لمعان السيوف وقبلة على القلوب من بريق الفيتو
ماحدث في مجلس الأمن لم يشكل مفاجأة لنا وقد توقعناه كما تعرفون جميعا .. فهناك ثغور لمعت بالابتسام والفرح وهناك بالطبع وجوه اكفهرت واسودّت .. ومايحز في النفس أن هناك مناصرين للثورجية لايزالون يساقون من فخ الى آخر ولايزالون يستعملون كالذخيرة في بنادق الديبلوماسية الغربية ..
لاأدري ماذا جنى هؤلاء الثورجيون من رقصة الليل في الأمس أمام وسائل الاعلام والصراخ والبكاء والتمثيل .. فمن الواضح أنها كانت تمثيلية رخيصة لأن الجيش السوري لن يقصف مدينة قبل جلسة مجلس الامن .. ولو كان الجيش هو من يقصف فانه لن يتوقف حتى تنتهي المهمة .. وعملية اقتحام الخالدية لن تستغرق أكثر من ساعتين مع جيش محترف ..ولكن الخالدية بقيت كما نعلم دون ان يدخلها الجيش وبقي فيها المسلحون .. وبقيت فيها الجثث المختطفة التي صورها القتلة الثورجيون بعد قتلها بوحشية ..وبقيت النعوش الفارغة أيضا بعد تصويرها !!..
لاأدري ماذا جنى هؤلاء الثورجيون من رقصة الليل في الأمس أمام وسائل الاعلام والصراخ والبكاء والتمثيل .. فمن الواضح أنها كانت تمثيلية رخيصة لأن الجيش السوري لن يقصف مدينة قبل جلسة مجلس الامن .. ولو كان الجيش هو من يقصف فانه لن يتوقف حتى تنتهي المهمة .. وعملية اقتحام الخالدية لن تستغرق أكثر من ساعتين مع جيش محترف ..ولكن الخالدية بقيت كما نعلم دون ان يدخلها الجيش وبقي فيها المسلحون .. وبقيت فيها الجثث المختطفة التي صورها القتلة الثورجيون بعد قتلها بوحشية ..وبقيت النعوش الفارغة أيضا بعد تصويرها !!..
صدقوني لاأحس باحساس الشامتين بمن هز بالأمس ولطم أمام الكاميرات ورقص رقصة الاستغاثة والتفجع واستجداء العطف وتسول الشفقة .. ولكنني بدأت أحس بالأسى على هؤلاء الناس والشباب الذين يعلنون التمرد والذين يحترقون في هذه المعركة الاعلامية والنفسية ويحرقون حاراتهم وبيوتهم وماضيهم ومستقبلهم ومستقبل التعايش مع اخوتهم وهم لم يتمكنوا حتى هذه اللحظة من التقاط النتيجة التي التقطتها كل الدنيا ..وهي أنهم يخوضون معركة خاسرة ويتبعون قيادة فاشلة ومتهورة ومتخبطة وغير مستقلة ..
نحن في معسكر الوطن نجري دوما مراجعاتنا المتواصلة ونعرف أن معظم الخطوات التي اتخذناها كانت صائبة .. ولكن معسكر المعارضة وجمهوره لايبدو أنه مؤهل أو قادر على اجراء هذه المراجعات .. ربما لأن من يزوده بالمعطيات يمارس خداعه ورفع معنوياته دون مكاشفته بالحقائق والمعطيات ولايقدم له تقريرا عن سير "المعارك" الديبلوماسية ولا عن خطط الثورة ..التي تبين أنها فاشلة بشكل مثير للغثيان..والأسى ..
في مراجعاتنا لأداء الحكومة السورية نقول بثقة ان رهانها على الجمهور الواسع المرامي الأطراف الذي أدهش الساحات كان موفقا ..وأن الرهان على اخلاص الحلفاء الايراني والروسي والصيني كان صائبا .. كما أن التروي في معالجة المنفعلين ثورجيا ومنح الفرص والسخاء في العفو كان حصيفا .. فبؤر الاحتقان لايتم تنفيسها بالقسوة بل بالرحمة .. والاعتماد على العمل الاستخباري بدل القوة الخشنة ايضا كان صحيحا .. وتأجيل الحسم واستعمال السيف حتى آخر لحظة رغم أنه لاقى الانتقاد لكنه في تقدير العديدين خيار دقيق للغاية وربما كان اللجوء اليه قبل نضوج دوافعه سببا في استثارة غرائز من لاتعمل فيهم الآن سوى الغرائز ..وما أكثرهم ..
