[TD][/TD]
داود رمال-
يكشف تقرير دبلوماسي حجم الضغوط التي تعرضت لها سوريا منذ تاريخ تولي رئيسها الحالي بشار الأسد مقاليد السلطة قبل أقل من 12 عاما، الأمر الذي أدى الى وضعه بين هم الإصلاح الداخلي الذي كان يبتغيه ويسعى الى مقاربته بما أوتي من إمكانات وبين هم مواجهة استمرار محاولات تطويع النظام السوري بهدف جعله يتنازل عن ثوابته القومية.لم تتوقف محاولات فرض التنازلات على سوريا منذ عقود طويلة ولكن في أعقاب تحرير الجنوب اللبناني في العام 2000، تضاعفت وتيرة هذه الضغوط، وكان أولها إثر أحداث الحادي عشر من ايلول 2001 ومن ثم تضاعفت الوتيرة بعد احتلال العراق في ربيع العام 2003، وتسلم دمشق دفتر الشروط الاميركية الذي حمله وزيـــر الخارجية الاميركي الاسبق كولن باول للرئيس الأسد وأبرز مضاميـــنه قطع علاقات سوريا مع حركات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وقفـــل مكاتبهــا في دمشق.هذا الاستهداف اتخذ منحى أكثر وضوحا مع خيار دمشق المضي بدعم حركات المقاومة وخاصة في العراق، وجاء الرد الأميركي عبر محاولة نزع التفويض الدولي في لبنان، فصدر القرار الدولي الرقم 1559 وما تبعه من تداعيات كبيرة وخطيرة.. وصولا الى جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والحملة التي تعرضت لها سوريا وأدت الى إخراج جيشها من لبنان ومن ثم الحد من نفوذها وصولا الى محاولة توريطها في الجريمة مباشرة.ويضيف التقرير الدبلوماسي أنه «في ظل الرفض السوري لأي إملاء يتصل بمسألة الصراع مع إسرائيل، انتقل الاستهداف المباشر الى الداخل السوري وفق ما نشهده اليوم من أحداث دموية خطيرة».منذ اعتلاء بشار الأسد سدة الرئاسة في سوريا في العام 2000، برزت لديه إرادة جدية بالتطوير والإصلاح والحداثة، وقد عبّر عن هذا التوجه في خطابه الأول أمام مجلس الشعب وتاليا في مناسبات مختلفة، وبدأ عمليا في عملية التطوير والإصلاح ولكن الظروف الإقليمية وأبرزها احتلال العراق والتحديات المرتبطة به، وعوائق داخلية حالت دون إتمام الإصلاح في فترة زمنية معقولة. ولمس الغرب لا سيما الولايات المتحدة وفرنسا هذه الرغبة، إذ سمع وسطاء دوليون من الأسد شروحات لكيفية مقاربة الأزمات السورية لكنه بالقدر الذي أبدى فيه الاستعداد لحل هذه الأزمات، فإنه كان شديد الرفض للمساس بالهويــة السورية والدور السوري في المنطقة.ما هي هذه الأزمات التي عرض الأسد حلها؟يكشف التقرير الدبلوماسي الآتي: «من المعلوم أن الدول النامية ومنها سوريا تعاني من مجموعة أزمات وهي خمس:- أزمة المشاركة السياسية، وهذه يعاني منها لبنان.- أزمة المشاركة تؤدي حكما الى إنتاج أزمة الشرعية.- أزمة المشاركة والشرعية تجعلان الدولة تضعف في مناطق معينة وتقوى في مناطق أخرى، أي ضعف في المناطق النائية يقابله سيطرة في المدن، وهذا ينتج أزمة السيطرة على الإقليم.- أزمة السيطرة على الاقليم تؤدي الى أزمة صدقية توزيع الثروة الوطنية بصورة عادلة، لأن الثروة توزع تلقائيا في مناطق السيطرة.- هناك أزمة خامسة وهي أم الأزمات وعندما تنوجد تتعطل المشاركة والشرعية والسيطرة وتوزيع الثروة، وهي تنتج كل الأزمات وهي أزمة الهوية السياسية والدور».وقد عرض الأسد على وسطاء دوليين حسب التقرير «حل مجموع هذه الأزمات إلا أن الخلاف وقع حول أزمة واحدة وهي الهوية والدور، فقد وافق الأسد وعن قناعة على توجه إصلاحي يتضمن تنازلات على المستوى الداخلي من شأنها تقوية مناعة سوريا، لانه يعلم ان الازمة التي تواجهها سوريا لا يمكن حلها كأن شيئا لم يكن، لا على المستوى الداخلي ولا على مستوى علاقات سوريا الدولية.وقد عرض الأسد حلا لأربع أزمات داخلية ورفض اي مساس بالهوية والدور. ليصطدم بحقيقة مرّة وهي أن الاميركيين يأتي في آخر اهتماماتهم المشاركة والشرعية والسيطرة وتوزيع الثروة، وجلّ اهتمامهم في الموضوع السوري هو الدور أي الهوية».