكم جزائية استثنائية, وعدم محاكمة احد أمام المحاكم العسكرية غير أفراد الجيش إلا ما استثني منهم بقانون إزاء كل ذلك يبقى مشروع الدستور الجديد صامتاً.
وأما مسألة صلاحيات رئيس الجمهورية ووضع السلطة التشريعية والسلطة القضائية في المشروع الجديد فتحتاج إلى قراءة أخرى
Comment