فالثورة لم يعد لها عقل تفكر به ولاعقل بغياب الحكماء .. وماأندرهم.. أما الآن فان امتشاق السيوف ولمعانها يبدو جميلا وأخاذا .. يجب أن تلمع السيوف حول "بعض" أقبية الخالدية ومناطق حمص التي تعذب المخطوفين وتنكل بهم لتصورهم بعد موتهم كضحايا النظام ..حيث تحولت هذه الأقبية التي تحدد موقعها بدقة الى مايشبه سجن الباستيل الرهيب في فرنسا الملكية ..
وفي مراجعتنا لأداء الديبلوماسية السورية وجدنا أنها تصرفت بهدوء مع استفزازات حكومات العرب ولم تجاهر بعدائها لأحد ولم تبادلهم المستوى الرخيص من الشتائم والرذائل رغم انهم أظهروا وقاحة في التدخل في الشأن السوري وولغوا في دمائنا كما تلغ الكلاب الضالة المسعورة ..
لكن كيف قام الثورجيون بمراجعة أداء ثورتهم والقائمين عليها؟
من يراقب "الثورة السورية" يرى أنها كان بامكانها أن تنتصر بسهولة لما نالته من رعاية كبرى ومال وتعاطف وأجواء الخداع والتصوير والتثوير حتى يمكن القول ان الفضاء الخارجي كله كان يتكلم لغة الثورة بوجود مئات الأقنية الفضائية المحرضة .. ويمكن القول ان الالكترونات في العالم كانت تسير معها لأن كل مواقع الدنيا على الانترنت سارت معها .. لكن ما لم تمتلكه الثورة كان شيئا رئيسيا ...وهو الدماغ الموحد .. والأهم أنها خضعت لقيادات ارتجالية غير محنكة في السياسة .. وأهم من هذا الأهم في العمل السياسي هو اجراء المراجعات والتراجعات والتكتيكات الناجحة .. وللأسف كان كل شيء غائبا .. فالثورة مارست ديكتاتورية وتقديسا لكل فعالياتها وشخصياتها كما كل طاغية قادم ..
قيادة الثورة كانت قيادات مبعثرة .. كل يجر فريسة السلطة نحوه ..كما في عالم النمل (وهذا تشبيه وليس تحقيرا) ..
فعالم النمل مشهور لدينا أنه مجتمع متعاون ونرى مندهشين كيف تتعاون عشرات من النمل في حمل قطعة طعام ..لكن التحليل الرياضي وعيون العلماء تعرف كيف يعمل النمل ..فما تقوم به 25 نملة يمكن أن تقوم به 4 نملات اذا ماتحركت بانسجام وفق نفس اتجاه قوة الجر .. فالقيادة الثورية السورية لم تكن موحدة الا أمام الكاميرات ومؤتمرات الشاي .. فهي تضم هجينا متنافرا وخليطا شديد التناقض ..
والكل يعمل على قاعدة أنه لقاء مؤقت يتبعه استقلال ..
أي الكل لايثق بالكل ..والكل يضحك على الكل ..
ولكل مجموعة ظهير دولي مختلف ويعكس في تحركه وقوة اندفاعه تلك القوة ومطالبها وحصتها في التأثير على السلطة المنتظرة بعد "سقوط النظام" .. فالبعض موال لفرنسا والبعض له تمويل وتجهيز ومساندة أمريكية والبعض يمثل تركيا والبعض يمثل السعودية والبعض يمثل بريطانيا وووو الخ ... حتى اسرائيل لها تمثيلها في مجموعة خفية يقوم برعايتها مباشرة برنار هنري ليفي ..وللأسف لايوجد اي واحد يمثل سوريا او مصالح سوريا في هذه المعارضة..
قيادة الثورة مراهقة ومنفعلة وقد تم استدراجها بسهولة الى التسلح منذ البدايات وتبين أن الصقور فيها استمدوا صقوريتهم لا من تفكير استراتيجي بل من عقيدة بدائية لها ثأر قديم وتعيش عقدة الماضي ولاتستطيع الانسلاخ عن عقدها .. وهي كما يقول "برنارد شو" تستعمل مدافع قديمة وقذائف مخزونة تنفجر في أيدي جمهورها نفسه ..