هذا الإقرار من جانب الأسد بوجود أزمات في سوريا ـ يضيف التقرير ـ «دفع الادارة الاميركية الى ان تصيب سوريا بأزمة جديدة، في ظل ضعف سيطرة سوريا على المناطق النائية بعكس المركز والمدن، وذلك في محاولة لإحداث اختراق عبر جيب او منطقة عازلة او ممر آمن لكنها فشلت حتى الآن».حاول الأسد يضيف التقرير، «وبرغم حجم الاستهداف والضغوط التي يتعرض لها، معالجة الأزمة الاولى والثانية والثالثة والرابعة أي المشاركة والشرعية والسيطرة وتوزيع الثروة، عبر قانون جديد للأحزاب وقانون جديد للاعلام، ورفع حالة الطوارئ، ووضع دستور جديد للبلاد، وإجراء انتخابات عامة (محلية ونيابية) وتنفيذ مشاريع تنموية ضخمة وتحديدا في المناطق النائية. وقرن ذلك بمبادرة عرضها امام وسطاء دوليين تقوم على تشكيل حكومة جديدة برئاسة شخصية سورية مستقلة، وكان يهدف بذلك الى ضرب المؤامرة في مهدها، الا ان اميركا وفرنسا عارضتا هذه المبادرة التي جوبهت باستخدام ورقة الأديان والطوائف والاقليات، التي واجهها الاسد انطلاقا من مبدأ رفض صراع الاديان والطوائف والمذاهب. وبالتالي فإن المشكلة ليست في تقديم تنازلات داخلية أقر بها الأسد. بل تكمن في الخلاف على ازمة الهوية، اي ما هو دور سوريا المستقبلي في المنطقة».هل من مخرج لهذا المأزق؟يجيب التقرير «ما ظهر حتى الآن هو بروز خيار من اثنين:الأول، خيار السلم عبر نهج الاصلاح، الا ان هذا الخيار لا يهم واشنطن، لأن جلّ اهتمامها هو الدور فقط وليس الإصلاح مع استمرار الأسد في رفضه تقديم اي تنازل، ويكفي الاستشهاد بما قدمه المعارض السوري برهان غليون من طرح لسوريا الجديدة حين أعلن الاستعداد للتفاوض مع إسرائيل وقطع العلاقة مع قوى المقاومة وفك التحالف الاستراتيجي مع إيران.الثاني، وهو خيار الحرب الإقليمية، وهذا يتطلب تنسيقا سورياً ـ إيرانياً، وما مناورات «الولاية 90» والتي ستستتبع بمناورات جديدة، وكذلك المناورات الع ...
داود رمال-
يكشف تقرير دبلوماسي حجم الضغوط التي تعرضت لها سوريا منذ تاريخ تولي رئيسها الحالي بشار الأسد مقاليد السلطة قبل أقل من 12 عاما، الأمر الذي أدى الى وضعه بين هم الإصلاح الداخلي الذي كان يبتغيه ويسعى الى مقاربته بما أوتي من إمكانات وبين هم مواجهة استمرار محاولات تطويع النظام السوري بهدف جعله يتنازل عن ثوابته القومية.لم تتوقف محاولات فرض التنازلات على سوريا منذ عقود طويلة ولكن في أعقاب تحرير الجنوب اللبناني في العام 2000، تضاعفت وتيرة هذه الضغوط، وكان أولها إثر أحداث الحادي عشر من ايلول 2001 ومن ثم تضاعفت الوتيرة بعد احتلال العراق في ربيع العام 2003، وتسلم دمشق دفتر الشروط الاميركية الذي حمله وزيـــر الخارجية الاميركي الاسبق كولن باول للرئيس الأسد وأبرز مضاميـــنه قطع علاقات سوريا مع حركات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وقفـــل مكاتبهــا في دمشق.هذا الاستهداف اتخذ منحى أكثر وضوحا مع خيار دمشق المضي بدعم حركات المقاومة وخاصة في العراق، وجاء الرد الأميركي عبر محاولة نزع التفويض الدولي في لبنان، فصدر القرار الدولي الرقم 1559 وما تبعه من تداعيات كبيرة وخطيرة.. وصولا الى جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والحملة التي تعرضت لها سوريا وأدت الى إخراج جيشها من لبنان ومن ثم الحد من نفوذها وصولا الى محاولة توريطها في الجريمة مباشرة.ويضيف التقرير الدبلوماسي أنه «في ظل الرفض السوري لأي إملاء يتصل بمسألة الصراع مع إسرائيل، انتقل الاستهداف المباشر الى الداخل السوري وفق ما نشهده اليوم من أحداث دموية خطيرة».