سوريا تنتصر.. أمريكا تتراجع.. و فرنسا في وجه المدفع
تستعد الولايات المتحدة الأمريكية الى تكويعة في موقفها من الأزمة السورية, على اساس فتح الابواب امام تسوية شاملة تلحظ من دون شك الوضع السوري،
وهذا الامر يؤدي الى ترك فرنسا خارجاً، ما يدفع الى رفع مستوى المواجهة معها.
فباريس كانت هي رأس الحربة في الهجوم على سوريا, وهي التي ارسلت ضباطها الى شمال لبنان بهدف رعاية المعارضين امنيا، وتولت صياغة خطة تحرك داعمة لهؤلاء ايضا بالتفاهم والتنسيق مع تركيا، من خلال تأمين اسلحة نوعية من ليبيا الى احد المطارات العسكرية في الاسكندرون ومنها الى الداخل السوري.
ومع اقتناع الولايات المتحدة الاميركية ان بغداد وبالتحالف مع طهران لن تخضع وتعمد الى الابقاء على قواعد عسكرية للاميركيين،
وبالتالي فهي متمسكة بخروج جميع القوات الاميركية في نهاية الشهر الحالي،
بدا ان اللعبة ذهبت باتجاه آخر: الرضوخ للامر الواقع والحد من الخسائر من خلال انجاز تسوية شاملة في المنطقة.
فالضغوط كانت قد بلغت اوجها على النظام السوري، لكن ذلك لم يؤد الى اي ليونة في الموقف العراقي. لا بل على العكس، فان الامور زادت تعقيداً مع دخول روسيا مباشرة على خط الاحداث، وارسالها قطعاً بحرية عسكرية رست في ميناء طرطوس،
ما جعلها تحجز لها مقعداً في المنطقة التي ما برحت تعتبرها واشنطن حكراً عليها وحدها.
وروسيا التي تقوم بحياكة تحالفات دولية في مواجهة الولايات المتحدة الاميركية، اعربت عن خوفها من اكثر من محطة على تعاونها مع الولايات المتحدة الاميركية من دون ان تنال مكافأة على ذلك، لا بل استفاقت في احد الايام لتجد واشنطن وقد اصبحت بالقرب من حدودها مثل جورجيا واوكرانيا، ما جعلها تستخدم القوة العسكرية لتوقف التمدد الاميركي في الدول المجاورة لحدودها.
وبدت لها الفرصة سانحة في الشرق الاوسط من خلال سوريا، في وقت يدور فيه صراع بارد بين واشنطن وبكين حول النفوذ الدولي وفق الاحجام الجديدة,
فروسيا أعلنت بكل وضوح أنها ستقف إلى جانب سوريا في أية مواجهة مقبلة، هذا الحزم و الحسم الروسي تجسد عبر إعلان ميدفيدف الصريح عن أن روسيا و في أية مواجهة ستقصف كل منصات الدرع الصاروخي للناتو ” أينما وجدت”
بما فيها تلك الموجودة على الأراضي التركية.
يتعزز هذا التوجه مع وصول صواريخ “ياخنوت” إلى سوريا و تسليم موسكو طهران منظومة متطورة لرادارات محمولة فعالة في التشويش على الصواريخ و الطائرات.
المهم ان الرسائل الامنية في جنوب لبنان، ليست الرسائل الوحيدة في المنطقة، فالمناورات العسكرية التي اجرتها سوريا اخيراً وُصفت بأنها جريئة وغير مسبوقة بالذخيرة الحية لتشمل صواريخ بعيدة المدى، وهو ما اعتبرته واشنطن بأنها رسالة موجهة الى كل من تركيا ومن يقف خلفها.
في هذا الوقت، كانت الحرب الامنية في اوجها بين ايران واخصامها من خلال سلسلة عمليات اغتيال وتفجيرات داخل ايران، لا بل ان مراكز دراسات اميركية تحدثت عن تمكن الخبراء الاميركيين من التسلل الى شبكة الكومبيوتر الناظمة للمنشآت النووية الايرانية وارسال «فيروس» صمم من اجل توجيه اجهزة الطرد المركزية لتخصيب اليورانيوم وتدميرها. كما جرى تنفيذ عمليات اغتيال لاثنين من اهم الاخصائيين في مجال الفيزياء النووية، وصرح آخر باستخدام عبوات ناسفة.