أي مدفعية الثأر من جيل مضى ورحل ولم يعد له في السلطة شيء ..فمثلا كل من شارك في صنع مرحلة البعث أو أحداث الثمانينات من السلطة لم يعد موجودا في السلطة على الاطلاق .. بل ان من بقي من ذلك الجيل هو أبناء ذلك الجيل الذي بادر الى الانفتاح على الماضي والمصالحة مع الذات والآخر وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد تحديدا ..أما المشاركون الرئيسيون مثل رفعت الأسد وعبد الحليم خدام فهم ليسوا في السلطة بل –وللمفارقة المبكية - في جسم المعارضة الحالية .. ومع هذا تنفخ المعارضة في جمهورها من روائح الثمانينات وعقد ذلك الصراع المروّع وتستعمل مدافع كراهية تلك المرحلة وترمي القذائف الدينية والطائفية على الجميع بمن فيهم جمهورها ..
ولو كنت في جسم المعارضة لرفضت رفضا قاطعا أي لجوء لتسليح الجمهور أو رفده بمقاتلين عرب تحت أية ذريعة لان تسليح المعارضة حوّل جمهورها الى جمهور فوضوي مشحون بأوهام النصر على وقع الرصاص ورائحة الدم والبارود ..ولا أبالغ ان قلت ان أهم ورقة خسرتها المعارضة هي ورقة التظاهر السلمي لأن الخسائر بالتظاهر السلمي مهما كانت باهظة كما تم الادعاء فانها ستؤدي الى التفاف الجمهور السوري حول الضحية ..
ولن أبالغ ان قلت أنني نفسي كنت سأنضم لانتقاد السلطة والانضواء تحت لواء المعارضة وأنا أرى أن المعارضة ترفض التسلح الا بالأكفان ..
وأنها بدل تهريب السلاح وقواذف ال آر بي جي هربت قواذف المحبة وصراخ التسامح مع القتلة (من رجال السلطة كما تقول) ..
وبدل رفع أسعار الغذاء والدواء بطلب الحصار الاقتصادي واستحضار الناتو رفعت أسعار الأكفان ورخام القبور ..
لكن قصور نظر المعارضين كما تبين هو أنهم اندفعوا خلف الغواية ..غواية الجهاد المسلح التي لاشك وقيعة غربية وعربية لادخال البلاد في فوضى دموية ..نفذتها بنجاح واتقان المعارضة السورية عبر جناح في منتهى السطحية ويبدو على أدائه فقر مدقع بالوعي السياسي والحنكة الديبلوماسية .. واستمرار التظاهر السلمي كان سيكون الضمان الوحيد لنهاية النظام الحالي .. لكن استعجال المعارضة الغبي واستدراجها لاستعراض سلاحها ببلاهة جعلها تبدو مثيرة للريبة والقلق .. فبدت تحمل مع السلاح فوضى السلاح .. فجفل الجمهور منها واحتمى بالسلطة ..
ووصل الأمر بمراهقي المعارضة أنهم أجبروا مؤيديهم وداعميهم على الاعتراف الرسمي (في الصحف والفضائيات وحتى في بيانات الجامعة العربية) بالسلاح عبر استعراضه علنا مرة بحجة الدفاع عن النفس ومرة بحجة انهم جنود منشقون ..وكنت أتعجب من غباء المعارضة التي تأتي بمصورين يتسللون مع المقاتلين المسلحين ويصورونهم يطلقون النار وكان هذا دليلا اضافيا على جهل لايضاهى ..
وكان حريا بقيادة المعارضة أن تضرب على رأسها بعنف من هذا الغباء .. لكن القيادة الحكيمة للمعارضة صارت تباهي بهؤلاء العنيفين وتبارك جهادهم .. ولم يصدر عنها ادانة واحدة لاستعمال السلاح .. السلاح الذي صار يستعدي الجميع ..فسلاح الثورة صار يقتل الجيش والعسكريين .. وسلاح الثورة صار يصادر الشوارع من الناس وصار يفرض الاضراب وصار يضطر الناس الى التزام منازلهم مبكرين وسلاح الثورة ضرب السياحة والنشاط التجاري .. فتضررت قطاعات واسعة جدا لم تكن قادرة على لوم الدولة حتى مع الاختلاف مع الدولة وهي ترى أن الثورجية صاروا أمراء حرب !!