منذ اعتلاء بشار الأسد سدة الرئاسة في سوريا في العام 2000، برزت لديه إرادة جدية بالتطوير والإصلاح والحداثة، وقد عبّر عن هذا التوجه في خطابه الأول أمام مجلس الشعب وتاليا في مناسبات مختلفة، وبدأ عمليا في عملية التطوير والإصلاح ولكن الظروف الإقليمية وأبرزها احتلال العراق والتحديات المرتبطة به، وعوائق داخلية حالت دون إتمام الإصلاح في فترة زمنية معقولة. ولمس الغرب لا سيما الولايات المتحدة وفرنسا هذه الرغبة، إذ سمع وسطاء دوليون من الأسد شروحات لكيفية مقاربة الأزمات السورية لكنه بالقدر الذي أبدى فيه الاستعداد لحل هذه الأزمات، فإنه كان شديد الرفض للمساس بالهويــة السورية والدور السوري في المنطقة.ما هي هذه الأزمات التي عرض الأسد حلها؟يكشف التقرير الدبلوماسي الآتي: «من المعلوم أن الدول النامية ومنها سوريا تعاني من مجموعة أزمات وهي خمس:- أزمة المشاركة السياسية، وهذه يعاني منها لبنان.- أزمة المشاركة تؤدي حكما الى إنتاج أزمة الشرعية.- أزمة المشاركة والشرعية تجعلان الدولة تضعف في مناطق معينة وتقوى في مناطق أخرى، أي ضعف في المناطق النائية يقابله سيطرة في المدن، وهذا ينتج أزمة السيطرة على الإقليم.- أزمة السيطرة على الاقليم تؤدي الى أزمة صدقية توزيع الثروة الوطنية بصورة عادلة، لأن الثروة توزع تلقائيا في مناطق السيطرة.- هناك أزمة خامسة وهي أم الأزمات وعندما تنوجد تتعطل المشاركة والشرعية والسيطرة وتوزيع الثروة، وهي تنتج كل الأزمات وهي أزمة الهوية السياسية والدور».وقد عرض الأسد على وسطاء دوليين حسب التقرير «حل مجموع هذه الأزمات إلا أن الخلاف وقع حول أزمة واحدة وهي الهوية والدور، فقد وافق الأسد وعن قناعة على توجه إصلاحي يتضمن تنازلات على المستوى الداخلي من شأنها تقوية مناعة سوريا، لانه يعلم ان الازمة التي تواجهها سوريا لا يمكن حلها كأن شيئا لم يكن، لا على المستوى الداخلي ولا على مستوى علاقات سوريا الدولية.وقد عرض الأسد حلا لأربع أزمات داخلية ورفض اي مساس بالهوية والدور. ليصطدم بحقيقة مرّة وهي أن الاميركيين يأتي في آخر اهتماماتهم المشاركة والشرعية والسيطرة وتوزيع الثروة، وجلّ اهتمامهم في الموضوع السوري هو الدور أي الهوية».هذا الإقرار من جانب الأسد بوجود أزمات في سوريا ـ يضيف التقرير ـ «دفع الادارة الاميركية الى ان تصيب سوريا بأزمة جديدة، في ظل ضعف سيطرة سوريا على المناطق النائية بعكس المركز والمدن، وذلك في محاولة لإحداث اختراق عبر جيب او منطقة عازلة او ممر آمن لكنها فشلت حتى الآن».حاول الأسد يضيف التقرير، «وبرغم حجم الاستهداف والضغوط التي يتعرض لها، معالجة الأزمة الاولى والثانية والثالثة والرابعة أي المشاركة والشرعية والسيطرة وتوزيع الثروة، عبر قانون جديد للأحزاب وقانون جديد للاعلام، ورفع حالة الطوارئ، ووضع دستور جديد للبلاد، وإجراء انتخابات عامة (محلية ونيابية) وتنفيذ مشاريع تنموية ضخمة وتحديدا في المناطق النائية. وقرن ذلك بمبادرة عرضها امام وسطاء دوليين تقوم على تشكيل حكومة جديدة برئاسة شخصية سورية مستقلة، وكان يهدف بذلك الى ضرب المؤامرة في مهدها، الا ان اميركا وفرنسا عارضتا هذه المبادرة التي جوبهت باستخدام ورقة الأديان والطوائف والاقليات، التي واجهها الاسد انطلاقا من مبدأ رفض صراع الاديان والطوائف والمذاهب. وبالتالي فإن المشكلة ليست في تقديم تنازلات داخلية أقر بها الأسد. بل تكمن في الخلاف على ازمة الهوية، اي ما هو دور سوريا المستقبلي في المنطقة».هل من مخرج لهذا المأزق؟يجيب التقرير «ما ظهر حتى الآن هو بروز خيار من اثنين:الأول، خيار السلم عبر نهج الاصلاح، الا ان هذا الخيار لا يهم واشنطن، لأن جلّ اهتمامها هو الدور فقط وليس الإصلاح مع استمرار الأسد في رفضه تقديم اي تنازل، ويكفي الاستشهاد بما قدمه المعارض السوري برهان غليون من طرح لسوريا الجديدة حين أعلن الاستعداد للتفاوض مع إسرائيل وقطع العلاقة مع قوى المقاومة وفك التحالف الاستراتيجي مع إيران.الثاني، وهو خيار الحرب الإقليمية، وهذا يتطلب تنسيقا سورياً ـ إيرانياً، وما مناورات «الولاية 90» والتي ستستتبع بمناورات جديدة، وكذلك المناورات الع ...