لكن ايران ردت من خلال ضربتين كبيرتين الاولى وتتعلق باختراق شبكات التجسس الاميركية في ايران وسوريا وخصوصاً في لبنان، ما شكل هزة قوية داخل جهاز المخابرات الاميركية.
اما الضربة الثانية فهي تتعلق بنجاح ايران في السيطرة والتحكم بطائرة تجسس عالية التقنية دون طيار تعمل لحساب وكالة المخابرات المركزية الاميركية، وارغامها على الهبوط على اراضيها وهي بحالة سليمة الى حد كبير وعرضتها امام العالم الذي يرى هذا النوع من طائرات التجسس للمرة الاولى.
وفي اطار مواز نشرت صحيفة «واشنطن بوست» اخيراً تقريراً حول نجاح عدة محاولات لاختراق اجهزة كومبيوتر تابعة لوزارة الدفاع الاميركية والمصنفة سرية جداً، متهمة روسيا بذلك.
المهم ان رقعة المواجهة التي وسعت معادلتها في الشرق الاوسط، فيما بدا ان بغداد حسمت امرها لناحية الوجود العسكري الاميركي، جعل واشنطن مقتنعة بانتهاج سياسة الحدّ من الخسائر والتوجه ناحية انجاز تسوية ما حول المنطقة.
فاستقبل البيت الابيض رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي حذر من احتمال تفكك العراق في حال تصاعدت المواجهات في سوريا، وهو ما يهدد المصالح الاميركية في العراق.
هذا الواقع الجديد وضع فرنسا في وضع مكشوف وهي التي تولت لعب دور رأس الحربة في خطة ازاحة الاسد عن رأس السلطة في دمشق.
وهذا الواقع يدفع لحسابات جديدة ولغة تخاطب أخرى.
الديار
( الأربعاء 2011/12/14
تستعد الولايات المتحدة الأمريكية الى تكويعة في موقفها من الأزمة السورية, على اساس فتح الابواب امام تسوية شاملة تلحظ من دون شك الوضع السوري،
وهذا الامر يؤدي الى ترك فرنسا خارجاً، ما يدفع الى رفع مستوى المواجهة معها.
فباريس كانت هي رأس الحربة في الهجوم على سوريا, وهي التي ارسلت ضباطها الى شمال لبنان بهدف رعاية المعارضين امنيا، وتولت صياغة خطة تحرك داعمة لهؤلاء ايضا بالتفاهم والتنسيق مع تركيا، من خلال تأمين اسلحة نوعية من ليبيا الى احد المطارات العسكرية في الاسكندرون ومنها الى الداخل السوري.
ومع اقتناع الولايات المتحدة الاميركية ان بغداد وبالتحالف مع طهران لن تخضع وتعمد الى الابقاء على قواعد عسكرية للاميركيين،
وبالتالي فهي متمسكة بخروج جميع القوات الاميركية في نهاية الشهر الحالي،
بدا ان اللعبة ذهبت باتجاه آخر: الرضوخ للامر الواقع والحد من الخسائر من خلال انجاز تسوية شاملة في المنطقة.
فالضغوط كانت قد بلغت اوجها على النظام السوري، لكن ذلك لم يؤد الى اي ليونة في الموقف العراقي. لا بل على العكس، فان الامور زادت تعقيداً مع دخول روسيا مباشرة على خط الاحداث، وارسالها قطعاً بحرية عسكرية رست في ميناء طرطوس،
ما جعلها تحجز لها مقعداً في المنطقة التي ما برحت تعتبرها واشنطن حكراً عليها وحدها.