ورغم وضوح المعادلات الكبرى التي كتب عنها الجميع وفيها خارطة طريق كي تتجنب المعارضة المزالق والفخاخ لكن المعارضة ركبت رأسها وأصرت على الاستماع لنصائح بعض الصبيان والمجانين بدل البحث عن الحكماء ..فلم يكن هناك عاقل يؤمن أن الناتو سيحارب في سوريا حتى بتكليف من مجلس الامن لمتانة الاستعداد العسكري بين سورية وحلفائها .. وهذا لايعني أن الناتو لقمة سائغة لسوريا وحلفائها بل يعني أن الناتو لايحب التهام الوجبات الثقيلة والأطعمة المخرشة التي تسبب الغصة وسوء الهضم والنزيف المعدي ...أي سيكون اجتياحه لسوريا مؤلما له بوجود تحالف مع ايران وحزب الله وتكتيكات حرب الصواريخ بعيدة المدى ..
ان غياب اسرائيل كليا عن كل خطابات الثورة وحلول ايران وحزب الله في كل دعايات الثورة القى ظلالا من الشك الشديد والريبة الهائلة في الدافع الحقيقي للثورة ..فهناك قطاعات سورية لاتزال تعتقد أن غياب اسرائيل عن اعلام الثورة (الا في رسائل التطمين ولقاءات مسؤولي الثورة مع الاعلام والسياسيين الاسرائيليين) يدل على يد اسرائيلية في الثورة ورائحة صهيونية فاقعة مخرشة للخياشيم خاصة اصرارها على توجيه الكراهية نحو عدو اسرائيل الرئيسي وهو حزب الله .. ولن أتردد في أن أقول انني شخصيا بحثت عن اسرائيل كثيرا في أدبيات الثورة واعلامها وتحدثت مع بعض منظّريها لكن التهرب من أسئلتي بشان اسرائيل منعني نهائيا من التعامل بانفتاح مع هذه الثورة وألقاني بعيدا عنها على حدود الشمس .. وقررت أن أختم عليها بخاتمي الذي عليه عبارة (ثورة مخترقة اسرائيليا) .. وتحت الختم ختم آخر باللون الأحمر يقول (لا ينتمى اليها) ..
ولم يكن هناك من عاقل يصدق أن تركيا ستقدم على أكثر من التهديد وبعض التسهيلات العسكرية والسياسية ..ومع هذا فقد قامت الثورة بتسويق اردوغان على انه زعيم الشرق وصار بعض الثورجيين يحملون صوره ويطلقون اسمه على أسماء أولادهم .. الى أن تبين انه ظاهرة صوتية كلفتهم مئات الضحايا في تحرير جسر الشغور فقط من سيطرة ميليشيات الأخوان التي تركها أردوغان لقدرها !!
ولم يكن عاقل يصدق أن الجامعة العربية لاتقدر على شيء الا التهديد وتوجيه الاهانات لكن الثورجية لم تتبين عيونهم "ولم يستبينوا الرشد الا في ضحى الغد" ..بل في ضحى مابعد عدة أشهر ..
ومن جديد لايزال الثورجيون يعتقدون أنهم سيضغطون على نصف سكان العالم (الصين وروسيا) لاقناعهم بوجهة نظرهم بالقوة وبتمثيليات الخالدية الحمصية ..وكأن روسيا والصين تخاف من فتوى العرعور .. وستذرف الدموع على مشاهد الجزيرة وصراخ ممثلي الخالدية ..
ولم تستطع قيادات الثورة التي صدعت رؤوسنا بالشفافية ان تقوم بالنأي بنفسها عن تيارات مثيرة للجدل مثل العرعور واكتفت بابداء بعض الملاحظات عليه أكثرها قسوة كان ماكتبه صبحي الحديدي مؤخرا عن بيتزا القاعدة وفرّامات العرعور وقصه للألسن لكن ذلك الرأي كان فقط للتهوين من تأثير العرعور ولتبرير وجوده بأن للرجل جمهوره ومعجبيه ..أي بلغة أخرى لايمكننا التخلي عنه أو التخلص من معسكره ومن تأثيره على مجريات وقرارات الثورة ..
ومن جديد ربما ستكون هذه الايام هي الفرصة الأخيرة لجميع المنضوين تحت التمرد للانتقال الى مرحلة المراجعات بدل المراهنات الخاطئة التي استبسل فيها الثورجيون وأبدوا تفوقا فيها ..وآن الأوان لاطلاق خطاب العقل ومحاسبة الذات بدل العناد والمضي في لعبة الدم ..والأمم ..
اللعبة تدخل مرحلة مؤلمة للثورجية وبدأت اقرأ منذ أيام آلام جمهور الثورة وهو يقولون عبارات لم أكن أسمع بها منذ اسابيع من مثل (قد تهزم الثورة ولكن ..الخ) أو (صحيح أننا لن نكسب الا أننا ..الخ) ..
اليوم الفيتو المزدوج للمرة الثانية رسالة واضحة ..لاأمل من الذهاب أمميا ودوليا .. وهذا يبرر الأخبار أن هناك زائر مهم جدا قادما لسوريا ربما ليشرف بنفسه على وضع آخر اللمسات والتفاصيل على الانتقال للمرحلة القادمة ..الهجوم المعاكس ..ولعلي سمعت أن شخصية مهمة ومؤثرة في "الثورة" تعرض الانسحاب من هذه اللعبة ولكنها تريد اللعب في التوقيت والأثمان ..
أنا بدعوتي الآن للتعقل الأخير أعرف أنني لاأعني المسلحين فهؤلاء ستتعامل معهم الدولة بعد أن منحتهم كل فرص النجاة والتحول للنشاط السياسي المعارض بدل التسلح .. لكنني أعني تلك الحاضنة الاجتماعية للمسلحين ولفكر الثورجيين .. وأستطيع أن أقول بكل ثقة انني على الأقل وعلى المستوى الشخصي أتفهم اندفاعهم وارتماءهم في أحضان الأوهام واجتياحهم من قبل اعلام تحريضي لاقبل لهم بفهم ألاعيبه ..
ولكن لم لا تكون هذه اللحظات لحظات الصراحة مع النفس والاعتراف بخطأ البوصلة السياسية والوقوع في أثم اغتيال وطن .. ولحظات حساب الربح والخسارة في الماضي والربح والخسارة في المستقبل ..فالماضي لم يحمل لهم الا مكاسب محدودة ربما في التعبير الصريح عن اعتراضهم على اسلوب ادارة الحكم الداخلي .. لكنهم يخسرون بلدهم والسلام فيه ويخسرون الوئام والانسجام .. وآن الاوان لاطلاق مواقف شجاعة ..ومواقف اعتراف قاسية بالحقائق وبالوقائع ..
والانتقال الى مرحلة البقاء في المعارضة لكن التحول من الحضانة للمسلحين الى المعارضة السياسية القانونية الرسمية تحت مظلة الوطن وهذه قضية لن يعترض عليها أحد بل سنساندها جميعا ..ومن لم يفهم هذه الرسالة فهذا يعني وبعد هذه الأشهر أنه أخرج نفسه تماما من معادلة الوطن ..وعندها فان قلبي لن يستجدي الرحمة لأحد كما قال أحد ابطال الميثولوجيا الاغريقية ..
أقول ماقلت وأنا أحس بشديد الأسف ان قلة ستسمع آخر صيحاتي ونصائحي ..فأجهزة استقبال الثورجيين لاتستقبل الا توليفات الجزيرة، وشيفرات العنف، ولا تعزف الا أناشيد الصراع وآمال ساركوزي التي لاتنتهي ، ورسائل التنحي الفارغة ..وأتمنى من كل قلبي أن تسمعني تلك القلوب الحائرة ..وأتمنى أن أقبّل القلوب التي ستضيء بنور الوطن من جديد .. وأن نقبل جميعا معارضين وغير معارضين السيوف التي يجب أن تلمع وهي تسافر نحو كرياتشمونة وتل أبيب ..
كما لمعت الكاتيوشا يوما وهي تسافر نحو الجليل من جنوب لبنان ..
اني قد بلغت .. اللهم فاشهد
بقلم الكاتب المبدع : نارام سرجون
Comment