وروسيا التي تقوم بحياكة تحالفات دولية في مواجهة الولايات المتحدة الاميركية، اعربت عن خوفها من اكثر من محطة على تعاونها مع الولايات المتحدة الاميركية من دون ان تنال مكافأة على ذلك، لا بل استفاقت في احد الايام لتجد واشنطن وقد اصبحت بالقرب من حدودها مثل جورجيا واوكرانيا، ما جعلها تستخدم القوة العسكرية لتوقف التمدد الاميركي في الدول المجاورة لحدودها.
وبدت لها الفرصة سانحة في الشرق الاوسط من خلال سوريا، في وقت يدور فيه صراع بارد بين واشنطن وبكين حول النفوذ الدولي وفق الاحجام الجديدة,
فروسيا أعلنت بكل وضوح أنها ستقف إلى جانب سوريا في أية مواجهة مقبلة، هذا الحزم و الحسم الروسي تجسد عبر إعلان ميدفيدف الصريح عن أن روسيا و في أية مواجهة ستقصف كل منصات الدرع الصاروخي للناتو ” أينما وجدت”
بما فيها تلك الموجودة على الأراضي التركية.
يتعزز هذا التوجه مع وصول صواريخ “ياخنوت” إلى سوريا و تسليم موسكو طهران منظومة متطورة لرادارات محمولة فعالة في التشويش على الصواريخ و الطائرات.
المهم ان الرسائل الامنية في جنوب لبنان، ليست الرسائل الوحيدة في المنطقة، فالمناورات العسكرية التي اجرتها سوريا اخيراً وُصفت بأنها جريئة وغير مسبوقة بالذخيرة الحية لتشمل صواريخ بعيدة المدى، وهو ما اعتبرته واشنطن بأنها رسالة موجهة الى كل من تركيا ومن يقف خلفها.
في هذا الوقت، كانت الحرب الامنية في اوجها بين ايران واخصامها من خلال سلسلة عمليات اغتيال وتفجيرات داخل ايران، لا بل ان مراكز دراسات اميركية تحدثت عن تمكن الخبراء الاميركيين من التسلل الى شبكة الكومبيوتر الناظمة للمنشآت النووية الايرانية وارسال «فيروس» صمم من اجل توجيه اجهزة الطرد المركزية لتخصيب اليورانيوم وتدميرها. كما جرى تنفيذ عمليات اغتيال لاثنين من اهم الاخصائيين في مجال الفيزياء النووية، وصرح آخر باستخدام عبوات ناسفة.
لكن ايران ردت من خلال ضربتين كبيرتين الاولى وتتعلق باختراق شبكات التجسس الاميركية في ايران وسوريا وخصوصاً في لبنان، ما شكل هزة قوية داخل جهاز المخابرات الاميركية.
اما الضربة الثانية فهي تتعلق بنجاح ايران في السيطرة والتحكم بطائرة تجسس عالية التقنية دون طيار تعمل لحساب وكالة المخابرات المركزية الاميركية، وارغامها على الهبوط على اراضيها وهي بحالة سليمة الى حد كبير وعرضتها امام العالم الذي يرى هذا النوع من طائرات التجسس للمرة الاولى.
وفي اطار مواز نشرت صحيفة «واشنطن بوست» اخيراً تقريراً حول نجاح عدة محاولات لاختراق اجهزة كومبيوتر تابعة لوزارة الدفاع الاميركية والمصنفة سرية جداً، متهمة روسيا بذلك.
المهم ان رقعة المواجهة التي وسعت معادلتها في الشرق الاوسط، فيما بدا ان بغداد حسمت امرها لناحية الوجود العسكري الاميركي، جعل واشنطن مقتنعة بانتهاج سياسة الحدّ من الخسائر والتوجه ناحية انجاز تسوية ما حول المنطقة.
فاستقبل البيت الابيض رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي حذر من احتمال تفكك العراق في حال تصاعدت المواجهات في سوريا، وهو ما يهدد المصالح الاميركية في العراق.
هذا الواقع الجديد وضع فرنسا في وضع مكشوف وهي التي تولت لعب دور رأس الحربة في خطة ازاحة الاسد عن رأس السلطة في دمشق.
وهذا الواقع يدفع لحسابات جديدة ولغة تخاطب أخرى.
الديار
( الأربعاء 2011/12/14